العجل الذهبي من التوراه والانجيل والتاريخ والقران



اولا من التوراه



يخبرنا سفر الخروج اصحاح 32 بهذه الحادثة

32: 1 و لما راى الشعب ان موسى ابطا في النزول من الجبل اجتمع الشعب على هرون و قالوا له قم اصنع لنا الهة تسير امامنا لان هذا موسى الرجل الذي اصعدنا من ارض مصر لا نعلم ماذا اصابه

32: 2 فقال لهم هرون انزعوا اقراط الذهب التي في اذان نسائكم و بنيكم و بناتكم و اتوني بها

32: 3 فنزع كل الشعب اقراط الذهب التي في اذانهم و اتوا بها الى هرون

32: 4 فاخذ ذلك من ايديهم و صوره بالازميل و صنعه عجلا مسبوكا فقالوا هذه الهتك يا اسرائيل التي اصعدتك من ارض مصر

32: 5 فلما نظر هرون بنى مذبحا امامه و نادى هرون و قال غدا عيد للرب

32: 6 فبكروا في الغد و اصعدوا محرقات و قدموا ذبائح سلامة و جلس الشعب للاكل و الشرب ثم قاموا للعب

32: 7 فقال الرب لموسى اذهب انزل لانه قد فسد شعبك الذي اصعدته من ارض مصر

32: 8 زاغوا سريعا عن الطريق الذي اوصيتهم به صنعوا لهم عجلا مسبوكا و سجدوا له و ذبحوا له و قالوا هذه الهتك يا اسرائيل التي اصعدتك من ارض مصر



32: 15 فانصرف موسى و نزل من الجبل و لوحا الشهادة في يده لوحان مكتوبان على جانبيهما من هنا و من هنا كانا مكتوبين

32: 16 و اللوحان هما صنعة الله و الكتابة كتابة الله منقوشة على اللوحين

32: 17 و سمع يشوع صوت الشعب في هتافه فقال لموسى صوت قتال في المحلة

32: 18 فقال ليس صوت صياح النصرة و لا صوت صياح الكسرة بل صوت غناء انا سامع

32: 19 و كان عندما اقترب الى المحلة انه ابصر العجل و الرقص فحمي غضب موسى و طرح اللوحين من يديه و كسرهما في اسفل الجبل

32: 20 ثم اخذ العجل الذي صنعوا و احرقه بالنار و طحنه حتى صار ناعما و ذراه على وجه الماء و سقى بني اسرائيل

32: 21 و قال موسى لهرون ماذا صنع بك هذا الشعب حتى جلبت عليه خطية عظيمة

32: 22 فقال هرون لا يحم غضب سيدي انت تعرف الشعب انه في شر

32: 23 فقالوا لي اصنع لنا الهة تسير امامنا لان هذا موسى الرجل الذي اصعدنا من ارض مصر لا نعلم ماذا اصابه

32: 24 فقلت لهم من له ذهب فلينزعه و يعطيني فطرحته في النار فخرج هذا العجل

32: 25 و لما راى موسى الشعب انه معرى لان هرون كان قد عراه للهزء بين مقاوميه

32: 26 وقف موسى في باب المحلة و قال من للرب فالي فاجتمع اليه جميع بني لاوي

32: 27 فقال لهم هكذا قال الرب اله اسرائيل ضعوا كل واحد سيفه على فخذه و مروا و ارجعوا من باب الى باب في المحلة و اقتلوا كل واحد اخاه و كل واحد صاحبه و كل واحد قريبه

32: 28 ففعل بنو لاوي بحسب قول موسى و وقع من الشعب في ذلك اليوم نحو ثلاثة الاف رجل

32: 29 و قال موسى املاوا ايديكم اليوم للرب حتى كل واحد بابنه و باخيه فيعطيكم اليوم بركة

32: 30 و كان في الغد ان موسى قال للشعب انتم قد اخطاتم خطية عظيمة فاصعد الان الى الرب لعلي اكفر خطيتكم

32: 31 فرجع موسى الى الرب و قال اه قد اخطا هذا الشعب خطية عظيمة و صنعوا لانفسهم الهة من ذهب

32: 32 و الان ان غفرت خطيتهم و الا فامحني من كتابك الذي كتبت

32: 33 فقال الرب لموسى من اخطا الي امحوه من كتابي

32: 34 و الان اذهب اهد الشعب الى حيث كلمتك هوذا ملاكي يسير امامك و لكن في يوم افتقادي افتقد فيهم خطيتهم

32: 35 فضرب الرب الشعب لانهم صنعوا العجل الذي صنعه هرون



33: 1 و قال الرب لموسى اذهب اصعد من هنا انت و الشعب الذي اصعدته من ارض مصر الى الارض التي حلفت لابراهيم و اسحق و يعقوب قائلا لنسلك اعطيها

33: 2 و انا ارسل امامك ملاكا و اطرد الكنعانيين و الاموريين و الحثيين و الفرزيين و الحويين و اليبوسيين

33: 3 الى ارض تفيض لبنا و عسلا فاني لا اصعد في وسطك لانك شعب صلب الرقبة لئلا افنيك في الطريق

33: 4 فلما سمع الشعب هذا الكلام السوء ناحوا و لم يضع احد زينته عليه



وهذا ما اكده ايضا العهد الجديد في اعمال الرسل

سفر أعمال الرسل 7: 41

فَعَمِلُوا عِجْلاً فِي تِلْكَ الأَيَّامِ وَأَصْعَدُوا ذَبِيحَةً لِلصَّنَمِ، وَفَرِحُوا بِأَعْمَالِ أَيْدِيهِمْ.



رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 10: 7

فَلاَ تَكُونُوا عَبَدَةَ أَوْثَانٍ كَمَا كَانَ أُنَاسٌ مِنْهُمْ، كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «جَلَسَ الشَّعْبُ لِلأَكْلِ وَالشُّرْبِ، ثُمَّ قَامُوا لِلَّعِبِ».



فالامر واضح ولا يحتاج تكرار

اتوا بذهب وصنعوا تمثال علي هيئة عجل وقدموا له ذبائح وتعروا امامه واكلوا وشربوا ولعبوا

وكان العقاب هو ان من لم يفعل ذلك وهو سبط لاويين عاقبوا بالقتل من كان متزعم هذا الامر تقريبا ثلاث الاف نفس

قصه واضحه وايضا توجد اثار تؤكد ذلك

صورة قاعدة التمثال





وتخيل لمنظر التمثال





وان كنت اتخيل ان التمثال اصغر من ذلك بكثير

واثار رسم العجل علي قاعدة التمثال باقية حتي الان







وهذه المنطقه مسوره حاليا وممنوع زيارتها لانها بين السعوديه والاردن داخل حدود السعوديه التي تمنع زيارة هذه المنطقه

وصورتها من جوجل ايرث



واعتقد ان صورته كان مثل هذا







الفكر الاسلامي



بعد ان عرفنا القصه وعدم وجود اي فكر اسطوري فيها من الكتاب المقدس والتاريخ ولكن الفكر الاسلامي يقدم لنا اشياء عجيبه



من صنع العجل الذهبي

طه 85

{ قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ ٱلسَّامِرِيُّ }

الطبري

{ وأضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ } وكان إضلال السامريّ إياهم دعاءه إياهم إلـى عبـادة العجل.

والاشكاليه الكبري ان السامره والسامريين بدات متاخر جدا وهو بعد الرجوع من السبي اي بعد ما يوازي ثمان قرون من زمن موسي



Ethnically, the Samaritans are the inhabitants of Samaria after the beginning of the Assyrian Exile of the Israelites.[1] When Assyria overran the Northern Kingdom of Israel in 722 BCE, part of the Israelite population was deported, and other peoples from the Assyrian Empire were resettled in Israel. Sargon claimed in Assyrian annals that he carried away 27,280 inhabitants from Samaria, the capital of Kingdom of Israel.[2] This could not have been the entire population; many Israelites must have remained.[3]

  1. ^ 2 Kings 17 and Josephus (Ant 9.277–91)

  2. ^ Sg II Nimrud Prism IV:25-41

  3. ^ Encyclopædia Britannica, 11th Ed., v. 24, p. 109 (London, 1910)



فكيف سقط القران في خطا مثل هذا ؟

ام يقصد ان يسيئ كالعاده الي السامري الصالح ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟



ثانيا وصف العجل



الاعراف 148

{ وَٱتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَىٰ مِن بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَّهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّهُ لاَ يُكَلِّمُهُمْ وَلاَ يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً ٱتَّخَذُوهُ وَكَانُواْ ظَالِمِينَ }

الطبري

{ جَسَدا لَهُ خُوَارٌ } والـخوار: صوت البقر. يخبر جلّ ذكره عنهم أنهم ضلوا بـما لا يضلّ بـمثله أهل العقل، وذلك أن الربّ جلّ جلاله الذي له ملك السموات والأرض ومدبِّر ذلك، لا يجوز أن يكون جسداً له خوار، لا يكلـم أحداً ولا يرشد إلـى خير. وقال هؤلاء الذين قصّ الله قصصهم لذلك هذا إلهنا وإله موسى، فعكفوا علـيه يعبدونه جهلاً منهم وذهابـاً عن الله وضلالاً. وقد بـيَّنا سبب عبـادتهم إياه وكيف كان اتـخاذ من اتـخذ منهم العجل فـيـما مضى بـما أغنى عن إعادته.


واختلفوا في الماده المصنوع منها

وفـي الـحُلـيّ لغتان: ضمّ الـحاء وهو الأصل، وكسرها، وكذلك ذلك فـي كلّ ما شاكله من مثل صلـيّ وجثـيّ وعتـيّ. وبأيتهما قرأ القارىء فمصيب الصواب، لاستفـاضة القراءة بهما فـي القرأة، لا تفـارق بـين معنـيـيهما.


وسنعلم اشكاليتها بدراسة بقية المفسرين


القرطبي

{ مِنْ حُلِيِّهِمْ } هذه قراءة أهل المدينة وأهلِ البصرة. وقرأ أهل الكوفة إلا عاصماً «من حِلِيِّهمْ» بكسر الحاء. وقرأ يعقوب «من حَلْيِهِم» بفتح الحاء والتخفيف. قال النحاس: جمع حَلْيٍ حُلِيٌّ وحِليٌّ؛ مثلُ ثَدْي وثُدِيّ وثِدِيّ. والأصل «حلُوى» ثم أدغمت الواو في الياء فانكسرت اللام لمجاورتها الياء، وتكسر الحاء لكسرة اللام. وضمها على الأصل. { عِجْلاً } مفعول. { جَسَداً } نعت أو بدل. { لَّهُ خُوَارٌ } رفع بالابتداء. يقال: خار يَخُور خُوَاراً إذا صاح. وكذلك جَأر يَجْأَر جُؤارا. ويقال: خَور يَخْوَر خَوَراً إذا جَبُن وضَعُف. ورُوي في قصص العجل: أن السّامِريّ، واسمه موسى بن ظفر، ينسب إلى قرية تدعى سَامِرة. وُلد عام قَتْل الأبناء، وأخفته أُمه في كهف جبل فغذّاه جبريل فعرفه لذلك؛ فأخذ حين عبر البحر على فرس وَدِيق ليتقدّم فرعونَ في البحر ـ قبضةً من أثر حافر الفرس. وهو معنى قوله
فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ ٱلرَّسُولِ }
[طه: 96]. وكان موسى وعد قومه ثلاثين يوماً، فلما أبطأ في العشر الزائد ومضت ثلاثون ليلة قال لبني إسرائيل وكان مطاعاً فيهم: إن معكم حُلِيّاً من حُليّ آل فرعون، وكان لهم عيد يتزينون فيه ويستعيرون من القبط الحُلِيّ فاستعاروا لذلك اليوم؛ فلما أخرجهم الله من مصر وغرّق القبط بَقِيَ ذلك الحليّ في أيديهم، فقال لهم السَّامِرِيّ: إنه حرام عليكم، فهاتوا ما عندكم فنحرقه. وقيل: هذا الحليّ ما أخذه بنو إسرائيل من قوم فرعون بعد الغرق، وأن هارون قال لهم: إن الحُليّ غنيمة، وهي لا تَحِلّ لكم؛ فجمعها في حُفْرة حَفَرها فأخذها السّامِرِيّ. وقيل: استعاروا الحليّ ليلةَ أرادوا الخروج من مصر، وأوهموا القبط أن لهم عرساً أو مجتمَعاً، وكان السَّامِرِيّ سمع قولهم
ٱجْعَلْ لَّنَآ إِلَـٰهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ }
[الأعراف: 138]. وكانت تلك الآلهة على مثال البقر؛ فصاغ لهم عجلاً جسداً، أي مُصْمَتاً؛ غير أنهم كانوا يسمعون منه خُواراً. وقيل: قَلبه الله لحماً ودماً. وقيل: إنه لما ألقى تلك القبضة من التراب في النار على الحُليّ صار عجلاً له خُوار؛ فخار خَوْرَة واحدة ولم يُثنّ ثم قال للقوم:
هَـٰذَآ إِلَـٰهُكُمْ وَإِلَـٰهُ مُوسَىٰ فَنَسِيَ }
[طه: 88]. يقول: نَسيهَ ها هنا وذهب يطلبه فضلّ عنه ـ فتعالَوْا نعبد هذا العجل. فقال الله لموسى وهو يناجيه:
فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ ٱلسَّامِرِيُّ }
[طه: 85]. فقال موسى: يا ربّ، هذا السّامريّ أخرج لهم عجلاً من حلِيّهم، فمن جعل له جسداً؟ ـ يريد اللّحم والدّم ـ ومن جعل له خواراً؟ فقال الله سبحانه: أنا فقال: وعِزّتك وجلالك ما أضلّهم غيرُك. قال صدقت يا حكيم الحكماء. وهو معنى قوله:
إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ }
[الأعراف: 155].


فهو قال ان حلوي او حلي اي زينه

واكد ان الذي اضلهم هو اله الاسلام بسبب قبضة تراب من اثر فرس جبريل والذي اضلهم هو السامري الذي كان يقوته جبريل واله الاسلام هو الذي حول العجل الي لحم ودم ليضلهم به


ابن كثير

يخبر تعالى عن ضلال من ضل من بني إسرائيل في عبادتهم العجل الذي اتخذه لهم السامري؛ من حلي القبط الذي كانوا استعاروه منهم، فشكل لهم منه عجلاً، ثم ألقى فيه القبضة من التراب التي أخذها من أثر فرس جبريل عليه السلام، فصار عجلاً جسداً له خوار، والخوار: صوت البقر، وكان هذا منهم بعد ذهاب موسى لميقات ربه تعالى، فأعلمه الله تعالى بذلك وهو على الطور، حيث يقول تعالى إخباراً عن نفسه الكريمة:
قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ ٱلسَّامِرِىُّ }
[طه: 85] وقد اختلف المفسرون في هذا العجل، هل صار لحماً ودماً له خوار، أو استمر على كونه من ذهب، إلا أنه يدخل فيه الهواء فيصوت كالبقر؟ على قولين، والله أعلم. ويقال: إنهم لما صوت لهم العجل، رقصوا حوله، وافتتنوا به، وقالوا: هذا إلهكم وإله موسى، فنسي، قال الله تعالى:
أَفَلاَ يَرَوْنَ أَلاَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً وَلاَ يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً }
[طه: 89] وقال في هذه الآية الكريمة { أَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّهُ لاَ يُكَلِّمُهُمْ وَلاَ يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً } ينكر تعالى عليهم في ضلالهم بالعجل، وذهولهم عن خالق السموات والأرض ورب كل شيء ومليكه؛ أن عبدوا معه عجلاً جسداً له خوار، لا يكلمهم ولا يرشدهم إلى خير، ولكن غطى على أعين بصائرهم عمى الجهل والضلال؛ كما تقدم من رواية الإمام أحمد وأبي داود عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " حبك الشيء يعمي ويصم "


الرازي

اعلم أن المراد من هذه الآية قصة اتخاذ السامري العجل، وفيها مسائل:

المسألة الأولى
: قرأ حمزة والكسائي: { حُلِيّهِمْ } بكسر الحاء واللام وتشديد الياء للاتباع كدلـي. والباقون: { حُلِيّهِمْ } بضم الحاء وكسر اللام وتشديد الياء جمع حلي كثدي وثدي، وقرأ بعضهم: { مِنْ حُلِيّهِمْ } على التوحيد، والحلي اسم ما يتحسن به من الذهب والفضة.

المسألة الثانية
: قيل: إن بنـي إسرائيل كان لهم عيد يتزينون فيه ويستعيرون من القبط الحلي فاستعاروا حلي القبط لذلك اليوم، فلما أغرق الله القبط بقيت تلك الحلي في أيدي بنـي إسرائيل، فجمع السامري تلك الحلي وكان رجلاً مطاعاً فيهم ذا قدر وكانوا قد سألوا موسى عليه السلام أن يجعل لهم إلٰهاً يعبدونه، فصاغ السامري عجلاً. ثم اختلف الناس، فقال قوم كان قد أخذ كفاً من تراب حافر فرس جبريل عليه السلام فألقاه في جوف ذلك العجل فانقلب لحماً ودماً وظهر منه الخوار مرة واحدة. فقال السامري: هذا إلٰهكم وإلٰه موسى وقال أكثر المفسرين من المعتزلة: إنه كان قد جعل ذلك العجل مجوفاً ووضع في جوفه أنابيب على شكل مخصوص، وكان قد وضع ذلك التمثال على مهب الرياح، فكانت الريح تدخل في جوف الأنابيب ويظهر منه صوت مخصوص يشبه خوار العجل، وقال آخرون: إنه جعل ذلك التمثال أجوف، وجعل تحته في الموضع الذي نصب فيه العجل من ينفخ فيه من حيث لا يشعر به الناس فسمعوا الصوت من جوفه كالخوار. قال صاحب هذا القول والناس قد يفعلون الآن في هذه التصاوير التي يجرون فيها الماء على سبيل الفوارات ما يشبه ذلك، فبهذا الطريق وغيره أظهر الصوت من ذلك التمثال، ثم ألقى إلى الناس أن هذا العجل إلٰههم وإلٰه موسى. بقي في لفظ الآية سؤالات:

السؤال الأول
: لم قيل: { وَٱتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَىٰ مِن بَعْدِهِ مِنْ حُلِيّهِمْ عِجْلاً جَسَداً } والمتخذ هو السامري وحده؟.

والجواب
: فيه وجهان: الأول: أن الله نسب الفعل إليهم، لأن رجلاً منهم باشره كما يقال: بنو تميم قالوا كذا وفعلوا كذا، والقائل والفاعل واحد. والثاني: أنهم كانوا مريدين لاتخاذه راضين به، فكأنهم اجتمعوا عليه.

السؤال الثاني
: لم قال: { مِنْ حُلِيّهِمْ } ولم يكن الحلي لهم، وإنما حصل في أيديهم على سبيل العارية؟.

والجواب
: أنه تعالى لما أهلك قوم فرعون بقيت تلك الأموال في أيديهم، وصارت ملكاً لهم كسائر أملاكهم بدليل قوله تعالى:
كَمْ تَرَكُواْ مِن جَنَّـٰتٍ وَعُيُونٍ }
[الدخان: 25]،
وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ }
[الشعراء: 58]،
وَنَعْمَةٍ كَانُواْ فِيهَا فَـٰكِهِينَ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَـٰهَا قَوْماً ءاخَرِينَ }
[الدخان: 27، 28].

السؤال الثالث
: هؤلاء الذين عبدوا العجل هم كل قوم موسى أو بعضهم؟.
والجواب
: أن قوله تعالى: { وَٱتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَىٰ مِن بَعْدِهِ مِنْ حُلِيّهِمْ عِجْلاً } يفيد العموم.

قال الحسن: كلهم عبدوا العجل غير هارون. واحتج عليه بوجهين: الأول: عموم هذه الآية، والثاني: قول موسى عليه السلام في هذه القصة { رَبّ ٱغْفِرْ لِى وَلاخِى } قال خص نفسه وأخاه بالدعاء، وذلك يدل على أن من كان مغايراً لهما ما كان أهلاً للدعاء ولو بقوا على الإيمان لما كان الأمر كذلك، وقال آخرون: بل كان قد بقي في بنـي إسرائيل من ثبت على إيمانه فإن ذلك الكفر إنما وقع في قوم مخصوصين، والدليل عليه قوله تعالى:
وَمِن قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِٱلْحَقّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ }
[الأعراف: 181].

السؤال الرابع
: هل انقلب ذلك التمثال لحماً ودماً على ما قاله بعضهم أو بقي ذهباً كما كان قبل ذلك؟.

والجواب
: الذاهبون إلى الاحتمال الأول احتجوا على صحة قولهم بوجهين: الأول: قوله تعالى: { عِجْلاً جَسَداً لَّهُ خُوَارٌ } والجسد اسم للجسم الذي يكون من اللحم والدم، ومنهم من نازع في ذلك وقال بل الجسد اسم لكل جسم كثيف، سواء كان من اللحم والدم أو لم يكن كذلك.

والحجة الثانية
: أنه تعالى أثبت له خواراً، وذلك إنما يتأتى في الحيوان.


السيوطي

{ وَٱتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَىٰ مِن بَعْدِهِ } أي بعد ذهابه إلى المناجاة { مِنْ حُلِيِّهِمْ } الذي استعاروه من قوم فرعون بعلَّة عرس فبقي عندهم { عِجْلاً } صاغه لهم منه السامريّ { جَسَداً } بدل لحماً ودماً { لَّهُ خُوَارٌ } أي صوت يسمع، انقلب كذلك بوضع التراب الذي أخذه من حافر فرس جبريل في فمه فإنّ أثره الحياة فيما يوضع فيه، ومفعول (اتخذ) الثاني محذوف: أي إلٰها { أَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّهُ لاَ يُكَلِّمُهُمْ وَلاَ يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً } فكيف يُتَّخذ إلهاً { ٱتَّخَذُوهُ } إلهاً؟ { وَكَانُواْ ظَٰلِمِينَ } باتخاذه.


البغوي

قوله عزّ وجلّ: { وَٱتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَىٰ مِن بَعْدِهِ } ، أي: من بعد انطلاقه إلى الجبل { مِنْ حُلِيِّهِمْ } التي استعاروها من قوم فرعون. قرأ حمزة والكسائي { مِنْ حُلِيِّهِمْ } بكسر الحاء وقرأ يعقوب بفتح الحاء وسكون اللام، اتّخذ السامريّ منها { عِجْلاً } ، وألقى في فمه من تراب أثر فرس جبريل عليه السلام فتحول عجلاً، { جَسَداً } ، حياً لحماً ودماً { لَّهُ خُوَارٌ } ، وهو صوت البقر، وهذا قول ابن عباس، والحسن، وقتادة، وجماعة أهل التفسير.

وقيل
: كان جسداً مجسداً من ذهب لا روح فيه، كان يسمع منه صوت.

وقيل
: كان يسمع صوت حفيف الريح يدخل في جوفه ويخرج. والأول أصح.

وقيل
: إنه ما خار إلا مرة واحدة. وقيل: إنه كان يخور كثيراً كلما خار سجدوا له وإذا سكت رفعوا رؤوسهم. وقال وهب: كان يسمع منه الخوار وهو لا يتحرك.

وقال السدي
: كان يخور ويمشي،


ابن الجوزي

قوله تعالى: { واتخذ قوم موسى من بعده } أي: من بعد انطلاقه إلى الجبل للميقات. { من حُلِّيِّهم } قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وعاصم وابن عامر: «من حُليّهم» بضم الحاء. وقرأ حمزة، والكسائي: «حِليّهم» بكسر الحاء. وقرأ يعقوب: بفتحها وسكون اللام وتخفيف الياء. والحُليّ: جمع حَلْيٍ، مثل: ثَدْي وثُدِيٍّ، وهو اسم لما يُتحسَّن به من الذهب والفضة. قال الزجاج: ومن كسر الحاء من «حليهم» أتبع الحاء كسر اللام. والجسد: هو الذي لا يعقل ولا يميز، إنما هو بمعنى الجثة فقط. قال ابن الانباري: ذِكر الجسد دلالة على عدم الروح منه، وأن شخصه شخص مثال وصورة، غير منضم إليهما روح ولا نفس. فأما الخُوار: فهو صوت البقرة، يقال: خَارَتْ البقرة تَخُورُ، وَجَأرَتَ تَجْأَرُ؛ وقد نُقِلَ عن العرب انهم يقولون في مثل صوت الإنسان من البهائم: رَغَا البعير وجَرْجَرَ وهَدَرَ وقَبْقَبَ، وصَهَل الفرس وحَمْحَمَ، وشَهَقَ الحمار ونَهَقَ، وشَحَجَ البغل، وثَغَتْ الشاة ويَعَرَتْ، وثَأجَتَ النَّعْجَة، وبَغَمَ الظبي ونَزَبَ، وزَأرَ الأسدُ ونَهَتَ ونَأَتَ، ووَعْوَعَ الذئب، ونَهَم الفِيْلُ، وزَقَحَ القِرْدُ، وَضَبَحَ الثَّعْلَبُ، وعَوَى الكَلْبُ وَنَبَحَ، ومَاءتِ السِّنّور، وَصَأت الفأرة، ونَغَقَ الغُرَابُ، معجمةَ الغين، وزقأ الدِّيك، وسَقَعَ وصَفَرَ النسْرُ، وَهَدَرَ الحمام وَهَدَلَ، ونَقَضَتِ الضَّفَادِع ونقَّت، وعَزَفَتِ الجِنَّ. قال ابن عباس: كان العجل إذا خار سجدوا، وإذا سكت رفعوا رؤوسهم. وفي رواية أبي صالح عنه: أنه خار خورة واحدة ولم يُتبعها مثلها، وبهذا قال وهب، ومقاتل.


وراينا اجماع علي ان صنع السامري من الحلي والقي عليه قبضه من اثار اقدام فرس جبريل فصار عجل حي يخور وكلما اصدر صوت الخوار يسجدون


طه 87

قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ

إِذَا رَجَعَ مُوسَى رَأَى فِيهِ مَا يَشَاء ثُمَّ جَاءَ ذَلِكَ السَّامِرِيّ فَأَلْقَى عَلَيْهَا تِلْكَ الْقَبْضَة الَّتِي أَخَذَهَا مِنْ أَثَر الرَّسُول وَسَأَلَ مِنْ هَارُون أَنْ يَدْعُو اللَّه أَنْ يَسْتَجِيب لَهُ فِي دَعْوَة فَدَعَا لَهُ هَارُون وَهُوَ لَا يَعْلَم مَا يُرِيد فَأُجِيبَ لَهُ فَقَالَ السَّامِرِيّ عِنْد ذَلِكَ أَسْأَل اللَّه أَنْ يَكُون عِجْلًا فَكَانَ عِجْلًا لَهُ خُوَار أَيْ صَوْت اِسْتِدْرَاجًا وَإِمْهَالًا وَمِحْنَة وَاخْتِبَارًا.


طه88

فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ

فَقَالُوا" أَيْ السَّامِرِيّ وَأَتْبَاعه "هَذَا إلَهكُمْ وَإِلَه مُوسَى فَنَسِيَ" مُوسَى رَبّه هُنَا وَذَهَبَ يَطْلُبهُ

الجلالين


وتاكيد قصة ان الذي اعطي للعجل حياه هو قبضة تراب من اثر قدم فرس جبريل

طه 95 96

{ قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يٰسَامِرِيُّ } * { قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُواْ بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ ٱلرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذٰلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي }


الطبري

حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جُرَيج، قال: لـما قتل فرعون الولدان قالت أمّ السامريّ: لو نـحيته عنـي حتـى لا أراه، ولا أدري قتله، فجعلته فـي غار، فأتـى جبرئيـل، فجعل كفّ نفسه فـي فـيه، فجعل يُرضعه العسل واللبن، فلـم يزل يختلف إلـيه حتـى عرفه، فمن ثم معرفته إياه حين قال: { فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أثَرِ الرَّسُولِ }.

وقال آخرون
: هي بـمعنى: أبصرت ما لـم يبصروه. وقالوا: يقال: بصرت بـالشيء وأبصرته، كما يقال: أسرعت وسرعت ما شئت. ذكر من قال: هو بـمعنى أبصرت:

حدثنا بشر، قال
: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة { قال بَصُرْتُ بِـمَا لَـمْ يَبْصُرُوا بِهِ } يعنـي فرس جبرئيـل علـيه السلام.

وقوله
: { فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أثَرِ الرَّسُولِ } يقول: قبضت قبضة من أثر حافر فرس جبرئيـل. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد، قال
: ثنا سلـمة، قال: ثنـي مـحمد بن إسحاق، عن حكيـم بن جبـير، عن سعيد بن جبـير، عن ابن عبـاس، قال: لـما قذفت بنو إسرائيـل ما كان معهم من زينة آل فرعون فـي النار، وتكسرت، ورأى السامريّ أثر فرس جبرئيـل علـيه السلام، فأخذ ترابـاً من أثر حافره، ثم أقبل إلـى النار فقذفه فـيها، وقال: كن عجلاً جسداً له خوار، فكان للبلاء والفتنة.

حدثنـي مـحمد بن سعد، قال
: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قال: قبض قبضة منه من أثر جبرئيـل، فألقـى القبضة علـى حلـيهم فصار عجلاً جسداً له خوار، فقال: هذا إلهكم وإله موسى.

وأما قوله: { فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أثَرِ الرَّسُولِ } فإن قرّاء الأمصار علـى قراءته بـالضاد، بـمعنى: فأخذت بكفـي كلها تراباً من تراب أثر فرس الرسول. وروي عن الـحسن البصري وقتادة ما:

حدثنـي أحمد بن يوسف، قال
: ثنا القاسم، قال: ثنا هشيـم، عن عبـاد بن عوف، عن الـحسن أنه قرأها: «فَقَبَصْتُ قَبْصَةً» بـالصاد.

وحدثنـي أحمد بن يوسف، قال
: ثنا القاسم، قال: ثنا هشيـم، عن عبـاد، عن قَتادة مثل ذكر بـالصاد. بـمعنى: أخذت بأصابعي من تراب أثر فرس الرسول، والقبضة عند العرب: الأخذ بـالكفّ كلها، والقبصة: الأخذ بأطراف الأصابع.

وقوله
: { فَنَبَذْتُها } يقول: فألقـيتها { وكَذَلَكَ سَوَّلَتْ لـي نَفْسِي } يقول: وكما فعلت من إلقائي القبضة التـي قبضت من أثر الفرس علـى الـحلـية التـي أوقد علـيها حتـى انسبكت فصارت عجلاً جسداً له خوار. { سَوَّلَتْ لِـي نَفْسِي } يقول: زينت لـي نفسي أنه يكون ذلك كذلك، كما:

حدثنـي يونس، قال
: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: { وكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِـي نَفْسِي } قال: كذلك حدثتنـي نفسي.



العقاب

الاعراف 149

{ وَلَمَّا سُقِطَ فِيۤ أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْاْ أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّواْ قَالُواْ لَئِن لَّمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ }

الاعراف 150

{ وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَٰنَ أَسِفاً قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِيۤ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى ٱلأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ٱبْنَ أُمَّ إِنَّ ٱلْقَوْمَ ٱسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ ٱلأَعْدَآءَ وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّٰلِمِينَ }

طه 94

{ قَالَ يَبْنَؤُمَّ لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلاَ بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِيۤ إِسْرَآءِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي }


الاعراف 151

{ قَالَ رَبِّ ٱغْفِرْ لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنتَ أَرْحَمُ ٱلرَّاحِمِينَ }


عقاب السبعين شيخ

البقرة 55 - 56

{ وَإِذْ قُلْتُمْ يَٰمُوسَىٰ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ نَرَى ٱللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ ٱلصَّٰعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ } * { ثُمَّ بَعَثْنَٰكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }



الاعراف 155

{ وَٱخْتَارَ مُوسَىٰ قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِّمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ ٱلرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ ٱلسُّفَهَآءُ مِنَّآ إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَآءُ وَتَهْدِي مَن تَشَآءُ أَنتَ وَلِيُّنَا فَٱغْفِرْ لَنَا وَٱرْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْغَافِرِينَ }


والغريب ان السفيه هو الذي فتنهم ونجد النص يقول الذي فتنهم هو اله الاسلام الذي يضل من يشاء



ونبدا في قصه العقاب

الطبري

يقول تعالـى ذكره: واختار موسى من قومه سبعين رجلاً للوقت والأجل الذي وعده الله أن يـلقاه فـيه بهم للتوبة مـما كان من فعل سفهائهم فـي أمر العجل. كما:

حدثنـي موسى بن هارون، قال
: ثنا عمرو بن حماد، قال: ثنا أسبـاط، عن السديّ، قال: إن الله أمر موسى علـيه السلام أن يأتـيه فـي ناس من بنـي إسرائيـل يعتذرون إلـيه من عبـادة العجل، ووعدهم موعداً. فـاختار موسى قومه سبعين رجلاً علـى عينه، ثم ذهب بهم لـيعتذروا، فلـما أتوا ذلك الـمكان، قالوا: لن نؤمن لك يا موسى حتـى نرى الله جهرة، فإنك قد كلـمته فأرناه فأخذتهم الصاعقة فماتوا. فقام موسى يبكي ويدعو الله ويقول: ربّ ماذا أقول لبنـي إسرائيـل إذا أتـيتهم وقد أهلكت خيارهم، لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي

حدثنا ابن حميد، قال
: ثنا سلـمة، عن ابن إسحاق، قال: اختار موسى من بنـي إسرائيـل سبعين رجلاً الـخِّير فـالـخير، وقال: انطلقوا إلـى الله فتوبوا إلـيه مـما صنعتـم، واسألوه التوبة علـى من تركتـم وراءكم من قومكم، صوموا، وتطهَّروا، وطهِّروا ثـيابكم فخرج بهم إلـى طور سينا لـميقات وقَّته له ربه، وكان لا يأتـيه إلا بإذن منه وعلـم، فقال السبعون فـيـما ذكر لـي حين صنعوا ما أمرهم به، وخرجوا معه للقاء ربه لـموسى: اطلب لنا نسمع كلام ربنا فقال: أفعل. فلـما دنا موسى من الـجبل، وقع علـيه عمود الغمام حتـى تغشى الـجبل كله، ودنا موسى فدخـل فـيه، وقال للقوم: ادنوا وكان موسى إذا كلـمه الله، وقع علـى جبهته نور ساطع، لا يستطيع أحد من بنـي آدم أن ينظر إلـيه. فضُرب دونه بـالـحجاب، ودنا القوم حتـى إذا دخـلوا فـي الغمام وقعوا سجودا، فسمعوه وهو يكلـم موسى، يأمره وينهاه: افعل ولا تفعل فلـما فرغ الله تعالى من أمره، وانكشف عن موسى الغمام، أقبل إلـيهم، فقالوا لـموسى:
لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حتـى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً، فَأخَذتْهُمُ الرَّجْفَةُ }
وهي الصاعقة، فـالتقت أرواحهم فماتوا جميعاً، وقام موسى علـيه السلام يناشد ربه ويدعوه ويرغب إلـيه، ويقول: ربّ لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي، قد سفهوا أفتهلك من ورائي من بنـي إسرائيـل؟

حدثنـي الـمثنى، قال
: ثنا عبد الله بن صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ بن أبـي طلـحة، عن ابن عبـاس، قوله: { وَاخْتارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِـمِيقاتِنا } قال: كان الله أمره أن يختار من قومه سبعين رجلاً، فـاختار سبعين رجلاً، فبرز بهم لـيدعوا ربهم، فكان فـيـما دعوا الله أن قالوا: اللهمّ أعطنا ما لـم تعط أحداً بعدنا فكره الله ذلك من دعائهم، فأخذتهم الرجفة. قال موسى: { رَبِّ لَوْ شِئْتَ أهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وإيَّايَ }.

حدثنا ابن وكيع، قال
: ثنا خالد بن حيان، عن جعفر، عن ميـمون: { وَاخْتارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِـمِيقاتِنا } قال: لـموعدهم الذي وعدهم.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: { سَبْعِينَ رَجُلاً لِـمِيقاتِنا } قال: اختارهم لتـمام الوعد.

وقال آخرون
: إنـما أخذتهم الرجفة من أجل دعواهم علـى موسى قتل هارون. ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن بشار وابن وكيع، قالا
: ثنا يحيى بن يـمان، قال: ثنا سفـيان، قال: ثنـي أبو إسحاق، عن عمارة بن عبد السلولـي، عن علـيّ رضي الله عنه، قال: انطلق موسى وهارون وشَبِّر وشَبِـير، فـانطلقوا إلـى سفح جبل، فنام هارون علـى سرير، فتوفـاه الله. فلـما رجع موسى إلـى بنـي إسرائيـل قالوا له: أين هارون؟ قال: توفـاه الله. قالوا: أنت قتلته، حسدتنا علـى خـلقه ولـينه أو كلـمة نـحوها قال: فـاختاروا من شئتـم قال: فـاختاروا سبعين رجلاً. قال: فذلك قوله: { وَاخْتارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِـمِيقاتِنا }. قال: فلـما انتهوا إلـيه قالوا: يا هارون من قتلك؟ قال: ما قتلنـي أحد، ولكننـي توفـانـي الله. قالوا: يا موسى لن نعصيَ بعد الـيوم قال: فأخذتهم الرجفة. قال: فجعل موسى يرجع يـميناً وشمالاً، وقال: يا { رَبّ لَوْ شِئْتَ أهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وإيَّايَ أُتهْلِكُنا بِـمَا فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا إنْ هِيَّ إلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَتهْدِي مَنْ تَشاءُ } قال: فأحياهم الله وجعلهم أنبـياء كلهم.

حدثنا مـحمد بن الـمثنى، قال
: ثنا مـحمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن أبـي إسحاق، عن رجل من بنـي سلول، أنه سمع علـيًّا رضي الله عنه يقول فـي هذه الآية: { وَاخْتارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِـمِيقاتِنا } قال: كان هارون حسن الـخـلق مـحببـاً فـي بنـي إسرائيـل. قال: فلـما مات دفنه موسى. قال: فلـما أتـى بنـي إسرائيـل، قالوا له: أين هاون؟ قال: مات. فقالوا: قتلته قال: فـاختار منهم سبعين رجلاً. قال: فلـما أتوا القبر، قال موسى: أُقتلت أو متّ؟ قال: متّ. قال: فأصعقوا، فقال موسى: ربّ ما أقول لبنـي إسرائيـل إذا رجعت؟ يقولون: أنت قتلتهم قال: فأحيوا وجعلوا أنبـياء.

حدثنـي عبد الله بن الـحجاج بن الـمنهال، قال
: ثنا أبـي، قال: ثنا الربـيع بن حبـيب، قال: سمعت أبـا سعيد، يعنـي الرقاشيّ، وقرأ هذه الآية: { وَاخْتارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِـمِيقاتِنا } فقال: كانوا أبناء ما عدا عشرين ولـم يتـجاوزوا الأربعين، وذلك أن ابن عشرين قد ذهب جهله وصبـاه، وأن من لـم يتـجاوز الأربعين لـم يفقد من عقله شيئاً.

وقال آخرون
: إنـما أخذت القوم الرجفة لتركهم فراق عبدة العجل، لا لأنهم كانوا من عبَدته. ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر بن معاذ، قال
: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { وَاخْتارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِـمِيقاتِنا } فقرأ حتـى بلغ: { السُّفَهاءُ مِنا } ذكر لنا أن ابن عبـاس كان يقول: إنـما تناولتهم الرجفة لأنهم لـم يزايـلوا القوم حين نصبوا العجل، وقد كرهوا أن يجامعوهم علـيه.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، قوله: { وَاخْتارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِـمِيقاتِنا } مـمن لـم يكن قال ذلك القول علـى أنهم لـم يجامعوهم علـيه، فأخذتهم الرجفة من أجل أنهم لـم يكونوا بـاينوا قومهم حين اتـخذوا العجل. فلـما خرجوا ودعوا، أماتهم الله ثم أحياهم. { فَلَـمَّا أخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قالَ رَبّ لَوْ شِئْتَ أهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وأيَّايَ أُتهْلِكُنا بِـمَا فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا }.

حدثنـي الـحرث، قال
: ثنا عبد العزيز، قال: ثنا أبو سعد، قال: قال مـجاهد: { وَاخْتارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِـمِيقاتِنا } والـميقات: الـموعد. فلـما أخذتهم الرجفة بعد أن خرج موسى بـالسبعين من قومه يدعون الله ويسألونه أن يكشف عنهم البلاء، فلـم يستـجب لهم علـم موسى أنهم قد أصابوا من الـمعصية ما أصابه قومهم. قال ابن سعد: فحدثنـي مـحمد بن كعب القرظي، قال: لـم يستـجب لهم من أجل أنهم لـم ينهوهم عن الـمنكر ويأمروهم بـالـمعروف. قال: فأخذتهم الرجفة فماتوا، ثم أحياهم الله.

حدثنا ابن وكيع، قال
: ثنا أبو أسامة، عن عون، عن سعيد بن حيان، عن ابن عبـاس: إن السبعين الذين اختارهم موسى من قومه، إنـما أخذتهم الرجفة أنهم لـم يرضوا ولـم ينهوا عن العجل.

حدثنا ابن بشار، قال
: ثنا مـحمد بن جعفر، قال: ثنا عون، قال: ثنا سعيد بن حيان، عن ابن عبـاس، بنـحوه.

القول فـي تأويـل قوله تعالـى: { أُتهْلِكُنا بِـمَا فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا إنْ هِيَ إلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَتهْدِي مَنْ تَشاءُ أنْتَ وَلِـيُّنا فـاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وأنْتَ خَيْرُ الغافِرِينَ }.

اختلف أهل التأويـل فـي تأويـل ذلك، فقال بعضهم
: معنى ذلك: أتهلك هؤلاء الذين أهلكتهم بـما فعل السفهاء منا: أي بعبـادة من عبد العجل. قالوا: وكان الله إنـما أهلكهم لأنهم كانوا مـمن يعبد العجل، وقال موسى ما قال ولا علـم عنده بـما كان منهم من ذلك. ذكر من قال ذلك:

حدثنا موسى بن هارون، قال
: ثنا عمرو، قال: ثنا أسبـاط، عن السديّ: { أُتهْلِكُنا بِـمَا فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا } فأوحى الله إلـى موسى: إن هؤلاء السبعين مـمن اتـخذ العجل، فذلك حين يقول موسى: { إنْ هِيَ إلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَتهْدى مَنْ تَشاءُ }.

وقال آخرون
: معنى ذلك: أن إهلاكك هؤلاء الذين أهلكتهم هلاك لـمن وراءهم من بنـي إسرائيـل إذا انصرفتُ إلـيهم، ولـيسوا معي، والسفهاء علـى هذا القول كانوا الـمهلكين الذين سألوا موسى أن يريهم ربهم. ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد، قال
: ثنا سلـمة، عن ابن إسحاق، قال: لـما أخذت الرجفة السبعين فماتوا جميعاً، قام موسى يناشد ربه ويدعوه، ويرغب إلـيه يقول: ربّ لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي قد سفهوا أفتهلك من ورائي من بنـي إسرائيـل بـما فعل السفهاء منا؟ أي إن هذا لهم هلاك، قد اخترت منهم سبعين رجلاً الـخير فـالـخير، أرجع إلـيهم ولـيس معي رجل واحد؟ فما الذي يصدّقوننـي به أو يأمنوننـي علـيه بعد هذا؟

وقال آخرون فـي ذلك بـما
:

حدثنـي يونس، قال
: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، فـي قوله: { أُتهْلِكُنا بِـمَا فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا }: أتؤاخذنا ولـيس منا رجل واحد ترك عبـادتك ولا استبدل بك غيرك؟

وأولـى القولـين بتأويـل الآية، قول من قال
: إن موسى إنـما حزن علـى هلاك السبعين بقوله: { أُتهْلِكُنا بِـمَا فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا } وأنه إنـما عنى بـالسفهاء: عبدة العجل وذلك أنه مـحال أن يكون موسى صلى الله عليه وسلم كان تـخير من قومه لـمسألة ربه ما أراه أن يسأل لهم إلا الأفضل فـالأفضل منهم، ومـحال أن يكون الأفضل كان عنده من أشرك فـي عبـادة العجل واتـخذه دون الله إلها.

قال: فإن قال قائل: فجائز أن يكون موسى علـيه السلام كان معتقداً أن الله سبحانه يعاقب قوما بذنوب غيرهم، فـيقول: أتهلكنا بذنوب من عبد العجل، ونـحن من ذلك برآء؟ قـيـل: جائز أن يكون معنى الإهلاك: قبض الأرواح علـى غير وجه العقوبة، كما قال جلّ ثناؤه:
إنِ امْرُؤٌ هَلَكَ }
يعنـي: مات، فـيقول: أتـميتنا بـما فعل السفهاء منا.

وأما قوله
: { إنْ هِيَ إلاَّ فِتْنَتُكَ } فإنه يقول جلّ ثناؤه: ما هذه الفعلة التـي فعلها قومي من عبـادتهم ما عبدوا دونك، إلا فتنة منك أصابتهم. ويعنـي بـالفتنة: الابتلاء والاختبـار. يقول: ابتلـيتهم بها لـيتبـين الذي يضلّ عن الـحقّ بعبـادته إياه والذي يهتدي بترك عبـادته. وأضاف إضلالهم وهدايتهم إلـى الله، إذ كان ما كان منهم من ذلك عن سبب منه جلّ ثناؤه.

وبنـحو ما قلنا فـي الفتنة قال جماعة من أهل التأويـل
. ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن وكيع، قال
: ثنا أبـي، عن أبـي جعفر، عن الربـيع، عن أبـي العالـية: { إنْ هِيَ إلاَّ فِتْنَتُكَ } قال: بلـيتك.

قال
: ثنا حبويه الرازي، عن يعقوب، عن جعفر بن أبـي الـمغيرة، عن سعيد بن جبـير: { إلاَّ فِتْنَتُكَ }: إلا بلـيتك.

حدثنـي الـمثنى، قال
: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الرحمن بن سعد، قال: أخبرنا ابن جعفر، عن الربـيع بن أنس: { إنْ هِيَ إلاَّ فِتْنَتُكَ } قال: بلـيتك.

قال
: ثنا عبد الله بن صالـح، قال: ثنـي معاوية بن صالـح، عن علـي بن أبـي طلـحة، عن ابن عبـاس: { إنْ هِيَ إلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ } إن هو إلا عذابك تصيب به من تشاء، وتصرفه عمن تشاء.

حدثنـي يونس، قال
: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، فـي قوله: { إنْ هِيَ إلاَّ فِتْنَتُكَ } أنت فتنتهم.

وقوله
: { أنْتَ وَلِـيُّنا } يقول: أنت ناصرنا. { فـاغْفِرْ لَنا } يقول: فـاستر علـينا ذنوبنا بتركك عقابنا علـيها. { وَارْحَمْنا }: تعطَّف علـينا برحمتك. { وأنْتَ خَيْرُ الغافِرِينَ } يقول: خير من صفح عن جُرم وستر علـى ذنب.

وكالعاده المضل هو اله الاسلام


ونختمها بسورة البقره 92


{ وَلَقَدْ جَآءَكُمْ مُّوسَىٰ بِٱلْبَيِّنَاتِ ثُمَّ ٱتَّخَذْتُمُ ٱلْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ }

البقرة 93

{ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ ٱلطُّورَ خُذُواْ مَآ ءَاتَيْنَٰكُم بِقُوَّةٍ وَٱسْمَعُواْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ }

الطبري

القول فـي تأويـل قوله تعالـى: { وأُشْرِبُوا فِـي قُلُوبِهُمُ العِجْلَ بكُفْرِهِمْ }.

اختلف أهل التأويـل فـي تأويـل ذلك، فقال بعضهم
: وأشربوا فـي قلوبهم حبّ العجل. ذكر من قال ذلك:

حدثنا الـحسن بن يحيى، قال
: أخبرنا عبد الرزاق، قال: ثنا معمر، عن قتادة: { وأُشْرِبُوا فِـي قُلُوبِهمُ العِجْلَ } قال: أشربوا حبه حتـى خـلص ذلك إلـى قلوبهم.

حدثنـي الـمثنى، قال
: ثنا آدم، قال: ثنا أبو جعفر، عن الربـيع، عن أبـي العالـية: { وأُشْرِبُوا فِـي قُلُوبِهِمُ العِجْلَ } قال: أشربوا حبّ العجل بكفرهم.

حدثنـي الـمثنى، قال
: ثنا إسحاق، قال: ثنا ابن أبـي جعفر عن أبـيه، عن الربـيع: { وَأُشْرِبُوا فـي قُلُوبِهِمُ العِجْلَ } قال: أشربوا حبّ العجل فـي قلوبهم.

وقال آخرون
: معنى ذلك أنهم سقوا الـماء الذي ذُرِّي فـيه سحالة العجل. ذكر من قال ذلك.

حدثنـي موسى بن هارون
. قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسبـاط، عن السدي: لـما رجع موسى إلـى قومه أخذ العجل الذي وجدهم عاكفـين علـيه فذبحه، ثم حَرَقَه بـالـمبرد، ثم ذراه فـي الـيـمّ، فلـم يبق بحر يومئذ يجري إلا وقع فـيه شيء منه. ثم قال لهم موسى: اشربوا منه فشربوا منه، فمن كان يحبه خرج علـى شاربه الذهب فذلك حين يقول الله عزّ وجل: { وأُشْرِبُوا فِـي قُلُوبِهِمُ العِجْلَ بِكُفْرِهِمْ }.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: حدثنـي حجاج عن ابن جريج، قال: لـما سُحِل فألقـي فـي الـيـمّ استقبلوا جرية الـماء، فشربوا حتـى ملئوا بطونهم، فأورث ذلك من فعله منهم جُبْناً.

قال أبو جعفر
: وأولـى التأويـلـين اللذين ذكرت بقول الله جل ثناؤه: { وأُشْرِبُوا فِـي قُلُوبِهِمُ العِجْلَ } تأويـل من قال: وأشربوا فـي قلوبهم حبّ العجل لأن الـماء لا يقال منه: أشرب فلان فـي قلبه، وإنـما يقال ذلك فـي حبّ الشيء، فـيقال منه: أشرب قلب فلان حبّ كذا، بـمعنى سقـي ذلك حتـى غلب علـيه وخالط قلبه


اي ان اله الاسلام شربهم حب العجل وهذا شبه اجماع


القرطبي

قوله تعالى: { وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلْعِجْلَ } أي حُبّ العجل. والمعنى: جعلت قلوبهم تُشربه، وهذا تشبيه ومجاز عبارة عن تمكّن أمر العجل في قلوبهم. وفي الحديث: " تُعْرَضُ الفِتن على القلوب كالحصير عُوداً عُوداً فأيّ قَلبٍ أشرِبَها نُكِت فيه نُكتةٌ سوداء " الحديث، خرّجه مسلم.


البقره 54

{ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَٰقَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِٱتِّخَاذِكُمُ ٱلْعِجْلَ فَتُوبُوۤاْ إِلَىٰ بَارِئِكُمْ فَٱقْتُلُوۤاْ أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ }



ابن كثير

وقد روى النسائي وابن جرير وابن أبي حاتم من حديث يزيد بن هارون عن الأصبغ بن زيد الوراق عن القاسم بن أبي أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، قال: فقال الله تعالى: إن توبتهم أن يقتل كل واحد منهم من لقي من والد وولد، فيقتله بالسيف ولا يبالي من قتل في ذلك الموطن، فتاب أولئك الذين كانوا خفي على موسى وهارون ما اطلع الله على ذنوبهم، فاعترفوا بها، وفعلوا ما أمروا به، فغفر الله للقاتل والمقتول، وهذا قطعة من حديث الفتون، وسيأتي في سورة طه بكماله إن شاء الله. وقال ابن جرير: حدثني عبد الكريم بن الهيثم حدثنا إبراهيم بن بشار حدثنا سفيان بن عيينة قال: قال أبو سعيد عن عكرمة عن ابن عباس، قال: قال موسى لقومه: { فَتُوبُوۤاْ إِلَىٰ بَارِئِكُمْ فَٱقْتُلُوۤاْ أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ } قال: أمر موسى قومه عن أمر ربه عز وجل أن يقتلوا أنفسهم، قال: وأخبر الذين عبدوا العجل فجلسوا، وقام الذين لم يعكفوا على العجل فأخذوا الخناجر بأيديهم، وأصابتهم ظلمة شديدة، فجعل يقتل بعضهم بعضاً، فانجلت الظلمة عنهم، وقد جلوا عن سبعين ألف قتيل، كل من قتل منهم كانت له توبة، وكل من بقي كانت له توبة. وقال ابن جرير: (قال ابن جُريج:) أخبرني القاسم بن أبي بَزَّة أنه سمع سعيد بن جبير ومجاهداً يقولان في قوله تعالى: { فَٱقْتُلُوۤاْ أَنفُسَكُمْ } قالا: قام بعضهم إلى بعض بالخناجر يقتل بعضهم بعضاً، لا يحنو رجل على قريب ولا بعيد، حتى ألوى موسى بثوبه، فطرحوا ما بأيديهم، فكشف عن سبعين ألف قتيل، وإن الله أوحى إلى موسى: أن حسبي، فقد اكتفيت، فذلك حين ألوى موسى بثوبه. وروي عن علي رضي الله عنه نحو ذلك، وقال قتادة: أمر القوم بشديد من الأمر، فقاموا يتناحرون بالشفار، يقتل بعضهم بعضاً، حتى بلغ الله فيهم نقمته، فسقطت الشفار من أيديهم، فأمسك عنهم القتل، فجعل لحيهم توبة، وللمقتول شهادة.

وقال الحسن البصري: أصابتهم ظلمة حندس، فقتل بعضهم بعضاً، ثم انكشف عنهم، فجعل توبتهم في ذلك. وقال السدي في قوله: { فَٱقْتُلُوۤاْ أَنفُسَكُمْ } قال: فاجتلد الذين عبدوه والذين لم يعبدوه بالسيوف، فكان من قتل من الفريقين شهيداً، حتى كثر القتل، حتى كادوا أن يهلكوا، حتى قتل منهم سبعون ألفاً، وحتى دعا موسى وهارون: ربنا أهلكت بني إسرائيل، ربنا البقية البقية، فأمرهم أن يلقوا السلاح، وتاب عليهم، فكان من قتل منهم من الفريقين شهيداً، ومن بقي مكفراً عنه، فذلك قوله: { فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ } وقال الزهري: لما أمرت بنو إسرائيل بقتل أنفسها، برزوا، ومعهم موسى، فاضطربوا بالسيوف، وتطاعنوا بالخناجر، وموسى رافع يديه، حتى إذا فتر بعضهم، قالوا: يا نبي الله ادع الله لنا، وأخذوا بعضديه يسندون يديه، فلم يزل أمرهم على ذلك حتى إذا قبل الله توبتهم قبض أيديهم بعضهم عن بعض، فألقوا السلاح، وحزن موسى وبنو إسرائيل للذي كان من القتل فيهم، فأوحى الله جل ثناؤه إلى موسى: ما يحزنك؟ أما من قتل منهم فحي عندي يرزقون، وأما من بقي فقد قبلت توبته، فسر بذلك موسى وبنو إسرائيل، رواه ابن جرير بإسناد جيد عنه. وقال ابن إسحاق: لما رجع موسى إلى قومه، وأحرق العجل وذراه في اليم، خرج إلى ربه بمن اختار من قومه، فأخذتهم الصاعقة، ثم بعثوا، فسأل موسى ربه التوبة لبني إسرائيل من عبادة العجل، فقال: لا، إلا أن يقتلوا أنفسهم، قال: فبلغني أنهم قالوا لموسى: نصبر لأمر الله، فأمر موسى من لم يكن عبد العجل أن يقتل من عبده، فجلسوا بالأفنية، وأصلت عليهم القوم السيوف، فجعلوا يقتلونهم، فهش موسى، فبكى إليه النساء والصبيان يطلبون العفو عنهم، فتاب الله عليهم، وعفا عنهم، وأمر موسى أن ترفع عنهم السيوف. وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: لما رجع موسى إلى قومه، وكانوا سبعين رجلاً قد اعتزلوا مع هارون العجل لم يعبدوه، فقال لهم موسى: انطلقوا إلى موعد ربكم، فقالوا: يا موسى ما من توبة؟ قال: بلى، اقتلوا أنفسكم، ذلكم خير لكم عند بارئكم، فتاب عليكم الآية: فاخترطوا السيوف والجزرة والخناجر والسكاكين. قال: وبعث عليهم ضبابة، قال: فجعلوا يتلامسون بالأيدي، ويقتل بعضهم بعضاً، قال: ويلقى الرجل أباه وأخاه، فيقتله وهو لا يدري. قال: ويتنادون فيها: رحم الله عبداً صبر نفسه حتى يبلغ الله رضاه، قال: فقتلاهم شهداء، وتيب على أحيائهم ثم قرأ: { فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ }.



هذا فقط مقارنه بين الفكر الصحيح وكيف يتحول الي اساطير الاولين يقصها القران



والمجد لله دائما