«  الرجوع   طباعة  »

قانونية سفر هوشع وكاتب السفر



Holy_bible_1



اول دليل علي ان كاتب سفر هوشع هو هوشع النبي ابن بئيري انه اكد ذلك في بداية سفره ووضح زمن كتابة السفر ووحيه بانه كلام الله له

سفر هوشع 1

1: 1 قول الرب الذي صار الى هوشع بن بئيري في ايام عزيا و يوثام و احاز و حزقيا ملوك يهوذا و في ايام يربعام بن يواش ملك اسرائيل

وهو بذلك لا يترك فرصه لمشكك ليقول ان الكاتب مجهول

ثم يتحول الي صيغة المتكلم

3: 1 و قال الرب لي اذهب ايضا احبب امراة حبيبة صاحب و زانية كمحبة الرب لبني اسرائيل و هم ملتفتون الى الهة اخرى و محبون لاقراص الزبيب



4: 1 اسمعوا قول الرب يا بني اسرائيل ان للرب محاكمة مع سكان الارض لانه لا امانة و لا احسان و لا معرفة الله في الارض



5: 1 اسمعوا هذا ايها الكهنة و انصتوا يا بيت اسرائيل و اصغوا يا بيت الملك لان عليكم القضاء اذ صرتم فخا في مصفاة و شبكة مبسوطة على تابور

واستخدم تعبير قال الرب او يقول الرب تسع مرات مؤكدا ان هذا السفر هو وحي من عند الرب

وفكره مختصره عنه

اسم عبري معناه يهوه يخلص ( يهوه شع ) وهو اسم اطلق علي خمس اشخاص في الكتاب المقدس

يشوع ابن نون قبل ان يغير موسي اسمه الي يشوع وهو نفس المعني تقريبا

وهوشع ابن ايله الملك التاسع عشر من ملوك اسرائيل

وهوشع ابن عزريا احد رؤساء سبط افرايم في زمن داود

وهوشع في زمن نحميا واشتركوا في ختم الميثاق

وهوشع ابن بئيري الني كاتب هذا السفر وهو عاش في القرن الثامن قبل الميلاد وهو من بيت شمس من سبط يساكر كما قال القديس ابيفانوس, وعاش ووجه كلامه الي مملكة اسرائيل الشماليه وعاصمتها السامرة قبل خراب السامره وسبي شعب اسرائيل وقد أمر الرب هوشع أن يكشف للشعب عن ارتداده وفساده ، وأن يحثهم على التوبة والرجوع إلى الله . وكان له من ظروفه العائلية ما ساعده على توصيل رسالة الله وعهده الراسخ ، ومحبته لشعبه ، التى لا تتغير .

لقد امتدت خدمة هوشع في اسرائيل أكثر من 34 سنة ( من نحو 756 - 722 ق. م. ) او حسب كلام اليهود من عام 3196 من الخليقه

والكثير يؤكد انه مارس العمل النبوي لمدة سبعين سنه حتي حزقيا ملك يهوذا ( 715 ال 686 ق م ) وفي اخر فترته تنبأ في ارض يهوذا

ويبدو من أسلوبه أنه كان مثقفا ، ولعله كان من الطبقة الثرية فى إسرائيل وهو عاصر عاموس في اسرائيل واشعياء وميخا في يهوذا.

و بدأ هوشع نبواته في أيام يربعام الثاني بن يوآش ملك إسرائيل ( 792 ال 735 ق م ).

ملك زكريا بن يربعام لمدة 6 شهور ثم قتله شلوم بن يابيش الذي ملك شهر واحد. ثم قام منحيم بن جادي على شلوم وقتله وإمتلك مكانه 10سنوات ومات وخلفه إبنه فقحيا بن منحيم لمدة سنتين. ثم قتله فقح بن رمليا. وهوشع قتل فقح. وحاصرت أشور السامرة في أيام هوشع ثلاث سنين إلى أن سقطت سنة 722ق.م. ويقال في التقليد انه رقد بسلام ودفن في مدينته ولكن تقليد اخر يقول انه مات في بابل ودفن في تزافيث ولكن هذا امر غير مهم دقته



ثانيا ما يدل علي قانونية السفر وكاتبه هوشع انه معاصر للاحداث فيذكر هوشع أسماء أربعة ملوك ليهوذا ، هم : عزيا ويوثام وآحاز وحزقيا ، كما يذكر أسماء ملكين من ملوك إسرائيل ( المملكة الشمالية ) هما يؤاش ويربعــام . وكان عزيا معاصراً ليوآش ويربعام كليهما . وكان آحاز ملكا على يهوذا عند السبى الأشورى لإسرائيل ، ويبدو أن حزقيا كان ملكا شريكا مع أبيه آحاز فى وقت السبى الآشورى .

وقد ملك يربعام الثانى على إسرائيل 41 سنة ( 2 مل 14 : 23 ) ، وسار فى طريق سلفه الكبير يربعام بن نباط ( 2 مل 14 : 24 ) .

ورغم ازدهار المملكة فى أيام يربعام الثانى ، فإن ما ساد الحكومة من فساد ، وانحطاط الحالة الروحية للشعب، أعدا المسرح للأوقات المضطربة التى سادتها الانقلابات فى أيام الملوك الذين جاءوا بعده . فالتدهور الاقتصادى ، والانحطاط الأدبى فى أيام حكم يربعام ، مهدا الطريق لسقوط إسرائيل ، فكان سراة القوم ( بما فيهم الملوك ) يظلمون الفلاحين ، ودفعوا الفقراء من الملاك ، إلى هجر المزارع إلى المدن ، وسرعان ما أدت العواقب الاجتماعية ، بإسرائيل إلى موجة من الفساد فعمتها الفوضــــــى ( هو4 :1 و 2 ،7 : 1 و 7 ، 8 : 3 و 4 ، 9 : 15) .

بدأت خدمة هوشع النبى فى مُلك يربعام الثانى ( 792 - 753 ق.م ) وامتدت إلى أيام حزقيا ملك يهوذا ( 715 - 686 ق. م ) .

وهناك دلائل كثيرة على أن هوشع واصل خدمته إلى عصر هوشع بن أيلة ملك إسرائيل ( 732 - 722 ق.م.)

(1) قد يكون " شلمان " ( هو 10 : 14 ) هو شلمنأسر ملك أشور الذى غزا إسرائيل فى أيان هوشع الملك ( 2 مل 17 : 3 ) .

(2) " الملك العدو " ( هو 5 : 13 ، 10 : 6 ) قد يكون سرجون الثانى ( 722 - 705 ق. م. )

(3) يبدو أن التنبؤات عن الغزو الاشورى تشير إلى أنها كانت وشيكة ( هو 10 : 5 و 6 ، 13 : 15 و 16 ) .

(4) الإشارة إلى مصر واعتماد إسرائيل عليها ، تبدو أنها تتفق مع حكم الملك هوشع ( 7 : 11 ، 11 : 11 ) .

وتؤكد هذه الدلائل على أن كتابة نبوات هوشع قد حدثت قبل سقـــوط إسرائيــــل مباشرة ( 722 ق . م . ) .



ثالثا يشهد السفر ان الكاتب قبل السبي الاشوري للسامره لان مكان كتابته هو السامره التي خربت فيما بعد

تنبأ هوشع وهو يقيم فى إسرائيل ( المملكة الشمالية ) ، فهو يشير إلى ملك السامرة بالقول : " ملكنا " ( هو 7 : 5 ) ، كما أن وصفه لإسرائيل يدل على درايته الواسعة بجغرافية المملكة الشمالية وزحوالها العسكرية . فهوشع يذكر جلعاد كمن يعرفها معرفة شخصية ( 6 : 8 ، 12 : 11 ) . ولعل هوشع - كما سبقت الإشارة - كان النبى الوحيد الذى عاش فعلاً فى المملكة الشمالية طوال مدة خدمته .

وهذا يؤكد انه بالفعل هو هوشع النبي الذي عاش في هذا الزمان لانه لو كان بعد سبي السامره لما تكلم عن الملوك بانهم احياء بعد ولازالوا ملوك وبخاصه كما قلت ان السامره بعد السبي الاشوري انتهت كمملكه ولم ترجع مره اخري



رابعا شهادة العهد الجديد له

يذكر معلمنا بولس الرسول ان هوشع هو كاتب السفر في اقتباس ضمني ولكن يذكر اسم هوشع النبي بانه كاتب السفر ويقول

رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 9: 25


كَمَا يَقُولُ فِي هُوشَعَ أَيْضًا: سَأَدْعُو الَّذِي لَيْسَ شَعْبِي شَعْبِي، وَالَّتِي لَيْسَتْ مَحْبُوبَةً مَحْبُوبَةً.



وهو يفسر كلمة لروحامه الذي قاله هوشع في 2: 23 ارحم اورحامه وهو ما كرره بطرس البشير في رسالته 1 بط 2: 10

ويشهد ايضا العهد الجديد له سواء باقتباسات نصيه او ضمنيه مثل

ففي نفس كلام معلمنا بولس الرسول يكمل اقتباسه بجزء نصي ويقول

رسالة رومية 9: 26

26 وَيَكُونُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فِيهِ: لَسْتُمْ شَعْبِي، أَنَّهُ هُنَاكَ يُدْعَوْنَ أَبْنَاءَ اللهِ الْحَيِّ».

وهذا في

سفر هوشع 1

1: 10 لكن يكون عدد بني اسرائيل كرمل البحر الذي لا يكال و لا يعد و يكون عوضا عن ان يقال لهم لستم شعبي يقال لهم ابناء الله الحي



والرب يوع المسيح نفسه يقتبس من سفر هوشع في

انجيل متي 9

9: 13 فاذهبوا و تعلموا ما هو اني اريد رحمة لا ذبيحة لاني لم ات لادعوا ابرارا بل خطاة الى التوبة

وهذا من

سفر هوشع 6

6: 6 اني اريد رحمة لا ذبيحة و معرفة الله اكثر من محرقات



ولوقا البشير

انجيل لوقا 23

23: 30 حينئذ يبتدئون يقولون للجبال اسقطي علينا و للاكام غطينا



ويوحنا الحبيب في

سفر الرؤيا 6

6: 16 و هم يقولون للجبال و الصخور اسقطي علينا و اخفينا عن وجه الجالس على العرش و عن غضب الخروف



وهذا من

سفر هوشع 10

10: 8 و تخرب شوامخ اون خطية اسرائيل يطلع الشوك و الحسك على مذابحهم و يقولون للجبال غطينا و للتلال اسقطي علينا



ومتي البشير في

انجيل متي 2

2: 15 و كان هناك الى وفاة هيرودس لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي القائل من مصر دعوت ابني

وهو يؤكد ان هذا هو كلام الرب للنبي هوشع معترفا بوحيه وقانونيته

وهذا في

سفر هوشع 11

11: 1 لما كان اسرائيل غلاما احببته و من مصر دعوت ابني



وايضا

رسالة بولس الرسول الاولي الي اهل كورنثوس 15

15: 55 اين شوكتك يا موت اين غلبتك يا هاوية

وهذا من

سفر هوشع 13

13: 14 من يد الهاوية افديهم من الموت اخلصهم اين اوباؤك يا موت اين شوكتك يا هاوية تختفي الندامة عن عيني



خامسا شهادة نبواته لوحيه وقانونيته بمقارنة بعض الفكر في هوشع مع العهد الجديد مثل

نبوة عن تجسده لاظهار المحبة وليرتبط معهم برباط بشري

سفر هوشع 11

11: 4 كنت اجذبهم بحبال البشر بربط المحبة و كنت لهم كمن يرفع النير عن اعناقهم و مددت اليه مطعما اياه



قيامته في اليوم الثالث

سفر هوشع 6

6: 2 يحيينا بعد يومين في اليوم الثالث يقيمنا فنحيا امامه

6: 3 لنعرف فلنتتبع لنعرف الرب خروجه يقين كالفجر ياتي الينا كالمطر كمطر متاخر يسقي الارض

هذا بالاضافه الي ان كل السفر فكرة الرب هو العريس وشعبه العروس



سادسا شهادة المخطوطات لوحيه وقانونيته فالسفر موجود في الترجمه السبعينية وهي التي تمت سنة 282 ق م وتؤكد ان السفر مكتوب ومتداول من قبل ذلك وكاتبه هوشع النبي

موجود في مخطوطات قمران مثل

4Q166

4Q167

4Q434

وغيرها من المخطوطات الكثيره جدا سواء العبريه والترجمات القديمه باللغات المختلفة التي احتوي علي السفر متطابق مع الذي في ايدينا من بعد الميلاد وحتي الان من لاتينيه

وسريانيه وقبطيه وغيرها الكثير



سابعا شهادة اليهود انفسهم للسفر مثل التلمود واقوال الراباوات والتقليد وغيره من الشهادات اليهودية

وهو وضع في بعض النسخ في درج الانبياء الذي يبدا بارميا ثم حزقيال ثم اشعياء ولكن في الماسوريتك ياتي بالترتيب التاريخي اشعياء ثم ارميا ثم حزقيال ثم الاثني عشر نبي وكلهم يبدا الانبياء الاثني عشر بنبوة هوشع

والنسخ العبري واليهود يلقبوه باسم سوفير هوشيع اي سفر هوشع

والقديس جيروم في نسخته يلقبه بنبوة هوشع

واليهود يقولوا مثل كمشي

were put together in one book, that no one of them might be lost, because of their smallness;

وضع الانبياء الاثني عشر في كتاب واحد لكي لا يفقد اي منهم لصغر حجمهم



ثامنا ايضا اباء الكنيسه اكدون قانونيته وان كاتبه هو هوشع واقتبسوا من السفر ولم يشكك فيهم احد في قانونية السفر وكمية الاقتباسات من السفر في اقوال الاباء كمية كثيره



تاسعا كل المجامع التي تعرضت لقانونية اسفار العهد القديم اكدت قانونية السفر وان كاتبه هو هوشع ولم يعترض منهم احد او يرفض قانونيته احد المجامع واجمعت عليه كل الكنائس سواء الارثوزكسيه والكاثوليكية والبروتستنتيه



واخيرا قانونية سفر هوشع لم تكن مجال نقاش او جدال فلم يعترض احد علي قانونيته ولا يحيط بأصالة سفر هوشع ووحدته أى شكوك حادة ، حتى بين أصحاب النقد العالى المعترضين دائما



وكل من حاول ان يدعي كذبا انه من اكثر من كاتب باءت محاولاته بالفشل

وحدته مؤكده لغويا مثل

السفر وحده واحده من اسلوبه وترتيبه وهو يستمر في كلامه عن الخطيه ثم الادانه ثم الرد

أولاً: محبة هوشع لزوجته الخائنة (1: 1- 3: 5)

1- الخطيئة (ص 1).

2- الإدانة (ص 2).

3- الرد (ص 4).

ثانياً: محبة الله لشعب بني إسرائيل الخائن (4: 1- 14: 9).

أ- تكرار الأقوال النبوية التي تؤكد وقوع الخطيئة (4: 1- 6: 11).

1- الخطيئة (ص 4).

2- الإدانة (ص 5).

3- التوبة (ص 6).

ب- تكرار الأقوال النبوية التي تؤكد توقيع القضاء (7: 1-11: 11)

1- الخطيئة (ص 7)

2- الإدانة (ص 8: 1- ص 11: 7)

3- الرد (ص 11: 8-11)

ج- تكرار الأقوال النبوية التي تؤكد أن الله سيرد الشعب إليه وإلى مكانته منه (ص 11: 22- ص 14: 9).

1- الخطيئة (ص 11: 12- ص 12: 14)

2- الإدانة (ص 13)

3- الرد (ص 14).

أما المميزات الأدبية لهذا السفر فهي:

إن السفر مليء بالتشبيهات والاستعارات وهي:

الماء (5: 10)، العث (5: 12) النخر (5: 12)، الاسد (5: 14)، الحمامة الحمقاء (7: 11)، القوس الخادعة (7: 16)، النسر (8: 1 و 11 )، الريح والزوبعة (8: 7)، المحبون المأجرون والحمار الوحشي (8: 9)، العوسج ( 9: 6 ), الطائر (9: 11)، العجلة (10: 11)، ابني (11: 1)، الأسد (11: 1)،العصفور ( 11: 11 ) السحابة والندى والعصافة والدخان (13: 3)، الأسد والنمر والدب (13: 7 و 8)، الماخض التي تلد (13: 13)، الندى (14: 4)، السوسن (14: 4)، شجرة الزيتون (14: 6)، الحنطة والكرم والخمر (14: 7)، السروة الخضراء (14: 8).

كل هذا يؤكد ان كاتبه شخص واحد

وقله قليله تكلمت عن نبواته عن يهوذا ككاتب اخر ولكن هذا خطأ

الفصول التى تشير إلى يهوذا ( مثل 1 : 1 و 7 و 11 و 4 : 15 و 5 : 5 و 10 و 11 ، 6 : 4 و 11 ، 8 : 12 ، 11 : 12 ، 12 : 2 ) .

وإشارات هوشع إلى يهوذا - على أى حال - ليست بالأمر الغريب على رجل الله الذى كان يؤلمه انقسام إسرائيل ، وخروج المملكة الشمالية عن نسل داود الملك الشرعى ، كما أن المملكة الشمالية كانت على خافة الدينونة الإلهية لها . ولا شك فى أن هوشع تلقى أعلانا من الله عن معاملاته مع يهوذا كما مع إسرائيل . وايضا هوشع عندما ذكر اسمه في بداية السفر تكلم عن ملوك يهوذا واسرائيل في نفس الوقت وهذا يوكد ان كاتب الكل هو هوشع



وقبل الختام هوشع النبي اكد ان شعب اسرائيل كسر كل وصايا الرب

Every commandment of God was broken, and that, habitually. All was falsehood Hos_4:1; Hos_7:1, Hos_7:3, adultery Hos_4:11; Hos_5:3-4; Hos_7:4; Hos_9:10, bloodshedding Hos_5:2; Hos_6:8; deceit to God Hos_4:2; Hos_10:13; Hos_11:12 produced faithlessness to man; excess Hos_4:11; Hos_7:5; and luxury Hos_4:15; Hos_6:4-6 were supplied by secret Hos_4:2; Hos_7:1 or open robbery Hos_7:1, oppression Hos_12:7; false dealing Hos_12:7; perversion of justice Hos_10:4;



واخيرا من تفسير ابونا تادرس



يمكننا في إيجاز أن نضع الخطوط العريضة لمرض الشعب كما أعلنه سفر هوشع في النقاط التالية:

أولاً: عدم معرفة: "قد هلك شعبي من عدم المعرفة" (4: 6). فقد أفسدت الخطية بصيرة الشعب والرعاة معًا، فصار الكل كعميان غير قادرين على رؤية الله والتعرف على أسراره. أن كان هذا السفر في جوهره هو دعوة للتوبة والرجوع إلى الله لننعم بالحياة معه خلال قيامتنا من موت الخطية (6: 2)، إنما لكي نتعرف عليه (6: 3). نعرفه معرفة العروس المقامة من الأموات لتحيا في حضن عريسها واهب القيامة. لهذا لا نعجب أن سمعناه يؤكد لعروسه المريضة بعدم المعرفة: "إني أريد... معرفة الله أكثر من محرقات" (6: 6).

ثانيًا: ارتباطها بالأرض: عدم معرفتها بعريسها السماوي سحبها إلى رجل آخر هو "البعل"، خلاله انحنت بكل طاقاتها نحو شهوات الجسد ومحبة الأرضيات فصارت هي نفسها أرضا. لذا يدعوها بالأرض عوض "إسرائيل"، كأن يقول: "لأن الأرض قد زنت تاركة الرب" (1: 2). تركت السماوي لتحبس نفسها في الأرضيات، وعوض القلب السماوي صارت أرضا، الأمر الذي يحتاج إلى الطبيب السماوي وحده ليردها عن هذه الطبيعة الفاسدة، إذ يقول لها: "أنا أشفي ارتدادهم" (4: 14).

ثالثًا: فقدانها الشبع: بانحنائها نحو الأرض ظنت أنها تنعم باللذات الزمنية، ولم تدرك أنها تفقد كل لذة وشبع لتصير في مرارة وجوع وعطش. لقد شخَّص الرب مرضها هكذا: "يأكلون ولا يشبعون، ويزنون ولا يكثرون، لأنهم قد تركوا عبادة الرب" (4: 10)، "إنهم يزرعون الريح ويحصدون الزوبعة" (8: 7)، "أصلهم قد جف، لا يصنعون ثمرًا" (9: 16).

عوض الثمر المفرح للقلب "يطلع الشوك والحسك على مذابحهم" (8، 10)، وعوض اللذة يذوقون المرّ إذ "بنيت القضاء عليهم كالعلقم" (10: 4)، أما العريس الحقيقي، الله، فثمرته حلوة (نش 2: 3)، وكلماته حلوة (مز 119: 103)، ونوره حلو (جا 11: 7)، حتى نيره حلو للنفس (مت 11: 30).

رابعًا: عدم التمييز: أن شهوة قلب العريس السماوي أن يرى عروسه على مثاله تحمل روحه القدوس، روح الحكمة والتمييز، لكنها إذ رفضته وانحنت للتراب تغرف منه ولا تشبع صارت "كبقرة جامحة" (4: 16)، "كحمامة رعناء" (7: 11).

يتحدث عن رؤساء يهوذا قائلاً أنهم صاروا "كناقلي التخوم" (5: 10)، أيّ نزعوا العلامات الفاصلة بين تخوم مملكة الله ومملكة إبليس، بين عبادة الله الحيّ وعبادة البعل، بين الخير والشر... فقدوا روح التمييز الذي أوصى به "التمييز بين

المقدس والمحلل، وبين النجس والطاهر" (لا 10: 10)، "بين الحيوانات التي تؤكل والحيوانات التي لا تؤكل" (لا 11: 47).

خامسًا: اللامبالاة: كل ضعف يسحب العروس إلى ضعف آخر، وكل خطية تلقي بها في أحضان خطية أخرى، فروح عدم التمييز يفقد الإنسان جديته في الحياة وتطلعه إلى أبديته ليسلك بلا مبالاة. يسمع صوت الله الذي يدعوه ولا يستجيب (7: 1 - 2).

سادسًا: الكبرياء: "قد أذلت عظمة إسرائيل في وجهه" (5: 5). عوض الخضوع لله بالطاعة وقبول مشورته لشفائها اختارت مصيرها بفكرها الذاتي، فالتجأت إلى آخرين غير عريسها الشافي. "رأى إفرايم مرضه ويهوذا جرحه فمضى إفرايم إلى آشور، وأرسل إلى ملك عدو (عظيم)، ولكنه لا يستطيع أن يشفيك ولا أن يزيل منك الجرح" (5: 13)، لقد رفضوا الاتضاع أمام الله في كل تدابيرهم. "هم أقاموا ملوكًا وليس مني، أقاموا رؤساء وأنا لما أعرف" (8: 3).

سابعًا: بقدر ما أعلن الله حبه لعروسه فقبلها وهي زانية ليقدسها من جديد، وحتى عندما غضب عليها بسبب شرورها المتزايدة يقول: "انقلب عليّ قلبي، اضطرمت مراحمي جميعًا" (11: 8). أما هي فقابلت غيرته المتقدة بجفاف شديد. أن صرخوا إليه في الضيقة يقول: "لا يصرخون إليّ بقلوبهم حينما يولولون على مضاجعهم، يتجمعون لأجل القمح والخمر ويرتدون عليّ" (7: 14). كأنهم يطلبون عطاياه لا الاتحاد معه، يريدون أن ينقذهم ولا يعطونه قلبهم!



والمجد لله دائما