«  الرجوع   طباعة  »

هل أعلن المسيح عن مسلمه الي يهوذا ام الي يوحنا؟ متي 26: 21-25 ومرقس 14 ولوقا 22 ويوحنا 13: 21-27

 

Holy_bible_1

 

الشبهة 

 

جاء في متى 26 :21-25 قول المسيح لتلاميذه

»20وَلَمَّا كَانَ الْمَسَاءُ اتَّكَأَ مَعَ الاثْنَيْ عَشَرَ. 21وَفِيمَا هُمْ يَأْكُلُونَ قَالَ:«الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ وَاحِدًا مِنْكُمْ يُسَلِّمُنِي». 22فَحَزِنُوا جِدًّا، وَابْتَدَأَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَقُولُ لَهُ:«هَلْ أَنَا هُوَ يَارَبُّ؟» 23فَأَجَابَ وَقَالَ: «الَّذِي يَغْمِسُ يَدَهُ مَعِي فِي الصَّحْفَةِ هُوَ يُسَلِّمُنِي! 24إِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ مَاضٍ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَنْهُ، وَلكِنْ وَيْلٌ لِذلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي بِهِ يُسَلَّمُ ابْنُ الإِنْسَانِ. كَانَ خَيْرًا لِذلِكَ الرَّجُلِ لَوْ لَمْ يُولَدْ!». 25فَأَجَابَ يَهُوذَا مُسَلِّمُهُ وَقَالَ:«هَلْ أَنَا هُوَ يَا سَيِّدِي؟» قَالَ لَهُ:«أَنْتَ قُلْتَ». «.

يهوذا هو الذي أخذ اللقمة بنفسه والمسيح أعلن ليهوذا.

ولكن يوحنا 13 :21-27 يورد قول المسيح بطريقة مختلفة، إذ يقول: » 21لَمَّا قَالَ يَسُوعُ هذَا اضْطَرَبَ بِالرُّوحِ، وَشَهِدَ وَقَالَ:«الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ وَاحِدًا مِنْكُمْ سَيُسَلِّمُنِي!». 22فَكَانَ التَّلاَمِيذُ يَنْظُرُونَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ وَهُمْ مُحْتَارُونَ فِي مَنْ قَالَ عَنْهُ. 23وَكَانَ مُتَّكِئًا فِي حِضْنِ يَسُوعَ وَاحِدٌ مِنْ تَلاَمِيذِهِ، كَانَ يَسُوعُ يُحِبُّهُ. 24فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ سِمْعَانُ بُطْرُسُ أَنْ يَسْأَلَ مَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ الَّذِي قَالَ عَنْهُ. 25فَاتَّكَأَ ذَاكَ عَلَى صَدْرِ يَسُوعَ وَقَالَ لَهُ: «يَا سَيِّدُ، مَنْ هُوَ؟» 26أَجَابَ يَسُوعُ:«هُوَ ذَاكَ الَّذِي أَغْمِسُ أَنَا اللُّقْمَةَ وَأُعْطِيهِ!». فَغَمَسَ اللُّقْمَةَ وَأَعْطَاهَا لِيَهُوذَا سِمْعَانَ الإِسْخَرْيُوطِيِّ. «.

المسيح أعطاه اللقمة وأعلن ليوحنا.

 

الرد

 

الرد باختصار ان المسيح كان يجلس وحوله التلاميذ وتكلم مره مع يهوذا ومره مع يوحنا الحبيب وهذا لان المتكأ يسمح بان المسيح يكلم يهوذا منفردا وايضا يكلم يوحنا الحبيب منفردا وبخاصه ان هناك كان صخب في العشاء الاخير على عدة امور وهو من الذي كان يجب ان يجلس على اليمين ومن الذي يتكلم عنه المسيح ولا يريد ان يفصع عن اسمه وغيرها من الامور الكثيره المتعلقه باحداث العشاء الاخير التي شرحها المبشرين الاربعه بطريقه متكامله رائعه 

وبترتيب بسيط المسيح أعلن ان أحدهم سيسلمه وبدا يحدث ضجيج بسبب هذا الامر ثم دار حوار بينه وبين يهوذا يشرحه متي البشير ولم يسمعه بقية التلاميذ ثم حدث ضجيج بسبب المتكأ يمين المسيح ثم دار الحوار بين المسيح ويوحنا الذي ذكره يوحنا ولم يسمعه بقية التلاميذ ولهذا لا تناقض في الاعداد بل كالعادة تكميل رائع.

 

ولكي اشرح بتفصيل اريد ان اوضح اولا شكل المتكأ اليهودي ومعني الكلمات وما معني يتكئ في حضنه، لكي نتعايش الموقف فنفهمه أسهل.

اولا معني كلمة متكأ

G345

ἀνακεῖμαι

anakeimai

Thayer Definition:

1) to lie at a table, eat together, dine

Part of Speech: verb

A Related Word by Thayer’s/Strong’s Number: from G303 and G2749

Citing in TDNT: 3:654, 425

يجلس متمدد امام الطاوله يتعشي 

ثانيا معني كلمة حضن 

G2859

κόλπος

kolpos

Thayer Definition:

1) the front of the body between the arms

2) the bosom of a garment, i.e. the hollow formed by the upper forepart of a rather loose garment bound by a girdle or sash, used for keeping and carrying things (the fold or pocket)

3) a bay of the sea

Part of Speech: noun masculine

A Related Word by Thayer’s/Strong’s Number: apparently a primary word

Citing in TDNT: 3:824, 452

مقدمة الانسان ما بين ذراعيه وهو صدر الرداء او خليج البحر وهي كلمة مذكرة 

وهذه الكلمه استخدمة 6 مرات في العهد الجديد

bosom, 5

Luk_6:38Luk_16:22-23 (2), Joh_1:18Joh_13:23

creek, 1

Act_27:39

خمس مرات بمعني موضع ومكانه بما فيهم العدد في يوحنا ومره بمعني خليج

إنجيل لوقا 6: 38

 

أَعْطُوا تُعْطَوْا، كَيْلاً جَيِّدًا مُلَبَّدًا مَهْزُوزًا فَائِضًا يُعْطُونَ فِي أَحْضَانِكُمْلأَنَّهُ بِنَفْسِ الْكَيْلِ الَّذِي بِهِ تَكِيلُونَ يُكَالُ لَكُمْ».

 

إنجيل لوقا 16: 22

 

فَمَاتَ الْمِسْكِينُ وَحَمَلَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ إِلَى حِضْنِ إِبْرَاهِيمَ. وَمَاتَ الْغَنِيُّ أَيْضًا وَدُفِنَ،


إنجيل لوقا 16: 23

 

فَرَفَعَ عَيْنَيْهِ فِي الجَحِيمِ وَهُوَ فِي الْعَذَابِ، وَرَأَى إِبْرَاهِيمَ مِنْ بَعِيدٍ وَلِعَازَرَ فِي حِضْنِهِ،

 

إنجيل يوحنا 1: 18

 

اَللهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ. اَلابْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ هُوَ خَبَّرَ.

 

 سفر أعمال الرسل 27: 39

 

وَلَمَّا صَارَ النَّهَارُ لَمْ يَكُونُوا يَعْرِفُونَ الأَرْضَ، وَلكِنَّهُمْ أَبْصَرُوا خَلِيجًا لَهُ شَاطِئٌ، فَأَجْمَعُوا أَنْ يَدْفَعُوا إِلَيْهِ السَّفِينَةَ إِنْ أَمْكَنَهُمْ.

ولهذا معني الاتكاء في حضن يسوع اي يكون وهو مائل راسه امام كتفي الرب يسوع المسيح  

 

 المجلس اليهودي للاكل

البعض يخطئ بتخيل ان المسيح والتلاميذ جالسين على كراسي كما هو في صورة العشاء الاخير ليوناردو دافنشي المشهورة 

ملف:Leonardo da Vinci (1452-1519) - The Last Supper (1495-1498).jpg

ولكن هذا ليس عادة اليهود فهذا ليس دقيق

 كان الانسان اليهودي يجلس امام طاوله قصيرة الارجل (تشبه الطبلية) ويجلس على وسادة ويتكأ على وساده علي جانبه الايسر ويأكل بيده اليمني.

C:\Documents and Settings\Administrator\Desktop\3.gif

وكان ايضا من نظامهم ان يجلس رئيس المتكأ في صدر القاعه على وساده مرتفعه عن الاخرين ويجلس على يمينه الاكبر سنا او مقاما حسب المناسبه ثم الذي يتلوه في السن او المقام وهكذا في شكل دائري حتى يجلس الاصغر سنا عن يسار رئيس المتكأ 

C:\Documents and Settings\Administrator\Desktop\5.jpg

ولو اراد أحدهم التحدث يستطيع ان يغير وضعه وان يجلس قعودا او يميل علي جانبه اليمين للكلام ولكن وضع الاكل يكون متكئ على يده اليسرى ويأكل باليد اليمنى

C:\Documents and Settings\Administrator\Desktop\8.png

 

والسيد المسيح رئيس المتكأ لانه المعلم وكان غالبا يهوذا الاسخريوطي هو الذي عن يمينه لانه اكبرهم سنا ونتعرف على هذا من ان يهوذا كان معه صندوق النقود وكان دائما في الفكر اليهودي يؤتمن الابن الاكبر على الاموال فهذا يدل ان يهوذا غالبا كان اكبرهم سنا ويكون يوحنا الحبيب الاصغر سنا علي يسار الرب يسوع المسيح ناحية ما هو متكئ  

C:\Documents and Settings\Administrator\Desktop\7.bmp

وهذه الصوره غير دقيقه الي حد منا لانها لم تترك فواصل كافيه بين كل شخص ولم توضح ان رايس المتكا اعلي في المستوي ولكن هي فقط توضيحية  

لو اراد المسيح ان يتحدث مع يهوذا فيجلس قعودا فيكون راسه قريب من اذن يهوذا ولو كلمه بصوت منخفض لا يسمعه الاخرين 

ومتي اراد يوحنا ان يكلم المسيح فيغير يوحنا اتكاؤه بدل من جنبه اليسار الي جنبه اليمين وبهذا يكون راس يوحنا عند تقريبا صدر المسيح 

 

وبعد ان فهمنا معني الكلمات والنظام اليهودي أقدم الاعداد مع شرح مختصر 

انجيل متي 26

26: 20 ولما كان المساء اتكأ مع الاثني عشر 

وهو الوضع كما وضحته سابقا والخلاف كان من الذي يجلس عن يمين المسيح هل بطرس الذي أعلن المسيح انه قوي الايمان ام أحد الثلاثة تلاميذ المقربين الباقيين وهم يعقوب ويوحنا وبخاصه انهم من عائلة غنية ام يهوذا الاسخريوطي لانه غالبا الاكبر سنا وهو ايضا من جماعة الغيوريين المشهورين سياسيا فله مكانة الي حد ما وهو الذي معه الصندوق 

وهذه كانت نقطة نقاش وخلاف سيشرحها أكثر لوقا البشير  

26: 21 وفيما هم يأكلون قال الحق اقول لكم ان واحد منكم يسلمني

وهذا قاله المسيح بصوت مرتفع ليسمعه كل التلاميذ وهنا لفت نظرهم الي هذه الكارثه انه سيسلم الي يد اليهود وهم يعرفون نية اليهود الشريرة من ناحيته وثانية ان الذي سيسلمه هو واحد منهم فهو أخبرهم سابقا أنه سيسلم ولكن مفاجئة أن تسليمه سيكون بواسطة واحد منهم.

26: 22 فحزنوا جدا وابتدأ كل واحد منهم يقول له هل انا هو يا رب

وهنا بدا نقاش اخر بحزن بعد ان أعلن ان أحدهم سيسلمه وكل منهم يسال باضطراب  

ونلاحظ شيئ مهم ان الذي هو في اخر المائده سيحتاج ان يرفع صوته ليسمعه المسيح وسط هذا النقاش والنقاشات الجانبيه اما من هو بجوار المسيح فلا يحتاج ان يرفع صوته لكي يسمعه المسيح  

26: 23 فاجاب و قال الذي يغمس يده معي في الصحفة هو يسلمني 

واعطاهم المسيح علامة لكنهم لم يفهموا 

مع ملاحظة ان هذا كان الطعام العادي قبل اكل الفصح الذي كان به بقدونس في ماء مالح تذكرة لعبور البحر الأحمر وأيضا بعض المكسرات التي تذكرهم بالبرية وغيرها من الطقوس اليهودية كل هذا قبل خروف الفصح نفسه.

26: 24 ان ابن الانسان ماض كما هو مكتوب عنه ولكن ويل لذلك الرجل الذي به يسلم ابن الانسان كان خيرا لذلك الرجل لو لم يولد

وهنا يقول المسيح انذاره وأعلن انه ماض الي الصلب واليهود سيقبضون عليه بطريق او أخر وهو سيسمح بذلك، وهو بهذا يخبر يهوذا حتى يؤكِّد أن ما يتم وإن كان بتدبيرٍ إلهيٍ لكن ما يفعله يهوذا لا يتم بغير إرادته وايضا المسيح سيتمم ارادته وقبوله بالصلب حتى لو لم يخونه يهوذا فلهذا جاء السيد المسيح  

26: 25 فاجاب يهوذا مسلمه و قال هل انا هو يا سيدي قال له انت قلت 

وهنا يهوذا يتكلم بصوت منخفض ويهمس للمسيح وسط هذا الجدال فلم يسمعه الاخرين 

وهو يهمس لسببين الاول هو بالفعل خان المسيح فهو اتفق في اليوم السابق وهو الاربعاء على تسليم المسيح لليهود فلا يجرؤ ان يصرح بهذا ويتمني ان المسيح لا يسمعه ولا يجيبه ولكنه يكرر السؤال كما يقول كل التلاميذ ليبقى مثلهم

الثاني هو انه أقرب شخص للمسيح وفي اتكاؤه متجه ناحية المسيح لان المسيح على يساره وهو علي يمين المسيح وفي هذا عدة معاني ساحاول ان اشرحها باختصار في النهاية ولكن المهم أنه لا يحتاج الا ان يتكلم بصوت منخفض فلهذا لم يسمع الباقي.

وتعبير انت قلت هو تعبير يهودي بالموافقه فهو يقول ليهوذا انا اعلم أنك تخونني ولكن يهوذا لم يستغل هذه اللحظة من المواجهة ولم يعترف بخطيته حتى في الفرصة الأخيرة بل أصر في قلبه على خيانة المسيح 

اما يوحنا الحبيب فيكمل ويوضح زاوية أخرى هامة

انجيل يوحنا 13

13: 18 لست اقول عن جميعكم انا اعلم الذين اخترتهم لكن ليتم الكتاب الذي ياكل معي الخبز رفع علي عقبه

هنا المسيح يذكرهم بالنبوة في المزمور 41: 9 ويقول لهم ان أحدهم سيخونه وبالطبع هذا كان مثير جدا لهم وبخاصه بعد ان غسل المسيح ارجلهم وهو ربهم وسيدهم ومعلمهم 

فهذا امر مثير 

وكما يقول ابونا انطونيوس فكري

ورفع العقب بعد الأكل هو من عمل الحيوان الناكر للجميل الذي بعد أن يأكل العلف يرفس صاحبه (أش3:1) أكل الخبز تعني من يحيا مع الشخص ويلتصق به.

 وهنا كان بداية النقاش والصخب 

13: 19 اقول لكم الان قبل ان يكون حتى متى كان تؤمنون اني انا هو

هو يخبرهم قبل حدوثه فبعد القيامة تنفتح عيونهم ويزداد إيمانهم بالمسيح الذي سيدركون أكثر وقتها أنه كان عالماً بكل شيء حتى خيانة تلميذه، وبالتالي سيفهمون أكثر أنه سلَّم نفسه بإرادته. "إني أنا هو" اي انه يهوه العالم بكل شيء وأنه سلم نفسه بإرادته.  

13: 20 الحق الحق اقول لكم الذي يقبل من ارسله يقبلني و الذي يقبلني يقبل الذي ارسلني 

13: 21 لما قال يسوع هذا اضطرب بالروح و شهد و قال الحق الحق اقول لكم ان واحدا منكم سيسلمني

وهنا يؤكد يوحنا ان كان هناك اضطراب، واضطراب المسيح لأنه انسان كامل ويعرف ما هو اتي عليه وصراع النور والظلمة، والتي سيكون مركزها أي مركز هذه المعركة جسده هو. وهو إضطرب أيضاً لأنه رأي أن الشيطان قد ملأ قلب تلميذه، فخانه هذا التلميذ. ولقد سبق المسيح وإضطرب أمام قبر لعازر وها هو يضطرب أمام يهوذا الميت، فهو لا يرضى أن يتراجع عن الشر. هو إضطراب التنافر بين الحب والخبث، بين النور والظلمة. وإضطرابه ايضا يشير لطبيعته فـ "الله محبة" والله خلقنا على صورته وهو يتألم بشدة إذ نتحول إلى صورة الكراهية والخيانة هذه. 

13: 22 فكان التلاميذ ينظرون بعضهم الى بعض و هم محتارون في من قال عنه

فهم كان بينهم نقاشات كثيره أحدها عن غسل الارجل فقط والاخر عن المكانه في الجلوس والثالثه عن تفسير المزمور وما معني الذي ياكل معي الخبز رفع على عقبه وايضا من المقصود بواحد منكم سيسلمني  

13: 23 و كان متكئا في حضن يسوع واحد من تلاميذه كان يسوع يحبه

وهو يوحنا الحبيب علي يسار يسوع وهو لو مال الي اليمين كما شرحت يكون عند صدر يسوع  

13: 24 فاوما اليه سمعان بطرس ان يسال من عسى ان يكون الذي قال عنه

فاوما اليه بطرس يؤكد ان هناك كان بعض الضجيج وان بطرس بعيد عن مكان جلوس يوحنا فلا يستطيع ان يكلمه من بعد 

وايضا هذا يوضح بان بطرس يشاور الي يوحنا ان يسال يوحنا الرب يسوع المسيح في السر وهذا يؤكد ان كلام المسيح مع يوحنا لم يكن مسموع لبقية التلاميذ ولكن بصوت منخفض بينهما  

13: 25 فاتكا ذاك على صدر يسوع و قال له يا سيد من هو

وشرحت معني اتكأ علي صدر يسوع بمعني ان يوحنا يتجه بدل من الاتكاء على يساره الي ان يتكئ على يمينه ليكلمه المسيح بصوت منخفض وهو يكون بهذا راسه مقابل صدر يسوع 

وساله يوحنا في السر عن هذا الشخص فكشف له المسيح بعلامه  

13: 26 اجاب يسوع هو ذاك الذي اغمس انا اللقمة و اعطيه فغمس اللقمة و اعطاها ليهوذا سمعان الاسخريوطي

ورئيس المتكا هو الذي له الحق ان يعطي لاخر لقمه مغموسه من طبق رئيس المتكأ وفعل المسيح ذلك مع مع يهوذا ولكن المتكئين لا يتجرؤون ان يغمسوا في طبق رئيس المتكأ الا لو سمح لهم الرئيس بهذا 

وهذا يفسر كيف تجراء يهوذا ومد يده ليغمس في طبق المسيح وهذا لان المسيح كما شرح لنا يوحنا سمح له بهذا 

ويهوذا حتى الان مصر على عدم الاعتراف والتوبه ومصر على ان يكمل خيانة المسيح وتسليمه وهذا يدل ان كان هناك فتره بين سؤال يهوذا واجابة المسيح له بانه هو المقصود وبين هذه اللحظه الذي اعطاه المسيح اللقمه وكل هذا الوقت لم يعترف يهوذا 

وكما يقول ابونا انطونيوس فكري

ونلاحظ هنا رقة المسيح، فهو للآن لا يريد أن يجرح مشاعر يهوذا. ونلاحظ أن غمس اللقمة في صحن به مزيج من عصير الفواكه (را 13:2-14) الممزوج بالنبيذ هو تقليد فصحي. كان رب البيت يُكَرِم الإبن الأكبر بغمس لقمة فيه ويعطيها له. فالمسيح حتى الآن يُكَرِم يهوذا ولم يجرحه بكلمة، ويعطيه آخر فرصة. ولكن في (مت23:26) نرى أن يهوذا هو الذي مدّ يده في الصحفة ولكن العلامة أعطيت ليوحنا فقط.  وتفسير هذا إمّا أن المسيح وجده يمد يده في الصحفة، فبادره هو بتقديم لقمة مغموسة إليه، ربما لأن الصحفة أقرب للمسيح أو بعد أن كرّمه المسيح وأعطاه لقمة مغموسة من الصحفة تجرأ هو ومدّ يده ورآه التلاميذ يمد يده. لاحظ رقة السيد المسيح فهو لم يرد أن يفضح يهوذا بالإسم، فإستخدم علامة الغمس في الصحفة حتى لا يجرح مشاعره. وهي علامة تدل على إكرام الشخص (الإبن الأكبر أو الضيف العزيز) وربما لو أدرك شخص مندفع كبطرس ما يحدث، ربما كان سيقتل يهوذا.

13: 27 فبعد اللقمة دخله الشيطان فقال له يسوع ما انت تعمله فاعمله باكثر سرعة

وهنا اضاع يهوذا اخر فرصه له لكي يتوب وبرفضه التام للتوبه وقبوله للشر دخله الشيطان وهنا المسيح يوجه حواره للشيطان ويهوذا بقول ما انت فاعله فافعله باكثر سرعه 

ولم يكن هذه اللقمه هي الفصح لان الفصح لايكون فيه غمس  

13: 28 و اما هذا فلم يفهم احد من المتكئين لماذا كلمه به

والتلاميذ لم يفهموا ما يحدث وهذا لأنهم لم يسمعوا الحوار الجانبي بين المسيح ويهوذا ولا بين المسيح ويوحنا ولهذا فسروا بالآتي  

13: 29 لان قوما اذ كان الصندوق مع يهوذا ظنوا ان يسوع قال له اشتر ما نحتاج اليه للعيد او ان يعطي شيئا للفقراء

وهو كان معه الصندوق لانه غالبا كان الاكبر سنا ولاحظ أن المسيح وتلاميذه بالرغم من فقرهم كانوا يعطون الفقراء.

وعن موضوع العيد هذا شرحته في ملف عشاء الفصح  

13: 30 فذاك لما اخذ اللقمة خرج للوقت و كان ليلا 

وغالبا هو خرج بدون استئذان من المسيح واعتمد على كلمة ما أنت فاعله.

 

مرقس البشير تكلم باختصار شديد كعادته 

انجيل مرقس 14

14: 17 و لما كان المساء جاء مع الاثني عشر 

14: 18 و فيما هم متكئون ياكلون قال يسوع الحق اقول لكم ان واحدا منكم يسلمني الاكل معي 

14: 19 فابتداوا يحزنون و يقولون له واحدا فواحدا هل انا و اخر هل انا

فهم يتساءلون معا وهذا ضجيج  

14: 20 فاجاب و قال لهم هو واحد من الاثني عشر الذي يغمس معي في الصحفة

اعطاهم العلامه ومرقس البشير لا يكمل الشرح  

14: 21 ان ابن الانسان ماض كما هو مكتوب عنه و لكن ويل لذلك الرجل الذي به يسلم ابن الانسان كان خيرا لذلك الرجل لو لم يولد 

وهذا تاكيد ان المسيح ماض الي الصلب بارادته سواء يهوذا خانه او لم يخونه ولهذا يهوذا هو بلا عذر وقد أعلن المسيح له ان لا يفعل ذلك لان المسيح سيصلب حتى بدون خيانة يهوذا ولكن لو سلم للصلب بخيانة يهوذا سيكون ليهوذا شر كثير 

ولكن يهوذا قسي قلبه ولم يستمع

 

لوقا البشير لا يتبع الترتيب المعداد فاهتم بعشاء الفصح وذكره اولا رغم انه تم بعد موضوع علامة يهوذا والحوار وخروج يهوذا من المتكأ 

انجيل لوقا 22

22: 14 و لما كانت الساعة اتكا و الاثني عشر رسولا معه 

22: 15 و قال لهم شهوة اشتهيت ان اكل هذا الفصح معكم قبل ان اتالم 

22: 16 لاني اقول لكم اني لا اكل منه بعد حتى يكمل في ملكوت الله 

22: 17 ثم تناول كاسا و شكر و قال خذوا هذه و اقتسموها بينكم 

22: 18 لاني اقول لكم اني لا اشرب من نتاج الكرمة حتى ياتي ملكوت الله 

22: 19 و اخذ خبزا و شكر و كسر و اعطاهم قائلا هذا هو جسدي الذي يبذل عنكم اصنعوا هذا لذكري 

22: 20 و كذلك الكاس ايضا بعد العشاء قائلا هذه الكاس هي العهد الجديد بدمي الذي يسفك عنكم 

22: 21 و لكن هوذا يد الذي يسلمني هي معي على المائدة 

22: 22 و ابن الانسان ماض كما هو محتوم و لكن ويل لذلك الانسان الذي يسلمه 

22: 23 فابتداوا يتساءلون فيما بينهم من ترى منهم هو المزمع ان يفعل هذا 

22: 24 و كانت بينهم ايضا مشاجرة من منهم يظن انه يكون اكبر

وهذه لم يذكرها بقية المبشرين ولكن كما قلت ان المبشرين يكملون كلام بعضهم بعضا فيشرح لوقا ان كان هناك خلاف ونقاش وضجيج اخر عن المكانه ومن يجب ان يجلس عن يمين المسيح وبخاصه ان هذا حدث بعد فتره من موضوع طلب ام ابني زبدي وابنيها من الرب يسوع المسيح ان يجلس أحدهم عن يمينه والاخر عن يساره ويوحنا لانه الاصغر عن يسار المسيح والخلاف كان عن الموضوع اليمين هل هو من نصيب بطرس ام يعقوب ام يهوذا والاخرين ايضا اشتركوا في هذا الخلاف فكلهم حتى الان ضعفاء لم يحل عليهم الروح القدس بعد 

وهو ظنوا أن الذي يجلس أقرب للسيد سيكون له مركزاً أكبر حين يملك السيد. 

22: 25 فقال لهم ملوك الامم يسودونهم و المتسلطون عليهم يدعون محسنين

محسنين يقصد هم يسمونهم هكذا تملقاً. وهم يسمون أنفسهم هكذا إذا قدموا خدمات لبلادهم بل هم يعطون عطايا وخدمات ليسميهم الشعب هكذا. ولكن الأمم الوثنيين يفهمون أن المحسنين يجب أن يتسلطوا. وهنا المسيح يشرح لهم أن الأفضل أن يخدموا الآخرين من أن يسودوا ويترأسوا عليهم. والمسيح هنا ينسب التسلط للأمم وليس لاولاد النور الذين يخدمون الاخرين ولا يهتموا بالمكانه العالمية. 

22: 26 و اما انتم فليس هكذا بل الكبير فيكم ليكن كالاصغر و المتقدم كالخادم 

22: 27 لان من هو اكبر الذي يتكئ ام الذي يخدم اليس الذي يتكئ و لكني انا بينكم كالذي يخدم 

وهنا المسيح يعطيهم درس في هذا الامر وغالبا هذه النقطه اتت في منتصف حوار المسيح عن الذي سيسلمه ولهذا لم يفهموا او لم يستوعبوا عندما اعطي المسيح في النهاية اللقمه ليهوذا لأنهم انشغلوا بامور اخري والجلوس عن يمين المسيح  

 

بعض الرموز 

يهوذا كان المسيح علي يساره فالمسيح لم يكن موضع اهتمام بالنسبه له ويهوذا يحب العالم والمكانة العالميه أكثر من محبته لالهه الرب يسوع المسيح ولهذا استحق العقاب. فمن يضع المسيح على يساره ويكون اقل من اهتماماته العالمية يخسر ابديته.

يوحنا كان المسيح على يمينه فهو ترك كل شيئ في العالم حتى مكانة ابيه وغناه واتبع المسيح فاستحق ان يفوز بالمسيح ومحبته. وهكذا من يضع المسيع على يمينه ويكون المسيح اهم شيء في حياته يفوز بالمسيح. 

يهوذا كان الاكبر في المجلس بعد رئيس المتكأ الرب يسوع المسيح المعلم وهو بهذا يشبه الابن الاكبر في مثل الابن الضال الذي لا يحب ابيه ولا اخوته محبة حقيقيه بل يحقد ويطلب مجد نفسه ويرفض ان يدخل بيت الاب ولا يعترف بخطيته. وهكذا كل من يرفض الاعتراف بخطيته. 

يوحنا يمثل الابن الاصغر الذي كان ضال وعندما وجد ابيه السماوي أسرع الي حضن ابيه وفرح بابيه وابيه فرح به وهو يعرف ويقر بخطيته ويعرف انه غير مستحقة محبة الاب ففاز بها. 

المسيح على يمينه يهوذا وهو يمثل كل خاطي مثل الخروف الضال فالمسيح يبحث عنه ويريد ان يرجعه ويفرح بخاطئ واحد يتوب أكثر من تسعه وتسعين بار لا يحتاجون الي توبة ولو أصر الخاطئ الذي هو علي يمين الرب ان يرفض الرب يخسر هذه المكانة ويخرج من محضر الرب مثل يهوذا ويصير هو على اليسار في كرسي المسيح ويدان الدينونه الابديه ويخسر المكانه اليمين وينال بدلها اليسار. فكل انسان خاطي المسيح فاتح باب التوبة قبل تنتهي الفرصة. 

والمسيح على يساره يوحنا فهو يحب يوحنا جدا محبه ابويه ولكنه يهتم بالخاطي أكثر من يوحنا 

إنجيل مرقس 2: 17

 

فَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ قَالَ لَهُمْ: «لاَ يَحْتَاجُ الأَصِحَّاءُ إِلَى طَبِيبٍ بَلِ الْمَرْضَى. لَمْ آتِ لأَدْعُوَ أَبْرَارًا بَلْ خُطَاةً إِلَى التَّوْبَةِ».

لأنه عنده رجاء ان يتوب الخاطئ ولكن يثق في محبة يوحنا فيتركه عن يساره قليلا ليثبت تمسكه بالمسيح. ويوحنا بتمسكه يتحول من يسار المسيح الي يمين المسيح في الدينونه ويفوز بالابديه مع المسيح 

ولهذا يجب علينا عندما نشعر ان الرب يتركنا قليلا هذا ليس معناه انه لا يحبنا ولكنه يثق في قوة محبتنا ولهذا يجب ان نتقوي في محبته أكثر ونفرح به حتى في الشدائد التي في الظاهر هو ابتعد عنا ولكن في الحقيقة هو يريد أن يجعلها فرصة لنا لنقترب اليه أكثر ونعرف محبته أكثر. 

والمسيح أعطى اللقمة ليهوذا فرصة أخيرة لكي يعترف بخطية. فلا يجب ان نحزن عندما نجد ان الرب يعطي الخطاه والاشرار اشياء مثل الغني والمكانه والصحه فهو يهتم بهم لكي يتوبوا قبل ان تضيع الفرصه وهو يفعل ذلك لانه يعرف ان محبتهم ضعيفة فلن يتحملوا بعده. 

بإعطاء اللقمة ليهوذا هو يسمح للخطاه بان ياخذوا عطايا لا ياخذها احيانا ابناؤه ولكن هذا ليعطيهم اخر فرصه للتوبه ولو رفضوا يكون لهم أشر

ويهوذا لما اخذ اللقمة خرج للوقت وكان ليلا ويعني انه ترك نور المسيح وذهب الي الظلمه لانه أحب الظلمه أكثر من النور وهو يشبه الانسان الذي يعطيه المسيح عطية من مال او ذكاء او قوه او مكانه ويستغلها لمصالحه الشخصيه وشهواته ويفعل بها الشر ويضايق اخوة الرب وابناؤه فيكون له الظلمة الخارجيه ونصيبه مع الشيطان 

ابناء الرب الذين في التجارب بانحنائه بسيطه الي اليمين بدل من اليسار يكونوا في حضن ابيهم السماوي اما من يركز نظره على اليسار فيري التجربة والشدائد فقط ولهذا يجب ان نضع المسيح بيننا وبين التجربه ولا نضع التجربه بيننا وبين المسيح 

الخطاه المتكئين على اليسار فقط التفاته بصوت هامس في توبة واعتراف بالخطية يفوزوا بالمغفرة فبداية طريق التوبة هو فقطة يحتاج همسة من الخاطئ للرب

يهوذا اهتم بالمكانة الاولي على الارض فاخذ المكان الاخير المظلم. ويوحنا قبل المكانه الاخيره على الارض ففاز بالمكانه الاولي مع المسيح نور الحياة

 

وايضا المعني الروحي 

من تفسير ابونا تادرس يعقوب واقوال الاباء

ظن التلاميذ أنه إذ غمس السيد القمة وأعطاها ليهوذا إنما لكي يستعجله في تنفيذ أمرٍ ما ولا ينتظر حتى يتعشى معهم.

كما همس يوحنا في أذني السيد هكذا أجابه همسًا، حتى لا يسمع بقية التلاميذ. وعوض ذكر اسمه اكتفى بتقديم علامة، حتى تدرك الأجيال القادمة أن الله يود أن نتعرف على مقاومي الحق، لا بذكر أسمائهم، وإنما خلال ثمارهم الشريرة وروحهم.

يبدو أن يهوذا في خجل لم يتجاسر ويغمس اللقمة ويأكل من ذات الصحفة التي يأكل منها السيد المسيح وتلاميذه، لكن غمس السيد اللقمة وأعطاه ليمد يده ويأكل مع التلاميذ، إذ يود السيد أن يتذكر سمو مركزه ومساواته للتلاميذ.

واضح من تصرف السيد مع يهوذا أن الأخير كان يجلس بالقرب منه، ربما لأنه كان أمين الصندوق، فكان التلاميذ يتركون له موضعًا قريبًا، حتى إن احتاج السيد إلى شيء للخدمة يكون يهوذا قريبًا منه.

حقًا كثيرون يقتربون من السيد المسيح حسب الجسد بل ويزحمونه أينما ذهب، لكن قلوبهم بعيدة عنه جدًا. وآخرون يبدون كمن هم بعيدين عنه وهم يحملونه في قلوبهم وأفكارهم، ويحملهم السيد فيه كأعضاء في جسده المقدس.

يرى القديس يوحنا الذهبي الفم أن السيد المسيح استخدم معيهوذا كل وسيلة لعله يرتدع عما يفعله، فقد عُرف حتى بين القبائل المتبربرة أنهم لا يخونون من يأكلون معهم من طعام واحد. لذلك جعل الرب العلامة التي يُعرف بها الخائن هي أن يغمس السيد نفسه اللقمة ويعطيه ليأكل من ذات الطعام، ومع ذلك خان من قدم له الطعام.

v     حتى طريقة توبيخه حُسبت بطريقة تجعله في خزي. إذ لم يحترم المائدة التي اشترك فيها بأكل الخبز، لكن ألم تقدر أخذ اللقمة من يد (السيد) أن تغلبه؟ إنها لم تغلبه[1386]!

القديس يوحنا الذهبي الفم

v     ما ناله كان حسنًا، ولكن ناله لضرره، لأنه بروح شرير قبل ما هو صالح[1387].

v     الأمر الهام ليس ما هو الذي يُعطى بل من هو الشخص الذي يتقبل العطية، ليس طبيعة الشيء المُعطاة بل طبيعة ذاك الذي ينالها. فإنه حتى الأمور الصالحة ضارة، والأمور الشريرة نافعة حسب شخصية من يتقبلها... لماذا أُعطى الخبز للخائن، إلاَّ ليكون شهادة عن النعمة التي استخدمها بجحود؟[1388]

القديس أغسطينوس

v     إذ رأى يسوع ذاك الذي دخل، وذاك الذي استقبله، وكل الخطة التي وُضعت ضده تجرد للمعركة، ولكي يغلب الشرير من أجل خلاص البشر قال: "ما أنت تعمله فأعمله بأكثر سرعة[٢٧][1389]

العلامة أوريجينوس

v     قال يوحنا الرسول عن يهوذا: "بعد اللقمة دخله الشيطان ضاحكًا على وقاحته".لقد نطق بهذا، ليس لكي يرعبهم بل ليعزيهم، حتى لا تحل بهم المخاطر فجأة فيزداد اضطرابهم[1390].

v     إذ كان مرتبطًا بجماعة من التلاميذ لم يجسر (الشيطان) أن يقفز إليه، إنما كان يهاجمه من الخارج، لكن عندما أعلن عنه المسيح وفصله عنهم قفز إليه الشيطان دون خوفٍ[1391].

v    "أعمله بأكثر سرعة" تعبير لا يصدر عمن يوصى بأمرٍ ما، ولا من يقدم نصيحة، بل من يوبخ ويظهر له أنه يود إصلاحه، ولكن إذ كان لا سبيل لتقويمه دعاه يذهب[1392].

القديس يوحنا الذهبي الفم

v     بعد أخذه هذا الخبز دخل الشيطان في خائن الرب، إذ سُلم لسلطانه ليملك بالكامل على ذاك الذي دخله في قلبه لكي يقوده إلى الخطأ.

لسنا نفترض أن الشيطان لم يكن فيه قبلاً حين ذهب إلى اليهود ودخل معهم في صفقة بخصوص ثمن خيانة الرب، إذ يقول الإنجيلي لوقا بكل وضوح: "فدخل الشيطان في يهوذا الذي يُدعى الاسخريوطي، وهو من جملة الاثني عشر، فمضى وتكلم مع <>

رؤساء الكهنة" (لو ٢٢: ٣–٤)... دخوله الأول عندما زرع في قلبه فكر خيانة المسيح، فإنه بروحٍ كهذا جاء إلى العشاء. أما الآن بعد الخبز دخله لا ليجرب من هو يتبع آخر بل ليملك على من هو له[1393].

v     إنه ليس كما يظن بعض القراء غير المفكرين بأن يهوذا تسلم جسد المسيح. إذ نفهم أن الرب كان قد قدم للكل سرّ جسده ودمه حين كان يهوذا أيضًا حاضرًا كما هو واضح جدًا من قصة القديس لوقا (لو ٢٢: ١٩–٢٢). وإنما بعد ذلك نأتي إلى اللحظة التي بحسب ما رواه يوحنا قدم الرب كشفًا عن خائنه بتغميس لقمة الخبز وإعطائها له، ربما ملمحًا بغمز الخبز إلى المزاعم الباطلة للآخر. فإن غمس الشيء لا يعني دومًا غسله، بل أحيانا يُغمس الشيء لكي ما يُصبغ. فإن أخذناه بالمعنى الصالح هنا للغمس فإنه جحود لما هو صالح كان يستحق الإدانة[1394].

v    "اعمله بأكثر سرعة" [٢٧]، ليس لأنك تحمل سلطانًا في ذاتك، ولكن لأن (يسوع) يريد ذلك، ذاك الذي له كل السلطة[1395].

القديس أغسطينوس

v     لم يجعل السيد المسيح ما سيفعله يهوذا ظاهرًا، لأنه لو علم تلاميذه بذلك لعلهم كانوا قد عزلوه، ولعل بطرس كان قد قتله، فلهذا السبب لم يعرف السيد المسيح أحدًا من المتكئين ولا يوحنا الرسول عنه... ولم يشأ السيد المسيح أن يشّهر بيهوذا إلى اليوم الأخير من الأيام التي لبث فيها معه، وهذا ما يجب علينا أن نعمله، فلا نشهر بخطايا الموجودين معنا، ولو كان حالهم حال من قد خاب من الشفاء.

القديس يوحنا الذهبي الفم

 

والمجد لله دائما