هل رفض السامريين المسيح ام قبلوه ؟ لوقا 9: 52-53 و يوحنا 4: 39-40



Holy_bible_1



الشبهة



يقول لوقا 9: 52-53 بوضوح ان السامريين لم يقبلوا المسيح ولكن في يوحنا 4 في نهاية قصة السامرية وحوارها مع المسيح يوضح ان السامريين قبلوه وهذا تناقض



الرد



الحقيقه لا يوجد اي تناقض فما يتكلم عنه لوقا البشير هو موقف يختلف زمانا ومكانا واحداثا عن ما يتكلم عنه يوحنا الحبيب

وندرس الاعداد معا لنتاكد من ذلك

انجيل لوقا 9

9: 37 و في اليوم التالي اذ نزلوا من الجبل استقبله جمع كثير

ما يتكلم عن لوقا البشير زمنيا هنا هو بعد حادثة التجلي قرب نهاية خدمة الرب يسوع المسيح ولكن عندما نرس يوحنا سنتاكد انه زمن مختلف في بداية خدمة الرب يسوع



9: 51 و حين تمت الايام لارتفاعه ثبت وجهه لينطلق الى اورشليم

وهنا لوقا البشير بتعبير تمت الايام يقصد إنتهى زمن التعليم وصنع المعجزات وأتى وقت الصليب فهو ايضا يؤكد ان الزمن في نهاية فترة خدمة السيد المسيح

والمسيح مكانيا قادم من منطقة الجليل وذاهب الي اليهودية وفي هذه الرحلة لابد ان يمر بمنطقة السامرة لانها هي المنطقة التي تفصل بين الجليل شمالا وبين اليهودية جنوبا

والمشكك يتخيل ان السامريين يعيشون في قريه واحده وهذا غير صحيح فالسامره في زمن المسيح منطقه كبيره بها مدن وقري كثيره ولكن لوقا البشير يحدد انه يتكلم عن قريه واحده فقط وليس كل منطقة السامره فيقول



9: 52 و ارسل امام وجهه رسلا فذهبوا و دخلوا قرية للسامريين حتى يعدوا له

فالمسيح لا يترك فرصه لكي يبشر ويعد تلاميذه رغم انه يعلم مسبقا ان هذه القرية سيرفضوه وهو سيستخدم هذا الرفض لتصحيح مفاهيم ابني الرعد

وتعبير يعدوا له اي انه ارسل تلاميذه يعدون له ليستريح من عناء السفر وليكرز لهم

9: 53 فلم يقبلوه لان وجهه كان متجها نحو اورشليم

اي ان سبب الرفض ليس لانهم عرفوا انه المسيح فرفضوه ولكن لانه يهودي متجه الي اورشليم وهناك عداء شديد قديم بين السامريين واليهود وفكره مختصره عن تاريخهم

عندما غزا سرجون السامرة عام 722 ق.م. سبي من سكانها 27280 شخصاً. وترك بعض السكان الأصليين, وإذ وجد أنهم متمردون دبّر خطة يقتل بها وطنيتهم الثائرة, فنقل شعباً من بابل وحماة والعربية إلى السامرة (2 ملوك 17: 24) وصار هؤلاء هم السامريين, وظلوا يمارسون عباداتهم التي اعتادوها قبل المجيء إلى السامرة.

وكان بسبب الحروب المتواصلة أن قلّ عدد السكان, فكثرت الوحوش البرية في الأرض التي استعملها الله عصا تأديب وقد قتلت بعض تلك الوحوش سكان الأرض الجدد, فاعتقدوا أن "إله الأرض" غاضب عليهم, فأرسلوا يستغيثون بملك آشور, الذي أرسل إليهم أحد الكهنة ليعلمهم فرائض إله الأرض وجاء الكاهن وسكن في بيت إيل. على أن الكاهن لم يقدر أن يجعلهم يتركون عبادات أصنامهم, فظلوا يمارسون عبادة الله كما في أسفار موسى. كما يمارسون عبادة الأصنام (2 ملوك 17: 25 - 33) وظلوا يمارسون هذه العبادة المزدوجة حتى سقوط أورشليم عام 586 ق.م. (2 ملوك 17: 34 - 41) وظل أسرحدون ينفذ الخطة التي نفذها جده سرجون (عزرا 4: 2).

وعندما عاد المسبيون جاء السامريون وطلبوا من زربابل أن يشتركوا معه في بناء الهيكل قائلين أنن كنا نعبد الر إله إسرائيل منذ أيام أسرحدون (عزرا 4: 2) ولكن زربابل رفض الطلب, فلم يطلب أهل السامرة الاشتراك في البناء مرة أخرى, بل عملوا على محاربة اليهود في البناء, وانضموا إلى أعداء اليهود في تعطيل البناء, كما عملوا بعد ذلك على تعطيل بناء السور (نحميا 4: 1 - 23).  وكان قائدهم في هذه الحركة الأخيرة سنبلط الحوروني. وكان منسى الكاهن, وهو واحد من بني يوياداع بن ألياشيب الكاهن العظيم صهراً لسنبلط, فطرده نحميا من الكهنوت, فاغتاظ سنبلط من ذلك كثيراً وساعد نسيبه الذي التجأ إليه فبنى هيكلاً في جرزيم وأقام نفسه رئيس كهنة لهيكل جرزيم عند السامريين سنة 332ق.م بمساعدة سنبلط حميه، الذي وعده بهذا إن لم يطلق إبنته. وصارت العبادة في جرزيم صورة طبق الأصل من هيكل أورشليم. ولم يبنى ثانية وكان بعض اليهود الهاربين من القانون في أورشليم يذهبون إلى هيكل جرزيم للعبادة, فكانوا يقابلونهم بترحيب كبير.

واستمر عداء السامريين لليهود, فعندما نجَس أنطيوخس أبيفانيس هيكل أورشليم بتقديم خنزيرة على مذبحه, أعلن السامريون أنهم لا ينتمون إلى الأصل اليهودي أبداً, وأعلنوا ولاءهم للطاغية بأن كرسوا هيكلهم على جبل جرزيم هيكلاً للإله زفس حامي الغرباء.

وفي عام 128 استولى يوحنا هيركانوس على شكيم وجرزيم وأخرب الهيكل هناك بعد بنائه بمئتي سنة, ولكن السامريين ظلّوا يقدّمون قرابينهم على الجبل حيث كان هيكلهم. وكانوا يفعلون هذا حتى جاء المسيح إلى أرضنا (يوحنا 4" 20 و 21). وفي عام 6 ق.م. ألقى بعض السامريين عظاماً نجسة في هيكل أورشليم, فصار اليهودي يستنكف من أن ينجس شفتيه بنطق كلمة "سامري", وكان يحسب طعام السامري نجساً كلحم الخنزير.

وهكذا كان العداء مستحكماً بين اليهود والسامريين, ولم يكن اليهود يسمحون بأي علاقة اجتماعية أو دينية مع السامريين وكان من العسير أن يمر يهودي في أرض السامرة خصوصاً لو كان متجهاً لأورشليم، والسبب أن السامريون كانوا يعتدون عليه ويضربونه .

وفي زمن المسيح لم تكن عقائدهم اللاهوتية تختلف عن عقائد اليهود وخصوصاً عقائد الصدوقيين منهم, وكانوا مثلهم ينتظرون "المسيا" على أنهم لم يقبلوا من العهد القديم إلا أسفار موسى ويعترفون بجبل جرزيم حيث صلي يشوع وليس باورشليم.

ولكن هذه القريه لم يعرفوا ان يسوع هو المسيح المنتظر الذي تنبأ عنه موسى

وهنا المسيح يستغل الفرصه ويعلم تلميذيه شيئ مهم

9: 54 فلما راى ذلك تلميذاه يعقوب و يوحنا قالا يا رب اتريد ان نقول ان تنزل نار من السماء فتفنيهم كما فعل ايليا ايضا

9: 55 فالتفت و انتهرهما و قال لستما تعلمان من اي روح انتما

أي أنتم قد تغافلتم عن ماهية الروح الذي فيكم، والذي أريده لكم، والذي يقود للسلام والوداعة والمحبة وعدم مقاومة الشر بالشر، والرغبة في خلاص الأشرار وليس روح النقمة والإفناء. أما روح الإنتقام والإفناء فهي من عدو الخير وليس من روح الله القدوس الذي يسكب المحبة في قلوبنا.

9: 56 لان ابن الانسان لم يات ليهلك انفس الناس بل ليخلص فمضوا الى قرية اخرى

وهنا يوضح لوقا البشير ان المسيح ترك قرية السامريين هذه ومضي الي قرية اخري . وكما قلت سابقا ووضحت بالخريطه ان المنطقه كلها مدن وقري للسامريين فالقريه الثانيه التي مضي اليها المسيح ولم ترفضه هي غالبا ايضا قريه للسامريين

فلوقا نفسه يرد علي تعميم المشكك بتعبير مضوا الي قرية اخري لان المشكك عمم بان اعتبر رفض قرية سامريين للمسيح كما لو كان رفض كل السامريين في كل مدنهم وقراهم للمسيح وهذا خطأ كبير سقط فيه المشكك



اما يوحنا الحبيب

انجيل يوحنا 4

4: 1 فلما علم الرب ان الفريسيين سمعوا ان يسوع يصير و يعمد تلاميذ اكثر من يوحنا

4: 2 مع ان يسوع نفسه لم يكن يعمد بل تلاميذه

4: 3 ترك اليهودية و مضى ايضا الى الجليل

4: 4 و كان لا بد له ان يجتاز السامرة

4: 5 فاتى الى مدينة من السامرة يقال لها سوخار بقرب الضيعة التي وهبها يعقوب ليوسف ابنه

4: 6 و كانت هناك بئر يعقوب فاذ كان يسوع قد تعب من السفر جلس هكذا على البئر و كان نحو الساعة السادسة

الزمن الذي يتكم عنه يوحنا الحبيب هو في بداية خدمة الرب يسوع المسيح بعد معجزة قانا الجليل وذهابه الي الهيكل والتطهير الاول ثم في طريق رجوعه من اورشليم الي الجليل فهو زمنيا يسبق الموقف الذي يتكلم عنه لوقا البشير بثلاث سنين علي الاقل

والمكان ايضا مختلف فهو من اورشليم الي الجليل مرورا بمنطقة السامره وليس العكس الذي تكلم عنه لوقا البشير . فيوحنا يتكلم عن المسيح متجه من الجنوب الي الشمال ولوقا يتكلم عن المسيح متجها من الشمال الي الجنوب

وثالثا لوقا البشير تكلم عن قريه صغيره للسامريين اما يوحنا الحبيب يتكلم عن مدينة كبيره للسامريين اسمها سوخار



فالمسيح بشر اولا السامريه وهي عرفت ان يسوع هو المسيح المنتظر

4: 28 فتركت المراة جرتها و مضت الى المدينة و قالت للناس

4: 29 هلموا انظروا انسانا قال لي كل ما فعلت العل هذا هو المسيح

4: 30 فخرجوا من المدينة و اتوا اليه

بل ايضا المسيح بشرهم بنفسه

4: 39 فامن به من تلك المدينة كثيرون من السامريين بسبب كلام المراة التي كانت تشهد انه قال لي كل ما فعلت

4: 40 فلما جاء اليه السامريون سالوه ان يمكث عندهم فمكث هناك يومين

4: 41 فامن به اكثر جدا بسبب كلامه

4: 42 و قالوا للمراة اننا لسنا بعد بسبب كلامك نؤمن لاننا نحن قد سمعنا و نعلم ان هذا هو بالحقيقة المسيح مخلص العالم

4: 43 و بعد اليومين خرج من هناك و مضى الى الجليل

فتاكدنا بهذا ان لا يوجد اي تناقض



واخيرا المعني الروحي

من تفسير ابونا تادرس يعقوب واقوال الاباء

أولاً: يقول الإنجيلي "حين تمَّت الأيَّام لارتفاعه" [51]، مستخدمًا ذات التعبير "ارتفاعه" الذي استخدم عند ارتفاع إيليََّا (2 مل 2: 9-11)، وفي تمجيد العبد المتألِّم (إش 42: 1) وعند صعود السيِّد المسيح (أع 11: 1-2)... وكأنه إذ قرُبت أيَّام السيِّد المسيح ليتمجَّد بدخوله إلي الآلام كعبدٍ ليعبُر إلي أمجاده صاعدًا إلي السماوات ثبَّت وجهُه منطلقًا نحو أورشليم، مركز المحاكمة وتدبير صلبه! فقد جاء لأجل هذه الساعة لكي يتألَّم عنَّا فيمجدنا معه وبه وفيه.

ذهب إلى أورشليم منطلقًا، كأنه يود أن يُسرع بالأحداث التي ترقَّبتْها كل الأجيال بكونها عمل الله الخلاصي، به يتمجَّد المؤمنون.

ثانيًا: رفضته قرية للسامريِّين، والسامريُّون كما نعلم هم غرباء نازحون من بابل ليقطُنوا عِوض المسبيِّين من إسرائيل سنة 721 ق.م، فجاءت عبادتهم خليطًا بين اليهوديَّة والوثنيَّة، لا يقبلون من العهد القديم سوى أسفار موسى؛ وكان اليهود لا يطيقون السامريِّين، وأيضًا السامريُّون لا يطيقون اليهود.

رفضت القرية أن تقبل المخلِّص، فاستأذن يعقوب ويوحنا السيِّد المسيح أن يطلبا كإيليَّا نارًا من السماء (2 مل 1: 10-11) فتفنيهم. ولعلَّه بسبب هذا الروح المتَّقد دعاهما السيِّد "بُوَانرْجس" أي اِبنيْ الرَعد
(
مر
3: 17). لكن الرب رفض موبِّخًا إيَّاهما، فإنه ما جاء ليَدين بل ليُخلِّص. إنه طويل الأناة، ينتظر توبة الجميع، وبالفعل قَبلت السامرَّة الإيمان فيما بعد (أع 8: 5-25).

لم يأت السيِّد المسيح ليصطاد النفوس للإيمان قهرًا، إنما بالحب وطول الأناة، لأن من يقبل الإيمان عن خوف سرعان ما يتركه، أما من يقبله خلال الحب فيثبت فيه. يقول القدِّيس يوحنا الذهبي الفم: [يليق بنا أن نستخدم اللطف في اِستئصال المرض، فإن من يُصلح حاله خلال الخوف من آخر، يعود بسرعة فيسقط في الشرّ[309].]

لقد طلب التلميذان أن تنزل نارًا من السماء للإفناء، لكن الرب يقدِّم نفسه صديقًا سماويًا كندى يطفئ لهيب الشهوات، وإن أرسل نارًا فهو يقدِّم روحه القدُّوس الناري يلهِب القلب حبًا لا اِنتقامًا!



والمجد لله دائما