لماذا صنع المسيح معجزة الاعمى علي مرحلتين ؟ مرقس 8: 22-26 و مرقس 7: 33

 

Holy_bible_1

 

الموضوع 

 

البعض يعتبر ان الرب يسوع المسيح لانه صنع معجزت شفاء الاعمي منذ ولادته علي مرتين هذا ضعف منه لانه لم يصنعها علي مرحلة واحدة  

 

الشرح 

 

الحقيقة المعجزة التي صنعها الرب يسوع المسيح هي دليل واضح علي قوته ودليل ايضا غير مباشر علي لاهوته لانه باختصار لم يعطي البصر للاعمي بل اعطاه البصيره وهذا لم يصنع مثلها احد منذ بداية البشرية وعندما ندرس الاعداد معا بدقة سوف نتاكد من ذلك 

انجيل مرقس 8

22 وَجَاءَ إِلَى بَيْتِ صَيْدَا، فَقَدَّمُوا إِلَيْهِ أَعْمَى وَطَلَبُوا إِلَيْهِ أَنْ يَلْمِسَهُ،

اولا هذه القصه حدثت في بيت صيدا وبيت صيدا شرير وهم لم يؤمنوا به كما قال عنهم 

انجيل متي 11

21 «وَيْلٌ لَكِ يَا كُورَزِينُ! وَيْلٌ لَكِ يَا بَيْتَ صَيْدَا! لأَنَّهُ لَوْ صُنِعَتْ فِي صُورَ وَصَيْدَاءَ الْقُوَّاتُ الْمَصْنُوعَةُ فِيكُمَا، لَتَابَتَا قَدِيمًا فِي الْمُسُوحِ وَالرَّمَادِ.
22 وَلكِنْ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ صُورَ وَصَيْدَاءَ تَكُونُ لَهُمَا حَالَةٌ أَكْثَرُ احْتِمَالاً يَوْمَ الدِّينِ مِمَّا لَكُمَا.

فلهذا لم يصنع عندهم معجزات كثيره لانهم لا يستحقون ورغم هذا فان هذه المعجزه معجزة رائعه

الامر الثاني انهم قدموا له الاعمي ولكن الاعمي لم ياتي اليه بنفسه مثل بقية العميان فهذا يدل علي اما ان الاعمى لم يسمع عنه اصلا او سمع عنه ولكنه مثلهم لم يؤمن به او انهم احضروه لانهم يعرفون انه اعمي منذ الولاده وهو مستحيل شفاؤه  
23 فَأَخَذَ بِيَدِ الأَعْمَى وَأَخْرَجَهُ إِلَى خَارِجِ الْقَرْيَةِ، وَتَفَلَ فِي عَيْنَيْهِ، وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِ وَسَأَلَهُ: هَلْ أَبْصَرَ شَيْئًا؟

فلهذا اخرجه خارج القرية لانهم لايستحقوا لقلة ايمانهم وسنفهم لاحقا في عدد 26 انه من مكان اخر وليس من هذه القرية فقد يكون انهم يقدمونه اليه لكي يروا ماذا سيفعل لانهم كقرية عندهم عميان فلماذا يقدمون له رجل ليس من القرية الا لو كان الامر كاسلوب تعجيزي غالبا 

فالمسيح اخرجه من هذه القرية كتوضيح ان يجب علينا ان نترك الاماكن الشريرة لتنفتح بصيرتنا الروحية واسلوب الشفاء كان 

تفل في عينه اي مادة تخرج من المسيح الي عيني الاعمي تعطي اعضاء بصرية جديدة فلهذا قال الكثير من الاباء والمفسرين انه اعمي منذ ولادته 

ووضع يديه علي عينيه بمعني انه وضع يد علي كل عين بلمسة شافية وخالقة فالمسيح بهذا خلق له اعين وخلق له بصر . فواضح من هذا التعبير انه العيب الذي في عينية متساوي فهو لم يصاب في عين واحده او المشكله في الراس مثلا نيجه صدمه او غيره ولكن واضح ان العيب في العينين بطريقة متساوية مما يرجح اكثر ان العيب خلقي في الاثنين 

ثم ساله المسيح رغم انه يعرف جيدا الاجابه ولكن هدف السؤال شيئين 

اولا ان يبذل الرجل مجهود ليفعل شيء لم يتعود علي فعله من قبل وهو ان يرفع جفونه ويتطلع بعينيه وفي هذا توضيح اكثر انه اعمي منذ الولاده بل قد يوضح ان العيب الخلقي كان ممتد الي التطلع فهو لم يكن متعود علي التطلع من قبل 

ثانيا ليعلن انه لايعرف ماذا يري اي انه ليس له خبره بصرية علي الاطلاق وهذا ندرسه في العدد التالي  
24 فَتَطَلَّعَ وَقَالَ: «أُبْصِرُ النَّاسَ كَأَشْجَارٍ يَمْشُونَ».

فهو بذل مجهود لكي يبصر وعندما ابصر لم يعرف يفرق بين امنظر الناس والشجر لانه اصلا لا يعرف الفرق بين الناس والشجر 

البعض قال طبيا ان هذا استجماتزم فيري الاشياء طويله ولكني غير مقتنع لانه لانه لم يقل الناس طويلة كالاشجار ولكن كاشجار يموشون

فهو لم يعرف صورة الاشجار بمعني ان الطفل يكون الخبرة البصرية منذ الولاده فعندما يقال له برتقاله هو يتعرف عليها بحواسه فاول حاسه هو ينظرها فيراها كروية ولونها برتقالي ثم يلمسها ويتعرف عليها باللمس ويشمها ويتذوقها ويسمع من والديه ان اسمها البرتقاله فهو يكون خبرته بحواسه ولكن لو كان اعمي منذ ولادته فهو سيتعرف عليها بالسمع واللمس والتذوق والشم ولكنه لو ابصر فجأه وشهاد برتقالة من مسافة لن يمكنه ان يتعرف هل هذه برتقاله ام شيئ اخر لانه ليس لديه خبرة بصرية

 فنحن عند ولادتنا، تنفتح عيوننا وتسجل كل الصور التي نراها في ذاكرة المخ، وحين نرى شخص أو أي صورة ترسل العين هذه الصورة إلى المخ ليبحث في ذاكرته عن ماذا تعني هذه الصورة؟ ولمن هذه الصورة. وهذا يفسر لنا قول الأعمى حين إنفتحت عيناه أنه يرى الناس كأشجار يمشون. هو في الواقع بدأ يرى أشياء، ولكن ذاكرته ليس بها شيء، فهو لا يعرف الفرق بين شكل الرجل وشكل الشجرة إذ لم يراهما من قبل ولم تسجل ذاكرته أي صورة من قبل.

فلهذا هذا البصير عندما تطلع لم يعرف الفرق بين مشي الناس واهتزاز الشجر من بعيد . فهذا يؤكد هذه النقطه انه ليس عنده خبرة بصرية . والمسيح ساله رغم ان المسيح يعلم ذلك جيدا ليجعله يعلن انه لايعرف الفرق بين صورة الانسان وصورة الشجرة 

قيل انه من اصعب الاشياء ان تصف الالوان لاعمي منذ ولادته فهو شبه مستحيل فان اردت ان تقول له هذا لونه ابيض فماذا هو الابيض ؟ 

وان ارد ان تقول له ان الشجرة خضراء فماذا هو اللون الاخضر فهو لايعرفه لانه لم يبصره من قبل ليعرف ما هو كينونة اللون الاخضر ويتكون عنده هذا في الذاكره البصرية 

فعندما اعلن ذلك بوضوح صنع المسيح الجزء الاكبر من المعجزة وهو ليس ان يشفي اعمي فقط بل ان يعطيه خبرة بصرية لم توجد عنده من قبل 

فيقول  
25 ثُمَّ وَضَعَ يَدَيْهِ أَيْضًا عَلَى عَيْنَيْهِ، وَجَعَلَهُ يَتَطَلَّعُ. فَعَادَ صَحِيحًا وَأَبْصَرَ كُلَّ إِنْسَانٍ جَلِيًّا.

وهنا اتسائل من في التاريخ كله اعطي الخبرات البصرية لاعمي منذ ولادته ؟ 

هذه الامر حدث مره واحده وهي عندما خلق الله ادم لان ادم عندما خلق لم تكن لديه بالفعل خبره مسبقة بالاشياء ولم يتعلمها من والديه ولكن ولد بها فقد اعطاها له الله في خلقه ولهذا يقول لنا سفر التكوين انه ليري 

سفر التكوين 2

2: 19 و جبل الرب الاله من الارض كل حيوانات البرية و كل طيور السماء فاحضرها الى ادم ليرى ماذا يدعوها و كل ما دعا به ادم ذات نفس حية فهو اسمها 

2: 20 فدعا ادم باسماء جميع البهائم و طيور السماء و جميع حيوانات البرية و اما لنفسه فلم يجد معينا نظيره 

فمن اعلمه بهذا غير الرب الخالق ؟ وهو الرب ايضا الذي يخلق عينين للاعمي وايضا يعطيه هذه البصيره اي خبرة البصر التي لم تتكون عنده لانه لم يري من قبل 

واعطاؤه هذه البصيرة تمت عن طريق اللمس ايضا فنقل له هذه الخبرة والذاكره

ام مرهم العارفين بالتركيب النفسي والعصبي للاطفال ومراحل الكبر يعرفون ان يوجد امور في الذاكرة ووظائف المخ تتوقف عن سن الثانية عشر ولكن هذه الحدود لم تمنع المسيح ولا يقف امامه اي حائل لانه هو الخالق . 

ويقول جعله يتطلع = اي حتي القدره علي حركة العينين والتطلع لم يكن يعرفها من قبل فالمسيح حتي هذه اعطاها له 

ولهذا فهو عندما جلعه يتطلع ابصر كل انسان جليا فهو حتي الناس بدا يتعرف عليهم رغم انه لم يكن يعرف صورتهم من قبل  

اذا الامر ليس ان المسيح لم يقدر او كان عاجز او غيره من هذه الافتراءات فالمسيح شفاه بلمستين فقط ولكن لو لم يخبرنا مرقس البشير بهذه اللمستين لما ادركنا عمق ما فعله الرب الخالق مع هذا الاعمي 

وهذه المعجزه هي تخبرنا بتفاصيل مثل المجزة التي جاءت في الاصحاح السابق من انجيل مرقس 

انجيل مرقس 7

31 ثُمَّ خَرَجَ أَيْضًا مِنْ تُخُومِ صُورَ وَصَيْدَاءَ، وَجَاءَ إِلَى بَحْرِ الْجَلِيلِ فِي وَسْطِ حُدُودِ الْمُدُنِ الْعَشْرِ.
32 وَجَاءُوا إِلَيْهِ بِأَصَمَّ أَعْقَدَ، وَطَلَبُوا إِلَيْهِ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ.
33 فَأَخَذَهُ مِنْ بَيْنِ الْجَمْعِ عَلَى نَاحِيَةٍ، وَوَضَعَ أَصَابِعَهُ فِي أُذُنَيْهِ وَتَفَلَ وَلَمَسَ لِسَانَهُ،
34 وَرَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ، وَأَنَّ وَقَالَ لَهُ: «إِفَّثَا». أَيِ انْفَتِحْ.
35 وَلِلْوَقْتِ انْفَتَحَتْ أُذْنَاهُ، وَانْحَلَّ رِبَاطُ لِسَانِهِ، وَتَكَلَّمَ مُسْتَقِيمًا.

 فهو ايضا لهذا الاعقد الاصم لانه لم يسمع من قبل لايعرف النطق ولا الكلام والمسيح لم يشفي اذنه فقط بل اعطاه خبرة الكلام التي لم ينشاها من الطفولة فهو تكلم مستقيما رغم انه لم يعرف ما هو الكلام اصلا فكل هذا من عمل الخالق .

الشفاء هنا كان تدريجيًا، على مراحل. وذلك لأن السيد أراد إظهار هذا، فهو شفى عميان مولودين هكذا عدة مرات ولم نسمع عن هذا الشفاء التدريجي (يو9). إذًا فإظهار هذا التدريج له حكمة روحية. فمثلًا في قصة شفاء بارتيماوس الأعمى كان بارتيماوس يصرخ بإيمان "يا ابن داود ارحمني" (مر46:10-52) ولكن هنا نجد أن الجموع هم الذين قدموا الأعمى للسيد المسيح، وهذا يدل على أنه لم يسمع به من قبل، أو سمع به ولكن إيمانه كان ضعيفًا، ومن كان إيمانه ضعيفًا يصير شفاؤه أصعب. وبالتدريج. أي مع كل خطوة شفاء ينمو الإيمان فيستحق درجة أعلى من الشفاء. وبالنسبة لنا فنحن نكون في حال الخطية عميان روحيًا، ويبدأ الله العمل معنا عن طريق خدامه، كما قدم الناس هذا الأعمى للمسيح، ومع أول استجابة لعمل المسيح تبدأ عيوننا تنفتح ولكننا لا نبصر جيدًا، ولكن ما نراه يكون كافيًا.. إن أردنا واستمر التجاوب مع عمل الله.. لزيادة إيماننا ومع زيادة الإيمان تأتي اللمسة التالية من السيد المسيح ويفتح أعيننا بالأكثر، فنرى الروحيات أوضح، ويزداد فرحنا ويزداد إيماننا.. وعلينا أن نصرخ دائمًا "إفتح عيني حتى أراك يا رب"

ونكمل مع الاعمي  
26 فَأَرْسَلَهُ إِلَى بَيْتِهِ قَائِلاً: «لاَ تَدْخُلِ الْقَرْيَةَ، وَلاَ تَقُلْ لأَحَدٍ فِي الْقَرْيَةِ».

وهذا يوضح انه لم يكن من هذه القرية وهذا يثبت ما قدمته سابقا انهم لم يقدموه اليه عن ايمان ولكن عن اختبار فاحضروا له اصعب حاله تخيلوها وبالطبع في هذه القرية عمي ومرضي اخرين ولكن قدموا له هذا كاختبار غالبا 

ولان هذه القرية رمز للشر فالمسيح لا يريده ان يعود اليها كما يطلب باستمرار من ابناؤه علي ترك اماكن الشر وايضا طلب منه ان لا يخبر احد معلنًا له أن ما فعله كان من أجل المحبة، وليس عن حب للمديح أو طلب مجد من الناس. 

 

والمجد لله دائما