«  الرجوع   طباعة  »

الرد علي شبهة هل علم يسوع بالمرأة نازفة الدم مباشره ام لم يعرفها ؟ متي 9: 20-22 و مرقس 5: 25-34 و لوقا 8: 43-48

 

Holy_bible_1

 

الشبهة 

 

س : هل علم يسوع بالمرأة النازفة التى لمست ثوبه ؟

جـ : في متى (9 : 20 – 22) (التفت يسوع وأبصرها تواً) :

“وإذا امرأة نازفة دم منذ اثنتي عشرة سنة قد جاءت من ورائه ومست هدب ثوبه. لأنها قالت في نفسها : إن مسست ثوبه فقط شُفيت . فالتفت يسوع وأبصرها فقال : ثقى يا ابنة إيمانك قد شفاك من تلك الساعة” 

ولكن في مرقس (5 : 25 – 34) : (لم يعرفها يسوع وظل يلتفت حوله ويسأل ليعرف من لمسه) :

“وامرأة بنزف دم … ومست ثوبه . فللوقت التفت يسوع بين الجميع … وقال من لمس ثيابي ؟ ، فقال له تلاميذه : أنت تنظر الجمع يزحمك وتقول مَن لمسني . وكان ينظر حوله ليرى التى فعلت هذا وأما المرأة فجاءت وهى خائفة ومرتعدة عالمة بما حصل لها فخرت وقالت له الحق كله” . 

وفي لوقا (8 : 43 : 48) : (لم يعرفها ولم يلتفت حوله ) .

“وامرأة بنزف دم … ولمست هدب ثوبه ، ففي الحال وقف نزف دمها . فقال يسوع : مَن الذي لمسني . وإذ كان الجمع ينكرون …. فقال يسوع : قد لمسني واحد … فلما رأت المرأة أنها لم تختفِ جاءت مرتعدة وخرت له” . 

 

الرد

 

الحقيقة لا يوجد اي تناقض ايضا في هذه القصه فالرب يسوع التفت وتسائل ولكن الامر كله يتضح لو عرفنا ان متي البشير تكلم باختصار عن هذه المعجزة بمعني انه لم يذكر تفاصيل كثيره . وعدم ذكره لها لا يعني انها لم تحدث ولكنه فقط اختصرها

والحقيقة بدراسة البشائر الثلاثة في القصة سنتاكد انهم لا يتناقضوا بل كل منهم يضيف بعد مهم الي القصه فنجد في الوقت الذي اختصر فيه متي وفي الوقت الذي شرح فيه مرقس كشاهد عيان بوضوح علي تصرفات المسيح ونظراته قام لوقا بشرح وتشخيص مرضها بل واضاف بعد مهم وهو ان المسيح لم يسال لانه لم يكن يعلم ولكنه هو التفت ونظر اليها ويعلم من هي وما فعلت وظل ينظر اليها وهي لم تستطيع ان تختفي من نظره فاضطرت ان تعود وتخبر بكل الامر 

وندرس سياق الكلام لنتاكد من ذلك 

انجيل متي 9

9: 19 فقام يسوع و تبعه هو و تلاميذه

9: 20 و اذا امراة نازفة دم منذ اثنتي عشرة سنة قد جاءت من ورائه و مست هدب ثوبه 

9: 21 لانها قالت في نفسها ان مسست ثوبه فقط شفيت 

9: 22 فالتفت يسوع و ابصرها فقال ثقي يا ابنة ايمانك قد شفاك فشفيت المراة من تلك الساعة 

اولا تعبير التفت هو يؤكد ما قاله بقية المبشرين ان المرأة لمسته ثم اختفت وسط الجموع التي تزاحمه  

وتعبير ابصرها ايضا هو يلخص الامر بنعني ان الرب يسوع التفت حوله فتره زمنية حتي ابصرها بمعني انها بعد ان لمسته لم تكن واقفه بجواره ولكنها 

وكلمة ابصرها 

قاموس سترونج 

G1492

εἴδω

eidō

i'-do

A primary verb; used only in certain past tenses, the others being borrowed from the equivalent, G3700 and G3708; properly to see (literally or figuratively); by implication (in the perfect only) to know: - be aware, behold, X can (+ not tell), consider, (have) known (-ledge), look (on), perceive, see, be sure, tell, understand, wist, wot. Compare G3700.

فعل بدائي ياتي في التصريف الماضي وهو يساوي لتعبير ( اوبتانومي ) الذي يعني فحص وتعبير ( هوراؤ ) الذي يعني اختبر . وتعني ابصر بتطبيق علم وتاكد ونظر وفهم وتاكد 

قاموس ثايور 

G1492

εἴδω

eidō

Thayer Definition:

1) to see

1a) to perceive with the eyes

1b) to perceive by any of the senses

1c) to perceive, notice, discern, discover

1d) to see

1d1) i.e. to turn the eyes, the mind, the attention to anything

1d2) to pay attention, observe

1d3) to see about something

1d3a) i.e. to ascertain what must be done about it

1d4) to inspect, examine

1d5) to look at, behold

1e) to experience any state or condition

1f) to see, i.e. have an interview with, to visit

2) to know

2a) to know of anything

2b) to know, i.e. get knowledge of, understand, perceive

2b1) of any fact

2b2) the force and meaning of something which has definite meaning

2b3) to know how, to be skilled in

2c) to have regard for one, cherish, pay attention to (1Th_5:12)

Part of Speech: verb

ابصر بمعني انطباع بالعين واكتشف ولاحظ وحرك عينه وانتباهه لشيئ , وتاكد وفحص واختبر ونظر الي واخذ خبرة . وعمل مقابلة مع شخص 

علم وفهم وتاكد بالحقيقة وتاكد بقوة من مشيئ محدد وعرف كيف 

فالتعبير مناسب لان يختصر ان الرب يسوع بعد ان التفت بحث عنها ونظر حوليه وتسائل الي ان اتت اليه وابصرها وتاكد انها هي وسالها واجابته 

فحتي هذا التعبير كما قلت لا يناقض بقية الاناجيل بس يختصر الشرح الذي جاء بتفصيل في بقية الاناجيل 

 

انجيل مرقس 5

5: 24 فمضى معه و تبعه جمع كثير و كانوا يزحمونه

من الواضح ان مرقس البشير كان شاهد عيان فهو يصف موقف المسيح ان الجمع كان يزاحمونه من كثرتهم وتهافتهم عليه  

5: 25 و امراة بنزف دم منذ اثنتي عشرة سنة 

5: 26 و قد تالمت كثيرا من اطباء كثيرين و انفقت كل ما عندها و لم تنتفع شيئا بل صارت الى حال اردا 

5: 27 و لما سمعت بيسوع جاءت في الجمع من وراء و مست ثوبه

ومرقس البشير هنا يشرح ان المراه تحملت اتعاب لتلمس ثوب المسيح فهي بمرضها وضعفها وسط هذا الجمع لم يكن لها بسهوله ان تصل اليه بسبب الزحام  

5: 28 لانها قالت ان مسست و لو ثيابه شفيت 

5: 29 فللوقت جف ينبوع دمها و علمت في جسمها انها قد برئت من الداء 

5: 30 فللوقت التفت يسوع بين الجمع شاعرا في نفسه بالقوة التي خرجت منه و قال من لمس ثيابي 

5: 31 فقال له تلاميذه انت تنظر الجمع يزحمك و تقول من لمسني 

5: 32 و كان ينظر حوله ليرى التي فعلت هذا

في حين اكتفي متي البشير بالتكلم عن الالتفات مرقس البشير شرح الموقف كامل انه التفت وسأل واجابه التلاميذ ينوع من الاستنكار فهو يتسائل عن من لمسه وسط هذا الحشد الذي يزاحمه لانهم لم يفهموا الموقف في بدايته جيدا  

5: 33 و اما المراة فجاءت و هي خائفة و مرتعدة عالمة بما حصل لها فخرت و قالت له الحق كله

ارتعادها بسبب انها حسب الشريعه ( لاويين 15: 25 ) بسبب نزيف الدم هي نجسة لخلو الروح. وتتوقع انها بلمس ثوبه سيعاتبها بشده لانها تنجسه ولكن المسيح الحنون وضح انه لا يتنجس بل هو الذي يطهر ويشفي الاجساد والانفس والارواح ايضا. 

5: 34 فقال لها يا ابنة ايمانك قد شفاك اذهبي بسلام و كوني صحيحة من دائك 

هنا مرقس البشير يصف المعجزة بكل تفاصيله ويحكي كل كلام المراه التي ذكرت ما حدث لها وما تفكرت فيه ايضا . فلهذا نجد ما اختصره متي البشير ذكر تفاصيله مرقس البشير. 

ولهذا من الخطأ ان يقول احدهم ان مرقس يناقض متي بل يجب ان يقول ان مرقس يشرح تفاصيل اختصرها متي البشير 

 

انجيل لوقا 8

8: 42 لانه كان له بنت وحيدة لها نحو اثنتي عشرة سنة و كانت في حال الموت ففيما هو منطلق زحمته الجموع

ايضا لوقا البشير يصف الموقف بشيء من التفصيل ويوضح الزحام  

8: 43 و امراة بنزف دم منذ اثنتي عشرة سنة و قد انفقت كل معيشتها للاطباء و لم تقدر ان تشفى من احد 

8: 44 جاءت من ورائه و لمست هدب ثوبه ففي الحال وقف نزف دمها 

8: 45 فقال يسوع من الذي لمسني و اذ كان الجميع ينكرون قال بطرس و الذين معه يا معلم الجموع يضيقون عليك و يزحمونك و تقول من الذي لمسني 

8: 46 فقال يسوع قد لمسني واحد لاني علمت ان قوة قد خرجت مني 

8: 47 فلما رات المراة انها لم تختف جاءت مرتعدة و خرت له و اخبرته قدام جميع الشعب لاي سبب لمسته و كيف برئت في الحال

تعبير لم تختف يوضح لنا بعد مهم جدا وهي ان المسيح لا يجهل المرأة بل يعرفها وهي رأت انه ينظر اليها وهي لم تستطيع ان تختفي من عينه . بمعني ان هذا التعبير ايضا يكمل بقية شرح البشيرين متي ومرقس ويضيف اليهما معرفة المسيح وان تساؤله هو لكي تاتي هي وتخبر بما حدث لها امام رسله . 

8: 48 فقال لها ثقي يا ابنة ايمانك قد شفاك اذهبي بسلام 

فمن هذا ومن دراسة الثلاثة اناجيل نستطيع ان ندرك ان القصه بشرحهم بهذه الطريقه اكتملت ابعادها وفهمنا انه لما توقف المسيح والتفت واضح ان المسيرة والتزاحم توقف ليروا لماذا توقف هو وهو في التفاتته وجه نظره اليها وهي اكتشفت ذلك انه ينظر اليها وادركت انها لم تستطيع ان تختف فاضطرت ان تعود اليه مره ثانيه ولكن في هذه المره المجيئ اليه كان اسهل لانه ينظر اليها فالجموع افسحوا لها المكان لتاتي اليه ثانية وتخبر بما حدث 

 فالاناجيل رائعه في تكمل كل منها للاخر وتجعلنا نشعر اننا نعيش احداث القصه ونراها من اكثر من زاوية وبعد وترد علي اي شبهة قد يخترعها البعض

 

واخيرا المعني الروحي

من تفسير ابونا تادرس يعقوب واقوال الاباء

أولًا: يقول القديس يوحنا الذهبي الفم أن هذه المرأة لم تجسر أن تقترب من المخلص علانية، ولا أن تأتي إليه من أمامه لأنها حسب الشريعة تُحسب نجسة، فجاءت من ورائه وتجاسرت لتلمس هدب ثوبه. يكمل القديس حديثه فيقول أنها شفيت لا من أجل هدب الثوب في ذاته وإنما من أجل إيمانها[138].

يرى القديس أغسطينوس في هدب الثوب رمزًا لمعلمنا بولس الرسول الذي دعا نفسه "آخر الكل"، فبكرازته التقت الشعوب الأممية بالسيد المسيح وتمتعت بالخلاص الإلهي، هذه الشعوب التي لم تشاهد السيد حسب الجسد لكنها جاءت بالإيمان الذي كرز به معلمنا بولس لتتلامس معه من ورائه وتتمتع بالشفاء.

يعلق القديس أمبروسيوس على هذا التلامس بقوله: [إن كنا ندرك عظمة ابن الله يمكننا أن نفهم أننا لا نستطيع إلا أن نلمس هدب ثوبه، أما على ثوبه فلا نقدر أن نبلغه. إن أردنا أن نبرأ، فلنلمس بالإيمان هدب ثوبه من ورائه، فإن الله لا يحتاج إلى أعين يرى بها إذ ليس له الحواس الجسدية، إنما فيه معرفة كل الأشياء. طوبى لمن يلمس ولو هدب ثوب الكلمة إذ من يقدر أن يحويه؟[139]]

كان كل عبراني يلتزم بعمل أربعة أهداب لثوبه حسب الوصية (عد 15: 38-40)، ويصنع عليها عصابة من إسمانجوني، إشارة إلى أنه من شعب الله المختار. فإن كان ذيل الثوب الذي يتلامس مع الأرض به عصابة إسمانجونية أي سماوية، فإن هذا يعني أنه يليق بالإنسان في كليته أن يكون سماويًا! هذا بالنسبة للإنسان العبراني بوجه عام أما السيد المسيح فهو ابن الله السماوي إن تلامسنا معه إنما نلتقي برب السماوات نفسه!

ثانيًا: يرى القديس أغسطينوس أن الأطباء الذين التجأت إليهم هذه المرأة وأنفقت كل معيشتها عليهم هم تعاليم الفلاسفة، إذ يقول: [تعاليم الفلاسفة ألهبت بالأكثر الجوع للحق دون أن تشبعه... أما لمسة هدب ثوبه (مر 5: 27) فهي صرخة القلب المؤمن[140].]

ثالثًا: إن كان الرب قد شفى هذه المرأة نازفة الدم، فإن هذا الشفاء كلفه الحب الباذل، إذ يقول الإنجيلي: "التفت يسوع بين الجمع شاعرًا في نفسه بالقوة التي خرجت منه، وقال: من لمس ثيابي؟" [30] لم يكن الأمر مجرد لمسة هدب ثوب لكن "قوة خرجت منه" هذا لا يعني خسارة أو فقدان إنما التهاب حب انطلق نحوها، كما نشعل فتيلة من شعلة نار، فالشعلة لا يصيبها ضرر أو فقدان، إنما تقدم نارًا من عندها للغير. لقد قدم السيد المسيح "قوة" انطلقت خلال صليبه لتشفي النفوس المريضة، إنه يقدم عطاءً داخليًا حقيقيًا، وبذلًا فائقًا سحب قلب الكنيسة تمامًا، فيقول الرسول: "الذي بذل نفسه لأجلنا لينقذنا من العالم الحاضر الشرير، حسب إرادة الله وأبينا" (غل 1: 4)، ويقول السيد نفسه: "أنا هو الراعي الصالح، والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف" (يو 10: 11).

رابعًا: إذ قالت المرأة للسيد "الحق كله" سمعته يقول لها "يا ابنة"، وكما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [دعاها "ابنة" لأنها خلصت بالإيمان، فإن إيماننا بالمسيح يجعلنا أبناء له[141].] لقد آمنت بالقادر أن يهب خلاصًا وترجمت إيمانها عمليًا بانطلاقها نحو وسط الجماهير لتلتقي به خلال هدب ثوبه... أعلنت إيمانها حيًا فتمتعت بعمل السيد المسيح فيها.

 

والمجد لله دائما