الرد علي شبهة الوصية بأكل الاطفال تثنية 28: 53

 

Holy_bible_1

 

الشبهة 

 

يعترض البعض علي ما جاء في سفر التثنية 28

53 فتاكل ثمرة بطنك لحم بنيك و بناتك الذين اعطاك الرب الهك في الحصار و الضيقة التي يضايقك بها عدوك 54 الرجل المتنعم فيك و المترفه جدا تبخل عينه على اخيه و امراة حضنه و بقية اولاده الذين يبقيهم 55 بان يعطي احدهم من لحم بنيه الذي ياكله لانه لم يبق له شيء في الحصار و الضيقة التي يضايقك بها عدوك في جميع ابوابك

ويقول بعضهم ان هذا اوامر اله العهد القديم والاخرون يعتبرونها وصية واخر يعتبرها وحشية فيقول احدهم ( وإن وقع عليك حصار أذبح أولادك لتأكل لحمهم لتسد جوعك ) 

 

الرد

 

في البداية من قال ان هذه وصية او امر او غيره مما يدعوه المشككين ؟ 

فباختصار اولا. ان انذر الرب شعبه من انتشار الخطية ووضحلهم خطورتها ونتائجها وان انذرهم من السقوط في يد اعدائهم وما سيفعل بهم الاعداء بسبب خطاياهم من كوارث هذا لا يعتبر وصية علي الاطلاق ولكن تحذير. 

وساضرب مثال توضيحي: سمعنا عن زلزال 92 الذي حدث في القاهرة وقصة قسيم الذي دفن اسفل عمارة لمدة ثلاث ايام ونجي عن طريق انه كان يشرب بوله , وبالطبع شرب البول امر مقزز جدا جدا ولكن تخيلوا معي لو انذر احدهم هذا الرجل مسبقا وقال له لو بقيت في هذه العمارة الايله للسقوط فستدفن تحت انقادها وستطر الي شرب بولك من شدة العطش هل سيقول احد لمن اخبره وانذره مسبقا بانه يوصيه او يامره بشرب البول ؟ بالطبع لا هو ينذره ويحذره لكي لا يضطر ان يفعل هذا الامر المقزز فمن ينصحه يريد خيره ولا يريد ان يقع في هذا الموقف.

بنفس المقياس ما يقول ويحذر به الرب شعبه فهو لا يامرهم ولا يوصيهم بل يحذرهم من ان يقعوا في امر صعب جدا مثل هذا الجوع الشديد

 

وقبل عرض الاعداد اقد شرح طبي بسيط لما تفعل مجاعة في شخص 

عندما يجوع انسان بشدة ولا يجد شيئ ياكله علي الاطلاق تبدأ اعراض اولي وهي ضعف وفقد الوزن وجفاف ثم  اضطراب وارتباك في التصرفات والهياج واسهال مزمن مع نقص المناعة . ثم يتبعها اضطراب في الاعضاء الداخلية ويبدا عضو عضو يتوقف عن العمل مثل الكبد والكليه وغيره وتزداد الحالة سوء شديد حتي يصل الي المراحل قرب النهاية مهي تشمل هلوسة وتشنجات ( ويكون فيها الشخص مثل المجنون الهائج المتوحش ) مع اضطرابات في ضربات القلب حتي يصل الامر الي الموت.

 

وايضا شرح تاريخي 

حدث في الحروب القديمة كثير جدا من المجاعات حتي كان تضطر المدينة الي الاستسلام او يموتوا جوعا او يقتلوا انفسهم. فهذا امر معتاد في الحروب القديمة. بل والحديثة ايضا مثل مجاعة روسيا في سنة 1921 ومجاعة الدينيمارك سنة 1944 وغيرهم. اذا المجاعة امر معتاد في الحروب . وشعب اسرائيل كان يهوه يحميهم باستمرار ولكن لما يتركوه كان يتركهم فكانت الشعوب الشريره تهجم عليهم وتحاصرهم وتضعهم في مجاعة شديدة. 

فانسان يصل الي مراحل الهلوسة هو بالفعل من الممكن ان يرتكب جريمة مثل قتل ابنه الصغير لياكله من شدة الجوع 

 فهي ليست وصية ولكن شرح لما يحدث اثناء الحروب والحصار من مجاعات تصل الي اقصي الحدود.

 

وندرس باختصار معا 

سفر التثنية 28

في هذا الاصحاح يقدم موسى لشعب اسرائيل وصية بطاعة الرب والالتصاق به لانه لو تركوه فهو لن يجبرهم بل سيتركهم وفي هذه الحالة سيقعوا في يد الاعداء وتصيبهم لعنات كثيره فهو فيحديثه الوداعي مع شعبه الذي أوشك على الدخول إلى أرض الموعد قدَّم لهم حق الخيار بين الطاعة أو العصيان، كاشفًا عن بركات الطاعة للوصيَّة الإلهيَّة أو الإخلاص للعهد الإلهي. كما كشف عن لعنات العصيان أو كسر العهد. يؤكِّد هذا الأصحاح حريَّة الإنسان في اختيار إحدى الطريقين، فالأمر بين يديه، إذ نعمة الله مستعدَّة دومًا للعمل في حياة الراغبين فيها.

يلاحظ في الحديث عن البركات واللعنات الآتي: 

1. يقدِّم الله بركاته لشعبه ولبنيه كهبة مجَّانيَّة أو نعمة من قبله، لكنَّه في حبُّه للإنسان يسأله ألاَّ يعيش بروح الاستهتار والتشويش، بل يسلك كما يليق بشعب منتسب لله، أو كابن يرتبط بروح أبيه، يريد أن يراهم ناضجين روحيًا.

2- الله يبدأ بالبركات قبل اللعنات فهو يود لو بارك دائمًا ولا يميل لأن يلعن أولاده

3- البركات واللعنات تُظهر أن الله عادل سيجازى كل واحد بحسب أعماله

4- الله غيور على مجده وشريعته، هو اختار هذا الشعب وأفاض عليهم من نعمته وخلصهم وفداهم وأصبح اسمه عليهم أمام كل الشعوب فهو يريدهم قديسين ليمجدوه، وبهذا تظهر قداسته. ولكن إن خالفوا وصاياه فستظر قداسته في عقابهم فهو يرفض الخطية. وليس عنده مُحاباة. فهو سيُعاقب كل شرير من شعبه أو من الشعوب الآخرى 

5- بعد كل اللعنات والإنذارات نجد الله يفتح أمامهم باب التوبة (إصحاح 30)

 وهو من عدد 1: 14 يتكلم عن بركات عدم ترك الرب وحفظ وصاياه

أولًا: التصاق البركة بالمطيع [1-6].

ثانيًا: النصرة على الأعداء [7].

ثالثًا: التمتُّع بالغنى [8].

رابعًا: التمتُّع بالقداسة [9].

خامسًا: التمتُّع بالكرامة [10].

سادسًا: التمتُّع بالأثمار [11].

سابعًا: الطبيعة خادمة للمطيع [12].

ثامنًا: التمتُّع بروح القيادة [13-14].

ثم يبدأ بعد هذا ان يحذرهم من ترك الرب وعصيان وصاياه لانه سيتركهم فيعانوا من الاضرابات والامراض والطبيعة والهزيمة والحصار والعبودية 

28: 15 و لكن ان لم تسمع لصوت الرب الهك لتحرص ان تعمل بجميع وصاياه و فرائضه التي انا اوصيك بها اليوم تاتي عليك جميع هذه اللعنات و تدركك

ونبدأ في الجزء الذي استشهد به المشكك وهو الذي يحذر فيه الرب من مشاكل الحصار 

فنضع في ذهننا ان هذا ليس وصية ولا امر بل هو تحذير من شرور الخطية. وهم لازالوا في البرية لم يدخلوا ولم يتملكوا شيئ بعد. 

28: 50 امة جافية الوجه لا تهاب الشيخ و لا تحن الى الولد

في هذا العدد يحذر الرب من انهم ان تركوا الرب وخالفوا وصايه يتركم وفي هذه الحالة يكونوا عرضه ان تهجم عليهم امه من الامم الجافية ولا يكون عندها حنان مثلما كان الرب حنون عليهم وهم يقتلون الشيخ والولد ايضا ويسبون الشعب . 

ونلاحظ ان تحذير الرب بالفعل تحقق بعد اكثر من سبعة قرون وبثمان قرون . فبسبب العصيان أغار أشور على إسرائيل وسباه (إش 5: 26؛ 38: 11؛ 23: 19)، وغار البابليون على يهوذا وسبوهم بل وحدث بالتفصيل الذي سبق الرب فحذر منه ففي 

سفر اخبار الايام الثاني 36

36: 14 حتى ان جميع رؤساء الكهنة و الشعب اكثروا الخيانة حسب كل رجاسات الامم و نجسوا بيت الرب الذي قدسه في اورشليم 

36: 15 فارسل الرب اله ابائهم اليهم عن يد رسله مبكرا و مرسلا لانه شفق على شعبه و على مسكنه 

36: 16 فكانوا يهزاون برسل الله و رذلوا كلامه و تهاونوا بانبيائه حتى ثار غضب الرب على شعبه حتى لم يكن شفاء 

36: 17 فاصعد عليهم ملك الكلدانيين فقتل مختاريهم بالسيف في بيت مقدسهم و لم يشفق على فتى او عذراء و لا على شيخ او اشيب بل دفع الجميع ليده 

مع ملاحظة ان اثناء حدوث ما انذر به الرب. الرب الحنون حاول ان يجعلهم يرجعوا اليه وهم اصروا علي الرفض فتركهم فسقطوا في يد الكلدانيين.

وبالطبع العدد لم يقل انه يوصي شعب اسرائيل ان يذهبوا ليسلموا نفسهم لامة جافية لتقتل منهم هذه الامة الجافية الشيخ والولد. فنفهم ان الاعداد تحذير من ترك الرب وليس وصية او امر  

 

28: 51 فتاكل ثمرة بهائمك و ثمرة ارضك حتى تهلك و لا تبقي لك قمحا و لا خمرا و لا زيتا و لا نتاج بقرك و لا اناث غنمك حتى تفنيك

عندما تفعل هذه الامة الجافية الهجوم هي تاخذ وتغنم كل ثمرة الارض والبهائم ايضا فهم لا يبقي لهم شيئا لياكلوا منه فيتعرضوا الي مجاعة شديدة  

28: 52 و تحاصرك في جميع ابوابك حتى تهبط اسوارك الشامخة الحصينة التي انت تثق بها في كل ارضك تحاصرك في جميع ابوابك في كل ارضك التي يعطيك الرب الهك

وهنا يبدا الرب يتكلم عن خطورة هذا الحصار الشديد الذي ممكن ان يحدث لهم من هذه الامة الجافية فهم لو اتوا ليحاصروا مدن اسرائيل لن يحميهم شيئ لانهم تركوا الرب واعتمدوا علي الاسوار انها حصينة تحميهم فتركهم الرب وانذرهم فرفضوا ان يسمعوا انذاره ويرجعوا اليه فتركهم يجنوا ثمار شرورهم. فالرب يحذر من خطورة الخطية ولا يوصي بفعل هذه الامور  

28: 53 فتاكل ثمرة بطنك لحم بنيك و بناتك الذين اعطاك الرب الهك في الحصار و الضيقة التي يضايقك بها عدوك

ويستمر الرب في نصحه لاولاده وتحذيرهم من خطورة الخطية وقول لهم ان نتيجة لهذا الحصار وعدم توفر اقل حد من الطعام المطلوب لان الغزاه اخذوا كل ثمر الحقل والبهائم فلا يجدوا شيئ ياكلونه فتعم عليهم المجاعة شديدة جدا لايجدوا اي شيئ ياكلونه وفي هذه المرحلة طبيا يدخل الانسان من الجوع الشديد مرحله من الهلوسة بل يتجرد من مشاعره البشرية واي عواطف انسانية مثل الابوه والامومة فقد يصل من الجوع الي ان ياكل الجيف لو وجد وان يذبح صغيره لانه لا يوجد اي شيئ اخر ياكله وهو ايضا يفعل هذا ليريح الابن او الابنه ايضا من معانتهم من الجوع وايضا ليتخلص من صراخهم المستمر من شدة الجوع فهو في مرحلة هلوسة بالفعل.

واكرر الرب يحذر ولا يوصي ان يفعلوا هذا 

28: 54 الرجل المتنعم فيك و المترفه جدا تبخل عينه على اخيه و امراة حضنه و بقية اولاده الذين يبقيهم 

28: 55 بان يعطي احدهم من لحم بنيه الذي ياكله لانه لم يبق له شيء في الحصار و الضيقة التي يضايقك بها عدوك في جميع ابوابك 

فيوضح لهم انه يوصل الي ان تموت فيه كل مشاعر وكل عاطفة بصورة لا يمكن شرحها بان الأب يبخل على أخيه وزوجته بلحم إبنه. 

 والحقيقه ما قله الرب وحذر منه في امر الحصار والمجاعة حدث بعد هذا التحذير بسبع قرون ايضا.

سفر الملوك الثاني 6

6: 24 و كان بعد ذلك ان بنهدد ملك ارام جمع كل جيشه و صعد فحاصر السامرة 

6: 25 و كان جوع شديد في السامرة و هم حاصروها حتى صار راس الحمار بثمانين من الفضة و ربع القاب من زبل الحمام بخمس من الفضة 

6: 26 و بينما كان ملك اسرائيل جائزا على السور صرخت امراة اليه تقول خلص يا سيدي الملك 

6: 27 فقال لا يخلصك الرب من اين اخلصك امن البيدر او من المعصرة 

6: 28 ثم قال لها الملك ما لك فقالت ان هذه المراة قد قالت لي هاتي ابنك فناكله اليوم ثم ناكل ابني غدا 

6: 29 فسلقنا ابني و اكلناه ثم قلت لها في اليوم الاخر هاتي ابنك فناكله فخبات ابنها 

6: 30 فلما سمع الملك كلام المراة مزق ثيابه و هو مجتاز على السور فنظر الشعب و اذا مسح من داخل على جسده 

 وهم في هذه المرحلة كانوا اشرار جدا وتركوا الرب ورفضوا ان يسمعوا لتحذيره في مملكة اسرائيل في الشمال فتركهم الرب للحصار . بل وصلوا الي ان الملك من شره اراد ان يقتل اليشع نبي الرب 

6: 31 فقال هكذا يصنع لي الله و هكذا يزيد ان قام راس اليشع بن شافاط عليه اليوم 

 

ولكن الرب رغم كل شرورهم تحنن عليهم ورحمهم فهو بقي امين رغم كل شرورهم 

7: 6 فان الرب اسمع جيش الاراميين صوت مركبات و صوت خيل صوت جيش عظيم فقالوا الواحد لاخيه هوذا ملك اسرائيل قد استاجر ضدنا ملوك الحثيين و ملوك المصريين لياتوا علينا 

7: 7 فقاموا و هربوا في العشاء و تركوا خيامهم و خيلهم و حميرهم المحلة كما هي و هربوا لاجل نجاة انفسهم 

 وهنا نري الموقف بوضوح اكثر. الرب سبق فانذرهم من ثمار الخطية وبعدهم عنه ومخالفتهم لوصاياه. هم خالفوا وصاياه كثيرا وهو صبر عليهم ولكن كل مره بعد ان يضايقهم الاعداد يسرعوا ويتوبوا فيرحمهم ولكن بعد انقسام المملكة اذداد شر اليهود وبخاصه مملكة الشمال اسرائيل وتركت الرب رغم انذاراته الكثيره وطلبه لهم ان يتوبوا عن خطاياهم ويرجعوا اليه ولكنهم رفضوا وذادوا من شرهم جدا وهذا بعد سبع قرون من كلام موسى وبالفعل تركهم الرب فحدث حصار شديد جدا ورغم هذه لم يتوبوا بل اراد الملك قتل نبي الله اليشع ورغم ذلك اعطاهم الرب فرصه اخيره بان انقذهم من ملك ارام. 

ولكن هم استمروا في شرهم اكثر وذادوا في عنادهم فاسلمهم الي ملك اشور ففعل معهم امور شريرة كثيرة

وايضا شعب مملكة الجنوب ( يهوذا ) فعل الشر بكثرة مثل مملكة الشمال فاسلمهم الي ملك بابل الذي حاصرهم واتعبهم جدا  

سفر مراثي ارميا 4

4: 7 كان نذرها انقى من الثلج و اكثر بياضا من اللبن و اجسامهم اشد حمرة من المرجان جرزهم كالياقوت الازرق 

4: 8 صارت صورتهم اشد ظلاما من السواد لم يعرفوا في الشوارع لصق جلدهم بعظمهم صار يابسا كالخشب 

4: 9 كانت قتلى السيف خيرا من قتلى الجوع لان هؤلاء يذوبون مطعونين لعدم اثمار الحقل 

4: 10 ايادي النساء الحنائن طبخت اولادهن صاروا طعاما لهن في سحق بنت شعبي 

 

فالامر في النهاية ليس وصية ولكن تحذير من الرب لما يحدث للانسان الخاطي الذي يصر علي الخطية ويرفض الله باصرار فيتركه الرب لخطاياه فيجني ثمار شروره. 

 

والمجد لله دائما