هل يحق لبيلاطس ان يطلق سجين بدون الرجوع الي روما وما الدليل التاريخي على هذا؟

متى 27: 15 ومرقس 15: 6 ولوقا 23: 17 ويوحنا 18: 39



الشبهة



يقول الاناجيل ان بيلاطس كان معتادا في العيد أن يطلق لليهود أسيرا واحدا، من أرادوه. وهذا خطأ لان لا يمكن إطلاق اسير من الإمبراطورية الرومانية من غير ما يخطر روما. ولا يوجد دليل تاريخي على ما يقوله الاناجيل.



الرد



في البداية من اين اتى المشككين بكل هذه السلسلة من الافتراضات؟ فمن قال ان الحاكم الروماني ليس في سلطته ان يطلق اسير؟ بل ماذا يفعل الحاكم الروماني وما فائدته وماذا يحكم أصلا لو لم يكن هذا من سلطته؟ وهل بناء على فكر المشكك أن مفروض على بيلاطس ان يخطر من في روما؟ يخطر الامبراطور ام حاكم اخر في روما؟ وهل يتخيل المشكك ان الإمبراطورية الرومانية باتساعها هذا كله ان يخبر مئات الحكام كل يوم من يطلقوا ومن يحبسوا من الالاف للإمبراطور؟ فهل يتوقعوا ان الامبراطور او مجلس روما لا يفعل شيء يوميا الا ان ينظر الاف طلبات الحكام واستشاراتهم بإطلاق هذا وحبس هذا وقتل هذا؟ بل هل يتوقع المشكك ان الحاكم في اليهودية او مناطق ابعد ان يرسل لروما التي تستغرق الرحلة البحرية أسابيع وأحيانا في الشتاء شهور ليخطرهم او يستأذنهم بإطلاق محبوس وينتظر الرد في أسابيع او شهور أخرى؟ هل هذا مستوى الشبهات هذه الأيام؟

ولو كان هذا المستوى من التشكيك في كل شيء تاريخي بهذه الطريقة لاضطررنا ان نجعل كل المعلومات التاريخية مشكوك فيها. ولكن ما علينا هذا ما تعودنا عليه من مهاجمي الكتاب المقدس فعندهم كل شيء صحيح حتى يثبت خطؤه فيما عدا الكتاب المقدس كل شيء خطأ حتى يثبت صحته وهذا الكيل بمكيالين

هؤلاء يخترعون شبهات تعتمد على غياب الدليل وليس عن وجود دليل عكسي وهذه حجة عقلية مرفوضة.

ورغم هذا فالإجابة باختصار ان هذه هي وظيفة الحاكم الروماني ان يحبس او يطلق الأشخاص المقبوض عليهم بعد التحقيق وهذا مثبت في التاريخ. ولكن عليه ان يخطر روما بتقارير وملخصات الاحكام التي اصدرها وليس بان يصدروا له الاحكام. فبيلاطس يحق له اطلاق سجين.

الاعداد

انجيل متى 27

15 وَكَانَ الْوَالِي مُعْتَادًا فِي الْعِيدِ أَنْ يُطْلِقَ لِلْجَمْعِ أَسِيرًا وَاحِدًا، مَنْ أَرَادُوهُ.

انجيل مرقس 15

6 وَكَانَ يُطْلِقُ لَهُمْ فِي كُلِّ عِيدٍ أَسِيرًا وَاحِدًا، مَنْ طَلَبُوهُ.

انجيل لوقا 23

17 وَكَانَ مُضْطَرًّا أَنْ يُطْلِقَ لَهُمْ كُلَّ عِيدٍ وَاحِدًا،

انجيل يوحنا 18

39 وَلَكُمْ عَادَةٌ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ وَاحِدًا فِي الْفِصْحِ. أَفَتُرِيدُونَ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ مَلِكَ الْيَهُودِ؟».

فواضح انها عادة كان مجبر بيلاطس على اتباعها في كل عيد فصح. هو وغالبا من كان قبله في الحكم.

فما ابدأ به هو ان كان من حق الحكام الرومان إطلاق سجناء وهذا مسجل جيدا بل سنجد ان حتى في اليهودية هذا مسجل. فلو كان الحكام الرومان فعلوا هذا ومسجل فما الذي يمنع ان بيلاطس الحاكم الروماني يقوم بهذا طالما هو امر يقوم به الحكام الرومان؟

أولا يسجل لنا يوسيفوس ان الحاكم الروماني البينيوس Albinus الذي كان يستعد ان يغادر مكتبه الذين كان قبض عليهم في جرائم مختلفة. قبض فلوس مقابل إطلاق سراحهم وجعل البلاد تمتلئ باللصوص

فيقول

'he was desirous to appear to do somewhat that might be grateful to the people of Jerusalem; so he brought out all those prisoners who seemed to him to be most plainly worthy of death, and ordered them to be put to death accordingly. But as to those who had been put into prison on some trifling occasions, he took money of them, and dismissed them; by which means the prisons were indeed emptied, but the country was filled with robbers.' (Antiquities 20.9.3).

أي هذا من حق الحاكم الروماني. فلو كان البينوس فعلها فما الذي يمنع بيلاطس ان يطلق اسير واحد لو كان تحت ضغط ويريد ان يرضي اليهود فلا يقوموا بثورات

انجيل لوقا 23: 17

وكان مضطرا ان يطلق لهم كل عيد واحدا

فهو عن اضطرار



ثانيا في المشنة اليهودية انهم كان مسموح لهم ان يذبحوا الفصح عن الشخص الذي حصلوا على وعد بان يطلق سراحه في العيد

they may slaughter the passover lamb for one…. whom they have promised to bring out of prison”

فهذه شهادة يهودية قوية ان اليهود كان عندهم عادة ان يطلق لهم سراح اسير في عيد الفصح وهذا يؤكد ما قاله المبشرين الأربعة



ثالثا بردية تعود الى 85 م من الحاكم الروماني في مصر يقول فيها ان تستحق الجلد ولكن سأطلق سراحك للجموع

You were worthy of scourging but I gave you to the crowds.”

(P.Flor 61, c. AD 85)

فهو يطلق سارح هذا بناء على طلب الجمهور رغم انه يستحق العقاب.



رابعا بليني الصغير في خطاب له سجل امر مثل هذا فيقول ان البعض أطلق سراحهم بواسطة الحاكم رغم انه لم يكن يجرؤ أحد ان يطلق سراحهم

"It was asserted, however, that these people were released upon their petition to the proconsuls, or their lieutenants; which seems likely enough, as it is improbable any person should have dared to set them at liberty without authority"

(Epistles 10.31).



خامسا وجد في القانون الروماني ان الحاكم يستطيع ان يعفي عن سجناء استجابة لصراخ الجموع

There is….. a parallel in Roman law which indicates that an imperial magistrate could pardon and acquit individual prisoners in response to the shouts of the populace’

The author William Lane P553.



فكل هذا يؤكد ان بيلاطس ليس فقط مسموح بل قانونا يحق له ان يفعل هذا وبخاصة ان هذه العادة كما وضحت المصادر السابقة موجودة عند حكام اليهودية من الرومان قبل بيلاطس وهو اضطر ان يتبعها لكي يرضي اليهود.

بل أيضا أقدم دليل كتابي على هذا من كلام بيلاطس مع المسيح

إنجيل يوحنا 19: 10

فَقَالَ لَهُ بِيلاَطُسُ: «أَمَا تُكَلِّمُنِي؟ أَلَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّ لِي سُلْطَانًا أَنْ أَصْلِبَكَ وَسُلْطَانًا أَنْ أُطْلِقَكَ؟»

فبيلاطس يوضح ان هذا من سلطانه ان يطلق سجين او يصلبه

وأيضا في قصة معلمنا بولس الرسول التي توضح ان أي شخص غير روماني في الإمبراطورية الرومانية كان يحق للحاكم ان يصدر قرار في امره بحرية ولا يحتاج ان يرجع لروما ولكن لو كان روماني وأصر برفع دعواه لقيصر في هذا الوقت لا بد ان يعرض امره على روما

سفر اعمال الرسل 22
24
أَمَرَ الأَمِيرُ أَنْ يُذْهَبَ بِهِ إِلَى الْمُعَسْكَرِ، قَائِلاً أَنْ يُفْحَصَ بِضَرَبَاتٍ، لِيَعْلَمَ لأَيِّ سَبَبٍ كَانُوا يَصْرُخُونَ عَلَيْهِ هكَذَا.
25
فَلَمَّا مَدُّوهُ لِلسِّيَاطِ، قَالَ بُولُسُ لِقَائِدِ الْمِئَةِ الْوَاقِفِ: «أَيَجُوزُ لَكُمْ أَنْ تَجْلِدُوا إِنْسَانًا رُومَانِيًّا غَيْرَ مَقْضِيٍّ عَلَيْهِ؟»
26
فَإِذْ سَمِعَ قَائِدُ الْمِئَةِ ذَهَبَ إِلَى الأَمِيرِ، وَأَخْبَرَهُ قَائِلاً: «انْظُرْ مَاذَا أَنْتَ مُزْمِعٌ أَنْ تَفْعَلَ! لأَنَّ هذَا الرَّجُلَ رُومَانِيٌّ».
27
فَجَاءَ الأَمِيرُ وَقَالَ لَهُ: «قُلْ لِي: أَنْتَ رُومَانِيٌّ؟» فَقَالَ: «نَعَمْ».
28
فَأَجَابَ الأَمِيرُ: «أَمَّا أَنَا فَبِمَبْلَغٍ كَبِيرٍ اقْتَنَيْتُ هذِهِ الرَّعَوِيَّةَ». فَقَالَ بُولُسُ: «أَمَّا أَنَا فَقَدْ وُلِدْتُ فِيهَا».
29
وَلِلْوَقْتِ تَنَحَّى عَنْهُ الَّذِينَ كَانُوا مُزْمِعِينَ أَنْ يَفْحَصُوهُ. وَاخْتَشَى الأَمِيرُ لَمَّا عَلِمَ أَنَّهُ رُومَانِيٌّ، وَلأَنَّهُ قَدْ قَيَّدَهُ.
فلو لم يكن رومانيا لفعل الحاكم به ما يشاء ولكن لان عنده الجنسية الرومانية هذه فقط هي التي تعطي حماية من ان يظلمه الحاكم

سفر اعمال الرسل 25

9 وَلكِنَّ فَسْتُوسَ إِذْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يُودِعَ الْيَهُودَ مِنَّةً، أَجَابَ بُولُسَ قِائِلاً: «أَتَشَاءُ أَنْ تَصْعَدَ إِلَى أُورُشَلِيمَ لِتُحَاكَمَ هُنَاكَ لَدَيَّ مِنْ جِهَةِ هذِهِ الأُمُورِ؟»
10
فَقَالَ بُولُسُ: «أَنَا وَاقِفٌ لَدَى كُرْسِيِّ وِلاَيَةِ قَيْصَرَ حَيْثُ يَنْبَغِي أَنْ أُحَاكَمَ. أَنَا لَمْ أَظْلِمِ الْيَهُودَ بِشَيْءٍ، كَمَا تَعْلَمُ أَنْتَ أَيْضًا جَيِّدًا.
11
لأَنِّي إِنْ كُنْتُ آثِمًا، أَوْ صَنَعْتُ شَيْئًا يَسْتَحِقُّ الْمَوْتَ، فَلَسْتُ أَسْتَعْفِي مِنَ الْمَوْتِ. وَلكِنْ إِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا يَشْتَكِي عَلَيَّ بِهِ هؤُلاَءِ، فَلَيْسَ أَحَدٌ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُسَلِّمَنِي لَهُمْ. إِلَى قَيْصَرَ أَنَا رَافِعٌ دَعْوَايَ!».
12
حِينَئِذٍ تَكَلَّمَ فَسْتُوسُ مَعَ أَرْبَابِ الْمَشُورَةِ، فَأَجَابَ: «إِلَى قَيْصَرَ رَفَعْتَ دَعْوَاكَ. إِلَى قَيْصَرَ تَذْهَبُ!».



سفر اعمال الرسل 26

32 وَقَالَ أَغْرِيبَاسُ لِفَسْتُوسَ: «كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يُطْلَقَ هذَا الإِنْسَانُ لَوْ لَمْ يَكُنْ قَدْ رَفَعَ دَعْوَاهُ إِلَى قَيْصَرَ».

فحتى وهو روماني لو لم يكن رفع دعواه لقيصر لكان من حق الحاكم ان يطلقه.

فهذا يوضح جليا ما قلته ان كان من سلطات الحاكم الروماني ان يعاقب وان يطلق المقبوض عليهم من غير الرومان من أهالي المنطقة التي يحكمها بدون الرجوع الى قيصر وروما

واعتقد بهذا الشبهة انتهت

ولكن أكمل أشياء بسيطة عن بيلاطس وعلاقته باليهود

باختصار بيلاطس البنطي الروماني هو لقبه الحاكم الروماني في وقت طيباريوس قيصر وفي هذا التوقيت كان لقبه ليس حاكم فقط Roman governor بل هو كان لقبه perfect وهذا اللقب يعني المسؤول الرسمي ولا يحتاج ان يراجع اخر في شؤون المنطقة المسؤول عنها وهو كان البيرفيكت الخامس الذي تولى اليهودية من سنة 26 الى 36 م

"Britannica Online: Pontius Pilate". Britannica.com. Retrieved 21 March 2012.

أشار اليه تاسيتوس وفيلو اليهودي الاسكندري ويوسيفوس بالإضافة الى الكتاب المقدس طبعا

وهو تولى بعد فاليريوس جراتيوس Valerius Gratus سنة 26 م وكان مهدد بالاقالة في حالة أي شغب وبعد ما فعله من قتل في السامرة سنة 36 م تم اقالته ونفيه واستبداله بمارسيليوس في حكم كلاجيولا ومات او انتحر سنة 39 م في النفي

شخصية بيلاطس حاول الكثيرين في الماضي الادعاء انها شخصية خرافية اخترعها الانجيل كعادتهم ليخطؤوا الانجيل ولكن حدث اكتشاف أثرى مهم سنة 1961 م وفيه اكتشفت لوحة حجرية في القيصرية في اليهودية تحمل اسم بيلاطس البنطي

Jerry Vardaman, A New Inscription Which Mentions Pilate as 'Prefect' , Journal of Biblical Literature Vol. 81, 1962. pp. 70–71.

وموجودة ويستطيع أي احد ان يراها في قيصرية ومعروفة باسم لوحة بيلاطس وتظهر لقبه بيلاطس البنطي بيرفك اليهودية

[DIS AUGUSTI]S TIBERIÉUM

[...PO]NTIUS PILATUS

[...PRAEF]ECTUS IUDA[EA]E

[...FECIT D]E[DICAVIT]

The translation from Latin to English for the inscription reads:

To the Divine Augusti [this] Tiberieum

...Pontius Pilate

...prefect of Judea

...has dedicated [this]

وكما واضح من اللوحة انه لم يكن حاكم فقط بل بيرفيكت وحدث ان اليهودية التي كانت تحت حكم هيرودس الكبير حتى 1 ق م ثم ابنه ارخيلاوس ولكن سنة 6 ميلادية بدأ يكون عليها حاكم روماني بسبب الثورات

وهذا الحاكم كان مسؤولياته عسكرية وأيضا مسؤول عن جمع الضرائب لروما وأيضا من سلطته اصدار احكام والتنسيق مع المجالس المحلية للشعوب وفي اليهودية هو مجمع السنهدرين

Doug Linder. "law.umkc.edu". law.umkc.edu. Retrieved 21 March 2012.

بل حتى تعيين رئيس مجمع مثل السنهدرين وهو رئيس الكهنة كان في يد الحاكم الروماني فمثلا قيافا تعيينه كان بواسطة فاليريوس السابق لبيلاطس وبتصديق من والي سورية لوسيوس فيتيليوس. فالبيرفكت كان درجة مرتفعة من السلطة تصل ليس فقط لإطلاق سجين واعدام اخر بل تصل لدرجة ان يعين رئيس كهنة

بيلاطس كحاكم لليهودية كان لابد ان يكون مشرف على ليجيونير روماني أي جيش روماني كامل ولكن صغير الحجم. ويكون لبيلاطس أيضا فرق عسكرية في القلاع مثل القيصرية واورشليم وقلعة انتونيا وغيرها هذه تسرع بالتصرف في اندلاع أي شغب لا يحتاج فيه ان يتدخل الجيش ولو اتسع الامر يتدخل الليجيونير ولو فلت الامر جدا يرسل ليستدعي ليجيونير الشام الكبير. فبيلاطس يقدر انه كان يشرف على 3000 عسكري برؤساء المئات والتريبيون وغيرهم من الألقاب

Lehmann, Clayton Miles (11 August 1999). "Administrative and military organization of Roman Palestine". Online Encyclopedia of the Roman Provinces. University of South Dakota. Archived from the original on 19 December 2010. Retrieved 24 February 2016.

المجرمين في أيام بيلاطس كانت تعتبر درجات فالخلافات وغيرها جرائم صغيرة بل حتى لو كان سارق هيكل او خلافات دينية والعقوبات متفاوتة ولكن ليس القتل ولكن الامر بمنع دفع الضرائب كانت تعتبر جريمة من الجرائم الكبرى ضد روما يستحق مرتكبها القتل مباشرة

"LacusCurtius • Roman Law – Majestas and Perduellio (Smith's Dictionary, 1875)". Penelope.uchicago.edu. Retrieved 21 March 2012.

ولهذا رؤساء الكهنة الخبثاء اتهموا المسيح ليس بانه قال انه ابن الله لان هذا لا يهم الرومان الذين يؤمنون بتعدد الالهة بل اتهموه بأنه مفسد ويأمر بعدم إعطاء الجزية لقيصر لتكون جريمة تستحق عقوبة القتل مباشرة حسب القانون الروماني

إنجيل لوقا 23: 2

وَابْتَدَأُوا يَشْتَكُونَ عَلَيْهِ قَائِلِينَ: «إِنَّنَا وَجَدْنَا هذَا يُفْسِدُ الأُمَّةَ، وَيَمْنَعُ أَنْ تُعْطَى جِزْيَةٌ لِقَيْصَرَ، قَائِلاً: إِنَّهُ هُوَ مَسِيحٌ مَلِكٌ».

وهذا من المسؤوليات الأساسية لبيلاطس والتي يحق له تنفيذ العقوبة مباشرة كما شرح لنا المرجع السابق عن القوانين اليهودية

ولكن بيلاطس كما يظهر من الاناجيل بوضوح كان يريد ان يطلق الرب يسوع المسيح لأنه علم انه بمكيدة وهذه التهمة ملفقة

ولكن الذي اجبر بيلاطس هو خوفه من ثورة يهودية أخرى تجعله يخسر مكانته وتصل الانباء للإمبراطور الذي لا يريد ثورات فيعاقبه ولهذا مرة يستخدم اللين ومرة يستخدم العنف وكثيرا كان يبدا بالرفض ويضطر ان يستجيب لليهود وكانت سقطته سنة 36 م عندما استخدم العنف في موضوع السامرة حيث دعى شخص مجهول سامريين يذهبوا لجبل جرزيم ليروا اثر مقدس من موسى وقبل ان يصعدوا الهيكل كان بيلاطس سمع بالأمر فارسل فرقة عسكرية ثقيلة التسلح واعترضوهم وذبحوا البعض وسجنوا كثيرين وقتل المتزعم ومؤيديه فاشتكوا بشدة لحاكم الشام الروماني الذي اخطر روما بهذا فتم استدعاؤه لروما وعندما وصل كان طيباريوس مات وتولى كاليجولا وعاقب بيلاطس بالنفي للغال

Wise, Isaac Mayer (1880). History of the Hebrews' Second Commonwealth: With Special Reference to Its Literature, Culture, and the Origin of Rabbinism and Christianity. v. 41; v. 992.



Josephus, Antiquities of the Jews 18.4.1

لهذا كون انه مجبر ان يطلق اسير هذا يتفق مع موقفه من اليهود وهناك أيضا احداث كثيرة تؤيد ذلك

فمن الاحداث التي أخبر بها يوسيفوس عن بيلاطس انه اشيع عن خلافاته الكثيرة مع اليهود وكانوا يتهموه ان لا يحترم عوائدهم رغم محاولاته لكسب رضاهم فمثلا في موضوع تماثيل وصور قيصر التي أقامها في اورشليم التي جعلت اليهود يرفضوا فاضطر ان يزيلها ولكن امر جنوده بإرجاعها لاورشليم في الليل فثار اليهود في اليوم التالي عندما اكتشفوها وبعد خلاف خمس أيام امر جنوده ان يحيطوا جبل الهيكل وهدد اليهود بالموت ولكنهم أعلنوا انهم مستعدين للموت ولا يخالفوا الشريعة فاضطر في النهاية أيضا ان يرضخ لهم ويزيل الصور والتماثيل

Josephus, Jewish War 2.9.2–4

Jewish Encyclopedia article on Pilate, retrieved 5 May 2009

أيضا فيلو اليهودي سجل حادثة مشابهة وهي حادثة الدروع الذهبية التي تم تهديد بيلاطس من قبل الامبراطور طيباريوس بعد خلافه مع اليهود لأنه وضع دروع رومانية مغلفة بالذهب تكريما لطيباريوس في قصر هيرودس الكبير في اورشليم وتظاهر اليهود لدى بيلاطس فرفض فأرسلوا لطيباريوس فأرسل طيباريوس لبيلاطس معنفا له وامرا له ان يخضع لكلام اليهود وإزالة الدروع الذهبية

Philo, On The Embassy of Gauis Book XXXVIII 299–305

وحادثة الدروع الذهبية هذه هي التي خلقت عداوة شديدة بين بيلاطس وليس اليهود فقط بل حتى هيرودس انتيباس ابن هيرودس الكبير

Embassy to Gaius 38:299-305; Maier 1969:109-121

ونجد ان هذا ما يذكره بدقة شديدة

إنجيل لوقا 23: 12

فَصَارَ بِيلاَطُسُ وَهِيرُودُسُ صَدِيقَيْنِ مَعَ بَعْضِهِمَا فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، لأَنَّهُمَا كَانَا مِنْ قَبْلُ فِي عَدَاوَةٍ بَيْنَهُمَا.



أيضا حادثة أخرى يذكرها لنا يوسيفوس وهي حادثة ان بيلاطس يأخذ أموال من الهيكل ليبني قناة مائية ولكي يخبر اليهود اخفى جنود تنكروا في ملابس يهودية واندسوا بين جموع اليهود وعندما أخبر بيلاطس وبدأ اليهود كالعادة الاعتراض اعطى بيلاطس العلامة للجنود فبدؤا يهجموا عشوائيا بالضرب ووصل للقتل لبعض اليهود المعترضين لكي يسكت الاعتراض وهذا ازاد من اعتراضات اليهود عليه

Josephus, Antiquities of the Jews 18.3.2

فاضطر بعدها ان يراضيهم

فبيلاطس كان مجبرا في مواقف كثيرة ان يخضع لليهود

وكل هذا يتفق تماما مع موضوع انه كان مجبر على إطلاق اسير في عيد الفصح إرضاء لليهود المتعبين والذي لا يريد ان يصل للإمبراطور أي شكوى منهم ضده او يسمع عن ثورة

فلهذا عرفنا انه لا يوجد أي خطأ تاريخي في ان تذكر الاناجيل ان بيلاطس كان يطلق في كل عيد فصح اسير بل هذا يثبت صحة الاناجيل وإنها كتبت في زمن قرب وقوع الاحداث ومن شهود عيان عاشوا هذه الاحداث ولهذا يعرفوا تفاصيل لم تذكر بوضوح في الكتابات التاريخية. فلو كان البشائر الأربعة كتبت بعد هذا في القرن الثاني وما بعده كما يحاول بعض المهاجمين الادعاء لما ذكروا تفصيلات دقيقة مثل هذه.

واكتفي بهذا القدر



والمجد لله دائما