لماذا كافئ داود صبيا الكذاب ؟ 2 صموئيل 19: 29



Holy_bible_1



الشبهة



في سفر صموئيل الثاني 16 كذب صبيا علي داود بشان مفيبوشث وايضا خان صبيا سيده مفيبوشث ولكن نجد في صموئيل 19 ان داود كافئ صبيا علي كذبه وخيانته بانه قسم املاك مفيبوشث مع صبيا فهل هذا عدل من داود ؟



الرد



أولا داود انسان غير معصوم فلا يوجد إشكالية ان يخطئ

ثانيا داود لم يستشير الرب في هذه الحادثة

ولكن الحقيقة من يدرس القصة من بداية الاصحاح التاسع لن يجد هناك اي ظلم او عدم عدل من داود

وتبدأ القصة من

سفر صموئيل الثاني 9

9: 1 وقال داود هل يوجد بعد أحد قد بقي من بيت شاول فاصنع معه معروفا من اجل يوناثان

اراد داود ان يقابل شر شاول بخير لاجل يوناثان ابن شاول

9: 2 و كان لبيت شاول عبد اسمه صيبا فاستدعوه الى داود و قال له الملك اانت صيبا فقال عبدك

9: 3 فقال الملك الا يوجد بعد احد لبيت شاول فاصنع معه احسان الله فقال صيبا للملك بعد ابن ليوناثان اعرج الرجلين

9: 4 فقال له الملك اين هو فقال صيبا للملك هوذا هو في بيت ماكير بن عميئيل في لودبار

9: 5 فارسل الملك داود و اخذه من بيت ماكير بن عميئيل من لودبار

وفضل تعريف داود بمفيبوشث يرجع الي صبيا وهذه ميزه او حسنه ترجع الي صبيا وساعود اليها بعد قليل

9: 6 فجاء مفيبوشث بن يوناثان بن شاول الى داود و خر على وجهه و سجد فقال داود يا مفيبوشث فقال هانذا عبدك

9: 7 فقال له داود لا تخف فاني لاعملن معك معروفا من اجل يوناثان ابيك و ارد لك كل حقول شاول ابيك و انت تاكل خبزا على مائدتي دائما

9: 8 فسجد و قال من هو عبدك حتى تلتفت الى كلب ميت مثلي

9: 9 و دعا الملك صيبا غلام شاول و قال له كل ما كان لشاول و لكل بيته قد دفعته لابن سيدك

9: 10 فتشتغل له في الارض انت و بنوك و عبيدك و تستغل ليكون لابن سيدك خبز لياكل و مفيبوشث ابن سيدك ياكل دائما خبزا على مائدتي و كان لصيبا خمسة عشر ابنا و عشرون عبدا

ويجب ان نفهم شيئ مهم هنا

ان معني صبيا يكون عبد لمفيبوشث اي يعمل عنده كموظف قائم علي اعمال البيت اي وكيل اعمال

لان صبيا نفسه عنده 20 عبد فكيف يكون عبد هو ايضا في نفس الوقت سيد علي عبيد

وهذا من الاشياء التي تؤكد فكر العبوديه اليهودي هو عباره عن اسلوب وظيفي وليس قهر

والاتفاق هو ان صبيا وبنيه وعبيده يقوموا بزراعة الارض وجني المحصول ويقدموا طعام الي مفيبوشث وابنه وايضا هم يأخذوا نصيب قد يكون ما يوازي نصف المحصول تقريبا ونصف الخيرات لانفسهم او أكثر طعام لهم ورزق لاسرة صبيا لأنه هو وبنوه الخمسة عشرة وعبيده العشرين سيعملون في ارض مفيبوشث أي 36 رجل بزوجاتهم وابنائهم

فهو اتفاق غير محدد النصيب لكل منهما ولكن يعتمد على المحبه والسلام بين بيت صبيا بكل افراده ومفيبوشث ويعتبر مفيبوشث هو المالك وصبيا هو القائم بكل الاعمال ويقدم ما يكفي مفيبوشث وزيادة ويأخذ ما يكفي لأسرته الكبيرة وخدامه

9: 11 فقال صبيا للملك حسب كل ما يامر به سيدي الملك عبده كذلك يصنع عبدك فياكل مفيبوشث على مائدتي كواحد من بني الملك

9: 12 و كان لمفيبوشث ابن صغير اسمه ميخا و كان جميع ساكني بيت صيبا عبيدا لمفيبوشث

9: 13 فسكن مفيبوشث في اورشليم لانه كان ياكل دائما على مائدة الملك وكان أعرج من رجليه كلتيهما

واستمر هذا الامر وقد يكون (وهذا افتراض مني) أن صبيا شعر انه لا ياخذ نصيبه كامل وبخاصه ان العبيد العبرانيين كان من حقهم بعد ست سنوات ان يخرج حر مجانا وياخذ من الماشية والبيدر والمعصره هذا بالاضافه الي ان صبيا هو كان قائم على كل العمل هو واولاده وعبيده بدون ان يكون له نصيب واضح او مستقبل محدد

وبدل من ان يطلب صبيا من داود استغل الموقف الذي هرب فيه داود من ابشالوم

سفر صموئيل الثاني 16

16: 1 و لما عبر داود قليلا عن القمة اذا بصيبا غلام مفيبوشث قد لقيه بحمارين مشدودين عليهما مئتا رغيف خبز و مئة عنقود زبيب و مئة قرص تين و زق خمر

16: 2 فقال الملك لصيبا ما لك و هذه فقال صيبا الحماران لبيت الملك للركوب و الخبز و التين للغلمان لياكلوا و الخمر ليشربه من اعيا في البرية

وهذا احسان وفضل كبير صنعه صبيا مع داود المتعب هو ورجاله والهارب من ابشالوم يحسب له ويجب ان يكافئ عليه

16: 3 فقال الملك و اين ابن سيدك فقال صيبا للملك هوذا هو مقيم في اورشليم لانه قال اليوم يرد لي بيت اسرائيل مملكة ابي

ولكن هذه هي خطية صبيا فرغم انه كل ما يعمله حتى الان كان جيد جدا الا ان خيانته لمفيبوشث وكذبه علي داود هذا خطأ

16: 4 فقال الملك لصيبا هوذا لك كل ما لمفيبوشث فقال صيبا سجدت ليتني اجد نعمة في عينيك يا سيدي الملك

وهنا داود بدون ما ان يسمع للطرف الاخر اصدر حكم قضاء ولكن هو في موقف ضيق ولا يعرف ان كان سيعود ام لا

وبالفعل بسبب الظروف جعلت داود يقع في هذا الحكم فكيف يفكر مفيبوشث وهو اعرج القدمين ان شعب اسرائيل سيترك ابشالوم وينصبوه هو ملكا وهو عاجز

فهي حجة غير مقبوله ولكن داود لم يكن في وقت مناسب للتفكير او التحقق

وندرس جيدا موقف صبيا

هو كان امامه ان

ينقلب علي مفيبوشث لو كان متوقع ان داود لن يعود مره اخري

او كان ينضم الي ابشالوم الأقوى من الناحية العسكرية وبخاصه ان قلب كل اسرائيل ذهب وراء ابشالوم ومن الممكن ان يحصل على ممتلكات مفيبوشث بهذه الطريقه

ولكنه فضل ان يصنع خير مع داود لانه يعرف ان الرب مع داود

فصبيا رغم خطيته الا انه اختار النصيب الصالح وهو داود رمز المسيح ولهذا يجب ان يعاقب علي خطيته ولكن بحكمه وايضا يكافئ علي احسانه



ثم ناتي الي الموقف الاخير

وقرر الملك داود ان يكون يوم رجوعه يوم سلام لا يعاقب فيه احد فلم يعاقب شمعي ابن جيرا الذي اساء اليه كثيرا

سفر صموئيل الثاني 19

19 :22 فقال داود ما لي و لكم يا بني صروية حتى تكونوا لي اليوم مقاومين اليوم يقتل احد في اسرائيل افما علمت اني اليوم ملك على اسرائيل

فاذا كان قرر الملك عدم معاقبة اعداؤه الذين يستحقون القتل مثل شمعي هل سيعاقب صبيا الذي أحسن الي داود؟

سفر صموئيل الثاني 19

19: 24 و نزل مفيبوشث ابن شاول للقاء الملك و لم يعتن برجليه و لا اعتنى بلحيته و لا غسل ثيابه من اليوم الذي ذهب فيه الملك الى اليوم الذي اتى فيه بسلام

وهنا كشف مفيبوشث خدعة صبيا واثبت انه كان مواليا لداود وامينا له طول فترة غيابه وهذا يشير الى ان ما قاله صبيا كان كذب

19: 25 فلما جاء الى اورشليم للقاء الملك قال له الملك لماذا لم تذهب معي يا مفيبوشث

19: 26 فقال يا سيدي الملك ان عبدي قد خدعني لان عبدك قال اشد لنفسي الحمار فاركب عليه و اذهب مع الملك لان عبدك اعرج

19: 27 و وشى بعبدك الى سيدي الملك و سيدي الملك كملاك الله فافعل ما يحسن في عينيك

وهنا اكتشف داود انه اخطأ في حكمه وخدع من صبيا

19: 28 لان كل بيت ابي لم يكن الا اناسا موتى لسيدي الملك و قد جعلت عبدك بين الاكلين على مائدتك فاي حق لي بعد حتى اصرخ ايضا الى الملك

وليس ذلك فقط بل مفيبوشث يوضح انه لم ينسي فضل داود عليه ليس فقط في اعطاؤه املاك ولكن يعتبر ان ابقاء داود عليه حيا هو فضل من داود لان من عادة الملوك في الامم الاخري في هذا الزمان ان يقتلوا كل نسل الملوك السابقين لكيلا يكون لديهم معاندين في الحكم

وهنا نتوقف قليلا ونفهم موقف داود

اولا هو قرر ان يكون اليوم يوم سلام ولا يعاقب احد ولكن يجب ان يصحح ما فعل فلو عاقب صبيا سيعترض الكثيرين ويقولوا سامح شمعي الشرير جدا الذي اساء للملك وعاقب صبيا الذي احسن للملك في وقت ضعفه

ثانيا لو عاقب صبيا بنفيه او حتي فقط بطرده هو اسرته من ارض مفيبوشث هو بهذا يكون عاقب مفيبوشث نفسه واسرته لان من سيقوم بخدمتهم بعد ذلك فحتي عقاب صبيا سيكون عقاب غير مباشر لمفيبوشث الذي هو بدون ذنب وفقط خدع

ثالثا لو طالبهم بان يعود الوضع كما كان قبل هروب داود ليس بلائق لانه أغفل سبب المشكله وان صبيا يعمل هو وبنيه الخمسة عشر وعبيده العشرين بدون اجر محدد وهذا ظلم وايضا علاقة المحبه التي كانت موجودة في تقسيم خيرات الارض بين اسرة مفيبوشث واسرة صبيا تعكرت بسبب ما حدث فلن يمكنهم ان يتركوها بدون حدود لانتهاء الثقه بينهم فقد يسلب صبيا مفيبوشث او يتعامل مفيبوشث مع صبيا بظلم ولا يعطيه اي شيئ من خيرات الارض

رابعا لا يستطيع ان يبقي داود الوضع كما هو عليه الان لانه ظلم لمفيبوشث

فكان افضل حل من داود هو الاتي

19: 29 فقال له الملك لماذا تتكلم بعد بامورك قد قلت انك انت و صيبا تقسمان الحقل

وهو بالفعل في نظري قرار حكيم من داود لانه بتقسيم الارض نصفين وبتقسيم خيرات الارض نصفين حقق التالي

هو لم يعاقب صبيا لان اليوم يوم سلام ولكن صحح ما فعله سابقا فصبيا اخذ نصيب جيد

ابقي صبيا في خدمة اسرة مفيبوشث وبهذا يكون مفيبوشث استعاد حقوقه السابقه وكوفئ علي امانته

اعاد الوضع كما كان سابقا فقط مع حل ما يتم بمحبه سابقا أصبح يتم الان بصوره شرعيه بمعني ان صبيا وبنيه وعبيده يعملون في الارض كامله والخيرات تقسم نصفها لصبيا واسرته والنصف الثاني لاسرة مفيبوشث فلا يظلم مفيبوشث اسرة صبيا ولا يجير صبيا على حقوق مفيبوشث وصبيا ياخذ حقه نظير خدمته نصف الاملاك ومفيبوشث ياخذ ما يزيد عن حاجته من خيرات الارض وهو ايضا يملك نصف الاملاك ولا زال يعمل صبيا في خدمته كاملا

وايضا بطريقه غير مباشره صبيا اصبح مجبر علي الخدمه بدون اعتراض وايضا عوقب بطريقه غير مباشره وهو ان فقد نصف الاملاك التي كان اخذها مؤقتا فلا يستطيع احد ان يعترض علي داود ويقول انه ظلم اي منهم

19: 30 فقال مفيبوشث للملك فلياخذ الكل ايضا بعد ان جاء سيدي الملك بسلام الى بيته

واعلن مفيبوشث قبوله لقرار الملك وعبر انه مستعد لترك كل الاملاك في سبيل سلامة الملك

وبالطبع صبيا ليس له الحق ان يعلق على القرار لأنه يعرف خطؤه جيدا

إذا داود لم يكافئ صبيا على كذبه ولكن تصرف بحكمة رائعه جعلت الكل سعيد وفرح بهذا السلام وكل منهما اخذ حقوقه



واخيرا المعني الروحي



من تفسير ابونا تادرس يعقوب



نزل مفيبوشث من بيته في جبعة بنيامين إلى أورشليم ليلتقي بالملك داود، حيث لم يعتن برجليه ولا بلحيته منذ ترك داود الكرسي، فوجد باب الملك مفتوحًا أمامه! كان قلب داود مفتوحًا وأبواب قصره مفتوحة للجميع حتى بالنسبة لمقاوميه والمسيئين إليه. التقى بشمعي الذي سبه وصيبا الذي خدعه وها هو يلتقي بمفيبوشث الذي أوضح الأمر أمامه مؤكدًا أن صيبا خدعه إذ أخذ الحمارين وتركه وهو أعرج بلا مطية (١٦: ١-٤). لقد عاتبه داود عن عدم خروجه معه، لكنه ترك له المجال للدفاع دون أخذ حكم مسبق، وحينما أدرك أن صيبا قد وشى بسيده صفح عن مفيبوشث وحكم بتقسيم الحقول – ربما قصد محاصيل الحقول – بين مفيبوشث وصيبا. لم يحكم ضد صيبا ولا طرده من خدمته لأنه صنع معه معروفًا وقت شدته.

تأثر مفيبوشث من كلمات داود وحواره فأعلن اهتمامه بمجيء الملك لا برد نصف الممتلكات إليه. حسب رجوع الملك إلى أورشليم لا يقارن بأية مكاسب أخرى.

كان داود رمزًا للسيد المسيح الذي جاء إلى عالمنا خلال مزود بقر بلا أبواب ومتاريس، مفتوح للجميع لكي ندخل ونحاوره، وإذ نسمع صوته نحسب مجيئه إلى أورشليمنا الداخلية أفضل من كل بركة أو مكسب نناله! حلوله فينا أعظم من أن يقارن بأية بركة مهما كانت قيمتها! مسيحنا يسكن في قلوبنا فيشبع كل احتياجاتنا.



والمجد لله دائما