هل اقتناء الحكمة جيد ام امر يكثر الغم ؟ جامعة 1: 18 و امثال 3: 13



Holy_bible_1



الشبهة



جاء في جامعة 1 :18 » 18لأَنَّ فِي كَثْرَةِ الْحِكْمَةِ كَثْرَةُ الْغَمِّ، وَالَّذِي يَزِيدُ عِلْمًا يَزِيدُ حُزْنًا.« .

ولكن أمثال 3 :13 يقول : » 13طُوبَى لِلإِنْسَانِ الَّذِي يَجِدُ الْحِكْمَةَ، وَلِلرَّجُلِ الَّذِي يَنَالُ الْفَهْمَ، 14لأَنَّ تِجَارَتَهَا خَيْرٌ مِنْ تِجَارَةِ الْفِضَّةِ، وَرِبْحَهَا خَيْرٌ مِنَ الذَّهَبِ الْخَالِصِ.« .



الرد



الحقيقه لا يوجد تناقض بين العددين ولكن يكملوا بعضا لان الحكمه في حد ذاتها تحزن والعلم في حد ذاته عاجز عن تحقيق السعاده الداخليه ولكن الحكمه والعلم الذي يكون هدفهم تمجيد الله اكثر هذا يطوب عليه الانسان

ولكي اشرح اكثر اقدم عدد عدد والمقصود به في سياقه

يبدا اولا الجامعه بالكلام بان لاشيئ يشبع الانسان من الامور الماديه ويضرب امثله علي ذلك

سفر الجامعه 1

1: 5 و الشمس تشرق و الشمس تغرب و تسرع الى موضعها حيث تشرق

1: 6 الريح تذهب الى الجنوب و تدور الى الشمال تذهب دائرة دورانا و الى مداراتها ترجع الريح

1: 7 كل الانهار تجري الى البحر و البحر ليس بملان الى المكان الذي جرت منه الانهار الى هناك تذهب راجعة

1: 8 كل الكلام يقصر لا يستطيع الانسان ان يخبر بالكل العين لا تشبع من النظر و الاذن لا تمتلئ من السمع

فهو يؤكد علي معني ان الامور الماديه لا تشبع ولا يتوقف الاحتياج طالما بانفصال عن الله الذي منه هو الشبع فقط

وبنفس السياق يكمل ويقول

1: 16 انا ناجيت قلبي قائلا ها انا قد عظمت و ازددت حكمة اكثر من كل من كان قبلي على اورشليم و قد راى قلبي كثيرا من الحكمة و المعرفة

1: 17 و وجهت قلبي لمعرفة الحكمة و لمعرفة الحماقة و الجهل فعرفت ان هذا ايضا قبض الريح

سليمان افتخر بحكمته وبدا يتفكر في عظمته وهذا يدل علي ان فكره انفصل عن الله واعجبته الحكمه واصبح المعرفة غايه وليست وسليه لتمجيد الله فوضع مجهود كثير ليزداد حكمه اكثر وبدا يقراء فيها اكثر

ولكن بعد سقوطه في الخطيه ادرك انها قبض الريح والحكمه في حد ذاتها باطله لان كل هذه الحكمة لم تحميه من السقوط في الخطية

وقال عن الحكمه ولكن في انفصال عن الله انها

1: 18 لان في كثرة الحكمة كثرة الغم و الذي يزيد علما يزيد حزنا

فالحكمه ذاتها بدون الله تحزن فهو وجد أنه في زيادة معرفته وحكمته إزداد غماً بسقوطه. ومن المؤكد أن هذه الآية ليست دعوة للجهل. ولكن سليمان هنا يعلن أن الإنسان الذي يعلم أكثر يتألم أكثر، فكلما عرفنا عن الناس أكثر وعن آلامهم سنتألم وكلما عرفنا عن شرورهم سنتألم وكلما عرفنا عن خداعاتهم سنتألم وكلما عرفنا حقيقة قلوبنا سنحتقر أنفسنا، وكلما عرف الإنسان جهله السابق وخطاياه السابقة سيخجل من نفسه، فكلما إزداد علمه اكتشف جهله السابق وأخطاء شبابه. وكلما إزداد علمه إزداد احتياجه للمعرفة وتعطشه بالأكثر للمعرفة وبأن كل ما يعرفه ما هو إلا قشور. وكلما إزداد الإنسان علماً إزداد إحساساً بالعجز وقلة الحيلة أمام هذا الكم الهائل من المشكلات والآلام التي يعجز عن حلها بإمكانياته مهما إزدادت حكمته. وكلما أزدادت حكمته سيقارن بينه وبين الجهلاء وسيجد أن الموت سيأتي ويسوى بينهما ما الفائدة من كل معرفته. بل كلما زادت معرفتنا الروحية إزداد حزننا لعجزنا عن تحقيق المثاليات التي عرفناها.

وسليمان يوضح حقيقه ان الذي يعرف اكثر عندما يخطأ يندم اكثر والذي يعرف اكثر يؤنبه ضميره علي الخطأ ويحزن اكثر وبخاصه ان من يعرف اكثر يجازي اكثر ولهذا من يعرف اكثر يحزن اكثر عندما يخطئ.

عموماً هو لا يهاجم الحكمة والعلم والمعرفة بل يعلن عن عجزهم عن تحقيق السعادة والفرح للبشر. بل حتي المعلومات الروحية لا تعطي فرحا ان لم يصاحبها عشرة حب مع الله ولكن ان اقتصرت علي الجدال ، يدخل الكبرياء وتضيع التعزيات ويزداد الغم. والكتاب المقدس عموماً لا يحرمنا من العلم على ألا يحرمنا العلم من الإتكال على الله وعشرة الله التي تعطي سلاماً للنفس. والكتاب يقول

سفر هوشع 4: 6

قَدْ هَلَكَ شَعْبِي مِنْ عَدَمِ الْمَعْرِفَةِ. لأَنَّكَ أَنْتَ رَفَضْتَ الْمَعْرِفَةَ أَرْفُضُكَ أَنَا حَتَّى لاَ تَكْهَنَ لِي. وَلأَنَّكَ نَسِيتَ شَرِيعَةَ إِلهِكَ أَنْسَى أَنَا أَيْضًا بَنِيكَ.



سفر إشعياء 5: 13

لِذلِكَ سُبِيَ شَعْبِي لِعَدَمِ الْمَعْرِفَةِ، وَتَصِيرُ شُرَفَاؤُهُ رِجَالَ جُوعٍ، وَعَامَّتُهُ يَابِسِينَ مِنَ الْعَطَشِ.



فالعالم العظيم أو الفيلسوف لن يكون سعيداً إن لم يكن قديساً. فمن له عِشْرَةْ وحياة مع الله سيعطيه سلاماً يفوق عقله المرهق المكدود من البحث والكد. وسيعطيه صبراً على ما سيعرفه ويكتشفه من أحزان وسيعطيه رجاءً في أن الله ضابط الكل هو المسيطر على الأحداث المضطربة التي لا يستطيع هو أن يضبطها. فهناك فرق بين من يبحث ويعمل مستقلاً عن الله وبين من يعمل ويبحث في شركة مع الله.

وملحوظه ان الكتاب وضح ما هي الحكمة المقبولة

سفر أيوب 28: 28

وَقَالَ لِلإِنْسَانِ: هُوَذَا مَخَافَةُ الرَّبِّ هِيَ الْحِكْمَةُ، وَالْحَيَدَانُ عَنِ الشَّرِّ هُوَ الْفَهْمُ».



سفر المزامير 111: 10

رَأْسُ الْحِكْمَةِ مَخَافَةُ الرَّبِّ. فِطْنَةٌ جَيِّدَةٌ لِكُلِّ عَامِلِيهَا. تَسْبِيحُهُ قَائِمٌ إِلَى الأَبَدِ.



وهذا ما قاله سليمان ايضا

سفر الأمثال 1: 7

مَخَافَةُ الرَّبِّ رَأْسُ الْمَعْرِفَةِ، أَمَّا الْجَاهِلُونَ فَيَحْتَقِرُونَ الْحِكْمَةَ وَالأَدَبَ.



سفر الأمثال 9: 10

بَدْءُ الْحِكْمَةِ مَخَافَةُ الرَّبِّ، وَمَعْرِفَةُ الْقُدُّوسِ فَهْمٌ.



سفر الأمثال 15: 33

مَخَافَةُ الرَّبِّ أَدَبُ حِكْمَةٍ، وَقَبْلَ الْكَرَامَةِ التَّوَاضُعُ.



سفر يشوع بن سيراخ 1: 22

اكليل الحكمة مخافة الرب انها تنشئ السلام والشفاء والعافية



سفر يشوع بن سيراخ 1: 25

اصل الحكمة مخافة الرب وفروعها طول الايام



اذا سليمان ادرك ان الحكمة بدون مخافة الرب هي محزنه وهي تقود الي الحزن والغم ومن يعرف اكثر فعندما يخطئ يحزن ويغتم اكثر

اما من يقتني الحكمه التي تقوده للرب ويبحث عن الحكمه ليقتني مخافة الرب فهذا يفرح في ايام حياته



والشاهد الثاني من سفر الامثال يتكلم عن الانسان الذي يرضي الرب ويقبل تاديب الرب فهو في الاصحاح الثاني تحدث سليمان عن مكاسب الحكمه التي يعطيها الرب والاصحاح الثالث يؤكد ان الحكمة هي طاعة الرب هذا هو الطريق الحقيقي للحكمة

سفر الامثال 3

7 لاَ تَكُنْ حَكِيمًا فِي عَيْنَيْ نَفْسِكَ. اتَّقِ الرَّبَّ وَابْعُدْ عَنِ الشَّرِّ،

في البداية يحذر من الحكمة بمعزل عن الله ولكن الحكمة الحقيقيه هي اتقاء الرب والبعد عن الشر الذي يغضب الرب لان من يتصور أنه حكيم يتكل على ذاته، ومن يثق في نفسه وفي حكمته فهذا يتعارض مع الثقة الكاملة في الله. ومن لا يثق ثقة كاملة في الله يفشل وهو يغتم ويحزن جدا وتكون حكمته باطله وقبض ريح.

ومن يفعل هذا ويتقي الرب بالحكمة يكافئ بالاتي
8
فَيَكُونَ شِفَاءً لِسُرَّتِكَ، وَسَقَاءً لِعِظَامِكَ
.
9
أَكْرِمِ الرَّبَّ مِنْ مَالِكَ وَمِنْ كُلِّ بَاكُورَاتِ غَلَّتِكَ،

10
فَتَمْتَلِئَ خَزَائِنُكَ شِبْعًا، وَتَفِيضَ مَعَاصِرُكَ مِسْطَارًا
.

وهنا يتكلم عن بعض الطرق الحكيمه في اكرام الرب وهي دفع المال وهذا اعترافا بانه ماله واعطاء العشور والباكورات

هنا سليمان يحثنا على العطاء، بل تكريس كل شيء للرب. ونحن حين نعطي فيه إعلان بأننا لا نهتم بالأرضيات ولا نتمسك بها بل نتمسك بالسماويات، وفيه إعلان إيماننا بأن الأرضيات ما هي إلا أشياء تافهة وهذا من الحكمه ان نعطي الاشياء البسيطه الارضيه لنفوز بالاشياء الثمينة السماوية وهذا هو الحكمه الروحية التي تفرح ولا تحزن.

وبعد ان قدم هذا الفكر يكمل
11 يَا ابْنِي، لاَ تَحْتَقِرْ تَأْدِيبَ الرَّبِّ وَلاَ تَكْرَهْ تَوْبِيخَهُ،
12
لأَنَّ الَّذِي يُحِبُّهُ الرَّبُّ يُؤَدِّبُهُ، وَكَأَبٍ بِابْنٍ يُسَرُّ بِهِ
.

وهنا يوضح ان الانسان الحكيم يحتمل تاديب الرب لانه لخيره ولا يتزمر بل علينا أن نفكر لماذا يعاقبنا الله فنقدم توبة. ولنفهم أن الآلام هي طريق تكميل الإنسان وتأديبه. والله هو المؤدب كأب وليس كقاضٍ أي تأديبه يكون برحمة وحب. وتأديب الله يكون كما من يد طبيب ماهر يعرف دوائنا تماماً ومقدار إحتمالنا. ومن يتحمل تاديب الرب ويفكر في السبب ويفتش عن الثعالب الصغير هو حكيم ويجد حكمة اكثر فيكمل ويقول
13
طُوبَى لِلإِنْسَانِ الَّذِي يَجِدُ الْحِكْمَةَ، وَلِلرَّجُلِ الَّذِي يَنَالُ الْفَهْمَ،

فالذي يتحمل تاديب الرب يتزكي ويقتني حكمة وينال فهم لامور الحياه وتتفتح اكثر بصيرته الروحية ويدرس اكثر كلمة الرب ويتامل فيها ويفهم اكثر مقاصد الرب

والتطويب هو اقتناء الرب بالحكمة واقتناء اقنوم الحكمة وهو الرب يسوع المسيح نفسه



اذا فهمنا ان الفرق بين العدد الاول هو الحكمه بانفصال عن الرب المحزنه والعدد الثاني هو اقتناء الحكمه بالارتباط بالرب المفرحة



وايضا نقطه اخري مهمة وهي ان حكمة سليمان التي يتكلم عن اقتنائها في سفر الامثال هي عطيه مفرحه من الرب وكان ثمارها جميل وهو بناء الهيكل وغيره من امور سليمان التي عملها المفرحه جدا

ولكن في سفر الجامعه وهو يعبر عن مرحلة الندم عن السقوط في الخطيه والبعد عن الله فاصبحت حكمته بعد الخطيه قبض ريح لان الحكمة التي تطلب لنفسها هي باطله ولكن الحكمة التي تبحث عن مخافة الله هي مفرحه ولهذا ايضا لا يوجد تناقض في العددين



والمجد لله دائما