هل لا نهتم بالغد ونصرف ما معنا ام ندبر ونشتغل بهدوء ؟ متي 6: 31 و لوقا 12: 22-31 و 2 تسالونيكي 3: 12 وعبرانيين 13: 5



Holy_bible_1



الشبهة



جاء في متى 6 :31 أن المسيح يدعو إلى التبذير عملاً بالمثل القائل «اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب »:

» 31فَلاَ تَهْتَمُّوا قَائِلِينَ: مَاذَا نَأْكُلُ؟ أَوْ مَاذَا نَشْرَبُ؟ أَوْ مَاذَا نَلْبَسُ؟ 32فَإِنَّ هذِهِ كُلَّهَا تَطْلُبُهَا الأُمَمُ. لأَنَّ أَبَاكُمُ السَّمَاوِيَّ يَعْلَمُ أَنَّكُمْ تَحْتَاجُونَ إِلَى هذِهِ كُلِّهَا. 33لكِنِ اطْلُبُوا أَوَّلاً مَلَكُوتَ اللهِ وَبِرَّهُ، وَهذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ. 34فَلاَ تَهْتَمُّوا لِلْغَدِ، لأَنَّ الْغَدَ يَهْتَمُّ بِمَا لِنَفْسِهِ. يَكْفِي الْيَوْمَ شَرُّهُ.« .

ولكن جاء في 2تسالونيكي 3 :12 »12فَمِثْلُ هؤُلاَءِ نُوصِيهِمْ وَنَعِظُهُمْ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ أَنْ يَشْتَغِلُوا بِهُدُوءٍ، وَيَأْكُلُوا خُبْزَ أَنْفُسِهِمْ. 13أَمَّا أَنْتُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ فَلاَ تَفْشَلُوا فِي عَمَلِ الْخَيْرِ. «. يظهر هنا كأن المسيح يعلّم عدم التدبير، بينما بولس يلوم على هذا.



الرد



لا يوجد اي تعارض بين الشاهدين علي الاطلاق بل ان كل منهما يؤكد الفكر المسيحي الحقيقي فبالفعل المسيحي لا يهتم بالغد ولا يقلق بل يسق ان الرب يسدد احتياجاته ولكن ايضا الانسان المسيحي حسب وصايا الكتاب لا يبذر ولا يهمل بل يتصرف بحكمة و يكون امين في كل تصرفاته واعماله وحتي في ما يملك



وبدا المشكك بمقوله ليس لها وجود في الكتاب المقدس وهي فكر خطأ فلم يدعوا الكتاب المقدس للتبذير ولم يقل اصرف ما في الجيب ياتيك ما في الغيب لان هذا يخالف الحكمة



والمقطع الذي اقتبسه المشكك من انجيل متي 6 يتكلم عن عدم الخوف من المستقبل لان الرب قادر علي ان يحمي اولاده ويسدد احتياحاتهم ولا يتكلم عن التبذير علي الاطلاق فهو يقول

انجيل متي 6

6: 24 لا يقدر احد ان يخدم سيدين لانه اما ان يبغض الواحد و يحب الاخر او يلازم الواحد و يحتقر الاخر لا تقدرون ان تخدموا الله و المال

فالكلام موجه الي من يحب المال الي درجة الاستعباد للمال ويعتبر ان المال سيده ويقضي حياته في جمع المال وفعل اي شيئ حتي تزيد ثروته ويصل الي درجة ان يبغض الله لانه لا يقدر ان يعبد ويخدم الله والمال في نفس الوقت لان المال سيد قاس يجعل من يعبده يتخلى عن الله وضميره وأحباؤه ويجرى فقط وراء المال

مع ملاحظة ان الله ليس ضد الاغنياء فإبراهيم وإسحق ويعقوب كانوا أغنياء، ولكن الله ضد أن نكون عبيداً للمال متكلين على المال وليس علي الله كضمان للمستقبل

انجيل مرقس 10

10: 23 فنظر يسوع حوله و قال لتلاميذه ما اعسر دخول ذوي الاموال الى ملكوت الله

10: 24 فتحير التلاميذ من كلامه فاجاب يسوع ايضا و قال لهم يا بني ما اعسر دخول المتكلين على الاموال الى ملكوت الله

فالخطيه ليس في امتلاك المال ولكن في الاتكال عليه

اذا الوصيه الاتيه ليست للانسان المسيحي الذي يعرف ان المال نعمه من الرب ووسيله يشكر الرب عليها وسيدبرها الرب في حينه ويكون امين عليها وايضا يربح بها كنز في الملكوت عن طريق رعاية اخوة الرب من هذا المال الذي يعطيه الرب له ولكن الوصيه لمن ترك الرب لاجل المال

والرب يريد ان يعالج خطية حب المال من اعماق وجزور الخطيه وسببها وهو حب المال بسبب الخوف من المستقبل

6: 25 لذلك اقول لكم لا تهتموا لحياتكم بما تاكلون و بما تشربون و لا لاجسادكم بما تلبسون اليست الحياة افضل من الطعام و الجسد افضل من اللباس

حين يقول السيد لا تهتموا بالمال سيثور سؤال هام. وكيف نؤمن مستقبلنا من مأكل وملبس ؟ وهنا السيد يقول أن الله هو المسئول عن حياتنا ومستقبلنا ومعيشتنا. وهل نثق في مال يأكله السوس ويسرقه اللصوص ولا نثق في الله كأب سماوى يعولنا. المسيح هنا يريد أن ينزع منا كل قلق وهم لنعيش في طمأنينة تحت تدبير الله الذي يرعى حتى الطيور. فلنعمل ونكد ونبحث عن القوت ولكن بلا قلق ولا هم فالله هو الرازق

سفر المزامير 55: 22

أَلْقِ عَلَى الرَّبِّ هَمَّكَ فَهُوَ يَعُولُكَ. لاَ يَدَعُ الصِّدِّيقَ يَتَزَعْزَعُ إِلَى الأَبَدِ.



رسالة بطرس الرسول الاولي 5

5: 7 ملقين كل همكم عليه لانه هو يعتني بكم



سفر المزامير 37: 5

سَلِّمْ لِلرَّبِّ طَرِيقَكَ وَاتَّكِلْ عَلَيْهِ وَهُوَ يُجْرِي،



رسالة بولس الرسول إلى أهل فيلبي 4: 6

لاَ تَهْتَمُّوا بِشَيْءٍ، بَلْ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِالصَّلاَةِ وَالدُّعَاءِ مَعَ الشُّكْرِ، لِتُعْلَمْ طِلْبَاتُكُمْ لَدَى اللهِ.

والرب يضرب مثل ومن هذا المثل نفهم المغزى



6: 26 انظروا الى طيور السماء انها لا تزرع و لا تحصد و لا تجمع الى مخازن و ابوكم السماوي يقوتها الستم انتم بالحري افضل منها

فالرب يتكلم عن طيور السماء وطيور السماء تعمل باجتهاد ولا تبذر في طعامها بل تاكل ما تحتاج لها ولصغارها ولكن لا تعول الهم ولا تجمع في مخازن محبة الي اكثر مما تحتاج ولا تهتم بالغد والرب يقوتها

اذا من يقول ان المسيح يدعو للتبذير فمثال السيد المسيح يشهد ضده

6: 27 و من منكم اذا اهتم يقدر ان يزيد على قامته ذراعا واحدة

وهذا ايضا يؤكد ان كلام المسيح ليس عن التبذير ولكن عن حمل الهم الغير لازم

سفر المزامير 39: 6

إِنَّمَا كَخَيَال يَتَمَشَّى الإِنْسَانُ. إِنَّمَا بَاطِلاً يَضِجُّونَ. يَذْخَرُ ذَخَائِرَ وَلاَ يَدْرِي مَنْ يَضُمُّهَا.



فالانسان لا يذخر لانه يخاف من المستقبل بل يترك المستقبل علي الرب ولا يعول الهم

6: 28 و لماذا تهتمون باللباس تاملوا زنابق الحقل كيف تنمو لا تتعب و لا تغزل

6: 29 و لكن اقول لكم انه و لا سليمان في كل مجده كان يلبس كواحدة منها

6: 30 فان كان عشب الحقل الذي يوجد اليوم و يطرح غدا في التنور يلبسه الله هكذا افليس بالحري جدا يلبسكم انتم يا قليلي الايمان

وهنا ايضا يتكلم الرب بمثال عن زنابق الحقل التي لا تهتم للغد ولكن ايضا الزنابق تستمر في وظيفتها كنبات

6: 31 فلا تهتموا قائلين ماذا ناكل او ماذا نشرب او ماذا نلبس

فالانسان لا يعول الهم ولا ينشغل بالمستقبل عن الله من حيث الماكل والمشرب

بمعني ان الرب اعطي انسان مال فيكون امين عليه كعطيه مؤقته يستغلها لخدمة اخوة الرب ولكن لا يترك الرب وينشغل بالمال خوفا من ضياعه او بسبب خوفه من كوارث المستقبل

6: 32 فان هذه كلها تطلبها الامم لان اباكم السماوي يعلم انكم تحتاجون الى هذه كلها

تطلبها الامم بمعني الذين هم ليسوا قادرين على النظرة الإيمانية الهادئة والواثقة في الله، فأفكارهم عن الله وعنايته أفكار قاصرة، ويطلبون ما يظنونه لسعادتهم أي الأكل والشرب والملبس

6: 33 لكن اطلبوا اولا ملكوت الله و بره و هذه كلها تزاد لكم

وهو ما قاله الرب سابقا في ابانا الذي في تعبير لياتي ملكوتك أي أطلبوا أن يملك الله بالكامل على قلوبكم ولا يكون للشيطان مكاناً فيه. واطلبوا نمو ملكوت لله بين غير المؤمنين. وأن يملأ الله قلوبنا ببره. ونطلب الإمتلاء من الروح القدس ونطلب توبة الخطاة. ولا نهتم بالأمور الزمنية، بل أن الله سيعطيها لنا حتى لو لم نطلبها. وحين نطلبها نكون واثقين ان الرب يعلم احتياجاتنا ويعولنا ولكن نهتم اولا بطلب ملكوت الله

6: 34 فلا تهتموا للغد لان الغد يهتم بما لنفسه يكفي اليوم شره

وهنا تعبير هام جدا ويكرره الرب وهو لا تهتم بالغد ولم تقل لا تهتم باليوم لاننا نعمل بجد واجتهاد لليوم وقوتنا اليومي وبامانه في عملنا ولكن لا نحمل هم الغد اي المستقبل

وتعبير يكفي اليوم شره اي يكفي مشاكل اليوم الواحد وتجاربه واتعابه هي التي نصلي للرب ان يسندنا فيها ويعولنا خلالها ويقوينا علي ان نعمل بامانه لنجتازها اما مخاطر المستقبل فلا نخاف منها بل نعتمد علي الرب

والرب كثيرا ما وضح انه قادر علي رعاية الانسان طول حياته فهو قاد شعر اسرائيل في البرية اربعين سنة

سفر التثنية 8: 4

ثِيَابُكَ لَمْ تَبْلَ عَلَيْكَ، وَرِجْلُكَ لَمْ تَتَوَرَّمْ هذِهِ الأَرْبَعِينَ سَنَةً.



وعال انبياء كثيرين وايضا رجال واناث كثيرين اعتمدوا عليه مثل ايليا والارمله وايضا ارملة اليشع وغيرهم كثيرين

وتكرر كلام الذي كتبه متي البشير في كلام لوقا البشير مع ضرب مثال واضح جدا وهو مثال الغني الذي يكنز اكثر مما يحتاج

انجيل لوقا 12

12: 15 و قال لهم انظروا و تحفظوا من الطمع فانه متى كان لاحد كثير فليست حياته من امواله

12: 16 و ضرب لهم مثلا قائلا انسان غني اخصبت كورته

12: 17 ففكر في نفسه قائلا ماذا اعمل لان ليس لي موضع اجمع فيه اثماري

12: 18 و قال اعمل هذا اهدم مخازني و ابني اعظم و اجمع هناك جميع غلاتي و خيراتي

12: 19 و اقول لنفسي يا نفس لك خيرات كثيرة موضوعة لسنين كثيرة استريحي و كلي و اشربي و افرحي

12: 20 فقال له الله يا غبي هذه الليلة تطلب نفسك منك فهذه التي اعددتها لمن تكون

12: 21 هكذا الذي يكنز لنفسه و ليس هو غنيا لله

12: 22 و قال لتلاميذه من اجل هذا اقول لكم لا تهتموا لحياتكم بما تاكلون و لا للجسد بما تلبسون

12: 23 الحياة افضل من الطعام و الجسد افضل من اللباس

12: 24 تاملوا الغربان انها لا تزرع و لا تحصد و ليس لها مخدع و لا مخزن و الله يقيتها كم انتم بالحري افضل من الطيور

12: 25 و من منكم اذا اهتم يقدر ان يزيد على قامته ذراعا واحدة

12: 26 فان كنتم لا تقدرون و لا على الاصغر فلماذا تهتمون بالبواقي

12: 27 تاملوا الزنابق كيف تنمو لا تتعب و لا تغزل و لكن اقول لكم انه و لا سليمان في كل مجده كان يلبس كواحدة منها

12: 28 فان كان العشب الذي يوجد اليوم في الحقل و يطرح غدا في التنور يلبسه الله هكذا فكم بالحري يلبسكم انتم يا قليلي الايمان

12: 29 فلا تطلبوا انتم ما تاكلون و ما تشربون و لا تقلقوا

12: 30 فان هذه كلها تطلبها امم العالم و اما انتم فابوكم يعلم انكم تحتاجون الى هذه

12: 31 بل اطلبوا ملكوت الله و هذه كلها تزاد لكم



وايضا معلمنا بولس الرسول الذي استشهد به المشكك يقول نفس الكلام

رسالة بولس الرسول للعبرانيين 13

13: 5 لتكن سيرتكم خالية من محبة المال كونوا مكتفين بما عندكم لانه قال لا اهملك و لا اتركك

13: 6 حتى اننا نقول واثقين الرب معين لي فلا اخاف ماذا يصنع بي انسان



اما الشاهد الثاني الذي اعتبره المشكك يتناقض رغم اني وضح معني كلام رب المجد علي قدر ضعفي

رسالة بولس الرسول الثانية الي اهل تسالونيكي 3

3: 10 فاننا ايضا حين كنا عندكم اوصيناكم بهذا انه ان كان احد لا يريد ان يشتغل فلا ياكل ايضا

وهنا ليس الكلام عن حمل هم المستقبل ولكن الكلام عن التكاسل فقله في كنيسة تسالونيكي كانوا قادرين علي العمل ولكن فضلوا التكاسل ويعيشوا علي تبرعات الاخرين وعلي تبرعات التي يجب ان تعطي لاخوة الرب الغير قادرين علي العمل لان العاجز عن العمل علي الكنيسة أن تساعده، أما من لا يريد أن يعمل فهو غير مستحق أن ياخذ تبرعات لكسله



3: 11 لاننا نسمع ان قوما يسلكون بينكم بلا ترتيب لا يشتغلون شيئا بل هم فضوليون

وهؤلاء المتكاسلون يصفهم بانهم فضوليون لانهم نتيجة الفراغ وعدم العمل صار شغلهم هو أمور غيرهم، فيطالبهم بان يبحثوا عن عملاً جديداً يشغلون به وقتهم وبطالتهم وكسلهم

رسالة بولس الرسول الاولي الي اهل تسالونيكي 5

5: 14 و نطلب اليكم ايها الاخوة انذروا الذين بلا ترتيب شجعوا صغار النفوس اسندوا الضعفاء تانوا على الجميع

5: 15 انظروا ان لا يجازي احد احدا عن شر بشر بل كل حين اتبعوا الخير بعضكم لبعض و للجميع

فالمحتاج تشجيع يجب تشجيعه والضعيف نسنده ولكن المتكاسل ويريد ان يعيش عاله علي الاخرين فيقول لهم

3: 12 فمثل هؤلاء نوصيهم و نعظهم بربنا يسوع المسيح ان يشتغلوا بهدوء و ياكلوا خبز انفسهم

اي نعظهم بان يعملوا بهدوء اي يتوقفوا عن الفضول بل يعملون بامانه ويفرحون بالرب اذي اعطاهم الخبز الذي ياكلوه حاجة يومهم

3: 13 اما انتم ايها الاخوة فلا تفشلوا في عمل الخير

هذه للأخوة الذين يعملوا بترتيب وبامانه، هؤلاء عليهم أن لا يمتنعوا عن خدمة المحتاجين فعلاًً، اي يجب ان نميز بين من يحتاج ونسنده بالفعل ومن يتكاسل يجب ان نشجعه علي العمل

وان يجاهدوا في كل عمل صالح مها كانت العوائقولعله قصد بهذا العمل اليومي لكل إنسان فالمسيح عمل بيده قبل بدء خدمته.



اذا كما شجع المسيح علي ان نعمل بامانه ويكفي اليوم شره ولكن لا نعول هم الغد فلا نحب المال

ايضا معلمنا بولس الرسول طلب ان نعمل بامانه ولا نتكاسل وايضا لا نحمل هم المستقبل فلا نحب المال لان الرب يرعانا



واخيرا المعني الروحي

من تفسير ابونا تادرس يعقوب واقوال الاباء

*     إن كان الله يهتم بهذه الأمور التي خُلقت اهتمامًا عظيمًا، فكم بالأكثر يهتم بنا؟! إن كان يهتم هكذا بالعبيد فكم بالأكثر بالسيد؟![341]

القدّيس يوحنا الذهبي الفم

*     إن كنّا لا نقدر أن نعمل بسبب مرض ما أو بسبب الانشغال فإنه يقوتنا كما يقوت الطيور التي لا تعمل. لكن إن كان يمكننا العمل يلزمنا ألا نُجرِّب الله، لأن ما نستطيع أن نعمله إنّما نعمله خلال عطيّته. حياتنا على الأرض هي عطيّته، إذ يهبنا الإمكانيّة للحياة![342]

القدّيس أغسطينوس

إن كان الله يُطعم الطيور ويقدّم القوت اليومي للعصافير ولا يترك الخليقة التي لا تدرك الإلهيّات في عوز إلى مشرب أو مأكل، فهل يمكنه أن يترك إنسانًا مسيحيًا أو خادمًا للرب معتازًا إلى شيء؟ إيليّا عالته الغربان في البرّيّة، ودانيال أُعد له لحم من السماء وهو في الجب، فهل تخشى الاحتياج إلى طعام؟

*     إنك تخشى َفقدان ممتلكاتك عندما تبدأ أن تعطي بسخاء، ولا تعلم أيها البائس أنك فيما تخاف على ممتلكات عائلتك تفقد الحياة نفسها والخلاص. بينما تقلق لئلا تنقص ثروتك لا تُدرك أنك أنت نفسك تنقص!... بينما تخشى أن تفقد ميراثك لأجل نفسك إذا بك تفقد نفسك لأجل ميراثك![343]

القدّيس كبريانوس

*     إن كانت الطيور بلا تفكير أو اهتمام والتي توجد اليوم ولا تكون غدًا يعولها الله بعنايته كم بالأحرى يهتم بالبشر الذين وعدهم بالأبديّة؟![344]

القدّيس جيروم

*     الله هو الذي ينمّي أجسادكم كل يوم وأنتم لا تُدركون. فإن كانت عناية الله تعمل فيكم يوميًا، فكيف تتوقّف عن إشباع احتياجكم؟ إن كنتم لا تستطيعون بالتفكير أن تضيفوا جزءًا صغيرًا إلى جسدكم فهل تقدرون بالتفكير أن تهتمّوا بالجسد كله؟[345]

القدّيس يوحنا الذهبي الفم

*     الزنابق تمثّل جمال الملائكة السمائيّين البهي، الذين ألبسهم الله بهاء مجده، إنهم لم يتعبوا ولا غزلوا، إذ تقبّلوا من البدء ما هم عليه دائمًا. وإذ في القيامة يصير الناس كالملائكة أراد أن نترجّى جمال الثوب السماوي، فنكون كالملائكة في البهاء[346].

القدّيس هيلاري

*     الرهبان على وجه الخصوص هم طيور من هذا النوع، ليس لهم مخازن ولا خزائن لكن لهم رب المؤن والمخازن، المسيح نفسه!... ليس لهم غنى  الشيطان (محبّة الغنى) بل فقر المسيح. ماذا يقول الشيطان؟ "أعطيك هذه جميعها إن خررت وسجدت لي" (مت 4: 9). أمّا المسيح فماذا يقول لتابعيه؟ من لا يبيع كل ما له ويعطي الفقراء لا يقدر أن يكون تلميذًا. الشيطان يعد بمملكة وغنى ليحطّم الحياة، والرب يعد بالفقر لكي يحفظ الحياة! [347]

القدّيس جيروم

يختم السيّد حديثه عن العبادة الحرّة التي لا يأسرها محبّة المال، فيعيش الإنسان في كمال الحرّية متّكئًا على الله لا المال، موضّحًا ضرورة الحياة بلا قلق، إذ يقول: "لكن اطلبوا أولاً ملكوت الله وبرّه، وهذه كلها تُزاد لكم؛ فلا تهتمّوا للغد، لأن الغد يهتم بما لنفسه؛ يكفي اليوم شرّه" [33-34].

*     ملكوت الله وبرّه هو الخبز الذي نسعى إليه، والذي نقصده من كل أعمالنا. ولكننا إذ نخدم في هذه الحياة كجنود راغبين في ملكوت السماوات نحتاج إلى الضروريّات اللازمة للحياة، لذلك قال الرب: "هذه كلها تزاد لكم"، "ولكن اطلبوا أولاً ملكوت الله وبره".

فبقوله كلمة "أولاً" أشار إلى طلبنا هذه الأشياء، ولكننا لا نطلبها أولاً، لا من جهة الزمن بل حسب الأهمّية، فملكوت الله نطلبه كخير نسعى نحوه، أمّا الضروريّات فنطلبها كضرورة نحتاج إليها لتحقيق الخير الذي نسعى نحوه[348].

القدّيس أغسطينوس

يرى القدّيس جيروم في القول: "لا تهتمّوا بالغد" دون قوله "تهتمّوا باليوم" تشجيع للعمل والجهاد الآن بغير تواكل، إذ يقول: [قد يسمح لنا أن نهتم بالحاضر ذاك الذي يمنعنا من التفكير في المستقبل، حيث يقول الرسول: "عاملون ليلاً ونهارًا كي لا نثقل على أحدٍ منكم" (1 تس 2: 9)[349].]

وفي قوله "يكفي اليوم شرّه" لا يعني بالشرّ الخطيّة، وإنما بمعنى "التعب"، فلا نهتم بما سنتعبه غدًا، إنّما يكفي أن نتعب اليوم ونجاهد، وكأن الله وهو يمنعنا من القلق يحثّنا على الجهاد.



والمجد لله دائما