هل طلب الكاتب ان يتبع المسيح قبل ام بعد حادثة التجلي ؟ متي 8: 18-22 و لوقا 9: 57-62



Holy_bible_1



الشبهة



في إنجيل متى 8 :18-22 طلب كاتبٌ أن يتبع المسيح، واستأذن رجل آخر لدفن أبيه، ثم جاء ذكر معجزات باهرة أخرى، ثم قصة التجلي في إصحاح 17:» 18وَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ جُمُوعًا كَثِيرَةً حَوْلَهُ، أَمَرَ بِالذَّهَاب إِلَى الْعَبْرِ. 19فَتَقَدَّمَ كَاتِبٌ وَقَالَ لَهُيَا مُعَلِّمُ، أَتْبَعُكَ أَيْنَمَا تَمْضِي». 20فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لِلثَّعَالِب أَوْجِرَةٌ وَلِطُيُورِ السَّمَاءِ أَوْكَارٌ، وَأَمَّا ابْنُ الإِنْسَانِ فَلَيْسَ لَهُ أَيْنَ يُسْنِدُ رَأْسَهُ». 21وَقَالَ لَهُ آخَرُ مِنْ تَلاَمِيذِهِيَا سَيِّدُ، ائْذَنْ لِي أَنْ أَمْضِيَ أَوَّلاً وَأَدْفِنَ أَبِي». 22فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «اتْبَعْنِي، وَدَعِ الْمَوْتَى يَدْفِنُونَ مَوْتَاهُمْ».23وَلَمَّا دَخَلَ السَّفِينَةَ تَبِعَهُ تَلاَمِيذُهُ. «.

أما لوقا فذكر الطلب والاستئذان في إصحاح 9 بعد قصة التجلي:» 57وَفِيمَا هُمْ سَائِرُونَ فِي الطَّرِيقِ قَالَ لَهُ وَاحِدٌ: «يَا سَيِّدُ، أَتْبَعُكَ أَيْنَمَا تَمْضِي». 58فَقَالَ لَهُ يَسُوعُلِلثَّعَالِبِ أَوْجِرَةٌ، وَلِطُيُورِ السَّمَاءِ أَوْكَارٌ، وَأَمَّا ابْنُ الإِنْسَانِ فَلَيْسَ لَهُ أَيْنَ يُسْنِدُ رَأْسَهُ». 59وَقَالَ لآخَرَاتْبَعْنِي». فَقَالَيَا سَيِّدُ، ائْذَنْ لِي أَنْ أَمْضِيَ أَوَّلاً وَأَدْفِنَ أَبِي». 60فَقَالَ لَهُ يَسُوعُدَعِ الْمَوْتَى يَدْفِنُونَ مَوْتَاهُمْ، وَأَمَّا أَنْتَ فَاذْهَبْ وَنَادِ بِمَلَكُوتِ اللهِ». 61وَقَالَ آخَرُ أَيْضًا: «أَتْبَعُكَ يَا سَيِّدُ، وَلكِنِ ائْذَنْ لِي أَوَّلاً أَنْ أُوَدِّعَ الَّذِينَ فِي بَيْتِي». 62فَقَالَ لَهُ يَسُوعُلَيْسَ أَحَدٌ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى الْمِحْرَاثِ وَيَنْظُرُ إِلَى الْوَرَاءِ يَصْلُحُ لِمَلَكُوتِ اللهِ». «.



الرد



الرد باختصار الإنجيليين ليسوا مؤرخين يكتبون كتبا تاريخية. بل كل منهم له رؤيته والزاوية التي ينظر منها للمسيح فيرتب الأحداث بتسلسل يشرح به هذه الرؤية.

متي البشير لا يتبع في كثير من الاحوال الترتيب التاريخي للاحداث ولكن هو يجمع اشياء معا مختصه ببعض بمعني انه لان انجيله يسمي تدبيري وليس تاريخي ومعني تدبيري تعني ان متي البشير عندما كان يريد أن ينقل إلينا فكرة معينة كان يميل إلى تجميع ما يتعلق بهذه الفكرة في مكان واحد.

يبدأ بموضوع ميلاد رب المجد والمجوس والهروب الي مصر ص 1-2

ثم انتقل الي بداية خدمة رب المجد والمعمودية ويوحنا المعمدان والتجربه ودعوة التلاميذ وبداية الخدمة في الجليل ص 3-4

ثم الموعظه علي الجبل بالتفصيل من التطويبات وتكميل الناموس ثم العبادة الحقيقية من صدقه وصلاه وصوم ثم طريق الملكوت ص 5-7

وبعد هذا انتقل الي تجميع معجزات الرب يسوع المسيح مع بعضها مرة واحدة، وهي تطهير الأبرص (8: 1- 4)، شفاء غلام قائد المئة (8: 5- 13)، شفاء حماة بطرس (8: 14- 17)، دعوة الكنيسة (8: 18- 22)، تهدئة الأمواج ومجنون الجرجسيين (8: 23- 34)، شفاء المفلوج (9: 1- 8)، دعوة متي البشير (9: 9- 13)، مفهوم الصوم (9: 14- 17 )، إقامة صبية من الموت، شفاء أعميين، شفاء أخرس (9: 18- 34)، اختيار التلاميذ كسفراء له (ص10)، لقاء مع تلميذي يوحنا المعمدان (11: 1- 15) ثم شفاء الأعمي والاخرس ص 12.

ثم صراعاته مع الكتبه والفريسيين ص 12

وبعد ذلك جمع تعاليم المسيح وامثاله المتنوعه وبدا اولا بتجميع تعاليمه اولا عن الملكوت ثم اكمل بتعاليمه المتنوعه ص 13 – 18 وتعاليمه قسمها الي امثال الملكوت ص 13 التعليم باشباع الجموع ص 14 و 15 التعليم بالشف عن ملكوته والتجلي ص 17

ثم بدا في احداث الاسبوع الاخير من دخوله كملك الي اورشليم الي ما قبل الصلب 21-25

ثم الصلب والموت والقيامة وما بعد القيامة 26-28



فتجميعة متي البشير لمعجزات المسيح الهامة هي لا يتبع فيها ترتيب تاريخي ولكن العلاقه في المعني الروحي مؤكدا لليهود ان يسوع هو المسيح ابن الانسان

ولهذا لان المشككين لا يعرفون تقسيم انجيل متي فياتوا ويتساءلون عن سبب اختلاف الترتيب ويعتبرونه شبهة رغم انه لا يوضح الا عدم دراية المشككين بترتيب الاناجيل

واكرر الاناجيل ليست كتب تاريخيه

اما انجيل لوقا البشير فيجمع بين الترتيب التاريخي مع ترتيب المعاني وايضا احيانا الترتيب المكاني بعض الاحيان فهو يتبع الترتيب التاريخي مع مراعاة أن كل حدث مرتبط بما قبله وبما بعده في ترابط، لتوضيح المعني، فهو قد يبدا بمشهد ويكمله حتي نهايته ليكون متكامل واضح من هذه الزاوية ثم يبدا بمشهد اخر قد يكون بدايته حدثت قبل نهاية المشهد السابق ولكنه لا يريد ان يقفز من مشهد لاخر لكي لا يشتت عقل القارئ الذي يريد ان يتامل في القصه الواحده كامله فمثلاً في إنجيل القديس لوقا إصحاح 3: نجده يتكلم عن يوحنا المعمدان ويحكى قصته في تسلسل (بدأ بـ"صار كلام الله ليوحنا بن زكريا" – قصته – توبيخه لهيرودس) ثم أنهى قصة يوحنا المعمدان بالآية التالية التي تفيد قيام هيرودس بحبسه: "زَادَ هذَا أَيْضًا عَلَى الْجَمِيعِ أَنَّهُ حَبَسَ يُوحَنَّا فِي السِّجْنِ"( إنجيل لوقا 3: 20). ثم نجده بعد ذلك مباشرة يبدأ قصة جديدة هي قصة عماد السيد المسيح من يوحنا المعمدان بالآية التالية: "وَلَمَّا اعْتَمَدَ جَمِيعُ الشَّعْبِ اعْتَمَدَ يَسُوعُ أَيْضًا. وَإِذْ كَانَ يُصَلِّي انْفَتَحَتِ السَّمَاءُ" (إنجيل لوقا 3: 21).

الذي لا يعرف أسلوب لوقا القصصي يتساءل: كيف اعتمد يسوع من يوحنا بعد أن وضع يوحنا في السجن؟! ولكن الواقع أنه بدأ قصة يوحنا المعمدان وأنهاها كما حدثت، حيث انتهت بوضع يوحنا المعمدان في السجن. ثم أراد أن يتكلم بعد ذلك عن موضوع عماد السيد المسيح على يد يوحنا المعمدان. فلوقا رجل قصصي يكتب قصة، فينهيها حتى لا يشتت القارئ الذي يريد ان يتامل في قصة يوحنا ويستخرج المعني الروحي وليس الترتيب التاريخي.



ليقدم الإنجيلي فكرة معينة عن المسيح الذبيح لانه يكتب لليونان.

وبوجه عام هو رتب انجيله

1- ميلاد يوحنا المعمدان وميلاد السيد المسيح لو ص1- ص3.

+ مقدمة (1: 1 -4)

+ الوعد بالمعمدان (1: 5- 25)

+ بشارة العذراء (1: 26 -38)

+ لقاء العذراء باليصابات (1: 39 - 56)

+ ميلاد يوحنا (1: 57 - 80)

+ ميلاد السيد (2: 1 - 7)

+ لقاء الرعاة به (2: 8 - 20)

+ ختان السيد (2: 21)

+ دخوله الهيكل (2: 22-39)

+ يحاجج المعلمين (2: 41 - 52)

+ عماده (3: 1- 22)

+ نسب السيد (3: 23 - 38)



2 - تعاليم السيدالمسيح ومعجزاته إلى ذهابه إلى اورشليم في عيد الفصح لو4- 9.

التجربه في البرية (4: 1-13 )

رحلات ومعجزات وتبشير مثل

دعوة العشار ص 5

عمل الخير يوم السبت ص 6

اقامة ابن ارملة نايين ( 7: 11-16 )

مجنون كورة الجدريين ( 8: 26-37 )

ارسال التلاميذ ( 9: 1-10 )

ومعجزة اشباع الجموع ( 9: 11- 17)

حادثة التجلي ( 9: 28- 36)

طلب الذين ارادوا ان يتبعوه ( 9: 57-62 )



3 - تعاليم المسيح ومعجزاته إلى ان سلمه يهوذا لو10- 21.

تعاليم السلام ورفض الرياء ص 11

محبة الخطاة لا الخطية ص 15

الحكمة ص 16

العثرات ص 17

الذهاب الي اورشليم ص 19

دينونة الكتبه والفريسيين ص 20

الهيكل ص 21



4 - الآم وموت المسيح وقيامته وصعوده (22 - 24).

الفصح 22

الصلب 23

القيامة ص 24



فكما ذكرت ان كل منهم يتكلم بترتيب لعرض فكرته ولهذا كل منهم يرتب هذا الاصحاح بما يناسب فكر الكاتب فمتي يوضح انه المخلص لليهود ولوقا يوضح انه المعلم لليونان



فمتي البشير يشير الي سلطان المسيح وانه المخلص

1. تطهير الأبرص   1-4.

2. شفاء غلام قائد المائة  5-13.

3. شفاء حماة بطرس  14-17.

4. دعوته للكنيسة   18-22.

5. تهدئة الأمواج  23-27.

6. مجنونا كورة الجرجيسيّين  28-34.



اما لوقا البشير فيرتب الاحداث عن طريق التلمذه بطريقه رائعه لانه المعلم

1. إرساليَّة التلاميذ1-6.

2. اضطراب هيرودس7-9.

3. التلاميذ وإشباع الجموع 10-18.

4. التلاميذ والتعرف على شخصه19-21.

5. التلاميذ والصليب22-27.

6. التلاميذ ومجد التجلي28-36.

7. التلاميذ وإخراج الأرواح الشرِّيرة37-43.

8. التلاميذ وتسليم ابن الإنسان44-45.

9. التلاميذ والتواضع46-48.

10. التلاميذ وخدمة الآخرين49-50.

11. التلاميذ والنار من السماء51-56.

12. شروط التلمذة للسيِّد57-62.



واخيرا من تفسير ابونا انطونيوس

يشرح الامثله الثلاثه لمن تقدموا اليه

يقدم القديس لوقا هنا ثلاث عينات لثلاث أشخاص أرادوا أن يتتلمذوا للسيد المسيح. وذكر القديس متى مثلين منهم فقط. ومتى يورد هذا بعد شفاء حماة بطرس ليقول أن الخدمة ليست إمتيازات فقط (كما شفى المسيح حماة بطرس) بل لها تبعاتها.

الأول:- هذا الإنسان رأى المسيح واحبه، نمت مشاعره تجاه السيد، لكنه لم يفهم أن تبعيته للمسيح فيها حمل للصليب، لقد فرح بالمعجزات وبسلطان المسيح وربما تصوَّر أن تبعية المسيح فيها مجد أرضى، لذلك أفهمه المسيح أنه حتى المسيح وهو السيد ليس له مكان يسند رأسه فيه. ونلاحظ انه في الحالات الثلاث كان السيد يجيب ليس بحسب قول الشخص ولكن بحسب ما في فكره الداخلى. كثيرون يشتهون الخدمة لإمتيازاتها ولا يعرفون صليبها فيسرعون بدخول الخدمة، وما ان تصادفهم مشاكل الخدمة يسرعون بالهرب لذلك نجد السيد هنا يُظهر هذا لذلك الشخص، أن هناك تكلفة للتلمذة.

أوجرة = كهوف. أوكار= مآوى.

وهناك تفسير موازٍ، أن المسيح لا يجد في قلب هذا الشخص مكاناً يسند راسه فيه وذلك لرفضه الصليب، بينما وجدت الطيور رمز الكبرياء لإرتفاعها والثعالب رمز الخبث أمكنة داخل قلب هذا الشخص. إذاً نفهم من كلمات المسيح هنا أن هذا الشخص كان يطلب تبعية المسيح في خبث ليحصل على إمتيازات كشفاء المرضى، أو المناصب العالمية، وقطعاً فهو رافض الصليب. هو ظن المسيح سيملك ملكاً عالمياً وسيملك هو معهُ ( مثل سيمون الساحر) وكون السيد ليس له أين يسند رأسه فذلك لأنه سماوى، لا مكان لهُ ولا راحة لهُ على الأرض، ومن يتبعه فعليه أن يقبل هذا الوضع فيجد المسيح مكاناً في قلبه، ولكن قلب هذا الشخص كان به أماكن للطيور والثعالب فقط والسبب أن هذا القلب رافض للصليب الذي إستند عليه المسيح. ومن يقبل هذا الوضع عليه أن يتجرد من محبة المال والمجد الأرضى.

الثانى:- هذا الشخص كان يفكر في أن يتبع المسيح لكنه مرتبك ببعض الأمور فلربما كان له والد شيخ وكان ينتظر موته ليدفنه ثم يتبع المسيح. فهو حسن النية مشتاق للتلمذة، لكن عاقته الواجبات العائلية. مثل هذا يشجعه المسيح ليتخذ قراره، لذلك نسمع السيد يقول له إتبعنى وهنا يصرح بمشكلته ويقول له السيد دع الموتى يدفنون موتاهم= أى دع الموتى روحياً (الذين يرفضون أن يتبعوننى وينتظرون تقسيم الميراث ويتصارعوا عليه) يدفنون الموتى جسدياً. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و التفاسير الأخرى). (أى يدفنوا أباك حين يموت بالجسد طبيعياً). والمسيح هنا لا يدعو للقسوة مع الوالدين، بل معنى قوله أن هناك كثيرين سيقومون بهذا الواجب ولكن إتبعنى أنت. ومن شفى حماة بطرس قادر أن يدبر كما قلنا كل إحتياجات تلاميذه بما فيها دفن موتاهم. ولربما لو بقى لدفن والده تنطفأ الأشواق المباركة للتلمذة التي كانت داخله ويعوقه العالم. كثيراً ما منعت العواطف البشرية كثيرين من تبعية المسيح. دعوة المسيح لهذا الشخص تعنى أنا أريدك لأعمال اعظم من دفن الموتى. من يريد أن يصير تلميذاً للرب عليه أن يترك أهل العالم يعيشون حياتهم العادية، أما هو فيكرس نفسه لخدمة الملكوت. فتلميذ المسيح كرس حياته لخدمة الأحياء، ليس لخدمة الموتى، هو بخدمته يقود الناس للحياة وهذا أهم.قطعاً السيد لن يمنعه من دفن والده إذا مات، لكن المقصود عدم التعطل عن الخدمة بسبب التعلقات العاطفية الزائدة، والإنشغال بميراث الميت وتقسيمه.. الخ. ومراسيم العزاء اليهودية تمتد لشهور.

الثالث:- هذا له نظرة مترددة، قلبه موزع بين المسيح والعالم. وكل من يهتم بهموم العالم أو يخشى الإضطهادات أو خسارة المال، مثل هذا لا يستطيع خدمة الإنجيل أو أن يتبع يسوع، فيسوع لا يقبل من قلبه موزع بينه وبين العالم. هذا الشخص الثالث يشبه إمرأة لوط. هذا الثالث يطلب التلمذة ولكنه بقلبه مع عواطفه البشرية تجاه أهل بيته، مثل هذا يبدأ الطريق مع المسيح لكنه لا يكمل. من يضع يده على المحراث، لابد وأن ينظر للأمام ليسير في خط مستقيم غير ملتو، ومن ينظر للخلف يلتوى منه خط السير. وهكذا من يرتد ليهتم بالمشاعر الإنسانية ويترك خدمة المسيح بسببها، أو تفشل خدمته. لاحظ أن المسيح لا يمنع من أن يذهب هذا الشاب لوداع أهله لكن إذ يذهب هو سيبقى معهم فترة ربما تمنعه من تبعية يسوع بعد ذلك. بل هناك من يترك المسيح إذا صادفه مرض فهو يحب نفسه ونفس الشئ إذا فقد قريب له أو مرض أحد أحباءه.     

ونلاحظ في إنجيل لوقا أن لوقا وضع هذه الشروط للتلمذة مباشرة قبل إرساليته السبعين رسولاً لتكون لهم دستور حياة.



والمجد لله دائما