هل يوجد تناقض في صراخ المسيح علي الصليب ؟ متي 27: 46 و مرقس 15: 34 و لوقا 23: 46

 

Holy_bible_1

 

الشبهة

 

ورد في متى 27 :46 »46وَنَحْوَ السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ صَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلاً: «إِيلِي، إِيلِي، لِمَا شَبَقْتَنِي؟» أَيْ: إِلهِي، إِلهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟ «

وفي مرقس 15 :34 »34وَفِي السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ صَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلاً:«إِلُوِي، إِلُوِي، لِمَا شَبَقْتَنِي؟» اَلَّذِي تَفْسِيرُهُ: إِلهِي، إِلهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟ «

وفي لوقا 23 :46 »46وَنَادَى يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَقَالَ: «يَا أَبَتَاهُ، فِي يَدَيْكَ أَسْتَوْدِعُ رُوحِي». وَلَمَّا قَالَ هذَا أَسْلَمَ الرُّوحَ.«

وفي هذا تناقض، فبماذا صرخ يسوع وهو على الصليب؟ هل إِلهِي، إِلهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي أم يَا أَبَتَاهُ، فِي يَدَيْكَ أَسْتَوْدِعُ رُوحِي؟

 

الرد

 

الحقيقة لا يوجد اي تناقض في الاعداد فالمسيح قال التعبيرين الاول (إِلهِي، إِلهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِيفي اثناء صلبه والثاني (يَا أَبَتَاهُ، فِي يَدَيْكَ أَسْتَوْدِعُ رُوحِيصراخ تسليم الروح ولكن المشكك اقتطع من الاعداد وسياق الكلام فاظهره بشكل تناقض ولكن هذا قلة امانه من المشككين 

 فالمسيح لم يقل مقولة واحدة على عود الصليب بل قال سبع مقولات مسجلة في الاناجيل 

وفي البداية اعرض جمل المسيح السبع علي عود الصليب لنفهم ترتيبهم 

السيد المسيح قال سبع جمل وهم 

1-يا أبتاه اغفر لهم....

2-اليوم تكون معي في الفردوس 

3-يا امرأة هوذا ابنك....

4-إلهي إلهي لماذا تركتني 

5-أنا عطشان 

6-يا أبتاه في يديك استودع روحي 

7-قد أكمل 

وندرسه بترتيب معا بسرعة

الاول 

انجيل لوقا 23

23: 33 و لما مضوا به الى الموضع الذي يدعى جمجمة صلبوه هناك مع المذنبين واحدا عن يمينه و الاخر عن يساره 

23: 34 فقال يسوع يا ابتاه اغفر لهم لانهم لا يعلمون ماذا يفعلون و اذ اقتسموا ثيابه اقترعوا عليها 

الثاني 

انجيل لوقا 23

23: 42 ثم قال ليسوع اذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك 

23: 43 فقال له يسوع الحق اقول لك انك اليوم تكون معي في الفردوس 

الثالث

انجيل يوحنا 19

19: 24 فقال بعضهم لبعض لا نشقه بل نقترع عليه لمن يكون ليتم الكتاب القائل اقتسموا ثيابي بينهم و على لباسي القوا قرعة هذا فعله العسكر 

19: 25 و كانت واقفات عند صليب يسوع امه و اخت امه مريم زوجة كلوبا و مريم المجدلية 

19: 26 فلما راى يسوع امه و التلميذ الذي كان يحبه واقفا قال لامه يا امراة هوذا ابنك 

19: 27 ثم قال للتلميذ هوذا امك و من تلك الساعة اخذها التلميذ الى خاصته 

الرابع 

انجيل متي 27

27: 46 و نحو الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم قائلا ايلي ايلي لما شبقتني اي الهي الهي لماذا تركتني 

27: 47 فقوم من الواقفين هناك لما سمعوا قالوا انه ينادي ايليا 

27: 48 و للوقت ركض واحد منهم و اخذ اسفنجة و ملاها خلا و جعلها على قصبة و سقاه 

 

انجيل مرقس 15

15: 33 و لما كانت الساعة السادسة كانت ظلمة على الارض كلها الى الساعة التاسعة 

15: 34 و في الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم قائلا الوي الوي لما شبقتني الذي تفسيره الهي الهي لماذا تركتني 

15: 35 فقال قوم من الحاضرين لما سمعوا هوذا ينادي ايليا 

15: 36 فركض واحد و ملا اسفنجة خلا و جعلها على قصبة و سقاه قائلا اتركوا لنر هل ياتي ايليا لينزله 

الخامس

انجيل يوحنا

19: 28 بعد هذا راى يسوع ان كل شيء قد كمل فلكي يتم الكتاب قال انا عطشان 

19: 29 و كان اناء موضوعا مملوا خلا فملاوا اسفنجة من الخل و وضعوها على زوفا و قدموها الى فمه 

السادس

انجيل لوقا 23 

23: 45 و اظلمت الشمس و انشق حجاب الهيكل من وسطه 

23: 46 ونادى يسوع بصوت عظيم وقال يا ابتاه في يديك استودع روحي 

السابع 

انجيل يوحنا 19

19: 30 فلما اخذ يسوع الخل قال قد اكمل و نكس راسه و اسلم الروح 

 

وحتى ترتيب الاحداث يثبت ذلك فمتي البشير ذكر

انجيل متي 27

27: 46 ونحو الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم قائلا ايلي ايلي لما شبقتني اي إلهي إلهي لماذا تركتني 

 أي انه نحو الساعة التاسعه وكلمة نحو في اليوناني 

περι δε

وهي تعني مقربة او قرب البداية فهذا يدل ان صراخ المسيح ايلي ايلي هو كان قرب بداية الساعه التاسعه 

والساعه التاسعة هي بوقتنا تبدأ تقريبا من عندما تكون الشمس قد وصلت الي بداية الربع الرابع في السماء وتنتهي مع بداية الغروب وهو تقريبا من الساعه الثالثه بعد الظهر الي نهاية الساعه الخامسه او بداية الساعه السادسه عصرا 

ثم تم بعد ذلك موضوع اسفنجة الخل على القصبة 

ومتي البشير يوضح ان المسيح صرخ مره اخري قبل تسليم الروح ولكن لم يقل مضمون الصراخ 

انجيل متي 27

27: 50 فصرخ يسوع ايضا بصوت عظيم و اسلم الروح 

27: 51 و اذا حجاب الهيكل قد انشق الى اثنين من فوق الى اسفل و الارض تزلزلت و الصخور تشققت 

إذا متي في عدد 46 ذكر صراخ وهو ايلي ايلي وفي عدد 50 ذكر صراخ اخري ولم يقل مضمون كلماته في الثاني وهذا ما قاله لوقا البشير (يا ابتاه في يديك استودع روحي) فلوقا البشير أكمل ما اختصره متى البشير ولهذا الاناجيل تكمل بعضها.

وايضا مرقس البشير الذي تكلم عن الصراخ الاول في عدد 34 ايضا أكد ان كان هناك صراخ اخر بعد موضوع اسفنجة الخل في عدد 37 وهذا في

انجيل مرقس 15 

15: 34 وفي الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم قائلا الوي الوي لما شبقتني الذي تفسيره إلهي الهي لماذا تركتني 

15: 35 فقال قوم من الحاضرين لما سمعوا هوذا ينادي ايليا 

15: 36 فركض واحد وملا اسفنجة خلا وجعلها على قصبة وسقاه قائلا اتركوا لنر هل ياتي ايليا لينزله 

15: 37 فصرخ يسوع بصوت عظيم و اسلم الروح 

15: 38 فانشق حجاب الهيكل الى اثنين من فوق الى اسفل 

فهو ايضا وضح الفرق بين الاثنين ولكن فقط في الثاني تكلم عنه بدون تفصيل محتوي الكلام 

ولوقا البشير هو الذي وضح محتوي كلام الصراخ الثاني (يا ابتاه في يديك استودع روحي)

 

فالمشكك خلط بين مقولة المسيح الرابعه التي ذكرها متي البشير ومرقس البشير ومقولة المسيح السادسة التي ذكرها لوقا البشير واشار اليها ايضا متي البشير ومرقس البشير باختصار 

فالمسيح مقولته الرابعة وهو صراخه الأول بصوت عظيم ايلي ايلي لما شبقتني. والمسيح قالها بالآرامي. ومتى البشير الذي كتب بشارته بالعبري لليهود أولا قبل ان يترجمها بنفسه لليوناني كتب ايلي ايلي بالعبري ولكن أكمل الجملة لما شبقتني بالآرامي بحروف عبرية ثم ترجمها وأبقى ايلي ايلي العبرية ولكن كتبها بحروف يوناني ولما شبقتني أيضا كتبها ارامي بحروف يوناني. اما مرقس البشير فلانه كتب انجيله كله باليوناني من الأول فهو كتب الجملة كما نطقها المسيح اراميا ايلوي ايلوي لما شبقتني ولكن كتبها ارامي بحروف يوناني. 

وتعبير إلهي إلهي لماذا تركتني هذه تطرقت الي معناها وهدفها في ملف

الهي الهي لما تركتني  

وهو باختصار شديد

المسيح قال هذا 

اولا لاجل اللام الرهيبة التي يعبر بها سواء الام جسديه او الام نفسيه وغيرها وقد شرحتها فيما سبق وتوضيح عمق الالم 

ثانيا لانه ممثل للبشريه في جسده وهو الذبيح المقدم عن خطايا العالم كله فهو يقولها كممثل عن البشرية كلها ويعبر عن اشتياق البشريه ان ترجع الي الله الذي فارقها بسبب الخطية وتكمل الحوار الذي بدا في الجنه 

وثالثا تذكيرا بان كلامه تنبا عنه داود النبي في المزمور 22 ومشهد الصلب وبخاصة ان اسم المزمور هو إلهي إلهي لماذا تركتني وتحقق امام اليهود ولم يفهموا 

وايضا إشعياء حذر في اصحاح 53 ان البعض سيعتقد بان هذا انكار للاهوته وهذا ما سقط فيه كثيرون حتى الان رغم انه كلام واضح عن ذراع الرب الذي يظلم ويتذلل ويذبح لاجلنا فهذا اثبات للاهوته وتواضعه بل تحمله وهو القدوس ان توضع عليه خطايانا وهو الذي بلا خطية 

 لان الانسان الطبيعي يتألم حتى الموت ثم لا يشعر بالم اما المسيح فهو اولا رغم موت الجسد ولكنه حي بروحه المتحد باللاهوت وايضا هذا الام صعب علي اللاهوت ان يكون متحد بجسد ميت وهو يعطي الحياة 

والمسيح الذي يعرف كل ذلك يصرخ الهي الهي 

ومن هذا نتاكد انه جسد حقيقي وايضا لاهوت حقيقي وليس تشبيه او جسد هلامي وايضا لا انفصال 

فالاب حال في الابن مثل العقل المدبر واليمين المنفذ والابن والاب واحد ولكن الابن يشعر بالالام فيصرخ معبرا عن انها الام حقيقية وليس تمثيل او شيئ هلامي ولم ينفصل الاب عن الابن ولا انفصل لاهوت الابن عن طبيعته البشريه كما لم ينفصل في المثل السابق العقل عن الذراع ولا عن الفم 

 

اما الاخر الذي ذكره لوقا البشير وهو في يديك أستودع روحي هذا كان صراخ لتسليم روحه البشرية بالحقيقة وهذا لان روح المسيح البشريه لم تنفصل عن لاهوته حتى اثناء وبعد خروجها من الجسد ولاهوت المسيح الواحد مع الاب فلهذا يعتبر ان الاب يستلم روح المسيح البشريه وهي اول روح لا يستطيع الشيطان ان يحبسها في محبس الهاوية بل استلمها الاب  

 

واخيرا المعني الروحي 

من تفسير ابونا تادرس يعقوب واقوال الاباء

ثالثًا: "نادى يسوع بصوت عظيم، وقال: يا أبتاه في يديك استودع روحي" [46].

     يستودع الابن روحه (البشرية) في يديّ الآب، إذ يستريح في أحشاء الآب.

يستودع روحه في يديّ الآب، لكنه وإن كان في الأعالي إلا أنه أضاء الجحيم ليخلص الذين فيه...

استودع الروح في يديّ الآب حتى تتحرر السماوات نفسها من قيود الظلمة، ويكون سلام في السماء وتستطيع الأرض أن تتبعها.

أسلم الروح بإرادته... لذا أضاف "بصوت عظيم"[928].

القديس أمبروسيوس

     هذا الصوت يعلمنا أن نفوس القديسين لا تعود تنزل إلى الجحيم كما كان قبلاً بل تكون مع الله، لقد أحدث المسيح بداية هذا التغير.

القديس يوحنا الذهبي الفم

رابعًا: إذ رأى قائد المائة السيد المسيح يسلم روحه بقوة، وسمعه يستودعها بإرادته في يديّ الآب آمن، قائلاً:"بالحقيقة كان هذا الإنسان بارًا" [47]، كما قال: "حقًا كان هذا الإنسان ابن الله" (مت 27: 39). لقد شاهد قائد المائة كثير من المصلوبين يموتون، لكن موت هذا المصلوب كان فريدًا، هزّ أعماق قلبه ليسحبه للإيمان به، خاصة وأنه أبصر بعينيه شهادة الطبيعة له. لقد تحقق قول الرب: "وأنا إن ارتفعت عن الأرض أجذب إليّ الجميع" (يو 12: 32). لقد ارتفع على الصليب فاجتذب اللص اليمين وقائد المائة وكثيرين ممن كانوا يشاهدونه واقفين من بعيد [49].

 

والمجد لله دائما