هل اخطأ ملاك الرب في ما قاله لبولس عن عدم خسارة اي نفس ؟ اعمال 27: 22 و اعمال 27: 31

 

Holy_bible_1

 

الشبهة 

 

جاء في أعمال 27: 22 وعد الله لبولس أن لا تكون خسارة نفس واحدة من ركاب السفينة، ولكن بولس قال في أعمال 27: 31 إنه إن لم يبقَ البحارة في السفينة فإنهم لا ينجون. وهذا يناقض وعد الله.

 

الرد

 

كلام الملاك كان دقيق جدا عن عدم خسارة نفس واحده ولم يخطئ في شيئ وهو تم تحقيقه بالفعل ونتيجته تحققت فلم يهلك واحد في نهاية الامر كما اكد نهاية الاصحاح وايضا حتي مضمون كلامه ووسيلة تحقيقه كان دقيق بذكر وسيلة الخلاص وانهم سيخسرون السفينة ولكن لن يخسروا نفس وهذا تحقق 

واشرح ببعض التفصيل الاعداد  

سفر اعمال الرسل 27

27: 18 و اذ كنا في نوء عنيف جعلوا يفرغون في الغد

هنا يكلمنا لوقا البشير عن رحلتهم الي روما واخطارها ويشرح النوء العنيف الذي حل بهم اي عاصفه بحرية شديده من الممكن ان تحطم السفينة وتؤدي بحياتهم جميعا 

وجعلوا يفرغون اي يلقوا حمولة السفينة لتكون خفيفه وتتحمل بدل من ان تتحطم السفينه بسبب قوة الامواج وتغرق وكما سنعرف فيما بعد انها كنت محملة حنطة  

27: 19 و في اليوم الثالث رمينا بايدينا اثاث السفينة

فهم لم يضحوا فقط بحمولة السفينه وهذا معناه خسارة ماديه للتجاره بل لانهم شعروا ان الخطر محدق فبدؤا يرموا اثاث السفينه نفسها اي انهم يفعلوا كل ما في استطاعتهم وهم بهذا شبه فاقدي الرجاء في النجاة  

27: 20 و اذ لم تكن الشمس و لا النجوم تظهر اياما كثيرة و اشتد علينا نوء ليس بقليل انتزع اخيرا كل رجاء في نجاتنا 

الشمس والنجوم ترشدهم الي الاتجاهات الجغرافية فهم بهذا حتي لا يعرفوا اتجاههم والنوء اي الرياح القوية تشتد اكثر فاكثر 

ولهذا فقدوا رجاؤهم في ان ينجوا

27: 21 فلما حصل صوم كثير حينئذ وقف بولس في وسطهم و قال كان ينبغي ايها الرجال ان تذعنوا لي و لا تقلعوا من كريت فتسلموا من هذا الضرر و الخسارة

وهنا يوضح ان المؤمنين وعلي راسهم بولس الرسول لم يفقدوا رجاؤهم وتمسكوا بالصلاة والصوم  مع ايضا انهم كانوا يعملوا مع الذين في السفينه فهم يجاهدوا في الحياه ويجاهدوا في الصلاه والصوم ايضا. وهنا بولس الرسول يعاتبهم لانه نصحهم سابقا في عدد 9 و 10 ان لا يبحروا لانه خطر وهو توقع هذه العاصفة  

27: 22 و الان انذركم ان تسروا لانه لا تكون خسارة نفس واحدة منكم الا السفينة

كلمة باراينو في اليوناني التي ترجمت انذركم هي اقرب الي انصحكم , فمعلمنا بولس الرسول ينصحهم ان يفرحوا ويؤمنوا بالرب واعطاهم سبب يفرحوا به بانه رائ رؤية انه لايكون هناك خسارة في نفس واحدة من 276 شخص علي متن السفينة وهذا تحقق كما سنري في نهاية الاصحاح 

الا السفينة بمعني ان السفينه ستتحطم في النهاية ولكنهم سينجوا بانفسهم وهذا حدث وسنتاكد من ذلك في سياق الكلام. اذا الملاك لم يتكلم فقط عن نجاة الانفس ولكن عن هلاك السفينه ايضا فمن سيبقي في السفينه هو يرفض كلام الرب ويعاند ارادته ويعرض نفسه للهلاك 

ويخبرهم بمصدر النبوة  

27: 23 لانه وقف بي هذه الليلة ملاك الاله الذي انا له و الذي اعبده

حتي في اصعب الاوقات والكل علي مشارف الموت لا يكف معلمنا بولس الرسول عن ان يبشر باسم الرب ويخبر بكلامه فحتي خطورة البحر ومشارف الموت لم يربكه ولا شغله الخوف من الغرق علي ان يبشر بالرب وهذا لان معظم الركاب وثنين ولكل واحد إلهه الذي يعبده. ولكن كل هذه الآلهة ليست لها ملائكة ترسلها ولا تتنبأ بالمستقبل أو تضمنه ولا تظهر في ازمنة الضيق ولا تستجيب ولكن الله وحده لانه هو الاله الحقيقي 

وتعبير الذي انا له اي انا مكرس نفسي بالكامل له محبة فيه ويعبده ليس عن اجبار ولكن هو يتمتع بعبادته لانه حتي في اضيق الاوقات واصعبها يرسل ملاكه ليبشرهم بانه سينقذهم  

27: 24 قائلا لا تخف يا بولس ينبغي لك ان تقف امام قيصر و هوذا قد وهبك الله جميع المسافرين معك

وهنا من كلام الملاك نفهم القليل من محتوي صلاة بولس الرسول فهو لم يكن يصلي بسبب خوفه علي حياته 

سفر أعمال الرسل 20: 24

 

وَلكِنَّنِي لَسْتُ أَحْتَسِبُ لِشَيْءٍ، وَلاَ نَفْسِي ثَمِينَةٌ عِنْدِي، حَتَّى أُتَمِّمَ بِفَرَحٍ سَعْيِي وَالْخِدْمَةَ الَّتِي أَخَذْتُهَا مِنَ الرَّبِّ يَسُوعَ، لأَشْهَدَ بِبِشَارَةِ نِعْمَةِ اللهِ.

ولكن كان يصلي لاجل غرض سفره وهو ان يشهد لاسم المسيح امام الملوك والولاه كما وعده الرب منذ البداية 

سفر أعمال الرسل 9: 15

 

فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: «اذْهَبْ! لأَنَّ هذَا لِي إِنَاءٌ مُخْتَارٌ لِيَحْمِلَ اسْمِي أَمَامَ أُمَمٍ وَمُلُوكٍ وَبَنِي إِسْرَائِيلَ.

وهو صلي ايضا لنجاة الذين معه رغم انهم وثنيين وبعضهم حراس يقيدونه وبعضهم يسيئ معاملته كسجين واسير 

فالرب استجاب له وقال له انه سيتمم وعده وسيقف امام قيصر وايضا طلبته الاخري التي تضرع لاجلها وهي نفوس الذين معه فالرب وعد انه لن يهلك واحد منهم 

وبهذا الاعلان معلمنا بولس يوضح لهم ان سبب استجابة الرب لهم ليس لاي صلاح فيهم ولكن لاجل صلاة المؤمنين عنهم ولكي يعطيهم الرب فرصه اخري ان يعرفوه  

27: 25 لذلك سروا ايها الرجال لاني اومن بالله انه يكون هكذا كما قيل لي

فمعلمنا بولس يعلن لهم انه يؤمن بان ما قيل له سيحدث, وبالفعل حدث ولم يهلك منهم احد 

وايضا هذه علامه لهم انهم لو نجوا يبحثوا عن هذا الاله الذي يؤمن به بولس والذي ارسل ملاكه لبولس ليبشره بهذا 

ولكن نبوة الملاك كان بها ابعاد اخري فعرفنا انه وعده انه سينجوا ووعده بان كل الذين معه لن يهلك منهم احد ولكن اخبره بانهم سيخسروا السفينه لانها ستتحطم ولكي ينجوا من السفينة التي ستتحطم يجب ان يفعلوا امر وهو  

27: 26 و لكن لا بد ان نقع على جزيرة

فالملاك اخبره لكي ينجوا ولا يهلك احد انهم سيجدوا سفينه ولا بد ان ينزلوا اليها لان السفينة ستتحطم ويجب ان يفعلوا ذلك لكي ينجوا 

وملاحظة من دقة كلام الرب من خلال الملك انه قال جزيره ولم يقل انهم سيصلوا الي شاطئ في افريقيا او اوربا رغم انهم بسبب العاصفه والسحب الكثيفه والموج العالي والنوء لا يعرفون اتجاههم وهم كانوا بالقرب من ايطاليا فهو لو كان يخمن لكان قال شاطئ وليس جزيرة  

وهذا بالفعل حدث فهم انتهي الامر بهم في جزيرة مليطه وتحطمت السفينه ولم يهلك احد  

27: 27 فلما كانت الليلة الرابعة عشرة و نحن نحمل تائهين في بحر ادريا ظن النوتية نحو نصف الليل انهم اقتربوا الى بر

الليله الرابعة عشر من اقلاعهم 

وبحر ادريا هو المنطقه من البحر المتوسط الذي يقع جنوب شبة جزيرة ايطاليا 

وهم ظنوا بسبب صعوبة الرؤية وارتفاع الموج ولكن من خبرتهم عرفوا انهم قريبين من ارض  

27: 28 فقاسوا و وجدوا عشرين قامة و لما مضوا قليلا قاسوا ايضا فوجدوا خمس عشرة قامة

هو مقياس بحري لعمق المياه وكلما تناقص اي المياه عمقها يقل فهم يقتربون من شاطئ  

27: 29 و اذ كانوا يخافون ان يقعوا على مواضع صعبة رموا من المؤخر اربع مراس و كانوا يطلبون ان يصير النهار

ف لو وقعت السفينة على شاطئ صخرى لتحطمت. ولو رموا المراسى كالعادة من الأمام لكانت السفينة قد دارت على نفسها من شدة الأمواج. لذلك هم رموا المراسى من الخلف. والمراسى ( هي الهلب) وتعمل عمل الفرامل. أربع مراس= دليل شدة العاصفة. وكانوا يطلبون أن يصير النهار = هذه ملاحظة شاهد عيان هو لوقا الرسول. 

27: 30 و لما كان النوتية يطلبون ان يهربوا من السفينة و انزلوا القارب الى البحر بعلة انهم مزمعون ان يمدوا مراسي من المقدم

النواتيه اي البحاره يعرفون من ما يروه ومن خبرتهم ان السفينة ستغرق وليس معهم قوارب كافية فحاولوا الهرب في قارب نجاة خفيف يصلوا به الي الشاطئ ويتركون بقية الركاب يغرقون مع السفينه 

فتظاهروا بانهم فقط يستخدمون القارب ليمدوا مراسي من المقدم ولكن السفينه في هذا الوضع الصعب لا تحتاج الي مراسي اي هلب من الامام لانها لو مسكت من الامام بهلب فالرياح ستجعلها تدور حول نفسها 

وغالبا ارشد الروح القدس بولس الرسول لما يفعلون فقال  

27: 31 قال بولس لقائد المئة و العسكر ان لم يبق هؤلاء في السفينة فانتم لا تقدرون ان تنجوا

كشف بولس الرسول خطتهم لقائد المائة والعسكر، فقاموا بقطع الحبال ليغرق القارب، ويبقى البحارة في السفينة، حتى يبذلوا قصاري جهدهم لانقاذ المركب لاخر لحظه ويجاهدون ليبحرون بها إلى الشاطئ فينجوا الكل.

غالبًا ما كنت السفينة حكومية، وكان لقائد المائة الكلمة الأولى في إدارة السفينة.

مع أن الرسول بولس قد نال وعدًا إلهيًا بأنه قد وهبت له كل الأنفس التي في السفينة، فإن هذا لا يعني تراخيه في العمل، إنما يلتزم أن يفكر ويتحرك، مستخدمًا كل وسيلة ممكنة للنجاة. فالوعود الإلهية تتحقق حتمًا في الذين يتجاوبون عمليًا مع العمل الإلهي ، ويبذلون كل الجهد للسلوك حسب مسرة الله وليس لمن يتراخى ويهمل فيجب ان نؤمن بوعود الرب ونعمل علي تحقيق وعوده ونترك له ان يكمل ولكن من يهمل فلا ينال شيئ. فالخلاص المجاني لا يعني تهاون الإنسان أو تراخيه وعدم جديته، لهذا يحدثنا الرسول بولس عن "الإيمان العامل بالمحبة".

 وايضا الرب يكمل خطته فهو وعد بانه لا يهلك احد فعندما حاولا البحاره ان يخونوا بقية الركاب ويهربوا بانفسهم فقط ويتركوا الباقيين يغرقوا نبه روح الرب بولس فكشف خطتهم وبهذا اكمل الرب وعده 

فمن يقول ان هذا العدد يناقض وعد الله هو مخطئ بل هذا العدد يؤكد وعد الله بانه سيتم وحتي لو حاول احد ان يعمل ضد مقاصد الله ليؤذي اولاده ويخالف وعوده فالله يقدر ان يكشف خطته في الوقت المناسب ويفسدها 

27: 32 حينئذ قطع العسكر حبال القارب و تركوه يسقط

 فحتي رئيس العسكر لم ينتبه الي خطتهم ولكن لما نبهه بولس الرسول لخطتهم منعهم من مغادرة المرك وترك المركب يسقط فيبقوا في السفينه ويجاهدوا بخبرتهم كبحاره متمرسين ان ينقذوا الركاب الي اخر لحظة ممكنة 

27: 33 و حتى قارب ان يصير النهار كان بولس يطلب الى الجميع ان يتناولوا طعاما قائلا هذا هو اليوم الرابع عشر و انتم منتظرون لا تزالون صائمين و لم تاخذوا شيئا 

27: 34 لذلك التمس منكم ان تتناولوا طعاما لان هذا يكون مفيدا لنجاتكم لانه لا تسقط شعرة من راس واحد منكم

النوء شديد ومضي عدة ايام من وقت نبوته وفقدوا قارب النجاه ولكن بولس الرسول حتي الان متمسك بايمانه وبوعود الرب بانه لن يهلك منهم احد 

ويطلب منهم بمحبة ان ياكلوا لكي لا يهلكوا من الجوع ايضا فهو حريص علي حياتهم وخلاصهم  

27: 35 و لما قال هذا اخذ خبزا و شكر الله امام الجميع و كسر و ابتدا ياكل

فهو وسط الوثنين ووسط الحراسووسط كل هذه الظروف لا يخجل من اسم الرب بل يسبح الرب ويشكره ويبارك الطعام باسمه  

27: 36 فصار الجميع مسرورين و اخذوا هم ايضا طعاما 

27: 37 و كنا في السفينة جميع الانفس مئتين و ستة و سبعين

اجمالي عدد الركاب وبحارة وعسكر ومساجين ومنهم بولس الرسول ولوقا البشير  

27: 38 و لما شبعوا من الطعام طفقوا يخففون السفينة طارحين الحنطة في البحر

هم طرحوا سابقا حمولة السفينة وهنا يطرحون ايضا القليل الباقي الذي تركوه لطعامهم وهذا يعني انه لم يتركوا شيئ علي السفينه ليخففوها حتي طعامهم القليل  

27: 39 و لما صار النهار لم يكونوا يعرفون الارض و لكنهم ابصروا خليجا له شاطئ فاجمعوا ان يدفعوا اليه السفينة ان امكنهم

لم يعرفوا الارض اي انهم لا يعرفون ما هذه البلد وهل هذا شاطئ اوربا ام شاطئ جزيره في وسط البحر ام ماذا فهم كانوا بلا شك بلا معرفة لجغرافية الموضع، ليس لهم إدراك للشاطئ ولا للجزيرة، لكنهم رأوا خليجًا له شاطئ يمكن أن ترسي السفينة عنده، إذ اطمأنوا أنه لا توجد صخور ظاهره يمكن أن تحطم السفينة.

27: 40 فلما نزعوا المراسي تاركين اياها في البحر و حلوا ربط الدفة ايضا رفعوا قلعا للريح الهابة و اقبلوا الى الشاطئ

نزعوا المراسي اي تركوا الهلب في البحر التي كانوا ربطوا بها السفينه من الخلف  

27: 41 و اذ وقعوا على موضع بين بحرين شططوا السفينة فارتكز المقدم و لبث لا يتحرك و اما المؤخر فكان ينحل من عنف الامواج

اي ارض مرتفعه بين مياه قبلها وبعدها قبل الوصول الي الشاطئ وهو دائما لسان رملي تكون المياه فوقه ضحله غرزت فيها السفينه ولكن الامواج في خلفية السفينه عنيفه جدا تكسر السفينة  

 

27: 42 فكان راي العسكر ان يقتلوا الاسرى لئلا يسبح احد منهم فيهرب

و حسب النظام الروماني كان الأسرى يُقتلون ولا يُتركون لئلا يهرب أحد منهم، فيتعرض العسكر للاتهام بالإهمال أو الاختلاس مع الأسرى فيحكم علي العسكر بالقتل. كان في رأي العسكر أن يُقتل الأسري فيحسبون كمن ماتوا بالغرق خير لهم من أن يهرب أحد، فيُحاكمون بجريمة التواطؤ. هكذا بينما يفيض الله بمراحمه على الجميع، وينقذ الحراس من موتٍ محقق إذا بهم يُظهرون كل عنفٍ نحو المسجونين الذين في أعينهم لا يساوون شيئًا. فهؤلاء العسكر كانوا قساه علي الاسره ويريدوا ان يقتلوهم وكان بولس الرسول الاسير يصلي ويتضرع من اجل نجاتهم  

27: 43 و لكن قائد المئة اذ كان يريد ان يخلص بولس منعهم من هذا الراي و امر ان القادرين على السباحة يرمون انفسهم اولا فيخرجون الى البر

قائد المئة بدا الرب يلمس قلبه بسبب كلام بولس الرسول وتصرفاته وهذا بسبب الرب الذي لا يريد ان يهلك احد ولا حتي الاسري بمختلف جنسياتهم  

27: 44 و الباقين بعضهم على الواح و بعضهم على قطع من السفينة فهكذا حدث ان الجميع نجوا الى البر 

وبهذا تحقق وعد الرب فنجوا فعلا ولم يهلك احد والسفينه تحطمت وهم رسوا علي شاطئ جزيره كما قال الملاك 

اذا النبوة تحققت بالكامل ولا يوجد اي تناقض والرب اعلن وايضا ارشد طوال الوقت لتحقيق الوعد وحافظ علي وسيلة النجاه وهم بقاء البحارة في السفينة ونفذ وعده في النهاية بالكامل

 

والمجد لله دائما