كيف يقول بولس عن الامم ان بعضهم يفعل الناموس بالطبيعة ؟ رومية 1: 19-20 ورومية 2: 14-15 و افسس 2: 3

 

Holy_bible_1

 

الشبهة

 

يصف بولس البشر انهم بالطبيعة ابناء الغضب ويعملون مشيئات الجسد وهذا في افسس 2: 3 ولكنه يقول في رومية 2: 14 لانه الامم الذين ليس عندهم الناموس متى فعلوا بالطبيعة ما هو في الناموس فهؤلاء اذ ليس لهم الناموس هم ناموس لانفسهم 15 الذين يظهرون عمل الناموس مكتوبا في قلوبهم شاهدا ايضا ضميرهم و افكارهم فيما بينها مشتكية او محتجة 

فكيف يفعلون بالطبيعه الناموس رغم انهم بالطبيعة اشرار  

 

الرد 

 

رغم ان ما يتكلم عنه معلمنا بولس الرسول في الحالتين مختلفتين تماما الا ان الامر يفهم ببساطه بدراسة الاصحاح الاول والثاني من رسالة رومية الذي يوضح جانب ان الامم الذين لم تصل اليهم البشاره ولم يسمعوا شيئا عن ايلوهيم وولدوا في الخطية ما هو موقفهم. هؤلاء الله لم يتركه نفسه بلا شاهد لهم فبالاضافه الي ان الرب ارسل انبياء كثيرين الي امم لم يتكلم عنهم الانجيل الا شيئ قليل مثل بلعام ومثل يونان وغيرهم فهو ايضا يستعلن من خلال مخلوقاته ومصنوعات التي تشهد له انه خالق حتي لو لم يعرفوه بالاسم فلا يقدر احد ان يقول انا لم اعرف اي شيئ عن الله لان اعمال الله كانت تشهد له بل هو الذي رفض ان يعرف الله ورفض شهادات الله من خلال مصنوعاته ولكن من كان له قلب خير عرف وجود الله من مصنوعاته حتي لو لم يعرفه اسما واراد ان يرضيه

وهؤلاء حكمهم يختلف عن من كان عندهم الناموس لان هؤلاء ناموسهم لم يكون ناموس مكتوب ولكن ناموس قلبي بمعني ان هذا الانسان ورث من ادم معرفة الخير والشر بمعني انه ورث طبيعة الخير اي ارادة الخير التي خلقها الله في ادم واشتهاء الخير وهو ما نسميه بالضمير وايضا ورث الطبيعة الفاسدة الشريرة التي يشتهي بها الشر فهو لم يكن مسير للخير او الشر ولكن له القدره علي الاختيار بين الخير والشر فلو غلبة طبيعة الخير في داخله وناموس ضميره قاده للصلاح فهو له الحق ان يتبرر في يوم الدينونة ودم المسيح يكفر كل الخطايا السالفة والمستقبلة لمن كان يبحث عن الخلاص حتي لو لم يكن يعرفه او لم يدركه  فهو بدون ادراكه احتاج دم المسيح ليفديه ولكن من سمع عنه يجب ان يقبل فداء المسيح بارادته. 

ولكن حتي هؤلاء اختيارهم للخير لا يعني انهم بلا خطية تماما بل هم اخطؤا واعوزهم مجد الله فجميع البشر بدون استثناء اخطؤا وهذا ما يتكلم عنه معلمنا بولس في رسالته الي افسس  

وندرس الاعداد معا 

رسالة بولس الرسول الي أهل رومية 1

1: 17 لان فيه معلن بر الله بايمان لايمان كما هو مكتوب اما البار فبالايمان يحيا

معلمنا بولس الرسول يتكلم عن الانجيل الذي بشر به ويقول ناقلا من نبوة حبقوق 2: 4 اما البار فبالايمان يحيا وحبقوق كان يتكلم عن بابل ويقصد بها أن بابل ستؤدب شعب الله فقط لكنها لن تبيده لسبب بسيط هو أن هذا الشعب شعب الله. والذين عبدوا الأوثان ستبيدهم بابل، أمّا الأبرار الذين يؤمنون بالله فسيحيون وهنا يقصد ان كل انسان بار له ايمان سيحيا بالرب فهي تصلح عهد قديم وعهد جديد فبالفعل البشر هم ابناء المعصيه ولكن البعض يختار حياة البر ويحيا حياة البر فمتي فعل بناموس ضميره ما يرضي الله هذا يبرره . اما الذي يحب الشر ويكمل فيه فيقول  

1: 18 لان غضب الله معلن من السماء على جميع فجور الناس و اثمهم الذين يحجزون الحق بالاثم

بمعني ان الذي يحب الفجور هذا يغضب الله عكس الذي يرضي الله في العدد السابق . هذا الغضب ظهر ضد كل من لا يسلك في صلاح ووقار من نحو الله. وضد من خالف الناموس الطبيعي الأخلاقي ولكل من تنكر للحق وضل وراء العبادة الوثنية وحياتها وممارساتها الفاجرة. وعن هذا الشخص يشرح معلمنا بولس ويوضح شرورهم انهم بخطاياهم حجزوا الحق بالاثم لانهم بعبادتهم للأوثان الباطلة وعدم تعبدهم لله الحق عطل ظهور الحقيقة بل اخفي الحق عن اخرين ايضا بسبب عثرتهم، وهذه عكس "ليري الناس أعمالكم الصالحة فيمجدوا أباكم الذي في السموات". عموماً طريق الخطية يقود للعمي أمّا طريق النقاوة فهو طريق الإمتلاء من الروح القدس الذي يفتح الحواس الروحية، ومن حواسه الروحية مفتوحة فهو حي، والعكس. 

لانهم كسروا الناموس الطبيعي الذي في قلوبهم  

1: 19 اذ معرفة الله ظاهرة فيهم لان الله اظهرها لهم

ويكمل الكلام عن الخطاه وليس عن الابرار فهذا العدد والتالي هو عن الذين انكروا معرفة الله الظاهرة لأن المعرفة الحقيقية عن الله يستطيع العقل البشري أن يتوصل لها. فالله أعد عقول البشر ليهتدوا إليه، الله غرس بذرة الإيمان في كل إنسان. والله أعطي أيضاً لكل إنسان ضمير يعرف به الحق (رو14:2،15). فمجرد التأمل في خلقة الإنسان أو العالم أو الكون يثبت ضرورة وجود هذا الإله. وكثيرون من الفلاسفة شعروا بهذا وقالوا أن الإوثان خرافة وانه لابد أن يكون هناك إله وراء هذه الطبيعة ينبغي أن نعبده. وهذا الشعور بوجود إله ندركه من خلال أعماله هو ما يميز الإنسان عن الحيوان. ولاحظ قبول الأطفال لله ومحبتهم له وتصديقهم للحقائق الإلهية. إذاً إن كان الله قد أعطي لليهود ناموس موسي، فهو أعلن عن نفسه للوثنيين خلال الطبيعة المنظورة (مز1:19) فالله لا يبقي نفسه بلا شاهد.

 1: 20 لان اموره غير المنظورة ترى منذ خلق العالم مدركة بالمصنوعات قدرته السرمدية و لاهوته حتى انهم بلا عذر

واموره غير المنظورة اي اعماله في الخفاء التي تنتج اشياء عينية لايكون لها الوجود منظور الا باعماله الغير منظوره فالله أظهر قوته في خليقته التي صنعها من أجل محبته لنا. لكن تظل طبيعته الإلهية غير منظورة للإنسان، ولا يمكن بعيوننا الجسدية أن ندرك كماله، ولكن يمكن ان ندركه من خلال أعماله: المصنوعات السرمدية اي أزلية أبدية، أي بلا بداية ولا نهاية، والمعني ان الله لم يخلقه أحد، هو واجب الوجود، هو القوة وراء كل المخلوقات والمصنوعات حتي أنهم بلا عذر كل  هذه عن الوثنيين. وهم بلا عذر لأنه إذا كان يمكن إدراك الله بعقولنا فلا عذر لهم ولا لأي إنسان يُنكر وجود الله. ونلاحظ أن بولس الرسول كرر هذه القول بالنسبة لليهود في الإصحاح الثاني، فلا عذر للوثنيين ولا عذر لليهود. لا عذر للوثنيين الذين عبدوا المخلوق وتركوا الخالق، ولا عذر لليهود الذين أخطأوا في حق الله. وكم وكم نحن بلا عذر نحن المسيحيين ونحن هياكل للروح القدس. 

1: 21 لانهم لما عرفوا الله لم يمجدوه او يشكروه كاله بل حمقوا في افكارهم و اظلم قلبهم الغبي 

1: 22 و بينما هم يزعمون انهم حكماء صاروا جهلاء 

1: 23 و ابدلوا مجد الله الذي لا يفنى بشبه صورة الانسان الذي يفنى و الطيور و الدواب و الزحافات 

1: 24 لذلك اسلمهم الله ايضا في شهوات قلوبهم الى النجاسة لاهانة اجسادهم بين ذواتهم 

1: 25 الذين استبدلوا حق الله بالكذب و اتقوا و عبدوا المخلوق دون الخالق الذي هو مبارك الى الابد امين 

ففهمنا ان هذا عن الاشرار الذين اختاروا الشر حتي لو لم يكن عندهم ناموس ولكنهم بلا عزر ايضا اما عن الامم الذين بلا ناموس ولكن اختاروا البر هذا ما يتكلم عنهم في 

رسالة بولس الرسول الي أهل رومية 2

2: 12 لان كل من اخطا بدون الناموس فبدون الناموس يهلك و كل من اخطا في الناموس فبالناموس يدان

ويقصد بمن اخطأ بدون ناموس اي الامم الذين لم يكن عندهم ناموس موسي لان الله وهب كل إنسان نور الطبيعة أي الضمير وبه يميز الإنسان الطبيعي بين الخير والشر. لذلك وجدنا وسط الوثنيين مبادئ فيها فكرة عن العدل والشفقة والطهارة ومنع القتل والسرقة والكذب والضمير سيشهد ضد كل واحد حتى لو حاولنا أن نسكته. وأضيف لليهود نور الناموس، وأضيف لنا كمسيحيين فوق كل هذا نور الإنجيل. فالله لا يترك نفسه بلا شاهد. وكلما ازدادت الإمكانيات ازدادت المسئولية، وبالنسبة لليهود فالناموس ليس مجالاً للإفتخار بل للعمل به، ولكشف النفس والتوبة. وهذا هو الفرق بين أن يكون الإنجيل للمعرفة والإفتخار أو يكون حياة معاشة. ولقد صار الناموس حملاً زائداً علي اليهود بسبب زيادة المسئولية، لكن كان غرض هذا الحمل المضاعف أن يكتشفوا عجزهم عن أن يقوموا وحدهم بتنفيذ متطلبات الناموس، وأن يشعروا بإحتياجهم لمخلص. لكن للأسف تحول الناموس عند اليهود إلي أداة إفتخار. بدون الناموس يهلك= فالخطية قاتلة، وسبباً كافياً للموت حتى بدون الناموس. فالسرطان كمرض كان يميت قبل أن يكتشفه الأطباء ويشخصونه. وسدوم وعمورة هلكوا دون أن يكون هناك ناموس مكتوب.

يدان أي مع وجود ناموس تصبح الخطية تعدّي علي حق الله وبالتالي تزداد عقوبة المتعدي فهو 

[1] يموت بسبب الخطية 

[2] يحاسب علي تعديه. 

لذلك قال السيد المسيح يكون لسدوم وعمورة حالة أكثر احتمالاً يوم الدين من هؤلاء الذين رفضوا دعوة المسيح (مت15:10).

2: 13 لان ليس الذين يسمعون الناموس هم ابرار عند الله بل الذين يعملون بالناموس هم يبررون

هذا عن اليهود هناك من يحفظ الناموس ويعظ به ولكن لا يعمل به فدينونته ستكون أشد، مثل هذا قد يتبرر عند الناس بسبب معرفته ولكن ليس لدي الله. لكن من سيتبرر هو من يعمل بحسب الناموس.  

2: 14 لانه الامم الذين ليس عندهم الناموس متى فعلوا بالطبيعة ما هو في الناموس فهؤلاء اذ ليس لهم الناموس هم ناموس لانفسهم

وهنا الامم الذين لم يعرفوا الناموس او لم يعرفوا المسيح لانهم لم يدركوه او لم تصلهم رسالته ولم يسمعوا عنه شيئ 

وناموس الطبيعه هو الضمير الذي خلقه الله في الانسان هذا لو اتبع ضميره الصالح يتبرر و هكذا من يفعل ما في الناموس بدون ناموس يحيا بعمله الصالح (كرنيليوس) (أع34:10،35). وهكذا رأينا في آبائنا البطاركة إبراهيم وإسحق ويعقوب ويوسف وأيوب أنهم بدون ناموس مكتوب، كان الناموس مكتوباً علي قلوبهم، كان هذا عمل الضمير. وهذا معني هم ناموس لأنفسهم= أي علي الرغم من أن ليس لهم ناموس مكتوب فهم لهم ناموس الضمير. وبهذا الناموس عمل الأمم الذين ليس لهم ناموس، عملوا أعمالاً صالحة مقودين بناموسهم الفطري،  

2: 15 الذين يظهرون عمل الناموس مكتوبا في قلوبهم شاهدا ايضا ضميرهم و افكارهم فيما بينها مشتكية او محتجة

فيجب ان تكون اعمالهم وافكارهم ونقاشاتهم مرضيه عند الله كل أممي له ما يدينه من قبل الله أي ضميره. إذاً دينونة الله العادلة ستكون علي الكل أمماً ويهود. محتجة= مدافعة بالحجة والبرهان. مشتكية= ضمائرهم تحتج داخلهم ان أخطأوا. هنا الضمير بدل الناموس المكتوب. ويوم الدينونة سيقف ضمير كل إنسان شاهداً ضده حينما يدينه الله. فلقد سبق ضميره وإحتج عليه، ولذلك سيتقبل حكم الله عليه. ولنلاحظ أن الناموس عمله أنه ينير بصائر الناس ليميزوا بين الحق والباطل، لكن هذا العمل مكتوب في ضمائر الجميع ويظهره الأمميون بتصرفاتهم الأخلاقية وبإحتجاج ضمائرهم داخلهم. 

2: 16 في اليوم الذي فيه يدين الله سرائر الناس حسب انجيلي بيسوع المسيح 

يدين الله سرائر لان الناس تدين ما يُعمَل في العلن، أما الله فيدين السرائر أي الأعمال الخفية والأفكار والأسرار. والذين يحافظون علي الناموس سوف يحكم الله ببرهم في اليوم الذي يدين فيه الأعمال العلنية بل والخفية للبشر، 

بحسب الإنجيل الذي كرز به بولس، والذي فيه كرز بيسوع المسيح كديان لكل العالم والقاضي الأعلى للشعوب، وهو يدين بالحق إنجيلي.

 والذين بدون ناموس الرب يحاكمهم حسب ضميرهم هل ارضوه ام خالفوه 

 

فهنا فهمنا ان معلمنا بولس الرسول يوضح موقف الامميين الذين لم يعرفوا الناموس ولم يعرفوا المسيح لانهم لم يسمعوا عنه سواء عاشوا قبله او كانوا في مناطق معزوله لم تصلهم البشاره مباشرة فهم في داخلهم طبيعه شريرة وطبيعة خيره والشريره ممثله في شهوه شريره لفعل الشر والخيره ممثله في ضمير بالطبيعه يعطي افكار خير ويدين الشر ومن يختار الشر بالطبيعه الشريره يدان ومن يختار الخير بضميره يتبرر 

 

اما ما يتكلم عنه في افسس فهو الطبيعه الشريره الموجوده في كل البشر يهود وامم  

رسالة بولس الرسول الي أهل أفسس 2

2: 3 الذين نحن ايضا جميعا تصرفنا قبلا بينهم في شهوات جسدنا عاملين مشيئات الجسد و الافكار و كنا بالطبيعة ابناء الغضب كالباقين ايضا 

فكما قلت هنا يتكلم عن امر اخر وهو طبيعة الخطية التي في كل البشر يهود وامم وورثناها عن ادم واصبحنا بسبب هذه الطبيعة ابناء الغضب بالطبيعة: أى الحال الذي وُجدنا فيه، خاضعين لشهواتنا. لذلك كنا أبناء غضب. كان هذا حال الإنسان بدون نعمة المسيح. فبخطية آدم ضعفت كل قوى الإنسان، إرادته وعقله وقوة إدراكه، ولكن ظلت الطبيعة البشرية محتفظة بالطبيعه الخيره المجبول عليها اصلا وممثله في ضمير ونقاء يحارب الشر وهذه الطبيعه تدفعها للإيمان، ومن يؤمن ويعتمد يخرج من طبيعته ويلبس الإنسان الجديد. ونلاحظ أن الجسد ليس شراً ولكن الشر أن يخضع الجسد للشهوات والأفكار المقاومة، ومن يخضع لشهوات طبيعته يصبح ابنها (يو44:8) + (1يو10،8:3). أمَا من يقاوم من أولاد الله ويحسب نفسه ميتاً عن الشهوة يجد قوة النعمة تعين بل يصبح خليقة جديدة.

فطبيعة الخطية هي التي قال عنها معلمنا بولس الرسول

رسالة بولس الرسول الي اهل رومية 3

 3: 23 اذ الجميع اخطاوا و اعوزهم مجد الله 

وشرح هذه الطبيعة باكثر تفصيل في

رسالة رومية 5

8 وَلكِنَّ اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا، لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا.
9 فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا وَنَحْنُ مُتَبَرِّرُونَ الآنَ بِدَمِهِ نَخْلُصُ بِهِ مِنَ الْغَضَبِ!

10 لأَنَّهُ إِنْ كُنَّا وَنَحْنُ أَعْدَاءٌ قَدْ صُولِحْنَا مَعَ اللهِ بِمَوْتِ ابْنِهِ، فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا وَنَحْنُ مُصَالَحُونَ نَخْلُصُ بِحَيَاتِهِ!

11 وَلَيْسَ ذلِكَ فَقَطْ، بَلْ نَفْتَخِرُ أَيْضًا بِاللهِ، بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي نِلْنَا بِهِ الآنَ الْمُصَالَحَةَ.

12 مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَأَنَّمَا 
بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ، وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ، وَهكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ، إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ.
13 فَإِنَّهُ حَتَّى النَّامُوسِ كَانَتِ الْخَطِيَّةُ فِي الْعَالَمِ. عَلَى أَنَّ الْخَطِيَّةَ لاَ تُحْسَبُ إِنْ لَمْ يَكُنْ نَامُوسٌ.

14 لكِنْ قَدْ مَلَكَ الْمَوْتُ مِنْ آدَمَ إِلَى مُوسَى، وَذلِكَ عَلَى الَّذِينَ لَمْ يُخْطِئُوا عَلَى شِبْهِ تَعَدِّي آدَمَ، الَّذِي هُوَ مِثَالُ الآتِي.

15 وَلكِنْ لَيْسَ كَالْخَطِيَّةِ هكَذَا أَيْضًا الْهِبَةُ. لأَنَّهُ إِنْ كَانَ 
بِخَطِيَّةِ وَاحِدٍ مَاتَ الْكَثِيرُونَ، فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا نِعْمَةُ اللهِ، وَالْعَطِيَّةُ بِالنِّعْمَةِ الَّتِي بِالإِنْسَانِ الْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، قَدِ ازْدَادَتْ لِلْكَثِيرِينَ!
16 وَلَيْسَ كَمَا بِوَاحِدٍ قَدْ أَخْطَأَ هكَذَا الْعَطِيَّةُ. لأَنَّ الْحُكْمَ مِنْ وَاحِدٍ لِلدَّيْنُونَةِ، وَأَمَّا الْهِبَةُ فَمِنْ جَرَّى خَطَايَا كَثِيرَةٍ لِلتَّبْرِيرِ.

17 لأَنَّهُ إِنْ كَانَ 
بِخَطِيَّةِ الْوَاحِدِ قَدْ مَلَكَ الْمَوْتُ بِالْوَاحِدِ، فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا الَّذِينَ يَنَالُونَ فَيْضَ النِّعْمَةِ وَعَطِيَّةَ الْبِرِّ، سَيَمْلِكُونَ فِي الْحَيَاةِ بِالْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ!
18 فَإِذًا كَمَا 
بِخَطِيَّةٍ وَاحِدَةٍ صَارَ الْحُكْمُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ لِلدَّيْنُونَةِ، هكَذَا بِبِرّ وَاحِدٍ صَارَتِ الْهِبَةُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ، لِتَبْرِيرِ الْحَيَاةِ.
19 لأَنَّهُ كَمَا 
بِمَعْصِيَةِ الإِنْسَانِ الْوَاحِدِ جُعِلَ الْكَثِيرُونَ خُطَاةً، هكَذَا أَيْضًا بِإِطَاعَةِ الْوَاحِدِ سَيُجْعَلُ الْكَثِيرُونَ أَبْرَارًا.

ولا اعتقد يوجد توضيح وتفصيل اكثر من ذلك

 

واخيرا المعني الروحي 

من تفسير ابونا تادرس يعقوب واقوال الاباء

يُعلّق القدّيس يوحنا الذهبي الفم، قائلاً:

[كأنه يقول: أنا لا أرفض الناموس، لكنني بسببه أبرّر الأمميّين... مظهرًا أنهم أفضل منهم، بل يمتازون عنهم بعملهم الصلاح، مع أنهم لم يأخذوا الناموس الذي يتشامخ به اليهود. في هذا كان الأمميّيون جديرين بالإعجاب، لأنهم تمّموا صلاح الناموس بأعمالهم لا بكلمات سمعوها... انظروا إذن كيف يلوم اليهود هكذا هادمًا غرورهم، مظهرًا أن الأمميّين الذين سعوا باجتهادلإتمام الناموس، مع أنهم بدون الناموس، هم أولى بالكرامة منهم. هنا تزداد عجبًا بحكمة الرسول الذي أظهر تفوق الأممي على اليهودي دون أن ينطق بذلك صراحة[69].]

[ولكي يزيد من مخاوفهم لا يكتفي بالقول: "خطايا الناس" بل يقول: "يدين الله سرائر الناس"، كي لا تظن أنه في مقدورك الهروب من دينونة الله... لأن الناس يقيمون القضاء لمحاكمة الأعمال العلنية (أما الله فيدين السرائر)... إذن ليدخل كل إنسان إلى أعماق ضميره ويحاسب نفسه بكل تدقيق، "لكي لا ندان مع العالم" (1 كو11: 32)، لأن تلك المحاكمة رهيبة، وذلك الكرسي مخوف، والحساب يكون مرعبًا، لأن "الأخ لا يفدي" (مز49: 8)،... ماذا يكون شعورنا حينما نقف أمام العالم بأسره وتعلن كل سرائرنا في مسرح مُضاء فسيح يضم من نعرفهم ومن لا نعرفهم؟[70]]

ويرى ابن كاتب قيصر أنه يقصد بالأمم الذين ارتفعوا، بحياتهم مع الله، فوق اليهود هم "الآباء السابقون"قبل استلام الناموس الموسوي على يديّ موسى مثل إبراهيم وأيوب ويوسف، آمن إبراهيم بالله وقدّم ابنه ذبيحة مُحرقة، وقرّب أيوب عن بنيه ذبائح، خشية أن يكون أحدهم قد نطق بكلمة باطلة، أو أضمر في داخله ما يغضب الله (أي1: 5)، ويوسف مارس حياة الطهارة ممتنعًا عن الشرّ لئلا يخطيء قدام الرب (تك39: 5)... [هؤلاء عملوا بالطبيعة ما بالناموس ولم يحتاجوا إلى ناموسٍ مكتوبٍ، إذ لم يدعوا نيّاتهم تبكّتهم بل عملوا بما توجبه من الصلاح، وتركوا ما تنكره من القبائح، وهم في هذا ليسوا مثلنا نحن الذين تبكّتنا نيّاتنا وكتبنا.]

يُعلّق أيضًا ابن كاتب قيصر على العبارات السابقة موضحًا أن أفكارهم مشتكية [15]. بمعنى أنها توبّخهم أن فعلوا أمرًا غير حسن، إذ كانت تقوم مقام الناموس.

ويرى الأب سيرينوس في هذه العبارة تأكيدًا لسلطان الإنسان على فكره، وإلا ما كانت أفكارنا وضمائرنا تشتكي علينا، إذ يقول: [إذا ما جاهدنا كبشر ضد الاضطرابات والخطايا، تصير هذه تحت سلطاننا وفق إرادتنا، فنحارب أهواء الجسد ونهلكها، ونأسر حشد خطايانا تحت سلطاننا، ونطرد من صدورنا الضيوف المرعبين، وذلك بالقوّة التي لنا بصليب ربنا، فنتمتع بالنصرة التي نراها في مثال قائد المئة (مت 8: 9) روحيًا[71].]

ويرى الأب يوسف في هذه العبارة إعلانًا عن [أن نية الإنسان هي التي تجعله يُكافأ أو يعاقب[72].]

ويُعلّق العلامة أوريجينوس على التعبير: "حسب إنجيلي" [16]، قائلاً: [الآن ليس لدينا عمل كتابي لبولس يدعى إنجيلاً، وإنما كل ما كرز به وما قاله هو الإنجيل، وما كرز به وما قاله كان أيضًا في حكم المكتوب؛ وما كتبه كان الإنجيل. وإن كان ما كتبه بولس إنجيلاً، فإن ما كتبه بطرس أيضًا هو إنجيل؛ وفي كلمة كل ما قيل أو كُتب ليُخلِّد معرفة حلول المسيح على الأرض، ويهيء لمجيئه الثاني أو ليقدّم ذلك كحقيقة قائمة في تلك النفوس التي تريد أن تتقبّل كلمة الله الواقف على الباب يقرع ويطلب أن يدخل فيها[73].]

 

والمجد لله دائما