هل بولس الرسول يشجع السعي لنيل الاكليل ام السعي لايفيد ؟ 1كو 9: 24 و رومية 9: 16

 

Holy_bible_1

 

الشبهة 

 

يقول بولس في 1كورنثوس 9: 24 الستم تعلمون ان الذين يركضون في الميدان جميعهم يركضون و لكن واحدا ياخذ الجعالة هكذا اركضوا لكي تنالوا  

ولكنه ناقض ذلك سابقا عدما قال في رومية 9: 16فاذا ليس لمن يشاء و لا لمن يسعى بل الله الذي يرحم  

فهل يسعوا لنيل الاكليل ام السعي لا يفيد 

 

الرد

 

الحقيقه معلمنا بولس الرسول لم يقل ان السعي لا يفيد شيئا ولكن يوضح ان اعمال الانسان اي البر الذاتي بدون رحمة الله لا تخلص الانسان فهو في رومية يتكلم عن الخلاص الذي هو عطية مجانية رغم انها لاتقدر بثمن ولا نستحق ان ننالها باعمالنا ولكن الاعمال هذه ثمرة الايمان فمن يؤمن لابد ان يثبت ان ايمانه حي ايمانه عامل بالمحبة ولهذا يسعي لينال مكافئة من المسيح فالمكافئة ليست هي الخلاص ولكن هي ما بعد الخلاص 

ولو درسنا سياق كلام معلمنا بولس الرسول في كل عدد نفهم بوضوح ماذا يقصه وانه لا يوجد اي تناقض 

في رومية 9 يقصد معلمنا بولس في كلامه مع اليهود وعدم افتخارهم علي الامم ولكن حتي لو اخذناها حرفيا فبالفعل الفخاري له سلطان علي الطين ان يصنع منه اناء للكرامة واناء للهوان ولكن السؤال هل هو ظالم ام عادل ؟ هو كامل في عدله وفي رحمته وفي حكمته فهو الذي يعرف ان هذه الكتله الطينية هل هي جيده ناعمه فيصنع منها اناء للكرامة ام انها خشنه محببة لا تصلح ان يصنع منها اناء للكرامه فيصنعها اناء للهوان فهو لا يظلم الطينة 

وايضا من الحكمة هل الفخاري سيصنع من طينة جيده اناء للهوان هذا سيكون ليس من الحكمة لانه بهذا سيخسر اناء للكرامه جيد فيكون اساء التصرف  

بل هو يحاول مع الطينه الغير جيده ان يفتت حصواتها وينعمها لتصلح ان تكون اناء للكرامه ولكن لو كانة الخشونه من طبعها ولا تنزع عنها هذه الصفه فهي تستحق ان تكون اناء للهوان وهو بهذا لم يظلهما بل اعطاها فرصه للتنعيم ورفضت  

وبتطبيق هذا المثل علي الرب فالرب يعرف طبيعة كل انسان فمن يجده انسان طبيعته رائعه واختار نقاء القلب بارادته فيجعله اناء للكرامه والذي به بعض الشوائب ينقيه منها ويعطي كل انسان فرصه للتوبه ويعطيه تجارب للتنقية فمن يقبل ويتنقي يكون اناء للكرامه في يد الرب ولكن من يصر علي عناده وشره ورفضه للرب فهذا يكون اختار بحريته ان يكون اناء للهوان فهذا لا يظلمه الرب ولكنه الرحمه اعتطه فرصه والعدل اعطاه استحقاقه بان يكون نهايته للهوان  

والطينة الردئية حتي لو سعت ببر ذاتي بدون ان تففت حصاويها فلن يقبلها الفخاري فان لم تخضع للفخاري وتعمل حسب ارادته فهي ستكون اناء للهوان 

ولكن سياق الكلام 

رسالة بولس الرسول الي اهل رومية 9

في هذه الرساله وهذا الاصحاح ايضا يصحح معلمنا بولس الرسول مفهوم اليهود الذين يشعرون بامتيازٍ خاصٍ بهم دون سائر الأمم من ثلاث جوانب رئيسية: أنهم أبناء إبراهيم صاحب الوعود الإلهية، وأصحاب الناموس الموسوي، وشعب الله المختار. 

بالنسبة لبنوتهم لإبراهيم رفعهم الرسول بولس من البنوّة الجسديّة إلى البنوّة  الروحية إن حملوا إيمانه فيهم، وانتقل بهم إلى بنوّتهم لله نفسه، الأمر الذي يشترك فيه الأمم المتنصرون معهم (ص 4-6). أمّا بالنسبة للناموس (ص 7-8) فأوضح أن الحاجة لا إلى الناموس في ذاته بل إلى غايته: المسيح يسوع، إذ يعجز الناموس عن التبرير من الخطيّة، إنما يقف عند كشفها، أمّا الإيمان فهو سرّ تبرير الكل. والآن في الأصحاحين (9-10) يتحدّث عن امتيازهم كشعب مختار، وهو أمر غاية في الدقّة ويصعب النقاش فيه مع اليهود، والرسول لا ينكر أن الله قد إختارهم كشعب له، إنما أكد أن هذا الأمر لا يقوم علي إمتياز فيهم أو عن إستحقاق خاص لهم، إنما محبة الله "الذي يرحم من يشاء" وخلال هذا الفهم أعلن الله أيضاً حبه للأمم فإختارهم أيضاً. 

إن الرسول في هذا الإصحاح لا يعالج مشكلة حرية الإرادة عند البشر، بل حق الله في إختيار الأمم حتي لو لم يسعوا اليه، كما كان له الحق في اختيار اليهود دون ان يسعوا اليه ايضا، لكن المشكلة أن اليهود أنكروا علي الله حقه في إختيار الأمم. والرسول يريد أن يثبت إن إختيار الأمم من حق الله. لقد رحم الله اليهود دون سعي او فضل منهم سوي رحمة الله، وهذه المراحم لها حق العمل في غيرهم أيضاً، ولكن الرسول خلال الرسالة يؤكد علي حرية الإرادة الإنسانية وتقديس الله لها، بل هو واهبها.

يقول بولس الرسول في هذا الإصحاح أن الله كخزاف (صانع آنية الفخار من الطين) حرّ في أن يصنع آنية للكرامة من كتلة من الطين، وأن يصنع آنية هوان من كتلة أخري (آية21). فالله حر أن يخلق موسى آنية كرامة وأن يخلق يهوذا الإسخريوطي آنية هوان، وفهم البعض هذا الرأي بطريقة خاطئة ففهموا أن هذا ضد حرية الإنسان، فالله إختار وحدد مثلاً أن فلان يكون آنية هوان، ومهما فعلت فلابد أن أهلك، فالله إختار هذا.

وهذا مفهوم ساذج ولكن الله ينظر الي القلب ويعرف ان قلب موسي نقي فسمح له ان يظهر نقاوة قلبه ويعرف ان قلب يهوذا شرير فسمح له ان يظهر شرور قلبه. والمهم أن نعرف لماذا كتب بولس الرسول هذا الكلام فاليهود يقولون عن أنفسهم نحن شعب الله المختار وحدنا، وليس من حق الله أن يختار الأمم ليكونوا شعباً له. وبولس يرد قائلاً بل من حق الله أن يُعيِّنْ اليهود كشعب مختار فترة من الزمان والأمم كإناء للهوان فترة من الزمان ثم هو حرّ في أن يقبل الأمم وقتما يشاء. إذاً الموضوع الذي يناقشه بولس هنا ليس هو حرية الإنسان بل حرية الله. فالمهم أن نفهم المناسبة التي قيلت فيها الآية حتى نفهمها.

وما نريد أن نؤكده، فهذا مفهوم الكتاب المقدس كله، أن الله ليس ضد حرية الإنسان، فالله لا يُعيِّنْ إنسان للخلاص وإنسان للهلاك، بل أن الله يريد أن الجميع يخلصون 

رسالة بولس الرسول الأولى إلى تيموثاوس 2: 4

 

الَّذِي يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ، وَإِلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ يُقْبِلُونَ.

وما يعطل إرادة الله هذه هو حريتي أنا وإرادتي أنا.

 وحتي لو سعيت بدون الله لاانال شيئا لان الخلاص ليس بالبر الذاتي ولكن من الله ولكن اخلص لو سعيت مع الله  

فهنا يناقش مصد الشعوب

9: 16 فاذا ليس لمن يشاء و لا لمن يسعى بل الله الذي يرحم

فالله لا يعطي الفداء والخلاص بحسب الأعمال بل بحسب رحمته، فلا توجد أعمال في هذه الدنيا يستحق صاحبها أن يتبرر ويري مجد الله. وليس معني هذا عدم أهمية الأعمال فالله يطلب أن نعمل باستمرار. والرحمة هنا في معناها العام تعني عطايا الله وخيراته التي حصل عليها إسرائيل دون الأمم لفترة من الزمن. ليس لمن يشاء ولا من يسعي هذه تشبه قوله في (1كو7:3) "ليس الغارس شيئاً ولا الساقي بل الله الذي ينمي" فهل يفهم من هذه الآية أن الله ألغي عمل الغارس والساقي. وهل الزرع يمكن أن ينمو دون غارس أو ساقي ولكن الغارس والساقي ييعوا حسب مشيئة الله الذي ينمي ولو سعوا ببر ذاتي هذا لايجبر الله ان ينمي لو سعوا بانفصال عنه. لكن المهم قوة النمو التي هي من قبل الله، ولكن قوة النمو هذه يلزمها زارع وساقي. لا يمكن أن نضع أمامنا آية بمعزل عن باقي الكتاب. فأمامنا آيات أخري مثل "تمموا خلاصكم بخوف ورعدة" + " الذي يصبر إلي المنتهي فذاك يخلص" + "كن أميناً إلى الموت" فهذه الآيات فيها طلب أن نقبل الله بإرادتنا الحرة ونسعي مع الله. ومعني هذا أننا لا نستطيع أن نتجاهل دور الإنسان الإيجابي في تمتعه بالخلاص المجاني ولكن الخلاص ليس بالسعي بل هو مجاني. والله يريد إرادتنا الحرة أو مشيئتنا الإختيارية مع سعينا الجاد. فالكتاب وحدة متكاملة لا نتعامل مع جزئياته أي لا نتعامل مع آية واحدة دوناً عن باقي الكتاب.

وهنا بولس الرسول لا يتكلم عن مشكلة تخص الأفراد، بل عن قبول الأمم، وهل من حق الله أن يقبلهم أم لا. فمنطق اليهود أن الله لا يجب أن يقبل الأمم.

 

9: 17 لانه يقول الكتاب لفرعون اني لهذا بعينه اقمتك لكي اظهر فيك قوتي و لكي ينادى باسمي في كل الارض

فرعون: موسى يطلب منه خروج الشعب فيرفض وتبدأ الضربات. الله لم يجعله يعاند، لكن بعد أن عاند عدة مرات، إستغل الله عناده.

وهذا شرحته تفصيلا في ملف 

اقسي قلب فرعون كيف الله الحنون يقسي القلب

 

أي تركه علي قساوته نتيجة لعناده مع الله بعد ان اعطاه اكثر من فرصه للتوبه ولطاعة الرب . ولكن الله إستغل عناده وقلبه القاسي ليخرج من هذا خير لكلا الشعبين اليهودي والمصري، فاليهود عرفوا من هو يهوه إلههم، وعرفوا إمكانياته الجبارة وأن آلهة المصريين هي لا شئ أمامه، والمصريين عرفوا تفاهة آلهتهم أمام الله. ما يمكن أن نقوله أن الله لم يخلق أو يجعل فرعون معانداً، لكن الله إستغل عناده وغباوة قلبه ليكون آلة وجزءاً من خطة الخلاص، فالله يستغل أخطاء البشر لتنفيذ خطته للخلاص.

 

9: 18 فاذا هو يرحم من يشاء و يقسي من يشاء 

المشكلة التي يعالجها الرسول أن اليهود ينكرون علي الله أن يضم الأمم إلي حظيرة الخلاص، فهم في نظرهم ليسوا من شعب الله. وكأن اليهود يريدوا أن يحددوا سلطان الله، لذلك فالرسول يظهر الله هنا أنه مطلق السلطان يفعل ما يشاء، لا شيء يحد من سلطانه، ولكن سلطانه هذا لا يشوبه أي ظلم قطعاً.

 

9: 19 فستقول لي لماذا يلوم بعد لان من يقاوم مشيئته

هنا البعض يكرر نفس السؤال كثيرا ويقول ما ذنبي في ان الله خلقني هكذا والرسول مستمر في أسلوبه في إثبات حرية الله. فالإجابة المنطقية علي تساؤلات الناقدين.. أن الله لم يجعل فرعون قاسياً ولا يهوذا …الخ لكن هم بحريتهم قاوموا الله، والله لم يغير طبيعتهم، وأن الله عادل وليس عنده محاباة هذا هو الرد المنطقي، ولكننا نجد الرسول لا يستخدم هذا الرد، بل يكمل في أسلوبه مثبتاً سلطان الله المطلق من يقاوم مشيئته. وهذا بسبب 

ان الرد كثير جدا علي فكرة ان الله لا يجبر احد ولكن هو ايضا يريد ان يرد علي البعض الذين كان عندهم فكرة وجود الهين او عدة الهة وان ايلوهيم هو اله الخير واخر هو اله الشر والبعض قال اله العهد القديم شرير والمسيح هو اله خير او ايونات بعضها شريره وبعضها خيرة فهو يؤكد انه اله واحد متسلط علي كل شيئ وليس الهين او اكثر 

وايضا هنا يرد علي اليهود الذين يرفضون الامم فان كانت هذه هي مشيئة الله في خلاص الامم مع اليهود فلا يحق لليهود ان يقاوموا مشيئته  

9: 20 بل من انت ايها الانسان الذي تجاوب الله العل الجبلة تقول لجابلها لماذا صنعتني هكذا

فهنا يوضح معلمنا بولس ان لا احد شريك مع الرب في قراراته واي كرامه يعطيها لاحد لايعتبرها حق مكتسب ولكن هو عطية من الله 

والله كخزاف (صانع آنية من طين) يتوق أن يجعل كل الآنية، آنية للكرامة، ولكن الله يكرم حرية إرادتنا، وإذ نرفض نبقي بلا كرامة ونفقد عمل يديه المُقَدِّسَتِينْ للنفس والجسد والروح. فالله يريد أن الجميع يخلصون (1تي4:2). وهو الذي يقول من يقبل إليّ لا أخرجه خارجاً (يو37:6). لكن من يُصِّرْ أن يبقي آنية هوان مثل فرعون فسوف يتمجد الله به أيضاً إذ سيظهر فيه سخطه علي الخطية.

فاليهود الذين اصبحوا شعب الله المختار ليس بفضل منهم بل هو عطية من الله فلا يحق لهم الافتخار علي بقية خليقة الله ولا يحق لهم ان يعترضوا علي ان الله فتح باب الخلاص للامم

9: 21 ام ليس للخزاف سلطان على الطين ان يصنع من كتلة واحدة اناء للكرامة و اخر للهوان

هنا معلمنا بولس الرسول يستخدم مثال ارميا النبي

سفر ارميا 18

18: 3 فنزلت الى بيت الفخاري و اذا هو يصنع عملا على الدولاب 

18: 4 ففسد الوعاء الذي كان يصنعه من الطين بيد الفخاري فعاد و عمله وعاء اخر كما حسن في عيني الفخاري ان يصنعه 

18: 5 فصار الي كلام الرب قائلا 

18: 6 اما استطيع ان اصنع بكم كهذا الفخاري يا بيت اسرائيل يقول الرب هوذا كالطين بيد الفخاري انتم هكذا بيدي يا بيت اسرائيل 

18: 7 تارة اتكلم على امة و على مملكة بالقلع و الهدم و الاهلاك 

18: 8 فترجع تلك الامة التي تكلمت عليها عن شرها فاندم عن الشر الذي قصدت ان اصنعه بها 

18: 9 و تارة اتكلم على امة و على مملكة بالبناء و الغرس 

18: 10 فتفعل الشر في عيني فلا تسمع لصوتي فاندم عن الخير الذي قلت اني احسن اليها به 

فالرب يشبه نفسه بالفخاري والفخاري في تشكليه لاناء وهدمه وعجنه بقوه وتفتيته لينعم ثم بناؤه مره ثانيه لو فسد الشكل الاول كل هذا ليس لان الفخاري انسان شرير ولكنه يريد الخير بان ينتج اناء صالح ويكون اناء للكرامه 

فالرب يقول لبيت اسرائيل انهم في يده مثل الطين في يد الفخاري فهم مثل اناء فاسد فسيحطمهم ويسحقهم ليشكلهم مره ثانيه اناء افضل من الذي فسد 

الوعاء الذى فسد  لم يفسد بسبب عدم كفاءة الفخارى بل بسبب وجود جزء غير مرن في الطين، حصوة مثلاً، وما هذا سوى الإرادة البشرية المقاومة لإرادة الله "يا أورشليم يا أورشليم يا قاتلة الأنبياء وراجمة. كم مرة أردت. ولم تريدوا" ولكن الله الفخارى الحكيم قادر أن يعيد تشكيل هذا الإنسان ويعطيه مكاناً آخر لخدمته أو خدمة أخرى تناسب وضعه الجديد. الدولاب الذى يستخدمه الفخارى لتشكيل الأنية هو دولاب دوار ويستخدم الله الزمن والظروف رغم ما يبدو فيها من تكرار، في تشكيلنا فيقول  

اذا في يد الطينه ان تقرر مصيرها باختيارها فتكون جيده فيصنعها للكرامه او تصر علي الفساد فيصنعها للهوانوليس المطروح هنا هو أن الله إن أراد يخلقني آنية للهوان وإن أراد يخلقني آنية للمجد، بل إنني طين في يدي خزاف، هو حُرُُ أن يصنعني كما يشاء، وما عليَّ سوي أن أطيع وأكف عن الجدال. ولكن لا يصح أن نحمل المثل فوق ما يحتمل ولا نأخذ منه سوي الذي قصده الرسول، بأن يظهر سلطان الله المطلق. ولكن الله يحترم حرية إرادتنا، فلو إستجبنا له بحرية إرادتنا يحولنا إلي آنية مجد، لمجد اسمه بطريقة عجيبة (بولس الرسول نفسه مثال لهذا). فمن يطيع يصير آنية مجد. ومن لا يطيع يصير آنية هوان. ولكن لنري محبة الله، فالله حين صنع الإنسان من طين لأول مرة صنعه علي صورته هو (تك27:1). وحين جدد الله خلقتنا بالمسيح يحولنا لصورة المسيح (كو10:3 + غل19:4). وحرية الإنسان في تحديد دوره كآنية مجد أو آنية هوان تتضح في (2تي20:2،21) هنا يظهر الرسول سلطان الله المطلق. ولكن نضيف نحن علي ذلك عدله ومحبته. 

 فما يقصده هنا انه سمح لليهود ان يكونوا امة كرامه وسمح للامم ان يكونوا امة هوان ولكن لايحق لليهود ان يفتخروا عليه لانه هو خالقهم ولا علي الامم لانه ايضا خالق الامم وهو يستطيع ان يجعل الامم ايضا اناء للكرامه بسلطانه 

 

والشاهد الثاني لا يناقض هذا علي الاطلاق 

رسالة بولس الرسول الأولي الي أهل كورنثوس 9

في هذا الاصحاح معلمنا بولس الرسول يدافع فيه عن رسوليته امام اليهود الذين اتوا من اورشليم لكي يزعزعوا الكنيسه في كورنثوس ويقنعوهم بالتهود ويشككوا في رسولية بولس الرسول 

فهو يؤكد صدق رسوليته ضد الذين ينكرونها، وذلك ليس طلبًا للمجد، بل من أجل بنيان الشعب، موضحًا أن ما يشغله هو خلاص الغير حتى في دفاعه عن نفسه. إذ هاجمت بعض الفرق الرسول بولس في رسوليته بحجة أنه لم يَرَ السيد المسيح حين كان على الأرض، ولم يختره بين الإثني عشر تلميذًا أو السبعين رسولاً، لذلك أكد رسوليته وحريته في قبول الخدمة الرسولية [1]. يجيب عليهم انه قد رأى الرب وهو في طريقه إلى دمشق؛ وأنه قد خدم، وهم ختم رسالته في الرب [2]. وأنهم هم مخدوميه الأخصاء بالنسبة له.

ايضا اعتاد الرسول ألا يقدم وصايا ما لم يختبرها في حياته. إنه كارز عملي، يقدم نفسه مثالاً حيًا لمخدوميه من جهة تنازلاته عن حقوقه الرسولية لأجل خلاص اخوته. فمع صدق رسوليته تنازل عن كثير من حقوقه.

ولكنه لايقول انه نال الخلاص باعماله بل في قصته يؤكد ان الرب هو الذي افتقده وهو لم يسعى لمعرفة الرب بل كان يهاجم ابناء الرب 

اذا نفهم ان المقصود هنا ليس الخلاص بالاعمال الذاتيه ولكن الجهاد في طريق الخلاص 

 9: 24 الستم تعلمون ان الذين يركضون في الميدان جميعهم يركضون و لكن واحدا ياخذ الجعالة هكذا اركضوا لكي تنالوا

هنا يتكلم عن تعب الخدمة وهذا الكلام موجه لكل واحد منا. فالحياة الروحية ليست هي حياة الكسل والخمول والتخاذل. ولكن هناك فرق بين السعي في ميدان الرياضة وفي الميدان الروحي، ففي الأول يأخذ المكافأة شخص واحد هو البطل وربما إثنين. أما في المجال الروحي فكل من يجاهد يحصل علي المكافأة، جميعنا مدعوون للحصول علي الإكليل ولكن هناك درجات في السماء لمن يجاهد أكثر " فنجماً يمتاز عن نجم في المجد " (1 كو 15: 41)  

9: 25 و كل من يجاهد يضبط نفسه في كل شيء اما اولئك فلكي ياخذوا اكليلا يفنى و اما نحن فاكليلا لا يفنى

يقارن من يبذل مجهود ضخم لكي يفوز باكليل من نباتات علي راسه وبعد فتره قليله يذبل وبين الجهاد الروحي الذي في النهاية يكلل باكاليل روحية لاتذبل ولا تفني 

وملاحظة هامة هنا قد لا يفهمها المشكك 

الفداء والعطية هي مجانية بدون مقابل ولا يوجد اي اعمال نعملها نستحق عنها الخلاص لان الخلاص لايقدر بثمن ولا توجد اعمال نعملها نستحق عنها الفداء  ولكن الخلاص هو طريق يكمل فيه الانسان بجهاد لكي يكمل هذا الطريق ولا يحيد عنه وهناك في الحياة الابديه اكاليل مختلفه وكثيره فهناك اكليل الشهادة واكليل التبشير واكليل الخدمه واكليل الصيام والجهاد وغيره من الاكاليل الكثيره هذه لانعملها للنال الفداء ولكن بعد ان نلنا الفداء نعملها بالمسيح لننال اكليل  

9: 26 اذا انا اركض هكذا كانه ليس عن غير يقين هكذا اضارب كاني لا اضرب الهواء

معني ليس عن يقين ففي المجال الرياضي آلاف يركضون وواحد فقط يأخذ الإكليل. أمّا نحن المؤمنين فكل من يجاهد يأخذ إكليل، هذا عن يقين. والمعني أنه عليكم أن تتمثلوا بي فأنا إذ أجاهد وأركض فأنا أعرف ما هو الهدف الذي أسعي وراءه وأعرف الكيفية والوسيلة التي أحقق بها الجعالة، أي أنني لا أجاهد باطلاً كمن يضرب الهواء  .أضارب الهواء هو مثل يشير للملاكم الذي يخطئ الهدف، بسبب مهارة الملاكم المنافس الذي يفلت من ضربات خصمه. وبهذا تتبدد قواه في الهواء وليس ضد الخصم. أما نحن ففي جهادنا نسدد ضربات حقيقية لإبليس بقيادة ومعونة وإرشاد الروح القدس فأنا أعرف أنني أحارب أعداء حقيقيين (أف 6: 11، 12) وهم ليسوا خيال أو وهم. ولذلك استخدم الرسول ألفاظ أضارب وأصارع، فلا هوادة في هذه الحرب بل علينا بالسهر فخصمنا إبليس كأسد زائر (2 بط 5: 8، 9). وأعدائنا هم إبليس والعالم والجسد. في مجال الألعاب الرياضية هناك من يبذل جهداً ولا يفوز ولكن في المجال الروحي كل من يبذل جهداً يحصل علي إكليل لا يفني.  

9: 27 بل اقمع جسدي و استعبده حتى بعدما كرزت للاخرين لا اصير انا نفسي مرفوضا 

فالرفض هو بعد قبول العطية المجانية التي لا تقدر بسبب بسبب اني لم احافظ عليها بل اهملت الطريق وتركت المسيح وتكاسلت فمن الممكن ان اصير مرفوضا لاني لم احافظ علي عطية المسيح التي لا تقدر بثمن 

لقد شعر الرسول بالرغم من كل كرازته أن نصيبه السماوي أو إكليله معرض للضياع إن لم يقمع جسده ويستعبده ويضبط نفسه ويقمع شهواته. إذاً الحياة الروحية هي جهاد متواصل لئلا يفقد المؤمن المتواني ما سبق وكسبه. والرسول يذكر هذا لئلا يظن السامعون أن الرسول يفتخر متكبراً بسبب التنازلات التي ذكرها لأجل الخدمة، لذلك يؤكد أنه لا يضمن شيء بل هو يصارع ويجاهد حتى النفس الأخير.

 

وبهذا فهمنا جيدا ان السعي لا يفديني ولا يخلصني بدون المسيح ولكن لو نلت بالايمان الخلاص يجب ان احافظ عليه واجاهد لكي لا اخسره ولكي يكون لي اكليل ايضا وانال المكافئة علي اعمالي التي عملتها بالايمان العامل بالمحبة عندما اقف امام كرسي المسيح

 

واخيرا المعني الروحي

 

من تفسير ابونا تادرس واقوال الاباء

v    يشير الرسول إلى حرية إرادتنا بالقول: "هكذا اركضوا لكي تنالوا" (1كو24:9)، ويشهد يوحنا المعمدان عن ضعفها بقوله: "لا يقدر إنسان أن يأخذ شيئًا إن لم يكن قد أُعطِي من السماءِ" (يو27:3)[601]

الأب شيريمون

v    النعمة دائمًا مستعدة! إنها تطلب الذين يقبلونها بكل ترحيب. هكذا إذ يرى سيدنا نفسًا ساهرة وملتهبة حبًا يسكب عليها غناه بفيض وغزارةٍ تفوق كل طلبته[602].

القديس يوحنا الذهبي الفم

v    في الواقع الحديث هنا عن ميداننا لأجل نوال مكافأة عملنا السماوي، وينصحنا بولس أن نزيد سرعتنا. يقول: اركضوا لكي تنالوا. فإنه هو نفسه في حركة سريعة أراد يبلغ ما هو أمامه ناسيًا ما هو وراء. كان بالحق مصارعًا سريع الحركة يلاحظ بكل دقةٍ مقاومة المضاد له. إنه مًسلّح بطريقة حسنة في آمان في كل خطوة يخطوها، لن يوجّه سلاحه الذي في يده ضد ظل فارغ، إنما يهاجم عدوّه بضرباته الحيّة التي يصوّبها على جسمه[603].

v    كلما ازدادت مجهوداتكم من أجل التقوى تزداد نفوسكم عظمة خلال الأتعاب والمجهودات في الأمور التي يحثنا الرب عليها[604].

القديس غريغوريوس أسقف نيصص

v    ليركض بالحب ويجرى مع أناسٍ صالحين لكي ينال عطايا أفضل متطلعًا دومًا الي كلمات الرسول: "اركضوا لكي تنالوا" [24][605].

الأب فاليريان

v    يمسحكم سيدكم يسوع المسيح بروحه ويُحضركم إلى الميدان.

إنه يصمم لفترة طويلة قبل يوم المباراة لكي يأخذكم من طريق الحياة السهل إلى نظام أكثر خشونة في الحياة حتى تزداد قوتكم.

يُعزل المصارعون لتداريب أقسى حتى تنمو قوتهم الجسمانية.

إنهم يحفظون من الحياة المترفة والأطباق الشهية والمشروبات المبهجة.

إنهم يحثون على الخضوع لأتعاب قاسية...

كلما تدربوا بمجهودات شاقة كان رجاؤهم في النصرة أعظم[606].

العلامة ترتليان

 

والمجد لله دائما