الفرق بين قورح في الفكر اليهودي وقارون في الفكر الاسلامي



Holy_bible_1



يوجد اختلاف كبير جدا بين قصة قورح من الكتاب المقدس وبين من يلقب بلقمان في كتاب القران وقصة لقمان يسيطر عليها اسلوب الاسطوره في الفكر الاسلامي ولذلك سنقارنه ونري ما يحتويه الفكر الاسلامي من اساطير في هذه النقطه



قصة قورح من العهد القديم

القصه كامله نجدها في

سفر العدد 16

1 وأخذ قورح بن يصهار بن قهات بن لاوي، وداثان وأبيرام ابنا أليآب، وأون بن فالت، بنو رأوبين

2 يقاومون موسى مع أناس من بني إسرائيل، مئتين وخمسين رؤساء الجماعة مدعوين للاجتماع ذوي اسم

3 فاجتمعوا على موسى وهارون وقالوا لهما: كفاكما إن كل الجماعة بأسرها مقدسة وفي وسطها الرب. فما بالكما ترتفعان على جماعة الرب

4 فلما سمع موسى سقط على وجهه

5 ثم كلم قورح وجميع قومه قائلا: غدا يعلن الرب من هو له، ومن المقدس حتى يقربه إليه . فالذي يختاره يقربه إليه

6 افعلوا هذا: خذوا لكم مجامر. قورح وكل جماعته

7 واجعلوا فيها نارا، وضعوا عليها بخورا أمام الرب غدا. فالرجل الذي يختاره الرب هو المقدس. كفاكم يا بني لاوي

8 وقال موسى لقورح: اسمعوا يا بني لاوي

9 أقليل عليكم أن إله إسرائيل أفرزكم من جماعة إسرائيل ليقربكم إليه لكي تعملوا خدمة مسكن الرب، وتقفوا قدام الجماعة لخدمتها

10 فقربك وجميع إخوتك بني لاوي معك، وتطلبون أيضا كهنوتا

11 إذن أنت وكل جماعتك متفقون على الرب. وأما هارون فما هو حتى تتذمروا عليه

12 فأرسل موسى ليدعو داثان وأبيرام ابني أليآب. فقالا: لا نصعد

13 أقليل أنك أصعدتنا من أرض تفيض لبنا وعسلا لتميتنا في البرية حتى تترأس علينا ترؤسا

14 كذلك لم تأت بنا إلى أرض تفيض لبنا وعسلا، ولا أعطيتنا نصيب حقول وكروم. هل تقلع أعين هؤلاء القوم ؟ لا نصعد

15 فاغتاظ موسى جدا وقال للرب: لا تلتفت إلى تقدمتهما. حمارا واحدا لم آخذ منهم، ولا أسأت إلى أحد منهم

16 وقال موسى لقورح: كن أنت وكل جماعتك أمام الرب، أنت وهم وهارون غدا

17 وخذوا كل واحد مجمرته، واجعلوا فيها بخورا، وقدموا أمام الرب كل واحد مجمرته. مئتين وخمسين مجمرة. وأنت وهارون كل واحد مجمرته

18 فأخذوا كل واحد مجمرته وجعلوا فيها نارا ووضعوا عليها بخورا، ووقفوا لدى باب خيمة الاجتماع مع موسى وهارون

19 وجمع عليهما قورح كل الجماعة إلى باب خيمة الاجتماع، فتراءى مجد الرب لكل الجماعة

20 وكلم الرب موسى وهارون قائلا

21 افترزا من بين هذه الجماعة فإني أفنيهم في لحظة

22 فخرا على وجهيهما وقالا: اللهم، إله أرواح جميع البشر، هل يخطئ رجل واحد فتسخط على كل الجماعة

23 فكلم الرب موسى قائلا

24 كلم الجماعة قائلا: اطلعوا من حوالي مسكن قورح وداثان وأبيرام

25 فقام موسى وذهب إلى داثان وأبيرام، وذهب وراءه شيوخ إسرائيل

26 فكلم الجماعة قائلا : اعتزلوا عن خيام هؤلاء القوم البغاة، ولا تمسوا شيئا مما لهم لئلا تهلكوا بجميع خطاياهم

27 فطلعوا من حوالي مسكن قورح وداثان وأبيرام، وخرج داثان وأبيرام ووقفا في باب خيمتيهما مع نسائهما وبنيهما وأطفالهما

28 فقال موسى: بهذا تعلمون أن الرب قد أرسلني لأعمل كل هذه الأعمال، وأنها ليست من نفسي

29 إن مات هؤلاء كموت كل إنسان، وأصابتهم مصيبة كل إنسان، فليس الرب قد أرسلني

30 ولكن إن ابتدع الرب بدعة وفتحت الأرض فاها وابتلعتهم وكل ما لهم، فهبطوا أحياء إلى الهاوية، تعلمون أن هؤلاء القوم قد ازدروا بالرب

31 فلما فرغ من التكلم بكل هذا الكلام، انشقت الأرض التي تحتهم

32 وفتحت الأرض فاها وابتلعتهم وبيوتهم وكل من كان لقورح مع كل الأموال

33 فنزلوا هم وكل ما كان لهم أحياء إلى الهاوية، وانطبقت عليهم الأرض، فبادوا من بين الجماعة

34 وكل إسرائيل الذين حولهم هربوا من صوتهم، لأنهم قالوا: لعل الأرض تبتلعنا

35 وخرجت نار من عند الرب وأكلت المئتين والخمسين رجلا الذين قربوا البخور



فالقصه واضحه وكامله والعقاب واضح للخطاه وعمل الله واضح وحتي نوع العقاب يتفق مع الطبيعه بحيث يمكن حدوث زلزال وتشقق في القشره الارضيه يسبب ابتلاع قورح ومن معه

وطبعا الاعداد تقدم معني روحي مهم ساضعه في اخر المقال



اما عن القصه الاسلاميه الغريبه

اولا من موقع قصص الانبياء



قال علي بن إبراهيم في قوله : " إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة اولي القوة " والعصبة ما بين العشرة إلى خمسة عشر قال : كان يحمل مفاتيح خزائنه العصبة اولي القوة ، فقال  قارون كما حكى الله : " إنما اوتيته على علم عندي " يعني ماله ، وكان يعمل الكيمياء ، فقال الله : " أولم يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعا ولا يسئل عن ذنوبهم المجرمون " أي لا يسأل من كان قبلهم عن ذنوب هؤلاء " فخرج على قومه في زينته " قال : في الثياب المصبغات يجرها بالارض " فقال الذين يريدون الحيوة الدنيا يا ليت لنا مثل ما اوتي قارون إنه لذو حظ عظيم " فقال لهم الخاص من أصحاب موسى عليه السلام : " ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا ولا يلقاها إلا الصابرون * فخسفنا به وبداره الارض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين * وأصبح الذين تمنوا مكانه بالامس يقولون ويكأن الله " قال : هي لغة سريانية " يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر لولا أن من الله علينا لخسف بنا ويكأنه لا يفلح الكافرون " .
وكان سبب هلاك قارون أنه لما أخرج موسى بني إسرائيل من مصر وأنزلهم البادية أنزل الله عليهم المن والسلوى وانفجر لهم من الحجر اثنا عشرة عينا بطروا وقالوا
: " لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الارض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها قال لهم موسى أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم " فقالوا كما حكى الله : " إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها " ثم قالوا لموسى : " اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون " ففرض الله عليهم دخولها وحرمها عليهم أربعين سنة يتيهون في الارض ، فكانوا يقومون من أول الليل ويأخذون في قراءة التوراة والدعاء والبكاء ، وكان قارون منهم ، وكان يقرء التوراة ولم يكن فيهم أحسن صوتا منه ، وكان يسمى الم ؟
ون لحسن قراءته ، وقد كان يعمل الكيمياء ، فلما طال الامر علي بني إسرائيل في التيه والتوبة وكان قارون قد امتنع أن يدخل معهم في التوبة وكان موسى يحبه فدخل إليه موسى فقال له
: يا قارون قومك في التوبة وأنت قاعد ههنا ادخل معهم وإلا نزل بك العذاب ، فاستهان به واستهزأ بقوله ، فخرج موسى من عنده مغتما فجلس في فناء قصره وعليه جبة شعر ، ونعلان من جلد حمار شراكهما من خيوط شعر ، بيده العصا ، فأمر قارون أن يصب عليه رماد قد خلط بالماء ، فصب عليه ، فغضب موسى غضبا شديدا ، وكان في كتفه شعرات كان إذا غضب خرجت
من ثيابه وقطر منها الدم ، فقال موسى
: يا رب إن لم تغضب لي فلست لك بنبي ! فأوحى الله إليه قد أمرت السماوات والارض أن تطعك فمرهما بما شئت ، وقد كان قارون أمر أن يغلق باب القصر ، فأقبل موسى فأومأ إلى الابواب فانفرجت ودخل عليه ، فلما نظر إليه قارون علم أنه قد اوتي بالعذاب ، فقال : يا موسى أسألك بالرحم التي بيني وبينك ، فقال له موسى : يا ابن لاوي لا تردني من كلامك ، يا أرض خذيه ، فدخل القصر بما فيه في الارض ، ودخل قارون في الارض إلى الركبة فبكى وحلفه بالرحم ، فقال له موسى : يا ابن لاوي لا تردني من كلامك ،يا أرض خذيه ، فابتلعته بقصره وخزائنه ، وهذا ما قال موسى لقارون يوم أهلكه الله ، فعيره الله بما قاله لقارون ، فعلم موسى أن الله قد عيره بذلك ، فقال : يا رب إن قارون دعاني بغيرك ، ولو دعاني بك لاجبته ، فقال الله : يا ابن لاوي لا تردني من كلامك ، فقال موسى : يا رب لو علمت أن ذلك لك رضى لاجبته ، فقال الله تعالى : يا موسى وعزتي وجلالي وجودي ومجدي وعلو مكاني لو أن قارون كما دعاك دعاني لاجبته ، ولكنه لما دعاك وكلته إليك ، يا ابن عمران لا تجزع من الموت فإني كتبت الموت على كل نفس ، وقد مهدت لك مهادا لو قد وردت عليه لقرت عيناك ، فخرج موسى إلى جبل طور سيناء مع وصيه ، فصعد موسى الجبل فنظر إلى رجل قد أقبل ومعه مكتل ومسحاة ، فقال له موسى : ما تريد ؟
قال
: إن رجلا من أولياء الله قد توفي فأنا أحفر له قبرا ، فقال له موسى : أفلا اعينك عليه ؟
قال
: بلى ، قال : فحفرا القبر فلما فرغا أراد الرجل أن ينزل إلى القبر ، فقال له موسى : ما تريد ؟
قال
: أدخل القبر فأنظر كيف مضجعه ؟
فقال موسى
: أنا أكفيك ، فدخله موسى فاضطجع فيه فقبض ملك الموت روحه وانضم عليه الجبل . (1)
------------
(1)
البحار ج
13 ص249



وفقط بعض الاسئله

هو من قوم موسي وذهب معهم في رحلة الخروج في البريه

فكيف سار معهم طول هذا الزمان وهو يحمل خزائنه التي تحتاج الي خمسة عشر رجل قوي يحملون فقط مفاتيحها ؟

بمعني لو نتكلم ان كل رجل من هؤلاء يحمل خمسين مفتاح نحاسي فقط فنحن نتكلم عن 750 الي 1000 مفتاح كل مفتاح لخزنه يصل حجمها الي حجم مبني فكيف كانت تنتقل هذه الخزائن معهم في البريه ؟

ثانيا لو كما يزعم المسلمين ان قصره في الفيوم وخفس به تحت بحيرة قارون كيف يكون معهم في البريه بعد رحلة الخروج ؟

ثالثا ما هي الكيمياء التي يعملها لتحسن صوته ؟



هذا بالاضافه اي ان شعرف كتف موسي يقف ويخرج منه الدم لما يغضب

وكيف يغضب موسي علي ربه ؟

وكيف يترك اله الاسلام لموسي المسلم حرية ان يؤمر السموات والارض باي شيئ ؟

كيف يكون موسي بدون رحمه بهذه الطريقه ويعميه الغضب رغم استرحام قارون ؟



وتاكيد هذه القصه ندرسها من القران والسنه الصحيحه وشرح المفسرين المعتمدين



ونبدا نقص عليك احلي القصص

سورة القصص 76 - 83

{ إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَىٰ فَبَغَىٰ عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ ٱلْكُنُوزِ مَآ إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِٱلْعُصْبَةِ أُوْلِي ٱلْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لاَ تَفْرَحْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْفَرِحِينَ }

{ وَٱبْتَغِ فِيمَآ آتَاكَ ٱللَّهُ ٱلدَّارَ ٱلآخِرَةَ وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ ٱلدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَآ أَحْسَنَ ٱللَّهُ إِلَيْكَ وَلاَ تَبْغِ ٱلْفَسَادَ فِي ٱلأَرْضِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُفْسِدِينَ }

{ قَالَ إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِيۤ أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ ٱلْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلاَ يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ ٱلْمُجْرِمُونَ }

{ فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ ٱلَّذِينَ يُرِيدُونَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا يٰلَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَآ أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ } *

{ وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ ٱللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلاَ يُلَقَّاهَآ إِلاَّ ٱلصَّابِرُونَ }

{ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ ٱلأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُنتَصِرِينَ } *

{ وَأَصْبَحَ ٱلَّذِينَ تَمَنَّوْاْ مَكَانَهُ بِٱلأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ ٱللَّهَ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلاۤ أَن مَّنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلْكَافِرُونَ }

{ وَأَصْبَحَ ٱلَّذِينَ تَمَنَّوْاْ مَكَانَهُ بِٱلأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ ٱللَّهَ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلاۤ أَن مَّنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلْكَافِرُونَ }

{ تِلْكَ ٱلدَّارُ ٱلآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فَسَاداً وَٱلْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ }



تفسير الطبري

يقول تعالـى ذكره: { إنَّ قارُونَ } وهو قارون بن يصهر بن قاهث بن لاوي بن يعقوب { كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى } يقول: كان من عشيرة موسى بن عمران النبـيّ صلى الله عليه وسلم، وهو ابن عمه لأبـيه وأمه، وذلك أن قارون هو قارون بن يصهر بن قاهث، وموسى: هو موسى بن عمران بن قاهث، كذا نسبه ابن جُرَيج.

حدثنا القاسم، قال
: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جُرَيج، قوله: { إنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَومِ مُوسَى } قال: ابن عمه ابن أخي أبـيه، فإن قارون بن يصفر، هكذا قال القاسم، وإنـما هو يصهر بن قاهث، وموسى بن عومر بن قاهث، وعومر بـالعربـية: عمران. وأما ابن إسحاق فإن ابن حميد.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفـيان، عن سماك بن حرب، قال: ثنا سعيد عن قَتادة { إنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى }: كنا نـحدّث أنه كان ابن عمه أخي أبـيه، وكان يسمى الـمنوّر من حُسن صوته بـالتوراة، ولكن عدوّ الله نافق، كما نافق السامريّ، فأهلكه البغي.

وقوله: { فَبَغَى عَلَـيْهِمْ } يقول: فتـجاوز حدّه فـي الكبر والتـجبر علـيهم.

وكان بعضهم يقول
: كان بغيه علـيهم زيادة شبر أخذها فـي طول ثـيابه.

ذكر من قال ذلك
:

حدثنـي علـيّ بن سعيد الكنديّ وأبو السائب وابن وكيع قالوا
: ثنا حفص بن غياث، عن لـيث، عن شَهِر بن حَوْشب { إنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَـيْهِمْ } قال: زاد علـيهم فـي الثـياب شبرا.

وقال آخرون: كان بغيه علـيهم بكثرة ماله.

ذكر من قال ذلك
:

حدثنا بشر، قال
: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة، قال: إنـما بغى علـيهم بكثرة ماله.

وقوله
: { وآتَـيْناهُ مِنَ الكُنُوزِ ما إنَّ مَفـاتِـحَهُ لَتَنُوءُ بـالعُصْبَةِ أُولـى القُوَّةِ } يقول تعالـى ذكره: وآتـينا قارون من كنوز الأموال ما إن مفـاتـحه، وهي جمع مفتـح، وهو الذي يفتـح به الأبواب.

وقال بعضهم
: عنى بـالـمفـاتـح فـي هذا الـموضع: الـخزائن لتُثْقِل العصبة. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ما قلنا فـي معنى مفـاتـح:

حدثنا أبو كُرَيب، قال
: ثنا جابر بن نوح، قال: أخبرنا الأعمش، عن خيثمة، قال: كانت مفـاتـح قارون تـحمل علـى ستـين بغلاً، كلّ مفتاح منها بـاب كنز معلوم مثل الأُصبُع من جلود.

حدثنا ابن وكيع، قال
: ثنا أبـي، عن الأعمش، عن خيثمة، قال: كانت مفـاتـح كنوز قارون من جلود كل مفتاح مثل الأصبع، كل مفتاح علـى خزانة علـى حدة، فإذا ركب حملت الـمفـاتـيح علـى ستـين بغلاً أغرّ مـحَّجل.

حدثنا ابن حميد، قال
: ثنا جرير، عن منصور، عن خيثمة، فـي قوله { ما إنَّ مَفـاتِـحَهُ لَتَنُوء بـالعُصْبَةِ أُولـى القُوَّةِ } قال: نـجد مكتوبـا فـي الإنـجيـل مفـاتـح قارون وِقر ستـين بغلاً غرّا مـحجلة، ما يزيد كل مفتاح منها علـى أصبع، لكل مفتاح منها كنز.

حدثنا ابن وكيع، قال
: ثنا ابن عيـينة، عن حميد، عن مـجاهد، قال: كانت الـمفـاتـح من جلود الإبل.

حدثنا القاسم، قال
: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مـجاهد { وآتَـيْناهُ مِن الكُنُوزِ ما إنَّ مَفـاتِـحَهُ لَتَنُوءُ بـالعُصْبَةِ } قال: مفـاتـح من جلود كمفـاتـح العيدان.

وبنـحو الذي قلنا فـي معنى قوله: { لَتَنُوءُ بـالعُصْبَةِ } قال أهل التأويـل.

ذكر من قال ذلك
:

حدثنا أبو كُرَيب، قال
: ثنا جابر بن نوح، قال: ثنا أبو رَوْق، عن الضحاك عن ابن عبـاس، فـي قوله: { لَتَنُوء بـالعُصْبَةِ } قال: لتثقل بـالعصبة.

حدثنـي علـيّ، قال
: ثنا أبو صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، قوله { لَتَنُوءُ بـالعُصْبَةِ } يقول: تَثْقُل. وأما العُصبة فإنها الـجماعة.

واختلف أهل التأويـل فـي مبلغ عددها الذي أريد فـي هذا الـموضع فأما مبلغ عدد العصبة فـي كلام العرب فقد ذكرناه فـيـما مضى بـاختلاف الـمختلفـين فـيه، والرواية فـي ذلك، والشواهد علـى الصحيح من قولهم فـي ذلك بـما أغنـي عن إعادته فـي هذا الـموضع، فقال بعضهم
: كانت مفـاتـحه تنوء بعصبة مبلغ عددها أربعون رجلاً.

ذكر من قال ذلك:

حدثنا القاسم، قال
: ثنا الـحسين، قال: ثنا هشيـم، عن إسماعيـل بن سالـم، عن أبـي صالـح، قوله: { لَتَنُوءُ بـالعُصْبَةِ } قال: أربعون رجلاً.

حدثنا بشر، قال
: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد عن قَتادة { لَتَنُوءُ بـالعُصْبَةِ } قال: ذكر لنا أن العصبة ما بـين العشرة إلـى الأربعين.

حُدثت عن الـحسين، قال
: سمعت أبـا معاذ يقول: أخبرنا عبـيد، قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: { لَتَنُوءُ بـالعُصْبَةِ أُولـى القُوَّةِ }: يزعمون أن العصبة أربعون رجلاً، ينقلون مفـاتـحه من كثرة عددها.

حدثنـي مـحمد بن سعد، قال
: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قوله: { وآتَـيْناهُ مِنَ الكُنُوزِ ما إنَّ مَفـاتِـحَهُ لَتَنُوءُ بـالعُصْبَةِ أُولـى القُوَّةِ } قال: أربعون رجلاً.

وقال آخرون
: ستون، وقال: كانت مفـاتـحه تـحمل علـى ستـين بغلاً.

حدثنا كذلك ابن وكيع، قال
: ثنا أبـي، عن الأعمش، عن خيثمة.

وقال آخرون
: كانت تـحمل علـى ما بـين ثلاثة إلـى عشرة.

ذكر من قال ذلك
:

حدثنا ابن وكيع، قال
: ثنا جابر بن نوح، عن أبـي روق، عن الضحاك، عن ابن عبـاس { لَتَنُوءُ بـالعُصْبَةِ } قال: العصبة: ثلاثة.

حدثنا أبو كُرَيب، قال
: ثنا جابر بن نوح، قال: ثنا أبو روق، عن الضحاك، عن ابن عبـاس { لَتَنُوءُ بـالعُصْبَةِ } قال: العصبة: ما بـين الثلاثة إلـى العشرة.

وقال آخرون
: كانت تـحمل ما بـين عشرة إلـى خمسة عشرة.

ذكر من قال ذلك
:

حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال
: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: ثنا الـحسن، قال: ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، فـي قول الله: { ما إنَّ مَفـاتِـحَهُ لَتَنُوءُ بـالعُصْبَةِ } قال: العُصْبة: ما بـين العشرة إلـى الـخمسة عشر.

حدثنا القاسم قال
: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مـجاهد { لَتَنُوءُ بـالعُصْبَة } قال: العصبة: خمسة عشر رجلاً.

وقوله
: { أُولـى القُوَّةِ } يعنـي: أولـى الشدّة. وقال مـجاهد فـي ذلك ما:

حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال
: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبـي نـجيح عن مـجاهد { أُولـى القُوَّةِ } قال: خمسةَ عَشَر.

فإن قال قائل
: وكيف قـيـل { وآتَـيْناهُ مِنَ الكُنُوزِ ما إنَّ مَفـاتِـحَهُ لَتَنُوءُ بـالعُصْبَةِ } وكيف تنوء الـمفـاتـح بـالعصبة، وإنـما العصبة هي التـي تنوء بها؟ قـيـل: اختلف فـي ذلك أهل العلـم بكلام العرب، فقال بعض أهل البصرة: مـجاز ذلك: ما إن العصبة ذوي القوّة لتنوء بـمفـاتـح نعمه. قال: ويقال فـي الكلام: إنها لتنوء بها عجيزتها، وإنـما هو: تنوء بعجيزتها كما ينوء البعير بحمله،



القرطبي

قوله تعالى: { إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَىٰ } لما قال تعالى:
وَمَآ أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَزِينَتُهَا }
[القصص: 60] بيّن أن قارون أوتيها واغتر بها ولم تعصمه من عذاب الله كما لم تعصم فرعون، ولستم أيها المشركون بأكثر عدداً ومالاً من قارون وفرعون، فلم ينفع فرعون جنوده وأمواله، ولم ينفع قارون قرابته من موسى ولا كنوزه. قال النّخعيّ وقتادة وغيرهما: كان ابن عم موسى لَحًّا؛ وهو قارون بن يصهر بن قاهث بن لاوي بن يعقوب، وموسى بن عمران بن قاهث. وقال ابن إسحاق: كان عمّ موسى لأب وأمّ. وقيل: كان ابن خالته. ولم ينصرف للعجمة والتعريف. وما كان على وزن فاعول أعجمياً لا يحسن فيه الألف واللام لم ينصرف في المعرفة وانصرف في النكرة، فإن حسنت فيه الألف واللام انصرف إن كان اسماً لمذكر نحو طاوس وراقود. قال الزجاج: ولو كان قارون من قرنت الشيء لانصرف. { فَبَغَىٰ عَلَيْهِمْ } بغيه أنه زاد في طول ثوبه شبراً؛ قاله شهر ابن حوشب. وفي الحديث: " لا ينظر الله إلى من جرّ إزاره بطراً " وقيل: بغيه كفره بالله عز وجل؛ قاله الضحاك. وقيل: بغيه استخفافه بهم بكثرة ماله وولده؛ قاله قتادة. وقيل: بغيه نسبته ما أتاه لله من الكنوز إلى نفسه بعلمه وحيلته؛ قاله ابن بحر. وقيل: بغيه قوله إذا كانت النبوّة لموسى والمذبح والقربان في هارون فمالي! فروي أنه لما جاوز بهم موسى البحر وصارت الرسالة لموسى والحبورة لهارون؛ يقرب القربان ويكون رأساً فيهم، وكان القربان لموسى فجعله موسى إلى أخيه، وجد قارون في نفسه وحسدهما. فقال لموسى: الأمر لكما وليس لي شيء إلى متى أصبر. قال موسى؛ هذا صنع الله. قال: والله لا أصدقنك حتى تأتي بآية؛ فأمر رؤساء بني إسرائيل أن يجيء كل واحد منهم بعصاه، فحزمها وألقاها في القبة التي كان الوحي ينزل عليه فيها، وكانوا يحرسون عصيّهم بالليل، فأصبحوا وإذا بعصا هارون تهتز ولها ورق أخضر ـ وكانت من شجر اللوز ـ فقال قارون: ما هو بأعجب مما تصنع من السحر. { فَبَغَى عَلَيْهِمْ } من البغي وهو الظلم. وقال يحيـى بن سلاّم وابن المسيّب: كان قارون غنياً عاملاً لفرعون على بني إسرائيل فتعدى عليهم وظلمهم وكان منهم. وقال سابع: روي عن ابن عباس قال: لما أمر الله تعالى برجم الزاني عمد قارون إلى امرأة بغيّ وأعطاها مالاً، وحملها على أن ادعت على موسى أنه زنى بها وأنه أحبلها؛ فعظم على موسى ذلك وأحلفها بالله الذي فلق البحر لبني إسرائيل، وأنزل التوراة على موسى إلا صدقت. فتداركها الله فقالت: أشهد أنك بريء، وأن قارون أعطاني مالاً، وحملني على أن قلت ما قلت، وأنت الصادق وقارون الكاذب.

فجعل الله أمر قارون إلى موسى وأمر الأرض أن تطيعه. فجاءه وهو يقول للأرض: يا أرض خذيه؛ وهي تأخذه شيئاً فشيئاً وهو يستغيث يا موسى! إلى أن ساخ في الأرض هو وداره وجلساؤه الذين كانوا على مذهبه. وروي أن الله تعالى أوحى إلى موسى: استغاث بك عبادي فلم ترحمهم، أما أنهم لو دعوني لوجدوني قريباً مجيباً. ابن جريج: بلغنا أنه يخسف بهم كل يوم قامة، فلا يبلغون إلى أسفل الأرض إلى يوم القيامة. وذكر ابن أبي الدنيا في كتاب الفرج: حدّثني إبراهيم بن راشد قال: حدّثني داود بن مهران، عن الوليد بن مسلم، عن مروان بن جناح، عن يونس بن ميسرة بن حَلْبَس قال: لقي قارون يونس في ظلمات البحر، فنادى قارون يونس، فقال: يا يونس تب إلى الله فإنك تجده عند أول قدم ترجع بها إليه. فقال يونس: ما منعك من التوبة. فقال: إن توبتي جعلت إلى ابن عمي فأبى أن يقبل مني. وفي الخبر: إذا وصل قارون إلى قرار الأرض السابعة نفخ إسرافيل في الصور. والله أعلم. قال السّدي: وكان اسم البغي سبرتا، وبذل لها قارون ألفي درهم. قتادة: وكان قطع البحر مع موسى وكان يسمى المنوّر من حسن صورته في التوراة، ولكن عدوّ الله نافق كما نافق السامري.

قوله تعالى: { وَآتَيْنَاهُ مِنَ ٱلْكُنُوزِ } قال عطاء: أصاب كثيراً من كنوز يوسف عليه السلام.



{ قَالَ إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِيۤ أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ ٱلْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلاَ يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ ٱلْمُجْرِمُونَ }



الطبري

يقول تعالـى ذكره: قال قارون لقومه الذين وعظوه: إنـما أوتـيتُ هذه الكنوز علـى فضل علـم عندي، علـمه الله منـي، فرضي بذلك عنـي، وفَضلنـي بهذا الـمال علـيكم، لعلـمه بفضلـي علـيكم. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.

ذكر من قال ذلك
:

حدثنا القاسم، قال
: ثنا الـحسين، قال: ثنا أبو سفـيان، عن معمر، عن قَتادة { قالَ إنَّـمَا أُوتِـيتُهُ عَلـى عِلْـمٍ عِنْدِي } قال: علـى خبر عندي.

قال
: حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد فـي قوله { إنَّـمَا أُوتـيتُهُ عَلـى عِلْـمٍ عِنْدِي } قال: لولا رضا الله عنـي ومعرفته بفضلـي ما أعطانـي هذا، وقرأ: { أوَ لَـمْ يَعْلَـمْ أنَّ اللّهَ قَدْ أهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وأكْثَرُ جَمْعاً... } الآية.

وقد قـيـل
: إن معنى قوله: عِنْدِي بـمعنى: أرَى، كأنه قال: إنـما أوتـيته لفضل علـمي، فـيـما أرَى.

وقوله
: { أوَ لَـمْ يَعْلَـمْ أنَّ اللّهَ قَدْ أهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وأكْثَرُ جَمْعاً } يقول جلّ ثناؤه: أو لـم يعلـم قارون حين زعم أنه أوتـي الكنوز لفضل علـم عنده علـمته أنا منه، فـاستـحقّ بذلك أن يُؤتـى ما أُوتـي من الكنوز، أن الله قد أهلك من قبله من الأمـم من هو أشدّ منه بطشاً، وأكثر جمعاً للأموال ولو كان الله يؤتـي الأموال من يؤتـيه لفضل فـيه وخير عنده، ولرضاه عنه، لـم يكن يهلك من أهلك من أربـاب الأموال الذين كانوا أكثر منه مالاً، لأن من كان الله عنه راضياً، فمـحال أن يهلكه الله، وهو عنه راض، وإنـما يهلك من كان علـيه ساخطاً.

وقوله
: { وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الـمُـجْرِمُونَ } قـيـل: إن معنى ذلك أنهم يدخـلون النار بغير حساب.

ذكر من قال ذلك
:

حدثنا القاسم، قال
: ثنا الـحسين، قال: ثنا سفـيان، عن عمر، عن قتادة { وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الـمُـجْرِمُونَ } قال: يُدْخَـلون النار بغير حساب.

وقـيـل
: معنى ذلك: أن الـملائكة لا تسأل عنهم، لأنهم يعرفونهم بسيـماهم.

ذكر من قال ذلك
:

حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال
: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: ثنا الـحسن، قال: ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد { وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الـمُـجْرِمُونَ } كقوله: يُعْرَفُ الـمُـجْرِمُونَ بِسِيـماهُمْ زرقاً سود الوجوه، والـملائكة لا تسأل عنهم قد عرفتهم.

وقـيـل معنى ذلك
: ولا يُسأل عن ذنوب هؤلاء الذين أهلكهم الله من الأمـم الـماضية الـمـجرمون فـيـم أهلكوا.

ذكر من قال ذلك
:

حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال
: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا موسى بن عبـيدة، عن مـحمد بن كعب { وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الـمُـجْرِمُونَ } قال: عن ذنوب الذين مضوا فـيـم أهلكوا، فـالهاء والـميـم فـي قوله { عَنْ ذُنُوبِهِم } علـى هذا التأويـل لـمن الذي فـي قوله: { أوَ لَـمْ يَعْلَـمْ أنَّ اللّهَ قَدْ أهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً }.


القرطبي

قوله تعالى: { قَالَ إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِيۤ } يعني علم التوراة. وكان فيما روي من أقرأ الناس لها، ومن أعلمهم بها. وكان أحد العلماء السبعين الذين اختارهم موسى للميقات. وقال ابن زيد: أي إنما أوتيته لعلمه بفضلي ورضاه عني. فقوله: { عِنْدِي } معناه إن عندي أن الله تعالى آتاني هذه الكنوز على علم منه باستحقاقي إياها لفضل فيّ. وقيل: أوتيته على علم من عندي بوجوه التجارة والمكاسب؛ قاله علي بن عيسى. ولم يعلم أن الله لو لم يسهل له اكتسابها لما اجتمعت عنده. وقال ابن عباس: على علم عندي بصنعة الذهب. وأشار إلى علم الكيمياء. وحكى النقاش: أن موسى عليه السلام علمه الثلث من صنعة الكيمياء، ويوشع الثلث، وهارون الثلث، فخدعهما قارون ـ وكان على إيمانه ـ حتى علم ما عندهما وعمل الكيمياء، فكثرت أمواله. وقيل: إن موسى علم الكيمياء ثلاثة؛ يوشع بن نون، (وكالب بن يوفنا)، وقارون، واختار الزجاج القول الأول، وأنكر قول من قال إنه يعمل الكيمياء. قال: لأن الكيمياء باطل لا حقيقة له. وقيل: إن موسى علّم أخته علم الكيمياء، وكانت زوجة قارون، وعلمت أخت موسى قارون؛ والله أعلم.



{ فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ ٱلَّذِينَ يُرِيدُونَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا يٰلَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَآ أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ } *



الطبري

يقول تعالـى ذكره: فخرج قارون علـى قومه فـي زينته، وهي فـيـما ذكر ثـياب الأُرْجُوان.

ذكر من قال ذلك
:

حدثنا ابن بشار، قال
: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا طلـحة بن عمرو، عن أبـي الزبـير، عن جابر { فخَرَجَ عَلـى قَوْمِهِ فِـي زِينَتِهِ } قال: فـي القِرْمز.

قال
: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفـيان، عن عثمان بن الأسود، عن مـجاهد { فَخَرَجَ عَلـى قَوْمِهِ فِـي زِينَتِهِ } قال: فـي ثـياب حُمْر.

حدثنا ابن وكيع، قال
: ثنا أبو خالد الأحمر، عن عثمان بن الأسود، عن مـجاهد { فخَرَجَ عَلـى قَوْمِهِ فِـي زِينَتِهِ } قال: علـى بَراذين بِـيض، علـيها سروج الأُرْجُوان، علـيهم الـمعصفرات.

حدثنا القاسم، قال
: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مـجاهد { فخَرَجَ عَلـى قَوْمِهِ فِـي زِينَتِهِ } قال: علـيه ثوبـان مُعَصْفران.

وقال ابن جُرَيج
: علـى بغلة شهبـاء علـيها الأُرجوان، وثلاث مِئة جارية علـى البغال الشُّهْب، علـيهنّ ثـياب حمر.

حدثنا ابن وكيع، قال
: ثنـي أبـي ويحيى بن يـمان، عن مبـارك، عن الـحسن { فَخَرَجَ عَلـى قَوْمِهِ فِـي زِينَتِهِ } قال: فـي ثـياب حُمر وصُفر.

حدثنا ابن الـمثنى، قال
: ثنا مـحمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن سماك، أنه سمع إبراهيـم النـخَعِيّ، قال فـي هذه الآية { فَخَرَجَ عَلـى قَوْمِهِ فِـي زِينَتِهِ } قال: فـي ثـياب حمر.

حدثنا ابن بشار، قال
: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا شعبة، عن سماك، عن إبراهيـم النـخعيّ، مثله.

حدثنا ابن وكيع، قال
: ثنا غندر، قال: ثنا شعبة، عن سماك، عن إبراهيـم مثله.

حدثنا مـحمد بن عمرو بن علـيّ الـمقدمي، قال
: ثنا إسماعيـل بن حكيـم، قال: دخـلنا علـى مالك بن دينار عشية، وإذا هو فـي ذكر قارون، قال: وإذا رجل من جيرانه علـيه ثـياب مُعَصفرة، قال: فقال مالك: { فَخَرَجَ عَلـى قَوْمِهِ فِـي زِينَتِهِ } قال: فـي ثـياب مثل ثـياب هذا.

حدثنا بشر، قال
: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة { فَخَرَجَ عَلـى قَوْمِهِ فِـي زِينَتِهِ }: ذُكر لنا أنهم خرجوا علـى أربعة آلاف دابة، علـيهم وعلـى دوابهم الأُرجُوان.

حدثنـي يونس، قال
: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، فـي قوله { فَخَرَجَ عَلـى قَوْمِهِ فِـي زِينَتِهِ } قال: خرج فـي سبعين ألفـا، علـيهمُ الـمعصفرات، فـيـما كان أبـي يذكر لنا.

{
قالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الـحَياةَ الدُّنْـيا
: يا لَـيْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِـيَ قارُونُ } يقول تعالى ذكره: قال الذين يريدون زينة الـحياة الدنـيا من قوم قارون: يا لـيتنا أُعطينا مثل ما أعطى قارون من زينتها { إنَّهُ لَذُو حَظَ عَظِيـمٍ } يقول: إن قارون لذو نصيب من الدنـيا.




{ وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ ٱللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلاَ يُلَقَّاهَآ إِلاَّ ٱلصَّابِرُونَ }



القرطبي

قوله تعالى: { فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ } أي على بني إسرائيل فيما رآه زينة من متاع الحياة الدنيا من الثياب والدواب والتجمل في يوم عيد. قال الغزنوي: في يوم السبت. { فِي زِينَتِهِ } أي مع زينته. قال الشاعر:

إذا ما قلوبُ القومِ طارت مخافةً

   

من الموت أرسوا بالنفوس المواجد

أي مع النفوس. كان خرج في سبعين ألفاً من تَبَعه، عليهم المعصفَرات، وكان أوّل من صُبغ له الثياب المعصفَرة. قال السدي: مع ألف جوار بيض على بغال بيض بسروج من ذهب على قُطُف الأرْجُوان. قال ابن عباس: خرج على البغال الشهب. مجاهد: على براذين بيض عليها سروج الأُرْجُوان، وعليهم المعصفَرات، وكان ذلك أوّل يوم رؤي فيه المعصفَر. قال قتادة: خرج على أربعة آلاف دابة عليهم ثياب حمر، منها ألف بغل أبيض عليها قُطُف حمر. قال ابن جريج: خرج على بغلة شهباء عليها الأُرْجُوان، ومعه ثلاثمائة جارية على البغال الشهب عليهن الثياب الحمر. وقال ابن زيد: خرج في سبعين ألفاً عليهم المعصفَرات. الكلبي: خرج في ثوب أخضر كان الله أنزله على موسى من الجنة فسرقه منه قارون. وقال جابر بن عبد الله رضي الله عنه: كانت زينته القِرْمز.

قلت
: القِرْمِز صِبغ أحمر مثل الأُرْجُوان، والأُرْجُوان في اللغة صِبغ أحمر؛ ذكره القشيري. { قَالَ ٱلَّذِينَ يُرِيدُونَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا يٰلَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَآ أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ } أي نصيب وافر من الدنيا. ثم قيل: هذا من قول مؤمني ذلك الوقت، تمنوا مثل ماله رغبة في الدنيا. وقيل: هو من قول أقوام لم يؤمنوا بالآخرة ولا رغبوا فيها، وهم الكفار.

قوله تعالى
: { وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ } وهم أحبار بني إسرائيل للذين تمنوا مكانه { وَيْلَكُمْ ثَوَابُ ٱللَّهِ خَيْرٌ } يعني الجنة. { لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلاَ يُلَقَّاهَآ إِلاَّ ٱلصَّابِرُونَ } أي لا يؤتى الأعمال الصالحة، أو لا يؤتى الجنة في الآخرة إلا الصابرون على طاعة الله. وجاز ضميرها لأنها المعنية بقوله: { ثَوَابُ اللَّهِ }.


{ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ ٱلأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُنتَصِرِينَ } *



الطبري

حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا جابر بن نوح، قال: أخبرنا الأعمش، عن الـمنهال بن عمرو، عن عبد الله بن الـحارث، عن ابن عبـاس، قال: لـما نزلت الزكاة أتـى قارون موسى، فصالـحه علـى كلّ ألف دينار ديناراً، وكلّ ألف شيء شيئاً، أو قال: وكلّ ألف شاة شاة «الطبريّ يشكّ»، قال: ثم أتـى بـيته فحسبه فوجده كثـيراً، فجمع بنـي إسرائيـل، فقال: يا بنـي إسرائيـل إن موسى قد أمركم بكلّ شيء فأطعتـموه، وهو الآن يريد أن يأخذ من أموالكم، فقالوا: أنت كبـيرنا وأنت سيدنا، فمرنا بـما شئت، فقال: آمركم أن تـجيئوا بفلانة البغيّ، فتـجعلوا لها جُعلاً، فتقذفه بنفسها، فدعوها فجعل لها جُعلاً علـى أن تقذفه بنفسها، ثم أتـى موسى، فقال لـموسى: إن بنـي إسرائيـل قد اجتـمعوا لتأمرهم ولتنهاهم، فخرج إلـيهم وهم فـي براح من الأرض، فقال: يا بنـي إسرائيـل من سرق قطعنا يده، ومن افترى جلدناه، ومن زنى ولـيس له امرأة جلدناه مئة، ومن زنى وله امرأة جلدناه حتـى يـموت، أو رجمناه حتـى يـموت «الطبري يشكّ»، فقال له قارون: وإن كنت أنت؟ قال: وإن كنت أنا قال: فإن بنـي إسرائيـل يزعمون أنك فجرت بفلانة. قال: ادعوها، فإن قالت، فهو كما قالت فلـما جاءت قال لها موسى: يا فلانة، قالت: يا لَبَّـيك، قال: أنا فعلت بك ما يقول هؤلاء؟ قالت: لا، وكذبوا، ولكن جعلوا لـي جُعْلاً علـى أن أقذفك بنفسي فوثب، فسجد وهو بـينهم، فأوحى الله إلـيه: مُرِ الأرض بـما شئت، قال: يا أرض خذيهم فأخذتهم إلـى أقدامهم. ثم قال: يا أرض خذيهم، فأخذتهم إلـى ركبهم. ثم قال: يا أرض خذيهم، فأخذتهم إلـى حِقِـيِّهم، ثم قال: يا أرض خذيهم، فأخذتهم إلـى أعناقهم قال: فجعلوا يقولون: يا موسى يا موسى، ويتضرّعون إلـيه. قال: يا أرض خذيهم، فـانطبقت علـيهم، فأوحى الله إلـيه: يا موسى، يقول لك عبـادي: يا موسى، يا موسى، فلا ترحمهم؟ أما لو إياي دَعَوا، لوجدونـي قريبـاً مـجيبـاً قال: فذلك قول الله:
فَخَرَجَ عَلـى قَوْمِهِ فِـي زِينَتِهِ }
وكانت زينته أنه خرج علـى دوابّ شُقْر علـيها سُروج حُمْر، علـيهم ثـياب مُصَبَّغة بـالبَهْرَمان.
قالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الـحَياةَ الدُّنْـيا: يا لَـيْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِـيَ قارُونُ... }
إلـى قوله
إنَّه لا يُفْلِـحُ الكافِرُونَ }
يا مـحمد
تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَـجْعَلُها للَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِـي الأرْضِ وَلا فَساداً، والعاقِبَةُ لِلْـمُتَّقِـينَ }

قال: وعادى موسى، وكان مؤذياً له، وكان موسى يصفح عنه ويعفو، للقرابة، حتـى بنى داراً، وجعل بـاب داره من ذهب، وضرب علـى جدرانه صفـائح الذهب، وكان الـملأ من بنـي إسرائيـل يَغْدُون علـيه ويروحون، فـيطعمهم الطعام، ويحدّثونه ويضحكونه، فلـم تدعْه شِقوته والبلاء، حتـى أرسل إلـى امرأة من بنـي إسرائيـل مشهورة بـالـخَنَا، مشهورة بـالسَّبّ، فأرسل إلـيها فجاءته، فقال لها: هل لك أن أُموِّلك وأعطيَك، وأخـلطَك فـي نسائي، علـى أن تأتـينـي والـملأ من بنـي إسرائيـل عندي، فتقولـي: يا قارون، ألا تنهى عَنِّـي موسى قالت: بلـى. فلـما جلس قارون، وجاء الـملأ من بنـي إسرائيـل، أرسل إلـيها، فجاءت فقامت بـين يديه، فقلب الله قلبها، وأحدث لها توبة، فقالت فـي نفسها: لأن أُحْدِث الـيوم توبة، أفضل من أن أوذي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكذّب عدوّ الله له. فقالت: إن قارون قال لـي: هل لك أن أمَوِّلك وأعطيَك، وأخـلِطك بنسائي، علـى أن تأتِـينـي والـملأ من بنـي إسرائيـل عندي، فتقولـي: يا قارون ألاَ تنهى عنـي موسى، فلـم أجد توبة أفضل من أن لا أُوذِي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكذِّب عدوّ الله فلـما تكلـمت بهذا الكلام، سُقِط فـي يدي قارون، ونكَّس رأسه، وسكت الـملأ، وعرف أنه قد وَقَع فـي هَلَكة، وشاع كلامها فـي الناس، حتـى بلغ موسى فلـما بلغ موسى اشتدّ غضبه، فتوضأ من الـماء، وصلّـى وبكى، وقال: يا ربّ عدوّك لـي مؤذ، أراد فضيحتـي وشَيْنـي، يا ربّ سلطنـي علـيه. فأوحى الله إلـيه أن مُرِ الأرض بـما شئت تطعك. فجاء موسى إلـى قارون فلـما دخـل علـيه، عرف الشرّ فـي وجه موسى له، فقال: يا موسى ارحمنـي قال: يا أرض خذيهم، قال: فـاضطربت داره، وساخت بقارون وأصحابه إلـى الكعبـين، وجعل يقول: يا موسى، فأخذتهم إلـى رُكَبهم، وهو يتضرّع إلـى موسى: يا موسى ارحمنـي قال: يا أرض خذيهم، قال: فـاضطربت داره وساخت، وخُسف بقارون وأصحابه إلـى سُرَرِهم، وهو يتضرّع إلـى موسى: يا موسى ارحمنـي قال: يا أرض خذيهم، فخُسِف به وبداره وأصحابه. قال: وقـيـل لـموسى صلى الله عليه وسلم: يا موسى ما أفظَّك.

أما وعزّتـي لو إيايَ نادى لأجبته.

حدثنـي بشر بن هلال، قال
: ثنا جعفر بن سلـيـمان، عن أبـي عِمران الـجَوْنـيّ، قال: بلغنـي أنه قـيـل لـموسى: لا أُعَبِّدُ الأرض لأحد بعدك أبداً.

حدثنا ابن وكيع، قال
: ثنا عبد الرحمن بن مهديّ، وعبد الـحميد الـحِمّانـي، عن سفـيان، عن الأغرّ بن الصبـاح، عن خـلـيفة بن حُصين، قال: عبد الـحميد، عن أبـي نصر، عن ابن عبـاس، ولـم يذكر ابن مهدي أبـا نصر { فَخَسَفنا بِهِ وَبِدَارِهِ الأرْضَ } قال: الأرض السابعة.

حدثنا القاسم، قال
: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جُرَيج، قال: بلغنا أنه يخسف به كلّ يوم مِئَة قامة، ولا يبلغ أسفل الأرض إلـى يوم القـيامة، فهو يتـجَلْـجَل فـيها إلـى يوم القـيامة.

حدثنا ابن وكيع، قال
: ثنا زيد بن حبـان، عن جعفر بن سلـيـمان، قال: سمعت مالك بن دينار، قال: بلغنـي أن قارون يُخْسَف به كلّ يوم مِئَة قامة.

حدثنا بشر، قال
: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة { فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدَارِهِ الأرْضَ } ذُكر لنا أنه يُخسَف به كلّ يوم قامة، وأنه يتـجلـجل فـيها، لا يبلغ قعرها إلـى يوم القـيامة.



{ وَأَصْبَحَ ٱلَّذِينَ تَمَنَّوْاْ مَكَانَهُ بِٱلأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ ٱللَّهَ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلاۤ أَن مَّنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلْكَافِرُونَ }





عن ابن عباس قال : كان موسى يقول لبني إسرائيل إن الله يأمركم بكذا حتى دخل عليهم في أموالهم فشق ذلك على قارون فقال لبني إسرائيل : إن موسى يقول : من زنى رجم ، فتعالوا نجعل لبغي شيئا حتى تقول إن موسى فعل بها فيرجم فنستريح منه ، ففعلوا ذلك ، فلما خطبهم موسى قالوا له : وإن كنت أنت ؟ قال : وإن كنت أنا . فقالوا : فقد زنيت ، فجزع . فأرسلوا إلى المرأة فلما جاءت عظم عليها موسى ، وسألها بالذي فلق البحر لبني إسرائيل إلا صدقت ، فأقرت بالحق ، فخر موسى ساجدا يبكي ، فأوحى الله إليه : إني أمرت الأرض أن تطيعك فأمرها بما شئت ، فأمرها فخسفت بقارون ومن معه

الراوي: - المحدث: ابن حجر العسقلاني - المصدر: فتح الباري لابن حجر - الصفحة أو الرقم: 517/6
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح





المعني الروحي

من تفسير ابونا تادرس

اعتزلت الجماعة مسكن قورح وداثان وابيرام، حيث انفتحت الأرض وابتلعت الرجال وكل ما لهم من نساء وأطفال، فهبطوا إلى الهاوية أحياء، أما المائتان وخمسون رئيسًا فخرجت نار من عند الرب وأكلتهم.

ليس شيء يحزن قلب الله مثل اغتصاب العمل الكهنوتي وإثارة انشقاق وسط الكنيسة، لهذا كان تأديب قورح وجماعته أقسى أنواع التأديبات، إذ انشقت الأرض لتبتلعهم، وكأنهم قد صاروا من جملة الشياطين التي تهبط تحت الأرض! يقول القديس إيرينيئوس: [حقًا يجلب الهراطقة نارًا غريبة إلى مذبح الله، أي يجلبون تعاليم غريبة، لهذا يحترقون بنار من السماء كما حدث مع ناداب وأبيهو (لا 10: 1-2). أما الذي يقف ضد الحق، ويثير الآخرين ضد كنيسة الله، ويدخل مع الذين في الجحيم، إذ يبتلعه زلزال كما حدث مع قورح وداثان وأبيرام. أما الذين يشقون الكنيسة ويمزقون وحدتها فيتقبلون ذات العقوبة التي سقط فيها يربعام[113] (1 مل 14: 10)].

وللقديس كبريانوس تعليق على هذا الأمر وهو يتحدَّث عن الهراطقة ومسببي الانشقاق إذ يقول: [لقد عرف قورح وداثان وأبيرام الله ذاته الذي عرفه هرون الكاهن وموسى، وعاشوا تحت نفس الناموس الذي لهما وذات الإيمان، وكانوا يتضرعون لله الواحد الحقيقي ويسألونه متعبدين له، ومع هذا إذ تعدوا خدمة وظيفتهم ضد هرون الكاهن الذي قَبِل الكهنوت الحقيقي... وادعوا لأنفسهم سلطان تقديم الذبيحة ضُربوا ضربة إلهيّة وسقطوا في الحال تحت العقاب بسبب تصرفاتهم غير اللائقة وتقديمهم ذبائح مملوءة تجديفًا غير قانونيّة ضد الحق الإلهي، ولم تستطع الأمور الأولى أن تعفيهم من العقاب أو تفيدهم[114]].

ويرى القدِّيس كبريانوس أن عنف التأديب وقسوته كان لأجل تعليم الآتين من بعدهم[115]. هكذا يستخدم الله الشدة في بدء كل كسر لوصيّة معينة ليعلن مرارة كسرها ويحذِّر الأجيال القادمة بطريقة ماديّة ملموسة.

وللقديس كبريانوس أيضًا تعليق على هذا الأمر إذ يُحذِّرنا من خطيّة التذمر قائلاً: [يليق بنا أيها الإخوة الأحباء ألاَّ نتذمر، بل نحتمل بصبر وشجاعة كل ما يحدث، فقد كتب "الذبيحة لله روح منسحق؛ القلب المنكسر والمتواضع لا يرذله الله" (مز 51: 17)، وجاء في سفر التثنية: "لأن الرب إلهكم يمتحنكم لكي يعلم هل تحبون الرب إلهكم من كل قلوبكم ومن كل أنفسكم[116]" (تث 13: 3)...].

أما المائتان وخمسون رئيسًا فإذ أحرقوا بخورًا بغير استحقاق نزلت نار من عند الرب وأكلتهم.

لماذا أمر الرب أن تعتزلهم الجماعة؟ يجيب القدِّيس كبريانوس قائلاً: [أمر الرب موسى أن ينفصل الشعب عنهم لئلا بخلطتهم بالأشرار يسقطون معهم في الشر[117]].

ولماذا ابتلعت الأرض الرجال الأشرار ونساءهم وأولادهم وأطفالهم؟ إنه يمثل اقتلاع كل جذور الخطيئة العاملة في النفس (الرجال) والجسد (النساء) وطاقات الإنسان ومواهبه (الأطفال) فالخطيئة إذ تفسد النفس والجسد وطاقات الإنسان ومشاعره وعواطفه... الخ، يخسر الإنسان كل شيء!

لاحظ القدِّيسان ﭽيروم وأغسطينوس أن قورح يعني "جلجثة calvary" لهذا وإن كان قورح قد مات بخطيته مع زوجته وأولاده، لكن كان له أحفاد مباركين هم أبناء العريس المصلوب على الجلجثة، صاروا فرقة للتسبيح للرب، جاءت مزاميرهم كلها مملوءة فرحًا. يقول القدِّيس أغسطينوس: [أولاد قورح هم أولاد العريس المصلوب في موضع الجلجثة[118]]، ويقول القدِّيس ﭽيروم: [أي مزمور يرد فيه ذكر أبناء قورح في عنوانه يكون مزمورًا مفرحًا، ليس فيه شيء من الحزن. فإن كان الرب قد عاقب قورح وداثان وأبيرام بسبب مقاومتهم موسى، لكن لكن أبناء قورح إذ لم يقاوموا مثل أبيهم تباركوا بالفرح الأبدي[119]].



والمجد لله دائما