«  الرجوع   طباعة  »

كيف يقتل اولاد عغان بخطية ابوهم رغم ان تثنية يقول لايقتل الاولاد عن الاباء ؟ تثنية 24: 16 يشوع 7: 24

 

Holy_bible_1

 

الشبهة 

 

ورد في تثنية 24: 16» 16«لاَ يُقْتَلُ الآبَاءُ عَنِ الأَوْلاَدِ، وَلاَ يُقْتَلُ الأَوْلاَدُ عَنِ الآبَاءِ. كُلُّ إِنْسَانٍ بِخَطِيَّتِهِ يُقْتَلُ. 

وفي نسخة الإنترنت نجد شرحاً لكلمة «عن» الواردة في النص السابق هكذا: 

»16لا يُقتَلُ الآباءُ بِخطيئةِ البَنينَ، ولا يُقتَلُ البَنونَ بِخطيئةِ الآباءِ. بل كُلُّ إنسانٍ بِخطيئتِهِ يُقتَلُ. .« 

وهذا يناقض ما جرى لعخان، الذي قُتل أولاده الأبرياء معه، كما جاء في يشوع 7: 24

 

الرد

 

اولا هذه الوصيه صحيحه واساسيه للقضاه ولا يحكم اي قاضي في شعب اسرائيل علي ابن للموت بخطية ابيه 

ولكي لا يقول مشكك ان موقف عخان مخالف للوصيه يجب ان ندرس حادثة عخان لنتاكد ان هذا الموقف لا يخالف الوصية

 

سفر يشوع 7

وخان بنو إسرائيل خيانة في الحرام، فأخذ عخان بن كرمي بن زبدي بن زارح من سبط يهوذا من الحرام، فحمي غضب الرب على بني إسرائيل 

يبدا اول تعبير في الاصحاح بتعبير خان بنو اسرائيل وهو تعبير عن جمع ولكن يحصر الكلام عن ان سبب فعل الخيانه هو عخان لانه اول من اخذ من الحرام وبسببه غضب الرب علي شعب اسرائيل 

وبسبب خيانته حدث موقف خسارة الشعب الحرب ضد عاي اول مره 

ولكن نتذكر انه قد يكون البعض ايضا فعل الشر وسنلاحظ هذا لاحقا 

وأرسل يشوع رجالا من أريحا إلى عاي التي عند بيت آون شرقي بيت إيل، وكلمهم قائلا: اصعدوا تجسسوا الأرض. فصعد الرجال وتجسسوا عاي 

ثم رجعوا إلى يشوع وقالوا له: لا يصعد كل الشعب، بل يصعد نحو ألفي رجل أو ثلاثة آلاف رجل ويضربوا عاي. لا تكلف كل الشعب إلى هناك لأنهم قليلون 

فصعد من الشعب إلى هناك نحو ثلاثة آلاف رجل، وهربوا أمام أهل عاي 

فضرب منهم أهل عاي نحو ستة وثلاثين رجلا، ولحقوهم من أمام الباب إلى شباريم وضربوهم في المنحدر. فذاب قلب الشعب وصار مثل الماء 

ودم هؤلاء الستة وثلاثين رجل عليه لان سبب قتلهم هو خيانته . ولكن قد ( واكرر قد ) يكون هؤلاء الستة وثلاثين رجل هم خطاة ويستحقوا القتل كما اشار العدد الاول وخان بونوا اسرائيل خيانة في الحرام.

ولكن حتي لو لم يكونوا خطاة فموتهم في الحرب هو ليس عقاب ولكن حادث يحدث لاي انسان

فمزق يشوع ثيابه وسقط على وجهه إلى الأرض أمام تابوت الرب إلى المساء، هو وشيوخ إسرائيل، ووضعوا ترابا على رؤوسهم 

وقال يشوع: آه يا سيد الرب لماذا عبرت هذا الشعب الأردن تعبيرا لكي تدفعنا إلى يد الأموريين ليبيدونا ؟ ليتنا ارتضينا وسكنا في عبر الأردن 

أسألك يا سيد: ماذا أقول بعدما حول إسرائيل قفاه أمام أعدائه 

فيسمع الكنعانيون وجميع سكان الأرض ويحيطون بنا ويقرضون اسمنا من الأرض. وماذا تصنع لاسمك العظيم 

10 فقال الرب ليشوع: قم لماذا أنت ساقط على وجهك 

11 قد أخطأ إسرائيل، بل تعدوا عهدي الذي أمرتهم به، بل أخذوا من الحرام، بل سرقوا، بل أنكروا، بل وضعوا في أمتعتهم 

وهنا يكشف الرب الامر الذي تم في الخفاء ويشرح شناعة هذه الفعله 

فحتي لو عخان سرق في الخفاء وخان وتعدي عهد الرب واصبح كاسر للشريعه وهو غالبا انكر ذلك بمعني انهم قبل ان يتوجهوا للحرب طلب يشوع ان يتطهر كل شخص وسال لو فيه احدهم فعل خطيه فانكر عخان وخبأ ما سرق 

ونلاحظ ان الرب للمره الثانيه يتكلم بالجمع عن عخان وهذا يوضح لنا اكثر ان هناك اكثر من شخص علم ولكن الذي سرق هو عخان واجبرهم علي الصمت وغالبا هم اولاد عخان الذين قد يكونوا راوا ابيهم ولانه ابوهم غالبا اجبرهم علي الصمت او قد يكون اشار الي الستة وثلاثين رجل انهم فعلوا ايضا بعض الشرور يستحقوا عليه القتل

 

12 فلم يتمكن بنو إسرائيل للثبوت أمام أعدائهم. يديرون قفاهم أمام أعدائهم لأنهم محرومون، ولا أعود أكون معكم إن لم تبيدوا الحرام من وسطكم 

ويوضح الرب انه لم يعاقب شعب اسرائيل ولكنه ابتعد عن شعب اسرائيل بسبب الخطيه لان الخطيه تفصل الانسان عن الله . وهذا يؤكد ان الرب لا يجرب بالشرور ولكن الانسان الشرير يتركه الرب لشره وخطيته فيجني ثمر الخطية . ونلاحظ ان الانسان لا يحمل خطية اخر بل يحمل ثمار الخطية التي تنتشر 

ويبدا الرب في تقديم الحل فيقول ليشوع

 

13 قم قدس الشعب وقل: تقدسوا للغد. لأنه هكذا قال الرب إله إسرائيل: في وسطك حرام يا إسرائيل، فلا تتمكن للثبوت أمام أعدائك حتى تنزعوا الحرام من وسطكم 

وحتي الان عخان رافض ان يعترف بخطيته ويكشف الامر حتي بعد ان الرب بدأ يعلن الامر تدريجيا 

14 فتتقدمون في الغد بأسباطكم، ويكون أن السبط الذي يأخذه الرب يتقدم بعشائره، والعشيرة التي يأخذها الرب تتقدم ببيوتها، والبيت الذي يأخذه الرب يتقدم برجاله 

15 ويكون المأخوذ بالحرام يحرق بالنار هو وكل ما له، لأنه تعدى عهد الرب، ولأنه عمل قباحة في إسرائيل 

وهنا يوضح الرب انه سيعلن عن المتسبب في الخطيه ونلاحظ ان الرب بدا يتكلم باسلوب المفرد انه سيعاقب هو وكل املاكه ( وبخاصه كل ما له هي عن غير العاقل عن الاملاك وترجمت . فالرب يقول يحرق اذا فالذي سيحرق هو شخص واحد فقط وليس مجموعة اشخاص

ولتاكيد ان الشخص واملاكه وليس اشخاص اخرين فالتعبير العبري ( وايث كال اشير لو كي ) اي كل ما له من املاك ولا تعود علي اشخاص 

 

16 فبكر يشوع في الغد وقدم إسرائيل بأسباطه، فأخذ سبط يهوذا 

17 ثم قدم قبيلة يهوذا فأخذت عشيرة الزارحيين. ثم قدم عشيرة الزارحيين برجالهم فأخذ زبدي 

18 فقدم بيته برجاله فأخذ عخان بن كرمي بن زبدي بن زارح من سبط يهوذا 

19 فقال يشوع لعخان: يا ابني، أعط الآن مجدا للرب إله إسرائيل، واعترف له وأخبرني الآن ماذا عملت. لا تخف عني 

20 فأجاب عخان يشوع وقال: حقا إني قد أخطأت إلى الرب إله إسرائيل وصنعت كذا وكذا 

كان امامه وقت طويل للاعتراف ولكنه اصر علي اخفاء الخيانه ولما اعلن الرب اعترف بفعلته واقر علي مكان المسروقات 

 

21 رأيت في الغنيمة رداء شنعاريا نفيسا، ومئتي شاقل فضة، ولسان ذهب وزنه خمسون شاقلا ، فاشتهيتها وأخذتها. وها هي مطمورة في الأرض في وسط خيمتي، والفضة تحتها 

اذا السارق بالفعل عخان ولكن الكميه التي سرقها كثيره فرداء شنعاري وهو مثل الروب السميك الثقيل ومئتي شاقل هذا كثير ولسان وزنه خمسون شاقلا ايضا ثقيل فغالبا وهذا رائي ان عخان هو السارق ولكن اولاده رؤه وهو ياتي بهذه الاشياء ويدفنها في خيمته وغالبا هو اجبرهم علي الصمت لانه ابوهم . وقد يكون العبض ساعده في حمل هذه الاشياء منهم من الستة وثلاثين رجل 

 

22 فأرسل يشوع رسلا فركضوا إلى الخيمة وإذا هي مطمورة في خيمته والفضة تحتها 

23 فأخذوها من وسط الخيمة وأتوا بها إلى يشوع وإلى جميع بني إسرائيل، وبسطوها أمام الرب 

اذا فهو شخص سارق وحيد وليس مجموعه اما خطا الباقيين هو كتم الشهاده 

 

24 فأخذ يشوع عخان بن زارح والفضة والرداء ولسان الذهب وبنيه وبناته وبقره وحميره وغنمه وخيمته وكل ما له، وجميع إسرائيل معه، وصعدوا بهم إلى وادي عخور 

ونلاحظ شيئ مهم وهو ان العدد يذكر بنيه وبناته ولا يذكر زوجته التي قد تكون ماتت او قد تكون لم تعرف اي شيئ فلم يحتاج يشوع ان يشهدها علي عقاب عخان 

اما بنيه وبناته الذي وضحت سابقا كانوا شهود علي عخان ولكن لم يقروا ايضا جعلهم يشوع شهود علي رجمه ليعرفوا شدة ما فعل وعقاب الخطيه وان صمتهم كان ايضا خطيه وعقابهم رؤية ابيهم يرجم فلا تتكرر هذه الخطيه في اسرائيل 

 

25 فقال يشوع: كيف كدرتنا ؟ يكدرك الرب في هذا اليوم. فرجمه جميع إسرائيل بالحجارة وأحرقوهم بالنار ورموهم بالحجارة 

والذي فعله يشوع حسب سياق الكلام بوضوح هو انه وشعب اسرائيل رجموا عخان ليموت بسرعه 

اذا الذي رجم شخص واحد فقط هو عخان والعدد يؤكد ذلك اما اولاده كانوا شهود فقط 

وبعد رجمه القوا المسروقات واحرقوها بالنار فوق جسده الميت وبعد احراقها بالنار رموا حجاره فوق النيران التي احرقت المسروقات وجسد عخان الذي مات منذ الرجم الاول

 

26 وأقاموا فوقه رجمة حجارة عظيمة إلى هذا اليوم. فرجع الرب عن حمو غضبه. ولذلك دعي اسم ذلك المكان وادي عخور إلى هذا اليوم 

واكملوا الرجمه التي اصبحت كومه عظيمه. وايضا العدد يقول فوقه لانه هو الوحيد الذي قتل. 

اذا رئينا ان الذي اخطأ بالخيانه هو الذي عوقب اما اولاده الذين شهدوا سرقته واجبرهم علي الصمت لم يعاقبوا بالقتل ولكنهم عوقبوا بان يكونوا شهود علي رجم ابيهم الخائن 

فهو ورثوا نتائج وانهم فقدوا ابيهم وفقدوا املاكهم ولكنهم لم يدانو علي خطية ابيهم لان هناك فرق بين ان ادان علي خطية ابي ويحكم علي بلا ذنب وان ارث نتائج خطية ابي. 

واقدم دليل من سفر يشوع ان الذي قتل هو عخان فقط لانه بخيانته تسبب في قتل كثيرين الذين هم 36 رجل

 

سفر يشوع 22: 20

 

أَمَا خَانَ عَخَانُ بْنُ زَارَحَ خِيَانَةً فِي الْحَرَامِ، فَكَانَ السَّخَطُ عَلَى كُلِّ جَمَاعَةِ إِسْرَائِيلَ، وَهُوَ رَجُلٌ لَمْ يَهْلِكْ وَحْدَهُ بِإِثْمِهِ؟».

 

فهو عوقب بسبب انه اهلك اخرين باثمه وتسبب في قتل اخرين في الحرب فالقاتل يقتل هذا بالاضافة الي بقية جرائمه

 

وايضا من 

سفر أخبار الأيام الأول 2: 7

 

وَابْنُ كَرْمِي عَخَارُ مُكَدِّرُ إِسْرَائِيلَ الَّذِي خَانَ فِي الْحَرَامِ

 

ووضحت ان سياق الكلام يؤكد ان امر الرب بقتل عخان فقط وفي تنفيز العقوبه عخان فقط هو الذي رجم وايضا التعبير اللغوي يؤكد ذلك كما شرحت

شيئ مهم وهو عمر عخان هو من الجيل الذي كان صغير وقت الجواسيس وكبر بعدها لان كل الذين هم فوق 20 سنه ماتوا في البريه فهو لو كان متوسط 10 سنين بعد اربعين سنه هو خمسين سنه فاولاده غالبا هم فتيان وفتيات ليسوا ببالغين فوق العشرين بل هم اصغر من ذلك فهم اقل من السن لكي يعاقبوا وهذا فقط قرينه اخري 

ولكن لو اصر احد علي ان اولاده قتلوا معه فحتي في هذا هم لم يقتلوا بسبب جريمة ابيهم بل بسبب جريمتهم وهو السكوت علي الخيانه كما وضحت الاعداد من البدايه انه هو السارق ولكن هناك اخرين اشتركوا واخطؤا وصمتوا بسببه وهم غالبا اولاده ولكن هذا رائي ارفضه وقدمت بعض الادله لغوية ومن سياق الاكلام واعداد اخري التي تثبت ان اولاده لم يقتلوا  

واقدم ايضا ادله من اليهود علي ذلك ( عدم قتل الاولاد ) 

اكد كل من الربوات اليهود والمفسرين القداما ان عخان هو الذي قتل لوحده 

بن جيرشوم

ابارابينيل 

ابيندانا

وكمشي 

وقاولوا ان يشوع فعل ذلك لكي لا يعودوا ويكونوا شهود علي شر لانهم رؤا الشر وصمتوا ولان ابوهم شرير فقد يكون زرع فيهم بعض الشر في تربيته فبهذا يتنقوا ويجتنوا الشر

 وهذا مكتوب في 

(p) Pirke Eliezer, ut supra (c. 38.) Kimchi in loc

ونقلا عن جيل المفسر الذي اكد ذلك 

 

وايضا اكد ذلك ادم كلارك 

Jos 7:24  

Joshua - took Achan - and all that he had - He and his cattle and substance were brought to the valley to be consumed; his sons and his daughters, probably, to witness the judgments of God inflicted on their disobedient parent. See Jos_7:25.

 

وايضا تعليق كيل 

Achan's sons and daughters were simply taken into the valley to be spectators of the punishment inflicted upon the father, that it might be a warning to them.

 

وايضا اكد ذلك ابونا انطونيوس فكري في تفسيره

 

وادي عخور= نسبة لعاخان أو عاخار ومعناه وادي الكدر والإزعاج، راجع (أش10:65) حيث يتحول غضب الله إلى رضي الله.

لاحظ أن يشوع أخذ عاخان وبنيه وبناته ولم يقل زوجته، فهي إما ماتت أو هي كانت غير موافقة لزوجها فيما فعله. وفي (أية15) كان أمر الله بحرق المأخوذ بالحرام هو وكل ما له أي كل ما اقتناه وليس أولاده. فالله يعاقب الشخص المخطئ ولا يعاقب أولاده الأبرياء (تث16:24). وغالباً قوله وبنيه وبناته لا يفهم رجمهم إلا لو كانوا قد اشتركوا مع أبيهم، ولكن سياق الكلام لا يدل على هذا ففي (آية 25) يقول فرجمه ولم يقل رجموهم. ويكون قوله وأحرقوهم بالنار في (آية 25) عائدة على كل مقتنيات عاخان ويكون معنى أخذ بنيه وبناته معه كشهود لما يحدث من محاكمة وعقاب.

 

ونلاحظ انه بهذا حرم بيته من كل املاكهم حتي من خيمتهم فالاولاد لا يعاقبوا بخطية الاب ولكن يرثوا ثمار خطية ابوهم فالاب السارق حتي في ايامنا يحبس ويدفع غرامه ويحرم اسرته من الدخل فيجنوا ثمار خطيته مثل الفقر والاحتياج بسبب خطيته ولكن هم لا يحبسوا مثله 

وهذا ما هو مكتوب في سفر الامثال

 سفر الأمثال 15: 27

 

اَلْمُولَعُ بِالْكَسْبِ يُكَدِّرُ بَيْتَهُ، وَالْكَارِهُ الْهَدَايَا يَعِيشُ

 

واخيرا المعني الروحي

 

 

من تفسير ابونا تادرس يعقوب واقوال الاباء

 

ما كان يمكن للشعب أن يتمتع بالحياة المقامة المقدسة إن لم تُنزع عنهم الخميرة الفاسدة التي تفسد العجين كله (1 كو 5: 6)؛ كان لابد من إبادة الحرام تمامًا لكي يعودوا فيتمتعوا بمعية الله الدائمة. وهنا نلاحظ الآتي:

أولاً: للأسف السبط الذي أنجب لنا القديسة مريم التي تحني رأسها بالطاعة لله لتقبل حلول الكلمة في أحشائها فيخرج مخلص العالم الأسد الخارج من سبط يهوذا، يخرج عخان بن كرمي الذي أعثر الشعب وحطمه. لعل الله سمح بذلك لكي نحذر السقوط ولا نستهين بالعثرة مهما بدت بسيطة، فالسبط الذي أُعطيت له الوعود خرج منه هذا الذي استحق الإبادة، مواعيد الله الأمينة وعطاياه الإلهية المجانية تهبنا رجاءً ويقينًا لكن مع حذر فإن عخان رأى فاشتهى ثم أخذ وطمر [21]، إذ يقول: "رأيت في الغنيمة رداء شنعاريا ومئتي شاقل ولسان ذهب وزنه خمسون شاقلاً فاشتهيتها وأخذتها، وها هي مطمورة في الأرض في وسط خيمتي والفضة تحتها". تبدأ العثرة بالرؤية غير المقدسة فالشهوة فالعمل ثم إخفاء الشر في الأرض وسط الخيمة حتى لا يبقى للشر أثر يمكن إدراكه.

ثانيًا: لم يصفح الله عن عخان ربما لعدة أسباب. السبب الأول لأن هذا التصرف كان الأول من نوعه بعد دخولهم كنعان. فأراد الله من البداية أن يعطيهم درسًا يبرز فيه بشاعة الخطية مؤكدًا ضرورة بترها. هذا ما حدث مع الحطاّب الذي كان يجمع الحطب يوم السبت فكان أول كاسر للسبت، وقد جاء حكم الرب عليه، "قتلاً يقتل الرجل، يرجمه بحجارة كل الجماعة خارج المحلة" (عد 15: 35)، وأيضًا مع حنانيا وسفيرة كأول عائلة تكذب على الروح القدس في عصر الرسل (أع 5: 3). أما السبب الثاني فهو أن عخان قد تمتع بالبركات الإلهية ورأى بنفسه في نهر الأردن الطريق ينفتح ليعبر، وأسوار أريحا تنهدم لكي يرث، لذلك كان جزاؤه مُرًا وقاسيًا. لو أنه انتظر لنال نصيبه من غنائم عاي وغيرها من المواقع كما ورث أرض الموعد، لكنه إذ احتقر بركات الله مهتمًا بالأمور الأرضية فقد هذه وتلك! السبب الثالث أن عخان لم يشعر بالتوبة ولا اعترف في البداية وانتظر حتى كشف الله السبط الذي أخطأ [16] فالعشيرة [17] ثم عُرف البيت وأخيرًا عُرف اسمه وعندئذ اضطر أن يعترف... لقد أخفى الجريمة ولم يقدم التوبة حتى بعد انكسار الشعب...

على أي الأحوال، صار عخان درسًا للكنيسة كلها عبر الأجيال، من جهة كشف أن سرّ الهزيمة في حياة المؤمن أو الجماعة هو "الحرام" الذي يجد له موضعًا في وسطنا! من جهة أخرى صار عبرة لكل من يخطئ... ليس له ما يقدمه من عذر وكما يقول القديس أثناسيوس الرسولي: [عندما أُتهم عخان بالسرقة لم يحتج أنه كان غيورًا في الحروب، لكنه إذ ثبتت معصيته رجمه الشعب كله بالحجارة[132]]، وأخيرًا صار درسًا حيًا لكل الأجيال من جهة التزام المؤمن أن يبيد كل أثر للخطية في حياته دون مناقشة. لقد أباد يشوع بن نون كل أثر لعخان وكل ماله، حتى نُسلم حياتنا الداخلية وسلوكنا بين يدّي الله يسوعنا الحيّ الذي وحده يقدر أن يقتلع جذور خطايانا، فلا يترك فينا أثرًا للشر أو شبه الشر، لنتمسك بصليب ربنا يسوع المسيح الذي به تُقطع كل عثرة فينا فلا نهلك، متذكرين وصية السيد لنا: "إن كانت عينك اليمين تعثرك فاقلعها والقها عنك، لأنه خيرٌ لك أن يُهلك أحد أعضائك ولا يُلقى جسدك كله في جهنم. وإن كانت يدك اليمنى تعثرك فاقلعها والقها عنك..." (مت 5: 29، 30).

ثالثًا: كانت مادة الجريمة هي:

أ. رداء شنعاريًا نفسيًا [21]، أي رداء مستوردًا من شنعار (بجوار بابل) وهي المنطقة التي أُقيم فيها برج بابل (تك 11: 2)، وإليها سبى بعض اليهود (إش 11: 11، زك 5: 11).

إن كان الرداء يُشير إلى الجسد، فإن اشتهاء الرداء البابلي أو الشنعاري إنما يُشير إلى شهوة الجسد للتنعم بأمور الأمم وملذاتهم. ففي سفر حزقيال يوبخ الله يهوذا لأن إسرائيل أختها "عشقت بني أشور الولاة والشحن الأبطال الملابسين أفخر لباس" (حز 23: 12). لقد حمل عخان البذار الأولى لشهوات الجسد مع الأمم، لذلك كان لابد من إبادتها في بداية انطلاقها... لقد دنس الجسد الذي خلقه الله مقدسًا!

ب. مائتي شاقل فضة [16]، إن كان الرداء يُشير إلى شهوات الجسد، فإن المائتي شاقل فضة تُشير إلى محبة المال... الذين يقتنون الفضة على حساب إخوتهم المحرومين. والفضة تُشير أيضًا إلى كلمة الله، وكما أن الإنسان الشرير يسيء إلى جسده المقدس بتدنيسه إياه فإنه أيضًا يسيء فهم كلمة الله فيطمرها في الأرض تحت خيمته، أي يستخدمها بمفهوم أرضي لحساب خيمة جسده بدلاً من أن يتقبلها لترفعه إلى السماويات لحساب روحه كما لخلاص جسده!

ج. لسان ذهبي [16]، يُشير إلى لسان الفلاسفة الملحدين الذي يبدو ذهبيًا وبراقًا. يقول العلامة أوريجانوس: [لست أظن أن سرقة القليل من الذهب كانت خطية كافية لتدنيس كنيسته العظيمة... لسان الذهب هي مذاهب الفلاسفة الفاسدة التي تبدو لامعة. احرص لئلا يغريك بهاء صنعتهم وتخدعك حلاوة لسانهم الذهبي. تذكر أمر يشوع بأن كل ما هو ذهبي في أريحا فليكن محرمًا. إن كنت تقرأ مقالات الشعراء البراقة التي تحكي عن الآلهة فلا تترك نفسك تسحرها فصاحتهم. فإنك إذ أخذتها ووضعتها في خيمتك، أي تركت تعاليمهم تدخل إلى قلبك، تتدنس الكنيسة كلها. هذا ما فعله فالنتينوس وباسيليدس البائسين. فقد سرقا اللسان الذهبي الذي في أريحا وحاولا أن ينقلا المبادئ الفلسفية الرديئة إلى الكنيسة فيدنسوا كل كنيسة الله[133]].

د. خمسين شاقلاً: رقم 50 يُشير إلى روح الحرية والوحدة، ففي خيمة الاجتماع كانت الستارتان تتحدان معًا خلال خمسين عروة في إحدى الجانبين من كل ستارة (خر 26: 4-5) ترتبط العرى كلها بواسطة خمسن أشظة ذهبية إشارة إلى سرّ الوحدة بين الشعبين (اليهودي والأمم) إنما بحلول الروح القدس في يوم الخمسين حيث ينالون روح الحرية في المسيح يسوع والذي يهب الوحدة أيضًا. وفي اليوبيل - في السنة الخمسين - كان العبيد من اليهود يتحررون، والأرض المرهونة يفك رهنها، ويشعر الكل بالحرية... هنا عخان يتسلم الحرية لطمره في الأرض تحت خيمته، أي يستخدم الحرية المقدسة لحساب جسده ومطالبه الزمنية فتصير إباحية واستهتارًا.

في اختصار إن ما فعله عخان هو تدنيس للمقدسات أو المواهب التي قدمها الله له لراحته وسلامه فاستخدمها لتحطيمه وهلاكه:

استخدم الجسد (الثوب) للشهوات عوض أن يكون معينًا للنفس في الحياة المقدسة،

واستخدم كلمة الله بفكر خاطئ عوض أن ترفعه للسمويات،

واستخدم الفكر في الفلسفات البراقة غير البناءة عوض أن يكون عمله لمجد الله،

واستخدم الحرية كفرصة للجسد عوض أن تكون سرّ انطلاقه إلى حضن أبيه بلا عائق أو قيود.

 

والمجد لله دائما