«  الرجوع   طباعة  »

لماذا احترم يشوع المعاهد مع جبعون رغم انها مبنية علي خداع ؟ يشوع 9



Holy_bible_1



الشبهة



يخبرنا سفر يشوع 9 ان الجبعونيين خدعوا اسرائيل بالايحاء بانهم ليسوا من الارض التي وعد الرب لاسرائيل ويجب تحريمها بل هم من أرض بعيده . ودخل يشوع في عهد معهم لكي لا يدمرهم ولكن لما اكتشف يشوع ان الجبعونيين خدعوهم وهم في الحقيقه من الامم التي امر الرب ان يحرموهم لماذا احترم يشوع المعاهده ؟



الرد



احترم يشوع المعاهده لانه حلف باسم الرب وهذا ما يخبرنا به الاصحاح

سفر يشوع 9

19 فقال جميع الرؤساء لكل الجماعة: إننا قد حلفنا لهم بالرب إله إسرائيل. والآن لا نتمكن من مسهم

فالسبب هو الحلف باسم يهوه



ولكن لو دققنا في بنود المعاهده ( رغم انها مبنية علي خداع ) نجد الاتي

3 وأما سكان جبعون لما سمعوا بما عمله يشوع بأريحا وعاي

والشيئ الحسن الذي يحسب للجبعونيين انهم امنوا بان اله اسرائيل قوي واقدر من اي الهة اخري وكل الاله الاخري اصنام اما هو فالاله الحي

وهم لم يفعلوا مثل بقية الشعوب الشريره الذين اصروا بان يتمسكوا بالاصنام ويتركوا الاله الحقيقي

ولكن للاسف هم ترجموا ايمانهم الي افعال خديعه بدل من ان يترجموه الي افعال حسنه

4 فهم عملوا بغدر، ومضوا وداروا وأخذوا جوالق بالية لحميرهم، وزقاق خمر بالية مشققة ومربوطة

5 ونعالا بالية ومرقعة في أرجلهم، وثيابا رثة عليهم، وكل خبز زادهم يابس قد صار فتاتا

6 وساروا إلى يشوع إلى المحلة في الجلجال، وقالوا له ولرجال إسرائيل: من أرض بعيدة جئنا . والآن اقطعوا لنا عهدا

طلبوا المعاهده بدون تحديد اسم المكان هم فقط قالوا من مكان بعيد ولكن مقدار بعده لم يقولوا واسمه لم يخبروا

7 فقال رجال إسرائيل للحويين: لعلك ساكن في وسطي، فكيف أقطع لك عهدا

8 فقالوا ليشوع: عبيدك نحن. فقال لهم يشوع: من أنتم ؟ ومن أين جئتم

وهنا يشوع يسالهم عن جنسهم واسم مدينتهم

9 فقالوا له: من أرض بعيدة جدا جاء عبيدك على اسم الرب إلهك، لأننا سمعنا خبره وكل ما عمل بمصر

وهم بحيله مره ثانيه يقول من ارض بعيده ويضيف كلمة جدا ولكن لم يخبر باسم هذه الارض البعيده جدا ومقدار بعدها ولم يخبروا ايضا باسم جنسهم

وهم يقروا بانهم اتيين علي رجاء اسم اله اسرائيل ويمجدوه علي عمله

10 وكل ما عمل بملكي الأموريين اللذين في عبر الأردن: سيحون ملك حشبون وعوج ملك باشان الذي في عشتاروث

ويخبروا يشوع ايضا بحيله عن امور قديمه حدثت مع اسرائيل مثل ما حدث في مصر وما حدث في عبر الاردن مع سبطي راوبين وجاد ولكن كما لو كان لم يسمع عن معجزه عبور الاردن وكما لو كانوا لم يسمعوا عن اريحا وهذا لبعد مكانهم

11 فكلمنا شيوخنا وجميع سكان أرضنا قائلين: خذوا بأيديكم زادا للطريق، واذهبوا للقائهم وقولوا لهم: عبيدكم نحن. والآن اقطعوا لنا عهدا

وهنا رغم الخداع الكثير الذي فعلوه ولكن الشيئ الحسن الاخر هو انهم يقبلوا ان يكونوا عبيد لاسرائيل والهه وهذا اعترافا بالرب وبداية طريق توبه عن العباده الوثنية والخطايا القديمه وفيه اعلان بقبول اله اسرائيل وشريعته

ولاجل هذا الايمان والخضوع وبداية حياة التوبه لم يموتوا ولكن لاجل الخديعه عوقبوا

12 هذا خبزنا سخنا تزودناه من بيوتنا يوم خروجنا لكي نسير إليكم، وها هو الآن يابس قد صار فتاتا

13 وهذه زقاق الخمر التي ملأناها جديدة، هوذا قد تشققت. وهذه ثيابنا ونعالنا قد بليت من طول الطريق جدا

وللمره الثالثه لا يذكروا اسم المدينه ولا يذكروا مقدار طول المسافه ولكن يوحوا بانه طويل جدا

14 فأخذ الرجال من زادهم، ومن فم الرب لم يسألوا

وهنا سقط اسرائيل في الخطأ ولم يستشر الرب

15 فعمل يشوع لهم صلحا وقطع لهم عهدا لاستحيائهم، وحلف لهم رؤساء الجماعة

والمعاهده بينهم ان اسرائيل يستحييهم ولكن الشروط المبني عليها المعاهده انهم في مكان بعيد ولكن غير محدد مقدار البعد وايضا الاسم مفتوح مهما كان اسمهم

ولكن في المعاهده قبول ان يكونوا عبيد لاله وشعب اسرائيل

16 وفي نهاية ثلاثة أيام بعدما قطعوا لهم عهدا سمعوا أنهم قريبون إليهم وأنهم ساكنون في وسطهم

17 فارتحل بنو إسرائيل وجاءوا إلى مدنهم في اليوم الثالث. ومدنهم هي جبعون والكفيرة وبئيروت وقرية يعاريم

18 ولم يضربهم بنو إسرائيل لأن رؤساء الجماعة حلفوا لهم بالرب إله إسرائيل. فتذمر كل الجماعة على الرؤساء

وهنا يظهر كما ذكرت سابقا عدم تحريمهم لان المعاهده كانت باسم الرب فاحتراما لاسم الرب لم يقدروا ان يمسوهم ولكن لو نظرنا اليها من وجهة نظر المعاهده نفسها فهم لم يحددوا الاسم والبعد ولهذا فالمعاهده ساريه ايضا

وتذمر الجماعه لانهم اعتقدوا انهم يخسر بعضهم نصيبه لو لم يحرما الجبعونيين ولكن الرب عنده منازل كثيره

وايضا تذمروا لانهم بدؤا يشتهوا الغنيمه وهذا غير جيد فسمح الرب ان يتركوا الجبعونيين لكي يتدربوا علي قمع شهواتهم

19 فقال جميع الرؤساء لكل الجماعة: إننا قد حلفنا لهم بالرب إله إسرائيل. والآن لا نتمكن من مسهم

20 هذا نصنعه لهم ونستحييهم فلا يكون علينا سخط من أجل الحلف الذي حلفنا لهم

ونري هنا انهم لم يسالوا الرب مره ثانيه ولكن خشيتهم بسبب استخدام اسم الرب في الحلف فخافوا ان يخالفوا العهد ولكن نفس العهد فيه مبدا انهم قبلوا العبوديه لشعب اسرائيل واله اسرائيل

21 وقال لهم الرؤساء: يحيون ويكونون محتطبي حطب ومستقي ماء لكل الجماعة كما كلمهم الرؤساء

22 فدعاهم يشوع وكلمهم قائلا: لماذا خدعتمونا قائلين: نحن بعيدون عنكم جدا، وأنتم ساكنون في وسطنا

23 فالآن ملعونون أنتم . فلا ينقطع منكم العبيد ومحتطبو الحطب ومستقو الماء لبيت إلهي

24 فأجابوا يشوع وقالوا : أخبر عبيدك إخبارا بما أمر به الرب إلهك موسى عبده أن يعطيكم كل الأرض، ويبيد جميع سكان الأرض من أمامكم. فخفنا جدا على أنفسنا من قبلكم، ففعلنا هذا الأمر

25 والآن فهوذا نحن بيدك، فافعل بنا ما هو صالح وحق في عينيك أن تعمل

وهو رغم خطيتهم ولكن يظهروا روح التوبه والتسليم لحكم الرب وهذا بالحقيقه امر جيد ولهذا كافئهم الرب بعدم موتهم وقبول التوبه

26 ففعل بهم هكذا، وأنقذهم من يد بني إسرائيل فلم يقتلوهم

27 وجعلهم يشوع في ذلك اليوم محتطبي حطب ومستقي ماء للجماعة ولمذبح الرب إلى هذا اليوم، في المكان الذي يختاره

بل اخذوا اكثر من ذلك وهو ان يكونوا مستقي ماء لمذبح الرب وهذا كان فيها كرامه لهم ولكن ايضا كان عقاب في انهم يحتطبوا

ولاجل خطا اسرائيل لانهم لم يستشيروا الرب كان الجبعونيين شوكه في جسد اسرائيل فيما بعد مثلما حدث في ايام شاول وايام داود



والمعني الروحي

من تفسير ابونا تادرس يعقوب واقوال الاباء

كثيرًا ما تحدث آباء الكنيسة عن خداعات العدو ومكره حتى نحذره؛ تارة يظهر عنيفًا وقويًا وصاحب سلطان ومحاط بأسوار ضخمة كأريحا حتى يرهبنا فنيأس، وتارة يتصاغر جدًا في أعيننا لكي نستهين به كعاي ولا نستعد روحيًا لملاقاته، وثالثة يبدو كصديق أو حتى كملاك نور لكي يخدعنا وندخل معه في عهود كما فعل بني جبعون. يقول القديس أُغسطينوس: [لا تظن الشطان قد فقد شراسته، ولهذا فحين يُمالقك يجب أن تزيد خشيتك منه[155]]. كما يقول: [هوذا المجرب يأتيني في شكل ملاك نور، لكنه باطلاً يحاول أن يخدعني لأنك أنت توبخه، إذ تهبني قدرة على ادراك ضياء نور إلهي[156]]. وأيضًا يقول: [أنه عدو ماكر ومخادع، بدون نورك لا يمكننا ادراك طرقه الملتوية، ولا معرفة أشكال وجهه المتعدده، تارة نراه هنا وتارة هناك تارة يظهر كحمل وأخرى كذئب، تارة يظهر كنور وأخرى كظلام، يعرف كيف يتغير ويغير خططه مع تغير ظروف الإنسان وأوقاته وأماكنه. فلكي يخدع المتعبين يحزن معهم، ولكي يجتذب القلوب يلوث أجواء فرحهم، ولكي يقتل الحارين في الروح يظهر لهم في شكل حمل، ولكي يفترس ذوي الحياء يتحول إلى ذئب... من يقدر أن يميز طرق مكره المختلفة؟! من يقدر أن يكتشف دائمًا ذاك المتنكر خفية؟! من ذا الذي أحصى عدد أنيابه المرعبة؟! سهامه يخفيها في جبعته، وحيله يخبئها إلى اللحظة المناسبة للسقوط. إلهي، يا من أنت هو رجائي، بدون نورك الذي نعاين به كل شيء علينا اكتشاف مناورات الشيطان وحيله! [157]].

لقد أخطأ يشوع أذ صدقهم وحلف لهم، لهذا يحدثنا القديس يوحنا الذهبي الفم من إستخدام القسم، قائلاً: [حقًا كان هذا القسم فخًا من الشيطان!... ليتنا نفلت من كل شرك ومن كل فخ شيطاني[158]].

ومع أن القديس أمبروسيوس انتقد يشوع لتصديقه الرجال بسرعة دون استشارة الله، لكنه رأى في تصرفه علامة طيبة قلبه، إذ حكم عليه حسب قلبه البسيط. إنه يقول: [من يقدر أن يجد خطأ في القديسين في هذا الأمر؟ إنهم يظنون أن الآخرين يحملون ذات المشاعر التي لهم، ويفترضون أن ليس فيهم من يكذب، ذلك لأن الصديق هو في صحبتهم على الدوام. لا يعرفون ما هو الخداع، وبفرح يصدقون الغير، لأنهم هم أنفسهم صادقون. لا يتسرب الشك إليهم في الآخرين فيما هم ليسوا عليه... ليتنا لا نلوم فيه سرعة تصديقه بل بالحري نمدح صلاحه[159]].

إِكتشف يشوع ورجاله حيلة بني جبعون بعد ثلاثة أيام، وأدركوا أنهم قريبون منم جدًا وأنه ساكنون في وسطهم. نعود إلى سرّ الأيام الثلاثة التي كثيرًا ما تحدثنا عنه في هذا السفر كما في الأسفار السابقة، فخلال إيماننا بالثالوث القدوس تنفضح حيل إبليس وخداعاته. عندما نقبل الله كأب لنا ندخل إلى أحضانه الأبوية بثبوتنا في إبنه الوحيد كأعضاء جسده المقدس، خلال عمل روحه القدوس فينا بالمعمودية كما في التوبة إلخ... لا يقدر العدو أن يخدعنا ولا أن يحسب قلبنا من أبينا السماوي. إيماننا العملي الحّي، وتمتعنا بسرّ الثالوث لا كفكر فلسفي أو عقيدة ذهنية وإنما كسرّ شركتنا معه يحمينا من كل هجمات شيطانية. والأيام الثلاثة أيضًا تُشير إلى سرّ قيامتنا مع المسيح حيث نُدفن معه أيضًا ثلاثة أيام لنقوم معه. فالإنسان الذي له الحياة المقامة في الرب وينعم ببهجتها يحيا دومًا فوق كل حيل العدو وخداعاته!

إذن لنهرب من خداعات بني جبعون بقبولنا الثالوث القدوس كسرّ حياة لنا، وتمتعنا بالحياة المقامة في المسيح يسوع ربنا القائم من الأموات.



والمجد لله دائما