«  الرجوع   طباعة  »

هل يوجد تناقض بين وقت تسليم روح المسيح وانشقاق حجاب الهيكل ؟ متي 27: 51 و مؤقس 15: 38 و لوقا 23: 45

 

Holy_bible_1

 

الشبهة 

 

مَتَّى
اَلأَصْحَاحُ اَلسَّابِعُ وَاَلْعِشْرُونَ
50
فَصَرَخَ يَسُوعُ أَيْضاً بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَأَسْلَمَ اَلرُّوحَ. 51وَإِذَا حِجَابُ اَلْهَيْكَلِ قَدِ اَنْشَقَّ إِلَى اَثْنَيْنِ مِنْ فَوْقُ إِلَى أَسْفَلُ. وَاَلأَرْضُ تَزَلْزَلَتْ وَاَلصُّخُورُ تَشَقَّقَتْ
لُوقَا
اَلأَصْحَاحُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ
45وَأَظْلَمَتِ الشَّمْسُ وَانْشَقَّ حِجَابُ الْهَيْكَلِ مِنْ وَسَطِهِ. 46وَنَادَى يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: "يَا أَبَتَاهُ فِي يَدَيْكَ أَسْتَوْدِعُ رُوحِي". وَلَمَّا قَالَ هَذَا أَسْلَمَ الرُّوحَ
يقول ان يسوع مات وبعد ذلك انشق حجاب الهيكل والارض تزلزلت والصخور تشققت
اما النص الثانى فالشمس اظلمت وانشق حجاب الهيكل وبعدها مات يسوع  وايضا اشقاق الحجاب من وسطه بخلاف النص الاول من فوق الى اسفل 

 

الرد

 

الرد باختصار شديد في البداية هو ان معلمنا لوقا في هذه الاعداد اتبع الاسلوب الادبي المعروف الاجمال ثم التفصيل وهذا اتى كثيرا في العهد القديم وساشرح ذلك لاحقا 

ولكن لاقدم رد بشيئ من التفصيل اقسم الرد الي 

لغوي 

تاريخي 

سياق الكلام 

 

اولا لغويا 

متي البشير يقول تعبيرين مهمين يجب ان نفهمهم 

انجيل متي 27

45 وَمِنَ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ كَانَتْ ظُلْمَةٌ عَلَى كُلِّ الأَرْضِ إِلَى السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ.
46 وَ
نَحْوَ السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ صَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلاً: «إِيلِي، إِيلِي، لِمَا شَبَقْتَنِي؟» أَيْ: إِلهِي، إِلهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟
47 فَقَوْمٌ مِنَ الْوَاقِفِينَ هُنَاكَ لَمَّا سَمِعُوا قَالُوا: «إِنَّهُ يُنَادِي إِيلِيَّا».

48 وَلِلْوَقْتِ رَكَضَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَأَخَذَ إِسْفِنْجَةً وَمَلأَهَا خَلاً وَجَعَلَهَا عَلَى قَصَبَةٍ وَسَقَاهُ.

49 وَأَمَّا الْبَاقُونَ فَقَالُوا: «اتْرُكْ. لِنَرَى هَلْ يَأْتِي إِيلِيَّا يُخَلِّصُهُ!».

50 فَصَرَخَ يَسُوعُ أَيْضًا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ، وَأَسْلَمَ الرُّوحَ.

51 
وَإِذَا حِجَابُ الْهَيْكَلِ قَدِ انْشَقَّ إِلَى اثْنَيْنِ، مِنْ فَوْقُ إِلَى أَسْفَلُ. وَالأَرْضُ تَزَلْزَلَتْ، وَالصُّخُورُ تَشَقَّقَتْ،
52 وَالْقُبُورُ تَفَتَّحَتْ، وَقَامَ كَثِيرٌ مِنْ أَجْسَادِ الْقِدِّيسِينَ الرَّاقِدِينَ

اولا تعبير ونحو ( بيري دي )

περι about 4012 PREP  δε And 1161 CONJ

G4012

περί

peri

Thayer Definition:

1) about, concerning, on account of, because of, around, near

Part of Speech: preposition

A Related Word by Thayer’s/Strong’s Number: from the base of G4008

Citing in TDNT: 6:53, 827

نحو متعلق بي علي حساب بسبب قرب اقترب

فهي غالبا تعبر عن قرب الشيء او كاد ان يحدث 

اما التعبير الثاني المهم 

واذا ( كاي ايدو ) 

και And 2532 CONJ  ιδου behold 2400 V-2AAM-2S

وكلمة ايدو 

قاموس سترونج

G2400

ἰδού

idou

id-oo'

Second person singular imperative middle voice of G1492; used as imperative lo!: - behold, lo, see.

مفرد شخص ثاني ( اي المتكلم ) وهو صوت تنبيه بمعني انظر بسرعه

قاموس ثايور

G2400

ἰδού

idou

Thayer Definition:

1) behold, see, lo

Part of Speech: particle

A Related Word by Thayer’s/Strong’s Number: second person singular imperative middle voice of G1492

ايضا تعبير لفت انتباه  

فهو تعبير يعبر عن حدوث حدث مدهش في نفس الوقت مصاحب لحدث اخر

 الكلمه الثالثه وهي 

قد انشق 

σχισθη was rent 4977 V-API-3S

وهو فعل جاء تصريفه 

V-API-3S

Part of Speech: Verb

Tense: Aorist

Voice: Passive

Mood: Indicative

Person: third [he/she/it]

Number: Singular

فعل ماضي تام مبني للمجهول ارشادي ضمير غائب مفرد

فهو يقول عندما اسلم المسيح الروح كان حجاب الهيكل قد انشق في نفس الوقت وليس بعده 

اذا نفهم لفظيا من متي البشير ان حادث تسليم الروح هو كان مصاحب في نفس الوقت لاكتشاف ان حجاب الهيكل قد انشق بالفعل في نفس الوقت  

 

انجيل مرقس 15

37 فَصَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَأَسْلَمَ الرُّوحَ.
38 
وَانْشَقَّ حِجَابُ الْهَيْكَلِ إِلَى اثْنَيْنِ، مِنْ فَوْقُ إِلَى أَسْفَلُ.

وتصريف فعل انشق

εσχισθη was rent 4977 V-API-3S

هو نفس تصريف الفعل الذي جاء في متي

V-API-3S

Part of Speech: Verb

Tense: Aorist

Voice: Passive

Mood: Indicative

Person: third [he/she/it]

Number: Singular

فهو ايضا يعطي نفس المعني تماما 

اذا نفهم لفظيا من مرقس البشير ان حادث تسليم الروح هو كان مصاحب في نفس الوقت لاكتشاف ان حجاب الهيكل قد انشق بالفعل في نفس الوقت  

 

انجيل لوقا 23

44 وَكَانَ نَحْوُ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ، فَكَانَتْ ظُلْمَةٌ عَلَى الأَرْضِ كُلِّهَا إِلَى السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ.
45 وَأَظْلَمَتِ الشَّمْسُ، وَانْشَقَّ حِجَابُ الْهَيْكَلِ مِنْ وَسْطِهِ.

46 وَنَادَى يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَقَالَ: «يَا أَبَتَاهُ، فِي يَدَيْكَ أَسْتَوْدِعُ رُوحِي». وَلَمَّا قَالَ هذَا أَسْلَمَ الرُّوحَ.
 

وهنا نلاحظ لفظيا 

تعبير وكان نحو 

ην it was 2258 V-IXI-3S  δε And 1161 CONJ  ωσει about 5616 ADV  

G2258

ἦν

ēn

ane

Imperfect of G1510; I (thou, etc.) was (wast or were): - + agree, be, X have (+ charge of), hold, use, was (-t), were.

ناقص كنت + توافق او تحتوي او تحوز 

وهي تستخدم كثيرا بمعني احداث اثناء وقت معين او ما يعنيه وهو الاجمال 

وكلمة نحو 

G5616

ὡσεί

hōsei

ho-si'

From G5613 and G1487as if: - about, as (it had been, it were), like (as).

نحو يشبه كان فيه 

فالتعبير اعتقد اتضح اكثر رغم ان التراجم العربيه كانت كافيه ولكن بدراسة الالفاظ اليوناني اتضح اكثر

بمعني ان لوقا البشير يقول ان من الساعه السادسه الي التاسعه اي هذه الفتره الزمنية حدث كذا وكذا وكذا خلالها فهو يقول ماحدث في هذه الفتره 

 

تاريخيا 

شرحت سابقا في ملف 

هل انشقاق حجاب الهيكل حقيقة تاريخية ؟  

وشرحت الحجاب 

حجاب الهيكل هو الغطاء الذي يفصل بين القدس وقدس الاقداس 

كان إرتفاع هيكل سليمان 30 ذراع (ملوك الأول 6: 2)، ولكن هيرودس زاد هذا الإرتفاع إلى 40 ذراع وفقاً لكتابات يوسيفوس، أحد المؤرخين اليهود من القرن الأول. هناك خلاف حول مقدار قياس الذراع بالتحديد ولكن يمكننا القول بأن هذا الحجاب كان ما يقرب من 60 قدماً في الإرتفاع. يقول يوسيفوس أيضاً أن الحجاب كان سمكه 4 بوصات وأنه لو تم ربط حصانين على طرفيه لما أمكنهما تمزيقه. يقول سفر الخروج أن هذا الحجاب السميك كان مصنوعاً من أسمانجوني، وأرجوان وقرمز وبوص مبروم صنعة حائك حاذق. فهو كما يقول التلمود والمؤرّخ الكنسي ‏الذي من أصل يهودي أدرشيم ، مُكَوَّن من 72 مربعًا منسوجًا معًا وكان ثقيلاً ‏لدرجة أنَّه يحتاج إلي 300 كاهن ليُعمل كل منها، وهو ضخم وغالي الثمن جدًا، ‏

 

وصورة توضيحية للحجاب

من الداخل 

http://www.fbbc.info/discipleship/bigpicture/i00015.jpg

من الخارج  

http://www.fbbc.info/discipleship/bigpicture/i00016.jpg

انشقاقه

http://www.fbbc.info/discipleship/bigpicture/i00014.jpg

http://www.fbbc.info/discipleship/bigpicture/i00021.jpg

 

والان سياق الكلام 

فهمنا من متي البشير ومرقس البشير لغويا ان حادثة تسليم الروح حدثت في نفس وقت اشقاق الحجاب ومن هذا لو جاء احد يتكلم عن فعلين متلازمين حدثا في نفس الوقت فهل يفرق الترتيب ؟ اعتقد من المنطق ان تكون الاجابه لا فبعد توضيح انهما حدثا معا لايهم الترتيب لانهما في نفس الوقت. 

ولكن المهم هل لوقا قال ان تسليم الروح بعد انشقاق الهيكل ؟ الحقيقه لوقا البشير لم يقل هذا فلا يوجد تعبير وبعد هذا او بعد انشقاق الحجاب 

ولكن هو استخدم اسلوب لغوي رائع تفصيل بعد اجمال. 

وهذا شرحته سابقا في العهد القديم وبخاصه الفرق بين سفر التكوين 1 و 2 وايضا في سفر التكوين 10 

انجيل لوقا 23

44 وَكَانَ نَحْوُ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ، فَكَانَتْ ظُلْمَةٌ عَلَى الأَرْضِ كُلِّهَا إِلَى السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ.
45 وَأَظْلَمَتِ الشَّمْسُ، وَانْشَقَّ حِجَابُ الْهَيْكَلِ مِنْ وَسْطِهِ.

46 وَنَادَى يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَقَالَ: «يَا أَبَتَاهُ، فِي يَدَيْكَ أَسْتَوْدِعُ رُوحِي». وَلَمَّا قَالَ هذَا أَسْلَمَ الرُّوحَ.
 

 فمعلمنا لوقا يقول ان ما حدث بين الساعه السادسه الي التاسعه هو الاتي 

اظلمت الشمس وانشقاق حجاب الهيكل ثم يركز علي الحدث المهم في هذا الوقت وهو تسليم الروح 

فهو لم يقول ان تسليم الروح بعد انشقاق الحجاب ولكنه ببساطه يقول ان الاحداث كذا وكذا واهم حدث في هذا الوقت هو تسليم الروح فلهذا هو لا يخالف ترتيب لامتي البشير ولا مرقس البشير 

 

اضيف ايضا شيئ صغير بعد ان تم الرد علي الشبه الاولي وهي ان الحجاب كما قدمت هو ضخم وسميك جدا ( اربع بوصات سمكه ) هل نتخيل ان حجاب مثل هذا سينشق في لحظه ؟ ام ان انشقاقه اخذ دقائق قليلة او كثيره ؟ ومن يريد فعليه ان يحضر قماش سميك ويطبقه طبقات كثيره حتي يصل سمكها اربع بوصات سم يبدا في سقها بمقص او بقاطع او بمنشار او بغيره وليرى كم من الوقت يستغرق ذلك ويحسب بطول الحجاب كله كم يستغرق من الوقت 

فبدأ ينشق بالفعل مع بداية صراخ السيد المسيح وانتهي انشقاقه بعد ان اسلم الروح وبهذا نفهم اكثر ان الاناجيل لا تكرر بعض ولا تناقض بعض بل تكمل بعض تعطي تجسيم لمشهد الصلب بطريقه رائعه فنحن نري مشهد ان مع صرخة المسيبح بدا الحجاب في الانشقاق وبدات الارض ترتج وبدات الصخور تتشقق ويستمر الشق قدما في الحجاب والمسيح يسلم الروح ويستمر الشق في التوسع والكبر حتي ينتهي بعد ان يكون المسيح اسلم الروح بالفعل 

وهذا التجسيم للمشهد كتبه المبشرين بارشاد الروح القدس ويفهمها الروحيين . 

 

اما الجزء الثاني فالرد عليه باختصار 

انجيل متي 27 

51 وَإِذَا حِجَابُ الْهَيْكَلِ قَدِ انْشَقَّ إِلَى اثْنَيْنِ، مِنْ فَوْقُ إِلَى أَسْفَلُ. وَالأَرْضُ تَزَلْزَلَتْ، وَالصُّخُورُ تَشَقَّقَتْ، 

فهنا نفهم ان معلمنا متي البشير يتكلم عن الشق الطولي اي انه انشق بالطول من اعلي الي اسفل 

ولكن هذا الشق الطولي الذي اتجاهه من اعلي الي اسفل قد يكون في الربع الاول او في النصف او في الربع الثالث بمعني هل الشق الذي تم من اعلي الي اسفل هل ترك نصفين متساويين ام جزء اكبر من الاخر ؟

ويجيب عن هذا السؤال بطريقة تكميلية معلمنا لوقا البشير رغم انه لا ينقل من متي البشير 

انجيل لوقا 23
45 وَأَظْلَمَتِ الشَّمْسُ، وَانْشَقَّ حِجَابُ الْهَيْكَلِ مِنْ وَسْطِهِ.

فهو يحدد ان الشق الطولي الذي كان من اعلي الي اسفل هو تم في المنتصف 

وهذا لان الحجاب بالفعل معلق علي عدد من الاعمدة 

سفر الخروج 26

31 «وَتَصْنَعُ حِجَابًا مِنْ أَسْمَانْجُونِيٍّ وَأُرْجُوَانٍ وَقِرْمِزٍ وَبُوصٍ مَبْرُومٍ. صَنْعَةَ حَائِكٍ حَاذِق يَصْنَعُهُ بِكَرُوبِيمَ.
32 وَتَجْعَلُهُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَعْمِدَةٍ مِنْ سَنْطٍ مُغَشَّاةٍ بِذَهَبٍ. رُزَزُهَا مِنْ ذَهَبٍ. عَلَى أَرْبَعِ قَوَاعِدَ مِنْ فِضَّةٍ.
33 وَتَجْعَلُ الْحِجَابَ تَحْتَ الأَشِظَّةِ. وَتُدْخِلُ إِلَى هُنَاكَ دَاخِلَ الْحِجَابِ تَابُوتَ الشَّهَادَةِ، فَيَفْصِلُ لَكُمُ الْحِجَابُ بَيْنَ الْقُدْسِ وَقُدْسِ الأَقْدَاسِ
.

فهو يوضح ان الشق الطولي هو حدث في المنتصف بين العمودين الذين في الوسط 

C:\Users\Holy\Desktop\2.jpg

فلهذا لايوجد تناقض بل الامر واضح 

ولكن بعد ان تم الرد علي الشبهة . الامر المهم هو ان المبشرين بارشاد الروح القدس شرحوا بطريقة تكميلية تؤكد انشقاق الحجاب وانه حدث في نفس وقت تسليم الروح لان صرخة المسيح وقت تسليم الروح هذه هزت الارض كلها لان اله الكون كله صرخ علي عود الصليب فلهذا لابد ان تهتز الارض وتظلم الشمس وينشق الحجاب وتتشقق الصخور في نفس وقت صراخه وتسليم الروح 

 

ثانيا توضيح ان الشق من اعلي الي اسفل لانه مثبت من اعلي اي مركز قوته فهو لم ينهار من طرف او لم يقطعه احد من اسفل لانه مستحيل ان يصل احد الي اعلي الحجاب ويقطعه. فهذا يؤكد عمل الله وليس عمل بشري ديليل علي مكانة المصلوب .  

بل هذا يدل ايضا كما قدمت ان انشقاقه استغرق وقت حتي يلاحظ الكهنة انه بدا ينشق من اعلي متجها الي اسفل لانه لو حدث فجأه لما عرفوا اتجاه الشق وكيف حدث  

واخيرا المعني الروحي

من تفسير ابونا تادرس يعقوب واقوال الاباء

انشقاق حجاب الهيكل

"وانشق حجاب الهيكل إلى اثنين من فوق إلى أسفل" [38].

لماذا انشق حجاب الهيكل عندما أسلم السيد المسيح الروح؟

أولًا: سبق فأعلن السيد المسيح أنه يسلم الروح بسلطان، ويتقبلها ثانية بسلطان وليس عن ضعف، إذ قال: "ليس أحد يأخذها مني، بل أضعها أنا من ذاتي، لي سلطان أن أضعها، ولي سلطان أن آخذها أيضًا" (يو 10: 8).وقد جاءت أحداث الصلب تعلن ذلك، إذ يقول القديس يوحنا الذهبي الفم:[هذه الصرخة شقت الحجاب وفتحت القبور وجعلت البيت خرابًا.فعل ذلك ليس إهانة للَّهيكل، وإنما إعلانًا عن أنهم غير مستحقين لسكناه، كما سبق فسلمه قبلًا للبابليين[372].]بصرخته أعلن سلطانه، فشق حجاب الهيكل، مؤكدًا حزن الهيكل على ما يفعله العابدون فيه، معلنًا رفضه لعبادتهم بعد أن لطخوا أيديهم بالدم البريء في قسوة وتجاسر وحسد!

ثانيًا: يقدم لنا الرسول بولس مفهومًا لاهوتيًا لانشقاق الحجاب في رسالته إلى العبرانيين ألا وهو انفتاح المقادس السماوية أمامنا بذبيحة الصليب.فالحجاب الذي يفصل قدس الأقداس عن القدس يشير إلى عجز الإنسان عن تمتعه بالأقداس الإلهية السماوية، وقد جاء السيد المسيح يفتح طريق السماء بدمه، ويدخل بنا إلى حضن أبيه ننعم بمقدساته. فمن كلماته: "الذي هو لنا كمرساة للنفس مؤتمنة وثابتة تدخل إلى ما داخل الحجاب، حيث دخل يسوع كسابقٍ لأجلنا صائرًا على رتبة ملكي صادق رئيس كهنة إلى الأبد" (عب 6: 19-20).مرة أخرى يقول: "ليس بدم تيوس وعجول بل بدم نفسه دخل مرة واحدة إلى الأقداس فوجد فداء أبديًا(عب 9: 12؛ راجع عب 9: 10).

في نص منسوب للقديس جيروم جاء [انشق حجاب الهيكل وانفتحت السماوات.]

يقول القديس أمبروسيوس: [انشق حجاب الهيكل حتى تعبر نفوسنا وأرواحنا إلى الله وتراه وجهًا لوجه، وتعاين الأسرار الخفية[373].]

ثالثًا: لعل انشقاق حجاب الهيكل يعني انفتاح الباب للأمم، الذين لم يكن ممكنًا لهم أن يشتركوا مع اليهود في العبادة داخل الهيكل. هذا ما أعلنه الرسول بولس بقوله: "لأنه هو سلامنا الذي جعل الاثنين واحدًا، ونقض حائط سياج المتوسط، أي العداوة، مبطلًا بجسده ناموس الوصايا في فرائض، لكي يخلق الاثنين في نفسه إنسانًا واحدًا جديدًا صانعًا سلامًا، ويصالح الاثنين في جسد واحد مع الله بالصليب، قاتلًا العداوة به" (أف 2: 14-16).

 

والمجد لله دائما