انجيل يهوذا الابكريفي فكرة مختصرة عن الغنوسية

 

Holy_bible_1

 

اولا فكرة مختصرة عن الغنوسية 

الغنوسية هي من الكلمة اليوناني γνῶσις جنوسيس التي تعني المعرفة 

تعود جذور الغنوسية الي ما قبل الميلاد بعدة قرون وهي ديانة شرقية المصدر وهذا ما شرحه كل من Gieseler and Neander 

THE CATHOLIC ENCYCLOPEDIAGnosticism

وبحث العالم M. Friedländer ان جذورها قبل المسيحية فوجد ان تعبير منيم اليهودي Minnim الذي يعني مؤمن ولكن تعبير antinomian هو وصف للغنوسيين الذين تعرف عليهم اليهود قبل الميلاد وهذا في كتابات الربوات اليهود قبل الميلاد

ولكن البعض اختلف عن مكان بدايتها فبينما قال F. Ch. Bauer (1831) and Lassen (1858) انها تعود الي الهند ولكن Lipsius (1860) اشار الي ان جزورها تعود الي سورية وفينيقية. وهي نشات بسبب تاثير بعض الفلسفات والاساطير اليونانية كما شرح كل من Joel (1880), Weingarten (1881), Koffmane (1881), Anrich (1894), and Wobbermin (1896)

وقد وجد كلمة غنوسي  gnothiفي معبد ديلفيtemple Delphi (323 ق م) موضحا انها ايضا كانت لها جذور الي حد ما في اليونان 

وهذه الفلسفة والديانة انتشرت في الاسكندرية فقد وضح جول Joel ان لها جذور في فكر افلاطون (428 ق م الي 348 ق م) 

THE CATHOLIC ENCYCLOPEDIA, Gnosticism

International Standard Bible Encyclopedia: E-J p490

وايضا هي اخذت من البوذية بعض العناصر من القرن الثالث ق م 

Pagels, Elaine (1979, repr. 1989). The Gnostic Gospels, p. xxi.

The Eastern Buddhist Society paper (1981) 

فواضح انها مرت بعدت مراحل من التطور والتغيير مثلها مثل الكثير من الديانات والفلسفات اليونانية. ولما ظهرت المسيحية ولانهم محبين للمعرفة بدؤا يدرسوا المسيحية وياخذوا منها بعض الافكار التي تتفق مع فلسفاتهم واعجبهم جدا شخص المسيح واصبحت هذه الشيع والفلسفات تخلط ما بين الغنوسية القديمة بتنوعها وبين بعض الافكار المسيحية في مزيج تبلور في الفكر الغنوسي والكتابات الغنوسية في مصر في القرن الثاني وما بعده. ولكنها كما يقول لاتوريت لم تكن ملتزمة بالزي المسيحي فقط انما انتشرت بالوان مختلفة في منطقة البحر المتوسط اتاخذ من الاساطير الاغريقية والثنائية الافلاطونية والمفاهيم السريانية والثنائية الفارسية والديانات السرية والديانات المصرية وتحاول ان توفق بينهم.

فهي كانت تاخذ من المسيحية بعض الافكار وتربط ما بين فلسفاتهم والمسيح 

Kenneth Scott Latourette: A History of Christianity, N Y, Harper & Ro, 1953, p. 123

يحاول بعض النقديين في اخر 25 سنة وبخاصة بعد انتشار مخطوطات نجع حمادي ادعاء انها هي بعد المسيحيية فقط ليعتبروها هرطقة مسيحية ولكن جذورها قبل المسيحية ظاهرة ومثبته بابحاث علماء كثيرين. ويحاول البعض يحيها وهي ما يسمى بحركة العصر الجديدة New Age Movement بحركة إحياء الغنوسية.

والمسيحية من بدايتها رفضة اي محاولة تسلل من هذه الفلسفات الي الفكر المسيحي فقاومها الرسل انفسهم ففي العصر الرسولي، قبل ظهور حركة الغنوسية كمدرسةٍ أو كمدارسٍ، أو كفرقٍ منشقّة، عالج الرسل التعاليم الخاطئة التي حملت الأفكار الغنوسية. ظهر ذلك في الصراع بين سيمون الساحر وبطرس الرسول (أع 8: 18-25)، وبين باريشوع وبولس الرسول (أع 13: 6). وايضا معلمنا بولس الرسول الذي يرد عليهم كثيرا في رسالته الي غلاطية وايضا كما يقول لأنه يوجد إله واحد ووسيط واحد بين الله والناس، الإنسان يسوع المسيح" (1 تى 5:2). فلا يوجد عدة ايونات بل طريق واحد للخلاص وهو المسيح وهو الله وهو ايضا الوسيط. ويمكننا إدراك هذا من رسائل الرسولين بولس ويوحنا ضد الذين ينكرون حقيقة تجسد المسيح، وقيامة الجسد، ويهاجمون الأخلاقيات المسيحية، ويتطلعون إلى الزواج كنجاسة. وقاوم يوحنا الرسول الفكر الغنوسي بصراحة في رسائله، إذ قال

رسالة يوحنا الرسول الأولي 4

1 أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، لاَ تُصَدِّقُوا كُلَّ رُوحٍ، بَلِ امْتَحِنُوا الأَرْوَاحَ: هَلْ هِيَ مِنَ اللهِ؟ لأَنَّ أَنْبِيَاءَ كَذَبَةً كَثِيرِينَ قَدْ خَرَجُوا إِلَى الْعَالَمِ.
2 بِهذَا تَعْرِفُونَ رُوحَ اللهِ: كُلُّ رُوحٍ يَعْتَرِفُ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الْجَسَدِ فَهُوَ مِنَ اللهِ،
3 وَكُلُّ رُوحٍ لاَ يَعْتَرِفُ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الْجَسَدِ، فَلَيْسَ مِنَ اللهِ. وَهذَا هُوَ رُوحُ ضِدِّ الْمَسِيحِ الَّذِي سَمِعْتُمْ أَنَّهُ يَأْتِي، وَالآنَ هُوَ فِي الْعَالَمِ.

 

رسالة يوحنا الرسول الثانية 1: 7

 

لأَنَّهُ قَدْ دَخَلَ إِلَى الْعَالَمِ مُضِلُّونَ كَثِيرُونَ، لاَ يَعْتَرِفُونَ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ آتِيًا فِي الْجَسَدِهذَا هُوَ الْمُضِلُّ، وَالضِّدُّ لِلْمَسِيحِ.

 

كما هاجمهم القديس أغناطيوس أسقف أنطاكية تلميذ بطرس الرسول والقديس ارينيؤس في كتاباته ضد الهرطقات 

ولاجل قوة دفاع الاباء استمر الفكر المسيحي نقي من هذه الافكار الخاطئة فيقول هيجيسبوس Hegesippus الي نهاية العصر الرسولي استمرت الكنيسة عذراء طاهرة والذين سعوا لتغيير النظام السليم للكرازة كانوا يعملون في الظلام في الخفاء. وكانت لهذه المحاولات ايضا فائدتها للمسيحيية فقد اهتمت الكنائس من البداية لتحافظ على الايمان الرسولي السليم بان تصيغ معتقداتها وتضع لتروجياتها وصلواتها في صيغ واضحة محددة لكي لا يتسلل هذه الافكار الغنوسية اليها. 

 

فكر الغنوسيين 

هي مجموعة من الفلسفات الباطنية المعقدة ومجموعة من الحركات الدينية المتداخلة كثير منها لا علاقة له على الاطلاق بالمسيحية ولكن بعضها اخذ منحنى جديد عندما بدا ياخذ من المسيحية. فهي ليست ديانة او عقيدة اتي بها رجل ادعى النبوة وضع فكر محدد الاركان ولكنها خليط من افكار فلسفية شرقية عديدة اشترك اصحابها رغم اختلاف مبادئهم في شيء واحد اساسي وهو حب المعرفة وعندما اختلط الفكر الهيليني الفلسفي اليوناني مع الثقافات الشرقية مثل مصر وبابل وفارس والهند بعد فتوحات الاسكندر الاكبر وتوسع الامبراطورية اليونانية بدات صراعات بين الفلسفات اليونانية والافكار الشرقية والديانات المختلفة وبخاصة انها جذبت الكثيرين من ديانتهم وجعلتهم مهتمين بعالم ما فوق الطبيعة او الميتافيزيقيا وانصاف الالهة وعلاقة الانسان بالالهة ولكنها ايضا تاثرت بفكر الديانات هذه عن وجود الهين اله للخير واله للشر والصراع بينهما وعلاقتهما بالخير وبالشر الذي يصيب الانسان. فبالتدريج خلط اصحاب هذا الفكر بين الفلسفة الافلاطونية والاغريقية والهليسينية والفكر المصري القديم مع بعض التقاليد الهندية والبابلية والفارسية وبخاصة اجزاء من الزرادشتية والتي تعتمد على الثنائية اي الخير والشر النور والظلمة

 Adv. Lucif. 23. 

The Creeds p. 34

واصبحت هي فلسفة البحث عن الاله الغير مدرك الذي انبعث منه الايونات وهي عبادة عدة الهة منها الاله الاكبر الغير مدرك واسمى من ان يتعامل مع المادة فلا يعرفه مخلوق مادي وهو روح فقط مطلق واخذ عدة اسماء مثل الملئ او البليروما πληρωμα وايضا اسم العمق وهو بيثوس Βυθος وهو مصدر انبثاقات القوي الروحية التي تدرجت في الانبثاقات الي انبثاقات الارواح فهو خرجت من الانبثاقات التي تسمى انبعاثات الايونات αιωνος 

البعض يقول عنها عددها غير محدود من الانبثاقات والبعض يحدها في 365 انبعاث وكل ايون انبثق هو ايضا انبثق منه 365 ايون اخر وكل ايون اخر منهم انبثق منه 365 ايون وهكذا مالا نهاية. هذه الانبثاقات مختلفة في المرتبات فمنها الاعلي ومنها الاقل حسب قربها للبليروما 

A Comprehensive Study of Heretical Beliefs Spaning 2000 Years History

ومن هذه الانبثاقات الحكمة او الصوفيا التي تعتبر راقية ولكن كان بعضهم مثل الغنوسي فالنتينوس Valentinus يعتبرها من اكثر الايونات سوء وسقوط. هذا حسب ما جاء في كتابات القديس اكليمندوس الاسكندري والعلامة اوريجانوس. 

ومن الصوفيا انبثق ايون اخر وهو الديميورج Demiurge او نصف خالق وهو خلق العالم المادي والاجساد ولكنه لم يعرف يخلق الارواح فقام بخلق الاجساد فقط وحبس الارواح التي هي انبثاقات وانبعاثات كشرارة الهية في الاجساد وبهذا تحول في فكرهم الي اله الشر وله خدامه الذين يسمون ارخونات Archons او حكام. 

The Gnostic World View , A Brief Summary of Gnosticism

الخالق للعالم المادي الساقط الشرير وهو متعجرف، غالبًا ما يُدعي الديميرج Demiurge أي "الصانع"، هذا الذي خطأ يظن في نفسه إله وحيد. هذه الفرق الغنوسية أو شبه الغنوسية تحط منه وتسخر به، لأنه صانع للأمور المادية وهي تتحد معه، ولأنه لا يعرف الأب الطاهر للعالم الحقيقي غير المادي،. واعتبر فالنتينوس أن اله كتاب العبرانيين (العهد القديم) هذا الخالق الشرير خلق العالم المنظور، وهو مادة شريرة، لأننا نحن الأرواح النقية ارتبطنا بأجسام جسدانية. المسيح هو أيون له جسم ليسوع البشري، جاء ليحررنا من سجن المادية.

وبعضهم لم يتكلم عن انبعاثات كثيرة ولكن تكلم عن الهين متساويين وهو ما يسمى بالثنائية Dualism إله الخير ، الذي خلق كل الكائنات الروحية السمائية ، وإله الشر الذي خلق العالم وكل الأشياء الماديةوربطوا بين إله الشر وإله العهد القديم . وقالوا أن المعركة بين الخير والشر هي معركة بين مملكة النور ضد مملكة الظلمة وقال بعضهم إله الخير خلق الروح وقد وضعها إله الشر في مستوى أدني في سجن الجسد المادي الشرير . وهكذا فأن هدف البشرية هو الهروب من سجن الجسد المادي الشرير والعودة إلى أو التوحد مع إله الخير.

وايضا هذا تطور اكثر غالبا في القرن الثالث وبدا الامر ليس فقط صراع بين الالهين بل ايضا صراع بين الارخونات المتعددة وهي التي صنعت البشر.

فلهذا الانسان حسب هذه الفلسفات عنصرين الاول هو العنصر الالهي او الروح الذي هو في اصله انبثاق وشرارة الهية ابدي لا يموت والثاني هو الجسد المحبس الشرير الفاني وأن البشر يصارعون من أجل التحرر من سجن الجسد فالعالم المادي في نظرهم شرير يلزم أن يهرب منه الإنسان وذلك خلال المعرفة السرية لله الحقيقي.يتطلعون إلى العالم وإلى الجسد بكونهما السجن الذي فيه النفس حبيسة، يلزمها خلال المعرفة أن تتحرر منه وهم ينظرون ليس للاجساد فقط بانها شر ولكن الي العالم المادي كله شر في ذاته والشر لم يدخل الي العالم حسب فكرهم بل الشر اصلي في العالم. 

اتفقوا معًا على رفض انتساب مصدر المادة إلى الله العلي أو إله الصلاح. نشأت أنظمتهم على الفصل أو التناقض بين خالق الكون المادي Demiurge أو "الإله الخالق" وبين الكائن الإلهي الأعلى (الأسمى) غير المدرك. 

 وايضا يؤمنوا بالتناسخ Reincarnation اي ان الروح ممكن تعود بعد الموت وتنحبس في جسد اخر لو لم تتحرر بالمعرفة بالموت الاول ولهذا يحبوا المعرفة (غنوسي) واستمرت تبحث عن اسرار العالم العلوي وباستمرار افكارهم سرية بطريقة صوفية والاله يسلم الي احد اتباعه اسرار ولا يقولها لغيره لانها اسرار. ويؤمنوا بان البشير يجهلون طبيعتهم الاصلية والشرارة الالهية التي محبوسة في الجسد وطريقها الوحيد للتحرر هو بالمعرفة اي الغنوسية ولكن ان لم تصل الي مستوى المعرفة حتى لو مات الانسان تعود الشرارة الالهية مرة ثانية وتنحبس في جسد اخر. فالخلاص ليس من الخطية ولكن الخلاص هو من الجهل بالمعرفة فحسب تفسير افلاطون لكلمة غنوسي هو ان يعود الانسان الي الرؤيا الداخلية وتدريجيا يمكنه ان يصل الي الاستنتاج السليم ويتخلص من الحواس والاهواء ويعرف اسرار المنطق الذي يقوده ليعرف الكائن الاسمى

وعندما بدؤا يقتبسوا بعض الافكار من المسيحية اعتبروا المسيح وهو اللوجوس وهو المخلص ليس بصلبه وليس بالفداء ولكن بتعليمه وكشفه للأسرار ومفهوم الخلاص. فالخلاص، من وجهة نظرهم، يتم فقط من خلال المعرفة. وقالوا أن المسيح قد كشف المعرفة الضرورية للخلاص سرا لبعض من تلاميذه كل منهم على حدى ولذا فقد نادوا بوجود مجموعة من التعاليم السرية الخاصة جداً والتي زعموا أن المسيح قد كشفها وعلمها لتلاميذه. وفي بحثهم عن هذه التعاليم السرية التي تركها اللوغس المسيح لتلاميذه لينالوا الخلاص بالمعرفة زعموا وجود مجموعة من التعاليم السرية التي كتبوها في كتب ونسبوها لرسل المسيح وتلاميذه ومن هنا انتشر الكتب الغنوسية السرية التي نسبوها الي تلاميذ المسيح ورسله.

Robert Jonse Heresies & Schisms In Early Church

وبعضهم نسب لقادتهم مثل فالنتينوس الذي اخذ اجزاء من انجيل يوحنا البشير ورد عليه القديس ارينيؤس

Irenaeus Against Heresies b 3. 11

ولان الانبثاقات مختلفة المكانة فايضا يؤمنوا بان هناك مستويات روحية مختلفة للبشر فهناك بشر اقرب للمعرفة من اخرين ولهؤلاء ينكشف الاسرار اسرع من اخرين. والبعض قسمها الي ثلاث مرتبات 

الروحيون Pneumatics أو الكاملون أو المستنيرون أو العارفون بالله. هؤلاء الذين لهم نفوس مستنيرة. ففي تكوين البعض دخلت بذرة أو شرارة من الكيان الروحي الإلهي، وبواسطة المعرفة "gnosis" أصبح من الممكن خلاص هذه العنصر الروحي من شره، أي من الجو المادي، مع التأكد من عودته مرة أخرى إلى موضعه لمكانته في الكائن الإلهي. تم تحرير هذه الفئة بواسطة المعرفة من براثن الجهل وشريعة إله الظلمة (مثلما ينادي البعض بانه إله اليهود) معطي الناموس والخوف من الدينونة الآتية لأنها غير موجودة. يتمتع الكاملون بمعرفة سرية خاصة خلال إعلانات. مثال ذلك ما ورد في رؤيا بطرس

الجسدانيون أو الماديون "hylics" ، وهم عبيد المادة، مربوطون بالأرضيات وهؤلاء لا يخلصون بالمعرفة وهم يظلوا يحلوا في جسد اخر بعد موت الجسد الاول.

النفسانيون. يضيف بعض الغنوسيين طبقة النفسانيين "psychic"، في نظرهم طبقة متوسطة. كان لقادة المدارس الغنوسية الغربية أمثال Valentinianism وProlemaeus وHoracleon في روما نظرة أفضل نحو عامة الشعب الكنسي والذين دعوهم نفسانيين Physic، لأن لهم نفس ولكن ليس الروح فيمكنهم فقط أن يبلغوا العالم المتوسط للخالق. فلهذا في فكر بعضهم ان ليس كل البشر في داخلهم الشرارة الالهية انما العقلاء اصحاب المعرفة وهم قليلين 

وكانت المعلومات المتوفرة عنهم قبل اكتشاف مكتبة نجع حمادي تعتمد على الكتابات ضد الغنوسية مثل كتابات القديسين إيريناؤس أسقف ليون (حوالي 130-200م) والقديس هيبوليتس (حوالي 170-236م) والعلامة ترتليان (حوالي 160 إلى ما بعد 220م)، والقديسين أبيفانيوس أسقف سلاميس (حوالي 310-403) وإكليمنضس السكندري. غير أنه بهذا الاكتشاف دخلت دراسة الغنوسية مرحلة جديدة، إذ قدّم لنا غنى من المستندات الأصيلة للغنوسيين، والتي صارت موضع دراسة جادة في العالم. الآن بعد اكتشاف مكتبة نجع حمادي الغنوسية وبعض المخطوطات صارت معرفتنا لهم من خلال مخطوطاتهم. 

فهي كانت تعاليم سرية وظهر هذا اكثر بدراسة هذه الكتب. 

ولكن اكرر مرة ثانية هم لم يكن لهم فكر واحد فهم مجموعات فلسفية كثيرة.

فبعضهم نادى بان المسيح لم يكن له جسد اصلا مثل الدوسيتية Docetism المشتقة من كلمة دوكيو التي تعني يظهر. بل هو نزل من عالم الارواح الي الارض في جسد خيالي هلامي فجسده لم يكن لحم وعظم لأنه لم يكن من الممكن، من وجهة نظرهم، أن يتخذ جسدا من المادة التي هي شر في نظرهموقالوا أنه لم يكن يجوع أو يعطش أو ينام، ولم يكن في حاجة للأكل أو الشرب وغيره وأنه كان يأكل ويشرب وينام متظاهرا بذلك تحت هيئة بشرية غير حقيقية. وشبهوا جسده بالنور أو شعاع الشمس كما شرح القديس ارينيؤس 

Irenaeus Ag. Her. 1:24,2.  

فهؤلاء يرفضوا ناسوت المسيح وبالنسبة لهم المسيح لاهوت فقط وعندما كان يسير المسيح لم يكن يترك اثر على الارض ولكن له القدرة أن يتظاهر فممكن يلمسوه ويجدوا ان جسده طري له ملمس وممكن مرة ثانية يعبروا ايدهم فتعبر كما لو تعبر في شعاع نور. وعندما صلب المسيح لم يصلب في الحقيقة لانه ليس جسد حقيقي ولكن شبه لهم انه يصلب. ودفن في القبر ولكنه خرج ككائن من نور لأنه هو نور وروح محض. وعندما خرج من القبر ككائن من نور كانت قدماه على الأرض ورأسه تخترق السماء

وايضا تنوعت الافكار عن جسده الغير حقيقي فكما قلت البعض قال بان جسده نور وهولامي ولكن اخرين قالوا بان جسده كان جسد نفسي Psychic عقلي وليس جسد مادي. بينما قال البعض منهم بان جسده نجمي Sidereal اي من طبيعة النجوم المضيئة او طبيعية اثيرية. وبعضهم قال انه جسد فعلي ولكنه لم يولد مثل البشر فهو لم يولد من امراة

وايضا كلهم رفضوا الصلب ولكن تنوعت افكارهم عن كيفية تخلصه من الصلب فكما قلت سابقا بعضهم قالوا بانه شبه لهم بانه يصلب وكان الصلب غير حقيقي لانه ليس له جسد حقيقي وبدا لهم وكأنه يتألم وظهر في الجلجثة كمجرد رؤيا . وقد أشار إليهم القديس أغناطيوس الإنطاكي (35 - 107) تلميذ القديس بطرس الرسول وحذر المؤمنين من أفكارهم الوثنية قائلا : " إذا كان يسوع المسيح - كما زعم الملحدون الذين بلا إله - لم يتألم إلا في الظاهر ، وهم أنفسهم ليسو سوى خيالات (بلا وجود حقيقي) فلماذا أنا مكبل بالحديد "، " وهو إنما أحتمل الآلام لأجلنا لكي ننال الخلاص ، تألم حقا وقام حقا ، وآلامه لم تكن خيالا ، كما أدعى بعض غير المؤمنيين ، الذين ليسوا سوى خيالات "، " لو أن ربنا صنع ما صنعه في الخيال لا غير لكانت قيودي أيضا خيالا ". ومن الذين نادوا بهاذا فالنتينوس في منتصف القرن الثاني الميلادي. 

وبعض انواع الغنوسيين قالوا أن المسيح لم يولد من العذراء ولم يعرف ميلادا ولا نموا ولا حتى مظهر هذه الأحداث إنما ظهر بطريقة فجائية وفي هيئة بشرية احتفظ بها بحسب الظاهر إلى موته على الصليب ان المسيح هرب من الصلب وحل محله اخر قبل الصلب مباشرة وهذا مثل كلام ماركيون الذي نادي بوجود إلهين ، الإله العظيم السامي أو الإله المحب ، وهذا الإله كان غير معروف من العالم ومخفيا عن عينيه لأنه لا صلة له بالعالم وليس هو الخالق له . أما الإله الثاني فأقل من الأول درجة وهو إله عادل ولكن سريع الغضب ومنتقم يحارب ويسفك دم أعدائه بلا رحمة ولا شفقة ، وهو الذي خلق العالم واختار منه شعبا هو شعب إسرائيل ليكون شاهدا له وأعطى له الناموسويقول ان الله السامي ارسل المسيح ليقضي على الدميورج ورغم ان اللوغوس اقوى من الديميورج لكنه لم يقبض عليه والمسيح رفع سالبا بعد ان القى شبهه على اخر. واول من نادي بالقاء الشبه على اخر هو باسيليدس الذي تصور وجود صراع بين الإلهة العديدة والذين كان أحدهم يسوع المسيح . وقد نقل عنه القديس أريناؤس قوله : " وصنع الملائكة الذين يحتلون السماء السفلى المرئية لنا كل شئ في العالم ، وجعلوا لأنفسهم اختصاصات للأرض والأمم التي عليها ، ولما أراد رئيس هؤلاء ، إله اليهود كما يعتقدون ، أن يخضع الأمم الأخرى لشعبه اليهود ، واعترضه وقاومه كل الرؤساء الآخرين بسبب العدواة التي كانت بين أمته وكل الأمم ، ولما أدرك الآب غير المولود والذي لا اسم له انهم سيدمرون أرسل بكره العقل (وهو الذي يدعى المسيح) ليخلص من يُؤمن به ، من قوة هؤلاء الذين صنعوا العالم . فظهر على الأرض كإنسان لأمم هذه القوات وصنع معجزات . وهو لم يمت بل اجبر سمعان القيرواني على حمل صليبه والقي شبهه عليه واعتقدوا انه يسوع فصلب بخطأ وجهل . واتخذ هو شكل سمعان القيرواني ووقف جانباً يضحك عليهم . ولأنه قوة غير مادي وعقل الآب غير المولود فقد غير هيئته كما أراد وهكذا صعد إلى الذي أرسله".

ولكن اخرين امنوا بأن اللوغوس الاله حل على المسيح وقت العماد وفارقه وقت الصلب فالذي صلب هو الكيان المادي فقط فيسوع هو بشر طبيعي فقط حل عليه الكلمة من الاله السامي وقت العماد نادى بالآب غير المعروف وصنع معجزات . ثم رحل المسيح (الإله) أخيرا من يسوع قبل الصلب ويسوع فقط تألم وقام ثانية ، بينما ظل المسيح (الإله) غير قابل للألم لأنه كان كائنا روحيا. ومن هؤلاء كيرنثوس الذي قال عنه القديس ارينيؤس متعلما بحكمة المصريين.

وبعضهم مثل عقيدة ساتورنينوس Saturnius يؤمن بان الغير مدرك والمسيح وومعهم سبع ملائكة خلقوا العالم والمقابل الشيطان والارواح الشريرة خلقوا الاجساد وهناك نوعين من سلاسلات البشر سلالة بشرية بها ارواح الحياة الخيرة وسلالة بها الارواح الشريرة. وقال بان المسيح كان بلا ميلاد وبلا جسد وبدون شكل وكان مرئيا افتراضا : وقال سترنيوس أن " الآب غير المعروف من الكل " خلق الملائكة ورؤساء الملائكة ، الذين كانوا من سلالات شريرة وخيرة ، وخلق الرياسات والقوات ، ثم قام سبعة من رؤساء الملائكة بخلق الكون والبشرية أيضا . وقال أن إله اليهود هو أحد رؤساء الملائكة السبعة ، هؤلاء الذين خلقوا الكون ، وكان معاديا للآب ، وقد جاء المسيح الاله المخلص ليدمر إله اليهود هذا ويحارب الأرواح التي تؤيده ويقهرها ويخرجها من اجساد اليهود والمسيح لم يكن انسان ولكن بدا وكانه انسان.

وبعضهم مثل كردون Kerdonos نادي بان اله اليهود يختلف عن اله الوثنيين وحدث نزاع بينهم كثير لان كل منهم يريد السيطرة على العالم وإذ اشتد النزاع أرسل الغير مدرك كلمته الذي هو المسيح. فخطط اله اليهود واله الوثنيين مكيدة له ليتخلصوا منه ولما أدرك المسيح المكيدة طار إلى السماء دون أن يراه أحد، وصُلب إنسان آخر. وخيل للناس أنه المسيح.

وبعضهم يؤمن بالزوجيات بمعنى الله صورة مركبة من اب وام وابن واحيانا بنات ولكن يتميزوا عن الكثير من الوثنيين فهم لا يتكلموا عن التناسل المادي ولا يعنون الجنس بمعناه العام بل يظهر تكون الأم اللاهوتية جزءً من زوجين أصليين couple original. لقد اشتكي القديس إيريناؤس من فالنتنيوس الذي تحدث عن الله كمن يضم جزئين، جزء هو الله الذي لا يُدرك، العمق، الأب البدائي، ومن الجانب الآخر النعمة، السكون، الرحم أم الجميع. هذه النعمة والسكون هما الجانب النسائي المكمل في الله، رحمها تقبل بذرة المصدر غبر المُدرك لكي تلد انبثاقات للكائن الإلهي. 

وايضا هذا يختلف عن الفكر اليهودي والمسيحي الذين لا ينظرون لله ان به جانب نسائي فيرفض وجود جنس في الله . الكتاب المقدس لا يحقر من شأن المرأة، لأن الله خلق الإنسان ذكرًا وأنثي على صورته ( تك 1: 27). بينما نجد في الفكر الغنوسي تحقير لشان المراة فهي اقل من الرجال ولا تصل الي مستوى المعرفة ان لم تصير رجل مثل انجيل توما. وايضا عندهم الجنس شر لانه ينتج عنه جنين جديد تحبس فيه الروح. 

ولكن بعضهم قال بعلاقة الالهة مع البشر والتناسل فمثلا جماعة الفايتس قالوا ان يسوع ولد بعمل الاله يادابوس مع عذراء وكان يسوع اطهر وابر من كل البشر ثم اتحد المسيح الاله مع الحكمة وحلوا على يسوع الانسان فبدا يصنع معجزات ويشفي ويعلن الآب غير المعروف ويعلن نفسه صراحة انه ابن الإنسان الأول (الإله الغير مدرك). فغضبت القوات و(الإله يادابوس) والد يسوع لهذه الأعمال وعملوا على تحطيمه ، وعندما اقتيد لهذا الغرض (الصلب) يقولون أن المسيح نفسه مع الحكمة رحلا منه إلى حيث الأيون غير الفاسد بينما صلب يسوع . ولكن المسيح لم ينسى يسوعه فانزل عليه قوة من فوق فأقامته ثانية في الجسد وعندما رأي تلاميذه انه قام ، لم يدركوا ، ولا حتى يسوع نفسه ، من الذي أقامه ثانية من الموت . والخطأ الذي وقع فيه التلاميذ انهم تصوروا انه قام في جسد مادي.

وايضا هناك مجموعة اخري تسمى القاينيين Cainites وهؤلاء كانوا ينظروا الي اي انسان قاتل بانه مخلص لانه حرر روح من الجسد واول من فعل ذلك هو قايين لانه حرر روح هابيل من محبسه في جسده. وهؤلاء في نظرهم أن اللوغوس الاله حبس في جسد المسيح ويهوذا حرر اللوغوس بانه اسلم المسيح ليصلب ويموت ويتحرر اللوغوس من محبسه فهم في نظرهم يهوذا مثله مثل قايين وغيره من القتلة هو بطل فهو ليس خائن ولكن هو التلميذ المخلص الذي ائتمنه المسيح على اسراره واعتمد عليه لكي يسلمه للصلب لكي يصلب المسيح ويتحرر من محبس الجسد. 

وردا على هذا الفكر قام القديس ارينيؤس سنة 180 م تقريبا بشرح افكارهم وتفنيدها والرد عليها في كتابه ضد الهرطقات 

Against Heresies 1.31.1

وانجيل يهوذا وهو موضوع هذا الملف هو ينتمي الي هذه الطائفة من القاينيين

كان القاينيون بصفة عامة، مثل معظم الفرق الغنوسية، يؤمنون بانبثاق عدد ضخم من الآلهة أو الأيونات من الإله السامي غير المدرك، وكانوا يؤمنون بأن المسيح منبثق من هذا الإله السامي، الآب، وقد جاء من العالم الروحي، من الآب غير المدرك، ليخلص البشرية وبصفة خاصة الذين يصفهم الكتاب المقدس بأنهم خطاة، مثل قايين بن آدم الذي قتل أخاه هابيل ونمرود " الذي ابتدأ يكون جبارا في الأرض " (تك10:8)، وقورح الذي تمرد ضد موسى النبي (عدد16)، ثم يهوذا الذي أسلم المسيح لليهود والرومان!! وكانت هذه الجماعة تكّرم هؤلاء الأشخاص كأبطال في الإيمان لأنهم كانوا ضد يهوه إله العهد القديم، الذي قالوا عنه أنه ليس هو الإله الحقيقي الذي يجب عبادته، وآمنوا أنه إله أقل وجاهل لهذا العالم الذي يجب الهروب منه والذي وصفوه بالشر وطابقوه مع الديميورج خالق المادة الشرير وسكالاس الخالق الشرير أيضًا وزعموا أنه هؤلاء الأشخاص عرفوا الحق وفهموا الأسرار الضرورية للخلاص لأنهم كانوا يبحثون عن المعرفة. وفي نفس الوقت أدانوا قديسي العهد القديم مثل نوح وموسى النبي وإبراهيم أبي الآباء..الخ لأنهم أتباع يهوه إله العهد القديم

وكان أول من ذكر هذه الفرقة وعقائدها، من آباء الكنيسة الأولى، وكتب  عن تأليفهم لإنجيل يهوذا، هو القديس إيريناؤس أسقف ليون بالغال (فرنسا حالياسنة 180 م.، وهذا الرجل كان تلميذًا للقديس بوليكاربوس الذي كان بدوره تلميذا للقديس يوحنا تلميذ المسيح، فقال

  " يقول الذين يدعون قاينيين أن قايين كان من العالم السامي للقوة المطلقة ويعترفون أن عيسو وقورح وأهل سدوم وأمثال هؤلاء الأشخاص  مختصين  بأنفسهم. ويضيفون في هذه الرواية أن الخالق (إله العهد القديم – يهوه) كان يكرههم بشدة ومع ذلك لم يتعرض أحد منهم لضرر لأن صوفيا (الحكمة) كان من عادتها اختطاف الذين يخصونها منهم لذاتها. ويعلنون أن يهوذا الإسخريوطي الخائن كان يعرف هذه الأشياء، فقد كان وحده الذي يعرف الحق كما لم يعرفه أحد. فقد أُكمل سر الخيانة بواسطته، كل الأشياء، سواء السمائية أو الأرضية وضعت في الحيرة. ولكي ينشروا فكرهم لفقوا تاريخا مزيفًا أسموه إنجيل يهوذا".

ويوضح هذا إنجيل يهوذا المنحول نفسه فكر هؤلاء بصورة واضحة وجلية، فيتكلم عن إله سامي غير محدود وغير مدرك ولا يمكن أن يدركه أحد إلا نفسه هذا الإله انبثقت منه العوالم والمخلوقات الروحية وقد جاء المسيح منه أو من قبله

ومن نفس المنطلق الفكري لهم قدسوا ما فعله يهوذا وقالوا أن ما فعله يهوذا فعله لأجل خلاص البشرية بموت المسيح على الصليب. ولذا اعتبروا أن يهوذا لا يستحق اللعنة بل يستحق الشكر والتقدير لما فعله لأجل البشرية. وقال بعضهم كما نقل عنهم العلامة ترتليان (145-220 م.) في نهاية القرن الثاني الميلادي في كتابه ضد كل الهرطقات:

" وعلاوة على ذلك فقد خرجت هرطقة أخرى تدعى القاينيين لأنهم يقدسون قايين لأنه (في فكرهم) حبل به بفضيلة فعالة عملت فيه. لأن هابيل (كما يزعمون) وًلد بعد أن حبل به بفضيلة أقل وبسبب ذلك كان أقل. وهؤلاء الذين يقولون بهذه القول يدافعون عن يهوذا الخائن، ويقولون لنا أنه مقبول وعظيم بسبب ما تميز به عن البشرية، ويعتقد بعضهم بتقديم صلاة شكر ليهوذا في رواياتهم هذه. ويقولون أن يهوذا لاحظ أن يسوع أراد أن يتراجع عن الحق، فخانه لكي لا يكون هناك أي إمكانية لهدم الحق. ويجادل آخرون ضدهم قائلين: أن قوات هذا العالم كانت غير راضية عن آلام المسيح لئلا يتم بموته الخلاص المعد للبشرية تشاور (يهوذا) لأجل خلاص البشرية وخان المسيح حتى لا يكون هناك أي إمكانية على الإطلاق لإعاقة الخلاص الذي كان قد أُعيق بواسطة القوات التي كانت تعارض آلام المسيح، وحتى لا يكون  هناك إمكانية للتراجع عن خلاص البشرية".

  أي أن خيانة يهوذا، من وجهة نظرهم، كان لها تفسيران؛ الأول هو أن يهوذا بخيانته للمسيح منع يسوع من التراجع عن الصلب والفداء وتحمل الآلام، فسلمه حتى لا يعطيه فرصة لهذا التراجع والتفسير الثاني هو خيانته كانت لمنع إي إعاقة خلاص البشرية من قوات هذه العالم وفي كلتا الحالتين فقد كانت خيانته من وجهة نظر الفريقين لأجل خلاص البشرية. وهم لا يختلفون مع الكنيسة المسيحية من جهة صلب المسيح وموته وقيامته، وأن هذا غير ظاهر بشكل مباشر في إنجيل يهوذا المنحول، ولكنهم كانوا  يختلفون من جهة النظرة إلى يهوذا الذي أرادوا أن يحولوا ما فعله من خيانة   إلى بطولة، فبينما يقول الإنجيل الموحى به أن المسيح حذره وقال له " أن ابن الإنسان ماض كما هو مكتوب عنه. ولكن ويل لذلك الرجل الذي به يسلم ابن الإنسان. كان خيرا لذلك الرجل لو لم يولد " (مت26 :24؛مر14: 21) ، قالوا، كما نقل عنهم أبيفانيوس أسقف سلاميس بقبرص في القرن الرابع، أنه:

  " عمل عملًا جيدًا من أجل خلاصنا " (ضد الهراطقة 38). 

 

فكر هذه الكتب تختلف تماما عن فكر المسيحيين التي تؤمن بالخلاص بفداء المسيح ولكن هؤلاء امنوا بالخلاص عن المعرفة والكتاب المقدس تكلم عن شخصية يهوذا ووضحها في عدد من الاعداد

متى 16 عدد

مرقس 7

لوقا 7

يوحنا 20

اعمال الرسل 6

اجمالي 56 عدد

ويقولون أن كل نفس تستجيب وتكسب معرفة تتحرر من الجسد, أو أنها تهرب وتعود إلى الحق أو تصبح متجسدة في جسد آخر؛ خاص " عقاب أبدى " محفوظ للمرتدين عن الفرقة. وكان الغنوسيون يرفضون بصورة مطلقة نقدهم لأنهم كانوا يؤمنون أنهم، وهم وحدهم دون بقية الخلق، الذين لديهم المعرفة الحقيقية التي كشفها لهم الصوفيا والمسيح لأنهم، هم وحدهم، الذين كانوا مؤهلين لذلك. ولينشروا افكارهم بداية من منتصف القرن الثاني بدؤا في كتابة كتب تعبر عن فكرهم الخليط ما بين افكارهم وعقائدهم القديمة وما اقتبسوه من المسيحية كان عندهم نوعان من المعرفة: النوع الأول يشمل عقائد وطقوساً عامة لكل الناس، أما النوع الثاني فكان يشمل عقائد وطقوساً غامضة عويصة لا يفهمها إلا فئة متمَّيزة خاصة، ولذلك بقيت " مخفية " عن العامة. وهذه الكتابات ليعطوها الصبغة المسيحية اطلقوا عليها بداية من النصف الثاني من القرن الثاني اسماء بعض من تلاميذ المسيح والتي كانت ترى أنها مكتوبة ومقصورة على فئة معينة من الناس ووصفتها بالسرية. فقد ساعدت الغنوسية بمذاهبها المتعددة وتعاليمها السرية التي وضعتها للخاصة على حركة تأليف مثل هذه الكتب. وقد كشف آباء الكنيسة كذب ادعاءاتهم وخرافاتهم وهرطقاتهم وأكاذيبهم وفكرهم الوثني وحتى هذا الانجيل عرفه الاباء في نهاية القرن الثاني الميلادي بعد كتابته بقليل ورد على اجزاء منه الاباء

كما أن المسيحية ليس فيها شيء من هذا القبيل، فلا يوجد فيها شيء للعامة وشيء آخر  للخاصة المتميزة، فالإنجيل - منذ أيامه الأولى - يكّرز به للفقراء والجهلاء والأغنياء والحكماء، كما أن الكتب المقدسة كانت تقرأ في الكنائس على مسامع الجميع ولا يوجد فيها شيء مخفي.

أما هذه الكتب الأبوكريفية فقد رفضتها الكنيسة لعدة اسباب: 

(1) أنه لا يمكن أن يكون قد أوحي لكُتَّاب ممن عاشوا بعد عهد الرسل بحوالي 100 سنة، فقد كتب أقدمها حوالي سنة 150م، وكتبت جميعها فيما بين 150 و450م. 

(2) لا يمكن أن يعتبر أي كتاب قانونياً إلا إذا كان قد تم تسليمه من الرسل أنفسهم، وكانت قد قبلته كل الكنائس من الرسل وليس من غيرهم. وهذه الكتب الأبوكريفية كتبت، في معظمها، بعد انتقال الرسل من العالم بحوالي مئة سنة، ولم يستشهد بها الاباء الاوائل رغم انهم استشهدوا بكل اسفار الكتاب المقدس ولكن بعضهم من اباء القرن الثالث وضح انها كتب مرفوضة 

(3) لا يمكن ان يعتبر كتابا قانونيا لو لم يطابق فكر الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد فكل سفر من اسفار الكتاب المقدس يتماشى مع روح الكتاب 

(4) لا يمكن ان يعتبر كتابا قانونيا وهو مليء بالاساطير والخرافات الغير مقبولة 

(5) لا يمكن ان يعتبر كتابا قانونيا وهو مليء بالاخطاء الجغرافية والتاريخية

ومن هنا أطلق عليها " أبوكريفا "، أي المزيفة لأنها نبعت أساساً من قلب المذاهب الهرطوقية مثل الغنوسيين، وكان هؤلاء متمسكين بها ومعترفين أنها خرجت من دوائرهم، لذا لم تحظ قط بالقبول لدى كل الكنائس، في الشرق أو الغرب. فيقول أوريجانوس (توفي 253م) ، إنه يجب أن نفرق بين الكتب المسماة " أبوكريفا "، فالبعض منها يجب رفضه كلية لأنه يحوي تعاليم تناقض تعليم الكتاب، أي أنه منذ نهاية القرن الثاني، أصبحت كلمة " أبوكريفا " تطلق على ما هو زائف ومكتوب خارج دائرة الرسل والكنيسة، بل وكتب في دوائر الهراطقة، وكان معروفا لهم أن هذه الكتب قد نسبت لأناس  لم يكتبوها. 

 و القديس إيريناؤس (توفي 202م) يرفض أن يكون للكتابات السرية أي اعتبار، ويضع كلمة أبوكريفا (α̉πόκρυφοσapocrypha) بجوار كلمة (nothos - όθος) مزيفة. وكان يعتبر، وكذلك جيروم فيما بعد، أن كلمتي " قانونية " و " أبوكريفا "على طرفي نقيض. ويستخدم العلامة ترتليانوس كلمة (α̉πόκρυφοσapocrypha) وكلمة (falsa - مزيف) كمترادفين. وكانت كلمة أبوكريفا تعني عنده الأسفار غير القانونية، المزيفة. 

قال القديس إيريناؤس (120-202م): " أن الهراطقة الماركونيين أصدروا عددا لا يحصى من الكتابات الأبوكريفية المزورة والتي زيفوها بأنفسهم ليذهلوا عقول الحمقى ". 

  وقال يوسابيوس القيصري (264-240م): " أنها معروفه عند معظم الكتاب الكنسيين، وانه في مقدورنا أن نميز بين هذه الكتب القانونية وتلك التي يصدرها الهراطقة بأسماء الرسل مثل إنجيل بطرس وانجيل متى (المنحول) وغيرها، أو مثل أعمال أندراوس، ويوحنا، وغيرهما من الرسل، فلم يحسب أي واحد من كتاب الكنيسة أنها تستحق الإشارة إليها في كتاباتهم. وفى الحقيقة أن أسلوبها يختلف اختلافا بينا عن أسلوب الرسل، كما أن أفكارها ومفاهيمها بعيدة جدا عن الأفكار القويمة الصحيحة، وهذا دليل على أنها من صنع خيال الهراطقة، ومن ثم وجب ألا تحسب بين الكتابات المزيفة فحسب، بل يجب أن ترفض كلية باعتبارها سخيفة ونجسة ". 

  وقال فوتيوس بطريرك القسطنطينية في النصف الثاني من ق 9 " أن لغتها خالية تماما من النعمة التي تتميز بها الأناجيل وكتابات الرسل، وغاصة بالحماقات والمتناقضات ". ثم يختم بقوله أنها تحوي " عشرات الآلاف من الأشياء الصبيانية التي لا تصدق، السقيمة الخيال، الكاذبة، الحمقاء، المتضاربة، الخالية من التقوى والورع، ولا يجافى الحقيقة من ينعتها بأنها نبع وأم الهرطقات ".  

استغل بعض هؤلاء شغف البعض عندما يسمعوا عن هناك كتابات سرية وايضا بحث البعض عن اسرار في حياة المسيح مثل الطفولة وغيرها ونشروا لهم كتابات ادعوا انها عن طفولة المسيح او حياته الخاصة مع تطعيمها بافكار غنوسية

وكان هناك عامل أخطر وأقوى وهو ظهور الأفكار الهرطوقية ومحاولة إيجاد صيغ ونصوص توازي الأسفار القانونية وتدافع عن هذه الأفكار والعقائد الهرطوقية. فانطلقت هذه الهرطقات خاصة الغنوسية، تأخذ آيات الإنجيل القانوني بأوجهه الأربعة، وتصيغها بحسب أفكارها ومعتقداتها، مثل إنجيل فيليب وإنجيل بطرس وإنجيل مريم المجدلية، والتي انطلقت من نصوص الإنجيل القانوني وراحت تصيغها بحسب فكرها وعقيدتها.

 أهم خصائص وصفات هذه الكتب:

(أ) خرافية: تمتلئ هذه الكتب بالأفكار الخرافية والخيالية فتنسب للمسيح والرسل أعمالا خيالية لا مبرر لها كسجود التنانين والأسود والنمور والثيران والحمير للطفل يسوع وجعل بطرس سمكة مشوية تعوم وكلب يعظ بصوت آدمي بليغ وطفل عمره سبعة شهور يتكلم كرجل وكطرد يوحنا للبق من أحد البيوت بمعجزة وسقوط معبد أرطاميس الضخم في أفسس بصلاة يوحنا، وقصة مهر يتكلم وشاب وتنين يرغبان في فتاة فيقتل التنين الشاب ثم يمتص التنين السم، بناء على أمر توما، ويموت ويحيا الشاب ونرى الطفل يسوع، طفلاً مشاكساً متقلباً المزاج ذا طبيعة تدميرية يؤذى معلميه ويتسبب في موت رفقائه بصورة إعجازية لا مبرر لها، تمزج قدرة الله بنزوات طفل مشاكس وتنسب، هذه الكتب، للمسيح ظهورات عديدة بأشكال متنوعة كطفل أو فتى أو رجل عجوز وفى أغلب الأحيان في صورة أحد الرسل كما تنسب للرسل أعمال خارقة، بدون داع، مثل فتك الصواعق بأعدائهم ورعب الفجار من قوات الطبيعة المخيفة كالزلازل والرياح والنيران وغير ذلك من الأفكار الأسطورية الخرافية المتأثرة بالفكر الإغريقي الهيلينسيتى والتي تشبع فضول البسطاء والعامة الذين اعتادوا سماع مثلها في دياناتهم الوثنية السابقة قبل اعتناقهم المسيحية. وتكون دائما المعجزات هو استعراض قوة وليست للبنيان بل كثيرا ما تنافي الاخلاق.

(ب) الزهد الجنسي والامتناع عن الزواج: تركز هذه الكتب، خاصة الأعمال، على الزهد الجنسي والامتناع عن الزواج باعتبار الزواج شيء دنس لان بسبب تحبس روح في جسد وذلك كرد فعل للإباحية الجنسية التي كانت سائدة في الديانات الوثنية وتصور هذه الكتب كفاح الرسل من أجل طهارة الحياة الزوجية وإقناع الزوجات بالامتناع عن معاشرة أزواجهن جنسيا، وتذكر أعمال أندراوس الابكريفي أن المسيح ظهر لعريسين، في هيئة توما، وربحهما لحياة الامتناع عن الجنس، وكأن عدم الزواج هو الشرط الأسمى لدخول السماء، جاء في انجيل المصريين، انه عندما سألت سالومي الرب: " إلى متى يسود الموت؟ " قال لها الرب " إلى أن تكفوا أنتن النساء عن ولادة الأطفال لأني جئت لأقضي على وظيفة المرأة ".             

(ج) التعاليم الهرطوقية: تمتلىء هذه الكتب بالأفكار الهرطوقية الأبيونية والغنوسية. يقول إنجيل الأبيونيين أن الروح القدس حل على المسيح في شكل حمامة ودخل فيه، ويقول إنجيل العبرانيين أن مريم أم المسيح هي الملاك ميخائيل " عندما أراد المسيح أن ينزل على الأرض، استدعى الآب الصالح قوة قديرة من السماء كانت تدعى الملاك ميخائيل، وعهد له من ذلك الوقت بالعناية بالمسيح وجاءت القوة إلى العالم ودعيت مريم وكان المسيح في رحمها سبعة أشهر ". كما يقول إنجيل العبرانيين أيضا، أن الروح القدس أم المسيح. قال أوريجانوس في تفسيره لإنجيل يوحنا: " إذا كان هناك من يقبل الإنجيل بحسب العبرانيين حيث المخلص نفسه يقول: أمي الروح القدس أخذتني بواسطة شعرة من شعري وحملتني إلى جبل تابور ". 

  وتصور الأبوكريفا الغنوسية الرب يسوع المسيح كواحد من سلسلة الآلهة المولودين من

البليروما (ملء اللاهوت) وأنه عقل الآب غير المولود، كما تصور المسيح الإله وقد حل على يسوع الإنسان، أو المسيح والحكمة وقد حلا على يسوع، وتصور بعضها الآب والابن، أو الآب والابن والروح القدس كأقنوم واحد وشخص واحد، كإنجيل المصريين اليوناني. أما غالبية الأعمال  عدا أعمال بولس  وبصفة خاصة أعمال يوحنا، فتصور الرب يسوع بصورة دوسيتية، خيالية، فهو بلا ميلاد بلا جسد وبدون شكل ويُرى افتراضا وعندما كان يسير لم يكن يترك أثرا لقدميه وعندما كان يوحنا يحاول الإمساك به كانت يد يوحنا تخترق جسده بلا أي مقاومة إذ لم يكن له جسد حقيقي وكانت طبيعة جسده متغيرة عند الملمس فمرة يكون جامدا وتارة لينا وأخرى خاليا تماما كما أن آلامه وصلبه وموته كانت مجرد مظاهر وهمية فبينما كان معلقا على الصليب والجموع محتشدة حوله كان هو نفسه في نفس الوقت يتقابل مع يوحنا على جبل الزيتون لقد كان مجرد شبح وحياته على الأرض لم تكنٍ إلا خيالا وكان يظهر بأشكال متعددة ويغير شكله كيفما يشاء ووقتما يشاء

(د) أي تركز فقط على المسيح ككائن روحاني وتتكلم عنه كلاهوت فقط: وأنه ظهر فجأة على الأرض بدون أي تفصيلات تخص الميلاد أو التجسد وغيره؛ وأنه  كان يظهر في أشكال متنوعة وليس في شكل واحد وأنه فقط كما يقول إنجيل فيلبس: " يسوع أخذهم كلهم خلسة، لأنه لم يظهر لهم كما هو بالحقيقة، لكن بالأحرى بالطريقة التي بها يقدرون أن يروه. لقد اظهر ذاته لهم جميعا: اظهر ذاته كعظيم للعظيم. كصغير للصغير. اظهر ذاته كملاك للملائكة، وللبشر كانسان. بسبب هذا خبئت كلمته ذاتها عن كل احد. البعض بالفعل رأوه، معتقدين أنهم رأوا ذاتهم، لكن عندما ظهر لتلاميذه على الجبل في مجد، لم يكن صغيرا. لقد أصبح عظيما لكنه جعل تلاميذه عظماء، حتى يكونوا قادرين أن يروه في عظمته ". ويقول كتابهم يوحنا السري أو الأبوكريفي المنحول " وانفتحت السماء وكل الخليقة التي تحت السماء ظهرت واهتز العالم، وكنت خائفاً، ونظرت ورأيت في النور شاب وقف إلى جواري، وبينما نظرت إليه صار مثل رجل عجوز،. ثم غير مظهره (ثانية) وأصبح مثل خادم، ولم يكن هناك تعدد أمامي ولكن كان هناك مظهر ذو أشكال متعددة في النور والأشكال ظهرت خلال كل منها

(ر) التعاليم السرية: وتزعم هذه الكتب أن المسيح أعطى تلاميذه تعاليم سرية خاصة بهم وحدهم يتعلمها ويعرفها فقط الخاصة من الناس، بل وقد أعطاها بشكل سري وخاص لواحد أو بعض تلاميذه، وعلى سبيل المثال يقول إنجيل توما: " هذه الأقوال  السرية التي تكلم بها يسوع الحي " وهذا ما يقوله أيضاً إنجيل مريم المجدلية: " قال بطرس لمريم, أختاه نعلم أن المخلص احبك أكثر من أي  امرأة أخرى. قولي لنا كلمات المخلص التي تذكرينها وتعرفينها, ولم نسمعها من قبل. أجابت مريم وقالت, ما هو مخفي عنكم سأطالب به من أجلكم. وبدأت تقول لهم هذه الكلمات: أنا, رأيت الرب في رؤيا وقلت له، يا رب لقد رأيتك اليوم  في رؤيا, فرد قائلا لي، مباركة أنت لأنك لم ترتعشي لرؤيتي. لأنه حيث  يكون العقل يكون الكنز ". ويقول إنجيل يهوذا: " الرواية السرية للإعلان الذي تكلم به يسوع في حديث مع يهوذا الإسخريوطي خلال ثلاثة  أيام من الأسبوع قبل أن يحتفل بالفصح "!! ويقول أن المسيح قال ليهوذا أيضاً: " تعال بعيدا عن الآخرين وسأخبرك بأسرار الملكوت. فمن الممكن لك أن تصل إلى ذلك ". 

  وهذا عكس تعليم المسيح الحقيقي الذي قاله لتلاميذه: " الذي أقوله لكم في الظلمة قولوه في النور. والذي تسمعونه في الأذن نادوا به على السطوح " (مت10 :27)، " لذلك كل ما قلتموه في الظلمة يسمع في النور وما كلمتم به الأذن في المخادع ينادى به على السطوح " (لو12 :3). وقال لرئيس الكهنة عندما سأله عن تعليمه: " أنا كلمت العالم علانية

أنا علّمت كل حين في المجمع وفي الهيكل حيث يجتمع اليهود دائما. وفي الخفاء لم أتكلم بشيء. لماذا تسألني أنا. اسأل الذين قد سمعوا ماذا كلمتهم. هوذا هؤلاء يعرفون ماذا قلت أنا " (يو18 :20و21). لم يكن للمسيح أي تعليم سري، بل كان علانية لجميع الناس في كل العالم والأمم، وليس لفئة خاصة " الله الذي يريد أن جميع الناس يخلصون والى معرفة الحق يقبلون " (1تي2 :3و4).

(س) تنادي بفكر خليط بين المسيحية والديانات والفلسفات الوثنية وبتعدد الالهة: فتقول بوجود (1) إله سامي غير مدرك ولا معروف وإله اقل هو الذي خلق العالم المادي أسموه بالديميورج وقال بعضها أنه يهوه إله اليهود، وذلك إلى جانب  العديد من الآلهة الأخرى والملائكة التي تقوم بعمل الخلق. (2) الروح خيرة، وقالوا أنها شرارة إلهية داخل الإنسان، والمادة شر. (3) أن روح  الإنسان مسجونة في الجسد المادي الشرير وستخرج من هذا السجن عند الموت. (4) لا يوجد قيامة للجسد الذي يفنى عند خروج الروح منه ولا يعود. فيقول إنجيل يهوذا الأبوكريفي المنحول بنفس الفكر عن الروح: " قال يهوذا ليسوع: " وهل تموت الروح الإنسانية؟ ". قال يسوع: " لهذا  السبب أمر الله ميخائيل أن يعطي البشر أرواحاً كإعارة, ليقدموا خدمة، ولكن الواحد العظيم أمر جبرائيل أن يمنح أرواحاً للجيل العظيم دون حاكم عليها - هذا هو الروح والنفس ". وأيضاً " الروح [التي] بداخلك تسكن في هذا [الجسد] بين أجيال  الملائكة ولكن الله سبب المعرفة لتعطى لآدم وأولئك الذين معه,حتى لا يحكم عليهم ملوك الفوضى والعالم السفلي ".

  وهذا عكس الكتاب المقدس الذي ينادي بإله واحد " الإله الذي خلق العالم وكل ما فيه هذا إذ هو رب السماء والأرض لا يسكن في هياكل مصنوعة بالأيادي. ولا يخدم بأيادي الناس كأنه محتاج إلى شيء. إذ هو يعطي الجميع حياة ونفسا وكل شيء. وصنع من دم واحد كل امة من الناس يسكنون على كل وجه الأرض وحتم بالأوقات المعينة وبحدود مسكنهم " (أع17 :24-26). هذا الإله الواحد خلق كل شيء بكلمته " لكن لنا اله واحد الآب الذي منه جميع الأشياء ونحن له. ورب واحد يسوع المسيح الذي به جميع الأشياء ونحن به " (1كو8 :6)، " الله خالق الجميع بيسوع المسيح " (أف3 :9)، كلمته وصورة جوهره؛ " في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله. هذا كان في البدء 

عند الله. كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان. فيه كانت الحياة والحياة كانت نور الناس " (يو1 :1-4)، " الذي هو صورة الله غير المنظور بكر كل خليقة. فانه فيه خلق  الكل ما في السموات وما على الأرض ما يرى وما لا يرى سواء كان عروشا أم سيادات أم رياسات أم سلاطين.الكل به وله قد خلق. الذي هو قبل كل شيء وفيه يقوم  الكل " (كو1 :15-17).

(ص) تنادي بأن الخلاص بالمعرفة وليس بكفارة دم المسيح؛ معرفة الإنسان للإله السامي غير المدرك  ومعرفة الإنسان لنفسه كروح خيرة، شرارة إلهية، مسجونة في جسد مادي شرير، يقول إنجيل الحقيقية: " الذي لديه المعرفة يعرف من أين أتي وإلى أين يذهب ". ويصور كتاب تعليم سلافينوس المسيح كالمعلم الذي يعلم الخلاص بالاستنارة المعرفية: " الذهن هو المرشد، ولكن العقل هو المعلم، فهما سيخرجانك من الدمار والأخطار أضيء عقلك 000 النور هو المصباح داخلك ". ويقول إنجيل يهوذا: أن المسيح كشف لتلاميذه الكثير من المعرفة: " دعُا تلاميذه الأنثى عشر. وبدأ الحديث معهم عن أسرار ما وراء العالم وما سيحدث في النهاية "، ولكنه كشفها أكثر ليهوذا لأنه، كما يزعم هذا الكتاب المزيف كان هو الأقدر منهم على ذلك، وقال له: " [تعال]: حتى  أعلمك [أسرار] لم يرها أحد قط "

  وهذا تعليم صوفي فلسفي معقد يتنافى مع تعليم المسيح البسيط الذي كان يقدمه بأمثال بسيطة: " هذا كله كلم به يسوع الجموع بأمثال. وبدون مثل لم يكن يكلمهم " (مت20 :28)، " كان الجميع يشهدون له ويتعجبون من كلمات النعمة الخارجة من فمه " (لو4 :22). 

(ط) وتصور المسيح كمعلم غنوسي جاء فقط ليعلم تعاليم غنوسية صوفية سرية يقول إنجيل توما (قول 13): " قال يسوع لتلاميذه: قارنوا لي. وقولوا  لي من أشبه. قال له سمعان بطرس. أنت كملاك صالح. قال له متى أنت كرجل حكيم متفهم. قال له توما: سيدي, لن أجهد فمي لأقول لك من تشبه. قال يسوع, أنا لست سيدك, لأنك سكرت، أنت سكرت من الينبوع  الفوار الذي أرقته. وأخذه, وذهب به جانبا, وقال له ثلاث كلمات. وعندما رجع توما إلى أصحابه, سألوه ماذا قال لك يسوع؟ قال توما لهم: لو أخبرتكم

بواحدة من كلماته التي قالها لي, فستحملون حجارة وترمونني بها. وستخرج نار من الحجارة وتحرقكم ". ويقول في إنجيل يهوذا: " فقالوا: " يا معلم, أنت ابن إلهنا ". قال لهم يسوع: " كيف تعرفونني؟ الحق [أنا] أقول لكم, ليس من بينكم جيل من الناس سيعرفني وعندما سمع تلاميذه ذلك بدءوا يغضبون ويحنقون وبدءوا يجدفون عليه في قلوبهم. ولما رأى يسوع قلة [معرفتهم، قال] لهم: " لماذا أدت بكم هذه الإثارة إلى الغضب؟ إلهكم الذي بداخلكم و هو من دفعكم إلى  الغضب [داخل] نفوسكم ". أنه يتكلم عن مسيح غامض جاء من عالم أسطوري غير مدرك!!

  وهذا لا يتفق لا مع مسيح الإنجيل الموحى به بالروح القدس الذي يقول؛ " تعالوا إليّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم. تعلموا مني. لأني وديع ومتواضع القلب. فتجدوا راحة لنفوسكم " (مت11 :28و29). ولا مع مسيح التاريخ، الذي ولد وعاش ومات وقام. ولا وجود لمثله لا في كتب آباء الكنيسة ولا في أي كتب غير هذه الكتب الغنوسية الهرطوقية. 

(ع) كما لا يمكن أن تسمى كتب الغنوسية الستة المسماة بالأناجيل بهذا الاسم؛ لأنها لا تحمل أي سمات للإنجيل. فهي لا تحوي شيئاً لا عن ميلاد المسيح أو لمحات من حياته ولا أعماله ولا موته أو قيامته، وأن كانت تلمح لها باعتبار أن ذلك موجود في الأناجيل القانونية التي أعترف بها هؤلاء الهراطقة أيضاً، سواء جزئياً أو كلياً، باعتبارها أناجيل العامة وأن كتبهم هي أناجيل الخاصة، كما يقول القديس إيريناؤس: " الأرض التي تقف عليها هذه  الأناجيل أرض صلبة حتى أن الهراطقة أنفسهم يشهدون لها ويبدأون من هذه الوثائق وكل منهم يسعى لتأييد عقيدته الخاصة منها ". 

  ولذا لم يقتبس منها أحد من آباء الكنيسة في القرون الأولى وما بعدها على الإطلاق، بل رفضوها لأنهم كانوا يعرفون جيدا مصدرها ومن أنتجها من الهراطقة، كما قال القديس إيريناؤس (170م) " أن الهراطقة الماركونيين أصدروا عددا لا يحصى من الكتابات الأبوكريفية والمزورة والتي زيفوها بأنفسهم ليذهلوا عقول الحمقى. وقال عن تلفيق جماعة القاينيين لإنجيل يهوذا: " ولذا فقد لفقوا تاريخا مزيفاً أسموه إنجيل يهوذا ". وقال العلامة أوريجانوس (185 – 253م)؛ " الكنيسة لديها أربعة أناجيل والهراطقة لديهم الكثير جداً ".

 

تأكدنا انهم ليس قانوني 

منذ القرن الاول الميلادي ويستشهد اباء الكنيسة فقط بالاسفار القانونية ويقتبسوا منها مؤكدين علي قانونيتها من القرن الاول واستمر حتى بداية القرن الثاني ولكن بعد محاولة ماركيون الهرطوقي سنة 140 ميلادية وهي تعتبر اول محاولة للتغيير في الانجيل بحذف بعض الاسفار بدا الاباء ليس فقط يقتبسوا من الاسفار القانونية فقط بل بدؤا يقدمون بعد هذا قوائم رسمية تحتوي علي الاسفار القانونية فقط لكي لا ينخدع احد بمحاولات الهراطقة. اولهم العلامة تيتان الذي اكد ان اربع اناجيل فقط منذ سنة 160 م ثم بعده القديس ارينيؤس اسقف ليون في نهاية القرن الثاني والذي تكلم ان الاناجيل القانونية اربعة فقط 

it is fitting that the church should have four pillars ... the four Gospels (Against Heresies, 3.11.8),

ثم القائمة موراتورية وغيرها

لستة القوائم 

وهي مخطوطات تكتب قائمه بالاسفار القانونية 

اول قائمة هي موراتوري وترجع الي سنة 170 م والجزء الاول مفقود ولكن تبدا من مقولة والانجيل الثالث تبعا للوقا الذي كان طبيبا معروفا....

وبعد ذلك انجيل يوحنا واحد من التلاميذ الذي كان الاساقفة يحثونه علي الكتابة فقال صوموا معي ثلاث ايام والذي سيعلن له علي حده فيعلن للاخرين ففي نفس الليلة اعلن لاندراوس ان يقوم يوحنا بكتابة التي يعرفها بشخصه وليقراها الاخرون كلهم 

 

قائمة اوريجانوس 185 الي 254 يقول 

من بين الاناجيل الاربعه الوحيده الغير قابله للجدل في كنيسة الله الارضيه تعلمنا بالتقليد ان الانجيل الاول كتب بحسب متي الذي كان يوما ما جابيا للضرائب ثم اصبح رسولا ليسوع المسيح الذي نشره من اجل اليهود الذين جاؤا ليؤمنوا مؤلفا اياه باللغه العبريه ......... وبعدهم الانجيل بحسب يوحنا 

 

قائمة قوانين الرسل 

في القانون رقم 85 يقول 

الاسفار التالية مكرمه ومقدسه سواء لرجال الدين او العلمانيين وهي للعهد الجديد اربعة اناجيل متي ومرقس لوقا يوحنا 

 

قائمة يوسابيوس القيصري 265 الي 340 م

الاناجيل الاربعة المقدسة  ووضع انجيل متي في الاول ثم مرقس فلوقا فيوحنا

 

قائمة كلارومينتس ( مختلف علي تاريخها من القرن الثالث الي الخامس او السادس ) تقول  

الاربعة اناجيل 

متى 2600 سطر مرقس .....لوقا.......يوحنا 2000 سطر

 

قائمة كيرلس الاورشليمي 350 م يقول

العهد الجديد اربعة اناجيل 

 

قائمة تشلتنهام 360 م تقول 

الاناجيل الاربعه 

متى 2700 سطر مرقس.... لوقا ....يوحنا 1800 سطر 

 

 قائمة مجمع لاوديكية 363 م تقول في القانون 60 

اربعة اناجيل بحسب متي مرقس لوقا يوحنا 

 

قائمة اثاناسيوس الرسولي 367 م يقول

اسفار العهد الجديد وهي اربعة اناجيل بحسب متي مرقس لوقا يوحنا 

 

قائمة غريعوريوس النيزنزي 329 الي 389 م ويقول

اربع اناجيل متى كتب للعبرانيين .......يوحنا المبشر العظيم كتب للكل ماشيا في السموات 

 

قائمة امفيلوكيوس 394 م 
تم تسليم اربعة اناجيل متي ثم مرقس ولوقا ثالثا ويوحنا رابعا ولكنه اولا في سمو التعاليم هذا الذي اقول عنه بالحقيقة ابن الرعد صارخا بعظمة بكلمة الله 

 

قائمة القديس جيروم 394 م 

في رسالته الي بولس اسقف نولا 

العهد الجديد باختصار هو متي مرقس لوقا يوحنا الفريق الرباعي للرب الملائكة الحقيقيين 

 

قائمة اغسطينوس 397 م 

العهد الجديد يحتوي علي : اربعه اناجيل بحسب متي بحسب مرقس بحسب لوقا بحسب يوحنا 

 

 قائمة مجمع قرطاج الذي انعقد علي عدة مراحل بداية من 397 م الي 419 

قانون 24 يقول

 الاسفار الالهية المقدسه اربعة اناجيل 

 

روفينيوس 400 م 

في العهد الجديد اربعة اناجيل متي ومرقس لوقا يوحنا

 

اينوسينت اسقف روما  405 م 

العهد الجديد اربعة اناجيل

ثم بعد ذلك الكثير جدا

لايوجد قائمة واحدة من قوائم الاباء من القرن الثاني وما بعده يحتوي علي هذا الكتاب كاحد الاناجيل بل كلهم اكدوا ان الاناجيل القانونية اربعة

 

ملحوظه هامه 

بدات تنظم الكنيسه قراءات من مقاطع الاربع اناجيل من بدايات الكنيسه من الاربع اناجيل القانونية وهم متي ومرقس ولوقا ويوحنا 

وكانت اول محاوله لتقسيم الاربع اناجيل القانونية في سنة 220 م بواسطة امنيوس من الاسكندرية و هو قسم الاناجيل بدل من انجيل كامل من اول الي اخره بدون فواصل ليقسم الي مقاطع قصيره ومنهم متي البشير وهذا يشهد علي قانونية هذا الانجيل من قبل هذا الزمان واعتراف كل الكنائس به

 

ثالثا الاباء

شهد ايضا الاباء في القرن الثاني الميلادي عن الاربع اناجيل متي ومرقس ولوقا ويوحنا مثل

تكلمت سابقا عن القديس بابياس ( 60 – 130 ) تلميذ القديس يوحنا وزميل القديس بوليكاربوس 

متي وضع "أقوال يسوع" ( لوجيا ) باللغة العبريّة ( او باللسان العبري )، استخدمها المبشرون

وهو يذكر متي بالاسم  وايضا يذكر اسماء الاربعة اناجيل

يوستينوس الشهيد (100 - 165م): من نابلس بفلسطين وقد كرس حياته للدفاع عن المسيحية وكان من أول المدافعين عنها وقد بقى لنا مما كتبه دفاعان عن المسيحية كان قد وجههما إلى الإمبراطور الروماني أنطونيوس بيوس (138 - 161م) والسانتوس الروماني، وحوار مع شخص يدعى تريفو اليهودي. وقد شهد فيهما للأناجيل الأربعة وأشار إليها أكثر من سبع عشرة مره بعبارات مثل: " لأن الرسل سلموا لنا في المذكرات التي دونوها والتي تسمى أناجيل ويقتبس فقط من الاربع اناجيل 

القديس ارينيئوس من بداية القرن الثاني ( 120 الي 202 م ) الذي هو تلميذ القديس بوليكاربوس تلميذ القديس يوحنا فيقول في

 لم يكن ممكنًا أن تكون الأناجيل أكثر أو أقل ممّا هي عليه في العدد. فإنه إذ يوجد أربعة أركان للعالم الذي نعيش فيه وأربعة رياح رئيسيّة، وقد انتشرت المسيحيّة في العالم كله، ولما كان الإنجيل هو عمود الكنيسة وقاعدته (1تي3: 15) وروح الحياة، بهذا كان من اللائق أن يوجد للكنيسة أربعة أعمدة فتتنسّم عدم الفساد من كل ناحية، وتنعش البشريّة أيضًا. خلال هذه الحقيقة واضح أن الكلمة خالق الكل والجالس على الشاروبيم، وضابط الجميع إذ أعلن عن نفسه للبشر قدّم لنا الإنجيل تحت أربعة أشكال إذ كان مرتبطًا بروح واحد. وكما يقول داود متوسّلاً إلى حضرته "أيها الجالس على الشاروبيم اِشرق" (مز80: 1)، إذ للشاروبيم أيضًا أربعة وجوه لها شكل التدبير الخاص بابن الله. 

يقول الكتاب "إن المخلوقات الأربعة الحيّة:-

الأول مثل الأسد" (رؤ4: 7) فيرمز لعمله الفعّال وسموّه وسلطانه الملوكي. 

والثاني مثل الثور يُشير إلى تدبيره الذبيحي والكهنوتي.

والثالث له شبه وجه إنسان شهادة لوصف مجيئه كإنسان. 

والرابع مثل نسر طائر يُشير إلى عطيّة الروح الذي يرفرف بجناحيّه على الكنيسة.

يوستينوس الشهيد (100-165م):

آمن بالمسيحية وكرس حياته للدفاع عنها، فى بداية القرن الثانى، وقد بقى لنا من كتاباته دفاعين عن المسيحية وجهها للإمبراطور الرومانى أنطونيوس بيوس (138-161م) والسانتوس الرومانى، وحوار مع تريفوا اليهودى. وقد شهد فيهم للإنجيل ومنهم انجيل متي البشير وأقتبس منه وأستشهد به أكثر من 59 مره، 

تاتيان السورى (110- 172م):

كان تلميذاً ليوستينوس الشهيد، ولكنه انحرف بعد ذلك. هذا الرجل جمع قبل ان يخطئ فكريا فيما بين (160- 170م) الأناجيل الأربعة فى كتاب واحد أسماه "دياتسرون" أى الرباعى ويعتبر هذا الكتاب ذو قيمة عالية وثمينة لشهادته للإنجيل بأوجهه الأربعة، كما كانت تنظر إليه الكنيسة الأولى.

وايضا العلامه اوريجانوس علق علي وجود اربع اناجيل متي ومرقس ولوقا ويوحنا بقوله 

كما أن كل وتر من أوتار القيثارة يعطي صوتًا معينًا خاصًا به يبدو مختلفًا عن الآخر، فيظن الإنسان غير الموسيقي والجاهل لأصول الانسجام الموسيقي أن الأوتار غير منسجمة معًا لأنها تعطي أصوات مختلفة، هكذا الذين ليس لهم دراية في سماع انسجام الله في الكتب المقدّسة يظنون أن العهد القديم غير متّفق مع الجديد أو الأنبياء مع الشريعة أو الأناجيل مع بعضها البعض أو مع بقيّة الرسل. أما المتعلّم موسيقى الله كرجل حكيم في القول والفعل يُحسب داود الآخر، إذ بمهارة تفسيره يجلب أنغام موسيقى الله متعلمًا من هذا في الوقت المناسب أن يضرب على الأوتار، تارة على أوتار الناموس وأخرى على أوتار الأناجيل منسجمة مع الأولى، فأوتار الأنبياء. وعندما تتطلّب الحكمة يضرب على الأوتار الرسوليّة المنسجمة مع النبويّة كما في الأناجيل. فالكتاب المقدّس هو آلة الله الواحدة الكاملة والمنسجمة معًا، تعطي خلال الأصوات المتباينة صوت الخلاص الواحد للراغبين في التعليم، هذه القيثارة التي تبطل عمل كل روح شرّير وتقاومه كما حدث مع داود الموسيقار في تهدئة الروح الشرّير الذي كان يتعب شاول (1 صم 16: 14)

العلاّمة ترتليان ( 145 – 220 ) سنة 180 م له مقوله هامة جدا عن الاربع اناجيل 

تعالى الآن، انت يا من ستنغمس فى فضول أفضل، اذا طبقته لعمل خلاصك. أركض الى الكنائس الرسولية، حيث عروش الرسل مازالوا شاهقين فى أماكنهم، و التى تُقرأ فيها كتابتهم الأصلية، حيث يروج الصوت و يُمثل وجه كل منهم بمفرده

وايضا ان الإنجيلي متّى في عرضه لملاقاة السيّد مع تلاميذه داخل السفينة وسط الرياح الثائرة صورة حيّة للكنيسة التي تستمد سلامها من السيّد المسيح الساكن فيها والمتجلّي داخلها بالرغم ممّا يثيره الشيطان من اضطرابات ومضايقات. أخيرًا فإن الإنجيلي يختم السفر بكلمات السيّد لتلاميذه أن يتلمذوا جميع الأمم ويعمّدوهم ويعلّموهم أن يحفظوا جميع ما أوصاهم به (28: 19، 20) مؤكدًا معيّته معهم كل الأيام إلى انقضاء الدهر (28: 20)، وكأن الكنيسة ممتدة من حيث المكان لتشمل الأمم ومن حيث الزمان إلى مجيئه الأخير لتعيش معه وجهًا لوجه!

إكليمندس الأسكندرى (150-215م) :

مدير مدرسة الإسكندرية اللاهوتية وتلميذ العلامة بنتينوس ومعلم كل من العلامة أوريجانوس وهيبوليتوس، 

ويقول عن تدوين الأناجيل الأربعة كما ينقل عن يوسابيوس القيصرى :

"وفى نفس الكتاب أيضاً يقدم إكليمندس تقليد الآباء الأولين عن ترتيب الأناجيل على الوجه التالى : فيقول ان الإنجيلين المتضمنين نسب المسيح كتبا أولاً

هيبوليتوس (170-235م) :

كاهن بروما اقتبس واستشهد بأسفار العهد الجديد أكثر من 1300 مرة وأشار إلى قراءتها فى الاجتماعات العبادية العامة كما أشار إلى قداستها ووحيها وكونها كلمة الله. ومنها وبكثرة الاربع اناجيل

رسالة برنابا حيث يقتبس من إنجيل متى (22: 14) قائلاً : "مكتوب" . 

كان إنجيل متى مصدراً رئيسياً استقى منه يوستينوس الشهيد معلوماته عن حياة الرب يسوع وأقواله رغم أنه لم يذكر هذا الإنجيل بالاسم. ونجد أن الأصل الرسولى لإنجيل متى، ثابت فى كتابات يوستينوس لأنه جزء من "ذكريات الرسل" المسماة "بالأناجيل" والتى كانت تقرأ أسبوعياً فى اجتماعات المسيحيين. 

يوسايبوس القيصري 264 الي 340 م يخبرنا ايضاً أن متى بعدما كرز بين مواطنيه من اليهود، ذهب إلى أمم أخرى، بعد أن ترك لليهود إنجيلاً مكتوباً بلغتهم كبديل لخدمته الشفهية، ويؤكد إيريناوس وأوريجانوس شهادة بايياس بأن متى هو كاتب الإنجيل الأول، ويمكن اعتبار أن هذه الشهادة كانت هى العقيدة الراسخة فى القرن الثاني ، وأن الإنجيل كتب اصلاً بالعبرية.

القديس أثناسيوس الرسولى (296-373م) :

بابا الإسكندرية العشرون والمسمى بالرسولى لدفاعه البطولى عن جوهر الإيمان المسيحى ومواجهته لكل خصوم عقيدة مساواة الأبن للآب فى الجوهر. وترجع أهمية قانونه للأسفار المقدسة الموحى بها لأنه يمثل جميع كنائس العالم فى ذلك الوقت، إذ كان معترفاً به من جميع الكنائس التى كانت قد وصلت إلى مرحلة من اليقين الكامل والمطلق بقانونية كل أسفار العهد الجديد كما هى بين أيدينا. وهى كالآتى :

"الأناجيل الأربعة التى بحسب متى ومرقس ولوقا ويوحنا

واثناء وبعد مجمع نقيقيه كم ضخم من الاباء ذكروا الاربع اناجيل وقانونيتهم  واستشهدوا بهم

 

والمجد لله دائما