«  الرجوع   طباعة  »

هل صنع الرب يسوع المسيح معجزات ام رفض ان يعطيهم اية متى 12 و16 ولوقا 11 ومرقس 8

 

Holy_bible_1

 

الشبهة 

 

رفض يسوع أن يعطى للفريسيين والصدوقيين آية إلا آية يونان (4جِيلٌ شِرِّيرٌ فَاسِقٌ يَلْتَمِسُ آيَةً وَلاَ تُعْطَى لَهُ آيَةٌ إِلاَّ آيَةَ يُونَانَ النَّبِيِّ».) متى 16: 1-4، فهل كذب عليهم وعمل معجزات أخرى تملأ الأناجيل الأربعة، أم صدق في قوله هذا لهم ولم يعطيهم إلا آية يونان، وكذبت الأناجيل فيما نسبته له من معجزات؟

 

الرد

 

في البداية ارجو الرجوع الى ملف 

هل اعطي المسيح للفريسين اية ام رفض ان يعطيهم اية ؟ متي 12: 38-39 مرقس 8: 11-12 ولوقا 11: 29

وفيه وضحت انه لا تناقض بين انجيل متى وانجيل مرقس 

ولكن هنا أوضح نفس الامر من زاوية أخرى 

الحقيقة لم يفهم المشكك ما قصد المبشرين الثلاثة الذي عنى بكلامهم ان المسيح رفض ان يستجيب للفريسيين في هذا الموقف فقط ورفض ان يعطيهم اية من السماء. فهم لم يطلبوا أي أية بل اية من السماء تحديدا وهذا بعد أن فعل امامهم المسيح آيات كثيرة جدا اخرها اخراج الشياطين بعد أيضا معزة اشباع الجموع. فكيف بعد هذا يدعي المشكك أن المسيح لم يفعل آيات 

مع ملاحظة ان هؤلاء الفريسيين بعد ان اخرج الشياطين امامهم ادعوا انه يخرج الشياطين ببعلزبول يخرج الشياطين أي انهم اختاروا الرفض حتى مع هذه المعجزات القوية

وللتوضيح أكثر ندرس الاعداد معا 

انجيل متي 12 

مت 12 :15 فعلم يسوع و انصرف من هناك و تبعته جموع كثيرة فشفاهم جميعا

مت 12 :22 حينئذ احضر اليه مجنون اعمى واخرس فشفاه حتى ان الاعمى الاخرس تكلم و ابصر

مت 12 :23 فبهت كل الجموع وقالوا العل هذا هو ابن داود 

مت 12 :24 اما الفريسيون فلما سمعوا قالوا هذا لا يخرج الشياطين الا ببعلزبول رئيس الشياطين 

مت 12 :25 فعلم يسوع افكارهم وقال لهم كل مملكة منقسمة على ذاتها تخرب وكل مدينة او بيت منقسم على ذاته لا يثبت 

مت 12 :26 فان كان الشيطان يخرج الشيطان فقد انقسم على ذاته فكيف تثبت مملكته 

مت 12 :27 وان كنت انا ببعلزبول اخرج الشياطين فأبناؤكم بمن يخرجون لذلك هم يكونون قضاتكم 

مت 12 :28 ولكن ان كنت انا بروح الله اخرج الشياطين فقد اقبل عليكم ملكوت الله 

أي ان الفريسيين يعرفون انه يعمل معجزات ولكن ادعوا انه يعملها بقوة الشيطان وهذا تجديف 

12: 38 حينئذ اجاب قوم من الكتبة والفريسيين قائلين يا معلم نريد ان نرى منك اية 

12: 39 فأجاب وقال لهم جيل شرير وفاسق يطلب اية ولا تعطى له اية الا اية يونان النبي 

12: 40 لأنه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة ايام وثلاث ليال هكذا يكون ابن الانسان في قلب الارض ثلاثة ايام وثلاث ليال 

الرب رفض ان يصنع لهم اية 

أولا فالكتبة والفريسيين بعد معجزة اشباع الجموع طلبوا منه ان يقدم لهم اية من السماء وهذا طلب فيه مكر فهو صنع معجزات من قبل لكنهم قالوا أنه يعملها ببعلزبول يفعل هذه الايات ويخرج الشياطين فهم لا يستحقون. 

ثانيا هم يطلبون ايه من السماء لا تفيدهم في شيئ. 

فالرب يسوع المسيح حسب كلام متي البشير يرفض ان يعطيهم اية من السماء ويخبرهم بأنهم لن يقدم لهم اية الان امامهم فهو لا يصنع معجزات استعراضا ولا يقبل ان يجربوه لأنه قال لا تجرب الرب إلهك. ولكن يفعل المعجزات المفيدة لمن يحتاج ويطلب بإيمان. 

ولكنه يكمل ويقول لهم بانه سيفعل ايه موته وقيامته في الوقت الذي يختاره ويعطيهم علامة لكي يفهموا بأنهم غير مؤمنين ولكن بعد موته وقيامته سيفهمون انه قدم لهم ليست الايه التي طلبوها ولكن الآية التي يحتاجونها، الآية التي حملت رمزاً لدفن السيد المسيح وقيامته التي بها أعطانا الخلاص وهذه الآية هي آية يونان النبى. وموت المسيح نفسه وقيامته هي آية عجيبة لمن يفهم، فموت المسيح فيه موت للخطية وقيامة المسيح فيها إنتصار على الموت وهذه هي الآية التي يحتاجها الإنسان لخلاصه. فكيف يقول المشكك ان هذا اعلان ان المسيح لم يفعل ايات؟

باي عقل يتكلم هذا المشكك؟ ان كان المسيح في نفس العدد يقول انه سيعطيهم اية يونان.

فهو يستشهد بمثال يونان فكأنه يعلن انهم يحتاجون لتوبة كتوبة يونان النبي وتوبة ننوي التي تابت بمناداة يونان. فالمسيح يعلم ما في قلوبهم من شرور جعلتهم لا يفهمون كل ما عمله سابقاً من معجزات وأيضا المعنى وراء هذا الكلام أن الضربات التي كانت ستوجه لنينوى إن لم تتب، ستوجه لليهود لو رفضوا الإيمان بالمسيح، وهذا ما حدث سنة 70م.

 

فاكرر مرة ثانية ان السيد المسيح لم يستجب لهم في هذا الموقف فقط ورفض طلبهم ولم يصنع لهم معجزة في هذا الموقت بعد ان كان بالفعل صنع معجزات امامهم 

 

واكد لوقا البشير كلام متي البشير 

انجيل لوقا 11

11 :14 و كان يخرج شيطانا و كان ذلك اخرس فلما اخرج الشيطان تكلم الاخرس فتعجب الجموع 

11 :15 واما قوم منهم فقالوا ببعلزبول رئيس الشياطين يخرج الشياطين 

ويذكر كذبهم في معجزة اخراج الأرواح الشريرة 

11: 16 واخرون طلبوا منه اية من السماء يجربونه 

فمعلمنا لوقا البشير يشرح زاوية اخري وهي ان الفريسيين الاشرار وهم يحاولوا ان يجربوه حددوا له بشبه تحدي انهم يريدون نوع الاية ان تكون من السماء. فهم رؤا معجزات كثيرة ولكن من شرهم يحددون له نوع المعجزة التي يجب ان يفعلها امامهم 

11: 29 و فيما كان الجموع مزدحمين ابتدأ يقول هذا الجيل شرير يطلب اية و لا تعطى له اية الا اية يونان النبي 

11: 30 لانه كما كان يونان اية لاهل نينوى كذلك يكون ابن الانسان ايضا لهذا الجيل 

وأيضا يوضح ان المسيح فعل معجزات امامهم ورفض ان يفعل معجزة حسب مزاجهم وليس للبنيان ولكن قال لهم انه سيعمل معجزة قيامته 

معلمنا مرقس البشير يتكلم باختصار ويقول

انجيل مرقس 8

8 :1 في تلك الايام اذ كان الجمع كثيرا جدا و لم يكن لهم ما ياكلون دعا يسوع تلاميذه و قال لهم 

8 :2 اني اشفق على الجمع لان الان لهم ثلاثة ايام يمكثون معي و ليس لهم ما ياكلون 

8 :3 و ان صرفتهم الى بيوتهم صائمين يخورون في الطريق لان قوما منهم جاءوا من بعيد 

8 :4 فاجابه تلاميذه من اين يستطيع احد ان يشبع هؤلاء خبزا هنا في البرية 

8 :5 فسالهم كم عندكم من الخبز فقالوا سبعة 

8 :6 فامر الجمع ان يتكئوا على الارض و اخذ السبع خبزات و شكر و كسر و اعطى تلاميذه ليقدموا فقدموا الى الجمع 

8 :7 و كان معهم قليل من صغار السمك فبارك و قال ان يقدموا هذه ايضا 

8 :8 فاكلوا و شبعوا ثم رفعوا فضلات الكسر سبعة سلال 

8 :9 و كان الاكلون نحو اربعة الاف ثم صرفهم 

وبعد هذا ذهابه الي دلمنوثة ثم اخراج الشياطين ثم حوار الفريسيين 

11 فَخَرَجَ الْفَرِّيسِيُّونَ وَابْتَدَأُوا يُحَاوِرُونَهُ طَالِبِينَ مِنْهُ آيَةً مِنَ السَّمَاءِ، لِكَيْ يُجَرِّبُوهُ.
12 فَتَنَهَّدَ بِرُوحِهِ وَقَالَ: «لِمَاذَا يَطْلُبُ هذَا الْجِيلُ آيَةً؟ اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَنْ يُعْطَى هذَا الْجِيلُ آيَةً!» 

الملاحظ ان مرقس كعادته يتكلم باختصار شديد ولايذكر تفاصيل الحوار بين المسيح والفريسيين في هذا الموقف 

ولهذا هو يتكلم باسلوب الغائب وليس باسلوب المخاطب ولكن ملخص كلام مرقس يؤكد ما قله متي البشير ولوقا البشير فهو قال 

ان الاية التي طلبوها هي اية من السماء  

ان المسيح رفض ان يعطيهم اية من السماء مباشره استجابه لطلبهم لانه ليس للتظاهر 

وأيضا يرفض ان يجربوه 

سفر التثنية 6: 16

 

لاَ تُجَرِّبُوا الرَّبَّ إِلهَكُمْ كَمَا جَرَّبْتُمُوهُ فِي مَسَّةَ.

ايضا يوضح استنكاره من تصرفاتهم ورفضهم له ولمعجزاته

مع ملاحظة ان اعظم ايه بالفعل اعطاها السيد المسيح ليس لليهود فقط بل للعالم كله هو فداؤه لهم وموته عنهم وقيامته ورمز اليها بأية يونان وهذا الذي اكده المبشرين الثلاثة  

بل بعد هذا الموقف أكمل المسيح مباشرة معجزاته 

 

واخيرا المعني الروحي 

من تفسير ابونا تادرس يعقوب واقوال الاباء

يرى القدّيس كيرلّس الكبير أن السيّد المسيح رفض تقديم آية لهم لأنهم طلبوا ذلك بمكر، فقد قدّم لهم قبل ذلك آيات فاتهموه أنه برئيس الشيّاطين يخرج شيّاطين، لذا لم يستحقّوا التمتّع بآياته، إذ يقول: [نَبَع طلبهم عن مكر فلم يُستجاب لهم كقول الكتاب: "يطلبني الأشرار ولا يجدونني" (راجع هو 5: 6)... لقد نسبوا لبعلزبول أعمالاً مجيّدة هكذا وعجيبة ولم يخجلوا من تحطيم الآخرين مع تحطيم أنفسهم بذات الأمور التي كان يجب أن تكون علّة تثبيت للإيمان بالمسيح. لهذا لم يرد أن يقدّم لهم آية أخرى، فلا يقدّم القُدْس للكلاب ولا يُلقي الدُرر للخنازير، إذ كيف يستحق هؤلاء الذين قدّموا افتراءات مرّة على المعجزات التي تمت أن يتمتّعوا برؤية معجزات أخرى؟... لهذا قال لهم أنه لا تعطى لهم سوى آية يونان التي تعني الصليب والقيامة من الأموات... وقد كان يمكن ليسوع ألا يريد أن يموت بالجسد على الصليب ولا يقدّم الآية لليهود، لكن هذه الآلام ضروريّة لخلاص العالم، فأعطيت لغير المؤمنين (من اليهود) لدينونتهم. في حديثه معهم قال: "اُنقضوا هذا الهيكل وفي ثلاثة أيام أُقيمه(يو 2: 19). إن إبادته للموت وإصلاحه الفساد بالقيامة من الأموات لهو علامة عظيمة على قوّة الكلمة المتجسّد وسلطانه الإلهي وبرهانًا كافيًا كما أظن في حكم الناس الجادِّين. لكنهم رشوا عسكر بيلاطس بمبلغ كبير من المال ليقولوا أن "تلاميذه أتوا ليلاً وسرقوه" (مت 28: 13). لقد كانت (قيامته) علامة ليست بهيّنة بل كافية لإقناع سكان الأرض كلها أن المسيح هو الله، وأنه تألّم بالجسد باختياره وقام ثانية آمرًا قيود الموت أن ترحل والفساد أن يُطرد خارجًا. لكن اليهود لم يؤمنوا حتى بهذا لذلك قيل عنهم بحق "ملكة التيمن ستقوم في الدين مع هذا الجيل وتدينه[42][550].

كأن السيّد أراد أن يؤكّد لهم بأن الآية ليست عملاً استعراضيًا، وإنما هي عمل إلهي غايته خلاص الإنسان، يتقدّم هذا كلّه الآية التي حملت رمزًا لدفن السيّد المسيح وقيامته من الأموات ليهبنا الدفن معه والتمتّع بقوة قيامته، أي آية يونان النبي.

إن كانت الآيات والمعجزات غايتها "حياة الإنسان الروحيّة"، لهذا يرى الآباء أن الحياة الفاضلة هي أفضل من صنع المعجزات. إذ لا يديننا الله على عدم صنع معجزات، إنّما يديننا إن كنّا لا نحيا بروحه القدّوس الحياة اللائقة كأولاد له. ويؤكّد السيّد أن في اليوم العظيم، سيدين الأشرار حتى وإن كانوا قد صنعوا باسمه آيات، حاسبًا أنه لا يعرفهم.

v     لا تطلب علامات بل صحّة النفس.

لا تطلب أن ترى ميّتًا قام، فقد تعلَّمت أن العالم كلّه يقوم.

لا تطلب أن ترى أعمى يشفى، بل أن يتطلّع الكل الآن لينعم بنظرة أفضل وأنفع، وتتعلَّم أن تنظر بطهارة فتُصلح عينيك. 

إن كنّا نعيش كما يليق يندهش أبناء الوثنيّين بنا أكثر من صانعي المعجزات.

v     إن أردت أن تصنع معجزات أيضًا عليك أن تتخلَّص من المعاصي بهذا تحقّق المعجزات تمامًا.

القدّيس يوحنا الذهبي الفم[551]

v     علينا ألا نُخدع لمجرد تسميتهم باسم المسيح دون أن يكون لهم الأعمال، بل ولا المعجزات تخدعنا، لأن الرب الذي صنع المعجزات لغير المؤمنين، حذّرنا من أن نُخدع بالمعجزات، ظانّين أنه حيثما وُجدت المعجزة المنظورة توجد الحكمة غير المنظورة، لذلك أضاف قائلاً: "كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم يا رب يا رب أليس باسمك تنبّأنا، وباسمك أخرجنا شيّاطين، وباسمك صنعنا قوّات كثيرة، فحينئذ أصرِّح لهم: إني لا أعرفكم قط، اذهبوا عنّي يا فاعلي الإثم" (مت 7: 22-23) فهو لا يعرف غير صانعي البرّ.

القدّيس أغسطينوس

أما ارتباط يونان بشخص السيّد المسيح فهو ارتباط الرمز بالمرموز إليه، وكما يقول القدّيس كيرلّس الأورشليمي: "إن كان يونان قد ألقيَ في بطن الحوت، فالرب يسوع نزل بإرادته إلى حيث حوت الموت غير المنظور، ليجبره على قذف الذين كان قد ابتلعهم، كما هو مكتوب: "من يد الهاوية أفديهم، من الموت أخلِّصهم".

ويقول القديس باسيليوس الكبير[أعطاهم علامة لكن ليست من السماء، لأنهم لم يكونوا يستحقّون رؤيتها، إنّما من أعماق الجحيم، أعنى علامة تجسّده ولاهوته وآلامه وتمجيده بقيامته بعد دخوله إلى الجحيم ليحرّر الذين ماتوا على رجاء[552].] كما يقول القدّيس أمبروسيوس: [آية يونان ترمز لآلام ربّنا، وفي نفس الوقت شهادة ضدّ خطيّة اليهود الخطيرة التي يرتكبوها. بأهل نينوى يُشير إلى العقاب (إذ يقدّم اليهود العذابات للسيّد المسيح) وفي نفس الوقت الرحمة، فلا ييأس اليهود من المغفرة إن مارسوا التوبة[553].]

لقد تمتّع أهل نينوى بيونان الكارز المنطلق من بطن الحوت، أمّا نحن فتمتّعنا بيونان الحقيقي القادر أن يطلقنا من أعماق الهاوية ويدخل بنا إلى ملكوته السماوي:"هوذا أعظم من يونان ههنا" [41].

 

والمجد لله دائما