هل الرب يغير ام لا يغير فكره؟ عبرانيين 13 وارميا 26 ويونان 3 وملاخي 3



Holy_bible_1

2/2/2019



الشبهة



يقول الكتاب المدعو المقدس ان الله لا يتغير

فيقول في عبرانيين 13 :8 يسوع المسيح هو هو امسا واليوم والى الابد

ويقول في ملاخي 3: 6لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ لاَ أَتَغَيَّرُ

ولكن نجد العكس ان رب الكتاب يغير فكره

فيقول ارميا 26 :13 فالان أصلحوا طرقكم واعمالكم واسمعوا لصوت الرب الهكم فيندم الرب عن الشر الذي تكلم عليكم

ويقول يونان 3 :10 فلما رأى الله اعمالهم انهم رجعوا عن طريقهم الرديئة ندم الله على الشر الذي تكلم ان يصنعه بهم فلم يصنعه

فهل يتغير فكر رب الكتاب ام لا يتغير؟



الرد



الرد باختصار في البداية هو ان الرب الفعل لا يتغير لا في طبيعته ولا صفاته، ولكن الهنا ليس متجمد ولا صمد او متصلب بل عنده مشاعر ولهذا اعطى البشر مشاعر ففاقد الشيء لا يعطيه وطالما افاض على البشر بهذه المشاعر فهو يشعر وفهو عادل ويعاقب ورحوم وحنون يغفر ويعين وينقذ وأيضا ينذر قبل العقاب ويعطي فرصة للتوبة. ولكن أيضا الهنا الذي كل شيء امامه مفتوح ولا يوجد ماضي وحاضر ومستقبل فهو خالق الوقت وفوق الوقت فالذي بالنسبة لنا هو المستقبل هو معلوم امام الله بعلمه المسبق، ولهذا هو يعرف رد الفعل البشر للإنذار.

أيضا الرب يحدثنا بلغة بشرية، بالأسلوب الذي نفهمه. لكن الفكر المسيحي عن الله هو غير محدود والغير محدود ولا يتأثر بالعالم المادي والوقت لا يغير صفات الله ولا يزيده ولا ينقصه.

والمادة والزمن والوجود وكل الأجساد والاوقات اصلا في الله وخلقها فيه. لان لو الله خلق الكون بما فيه من مكان وزمان ومادة خارجه إذا هو لا يملأ الكل إذا الله محدود لان يوجد مكان خلق فيه الكون بأبعاده الأربعة لا يوجد فيه الله. ويكون المكان والزمان الذي خلق الله فيه الكون ازلي مع الله. فالله خلق الكون في داخل الله لأنه لا يوجد شيء اخر خارج الله لا زمان ولا مكان.

وشرحت سابقا شبهات مشابهة في

هل كون الله لا يتغير ينفي التجسد؟ ملاخي 3: 6 ويعقوب 1: 17

وأيضا

هل الله يندم؟

اما عن الاعداد المستشهد بها وندرس كل منها باختصار في سياقها

شرحت ملاخي 3: 6 في الملفات السابقة ولهذا باختصار

سفر ملاخي 3: 6

لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ لاَ أَتَغَيَّرُ فَأَنْتُمْ يَا بَنِي يَعْقُوبَ لَمْ تَفْنُوا.

رغم ان العدد يتكلم اصلا عن عدم تغيير وعوده وليس تغير اصلا. فهنا يتكلم عن وعده بعدم السماح بإفناء بني يعقوب فحتى لو اخطؤا يعاقبهم ولكن افناء لا يفنيهم

دليل ذلك انه صحيح وتحقق أن شعب إسرائيل لم يفنى حتى الآن

فهذا ليس له أي علاقة بان الرب ينذر قبل العقاب ومن يتوب يغفر له

العدد الثاني

رسالة بولس الرسول الى العبرانيين 13

13 :7 اذكروا مرشديكم الذين كلموكم بكلمة الله انظروا الى نهاية سيرتهم فتمثلوا بايمانهم

13 :8 يسوع المسيح هو هو امسا واليوم والى الابد

13 :9 لا تساقوا بتعاليم متنوعة وغريبة لانه حسن ان يثبت القلب بالنعمة لا باطعمة لم ينتفع بها الذين تعاطوها

أيضا هنا الكلام عن التعاليم عن المسيح وطبيعته وفداؤه وليس عن المغفرة لمن يتوب

فهو أراد أن يوصيهم في آية (9) أن لا ينساقوا وراء تعاليم غريبة، يؤكد لهم هنا أن يسوع المسيح لا يتغير وهو باقي بنفس تعاليمه ووصاياه، نقبله كما قبله آباؤنا. ونسلم الإيمان الذي قبلناه من أبائنا إلى أولادنا كما هو (يه3) ويستمر للأجيال القادمة بلا تحريف. المسيح عمل في أبائنا ويعمل فينا وسيعمل في الأجيال القادمة بنفس طريقته فهو لا يتغير كما كان مع الآباء هكذا سيكون معنا. لقد اختبرنا أعمال محبته ورحمته دائمًا وروعة وصاياه وتعاليمه وهي لا تتغير وعمله لا يتغير.

هذا ما يتكلم عنه العدد ولكن حتى لو افترضنا ان الكلام جدا عن الطبيعة والفكر

فالمسيح بلاهوته وبفكره لم يتغير فهو يملأ السماوات والأرض حتى في وقت تجسده

إنجيل يوحنا 3: 13

وَلَيْسَ أَحَدٌ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ إِلاَّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ، ابْنُ الإِنْسَانِ الَّذِي هُوَ فِي السَّمَاءِ.

الرسالة إلى أهل كولوسي 1: 16

فَإِنَّهُ فِيهِ خُلِقَ الْكُلُّ: مَا في السَّمَاوَاتِ وَمَا عَلَى الأَرْضِ، مَا يُرَى وَمَا لاَ يُرَى، سَوَاءٌ كَانَ عُرُوشًا أَمْ سِيَادَاتٍ أَمْ رِيَاسَاتٍ أَمْ سَلاَطِينَ. الْكُلُّ بِهِ وَلَهُ قَدْ خُلِقَ.

الرسالة إلى أهل كولوسي 1: 17

الَّذِي هُوَ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ، وَفِيهِ يَقُومُ الْكُلُّ

وهنا يؤكد ان اصلا كل شيء في الكون من أصغر جزيء في الذرة لأكبر مجرة هو قائم فيه وبدونه لا يستمر وهو يملاؤه ولكنه خارج حدوده ايضا. فكون المسيح بلاهوته لا يتغير وفيه قائم كل شيء هذا لا يناقض ولا يلغي انه حنون وكثير الرحمة

سفر المزامير 103: 8

الرَّبُّ رَحِيمٌ وَرَؤُوفٌ، طَوِيلُ الرُّوحِ وَكَثِيرُ الرَّحْمَةِ.

رسالة بولس الرسول إلى أهل أفسس 2: 4

اَللهُ الَّذِي هُوَ غَنِيٌّ فِي الرَّحْمَةِ، مِنْ أَجْلِ مَحَبَّتِهِ الْكَثِيرَةِ الَّتِي أَحَبَّنَا بِهَا،

ولهذا هو يتمهل على الخطاة لكي يتوبوا

إنجيل لوقا 5: 32

لَمْ آتِ لأَدْعُوَ أَبْرَارًا بَلْ خُطَاةً إِلَى التَّوْبَةِ».

ومن يتوب تمحى خطاياه

سفر أعمال الرسل 3: 19

فَتُوبُوا وَارْجِعُوا لِتُمْحَى خَطَايَاكُمْ، لِكَيْ تَأْتِيَ أَوْقَاتُ الْفَرَجِ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ.

ومن يرفض التوبة يعاقب



اما عن تعبير انه غير فكره مثلما قال ندم

فندم الرب= الله لا يندم مثل البشر ولكن لكي نفهم هذه الآية نضع بجانبها الآية "إرجعوا إلىّ.. فأرجع إليكم" (زك3:1) فالله في محبته واقف ينتظر توبتنا ونحن الذين نختار طريقنا

ولكن لو اخذنا في الاعتبار ان الله يعلم كل شئ وايضا هو فوق الزمان ولا يتغير ولا يوجد افعال افضل من افعاله فيبقي معني واحد للندم وهو الحزن فقط على الخطية التي جبلت العقاب بعدله ولكن بحنانه لما يتوبوا يسامحهم

وكلمة ندم لها معاني عدة بالعبري

H5162

נחם

nâcham

naw-kham'

A primitive root; properly to sigh, that is, breathe strongly; by implication to be sorry, that is, (in a favorable sense) to pity, console or (reflexively) rue; or (unfavorably) to avenge (oneself): - comfort (self), ease [one’s self], repent (-er, -ing, self).

تعني يتنفس تنفس بقوة بتطبيق حزن شفقة تعزية او ثأر راحة سهولة توبة ....

فهي تعني الحزن وراحة وندم ايضا

فهو لا يندم بمعني يتراجع ولكنه يندم بمعني يحزن كاب علي عقاب ابنه الذي يريد فائدته ولكنه يعاقبه ويتألم بسبب الام ابنه فهو هنا حزن علي ابناؤه الخطأة ويؤكد ذلك ان الرب عاقبهم بسبب خطيتهم



الشاهد الثالث

سفر ارميا 26

26 :12 فكلم ارميا كل الرؤساء وكل الشعب قائلا الرب ارسلني لا تنبا على هذا البيت وعلى هذه المدينة بكل الكلام الذي سمعتموه

26 :13 فالان أصلحوا طرقكم واعمالكم واسمعوا لصوت الرب إلهكم فيندم الرب عن الشر الذي تكلم عليكم

الشعب في هذا الوقت كانوا خطاة وكان قد اقترب السبي البابلي ولكن الرب من رحمته يريد ان ينذرهم مرة أخرى بعد انذاراته الكثيرة فلهذا ارميا يقول لهم ان يتوبوا ولو تابوا الرب سيرجع عن الشر الذي سمح بانه يأتي عليهم بسبب انه رفع حمايته عنهم وهو السبي الذي اقترب. ولكن للأسف لم يتوبوا فتم السبي.

وهذا ليس تغير في الله ولكن فرصة للتوبة

أيضا يشبهه ولكن النهاية عكسية

سفر يونان 3

3 :6 و بلغ الامر ملك نينوى فقام عن كرسيه و خلع رداءه عنه و تغطى بمسح و جلس على الرماد

3 :7 و نودي و قيل في نينوى عن امر الملك و عظمائه قائلا لا تذق الناس و لا البهائم و لا البقر و لا الغنم شيئا لا ترع و لا تشرب ماء

3 :8 و ليتغط بمسوح الناس و البهائم و يصرخوا الى الله بشدة و يرجعوا كل واحد عن طريقه الرديئة و عن الظلم الذي في ايديهم

3 :9 لعل الله يعود و يندم و يرجع عن حمو غضبه فلا نهلك

3 :10 فلما راى الله اعمالهم انهم رجعوا عن طريقهم الرديئة ندم الله على الشر الذي تكلم ان يصنعه بهم فلم يصنعه

الرب الذي اعطى لأهل نينوى اختيارين الاول هو التوبه والرجوع عن خطاياهم فيغفر لهم والثاني هو رفض التوبه فيعاقبهم ويقلب المدينه وهم اختاروا الاول فتابوا بالفعل فغفر لهم الرب

كلمة ندم تحمل اكثر من معنيلكنني أود أن أوضح أن الله ليس كسائر البشر يخطئ فيندم، إنما يحدثنا هنا بلغة بشرية، بالأسلوب الذي نفهمه، حين نقدم توبة نسقط تحت مراحم الله ورأفاته فلا نسقط تحت العقوبة (الشر) بسبب انه رفع حمايته عنا.

وهنا هم اختاروا التوبة فاستراح الرب بتوبتهم وهذا من معاني كلمة نخام العبرية كما قدمت

فهذا ليس تغير في الله بل استمرار عدله ورحمته

وفعلا الله لا يسر بموت الشرير عندما يصر على خطاياه بل يستمر ينذره

سفر حزقيال 33: 11

قُلْ لَهُمْ: حَيٌّ أَنَا، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ، إِنِّي لاَ أُسَرُّ بِمَوْتِ الشِّرِّيرِ، بَلْ بِأَنْ يَرْجعَ الشِّرِّيرُ عَنْ طَرِيقِهِ وَيَحْيَا. اِرْجِعُوا، ارْجِعُوا عَنْ طُرُقِكُمُ الرَّدِيئَةِ! فَلِمَاذَا تَمُوتُونَ يَا بَيْتَ إِسْرَائِيلَ؟

رسالة بطرس الرسول الثانية 3

3: 9 لا يتباطا الرب عن وعده كما يحسب قوم التباطؤ لكنه يتانى علينا و هو لا يشاء ان يهلك اناس بل ان يقبل الجميع الى التوبة

الرب يحب العالم ويريد خلاص الكل ولكنه من يصر على ان يكون شرير ويرفض الرب يسوع المسيح ويريد ان يهلك ابناء الرب المؤمنين به فالرب رغم محبته من عدله يترك هذا الانسان لشروره ويرفع حمايته عنه فيهلك في النهاية بعد ان يعطيه زمان توبة ومن يتوب الرب يشفق عليه وهو من معاني كلمة نخام العبرية كاب يشفق على ابنه ويسامحه

وهذا ليس تغير في الله ولكن مشاعر ابوية حنونة من الله رغم انه بعلمه المسبق يعرف ما سيختار مسبقا ولكنه يتركه بحرية يختار وهذا لا هو تغير لا في طبيعة الله ولا صفاته ولا أفكاره التي هي اعلى من افكارنا

رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 11: 33

يَا لَعُمْقِ غِنَى اللهِ وَحِكْمَتِهِ وَعِلْمِهِ! مَا أَبْعَدَ أَحْكَامَهُ عَنِ الْفَحْصِ وَطُرُقَهُ عَنِ الاسْتِقْصَاءِ!

فهو بعلمه المسبق يعرف اختيار الانسان ولكن بعدله يرى الانسان يستحق العقاب وبحنانه يريده ان يخلص من العقاب وهو يحترم إرادة الانسان فينذره ويعطيه حرية الاختيار ولكن هو كما قلت يعرف مسبقا ما سيختار الانسان فلا يوجد تغير في الله ولكن بهذه الطريقة الانسان بلا عذر لأنه بحريته اختار الشر



والمجد لله دائما