تاريخ ميلاد الرب يسوع المسيح الجزء الثاني
د. غالي
الإصدار الثالث: 8 أكتوبر 2024
الإصدار الثاني 25 ديسمبر 2017
الإصدار الأول 25 ابريل 2011
ثانيًا: الإحصاء الذي حدث وقت ميلاد الرب يسوع المسيح
بعد دراسة تاريخ موت هيرودس وتصحيح أخطاء المدرسة النقدية واتضح أنه مات في 16 يناير 1م. فتاريخ ميلاد الرب يسوع المسيح يكون مناسب جدًا قبل بداية 1 ق.م أي تاريخ 25 ديسمبر 2 ق.م مناسب لتاريخ وفاة هيرودس. وتاريخ 4 ق.م كان سوء فهم من قبل النقديين. أيضًا بسبب سوء فهم عن زمن إحصاء كيرينيوس؛ هذا سبب فرضية عكسية. فبسببه ظهر ادعاء أن الرب يسوع المسيح ولد في أو بعد سنة 6م (أي عكس السابق). أي بسبب تقييم متى تولى كيرينيوس الذي يُذكر في إنجيل لوقا البشير، "1 وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ صَدَرَ أَمْرٌ مِنْ أُوغُسْطُسَ قَيْصَرَ بِأَنْ يُكْتَتَبَ كُلُّ الْمَسْكُونَةِ. 2 وَهذَا الاكْتِتَابُ الأَوَّلُ جَرَى إِذْ كَانَ كِيرِينِيُوسُ وَالِيَ سُورِيَّةَ. 3 فَذَهَبَ الْجَمِيعُ لِيُكْتَتَبُوا، كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَدِينَتِهِ." (إنجيل لوقا 2: 1-3)؛ ملحوظة لفظ والي هو في اليوناني ηγεμονευοντος هيجيمونيونتوس من لفظ ἡγεμονεύω هيجيمونيو وتعني قائد أو حاكم.1 فبعض النقديين قالوا إن كيرينيوس كان والي سورية سنة 6م. بسبب هذا، نادى البعض أن الرب يسوع المسيح ولد بعد تقويم الميلاد بفترة مقدارها سِتَّ سنين أو أكثر أي 6م، أو بعدها.
ولكن اتضح من الآثار أن إحصاء كيرينيوس تم عندما كان قائدًا رومانيًا وأحد مستشاري أغسطس قيصر قبل أن يصبح سيناتورًا وحاكمًا لسوريا. فقد حكمها أولًا كقائد عسكري قبل الميلاد (وَالِيَ)، تقريبًا من سنة 3 ق.م إلى 1 ق.م.2 هذه كانت المرة الأولى.3 ثم عاد وحكمها مرة ثانية وعين واليًا على سوريا من سنة 6م إلى 11م. وهو ولد سنة 51 ق.م، ومات سنة 21م.4 فهو حكمها مرتين.5 وفكرة مختصرة عنه، فهو من الأمراء، وأظهر براعة في الحرب، فكافأه أغسطس قيصر برفعه إلى رتبة مشير سنة 12 ق.م. ومنذ سنة 12 ق.م إلى 1 ق.م قاد حملة ضد الهومونادينيس.6 وبعد انتصاره أقام فترة في سوريا. وكان معروفًا أنه حكم كوالي بعد الميلاد، ولكن كان هناك شك في توليه هذا المنصب قبل الميلاد حتى تم إثبات ذلك من اكتشاف بعض اللوحات الأثرية. من بين هذه اللوحات، اللوحة اللاتينية التي وُجدت في تيفولي قرب روما، والتي أصلحها علماء آثار، مثل مومسن ورامساي وروس. وقد أظهرت الكتابة على هذه اللوحة أن كيرينيوس كان واليًا على سوريا في التاريخ المذكور قبل الميلاد.7 وصورتها:
شكل 3. لوحة كيرينيوس. (Bryan Windle, “Quirinius An Archaeological Biography,” Bible Archeology report, accessed October 10, 2021, https://biblearchaeologyreport.com/2019/12/19/quirinius-an-archaeological-biography/.)
وتُظهِر أنه حكم مرتين سورية. وهي معروضة حاليًا في متحف الفاتيكان.8 وهي تحت عنوان "جزء من نقش قبر لكيرينيوس" Fragment of the sepulchral inscription of Quirinius". وتقول” leg (atus) iterum . . ." أي حكم مرتين.9 فهذه اللوحة توضح أنه حكم في سورية مرتين. وهما الفترتان التي أحدهما قبل الميلاد والأخرى بعد الميلاد.
ولوحة أخرى وهي من جزئيين وصورتها:
شكل 4. اللوحة الثانية لكيرينيوس. (Bryan Windle, “Quirinius An Archaeological Biography,” Bible Archeology report, accessed October 10, 2021, https://biblearchaeologyreport.com/2019/12/19/quirinius-an-archaeological-biography/)
والأولى تذكره أنه بيرفيكت وحدد عمرها ما بين 11 ق.م إلى 1 ق.م، والثانية تحدد أنه بيرفيكت على ليجيون 12 الذي كان يحكم في سوريا في هذا الوقت (ما بين 6 ق.م إلى 1 ق.م). وبهذا تشهد أنه بالفعل كان في سورية في توقيت الاكتتاب الأول.10
ولوحة ثالثة باسم Aemilius Secundus وهي في متحف Venice، Museo archeologico nazionale. تذكر أيضًا أنه حكم مرتين وقام بالاكتتاب.11
وصورتها:
شكل 5. اللوحة الثالثة لكيرينيوس. (Bryan Windle, “Quirinius An Archaeological Biography,” Bible Archeology report, accessed October 10, 2021, https://biblearchaeologyreport.com/2019/12/19/quirinius-an-archaeological-biography/.)
فهو بالفعل جاء أثناء هيرودس الكبير إلى سوريا أثناء حملته العسكرية التي قام بها ضد هومونادينيس من 12 ق.م إلى 1 ق.م، وحربه استمرت منذ سنة 6 ق.م إلى سنة 3 ق.م وكان مكانها في غلاطية. وبعد انتهاء حملته وانتصاره، استمر كيرينيوس في قيادة سوريا حتى حوالي سنة 1 ق.م. وقام بالإحصاء بعد الحملة، أي في الفترة ما بين 3 ق.م و1 ق.م. وكانت رتبته في سوريا هي Duumvir. وفي نهاية هذه الولاية الأولى جرى الاكتتاب الذي يسميه لوقا البشير الأول في "وَهذَا الاكْتِتَابُ الأَوَّلُ جَرَى إِذْ كَانَ كِيرِينِيُوسُ وَالِيَ سُورِيَّةَ." (إنجيل لوقا 2: 2). وهو من 3 ق.م إلى 1 ق.م. وتعبير الأول هذا يشير إلى أنه قام باكتتاب ثاني لاحقًا.
الاكتتاب الأول، الذي ألزم يوسف النجار ومريم العذراء بالحضور إلى بيت لحم، غالبًا حدث في أواخر فترته الأولى، لأنه في هذا الوقت تمت تعديلات على الإحصاء. بعدما طُلِب من الجميع التسجيل، اضطر إرضاء رؤساء اليهود، الذين طالبوا بتسجيل اليهود في مدينة سبطهم. فأخر أحصاء اليهود. هذا الأمر دفع يوسف النجار للاستعجال ولم يتمكن من الانتظار لولادة مريم العذراء في الناصرة، مما يُعزى مرة أخرى إلى فترة ما بين نهاية 2 ق.م و1 ق.م، وهو دليل يدعم هذا التاريخ.
وبعد هذا في فترة هيرودس أرخيلاوس جاء كيرينيوس وحكم اليهودية مرة أخرى وهي المثبتة إنها من 6م بأوامر من روما. ثم صار اكتتاب ثانٍ سنة 6م. وهذا ذكر أيضًا من قبل لوقا البشير في الأعمال ""بَعْدَ هذَا قَامَ يَهُوذَا الْجَلِيلِيُّ فِي أَيَّامِ الاكْتِتَابِ، وَأَزَاغَ وَرَاءَهُ شَعْبًا غَفِيرًا. فَذَاكَ أَيْضًا هَلَكَ، وَجَمِيعُ الَّذِينَ انْقَادُوا إِلَيْهِ تَشَتَّتُوا. (سفر أعمال الرسل 5: 37). وهذا يفسر تعبير "الاكْتِتَابُ الأَوَّلُ".
ولهذا، تاسيتوس، المؤرخ الروماني، ذكر في الحوليات تعبيرًا يشير إلى أنه حكم سوريا مرة ثانية.12 فرغم أنه لا يذكرها بوضوح ولكن هذه تعتبر إشارة للفترتين بالفعل، وهذا الاكتتاب الثاني ذكر أيضًا على يد يوسيفوس في كتاب الأنتيك الفصل 18.13 وبناء على ما قاله فالاكتتاب الثاني لم يشمل الجليل أصلًا ولكن اليهودية فقط فلا يصلح للميلاد لأن الرب اليسوع في الجليل لم يكن مشمل في الاكتتاب الثاني. وهي الفترة التي نزع فيها القضاء من اليهود على اليهودية ومنعهم من تنفيز العقوبات حسب شريعتهم وصرخ الشيوخ انه نزع القضاء ولم يظهر شيلون المسيح بعد بناء على نبوة تكوين 49: 10 ولم يكونوا يدركوا ان شيلون الرب يسوع المسيح قد ولد بالفعل. فلا يصلح الاكتتاب الثاني لأحداث الميلاد، بل فقط الاكتتاب الأول الذي شهدت عنه الأدلة من الآثار التي تم تقديم ملخصها. فالذي يعتمد على هذا الاكتتاب ليقول إن المسيح ولد 6م أو بعدها هو غير مصيب؛ لأن إحصاء كيرينيوس الأول يشير إلى أن ميلاد الرب يسوع المسيح كان فعلًا أواخر 2 ق.م إلى أوائل 1 ق.م. بل يوجد دليل آخر وهو أنه مسجل في كتابات رومانية أن الإحصاء بدأ سنة 752 من تاريخ روما وهو يقابل سنة 2 ق.م.14 فلهذا إحصاء كيرينيوس دليل على أن ميلاد الرب يسوع المسيح تم ما بين 3-1 ق.م. وبسبب ما تم به يكون أقرب إلى ما بين آخر سنة 2 ق.م و1 ق.م، فهو دليل آخر يضاف إلى أدلة أن الرب يسوع المسيح ولد ما بين نهاية سنة 2 ق.م إلى أول سنة 1 ق.م. ويناسب تاريخ 25 ديسمبر 2 ق.م.
ثالثًا: يوحنا المعمدان
تكلم يوسيفوس عن يوحنا المعمدان في كتاب الأنتيك.15 وأشار إلى حادثة قتل هيرودس أنتيباس ليوحنا المعمدان. وذكر مكان الحادثة وهي قلعة ماكيروس Macherus. وقصة إرادة هيرودس أن يتزوج من هيروديا. حادث زواج هيرودس من هيروديا أيضًا عليه خلاف في تحديد فترته ما بين 27م إلى 31م.16 ولكن في هذا الأمر، أقوى الأدلة كما ذكر هارولد هوهنير أن هذا حدث ما بين 30 إلى 31م.17 وأقربهم للصحة حسب ما قدمه جيفري بروميلي هو 31م.18 فلو يوحنا المعمدان استشهد سنة 31م. بناءً على هذا التاريخ، يبدو أن بداية خدمة الرب يسوع المسيح كانت بالفعل قبل هذا التاريخ بفترة وجيزة. ومن الواضح أن هذا الحدث وقع بعد شهور عديدة من بداية خدمته، عندما تم تعيين التلاميذ والرسل وبدأوا في نشر تعاليمه، فيكون قد بدأ خدمته قبل هذا أي تقريبًا 30م. وهو بدأ على عمر ثلاثون عامًا كما هو مكتوب "وَلَمَّا ابْتَدَأَ يَسُوعُ كَانَ لَهُ نَحْوُ ثَلاَثِينَ سَنَةً، وَهُوَ عَلَى مَا كَانَ يُظَنُّ ابْنَ يُوسُفَ، بْنِ هَالِي،" (إنجيل لوقا 3: 23)، فيكون ولد آخر سنة 2 ق.م إلى أول سنة 1 ق لعدم وجود سنة الصفر كما تم تقديمه في الجزء السابق.
رابعًا: هيكل أورشليم
في إنجيل يوحنا يذكر أن الهيكل بني في ست وأربعين سنة "فَقَالَ الْيَهُودُ: «فِي سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً بُنِيَ هذَا الْهَيْكَلُ، أَفَأَنْتَ فِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ تُقِيمُهُ؟»" (إنجيل يوحنا 2: 20). وهذا يذكرونه والرب يسوع المسيح في أول سنة من خدمته الأرضية حسب ترتيب الأحداث. وخاصة أن في هذا الإصحاح يأتي فيه ذكر أول عيد فصح مر على الرب يسوع المسيح في خدمته، كما تم تقديمه سابقًا. الهيكل المتكلم عنه وهو الهيكل الثاني الذي بني بعد السبي. ولكن هيرودس كان قد دمر الكثير منه في هجومه على أورشليم بعد أن بدأ حكمه بثلاث سنوات. وهو الذي استمر سبعة وثلاثين سنة كما تم تقديمه في النقطة الأولى منها أربعة وثلاثون سنة في أورشليم. وهيرودس إرضاءً لليهود بدأ يجدده وأدخل عليه تعديلات وتحسينات وتوسعات كثيرة جدًا. بل ما يذكره المؤرخون أنه استمر هذا الهيكل في التجديد حتى انهدم سنة 70م. وهذا ذكره دوين رولر،19 وأيضًا جون لونديكويست.20
يقول الباحثون مثل ديفيد فريدمان إنه بدأ توسعات الهيكل بعد زيارة أغسطس لسورية.21 وهذا محدد تقريبًا 17 ق.م.22 أي تقريبًا كان هذا الحوار سنة 30م أول خدمة الرب يسوع. أيضًا يقول يوسيفوس إن هيرودس بدأ هذا في السنة الثمانية عشر من حكمه.23 وهو كما تم توضيحه سابقًا في الدليل الأول، أنه بدأ 35 ق.م، أي بعد ثمانية عشر سنة يكون بدأ 17 ق.م أيضًا. فهذا يتفق مع ما حدده العلماء، فهذا الترميم بدأ 17سنة ق.م.
النقطة المعنية في هذا الأمر، أن 46 سنة من الترميم من 17 ق.م، هو 30م؛ لأنه قد تم توضيح أنه لا يوجد سنة صفر. أي بداية خدمة الرب يسوع المسيح 30م، والرب يسوع المسيح في الفترة الأولى من خدمته بعد ثلاثين سنة من عمره. أي أيضًا يكون ولد في 2 ق.م أو 1 ق.م، وفقط للتبسيط 46 سنة – 30 سنة عمر المسيح = 16 سنة ومن دون سنة الصفر هي 17 ق.م. ولو بدأ الرب يسوع المسيح خدمته نحو ثلاثين سنة وهذا سنة 30م قبل أول فصح مع بداية خدمته، 30 -30 = 0 أي 1 ق.م. أي يكون تاريخ ميلاده المجيد هو آخر 2 ق.م إلى أول 1 ق.م. ومناسب بناء على هذه النقطة أن يكون تاريخ الميلاد 25 ديسمبر 2 ق.م.
خامسًا: رئيس الكهنة وقت الصلب
هذه نقطة توضيحية وليست تحديدية. فالرب يسوع المسيح صُلب وقت قيافا رئيس الكهنة، وهذا مكتوب في "حِينَئِذٍ اجْتَمَعَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةُ وَشُيُوخُ الشَّعْب إِلَى دَارِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ الَّذِي يُدْعَى قَيَافَا،" (إنجيل متى 26: 3) و"وَكَانَ حَنَّانُ قَدْ أَرْسَلَهُ مُوثَقًا إِلَى قَيَافَا رَئِيسِ الْكَهَنَةِ." (إنجيل يوحنا 18: 24). وهو يوسف قيافا.24
وحسب التقليد اليهودي إن رؤساء الكهنة تم تغييرهم كثيرًا بين سنة 18م إلى 36م، وكان منهم قيافا من 27م إلى 36م قبل أن يطرده الرومان، وهذا ذكر في مراجع كثيرة مثل قاموس الكتاب،25 وبروس متزجر،26 وراند.27 فيكون الرب يسوع المسيح الذي صلب عن عمر ثلاث وثلاثون سنة وبضعة شهور، هذا ما بين سنة 27م إلى 36م. فيكون ولد ما بين 5 ق.م إلى 3م. وهذى مدى متسع.
ولكن صلب الرب يسوع المسيح لم يكن لا في بداية زمن قيافا، ولا في نهايته بناء على ما كتبه المؤرخون عن أحداث حياته.28 فهو منتصف فترة قيادته تقريبًا. أي تقريبًا من 30م إلى 34م. فلا يصلح تاريخ الميلاد لا 4 ق.م ولا 6م. وأكثر تاريخ مرجح بناء على هذه النقطة هو سنة 33م كما ذكرت موسوعة باكير.29 أي ولد من 2 ق.م إلى 1 ق.م؛ فهي نقطة غير فيصلية ولكن توضيحية.
سادسًا: هيرودس أنتيباس
تولى هيرودس أنتيباس ابن هيرودس الكبير الحكم أيضًا في نفس زمن تولي أخيه أرخيلاوس ولكن بعد فترة تنافس مع أخيه.30 وبناء على الحسابات السابقة في النقطة الأولى كان نفس التاريخ وهو 1 ق.م؛ لكن ليس هذا التأريخ فقط لأنه سيخضع للنقطة الأولى، بل هنا يتم الاعتماد على تاريخ تركه للحكم. يسجل التاريخ أن هيرودس أنتيباس والي الجليل ولد سنة 20 ق.م ونفي سنة 39م بعد صراع طويل مع كاليجولا.31
ولكنه قبل هذا خاض حربًا لمدة زمنية مع أريتاس الرابع والد زوجة هيرودس أنتيباس الأولى سنة 36م.32 وهذا حدث بعد صلب المسيح بسنتين أو ثلاث سنوات فقط من ترتيب الأحداث.33 أي أن الرب يسوع المسيح صلب تقريبًا 33م بناء على هذا، فيكون ميلاد الرب يسوع المسيح له كل المجد تقريبًا ما بين 2 ق.م إلى 1 ق.م.
سابعًا: بيلاطس البنطي
صلب الرب يسوع المسيح وقت حكم بيلاطس البنطي في الأربعة أناجيل (متى 27: 2 ومرقس 15: 1 ولوقا 23: 1 ويوحنا 18: 29). وبيلاطس ثبت فعلًا من الآثار أنه كان الحاكم الروماني لليهودية بلقب بيرفيكت في زمن خدمة وصلب الرب يسوع المسيح.34 وصورة لوحة تشهد على هذا.
شكل 6. لوحة بيلاطس البنطي. (John DeLancey, “The Pilate Inscription; the original stone,” Israel Museum, Jerusalem, Nov. 2012, https://biblicalisraeltours.com/2013/03/the-pilate-inscription/.)
وهو حسب موسوعة باكير نقلًا عن التاريخ الروماني حكم أيضًا ما بين 26م إلى 36م.35 وهو نفس المدى الزمني الذي يفهم مما ذكره يوسيفوس، 36وخاصة أنه تكلم في الأنتيك 18. 3. 3. عن أن بيلاطس هو الذي أمر بصلبه. وفي التعليق الهامشي لترجمة ويليام ويستوون لما يقوله يوسيفوس أن هذا في 3 إبريل 33م.37
حتى لو تم التغاضي عن هذا التعليق، فيتضح أيضًا أن الرب يسوع المسيح لم يصلب في أول حكم بيلاطس وأيضًا ليس في نهايته. لكنه صلب قبل أن تبدأ القلاقل التي قادت لعزله؛ لأن في نهاية حكمه في آخر سنتين من بيلاطس حدثت قلاقل كثيرة وخاصة من السامريين وهذه من أسباب عزله. فيكون الرب يسوع المسيح صلب قبل 36م بفترة ولكن ليس بكثير أي سنتين إلى ثلاث سنوات فيكون مناسبًا أن الرب يسوع المسيح صلب نحو 33م، أي ولد ما بين 2 ق.م إلى 1 ق.م.
لكن يوجد أحداث أكثر في تاريخ بيلاطس تحدد الأمر أكثر. بيلاطس كما يذكر الكتاب المقدس كان بينه وبين هيرودس عداوة "فَصَارَ بِيلاَطُسُ وَهِيرُودُسُ صَدِيقَيْنِ مَعَ بَعْضِهِمَا فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، لأَنَّهُمَا كَانَا مِنْ قَبْلُ فِي عَدَاوَةٍ بَيْنَهُمَا." (إنجيل لوقا 23: 12). وهذا من قبل الصلب لأنهما تصالحا في الصلب. سبب العداوة بين هيرودس وبيلاطس هي حادثة الدروع الذهبية كما سجلها فيلو الفيلسوف اليهودي الإسكندري.38 وباختصار التي تم تهديد بيلاطس من قبل الامبراطور طيباريوس بعد خلافه مع اليهود لأنه وضع دروع رومانية مغلفة بالذهب تكريما لطيباريوس في قصر هيرودس الكبير في اورشليم وتظاهر اليهود لدى بيلاطس فرفض فأرسلوا لطيباريوس فأرسل طيباريوس لبيلاطس مُعنفًا له وأمرًا له أن يخضع لكلام اليهود وإزالة الدروع الذهبية. وهذه الحادثة محددة بسنة 31م أو بعدها.39 فهذا يضيف تأكيدًا أن صلب الرب يسوع المسيح بعد سنة 31م بفترة. أيضًا محاولة مصالحة بيلاطس مع هيرودس هي بسبب خوف بيلاطس الشديد من طيباريوس قيصر. والسبب أن الرجل الثاني الذي كان بعد طيباريوس قيصر وهو لوكيوس سيجانيس، حاول الانقلاب على طيباريوس. فقتله طيباريوس في أكتوبر 31م.40 وكان طيباريوس مرتابًا جدًا من كل أصدقاء لوكيوس. ولوكيوس هذا هو الذي عين بيلاطس وهو صديق شخصي له.41 ويؤيده في عداء بيلاطس لليهود.42 بل كما قال فيلو كان يريد إبادة اليهود تمامًا.43 وهذا سبب الخوف الشديد لبيلاطس من طيباريوس. وأيضًا طيباريوس عكس قرارات لكيوس ضد اليهود سنة 32م.44 ولهذا كان بيلاطس يريد إرضاء اليهود بأي ثمن بعد هذا، فصلب الرب يسوع رغم معرفته ببرائته "فَبِيلاَطُسُ إِذْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَعْمَلَ لِلْجَمْعِ مَا يُرْضِيهِمْ، أَطْلَقَ لَهُمْ بَارَابَاسَ، وَأَسْلَمَ يَسُوعَ، بَعْدَمَا جَلَدَهُ، لِيُصْلَبَ." (إنجيل مرقس 15: 15)، وأيضًا أراد أن يتصادق مع هيرودس.45 ولأن صلب الرب يسوع المسيح بعد خصومة بيلاطس وهيرودس وبعدها محاولة مصالحة بيلاطس وكل هذا حدث بعد موت لوكيوس أي بعد نهاية سنة 31م، وبعد إلغاء قراراته 32م، فهذا تقريبًا يوضح أن صلب الرب يسوع المسيح كان من بعد سنة 32م. أي ما بعدها بحوالي سنة أي في ربيع 33م.
وبإضافة هذا للنقطة السابقة في تاريخ بيلاطس يكون صلب الرب يسوع المسيح بين 32م و33م. والأقرب للصواب هو ربيع سنة 33م. وهذا عن عمر ثلاث وثلاثون سنة وبضعة شهور، أي ولد ما بين سنة 2 ق.م إلى 1 ق.م. ومناسب أن يكون الرب يسوع المسيح ولد في 29 كيهك المقابل في هذا الزمان ليوم 25 ديسمبر 2 ق.م.
ثامنًا شاول الطرسوسي
نقطة هامة وهي تاريخ عبور شاول الطرسوسي إلى معلمنا بولس الرسول، فبولس الرسول الذي يخبر سفر أعمال الرسل في كل من الإصحاحات 9 و22 و26 عن قصة عبوره بعد قيامة الرب يسوع المسيح بفترة تقدر بسنتين لثلاث سنوات، وهذا بعد استشهاد إستفانوس أي بعد 34م تاريخ استشهاد إستفانوس.46 وأيضًا أشار إليها في رسائله، فهناك خلاف على نقطة بداية خدمته ولكن يحدد بعض الباحثين أن هذا ما بين 34م إلى 35م.47 فيكون الصلب 33م. ولأن الصلب 33م يكون الميلاد أخر 2 ق.م إلى أول 1م.
ولكن في المقابل هناك بعض التواريخ التي ممكن أن تساعد في التحديد أكثر. فمثلًا في رسالته إلى أهل غلاطية يقول "ثُمَّ بَعْدَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً صَعِدْتُ أَيْضًا إِلَى أُورُشَلِيمَ مَعَ بَرْنَابَا، آخِذًا مَعِي تِيطُسَ أَيْضًا" (غلاطية 2: 1). وهذا محدد أنه في مجمع أورشليم. ومجمع أورشليم هذا محدد تاريخه 50م،48 أو ما بين 49م و50م.49 فيكون بولس الرسول هنا بعد إيمانه بمقدار أربع عشرة سنة. أي يكون قبل الإيمان ما بين 35 و36م تقريبًا. فيكون صلب الرب يسوع المسيح قبل هذا بسنتين أو ثلاث سنوات لتنتشر الكلمة ويكون إستفانوس قد استشهد، والإيمان قد بدأ ينتشر في دمشق. فيكون صلب الرب يسوع المسيح في 33م، أي ولد آخر 2 ق.م إلى 1 ق.م.
أيضًا يذكر معلمنا بولس الرسول في سفر الأعمال: "وَلَمَّا كَانَ غَالِيُونُ يَتَوَلَّى أَخَائِيَةَ، قَامَ الْيَهُودُ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ عَلَى بُولُسَ، وَأَتَوْا بِهِ إِلَى كُرْسِيِّ الْوِلاَيَةِ" (أعمال الرسل 18: 12). وغاليون حدد أنه حكم ما بين 51م إلى 52م، وهذا من أدلة كثيرة من الآثار.50 وهذا حُدد أكثر أنه ما بين يناير 51م إلى أغسطس 52م.51 وربط هذا بلقاء معلمنا بولس الرسول مع أكيلا وبريسكيلا اللذين طُرِدَا مثل بقية اليهود من روما قبل المحاكمة كما في الأعمال "فَوَجَدَ يَهُودِيًّا اسْمُهُ أَكِيلاَ، بُنْطِيَّ الْجِنْسِ، كَانَ قَدْ جَاءَ حَدِيثًا مِنْ إِيطَالِيَة، وَبِرِيسْكِلاَّ امْرَأَتَهُ، لأَنَّ كُلُودِيُوسَ كَانَ قَدْ أَمَرَ أَنْ يَمْضِيَ جَمِيعُ الْيَهُودِ مِنْ رُومِيَةَ، فَجَاءَ إِلَيْهِمَا." (سفر أعمال الرسل 18: 2)، وهذا ما بين 49 إلى 50م.52 ومعلمنا بولس الرسول عند لقائه بهما كان في كورنثوس التي قضى فيها ثمانية عشر شهرًا، أي سنة 52م، ويقدر هذا بناء على حساب رحلات وخدمة بولس الرسول أنه في السنة السابعة عشر من عبوره.53 أي أيضًا بهذا يتم الوصول لتاريخ 35 أو 36م، تاريخ عبور معلمنا بولس الرسول. وأيضًا يكون صلب الرب يسوع المسيح قبلها بسنتين أو ثلاث سنوات، أي تقريبًا 33م. فأيضًا يكون ميلاد رب المجد من 2 ق.م إلى 1 ق.م.
ومثال الحسابات كهذه يوجد الكثير منها في التقليد. مثل تاريخ استشهاد إستفانوس كما تم توضيحه وهو 34م، وهذا يحدد تقريبًا بعد الصلب بقرب السنة، فالصلب يكون 33م والميلاد قبل 1 ق.م أو أخر 2 ق.م. ومثال أخر عمر يوحنا الحبيب ونقاط محددة في حياته هو وغيره من التلاميذ يمكن حساب تاريخ الصلب وتشير إلى 33م، فهم أيضًا يشيروا للميلاد سنة 1 ق.م أو آخر 2 ق.م. وناط أخرى مشابهة ولكن لا داعي للإطالة في هذه النقطة.
فبناء عل كل هذه النقاط حتى الأن يكون ميلاد الرب يسوع المسيح هو آخر سنة 2 ق.م قبل بداية سنة 1 ق.م. وبأكثر تحديدًا هو ولد في 29 كيهك المقابل ليوم 25 ديسمبر 2 ق.م.
1. James Strong, Strong's Greek and Hebrew Dictionary of the Bible (Nashville, Tenn: Thomas Nelson, 2010 (, s.v. “G2230,” E-Sword.
2. Bryan Windle, “Quirinius An Archaeological Biography,” Bible Archeology report, accessed October 10, 2021, https://biblearchaeologyreport.com/2019/12/19/quirinius-an-archaeological-biography/
3. Alex Ramos, “Publicus Sulpicius Quirinius,” The Lexham Bible Dictionary, ed. John D. Barry et al. (Bellingham, WA: Lexham Press, 2016), Logos Bible software.
4. Windle, “Quirinius An Archaeological Biography,” Bible Archeology report.
5. MW. M. Ramsay, The Bearing of Recent Discovery on the Trustworthiness of the New Testament (London: Hodder & Stoughton, 1915), 294-300, Logos Digital Library System.
6. Finegan, 302.
7. Windle, “Quirinius”.
8. Fragment of the sepulchral inscription of Quirinius, Vatican museum, accessed October 10, 2021, https://www.museivaticani.va/content/museivaticani/en/collezioni/musei/lapidario-cristiano/abercio/frammento-dell-iscrizione-sepolcrale-di-quirinius.html
9. Fragment of the sepulchral inscription of Quirinius, Vatican museum.
10. John Argubright, Bible Believer’s Archaeology, vol. 1, Historical Evidence That Proves the Bible (Grand Rapids: Zondervan Publishing House. 2013), 6.
11. Windle, “Quirinius”.
12. Cornelius Tacitus, The Annals, Trans. Alfred John Church, Book III, chapter 48 (New York: Random House Inc. 1942), accessed October 11, 2021, https://www.perseus.tufts.edu/hopper/text?doc=Perseus%3Atext%3A1999.02.0078%3Abook%3D3%3Achapter%3D48
13. Josephus Flavius, The works of Josephus: Jewish Antiquities, Book 18, From the Banishment of Archelaus to the Departure of the Jews from Babylon, Trans. William Whiston (Peabody: Hendrickson Publishers, 1987), Chapter 1, 1. Logos Digital Library System.
14. Vladimir Blaha, Jesus Christ and king Herod, new evidence, trans. Adam Prentis (Academia, 2019), 3.
15. Flavius, Jewish Antiquities, Book 18, 5. 2.
16. Florence M. Gillman, Herodias: At Home in that Fox's Den (Collegeville: Liturgical Press, 2003), 26.
17. Harold W. Hoehner, Herod Antipas: A Contemporary of Jesus Christ (Grand Rapids: Zondervan Academic, 1999), 131.
18. Geoffrey W. Bromiley, The International Standard Bible Encyclopedia, vol. 2, E-J (Grand Rapids: William Eerdmans Publishing, 1982), 694-695.
19. Duane W. Roller, The building program of Herod the Great (Los Angeles: University of California Press, 1998), 67-71.
20. John M. Lundquist, The Temple of Jerusalem: past, present, and future (Westport: Praeger Publishers, 2008), 101-103.
21. David Noel Freedman, Eerdmans Dictionary of the Bible (Grand Rapids: Wm. B. Eerdmans Publishing Co. 2000), 249. Libronix Digital Library System.
22. Köstenberger, Kellum, and Quarles, The Cradle, the Cross, and the Crown: An Introduction to the New Testament, 157–158. Logos Digital Library System.
23. Josephus Flavius, The works of Josephus: Jewish Antiquities, Book 15, From the Death of Antigonus to the Finishing of the Temple by Herod, Trans. William Whiston (Peabody: Hendrickson Publishers, 1987), Chapter 11, 1. Logos Digital Library System.
24. Flavius, Jewish Antiquities, 18, 2, 2.
25 . بطرس عبد الملك وجون ألكسندر وإبراهيم مطر، قاموس الكتاب المقدس، ق، تحت عنوان "قيافا" (القاهرة: مكتبة المحبة، 1972)، 512.
26. Bruce M. Metzger and Michael Coogan, Oxford Companion to the Bible (Oxford: Oxford University Press, 1993), 97.
27. William Wilberforce Rand and others, American Tract Society Bible Dictionary, s.v. “Caiaphas” (Fairfield CA: Truth Be Told Ministry, 2017), C, Libronix Digital Library System.
28. R. E. Brown, The Death of the Messiah (New Haven, NY: Yale University Press, 1994), 404–411.
29. Walter A. Elwell and Barry J. Beitzel, Baker encyclopedia of the Bible, vol. 2, s.v. “Pilate, Pontius” (Grand Rapids: Baker Book House, 1988), 1695. Libronix Digital Library System.
30. بطرس عبد الملك وجون ألكسندر وإبراهيم مطر، قاموس الكتاب المقدس، ه، تحت عنوان "هيرودس أنتيباس" (القاهرة: مكتبة المحبة، 1972)، 657.
31. Flavius, Jewish Antiquities, 18.2.2.
32. Flavius, Jewish Antiquities, 18.5.2.
33. Gillman, Herodias: At Home in that Fox's Den, 30.
34. Jerry Vardaman, “A New Inscription Which Mentions Pilate as 'Prefect',” Journal of Biblical Literature, vol. 81 (Atlanta, GA: JBL, March, 1962), 70–71.
35. Walter A. Elwell and Barry J. Beitzel, Baker encyclopedia of the Bible, vol. 2, s.v. “Pilate, Pontius” (Grand Rapids: Baker Book House, 1988), 1694. Libronix Digital Library System.
36. Flavius, Jewish Antiquities, 18.3-4.
37. Flavius, Jewish Antiquities, 18, Endnote 9.
38. Philo, The Embassy to Gaius, Trans. F. Colson, (Cambridge: Harvard University Press, 1971), XXXVIII.299ff, Libronix Digital Library System.
39. Paul L. Maier, Harvard Theological Review, vol. 62, No. 1 The Episode of the Golden Roman Shields at Jerusalem (Cambridge: Cambridge University Press, 1969), 109-121.
40. Helen K Bond, Pontius Pilate in History and Interpretation (Cambridge: Cambridge University Press, 1998), 46. Libronix Digital Library System.
41. Elwell, and Beitzel, 1694.
42. Gary DeLashmutt, Sejanus and the Chronology of Christ's Death, Dwell (Columbus, OH: WD), accessed October 13 2021, https://www.dwellcc.org/essays/sejanus-and-chronology-christs-death
43. Philo, In Flaccum i, 1, Trans. C. D. Yonge, University of Chicago (London: Henry G. Bohn, 1855), Libronix Digital Library System.
44. DeLashmutt, Sejanus and the Chronology of Christ's Death.
45. Hoehner, 108-112.
46. Paul Barnett, Jesus & the Rise of Early Christianity, A History of New Testament Times (Downers Grove, IL: InterVarsity Press, 1999) 215. Logos Digital Library System.
47. John McRay, Paul His Life and Teaching (Grand Rapids, Baker Academic, 2003), 61.
48. Philip Schaff, History of the Christian Church, vol 1, 64, The Apostolic Christianity (Oak Harbor: HE’LP, 1997), 403. Logos Digital Library System.
49 . القمص تادرس يعقوب ملطي، تفسير سفر أعمال الرسل، الإصحاح الخامس عشر (الإسكندرية: كنيسة مارجرجس باسبورتنج، 2002)، 634.
50. Ralph Martin Novak, Christianity and the Roman Empire: background texts (London: Bloomsbury T&T Clark, 2001), 18-22.
51. John B. Polhill, Paul and His Letters (Nashville: Broadman & Holman Publishers, 1999), 78. Logos Digital Library System.
52. John F. Walvoord and Roy B. Zuck, The Bible Knowledge Commentary: An exposition of the scriptures (Wheaton, IL: Victor Books, 1983), Act 18:2, 405. Logos Digital Library System.
53. Freedman, Eerdmans Dictionary of the Bible, 1019.