الرد على ادعاء أن يوحنا المعمدان كان أسيني
د. غالي
9/8/2016
الشبهة
يوحنا المعمدان كان أسيني ولهذا كان ينفذ تقاليد طائفة الأسينيين اليهود مثل التقشف ورفض الزواج والعيش في البرية وتعيين تلاميذ وغيرها.
الرد
مقدمة
تطرقت لهذا الأمر سابقًا في ملف "الرد على كذبة ان الرب يسوع المسيح كان اسيني" فهذه الشبهة قديمة تم الرد عليها من علماء تاريخ وعلماء مسيحيين كثيرين من وقت ما ظهر هذا الادعاء الخطأ في سنة 1770 بواسطة فريدريك الثاني الروسي فلن اضيف شيء جديد. ولكن فقط البعض حولها حديثًا يوحنا المعمدان. ولكي نفهم أن يوحنا المعمدان ليس له أي علاقة بالأسينيين؛ يجب في الأول أن نعرف من هم الأسينيين.
أولًا الأسينيين
شرحت سابقًا باختصار فكرة عنهم في ملف "الطوائف اليهودية ومنشأها وفكرها عن المسيا" فالأسينيين Essenes كما قلت بدوءا يظهروا تقريبًا سنة 78 ق.م. ولكن البعض يرجعهم إلى القرن الثاني ق.م.1 وهم من الحسيديين الذين بداية من القرن الثالث ق.م. بدوءا يقاوموا الفلسفات الهيلينية أو التحديث وترك التقليد. ومن المرجح أن الحركة الأسينية نشأت كمجموعة مميزة بين اليهود في عهد يونثان أفوس، مدفوعة بالنزاعات حول الشريعة اليهودية والاعتقاد بأن كهنوت يونثان الأعظم كان غير شرعي.2 والحسديين أو بمعني التقاه ومن هؤلاء تفرع منهم فرعين الفريسيين والأسينيين (وأصبح فيما بعد يقاوم أحدهما الاخر) وأصبح الفريسيين هم الأكثر شهرة. ولكن هناك رأي أنهم فرع من الصادوقيين.3 ولكن الكاتب مع الرأي الأول.
وقد دافع الحسيديين عن الشريعة والطقوس حتى الموت، وهم الذين ناصروا المكابيين حتى حصلوا على الحرية الدينية، بينما رفضوا مناصرة الاتجاهات السياسية والتوسيعية، التي سار فيها خلفاء المكابيين بعد ذلك. فكما تم توضيحه أنهم والفريسيين كانوا طائفة واحدة وهم الحسيديين ولكن بدأ الخلاف في مقاومة انفصال الملك عن الكهنوت. فهم كانوا أكثر اعتدال في المقاومة ولكن أكثر تقشف. فبينما التزم الفريسيون باليهودية العامة وتآلفوا معها، فانفصلوا عن النجاسات فقط، فقد اتخذ الأسينيون موقفًا حادًا بانعزالهم عن اليهود بما فيهم الفريسيين أنفسهم، والذين أعلنوا احتجاجهم على ما يحدث في اليهودية بتقوقعهم في منطقة قمران في حياة شبه نسكية. هذه الطائفة التي أطلق عليها كل من يوسيفوس وفيلو وبلينى اسم الأسينيين، ويرى البعض أن الاسم مأخوذ عن الكلمة الأرامية "هاسياس" والتي تعنى "الأتقياء"،4 بينما يرى البعض الآخر أن الاسم مأخوذ من الكلمة اليونانية "أجيوس" وتعنى "مقدس" ويرى فريق ثالث أن الاسم جاء من الكلمة "آسى" بمعنى "الطبيب" وهناك اقتراحات أخرى مثل "شريف" و"قوى" وغيرها.
فحتى لو كانت أهدافهم في البداية مقبولة ولكن تصرفاتهم أصبحت غير مقبولة. فاعتنق الأسينيين نظامًا حياتيًا صارمًا وإن اتصف ببساطة المظهر، فنادوا بضبط النفس والبعد عن اللذات، ورفضوا الزواج تمامًا. وكان الراغب في الانضمام إليهم يأتي بممتلكاته لتصبح جزءا من ممتلكات الجماعة،5 ثم يمكث فترة اختيار تصل إلى ثلاث سنوات،6 ينضم بعدها رسميا إلى الجماعة بعد أن يؤدى قسم بعدم إفشاء سرها. ولو فشل اثناء الثلاث سنوات يطرد.
يبدأ يوم الأسينى في الصباح الباكر بالصلاة، ثم التفرق كل إلى عمله بكل أمانة في انعزالهم ومجتمعهم، ثم ينالون حمامًا تطهيريا ليجتمعوا معًا بعد ذلك على مائدة طعام بسيط خبز وخمر بعد الصلاة، ثم يستأنفون أعمالهم. وفي المساء يكررون ما فعلوه في الظهيرة من الاستحمام وتناول الطعام.7 وكانت الذبائح الحيوانية مرفوضة تماما عندهم.8 وهذا ضد الشريعة اليهودية. وكان شرط المعمودية من مياه المطر فقط لأنه يعتبروه طاهر.9 وكانوا يقدسون يوم السبت بتمسك شديد. وكانوا ينسخون الأسفار المقدسة ويدرسونها، وكانوا يبيعون ما ينتجون ويشترون ما يحتاجون ويتحركون بين الناس في المدن حيث يلاقوا الترحيب، إذ رأى الشعب فيهم برًا يزيد عن الفريسيين والكتبة والصدوقيين ولكنهم يرفضوا الاختلاط بالشعب وأن امتلاك الثروة أمر مكروه.
وعن معتقداتهم يقول يوسيفوس كما يشرح عنهم في كتاب الحروب أنهم آمنوا بالخلود للأرواح فقط ولكن دون قيامة الجسد إذ كانوا يرون أن الجسد ليس إلا سجنًا للنفس، تنطلق منه حرة عند الموت لتطير إلى السماوات، مما يوحى بارتباط ذلك بالمعتقد الوثني "شر المادة" وهذا فكر خطأ، ولذا ركزوا على التطهير وعدم الزواج وأنه شر وأن من يتزوج يرتكب خطية النجاسة فلا يقيم بينهم، وأيضًا هذا فكر خطأ. وكانوا يرفضون النساء تمامًا ويقولون إن النساء والصغار يعملون على تحويل الجماعة عن أهدافها، وقد رفضوا المسرات الدنيوية باعتبارها شرًا، كما اعتبروا كبح جماح النفس وضبط الانفعالات من الفضائل، كما يوحى معتقدهم هذا بتشابه بمذهب "الدوسيتية" الغنوسي المرفوض. ومع ذلك فقد نظروا إلى الصدوقيين نظرة شك معتبرين أنفسهم أنهم الإسرائيليين الحقيقيين، ولأن الصدوقيين كانوا مسيطرين على الخدمة الهيكلية فقد اعتبر الأسينيين مجتمعهم المنظم بديلًا للهيكل ورفضوا الهيكل ولأنهم كانوا يعتبرون أن بعض شعائرهم الدينية أطهر من شعائر كهنة الهيكل، فلم يكن لهم الحق في ارتياد فناء الهيكل. وكانوا أكثر الفرق اليهودية كافة التزامًا بتقديس السبت، حتى إنهم أنكروا إنقاذ الحيوان متى سقط في حفرة يوم السبت، في حين تساهل الفريسيون أنفسهم في ذلك وهذا الأمر دار حوله خلاف كبير ودافع عنه الفريسيين كثيرا واصرا على انقاذ الحيوان لو سقط يوم السبت وهذا يكشف لنا خلفية كلام الرب يسوع المسيح في (متى 12: 11) فهو رفض هذه الفكرة في عدم فعل الخير يوم السبت. فهذا أيضًا فكر مرفوض.
وقد بدأ الأسينيين في الانتشار في القرى والمدن من خلال مدارس صغيرة،10 حيث شجعهم على ذلك علاقتهم الطيبة بهيروديس، فقد سُميت إحدى البوابات في سور المدينة الجنوبي (بوابة الأسينيين) كما شغل أحدهم منصبًا في البلاط الملكي، ومنهم من كان قائدًا عند حصار أورشليم سنة 70م. بل يرجح أن يكون "بار كوكبا" صاحب الانتفاضة الشهيرة، مع الأسينيين. أما عن عددهم فيقول فيلو أنهم كانوا في حدود الأربعة الآلاف، إضافة إلى تجمعات أخرى هنا وهناك، ويقول بليني انهم استقروا في شمال "عين جدي" شمال غرب البحر الميت،11 وهي المنطقة التي سميت "قمران". ومن هؤلاء أيضًا ظهر مجموعات أخرى على نمطهم مثل جماعة الثيرابيوتا التي تعني المادوين وهم عاشوا حياة متقشفة.
وأيضًا مجموعة اخري على نمطهم وهم معاهدي دمشق اكتشف تاريخها من خلال المخطوطات التي عثر عليها في مجمع عزرا بمصر القديمة، وكانوا من كهنة أورشليم أسسوا حزبًا في دمشق وكان رئيسهم يدعى المعلم البار، بينما التزموا بأسفار الشريعة فقد انتقدوا سياسات الفريسيين. هذا ومن المحتمل أن يكونوا قد عادوا إلى أورشليم بموجب اتفاق من نظرائهم في قمران. وإيمان هؤلاء يشبه إيمان الفريسيين مع تقليل قيمة المادة.
ثانيًا أدلة أن يوحنا المعمدان ليس اسيني.
ليكون إنسان ينتمي لمجموعة الأسينيين ينبغي أن ينطبق عليه أساليب الأسينيين التي قدمتها فهل فيما ذكرته أي شيء يصلح كدليل أن يوحنا المعمدان كان شخص أسيني؟
1 واهم نقطة وهي أن الرب يسوع المسيح له كل المجد مدح يوحنا المعمدان ووصفه بأعظم مواليد النساء "لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ بَيْنَ الْمَوْلُودِينَ مِنَ النِّسَاءِ لَيْسَ نَبِيٌّ أَعْظَمَ مِنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ، وَلكِنَّ الأَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ اللهِ أَعْظَمُ مِنْهُ»." (إنجيل لوقا 7: 28). فكيف يقبل أن الرب يسوع المسيح يقول هذا عن شخص أسيني فكره مرفوض مثل الأسينيين كما تم تقديمه يرى أن الزواج شر على عكس الرب يسوع الذي بارك عرس قانا الجليل في يوحنا 2. ويرفضون الأطفال والصغار لأنهم يبعدوهم عن هدفهم وفقط الشباب ليضموهم لهم بعد التدريب على عكس الرب يسوع الذي قال أَمَّا يَسُوعُ فَقَالَ: «دَعُوا الأَوْلاَدَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلاَ تَمْنَعُوهُمْ لأَنَّ لِمِثْلِ هؤُلاَءِ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ». (إنجيل متى 19: 14). ويرى أن صنع الخير في يوم السبت خطأ على عكس الرب يسوع المسيح عندما قال "ثُمَّ قَالَ لَهُمُ: «السَّبْتُ إِنَّمَا جُعِلَ لأَجْلِ الإِنْسَانِ، لاَ الإِنْسَانُ لأَجْلِ السَّبْتِ." (إنجيل مرقس 2: 27). وبقية الأمور التي تخالف تعاليم الرب يسوع المسيح مثل أن المادة شر والذبائح مرفوضة وغيره من الأفكار المرفوضة التي توصف الأن أنها هرطوقية. فكيف يقول الرب يسوع المسيح هذا عن يوحنا المعمدان لو كان فكره أسيني هرطوقي مرفوض بهذه الطريقة؟ هذا غير مقبول بالمرة.
2 عدم الزواج هو ليس شيء مميز للأسينيين بل كثير من أنبياء العهد القديم لم يتزوجوا مثل إيليا وارميا وغيرهم. بل معلمنا يوحنا الحبيب كان بتول. ومعلمنا بولس الرسول الذي قال بوضوح أنه كان فريسي ورغم هذا لم يكن متزوج. ولكن المعمدان لا يوجد أي شيء في الكلام عنه أنه كان يرفض أو يمنع الزواج بل بعض من تلاميذه كانوا متزوجين والذين أصبحوا تلاميذ للرب يسوع لاحقًا. فهذه النقطة فاشلة تمامًا كدليل. وتثبت بوضوح انه لم يكن أسيني.
3 وفي نفس السياق في موضوع النساء؛ يوحنا المعمدان كان يعمد الكل "5 حِينَئِذٍ خَرَجَ إِلَيْهِ أُورُشَلِيمُ وَكُلُّ الْيَهُودِيَّةِ وَجَمِيعُ الْكُورَةِ الْمُحِيطَةِ بِالأُرْدُنِّ، 6 وَاعْتَمَدُوا مِنْهُ فِي الأُرْدُنِّ، مُعْتَرِفِينَ بِخَطَايَاهُمْ." (إنجيل متى 3: 5-6). هذا أيضًا عكس الفكر الأسيني.
4 يوحنا المعمدان أول ما بدأ خدمته بدأها بالمعمودية ولكن لم يذكر الكتاب أن يوحنا المعمدان كان ينادي بمعمودية قبل الطعام مرتين في اليوم. فيوحنا المعمدان كان ينادي بمعمودية مميزة مرة وهي معمودية التوبة "كَانَ يُوحَنَّا يُعَمِّدُ فِي الْبَرِّيَّةِ وَيَكْرِزُ بِمَعْمُودِيَّةِ التَّوْبَةِ لِمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا." (إنجيل مرقس 1: 4). ولم يكرر المعمودية واعتبر المعمودية مرة واحدة للإعداد لملكوت المسيح فقال يوحنا: "أَنَا أُعَمِّدُكُمْ بِمَاءٍ لِلتَّوْبَةِ، وَلكِنِ الَّذِي يَأْتِي بَعْدِي هُوَ أَقْوَى مِنِّي، الَّذِي لَسْتُ أَهْلًا أَنْ أَحْمِلَ حِذَاءَهُ. هُوَ سَيُعَمِّدُكُمْ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ وَنَارٍ. (إنجيل متى 3: 11). هذا مخالف لطقس الأسينيين.
5 يوحنا المعمدان وضح أن معموديته مختلفة وجديدة ومميزة وهي معمودية للتوبة وليس للتطهير اليومي «إِنَّ يُوحَنَّا عَمَّدَ بِمَعْمُودِيَّةِ التَّوْبَةِ، قَائِلًا لِلشَّعْبِ أَنْ يُؤْمِنُوا بِالَّذِي يَأْتِي بَعْدَهُ، أَيْ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ»." (سفر أعمال الرسل 19: 4). وهذا يخالف فيه الأسينيين تمامًا الذين يكررون المعمودية أو المكفا مرتين أو أكثر كل يوم كتطهير جسدي فقط. بل لأن معمودية يوحنا المعمدان للتوبة تختلف عن أي معمودية بما فيها معمودية الأسينيين للتطهير فجاء إليه كهنة ولاويين وفريسيين يسألونه من أنت ولماذا تعمد (إنجيل يوحنا 1: 19-25). فهو لن يسألوه «فَمَا بَالُكَ تُعَمِّدُ إِنْ كُنْتَ لَسْتَ الْمَسِيحَ، وَلاَ إِيلِيَّا، وَلاَ النَّبِيَّ؟» إن كان أسيني.
6 المعمدان كان يوبخ بشدة كل من الفريسيين والصدوقيين لأنهم لا يصنعون أثمار تليق بالتوبة لأنهم متمسكين بتقاليد الشيوخ، بل وكان يتكلم عن اقتراب خراب أورشليم بسبب التقاليد الخطأ" 7 فَلَمَّا رَأَى كَثِيرِينَ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ وَالصَّدُّوقِيِّينَ يَأْتُونَ إِلَى مَعْمُودِيَّتِهِ، قَالَ لَهُمْ: «يَا أَوْلاَدَ الأَفَاعِي، مَنْ أَرَاكُمْ أَنْ تَهْرُبُوا مِنَ الْغَضَبِ الْآتِي؟ 8 فَاصْنَعُوا أَثْمَارًا تَلِيقُ بِالتَّوْبَةِ. 9 وَلاَ تَفْتَكِرُوا أَنْ تَقُولُوا فِي أَنْفُسِكُمْ: لَنَا إِبْراهِيمُ أَبًا. لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ اللهَ قَادِرٌ أَنْ يُقِيمَ مِنْ هذِهِ الْحِجَارَةِ أَوْلاَدًا لإِبْراهِيمَ. 10 وَالآنَ قَدْ وُضِعَتِ الْفَأْسُ عَلَى أَصْلِ الشَّجَرِ، فَكُلُّ شَجَرَةٍ لاَ تَصْنَعُ ثَمَرًا جَيِّدًا تُقْطَعُ وَتُلْقَى فِي النَّارِ." (إنجيل متى 3: 7-10). وهذا عكس تمامًا الأسينيين المتمسكين بشدة بتقاليد الشيوخ بطريقة مبالغ فيها. وانعزلوا عن الفريسيين والصدوقيين ولكن لم يكونوا يهاجموهم.
7 يوحنا المعمدان شهد بوضوح أن الذي دعاه للمعمودية هو الروح القدس نفسه وليس لأنه أسيني "31 وَأَنَا لَمْ أَكُنْ أَعْرِفُهُ. لكِنْ لِيُظْهَرَ لإِسْرَائِيلَ لِذلِكَ جِئْتُ أُعَمِّدُ بِالْمَاءِ». 32 وَشَهِدَ يُوحَنَّا قَائلًا: «إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ الرُّوحَ نَازِلًا مِثْلَ حَمَامَةٍ مِنَ السَّمَاءِ فَاسْتَقَرَّ عَلَيْهِ. 33 وَأَنَا لَمْ أَكُنْ أَعْرِفُهُ، لكِنَّ الَّذِي أَرْسَلَنِي لأُعَمِّدَ بِالْمَاءِ، ذَاكَ قَالَ لِي: الَّذِي تَرَى الرُّوحَ نَازِلًا وَمُسْتَقِرًّا عَلَيْهِ، فَهذَا هُوَ الَّذِي يُعَمِّدُ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ. 34 وَأَنَا قَدْ رَأَيْتُ وَشَهِدْتُ أَنَّ هذَا هُوَ ابْنُ اللهِ». (إنجيل يوحنا 3: 31-34). فلو كان أسيني فهو كان لابد أن يتعمد مرتين في اليوم.
8 يوحنا المعمدان بالإضافة أنه كان يعمد الكل بمعمودية التوبة ويقبل الكل إليه حتى الفريسيين والصدوقيين رغم أنه يعرف إنهم منافقين ولا يرفض أحد يقبل اليه. ولكن الأسينيين كانوا يرفضوا الاختلاط ومنعزلين على نفسهم ومنغلقين مخالفين تمامًا ليوحنا المعمدان.
9 يوحنا المعمدان كان يتعامل مع الأمميين "وَلاَ تَفْتَكِرُوا أَنْ تَقُولُوا فِي أَنْفُسِكُمْ: لَنَا إِبْراهِيمُ أَبًا. لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ اللهَ قَادِرٌ أَنْ يُقِيمَ مِنْ هذِهِ الْحِجَارَةِ أَوْلاَدًا لإِبْراهِيمَ." (إنجيل متى 3: 9). وهذا عكس الأسينيين الذين كانوا يرفضوا تمامًا الأمميين والتعامل معهم والاقتراب منهم وكانوا يعتبرونهم انجاس ممنوع التعامل معهم. والأسينيين على عكس يوحنا المعمدان الذي كان يتعامل مع الكل ويدعوا الخطأة للتوبة؛ فكان الأسينيين عندهم تقسيم بين نوعين أبناء النور وأبناء الظلمة وحرَّموا التعامل الأبرار أبناء النور مع الأشرار أبناء الظلمة. ولما كانوا سيعمدون أحد غير أسيني.
10 يوحنا المعمدان لم يكن يشترط أن كل من يقبل له أن يسلمه أملاكه لكي ينضم للجماعة ولكن العكس تمامًا كان من الشروط الأساسية للأسينيين إن كل إنسان سينضم إلى مجتمعهم يأتي بما يملك ويعطيه للجماعة لينتهي أي فرق في المستوى بينهم تمامًا.
11 كان يوحنا المعمدان يتلمذ تلاميذه ويقبل الكل. ولكن لا يقيم لهم اختبار ولم يطرد من لم يصل لمستوى مقبول فهو لم يكن من أسلوب يوحنا المعمدان. ولكن في المقابل الأسينيين كان من يقبلوه يكون تحت التدريب ولو لم يتقدم في مستواه يطرد.
12 أيضا يوحنا أرسل تلاميذه للرب يسوع ليتبعوه "فَلَمَّا جَاءَ إِلَيْهِ الرَّجُلاَنِ قَالاَ: «يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ قَدْ أَرْسَلَنَا إِلَيْكَ قَائِلًا: أَنْتَ هُوَ الآتِي أَمْ نَنْتَظِرُ آخَرَ؟»" (إنجيل لوقا 7: 20). والأسينيين لا يفعلون ذلك مع تلاميذهم بل يريدوا عزل تلاميذهم عن العالم. فهو يختلف عنهم تمامًا في هذا أيضًا.
13 يوحنا المعمدان كان لبسه من جلد وأكله جرادًا وعسلًا بريًا "وَيُوحَنَّا هذَا كَانَ لِبَاسُهُ مِنْ وَبَرِ الإِبِلِ، وَعَلَى حَقْوَيْهِ مِنْطَقَةٌ مِنْ جِلْدٍ. وَكَانَ طَعَامُهُ جَرَادًا وَعَسَلًا بَرِّيًّا." (إنجيل متى 3: 4). ولم يكن يشرب خمر. وهذا لم يكن لا لبس الأسينيين ولا أكلهم فالأسينيين يأكلون طعام بتقشف ولكن ليس جراد وعسل بري. وكانوا يشربون الخمر.
14 يوحنا المعمدان الذي ذكر لقبه عن نفسه بوضوح "قَالَ: «أَنَا صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ: قَوِّمُوا طَرِيقَ الرَّبِّ، كَمَا قَالَ إِشَعْيَاءُ النَّبِيُّ». (إنجيل يوحنا 1: 23). ولم يقول على نفسه أنه معلم بار. ولكن الأسينيين كان معلمهم يلقب باسم المعلم البار وهذا يقيم فقط في مقر الجماعة ولا يغادرها ولا يختلط بالشعب.
15 يوحنا المعمدان أعلن أن الرب يسوع المسيح هو حمل الله الذي يحمل خطايا العالم" وَفِي الْغَدِ نَظَرَ يُوحَنَّا يَسُوعَ مُقْبِلًا إِلَيْهِ، فَقَالَ: «هُوَذَا حَمَلُ اللهِ الَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ الْعَالَمِ!" (إنجيل يوحنا 1: 29). لكن الأسينيين كما تم توضيحه لا يوجد عندهم لا ذبائح حيوانية ترفع الخطية ولا المسيح الحمل الحقيقي.
16 يوحنا المعمدان كان ينطق أسم الرب (يهوه) كثيرا مثلما اقتبس من إشعياء "قَالَ: «أَنَا صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ: قَوِّمُوا طَرِيقَ الرَّبِّ، كَمَا قَالَ إِشَعْيَاءُ النَّبِيُّ». (إنجيل يوحنا 1: 23). ولكن على عكس ذلك تمامًا الأسينيون كانوا يقدسون جدًا اسم يهوه ويرفضوا نطقه ويحكموا على من نطق به أنه يستحق الطرد.
17 بينما نادي يوحنا المعمدان بالتوبة "كَانَ يُوحَنَّا يُعَمِّدُ فِي الْبَرِّيَّةِ وَيَكْرِزُ بِمَعْمُودِيَّةِ التَّوْبَةِ لِمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا." (إنجيل مرقس 1: 4). وكان ينادي بأعمال صلاح "10 وَسَأَلَهُ الْجُمُوعُ قائِلِينَ: «فَمَاذَا نَفْعَلُ؟» 11 فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ لَهُ ثَوْبَانِ فَلْيُعْطِ مَنْ لَيْسَ لَهُ، وَمَنْ لَهُ طَعَامٌ فَلْيَفْعَلْ هكَذَا». 12 وَجَاءَ عَشَّارُونَ أَيْضًا لِيَعْتَمِدُوا فَقَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، مَاذَا نَفْعَلُ؟» 13 فَقَالَ لَهُمْ: «لاَ تَسْتَوْفُوا أَكْثَرَ مِمَّا فُرِضَ لَكُمْ». 14 وَسَأَلَهُ جُنْدِيُّونَ أَيْضًا قَائِلِينَ: «وَمَاذَا نَفْعَلُ نَحْنُ؟» فَقَالَ لَهُمْ: «لاَ تَظْلِمُوا أَحَدًا، وَلاَ تَشُوا بِأَحَدٍ، وَاكْتَفُوا بِعَلاَئِفِكُمْ». (إنجيل لوقا 3: 10-14) بينما تعليم الأسينيين يخالف ذلك، فهم لا يأمروا بالمغفرة فقط بل بالعقوبات الصعبة للذي يخطئ وقوانين قاسية.
18 يوحنا المعمدان وضح أنه يؤمن بمسيح واحد الذي نادى بأنه يأتي بعده "16 أَجَابَ يُوحَنَّا الْجَمِيعَ قِائِلًا: «أَنَا أُعَمِّدُكُمْ بِمَاءٍ، وَلكِنْ يَأْتِي مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنِّي، الَّذِي لَسْتُ أَهْلًا أَنْ أَحُلَّ سُيُورَ حِذَائِهِ. هُوَ سَيُعَمِّدُكُمْ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ وَنَارٍ. 17 الَّذِي رَفْشُهُ فِي يَدِهِ، وَسَيُنَقِّي بَيْدَرَهُ، وَيَجْمَعُ الْقَمْحَ إِلَى مَخْزَنِهِ، وَأَمَّا التِّبْنُ فَيُحْرِقُهُ بِنَارٍ لاَ تُطْفَأُ». (إنجيل لوقا 3: 16-17). وأيضًا (إنجيل يوحنا 1: 7 و29). وهذا ما أشارت له النبوات في ملاخي 4: 5-6 وإشعياء 40: 3 ولم تقل النبوات أي شيء عن انه سيكون أسيني بل يعد طريق المسيا الوحيد. بينما الأسينيين كان عندهم غالبًا الإيمان بإثنين مسيا المسيح ابن يوسف والمسيح ابن داود من كتاباتهم.
19 يوحنا المعمدان لم يكن في جماعته أي شخص أسيني ولم يذكر لقب الأسينيين على أي تلاميذه بل لم يذكر الكتاب أن يوحنا المعمدان حتى ذهب لهم ولا مرة واحدة.
20 يوحنا المعمدان بداية من بشارة الملاك لزكريا أبيه يعلن أنه جاء ليعد طريق الرب "13 فَقَالَ لَهُ الْمَلاَكُ: «لاَ تَخَفْ يَا زَكَرِيَّا، لأَنَّ طِلْبَتَكَ قَدْ سُمِعَتْ، وَامْرَأَتُكَ أَلِيصَابَاتُ سَتَلِدُ لَكَ ابْنًا وَتُسَمِّيهِ يُوحَنَّا. 14 وَيَكُونُ لَكَ فَرَحٌ وَابْتِهَاجٌ، وَكَثِيرُونَ سَيَفْرَحُونَ بِوِلاَدَتِهِ، 15 لأَنَّهُ يَكُونُ عَظِيمًا أَمَامَ الرَّبِّ، وَخَمْرًا وَمُسْكِرًا لاَ يَشْرَبُ، وَمِنْ بَطْنِ أُمِّهِ يَمْتَلِئُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. 16 وَيَرُدُّ كَثِيرِينَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَى الرَّبِّ إِلهِهِمْ. 17 وَيَتَقَدَّمُ أَمَامَهُ بِرُوحِ إِيلِيَّا وَقُوَّتِهِ، لِيَرُدَّ قُلُوبَ الآبَاءِ إِلَى الأَبْنَاءِ، وَالْعُصَاةَ إِلَى فِكْرِ الأَبْرَارِ، لِكَيْ يُهَيِّئَ لِلرَّبِّ شَعْبًا مُسْتَعِدًّا». وهذا بالطبع يميزه عن أي شخص أو طائفة أو فكر أخر.
21 يوحنا المعمدان عاش في البرية "أَمَّا الصَّبِيُّ فَكَانَ يَنْمُو وَيَتَقَوَّى بِالرُّوحِ، وَكَانَ فِي الْبَرَارِي إِلَى يَوْمِ ظُهُورِهِ لإِسْرَائِيلَ." (إنجيل لوقا 1: 80). ولم يذكر الكتاب المقدس ولا يوسيفوس أنه تتلمذ على يد أحد ولا جماعة ولا غيره. بينما الأسينيين كانوا في مناطقهم ولا بد أن يتتلمذوا على يد معلم لهم لمدة ثلاث سنوات. فيوحنا لم يتلقى أي شيء من تعاليم الأسينيين الرسمية.
فكيف بعد كل هذا يدعي أحد ويقول إن يوحنا المعمدان كان أسيني بفكرهم الخطأ المرفوض؟ يوحنا المعمدان لم يكن يؤمن بفكر خطأ وطقوس خطأ بل هو الصوت الصارخ في البرية الذي أعد طريق الرب وأعظم مواليد النساء.
والمجد لله دائما
1. Cyprus, Saint Epiphanius, Bishop of Constantia in The Panarion of Epiphanius of Salamis, Book I, sects 1-46, (BRILL, 2009), 32.
2. Daniel M Gurtner, Loren T. Stuckenbruck, eds. T&T Clark Encyclopedia of Second Temple Judaism, Vol. 2, (London: T&T Clark, 2020), 250–252.
3. F. F. Bruce, Second Thoughts on the Dead Sea Scrolls, (Carlisle: Paternoster Press, 1956).
4. Philo, Quod Omnis Probus Liber. Trans. F. H. Colson, XII, (Cambridge: ST. John College press, 1988), 75–87. And Philo. De Vita Contemplativa.
5. Josephus, Antiquities of the Jews, 18.20.
6. Josephus, The Wars of the Jews, 2.137–138.
7. Josephus, The Wars of the Jews, 2. 119.
8. Philo, Quod Omnis Probus Liber, 75.
9. Yair Furstenberg, "Initiation and the Ritual Purification from Sin: Between Qumran and the Apostolic Tradition", Dead Sea Discoveries. 23 (3): 8 November 2016), 365–394.
10. Josephus, The Wars of the Jews, 2.124.
11. Pliny the Elder, Historia Naturalis, Vol. V, 17 and 29, V, (15).73.