الرجوع إلى لائحة المقالات الرجوع إلى مدخل الي سفر الرؤيا الجزء الثاني
رؤ 1
مدخل في سفر الرؤيا
الجزء التعريف بالسفر وطرق تفسيره
Holy_bible_1
2009
اسم السفر: -
اسم هذا السفر هو اعلان Revelation مشتق من اللاتينية، وهناك اسم اخر بديل له وهو رؤيا Apocalypse مشتق من اليونانية وكلاهما تعنيان "كشف النقاب"، ويدعى في الكتب الكنسية القديمة "سفر الجليان" أي سفر اجلاء الامر الغامض وكشف المقاصد المستورة.
محور السفر: -
سيادة الله، مجيء المسيح، شعب الله الأمين، الدينونة، الرجاء.
إعلان يسوع المسيح.
مفتاح السفر: -
"وهم غلبوه بدم الخروف وبكلمة شهادتهم ولم يحبوا حياتهم حتى الموت" 12: 11.
ثق في كل لحظه إنك ضعيف في ذاتك منتصر في دم المسيح
في هذا السفر يرافق الروح القدس النفس البشرية في طريق الأبدية حتى تبلغ إلى العرس الخالد!
1. فيبدأ بإظهار "باب مفتوح في السماء"، لنصعد إليه بالرب يسوع الحمل القائم كأنه مذبوح. وماذا نرى؟
2. نرى أولاً "حال الكنائس السبع" التي تكشف عن مقدار الضعف البشري وقوة عمل النعمة في الكنيسة. وهنا يتقدم ربنا يسوع ليُعلن أنه هو العلاج الوحيد لكل ضعف فينا.
3. ثم يرتفع بها كما بجناحيّ حمامة تجاه الأبدية في طريق الصليب، طريق الألم، لترى الخروف يفتح "الختوم السبع"، معلنًا عن حالة حرب دائمة بين الله المهتم بأولاده والشيطان الذي لا يكف عن محاربة أولاد الله.
4. ونسمع "الأبواق السبعة" معلنة إنذارات الله تجاه البشر حتى لا يقبلوا أضاليل إبليس، بل يكونوا مرتبطين بالرب، كما تعلن عن قوة المرأة الملتحفة بالشمس ضد عدوّها التنين ومن يثيره "الوحش البحري والوحش البري".
5. وترى "الضربات السبع" لتأديب الأشرار لعلهم يتوبون، كاشفًا عن الخراب الذي يحدق بالزانية وعُشَّاقها. وفي كل مرة تتكشف النفس على مرارة تعم البشرية، أو ضيق ينتاب المؤمنين، للحال يظهر شخص الرب يسوع في صورة أو أخرى يشجع ويعزي ويقوي أولاده حتى يتمموا جهادهم بسلام.
6. وأخيرًا يدخل الروح بالنفس إلى "أورشليم السماوية" لترى وتُبهر مما لا بد أن يكون من أجلها، ما أعده الله للبشر، كما ترى بعينيها إبليس عدو البشرية منطرحًا في البحيرة المتقدة بالنار.
وهذا الترتيب في كل خطوه خلي ناظريك على باب الملكوت (اطلبوا اولا ملكوت الله وبره) عالم إنك ستحارب باستمرار وتحتاج ان تنقي قلبك باستمرار ولكن لا تخف الله سينذرهم ولن يسمح لهم ان يجربوك فوق ما تحتمل (لو لم يبقي الرب لنا بقية لابتلعنا ونحن احياء) والله في الوقت المناسب سيضرب اعداء اولاده (لي النقمة اجازي يقول الرب) ولو صمدت ستصل الي العرس المسائي
زمان كتابة: -
اختلف المفسرون قليلا في زمان كتابة هذا السفر ولكن الأرجح أن زمن كتابتها يكون قبل خراب أورشليم ولكن الرأي المنتشر هو في سنة 95 و96 م في نهاية حكم الإمبراطور دوميتيان، الذي لما رأى ان الزيت المغلي لا يؤثر فيه آثر ان ينفيه لعله يخمد الصوت الباقي من تلاميذ المسيح وينتهي من قضية المسيحية العملاقة. ويقول القديس إيريناؤس يوسابيوس (3: 18).
عن هذه الرؤيا أنها أُعلنت في نهاية حكم دومتيانوس.
مكان كتابة السفر:
اختلف المفسرون قليلا في زمان كتابة هذا السفر ولكن الراي الأكثر انتشار في الماضي أن زمن كتابتها يكون سنة 95 و96 م في نهاية حكم الإمبراطور دوميتيان، الذي لما رأى ان الزيت المغلي لا يؤثر فيه آثر ان ينفيه لعله يخمد الصوت الباقي من تلاميذ المسيح وينتهي من قضية المسيحية العملاقة. ويقول القديس إيريناؤس (ينقل عنه يوسابيوس (3: 18)). عن هذه الرؤيا أنها كتبها يوحنا التلميذ وأُعلنت في نهاية اضطهاد وهذا ما قاله ايضا القديس اكليمندوس الاسكندري.
ولكن الشيء الحديث هو اكتشاف نصوص من سفر الرؤيا موجودة في مخطوطات قمران التي دفنت تقريبا سنة 67 م مما يجعل البعض يعيد الحسابات مره ثانية ويقولوا انه نفي الي جزيرة بطمس في نهاية حكم نيرون (54 الي 68 م) وليس دومتيان وكتب السفر في هذا الوقت وقدمت أدلة على هذا في ملف قانونية السفر، وكتب يوحنا السفر في جزيرة بطمس(رؤ9:1) وهي تبعد حوالي 25 ميلاً من شواطئ آسيا الصغرى (تركيا حالياً) وتدعى حالياً بتينو. وهي جزيرة قاحلة لا يسكنها غير المجرمين المنفيين حيث لا يمكنهم الهرب منها وقضى يوحنا في بطمس سنة ونصف فعاد بعدها لرعاية كنيسة أفسس بعد استشهاد أسقفها تيموثاوس.
وترى قلة من العلماء أنه سجل رؤياه التي رآها في المنفي عندما عاد إلى أفسس. إلاّ أن هذا الرأي لا يستند على دليل، خاصة وأنه أمر بكتابة ما يراه بغير تأخير (1:10-11).
ويوجد في هذه الجزيرة كهف يقول عنه سكانه أنه مسكن الرسول أثناء نفيه.
سماته: -
السفر النبوي الوحيد في العهد الجديد يتنبأ عن حقائق روحية سماوية لا يمكن التعبير عنها بلغة بشرية لذا جاء السفر رمزيا يعلن الحقيقة خلال رموز وألوان وتشبيهات وأعداد.
تسميات رمزيه لقوى شريرة تنشر تعاليم فاسدة مثل ايزابل، بلعام، النبي الكذاب، الزانية بابل، ......
ارقام واعداد شفريه لقوى شريرة مضطهده للكنيسة مثل الوحش، وفترات زمنيه للاضطهادات....
اسلوب الكاتب: -
(ا) نبوي: يتحدث عن امور مستقبليه، لهذا يكتنفها الغموض كأي نبوات لا يفهمها الغارفون بها الا كظلال تنتظر لحظه اشراق الشمس التي تتحقق فيها النبوة.
(ب) شفري: فقد أرسل السفر من مضطهدين الى مضطهدين، لهذا كان من الحكمة ان يكتبه القديس يوحنا بأسلوب شفري، لا يفهمه الا المرسل إليهم حتى لا يقعوا تحت مضاعفه نير الاضطهاد.
اربعة اساليب لتفسير هذا السفر: -
1 -التفسير المستقبلي: -
يميل هذا الاتجاه الى التفسير الحرفي.
+يرون ان السفر يتحدث عن الضيقة العظيمة التي ستحدث خلال سبع سنوات قبل الدينونة، الاسبوع الاخير من اسابيع دانيال (دا 9 :24 -27).
يتصور اصحاب هذا الاتجاه:
ان الملك الألفي سيأتي آخر الايام بمكافآت ارضية.
انه سيحدث مجيئان للرب وأربع قيامات منفصلة للأبرار والاشرار
يميل طائفة الاخوة اتباع بليموث الى هذا الاتجاه.
2 -التفسير التاريخي: -
يتجه هذا الاسلوب الى تفسير احداث السفر على تاريخ المسيحية الكاثوليكية.
وضعوا مواعيد زمنية محددة للمجيء الثاني وهذا الاتجاه هو السبب في نشأة الادفنتست المؤمنين ان الرب قد جاء سرا.
3 -التفسير السلفي (الظرفي): -
يتجه اصحاب هذا الاسلوب الى تفسير احداث السفر على زمن وظروف كتابته، اى يتحدث عن نصرة الكنيسة على الوثنية فقط. وبهذا يكون السفر تاريخا للذكرى فقط.
4 -الاسلوب الشامل الروحي: -
يتجه هذا الاسلوب الى تفسير السفر على انه رسالة تعزية شفريه تتنبأ عن مستقبل ايام الكنيسة وما ستقابله من صراعات واضطهادات وحروب في صور شتى وعصور متتالية.
يتجه هذا الاسلوب الى تتبع عصور التاريخ المختلفة وموقف الكنيسة فيها وتميل كنيستنا الى هذا التفسير.
طرق تفسير سفر الرؤيا
هناك من يستعمل سفر الرؤيا ليستخرج منه مواعيد واوقات لبعض الأحداث وهناك من يفسره حرفياً مثلما فعلت بعض الطوائف فقالوا إن عدد من يدخل السماء 144000 حرفياً على ان يكونوا من طائفتهم. وقال البعض أن المسيح سياتي ليحكم على الأرض لمدة 1000 عام يقيد فيها الشيطان وتسيل فيها الجبال خمراً ولبناً.
وهناك تفسير روحي يستفيد منه الجميع وهذا ما تتبعه كنيستنا وهذا التفسير يعتبر أن الشيطان قُيدَ فعلاً بعد الصليب، ولا يتمسك هذا التفسير بمملكة أرضية ولا يطلبها عملاً يقول السيد المسيح " مملكتي ليست من هذا العالم " من هذا التفسير يفهم ان الكنيسة تحيا الآن في السماويات كما قال بولس الرسول (أف 6:2) وان الكنيسة تحارب في كل زمان ومكان في السماويات التي تحيا فيها (أف 12:6) ونحن في السماويات لأن المسيح وسطنا دائماً (مت20:28، 20:18) ومع أن الكنيسة تحارب في كل حين لكن لوجود المسيح فيها فالنصرة لها دائماً وفى النهاية تتمجد أما حرب الشيطان بعد تقييده فهو لا يستطيع سوى ان يعرض دون أن يفرض ما لم نعطه نحن هذا السلطان. والمسيح اعطانا نحن عبيده سلطاناً أن ندوس عليه بعد أن سقط (لو 19، 18:10) + (يو 31:12) (يو 11:16).
يا ليت كلنا بمختلف طوائفنا نجلس عند قدمي السيد المسيح ونسمع كلام القديس يوحنا ونضع اختلافنا الطائفي جانبا لكي نقترب من رب المجد
الأسلوب الرمزي او الشفري
رغم اعتراض البعض كان لابد من استخدام هذا الأسلوب فهو يخبر المسيحيين بانتصارهم على مضطهديهم، فكيف يقول هذا بوضوح والإمبراطورية الرومانية التي تضطهد هم في عز مجدها. كيف يقول لهم أن الإمبراطورية الرومانية ستزول أو انها ستتحول إلى المسيحية. بل إن غموض سفر الرؤيا يزيده جلالاً فلا تنكشف معانيه إلا في الوقت الذي يريده الله، أما لو عرفت هذه الأسرار مبكراً فقد يفسدها إبليس.
مثال: كان للسيد المسيح في أقواله بعض العبارات غير المفهومة مثل " فمتى نظرتم رجسة الخراب التي قال عنها دانيال النبي قائمة في المكان المقدس ليفهم القارئ فحينئذ ليهرب الذين في اليهودية إلى الجبال..." (مت 15:24 – 21) وظلت هذه العبارة غير مفهومة إلى أن حدث ما جعلها واضحة كالشمس، وبسبب هذه العبارة نجا ألاف المسيحيين من آلام رهيبة.
فلقد أحاط تيطس القائد الروماني بأورشليم مع جيشه وحاصرها مدة من الزمان حتى يئس وقرر أن يقوم بمحاولة اخيرة في فجر أحد الأيام، على أنه إذا فشل في اقتحام أسوار أورشليم المنيعة فإنه سينسحب مع جيشه تاركاً أورشليم، هذه المدينة الصغيرة التي لا تستحق تعطيل الجيش الروماني العظيم وفى الفجر تسلل بعض الجنود مستخدمين سلالم وصعدوا على أسوار أورشليم من ناحية الهيكل، فقد كان الهيكل ملاصقاً للسور، ودخل عشرات من الجنود الرومان فعلاً ووضعوا النسر الروماني على الهيكل. ولكن اليهود تنبهوا وقتلوهم وفشلت المحاولة. وقرر تيطس الانسحاب واحتفل اليهود بهذا الانتصار ولكن حينما استيقظ المسيحيون الذين كانوا بأورشليم صباحاً ووجدوا النسر الروماني على الهيكل تذكروا كلام السيد المسيح وفهموا أن النسر الروماني المعلق على الهيكل هذا هو رجسة الخراب وانه موجود الأن في المكان المقدس، فهربوا فى لحظتها إلى الجبال. هرب كل المسيحيين الذين كانوا في أورشليم إلى الجبال، بينما كان اليهود يحتفلون بانتصارهم على الرومان. وبعد أن غادر تيطس أورشليم وعلى مسيرة ثلاث ساعات من أورشليم وجد نجدة أتيه من روما بأوامر صريحة بهدم أورشليم، فعاد بعد 6 ساعات فقط من مغادرته أورشليم لمحاصرتها ثانية. وحاصرها حصاراً مريراً أكلت الأم فيه أولادها، ثم أسقط أورشليم وأحرقها وقتل حوالي 1.2 مليون يهودى واحرق على صلبان 120 ألف آخرين وباع البقية عبيداً. من هنا نفهم لزوم غموض نبوات سفر الرؤيا. فهي لن تفهم تماماً إلا في حينه وذلك لينقذ الله عبيده وما حدث أيام تيطس قد يحدث ثانية فنحن نعرف أن ضد المسيح سيجلس في هيكل الله مظهراً نفسه أنه إله (2 تس 4:2) وضد المسيح هذا سيثير حرباً ضد الكنيسة، وسيكون ضيق لم يكن مثله (دا 1:12) ولكن الله سينجى شعبه بطريقة ما، لن نعرفها سوى في حينه. ولكن سفر الرؤيا يكشف بعض من الخطة الأن بلغة شفريه إذ يقول "أن المرأة ستهرب إلى البرية وان الله سيعولها هناك" (رؤ 6:12) ولكن متى وكيف نهرب، ربما تكون نفس العلامة التي وردت في (مت 15:24-21) أي رجسة الخراب القائمة في المكان المقدس. ولكن إلى أين نذهب وكيف نتصرف؟ هذا هو ما نراه مكتوباً ولكن بأسلوب شفري غامض لن نفهمه إلا في حينه.
إن كل محاولة لفهم السفر فهماً حرفياً هي محاولة فاشلة، ولكن كما قيل في سفر الرؤيا نفسه "طوبى لمن يحفظ أقوال هذا الكتاب ويقرأه ويسمعه" (رؤ 3:1 + 9:22) إذاً علينا أن نفهمه روحياً أي محاولة فهمه بطريقة تجعلنا نقترب من الله فنتجنب ما يحذرنا منه وننفذ كل وصية فيه ونخشى غضبه ونتشبه بالسمائيين فنسبح الله مثلهم، ونشعر باقتراب الدينونة فنقدم توبة وهذه التوبة تفرح السمائيين، بل تجعلنا معهم ومن صفوفهم ونحفظ السفر بمعنى أن نتذكر كل ما قيل فيه حتى لو لم نفهمه تماماً، حتى نفهم الرسائل الشفرية التي فيه حينما يحين الوقت وننفذها فننجو.
غرض السفر: -
مركّز في أوله وهو "إعلان يسوع المسيح الذي أعطاه إياه الله، لِيُرِىَ عبيده ما لابد أن يكون عن قريب" (رؤ1:1)، فمعظم هذا السفر نبوة بأحوال الكنيسة في مسيرتها المباركة من الارض الى السماء، فهناك مصادمات كثيره، واضطهادات وقوى مختلفة ستحاول النيل من كنيسه المسيح، لكن هيهات!!! لان وعده اثبت من الجبل: "ان ابواب الجحيم لن تقوى عليها"؛ وما هذا السفر الخالد الا شرح لهذه الآية وتأكيدا لهذا الوعد.
إعداد الكنيسة لمجيء الرب ثانية (رؤ7:1، 10:7، 2: 17) وقد وجه الحديث إلى سبع كنائس في آسيا الصغرى (رؤ4:1،11) وحيث أن العدد سبعة رمز الكمال فالمقصود أن الكنائس السبع تنوب عن الكنائس كلها، ففي مستقبل تاريخ الكنيسة المسيحية ما من كنيسة تتعرض للتجارب والنمو والاتساع إلا ولها من تلك الكنائس السبع مثال.
تثبيت الكنيسة عن طريق عدد من الرؤى أهمها (الخروف المذبوح)، فغاية السفر هو إشعال القلب بالغيرة والرجاء الثابت في التمتع بالسماويات وسط الضيقة دون أن ينشغل بتحديد الأزمنة والأوقات.
اهتمام الكنيسة به
بالرغم مما أثاره بعض الهراطقة مثل مرقيون من جهة قانونية هذا السفر، لكننا نجد الكنيسة منذ القرون الأولى تعطيه اهتمامًا خاصًا، لذلك قام بعض الآباء بتفسيره أو بكتابة مقالات عنه منهم: الشهيد يوستينوس إيريناؤس، أيبوليطس[7]، ميلتون، فيكتوريانوس[8]، ديوناسيوس الإسكندري، ميثوديوس، باسيليوس الكبير، غريغوريوس النزينزي، كيرلس الكبير، جناديوس.
أهمية السفر
بدأ الكتاب المقدس بسفر التكوين الذي أعلن حب الله اللانهائي تجاه الإنسان، إذ خلق لأجله كل شيء وأودعه سلطانًا ووهبه كرامة هذه قدرها! لكن سرعان ما تبدل المنظر وتشوهت الصورة وظهر الإنسان الخارج من الفردوس مطرودًا، مهانًا، يحمل على كتفيه جريمة عصيان مرة، يخاف من لقاء الله، ويهرب من وجه العدالة الإلهية. ونظل نبكي علي باب الفردوس المقفول المحمي بالكاروب بالسيف لهيب المتقلب.
لكن شكرًا لله الذي لم يترك الإنسان يعيش في هذه الصورة التي بعثتها الخطية، بل ختم كتابه بسفر الرؤيا مقدمًا لنا صورة مبهجة: بابًا في السماء مفتوحًا، وفردوسًا أبديًا ينتظر البشرية، وأحضانًا إلهيّة تركض مسرعة تجاه البشر، وقيثارات سماويّة وفرحًا وعُرسًا سماويًا من أجل الإنسان.
يا له من سفر مبهج ولذيذ، يليق بكل مؤمن أن يمسك به ويحفظه في قلبه، ويسطِّره في أحشائه ويلهج فيه ليلاً ونهارًا، فهو سفر الرجاء، سفر النصرة، سفر التسبيح، سفر السماء.
1. سفر الرجاء
من يلهج في سفر الرؤيا يتكشف حقيقة العبادة المسيحية، إنها ليست مجرد واجبات تنفذ أو طقوس تؤدى، أو أوامر ونواه تراعى، لكنه يرى خلال هذا كله أيدٍ إلهيّة خفيّة تسرع نحوه لتستقبله وتحوطه وتنشله، وترتفع به نحو السماويات ليعيش شريكًا في المجد الأبدي!
من يتذوق سفر الرؤيا تتحول أصوامه مهما كثرت، وصلواته مهما طالت، وسجوده مهما زاد، وزهده وحرمانه وتركه وآلامه وصلبه كل يوم، إلى فرح وبهجة وسرور لا ينطق به. إذ خلال هذا السفر يهيم في الحب الذي يربط الخالق بخليقته، والمنتصرين بالمجاهدين، والسمائيين بالبشريين، عندئذ ينسى كل ألم وكل ضيق من أجل هذا الحب الخالد!
2. سفر النصرة
وحينما تدخل النفس في سفر الرؤيا كعروس تزور جنة عريسها ترى فيه فردوسًا مبدعًا ومجدًا مذهلاً معدًّا لأجلها. هناك تصادق عريسها، وتصطحب خدامه السمائيين، وتهيم في جو السماويات في عذوبة وحلاوة. عندئذ لا تخاف دهاء عدوها "إبليس"، ولا تضطرب منه، إذ تدرك قوة عريسها وتخطيطاته وتدابيره ومقاصده تجاهها.
3. سفر التسبيح
وإذ يختلس القلب وقتًا هاربًا من الأصوات الداخلية والخارجية، ليدخل مع العريس في داخل السفر في هدوء وصمت، هناك يسمع أصوات تسبيح وترنيم! فيتعلم لغة السماء: لغة الحب والفرح، لغة التسبيح غير المنقطع.
والجميل أنه لا يسمع تسابيح غريبة، بل يحس أنه سبق أن تعلمها في بيت أمه "الكنيسة" إذ يسمع "تسبحة موسى، وتسبحة الحمل، وتسبحه الثلاث تقديسات". وهذه وغيرها لا تكف الكنيسة عن أن تدرب كل قلب على اللهج بها كما سنرى.
4. سفر السماء
وعندما ينسى القلب كل ما يدور حوله وينسحب من بين كنوز العالم ليدخل إلى سفر الرؤيا يُبهر مما يرى فيه من كنوز. يرى أمجادًا سماويّة قدر ما تحتمل الألفاظ أن تعبِّر: يرى حجارة كريمة وأكاليل ذهب وثياب بيضاء. فيربض القلب هناك، ولا يقبل أن ينحط مرة أخرى إلى الأرضيّات. يبيع كل لآلئه ليقتني اللؤلؤة الكثيرة الثمن.
والمجد لله دائمًا