هل جسد المسيح ازلي ؟
Holy_bible_1
الموضوع
ظهر رائ غريب عن مسيحيتنا هذه الايام وهو يقول ان جسد المسيح ازلي ويستشهد ببعض الاعداد ورغم ان هذا الرائ ليس بجديد ولكن ظهر في القرون الاولي في صورة هرطقه تم الرد عليها تفصيلا اولا من التلاميذ وتلاميذهم كالاباء الاوائل مثل القديس اغناطيوس وغيره الكثير جدا
لذلك ليس لدي اي دور الا ان اعرض بعض الردود التي هي كافيه للشرح ولكن قبل عرض ذلك ابدا اولا بالعددين المستشهد بهم
و اما المسيح و هو قد جاء رئيس كهنة للخيرات العتيدة فبالمسكن الاعظم و الاكمل غير المصنوع بيد اي الذي ليس من هذه الخليقة (عب 9 : 11)
ويقول هذا دليل علي ان جسد المسيح ليس من هذه الخليقه بل ازلي
فكم بالحري يكون دم المسيح الذي بروح ازلي قدم نفسه لله بلا عيب يطهر ضمائركم من اعمال ميتة لتخدموا الله الحي (عب 9 : 14)
ويقول هذا دليل ان دم المسيح بروح ازلي
فماذا يقول معلمنا بولس الرسول في هذا الاصحاح من رسالته الرائعه للعبرانيين ؟
بدا هذا الاصحاح بمقارنة بين خيمة الاجتماع التي كانت ضروريه جدا للعهد الاول وبدون قدس الاقداس وتابوت عهد الرب والادوات لايمكن ان يقدم ذبيحه في العهد القديم وبناء عليه لايكون هناك عهد
ويوضح منه اهميه الخيمه والمسكن للعهد بين الله والانسان ومن هذا ينطلق لتوضيح اهمية اتحاد اللاهوت بالجسد في يسوع المسيح
وهو قد اوضح ان مرتبة كهنوت المسيح اعلي بكثير من كهنوت هارون فيجب ان سكون الهيكل الجديد الذي يخدم فيه هو هيكل افضل بكثير وهو جسد يسوع المسيح
وبعض ان يوضح ان الفرائض القديمه وقتيه لا تصل الي الخلاص اما المسيح ويبدا في التكلم عن العدد
العدد الاول
9: 11 و اما المسيح و هو قد جاء رئيس كهنة للخيرات العتيدة فبالمسكن الاعظم و الاكمل غير المصنوع بيد اي الذي ليس من هذه الخليقة
وهنا يربط ويوضح العلاقه بين اللاهوت والطبيعه البشريه بان اللاهوت هو الكاهن الاعظم ليقدم كهنوت
الخيرات العتيده = اعظم خدمة كهنوت تقدم لملكوت السموات لايقدر بشر ولا ملائكه ان يقدمها وهي ان يدين الخطيه في جسده
رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 8: 3
لأَنَّهُ مَا كَانَ النَّامُوسُ عَاجِزًا عَنْهُ، فِي مَا كَانَ ضَعِيفًا بِالْجَسَدِ، فَاللهُ إِذْ أَرْسَلَ ابْنَهُ فِي شِبْهِ جَسَدِ الْخَطِيَّةِ، وَلأَجْلِ الْخَطِيَّةِ، دَانَ الْخَطِيَّةَ فِي الْجَسَدِ، |
فما لم يستطع اي كاهن او اي كائن ان يصنعه من قبل وهو ان يدين الخطيه هو قدم هذه الخدمه الكهنوتيه التي هي خيرات عتيده وفتح بها الملكوت وهو قدمها في اعظم مذبح وهو
بالمسكن الاعظم = واعظم من اي شئ ومن اي هيكل سابق واعظم من كل الخليقه وهو جسده
الاكمل = اي الذي هو بدون خطيه لانه شابهنا في كل شئ ما عدا الخطيه
مصنوع بيد = هي كلمه واحده في اليوناني كيروبويتوس
G5499
χειροποίητος
cheiropoiētos
khi-rop-oy'-ay-tos
From G5495 and a derivative of G4160; manufactured, that is, of human construction: - made by (make with) - hands.
صناعه بشريه صنع بيد
فهو يشرح بكل دقه ان جسد المسيح هو ليس نتيجة صناعه بشريه اي ليس زرع بشري فلم ياتي بالطريق المعتاد وهو التقاء رجل بامراه وهذا الميلاد الاعجازي يجعل جسده اي خيمة كهنوته اعلي من مرتبة اي انسان او اي خليقه مهما كانت
ولان اي خليقه ماديه قد تدنست بالخطيه فحتي الهيكل المقدس نفسه مصنوع بيد بشريه خاطئه نجسه محتاجه التطهير والكفاره اما جسد المسيح
الذي ليس من هذه الخليقه = اليد التي صنعت هذا الجسد ليست من هذه الخليقه لان هو يد الله فلوقا البشير يقول
إنجيل لوقا 1: 35
فَأَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لَها: «اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ. |
ان صناعة جسد المسيح لم تكن بيد بشريه ولكن الروح القدس يحل عليكي وقوة العلي تظللك لذلك القدوس المولود منك يدعي ابن الله لان هذا القدوس هو اقنوم الابن المتجسد اي الله الظاهر في الجسد
ومره ثانيه العدد يتكلم عن اليد التي صنعت جسد المسيح هو يد العلي هي التي ليست من هذا العالم اما من يستشهد بهذا العدد لينكر ان طبيعة جسد المسيح ليست من هذا العالم من قبل الزمان فهو يخالف التعاليم الكتابيه
ولتاكيد ذلك اضع بعض التراجم التي وضحت العدد لفظيا
والتراجم الانجليزي علي سبيل المثال
(KJV) But Christ being come an high priest of good things to come, by a greater and more perfect tabernacle, not made with hands, that is to say, not of this building;
والترجمه اللفظيه للنص اليوناني
(EMTV) But Christ came as a High Priest of the good things to come, through the greater and more perfect tabernacle not made with hands, that is, not of this creation.
وايضا الفلجاتا للقديس جيروم
ولتاكيد فكري اضع بعض الاعداد التي تؤكد ذلك
من نفس الاصحاح
رسالة بولس الرسول إلى العبرانيين 9: 24
لأَنَّ الْمَسِيحَ لَمْ يَدْخُلْ إِلَى أَقْدَاسٍ مَصْنُوعَةٍ بِيَدٍ أَشْبَاهِ الْحَقِيقِيَّةِ، بَلْ إِلَى السَّمَاءِ عَيْنِهَا، لِيَظْهَرَ الآنَ أَمَامَ وَجْهِ اللهِ لأَجْلِنَا. |
وايضا معلمنا بولس يقول
رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثوس 5: 1
لأَنَّنَا نَعْلَمُ أَنَّهُ إِنْ نُقِضَ بَيْتُ خَيْمَتِنَا الأَرْضِيُّ، فَلَنَا فِي السَّمَاوَاتِ بِنَاءٌ مِنَ اللهِ، بَيْتٌ غَيْرُ مَصْنُوعٍ بِيَدٍ، أَبَدِيٌّ. |
ورب المجد نفسه
إنجيل مرقس 14: 58
«نَحْنُ سَمِعْنَاهُ يَقُولُ: إِنِّي أَنْقُضُ هذَا الْهَيْكَلَ الْمَصْنُوعَ بِالأَيَادِي، وَفِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أَبْنِي آخَرَ غَيْرَ مَصْنُوعٍ بِأَيَادٍ». |
ولوقا البشير
سفر أعمال الرسل 7: 48
لكِنَّ الْعَلِيَّ لاَ يَسْكُنُ فِي هَيَاكِلَ مَصْنُوعَاتِ الأَيَادِي، كَمَا يَقُولُ النَّبِيُّ: |
وايضا
سفر أعمال الرسل 17: 24
الإِلهُ الَّذِي خَلَقَ الْعَالَمَ وَكُلَّ مَا فِيهِ، هذَا، إِذْ هُوَ رَبُّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، لاَ يَسْكُنُ فِي هَيَاكِلَ مَصْنُوعَةٍ بِالأَيَادِي، |
فهو يؤكد ان جسد المسيح غير مصنوع بيد بشريه ولكن ولكن وجد بقوة العلي الذي ليس من هذه الخليقه ولذلك هيكله طاهر يصلح لسكني الله فيه ولتطهير الخطيه لانه هيكل غير منجس ولذلك هو يستمر الي الابد
وهو الهيكل الذي سندخله ونحيا فيه في الملكوت هو جسد المسيح النوراني
والمفسرين
ابونا انطونيس فكري
غير المصنوع بيد = الخيمة صنعت بيد ولكن جسد المسيح لم يتم بزرع بشرى بل بالروح القدس الذى حل فى مريم العذراء، فهو لم يكن من هذه الخليقة، بل من خليقة روحية جديدة. وبعد القيامة صار جسداً جديداً ليجعلنا كلنا خليقة جديدة. ونلاحظ أن تشبيه المسيح بالمسكن يشير لأن جسده البشرى يحل فيه كل ملء اللاهوت (كو2: 9).
بارنز
Not of this building - Greek “of this “creation” - κτίσεως ktiseōs. The meaning is, that the place where he officiates is not made by human power and art, but is the work of God. The object is to show that his ministry is altogether more perfect than what could be rendered by a Jewish priest, and performed in a temple which could not have been reared by human skill and power.
ويؤكد ان المقصود هو اليد ليست بشريه وليس الكلام عن جسد المسيح
كلارك
Not made with hands - Though our Lord’s body was a perfect human body, yet it did not come in the way of natural generation; his miraculous conception will sufficiently justify the expressions used here by the apostle.
وايضا يؤكد ان المقصود بها ان ميلاد الجسد لم ياتي بالطريقه الطبيعيه ولكن الميلاد المعجزي لذلك فهو عمل الهي
جيل
by a greater and more perfect tabernacle, not made with hands, that is to say, not of this building; meaning the human body of Christ, which was greater than tabernacle of Moses; not in bulk and quantity, but in value, worth, and dignity; and was more perfect than that, that being only an example, figure, shadow, and type, this being the antitype, the sum and substance of that; and by it things and persons are brought to perfection, which could not be, in and by that; and this is a tabernacle which God pitched, and not man; which was reared up without the help, of man: Christ was not begotten by man, but was conceived in the womb of a virgin, under the power of the Holy Ghost; he came not into the world in the way of ordinary generation, but in a supernatural manner; and so his human body is a tabernacle, not of the common building, or creation, as the word may be rendered, as other human bodies are.
ويشرح بالتفصيل ان جسد المسيح افضل بكثير من خيمة الاجتماع لانه غير ملوث بايدي بشريه في تكوينه وهو اتي بطريقه غير طبيعية
هنري
a tabernacle not made with hands, that is to say, not of this building, but his own body, or rather human nature, conceived by the Holy Ghost overshadowing the blessed virgin. This was a new fabric, a new order of building, infinitely superior to all earthly structures, not excepting the tabernacle of the temple itself.
جاميسون
not made with hands — but by the Lord Himself (Heb_8:2).
ولو اصر البعض علي تفسيره بان جسده ليس من هذه الخليقه فايضا هذا لا يقول انه جسد ازلي بطبيعته الماديه ولكن يعني ان لم يتكون بمعرفة البشر
العدد الثاني
9: 14 فكم بالحري يكون دم المسيح الذي بروح ازلي قدم نفسه لله بلا عيب يطهر ضمائركم من اعمال ميتة لتخدموا الله الحي
وبعد ان تكلم عن الهيكل دخل في نقطة اخري هامه وهي المقارنه بين دم السيد المسيح وفاعليته وبين دم العهد القديم من التيوس والثيران فيوضح ان من اهم صفات هذا الدم انه متحد بالروح الازلي ولذلك هذا الدم هو بلا عيب لانه كما ذكرت سابقا ليس مصنوع بايدي بشريه فهو غير منجس او مدنس وثانيا هو متحد بالروح القدس ولهذا هذا الدم عندما يقدم لله فهو ذبيحه مقبوله بلا عيب وبناء عليها فهو ليس كدم العهد القديم الذي يطهر فقط الي طهارة الجسد للدخول الي الهيكل ولكن دم المسيح يطهر الجسد والضمير ايضا من الاعمال الميته ويعدنا الي ليس لدخول الهيكل القديم ولكن لدخول الهيكل الجديد قدس الاقداس الحقيقي وهو جسد المسيح النوراني في الملكوت
والنص الانجليزي
(KJV) How much more shall the blood of Christ, who through the eternal Spirit offered himself without spot to God, purge your conscience from dead works to serve the living God?
ولا يقول هذا الدم ازلي ولكن من خلال الروح الازلي
وكيف نفسر الدم بالروح الازلي ؟
لانه يسوع المسيح حبل به بالروح القدس
أَمَّا وِلاَدَةُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ فَكَانَتْ هكَذَا: لَمَّا كَانَتْ مَرْيَمُ أُمُّهُ مَخْطُوبَةً لِيُوسُفَ، قَبْلَ أَنْ يَجْتَمِعَا، وُجِدَتْ حُبْلَى مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. |
وقيل عنه
رسالة بطرس الرسول الأولى 1: 19
بَلْ بِدَمٍ كَرِيمٍ، كَمَا مِنْ حَمَل بِلاَ عَيْبٍ وَلاَ دَنَسٍ، دَمِ الْمَسِيحِ، |
ولهذا انه عندما مات بالجسد كان حي بالروح القدس
رسالة بطرس الرسول الأولى 3: 18
فَإِنَّ الْمَسِيحَ أَيْضًا تَأَلَّمَ مَرَّةً وَاحِدَةً مِنْ أَجْلِ الْخَطَايَا، الْبَارُّ مِنْ أَجْلِ الأَثَمَةِ، لِكَيْ يُقَرِّبَنَا إِلَى اللهِ، مُمَاتًا فِي الْجَسَدِ وَلكِنْ مُحْيىً فِي الرُّوحِ، |
فهو ما عن خطيانا ولكنه احيانا معه
ولهذا من يفسر العدد بان دم المسيح ماديا في ذاته ازلي فقد اخطأ الفهم ولكن باتحاده بالروح الازلي هذا اعطي له الصفه اللامحدوديه في الكفاره والتطهير
وتفسير ابونا انطونيوس فكري
دم ثيران = هذا يقدم عن خطايا رئيس الكهنة (لا16: 14، 16). وتيوس = دم التيوس يقدم عن جهالات الشعب. ورماد عجلة = (راجع فريضة البقرة الحمراء عد 19) وهذا الرماد يستخدمونه لتطهير من تلامس مع نجاسة ميت (من يتلامس مع جثة يتنجس جسده وليس نفسه رمزا لنجاسة النفس إذا تلامست مع خطية). كل هذه التطهيرات تؤدى لطهارة الجسد فقط حتى يستطيعوا الإشتراك فى الخدمة. فكم بالحرى دم المسيح الذى بروح أزلى = أى الله فالله روح. هنا نرى لاهوت المسيح أن له دور مشارك مع جسده. ولأنه روح حى أزلى، فبموت الجسد أزال الموت وأسس الحياة الأبدية والخلود للإنسان. والدم يرمز للحياة. وقوة الحياة التى فى المسيح هى قوة حياة أزلية، وهذه القوة تحيى من الموت وتحيى من موت الخطية أى تؤسس الضمير الروحى الجديد الذى بلا خطية. وهنا يضع الرسول عبارة روح أزلى فى مقابل طبيعة الذبائح التى كانت تقدم فى العهد القديم، فهذه كانت لها طبيعة أرضية فانية ميته، أما المسيح فله طبيعة روحية سرمدية. وهذا ما يعطى لتقدمته قيمتها ويجعلها أفضل من التقدمات الحيوانية. قدم نفسه = وهذه تشير لفعله الإرادي الحر. وهو قدم نفسه دون أن يكون فيه نقص أو عيب. يطهر ضمائركم = من أعمال الخطية التى تحمل الموت للنفوس وهكذا نستطيع أن نعبد الله الحي بإستحقاق. فإذن كما كانت طهارة الجسد فى العهد القديم تبيح للإنسان أن يشترك فى العبادة بعد أن يتخلص من النجاسات فهكذا أيضاً إذ المسيح يخلصنا من كل نجاسة الخطية ويطهر نفوسنا يجعلنا مستحقين للإشتراك فى عبادته وخدمته = لتخدموا الله الحى.
دم المسيح يطهر الداخل فلا نريد الخطية ونشتهيها داخلياً، عكس تطهير الجسد الذى إكتفى بتطهير خارجى ولكن الشهوة الخاطئة إستمرت تعذب الضمير.
وغيره كثير جدا من المفسرين
وبعض الاعداد الاخري مثل
الْكَائِنِ
وَالَّذِي كَانَ وَالَّذِي يَأْتِي،وَمِنَ
السَّبْعَةِ الأَرْوَاحِ الَّتِي أَمَامَ
عَرْشِهِ،(
رؤيا
1
: 4 )
«الْحَقَّ
الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ:
قَبْلَ
أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ أَنَاكَائِنٌ».(
يوحنا
8
: 58 )
وَمَخَارِجُهُ
مُنْذُ الْقَدِيم مُنْذُ أَيَّامِ
الأَزَلِ».(
ميخا
5
: 2 )
مُنْذُ
الأَزَلِ إِلَىالأَبَدِ أَنْتَ اللهُ.
( مزمور
90
: 2 )
تَقَدَّمُوا
إِلَيَّ.
اسْمَعُوا
هَذَا.
لَمْأَتَكَلَّمْ
مِنَ الْبَدْءِ فِي الْخَفَاءِ.
مُنْذُ
وُجُودِهِ أَنَا هُنَاكَوَالآنَ السَّيِّدُ
الرَّبُّ أَرْسَلَنِي وَرُوحُهُ.
( اشعياء
48
: 16 )
«اِسْمَعْ
لِي يَا يَعْقُوبُ.
وَإِسْرَائِيلُ
الَّذِي دَعَوْتُهُ.
أَنَا
هُوَ.
أَنَا
الأَوَّلُ وَأَنَا الآخِرُ (
اشعياء
48
: 12 )
أَنَاالأَلِفُ
وَالْيَاءُ، الْبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ،
الأَوَّلُ وَالآخِرُ».
( رؤيا
22
: 13 )
وَاكْتُبْ
إِلَى مَلاَكِ كَنِيسَةِ سِمِيرْنَا:
«هَذَا
يَقُولُهُالأَوَّلُ وَالآخِرُ، الَّذِي
كَانَ مَيْتاً فَعَاشَ.
( رؤيا
2
: 8 )
ثُمَّقَالَ
لِي:
«قَدْ
تَمَّ!
أَنَا
هُوَ الأَلِفُ وَالْيَاءُ،
الْبِدَايَةُوَالنِّهَايَةُ.
أَنَا
أُعْطِي الْعَطْشَانَ مِنْ يَنْبُوعِ
مَاءِ الْحَيَاةِمَجَّاناً.
( رؤيا
21
: 6 )
( يوحنا
1
: 1 ) فِي
الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ وَالْكَلِمَةُ
كَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَكَانَ
الْكَلِمَةُاللَّهَ.
وكل
هذه الاعداد تتكلم عن لاهوت المسيح الازلي
والان اعود الي السؤال الاصلي
هل جسد يسوع المسيح ازلي ؟
الاجابه لا جسد المسيح زماني ولكن لاهوته ازلي وللتوضيح
الازلي الوحيد هو الله
رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 16: 26
وَلكِنْ ظَهَرَ الآنَ، وَأُعْلِمَ بِهِ جَمِيعُ الأُمَمِ بِالْكُتُبِ النَّبَوِيَّةِ حَسَبَ أَمْرِ الإِلهِ الأَزَلِيِّ، لإِطَاعَةِ الإِيمَانِ، |
وايلوهيم الازلي باقانيمه الثلاث وهذا يتفق عليه كل المسيحيين الحقيقيين
ولكن هل جسد المسيح المادي الملموس ازلي ؟
لو كان ازلي يكون الانجيل غير دقيق عندما ذكر لنا انه تجسد من العذراء
إنجيل يوحنا 1: 14
وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْدًا كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ، مَمْلُوءًا نِعْمَةً وَحَقًّا. |
سفر إشعياء 7: 14
وَلكِنْ يُعْطِيكُمُ السَّيِّدُ نَفْسُهُ آيَةً: هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ «عِمَّانُوئِيلَ». |
«هُوَذَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا، وَيَدْعُونَ اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ» الَّذِي تَفْسِيرُهُ: اَللهُ مَعَنَا. |
وهذا الجسد من نسل داود
ولكن لو كان طبيعته البشريه منذ الازل فلماذا وعد بالبركه لادم وابراهيم واسحاق ويقعوب ويهوذا وداود وكل هؤلاء ؟
ومن وجهة اخري ان كان جسده موجود منذ الازل فهل كان متحد باللاهوت ؟ فهل الماده ازليه ؟ بالطبع لا لان الانجيل اكد انها انشات من العدم
سفر إشعياء 40: 17
كُلُّ الأُمَمِ كَلاَ شَيْءٍ قُدَّامَهُ. مِنَ الْعَدَمِ وَالْبَاطِلِ تُحْسَبُ عِنْدَهُ. |
سفر إشعياء 41: 24
هَا أَنْتُمْ مِنْ لاَ شَيْءٍ، وَعَمَلُكُمْ مِنَ الْعَدَمِ. رِجْسٌ هُوَ الَّذِي يَخْتَارُكُمْ. |
انظر يا ولدي الى السماء والارض واذا رايت كل ما فيهما فاعلم ان الله صنع الجميع من العدم وكذلك وجد جنس البشر |
وبعد كل هذا نتاكد ان الاجابه ان الجسد ليس ازلي ولكنه زمني
وهذه اللحظه هي لحظة البشاره هي التي بدا يتكون فيها الجسد المقدس متحدا باللاهوت من اللحظه الاولي للتكوين
ومن يقول ان جسد المسيح ازلي فهو يقول ان جسد المسيح غير قابل للموت وبناء عليه يكون لا فداء وبهذا فنحن في خطيتنا بعد وهذا هو خطورة هذه الفكره المرفوضه من اول الغنوسيين وحتي الان
بعض من اقوال الاباء من موقع سانت تكلا
القديس أثناسيوس: قال " لأنهم (الهراطقة) يطلقون على جسد المسيح أوصافاً مثل " غير مخلوق " و" سمائي " وأحياناً يقولون أن الجسد " من ذات جوهر اللاهوت".. لكن كل ما قالوه ليس إلاَّ سفسطة فارغة وآراء عاطلة.. من أي مصدر أخذتم البشارة التي تجعلكم تقولون أن الجسد " غير مخلوق " ألا يجعلكم هذا تتخيلون أمرين لا ثالث لهما ! أما إن لاهوت الكلمة قد تحوَّل إلى جسد، وإما أنكم تعتقدون بأن تدبير الآلام والموت والقيامة خيال لم يحدث، وهذان التصوران كلاهما خطأ، لأن جوهر الثالوث هو وحده غير المخلوق، والأبدي، وغير المتألم، وغير المتغيّر. أما المسيح حسب الجسد (رو 9:5) فقد وُلِد من الناس الذين قيل عنهم " أخوته " بل تغيَّر بقيامته فصار بعد قيامته " باكورة الراقدين " (كو 1: 18).. فكيف تسمون الناسوت الذي تغيَّر من الموت إلى الحياة " غير مخلوق "؟... عندما تصفون الجسد المتغيّر المكوَّن من عظام ودماء ونفس إنسانية، أي كل مكونات أجسادنا. والذي صار ظاهراً ومحسوساً مثل أجسادنا، عندما يصفون كل هذا بانه " غير مخلوق " تسقطون سقوطاً شنيعاً في خطأين: أولهما أنكم تفترضون أن الآلام التي احتملها هي مجرد خيال، وهذا تجديف المانويين، وأنكم تعتبرون أن اللاهوت له طبيعة ظاهرة محسوسة، رغم انه جوهر غير مخلوق.. وهذا التصوُّر الأخير يضعكم مع الذين يتصوَّرون أن الله كائن في شكل بشري جسداني، فما هو اختلافكم عن هؤلاء، مادام لكم نفس الاعتقاد؟ " (1).
القديس كيرلس الكبير: قال عن السيد المسيح " هو هو واحد مع أبيه، جسده كله مخلوق بلا خطية، في بطن العذراء كطبيعة واحدة لاهوتية غير مدركة، وهي التي ولدته بالجسد.. هو أيضاً الذي شرب اللبن من ثدي العذراء، وهو أيضاً الإله بلا تغيير لعلوه ومجده، وتسجد له المجوس كالإله، وتمجده الملائكة، وتأتي إليه المجوس بالقرابين كالإله " (2).
وقال أيضاً " غير ممكن أن يتغير شئ من المخلوقات إلى طبيعة اللاهوت، لأن الجسد مخلوق والكلمة غير مخلوق " (3).
القديس
باسيليوس أسقف قيسارية:
قال "
ويجب أن تقال هذه
المعاني على ناسوت المخلص أنه خُلِق،
وليس على لاهوته"(4).
وقال أيضاً "
ولما رأى الإبن أن
الخطية
قد كثرت، تنازل وسكن في العذراء
مريم بمثال لا ينطق
به، ولا يبحث عنه، وصار فيها تسعة أشهر،
وأخذ منها جسداً تاماً، وبناه هو فيها
بإرادته ومشيئة أبيه "
(5).
القديس
غريغوريوس أسقف نيصص:
قال "
المسيح غير مخلوق
(اللاهوت)
ومخلوق (الناسوت)
اجتمعتا في موضع
واحد معاً، أما الغير مخلوق، فنقول لأجله
أنه أزلي قبل كل الدهور، وانه دائم إلى
الأبد، وهو خالق كل شئ كائن، فإما المخلوق
(الناسوت)
فهو المشاركة التي
صار فيها مع جسد تواضعنا بالتدبير (التجسد)
" (6).
وقال
أيضاً " جوهر
واحد ليس أثنين، لم ينقل لاهوته الخالق
فيجعله مخلوقاً، ولا نقل المخلوق فجعله
غير مخلوق، هو هو واحد ليس أثنين "
(1).
القديس
بوليدس أسقف روما:
قال "
لانجعل اللاهوت
مخلوقاً ولا عبداً، لأنه غير مخلوق، ولا
نجعل أيضاً الجسد غير مخلوق.. (انظر
المزيد عن مثل هذه الموضوعات هنا في موقع
الأنبا تكلا في أقسام المقالات و الكتب
الأخرى). بالفعل
نوافق ونعترف به باتفاق واحد، إن الجسد
هو من العذراء مريم،
وإن اللاهوت من السماء، وإن الجسد مخلوق
من البطن، واللاهوت غير مخلوق في خاصته
بل هو موجود في كل حين "
(2).
وقال أيضاً "
هكذا نعترف بالمخلوق
بإتحاد الخالق لما اجتمع بالمخلوق، طبيعة
واحدة قائمة ثابتة من الجهتين "
(3).
ولعل
يا صديقي مازال أحد يتساءل:
أليس القول بأن
جسد المسيح مخلوق يتعارض مع ما جاء في
قانون
الإيمان الذي يقول
" مولود
غير مخلوق "؟
فنجيبه
بهدوء شديد قائلين إن قانون الإيمان
يحدثنا عن طبيعتي المسيح، فتكلم أولاً
عن لاهوت المسيح قائلاً "نؤمن
برب واحد يسوع المسيح،
إبن
الله الوحيد، المولود
من الآب قبل كل الدهور،
نور
من نور، إله
حق من إله حق، مولود
غير مخلوق، مساوٍ
للآب في الجوهر، الذي به كان كل شئ "
فهذا ينطبق على
اللاهوت الأزلي المولود من الآب والمساو
له ولاينطبق على الناسوت،
لذلك يكمل قانون
الإيمان قائلاً "
هذا
الذي من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا،
نزل
من السماء وتجسد
من الروح القدس ومن مريم العذراء.
تأنس
.. " فالذي
نزل
من السماء هو اللاهوت
وليس الناسوت،
واتخذ جسداً من مريم
العذراء، والروح
القدس هو الذي هيأ أو أنشأ أو خلق هذا
الجسد المقدس للإبن
الكلمة.
ولكن لنحذر في التعبير، فقولنا أن "جسد المسيح مخلوق" فهذا قول أرثوذكسي صحيح. أما القول بأن "المسيح مخلوق" فهو هرطقة أريوسية في منتهى الخطورة يجرّمها الكتاب والآباء يحرمون من يقول بها.
وورد في مجلة الكرازة الغراء عدد يناير وفبراير 1967 سؤال من أحد الآباء يقول فيه " ما معنى قول قانون الإيمان {إله حق من إله حق، مولود غير مخلوق} وهل تنطبق هذه العبارة على المسيح أم على لاهوته أم على ناسوته؟
وأجاب القمص باخوم المحرقي (نيافة المتنيح الأنبا غريغوريوس أسقف البحث العلمي)، قائلاً " أن المسيح له المجد مولود غير مخلوق أولاً من حيث لاهوته. على أنه لما كان لاهوته متحداً بناسوته إتحاداً تاماً فما يقال على اللاهوت قبل التجسد يقال على مخلصنا وفادينا يسوع المسيح من غير تفريق بين لاهوته وناسوته. حيث أن فيه أتحد اللاهوت بالناسوت، إتحاداً كاملاً من غير اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير.. إن السياق السابق واللاحق لعبارة " مولود غير مخلوق " يقتضي أن يكون معناها منصباً على الله الكلمة، الأقنوم الثاني قبل التجسد، من حيث لاهوته الأزلي الكائن قبل كل الوجود، وقبل كل الدهور. وفي هذا التوطيد رد مباشر على البدعة الأريوسية والأريوسيين ومن يذهب مذهبهم من إنكار أزلية المسيح ووجود السابق على التجسد منذ الأزل من أمثال شهود يهوه وهم الأريوسية الجديدة.
وبديهي أن تعبير " مولود " مقصود به لا الميلاد الزمني من الروح القدس ومريم العذراء، وإنما المقصود به أولاً الميلاد الأزلي حيث أن الله الكلمة هو الإبن والإبن الوحيد لله الآب.. وأما قوله " غير مخلوق " فهو رد مباشر على أريوس الذي زعم إن الله قد خلق المسيح، وأنكر بذلك لا أزلية الإبن فقط بل أنكر عقيدة الثالوث أيضاً، وأراد أن يجعل من المسيح مخلوقاً مثل سائر الناس.. الأمر الذي رفضه آباء مجمع نيقية في شدة وحزم لأنه يخالف نصوص الكتب المقدسة وتعليم الرسل المستقرة بالتقليد في الكنيسة المقدسة.
وهنا
نجيب على سؤال آخر:
هل جسد المسيح
مخلوق؟
أقول
نعم إن الجسد من حيث هو جسد، مخلوق، وقد
تكوَّن
بالروح القدس من مريم العذراء،
ومن دمها ولحمها..
" فلذلك عند
دخوله العالم ذبيحة وتقدمة لم تشأ لكنك
هيأت لي جسداً "
(عب 10:
5) 0 (أنظر يو 1:
14، عب 2:
14، 5:
7، 1
بط 2:
24).
ومع ذلك بعد
التجسد لا نجرؤ على أن نفصل بين ناسوت
المسيح ولاهوته، لإنهما منذ التجسد قد
إتحدا بغير إفتراق ولا إنفصال.
ولا يجوز بتاتاً
أن نميز أو نفصل بين الناسوت
واللاهوت أو نفرق
بينهما. وإذا
فصلنا بين خصائص الناسوت وخصائص اللاهوت،
فنفصل بين الخصائص فصلاً ذهنياً فقط لا
فصلاً واقعياً، لأنه في الواقع لم يعد في
الإمكان أن نفصل بينهما بعد الإتحاد،
لأنه إتحاد كامل لا يقبل الإنفصال أو
الإفتراق "
(1)
تذكَّر
+ السيد
المسيح =
إله كامل +
إنسان كامل (في
إتحاد طبيعي إقنومي)
+
طبيعة السيد المسيح
= طبيعة
إلهية + طبيعة
ناسوتية
جوهر
اللاهوت جسد بشري +
روح بشرية
+
من البدع والهرطقات
التي ثارت بشأن طبيعة المسيح:
-
طعن أريوس في لاهوت الإبن وقال أنه مخلوق.
-
أنكر أبوليناريوس وجود الروح البشرية في السيد المسيح.
-
أعتقدت الغنوسية والمانوية بأن المادة شر، فلذلك قالوا أن السيد المسيح إتخذ جسداً خيالياً أو شبحيَّاً.
-
أنكر أوطيخا ناسوت المسيح وقال أنه ذاب مثل نقطة خل أُلقيت في محيط.
-
القول بأن السيد المسيح مخلوق قول أريوسي يستحق الحرم. أما القول بأن جسد السيد المسيح مخلوق فهو قول صحيح بإعتبار أن هذا الجسد ليس أزلياً مثل اللاهوت بل له بداءة ونشأة، وهذا ما أكده الآباء القديسين.
ومن كتاب ابونا عبد المسيح بسيط
س 1 : إذا كان كلمة الله لم يتحول إلى جسد بل اتخذ جسدا ، فهل كان جسده حقيقيا أم شبه جسد (هيئة جسد) ؟
أولا : جسد حقيقي من مريم العذراء :
يقول الكتاب " لكنه أخلى نفسه اخدا صورة عبد " (في7:2) ، اتخذ الكلمة جسدا حقيقيا ، حبلت به العذراء ، تكون من لحمها ودمها داخل أحشائها ثم ولدته فكان هو وليدها وثمرة بطنها ، أبنها المولود منها والذي حبلت به تسعه أشهر ، ونما داخل أحشائها بقول الكتاب :
تنبأ اشعياء النبي بالروح القدس قائلا :
" ها العذراء تحبل وتلد ابنا " (اش14:7) تحبل وتلد .
" لأنه يولد لنا ولد ونعطي ابنا " (اش6:9) يولد 00 ولد .
وقال الملاك جبرائيل للعذراء :
" وها أنت ستحبلين وتلدين ابنا " (لو31:1) ، تحبل وتلد .
" أيضا القدوس المولود منك " (لو35:1) ، مولود منها . أي من أحشائها .
وقالت القديسة اليصابات للعذراء مريم بالروح القدس :
" مباركه أنت في النساء ومباركة هي ثمرة بطنك " (لو42:1) ، ثمرة بطنها .
وقال القديس بولس :
" ولما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه مولودا من امرأة ، مولودا تحت الناموس
- 72 -
" (غل4:4) ، مولودا من العذراء .
" ومنهم (بنو إسرائيل) المسيح حسب الجسد الكائن على الكل إلها مباركا إلى الأبد آمين " (رو5:9) ، من إسرائيل بحسب الجسد .
" فإذ كان (داود) نبيا وعلم أن الله حلف له بقسم انه من ثمرة صلبه يقيم المسيح حسب الجسد ليجلس على كرسيه " (أع30:2) ، من ثمرة صلب داود حسب الجسد .
وقد استخدم الكتاب هنا كلمة " مولودا " (εγένετο - egeneto ) وهي نفس الكلمة التي استخدامها في الإنجيل للقديس يوحنا " والكلمة صار " ، أي " صائرا من امرأة " و " صائرا تحت الناموس " . وكما تعني عبارة " صار جسدا " انه اتخذ جسدا حقيقيا ، هكذا ، أيضا ، تعني عبارة " صائرا من امرأة " انه اخذ جسده حقيقة من المرأة ، فهو " نسل المرأة " الذي وعد الله انه " يسحق رأس الحية " (تك15:3) ، فهو مولود المرأة ، العذراء ، وثمرة بطنها ، حبلت به مثل سائر المواليد ولما " تمت أيامها لتلد " (لو7:2) ولدته وخرج من رحمها الذي تكون فيه ومنه ونما فيه ، وكان هو ابنها البكر والوحيد (لو6:2) الذي حبلت به من الروح القدس وبدون زرع بشر " الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك فلذلك القدوس المولود منك يدعي ابن الله " (لو35:1) .
اتخذ جسدا حقيقيا لم يأت به من السماء ولم يكن مجرد شبه أو خيال أو هيئه البشر دون أن يكون بشرا حقيقيا ، إنما هو جسد حقيقي تكون من أحشاء العذراء مريم ونما في رحمها . انه جسد من لحم ودم وعظام ، كما يقول الكتاب :
" إذ قد تشارك الأولاد في اللحم والدم اشترك هو أيضا كذلك فيهما 000 من ثم كان ينبغي أن يشبه اخوته في كل شئ " (عب14:2،15) .
قال الرب يسوع المسيح نفسه لتلاميذه بعد القيامة :
" جسّوني وانظروا فان الروح ليس له لحم وعظام كما ترون لي " (لو339:24) .
وتنبأ المرنم أن عظامه ستظل سليمة عند صلبه وموته ولن تكسر :
" يحفظ جميع عظامه وواحدة منها لا تنكسر " (مز20:34) .
- 73 -
وأكد القديس يوحنا الإنجيلي بالروح إتمام ذلك :
" ليتم الكتاب القائل عظم لا يكسر منه " (يو23:19-36) .
انه اتخذ جسدا حقيقيا مكون من لحم ودم وعظام وبالتالي فقد كان كاملا من الناحية الفسيولوجية (الجسمية) ، فكان يجوع ويعطش ويأكل ويشرب ويتعب وينام ويتألم ، فبعد أن صام أربعين يوم وأربعين ليله " جاع أخيرا " (مت2:4) وأيضا " جاع " (مت21:11) بعد أن خرج مع التلاميذ من بيت عنيا ، وعطش علي الصليب وقال " أنا عطشان " (يو28:19) ، وذلك لفقدانه لكمية كبيره من الدم والسوائل من جسده علي الصليب . وكان يأكل ويشرب ، ومن ابرز ما يذكره الكتاب هو أكله مع تلاميذه الفصح (لو15:22) ، وأكله معهم " سمكاً مشوياً وشيئا من شهد العسل " (لو42:24،43) بعد القيامة .
وأكل في بيت لعازر ومريم ومرثا (يو1:12،2) ، وفي بيت متي العشار (مت9:9-11) الذي صار له تلميذا ورسولا وإنجيليا . وأكل في بيت سمعان الفريسي حتى اتهمه الكتبة والفريسيون انه " أكول وشريب " (مت19:11) ، وانه " يأكل ويشرب مع العشارين والخطاة " (مر16:2؛لو2:15) ، وطلب من السامرية أن تعطيه ليشرب " اعطني لأشرب " ( يو7:4) ، وقال هو عن نفسه " جاء ابن الإنسان يأكل ويشرب " (لو34:7) ، ونام علي ظهر السفينة وأيقظه تلاميذه (مر38:4-40 )(1) .
كما تعب وجلس علي بئر يعقوب (يو6:4) وأنّ (مر43:7) وتألم ومات علي الصليب (يو19) . وكذلك أيضا كان يفرح ويتهلل ويحزن ويبكي ، أي كان كاملا من الناحية السيكولوجية (النفسية) ، فقد بكي علي قبر لعازر (يو35:11) ، كما بكي علي أورشليم (لو41:19) ، كما حزن حزنا شديدا في البستان " ابتدأ يحزن ويكتئب " (مت37:26) ، " ابتدأ يدهش ويكتئب " (مر33:14) ، " وقال لهم نفسي حزينة جدا حتى الموت " (مت38:26) وفرح قبل إقامة لعازر وقال لتلاميذه " وأنا افرح لأجلكم " (يو15:11) ، وتهلل بعد عودة السبعين رسولا من إرساليتهم " تهلل يسوع بالروح " (لو21:10) . وهكذا يقول الكتاب : " كان ينبغي أن يشبه أخوته في كل شئ " (عب17:2) .
كما جرب من إبليس (مت1:4-3) ، وانتصر عليه وجاءت ملائكته لتخدمه (مت11:4) ، كما جربه الكهنة والكتبة والفريسيون مرات عديدة لكي يوقعوا به أمام اليهود فيظهرونه وكأنه مجدف وناقض لناموس موسى أو لكي يوقعوا به في قبضة الرومان كثائر ضد الاستعمار الروماني لفلسطين (مت1:16) . وكثيرا ما كان يقول لهم " لماذا تجربوني " (مت18:22) ، " لماذا تجربوني يا مرأون " (مر15:12) ، وكان دائما يجتاز التجربة بقوه وعظمة وان كانت تترك أثرا نفسيا عليه فقد جاء إلى خاصته وخاصته لم تقبله (يو11:1) .
قال بولس الرسول بالروح " لأن ليس لنا رئيس كهنة غير قادر أن يرثي لضعفاتنا بل مجرب في كل شئ مثلنا بلا خطيه " (عب15:4) .
ثانيا : أباء الكنيسة وميلاد المسيح من العذراء :
وقد أدرك أباء الكنيسة منذ بدء المسيحية حقيقة كمال ناسوت المسيح وحقيقة ميلاده ، متجسدا من العذراء مريم وحتمية ذلك ودافعوا ضد الذين قالوا أن جسده خيالا ، مثل الغنوسيين الذين هاجمهم القديس يوحنا قائلا :
" كل روح يعترف بيسوع المسيح أنه قد جاء في الجسد فهو من الله . وكل روح لا يعترف بالمسيح انه قد جاء في الجسد فليس من الله . وهذا هو روح ضد المسيح " (1يو2:4-3) .
وأيضا " لأنه قد دخل إلى العالم مضلون كثيرون لا يعترفون بيسوع المسيح آتيا في الجسد . هذا هو المضل والضد للمسيح " (2يو7) .
وسار علي نهجه تلميذه القديس بوليكاريوس الذي قال مستخدما نفس عباراته :
" كل من لا يعترف بان يسوع المسيح قد جاء في الجسد هو ضد المسيح "(2) .
وقال القديس اعناطيوس الإنطاكي :
" المسيح يسوع الذي من نسل داود والمولود من مريم الذي ولد حقا وأكل حقا
وشرب حقا وصلب حقا علي عهد بيلاطس البنطي ومات حقا "(3) .
وقال القديس ايريناؤس أسقف ليون :
" إن لم يكن المسيح إنسانا حقا وإلها حقا لأصبح خلاصنا مستحيلاً وعندما جاء المسيح إلى عالمنا مخلصا أخذ جسدا حقيقيا كأجسادنا لأن الرسول يقول : " والكلمة صار جسدا "(4) .
وقال أيضا " أن المسيح آدم الأخير كان لحما ودما من دمنا كان إنسانا بكل ما تحمله الكلمة من معني "(5) .
وقال ميليتوس أسقف ساردس في القرن الثاني :
" فهوذا المسيح " الذي صار جسدا في بطن العذراء والذي لم تكسر عظامه علي الخشبة "(6) .
وقال اكلمندس الإسكندري :
" بعملية التجسد أصبح الابن منظورا ومدركا في خير الأشياء التي نراها والتي ندركها بحواسنا "(7) .
وقال يوستينوس الشهيد في حواره مع تريفو اليهودي :
" من البديهي لدي جميع الناس إن لا أحد من جنس إبراهيم حسب الجسد قد ولد من عذراء ، ولم يقل أبدا عن أحد انه ولد من عذراء ، إلا عن المسيح . وقيل عنه " ها العذراء تحبل وتلد ابنا " لأنه إن لم يكن المولود من العذراء هو ذلك الذي يتكلم عنه اشعياء النبي فمن الذي قال عنه الروح القدس : " ولكن يعطيكم السيد نفسه آيه 000 " ولكن الآية الحقيقية التي صارت سببا لرجاء الجنس البشري ، هي أن بكر كل الخليقة صار جسدا من الحشا البتولي وولد "(8) .
وقال القديس اثناسيوس الرسولي :
" كانت مريم في الحقيقة مفترضة من قبل . ليأخذ الكلمة منها (جسدا) ويقدمه من أجلنا كذاته 000 أنها ولدته ، وأنها " قمطته " ولذلك فان الثديين اللذين رضعهما يعتبران مباركين . وقد قدم ذبيحة . لأنه بولادته فتح الرحم وهذه كلها براهين علي أن العذراء هي التي ولدته .
وجبرائيل حمل إليها البشارة بيقين كامل ولم يقل مجرد " المولود فيك " ، حتى لا يظن أن الجسد غريب عنها ومجلوب إليها من الخارج ، بل قال " المولود منك " لكي يعتقد الجميع أن المولود خارج منها . إذ ان الطبيعة تبين هذا بوضوح ، فمن المستحيل علي عذراء تدر لبنا إن لم تكن قد ولدت . ومن المستحيل أن الجسد يتغذى باللبن ويقمط أن لم يكن قد ولد بصوره طبيعية قبل ذلك "(9) .
ثالثا : الإنسانية الكاملة :
كان كاملا في ناسوته ، إنسانيته ، إذ قد تكون جسده من لحم ودم وعظام وأيضا من روح ونفس . أي كان جسدا كاملا بنفس وروح إنسانية عاقلة . وقد استخدم الكتاب في النصوص والآيات الدالة علي تجسده اتخاذه جسدا ، كلمه " σαρζ - sarx " ، أي جسد flesh ، الطبيعة البشرية . فقد استخدم الكتاب عبارات : " صار جسدا " ، " في الجسد " ، " من جهة الجسد " ، " حسب الجسد " للتعبير عن تجسده واتخاذه ، الجسد الكامل أو الإنسانية الكاملة " والكلمة صار جسدا " (يو14:1).
الله حلف (لداود) " بقسم انه من ثمرة صلبه يقيم المسيح حسب الجسد " σαρζ - sarx " (أع30:2) .
" الذي صار من نسل داود حسب الجسد " " σαρζ - sarx " (رو3:1) .
" الذي إذا أرسل ابنه في شبه جسد " σαρζ - sarx " الخطية " (رو3:8) .
" ومنهم ( نسل إبراهيم ) المسيح حسب الجسد " σαρζ - sarx " (ررو5:9) .
" وان كنا قد عرفنا المسيح حسب الجسد " σαρζ - sarx " (2كو16:5) .
" قد صالحكم الآن في جسم (σώματι - swma) بشريته (σαρκός της - Tis sarxos ) (كو21:1-22) .
" مماتا في الجسد " σαρζ - sarx " (1بط18:3) .
" تألم المسيح لأجلنا في الجسد " σαρζ - sarx " (1بط1:4) .
وكلمة " σαρζ - sarx " يقابلها في العبرية كلمة " بسر - basar "(10) ، أي إنسان ، ويقابلها في العربية " بشر "(11) ، وتعني الإنسان ، الإنسانية ، وقد استخدمها العهد الجديد عن المسيح للتعبير عن إنسانيته الكاملة مع الإشارة إلى تجسده بشكل ظاهر ومحسوس ومدرك . كما استخدمها في أحوال كثيرة متضمنة النفس والروح(12) .
وهي عكس كلمه (σώματι - swma) ، أي جسم ، body ، وتترادف مع كلمة " انثروبوس " ανθρωπος - anthrwpos " ، أي إنسان ، بشر ، رجل ، والتي استخدمها السيد عن نفسه باعتباره كامل في ناسوته فقال :
" أنا إنسان " ανθρωπον - anthrwpon " قد كلمكم بالحق " (يو40:8) .
وكما رآه اليهود كإنسان فقط فقالوا له معترضين علي قوله انه ابن الله :
" فانك وأنت إنسان " ανθρωπος - anthrwpos" تجعل نفسك إلها " (يو33:10) . وقالوا عنه أيضا : " لم يتكلم قط إنسان " ανθρωπος - anthrwpos " مثل هذا الإنسان " ανθρωπος - anthrwpos " (يو46:7) .
وقال القديس بولس الرسول :
" لأنه يوجد اله واحد ووسيط واحد بين الله والناس الإنسان " ανθρωπος - anthrwpos " يسوع المسيح " (1تي5:2) ، فهو الوسيط كإنسان وكإله . وكإنسان كامل في ناسوته ، إنسان كامل .
ومنه أيضا لقب ابن الإنسان " ανθρωπου ό υίος - anthrwpou ho uios " الذي استخدمه الرب يسوع المسيح كثيرا .
رابعا : إعلان الكتاب المقدس عن نفسه وروحه الإنسانية :
والكتاب لم يكتف بهذا الكلام فقط عن إنسانية المسيح الكاملة بل أكد أن له نفسا روحا إنسانية عاقلة . فعندما مات علي الصليب قال " يا أبتاه في يديك استودع روحي " (لو46:23) ، ثم " اسلم الروح " (مت5:27) ، أي خرجت روحه الإنسانية من جسده الإنساني وهو يستخدم نفس التعبير الذي استخدمه القديس استيفانوس لحظة وفاته " أيها الرب يسوع أقبل روحي " (أع9:7) .
وعن نفسه الإنسانية قال : " نفسي حزينة جدا حتى الموت " (مر34:14) . وهكذا يثبت الكتاب ويؤكد أن المسيح فعلا كان مجربا مثلنا ، شابهنا في كل شئ " ما عدا الخطية " (عب15:4) .
وقد عبر الآباء عن اتخاذ الله للإنسانية الكاملة بتعبير " تجسد وتأنس "(13) ، أي كما يري الآباء إن كلمة " تأنس " تفيد انه صار إنسانا كاملا نفسا وجسدا وروحا "(14) ، وجاء في قانون الإيمان مجمع نقيه (325م) " نزل من السماء وتجسد من الروح ومن مريم العذراء تأنس " أي اخذ إنسانيتنا الكاملة .
قال يوستينوس الشهيد :
" أن ناسوت المسيح كان يشمل جسدا ونفسا "(15) .
وقال العلامة اوريجانوس :
" لأنه من المستحيل أن تتحد الطبيعة الإلهية بالجسد بدون عامل وسيط وهي
النفس البشرية "(16) .
وجاء في الابصلمودية المقدسة :
" وهكذا أيضا تجسد منك يا مريم بغير تغيير ، بجسد ناطق ، مساو لنا كامل . وله نفس عاقلة "(17) .
ونصلي في القداس الإلهي قائلين :
" أنت بغير استحالة تجسدت وتأنست وشابهتنا في كل شئ ما خلا الخطية وحدها 000 وأكملت التدبير بالجسد "(18) .
وقال القديس اثناسيوس الرسولي متسائلا :
" كيف تجسد المخلص وحل بيننا ؟ هل اخذ جزءًا من الإنسان أي الجسد فقط ؟ وهل هذا يعني انه كان عاجزا عن أن يخلص النفس أي يخلص الإنسان كله ؟ اشمأز من العقل الإنساني لأنه اخطأ أم أنه كان يخاف أن يخطئ هو أيضا ؟ وكيف يخاف وهو الإله الذي إذا تجسد وصار إنسانا استمر في صلاحه وكماله . أن الذين يفكرون بهذا الأسلوب هم بلا شك مملؤون بالكفر "(19) .
ثم يجيب : " وإذا كانت الأناجيل تقول أن يسوع " اضطرب بالروح " (يو21:13) فقد أعلن الرب بكلمات أخرى انه يعني عقله الإنساني بقوله " نفسي قد اضطربت " (يو27:12) ، وإذ كشف الرب بهذا عن عقله الإنساني فقد أعلن بذلك إن فيه ذات العنصر الذي فينا وهذا ما جعله يترفق بنفوسنا "(20) ، وأيضا " هو اله تام ، وهو إنسان تام ذو نفس ناطقة وجسد بشري ذو كيان ووجود "(21) .
قال البابا ثيئوفيلوس الإسكندري (358 - 412م) :
" لم يكن المسيح جسداً بدون نفس ، وان الله الكلمة لم يحل فيه ( في هذا الجسد ) محل النفس " (في سر التجسد 13) ، " يجب أن يعرف 000 انه قد اتخذ مثيل حالتنا تماما ، وأنه إذا قد شاركنا ليس فقط في جسد أو نفس غير ناطقة وبلا عقل vous (nous) ،ولكن في الجسد كله والنفس كلها، فقد اظهر فيه إنسانا كاملا "(22).
وقال القديس ديديموس الضرير (313 - 398م) :
" ظهر ناسوته لنا في كل شئ ، فيما عدا الخطية ولم يكن جسده بغير نفس 00 أن نفس يسوع 00 عاقلة ومطابعة لنفوس الناس (أو من ذات جوهرها) ، كما أن جسده وقال البابا داماسوس أسقف روما في رسالة كتبها سنة 375م :
الخارج من مريم كان مطابعا لأجساد الناس (أو من ذات جوهرها) "(23) .
" يلزم أن نعترف بأن الحكمة ذاته ، الكلمة ، ابن الله ، اتخذ جسدا ونفسا وعقلا (nous) بشريين ، اعني آدم كله ، وبعبارة أوضح كل إنساننا العتيق ، فيما عدا الخطية "(24) .
وقال القديس كيرلس الإسكندري :
" فهوذا (المسيح) كلمة الله الآب الذي تجسد وصار إنسانا كاملا ونحن نؤمن أن الجسد الذي اتحد به ، فيه نفس عاقلة ، ولهذا فالاتحاد كامل وحقيقي "(25) .
" لذلك عندما نسمع أن الكلمة صار جسدا فلنعتقد انه تجسد وصار إنسانا له نفس وجسد لان الكلمة الذي تجسد وصار إنسانا كاملا ودعي ابن الإنسان لأن له نفسا وعقلا ، اتحد بكل مكونات الإنسان اتحادا حقيقيا بطريقه يعرفها هو وحده "(26).
وأيضا " (يجب أن) يعرف أن جسد الرب المأخوذ من مريم كانت له أيضا نفس ، ليس كتلك التي تمتلكها الكائنات غير العاقلة وإنما (التي تملكها) الأناس العاقلة "(27).
وقال القديس البابا ديوسقوروس (444 - 454م) :
" إلا انه مع أخذه الجسد ذا النفس العاقلة استمر إلها مثلما كان "(28) .
وقال يوحنا الدمشقي :
" وان المسيح بالتجسد قد أقام له جسدا حيا ذا نفس ناطقة وعاقلة وذلك من انقي دماء الدائمة البتولية ، فاتخذ باكورة الجبلة البشرية صار الكلمة نفسه أقنوما للجسد ، حتى أن هذا الجسد كان معا جسد ابن الله وجسد ذا نفس ناطقة وعاقلة "(29) .
وقال الأنباء ساويروس المقفع (القرن العاشر) :
" اتخذ الابن الإله جسدا هكذا من مريم العذراء له روح عاقلة ناطقة " .
" والكلمة صار جسدا " 00 أخذ الجسد بكامله . ذو نفس عاقلة كما قال سفر الخليقة أن الإله اتخذ ترابا من الأرض فخلق الإنسان 000 كذلك قال "والكلمة صار جسدا " فدل إن الجسد كامل بكماله ذو نفس عاقلة ناطقة ولهذا سمي آدم الثاني "(30).
س 1 : جسد المسيح ؛ هل هو روحي أزلي أم مادي زمني ؟
ونقول في قانون الإيمان النيقاوي " نؤمن برب واحد يسوع المسيح ابن الله الوحيد المولود من الآب قبل كل الدهور نور من نور إله حق من إله حق ، مولود غير مخلوق " ، فما معني عبارة " مولود غير مخلوق " ؟
أولا : جسد المسيح وهل هو روحي أم مادي ، أزلي أم زمني :
قلنا إن المسيح كإله ، بلاهوته ، صورة الله غير المنظور ، بهاء مجد الله الآب ورسم جوهره ، قوه الله وحكمة الله ، انه الله ناطقا عقل الله الناطق ، الله معنا ، الله الظاهر في الجسد ، الإله القدير ، الكائن على الكل الإله المبارك ، الإله الواحد ، الإله العظيم ، رب المجد ، رب الأرباب ، رب الكل (العالمين) ، وقلنا أن " الله روح " (يو24:4) ، و " أما الرب فهو الروح " (كو7:3) ، والروح كما يقول الرب يسوع المسيح " ليس له لحم وعظام " (لو39:24) ، فهو بسيط وغير مركب ، انه " نور و " ساكن في نور لا يدني منه " (1تي16:6) ، وغير مرئي وغير مدرك بالحواس .
أما جسد المسيح ، المسيح كإنسان ، بناسوته ، فهو كما ذكر الكتاب مكون من لحم ودم وعظام ونفس إنسانية وروح إنسانية ، مولود من مريم العذراء وقد تكون في أحشائها ومن أحشائها ، هيأ لنفسه منها جسدا " فلذلك يقول عند دخوله إلى العالم :
- 83 -
ذبيحة وقربانا لم ترد ولكن هيأت لي جسدا " (عب5:10) ، اعد الجسد داخل أحشائها من لحمها ودمها ، حل الروح القدس عليها وطهر أحشاءها ، حل اللاهوت ، الكلمة في بطن العذراء وهيأ لنفسه جسدا منها ، من لحمها ودمها ، فهو ثمرة بطنها المولود منها بقوة الروح القدس : " أن الابن ( اللوجوس ) قد حل في بطن القديسة العذراء ، وأخذ له ناسوتا منها ثم ولدته "(1) .
انه آدم الثاني ، الإنسان الكامل المولود بغير زرع بشر ، انه من نفس جبلتنا فقد أخذ من لحم ودم مريم العذراء المجبولة من نسل آدم . انه من جنسنا .
" من ثم كان ينبغي انه يشبه اخوته في كل شئ " (عب17:2) انه مولود من مريم العذراء فهو كإنسان ابن مريم وابن داود وابن إبراهيم .
ولد في ملء الزمان " ولما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه مولودا من امرأة " (غل4:4) .
وبالتالي فالمولود من البشر هو بشر أو كما قال السيد نفسه : " المولود من الجسد جسد هو والمولود من الروح هو روح " (يو5:3) ، والمولود من المادة هو مادة ، والمولود من الزمني هو زمني ، فالجسد المولود من العذراء هو من لحمها ودمها ومن نفس جوهرها وطبيعتها كإنسان ، انه كإنسان من نفس طبيعتنا وجنسنا وجوهرنا ، من نفس طبيعة العذراء وجوهرها ، مولود منهما فهو ثمرة بطنها . وهو كإنسان شابهنا في كل شئ من لحم ودم وعظام وروح إنسانية عاقلة ونفس إنسانية . انه مولود من العذراء وكإنسان بدأ في العذراء وتكون منها وفيها وكإنسان حبلت به وكإنسان ولد منها وهو ابنها .
قبل التجسد كان اللاهوت ولم يكن الناسوت ، وقبل العذراء مريم لم يكن للناسوت أي وجود وإنما وجد بعد وجودها لأنه منها . والعذراء مجبولة ، فهو مجبول من العذراء ، والعذراء حادثة زمنية مخلوقه وهو مولود منها ، حبلت به وولدته ورضع من لبنها ودعي ابنها ، ابن مريم ، مع انه الموجود منذ الأزل بلاهوته فقد كان بلاهوته منذ الأزل ، فهو الله الدائم الوجود ، الأبدي الأزلي ، غير الزمني ، الذي بلا بداية وبلا نهاية .
قال القديس أثناسيوس الرسولي موضحا جوهر وطبيعة ناسوت المسيح ، المسيح بناسوته ، المسيح كإنسان في كتابه تجسد الكلمة :
" ولكنه اتخذ جسدا من جنسنا 000، وليس ذلك فحسب ، بل من عذراء طاهرة وبلا لوم ، لم تعرف رجلا ، جسدا طاهرا وخاليا بالحق من زرع البشر . لأنه بالحق هو القادر عل كل شيء ، وبارئ كل شيء ، أعد الجسد في العذراء كهيكل له ، وجعله جسده بالذات ، وأتخذه أداه له وفيه أعلن ذاته ، وفيه حل(2) .
" وهكذا إذ اخذ جسدا من أجسادنا جسدا مماثلا لطبيعتها "(3) .
" فقد اخذ لنفسه جسدا لا يختلف عن جسدنا "(4) .
" وإذ رأى " الكلمة " أن فساد البشرية لا يمكن أن يبطل إلا بالموت كشرط لازم ، وأنه مستحيل أن يتحمل الكلمة " الموت لأنه غير مائت ولأنه ابن الآب ، لهذا اخذ لنفسه جسدا قابلا للموت حتى باتحاده بالكلمة ، الذي هو فوق الكل ، يكون جديرا أن يموت نيابة عن الكل "(5) .
" فأنه إذ أتى إلى عالمنا ، واتخذ أقامته في جسد واحد بين أترابه "(6) .
" لهذا إذ ابتغي منفعة البشر كان طبيعيا أن يأتي إلينا كإنسان أخذا لنفسه جسداً كسائر البشر ، ليعلمهم الأمور الأرضية ـ أي بأعمال جسده "(7) .
" وما دام الجسد قد اشترك في ذات الطبيعة مع الجميع لأنه كان جسدا بشريا وان كان قد اخذ من عذراء فقط بمعجزه فريدة ، فكان لابد أن يموت أيضا كسائر البشر نظرائه ، لأنه كان جسدا قابلا للموت . ولكنه بفضل اتحاده " بالكلمة " لم يعد خاضعا للفساد بمقتضى طبيعته ، بل خرج عن دائرة الفساد بسبب الكلمة الذي أتى ليحل فيه(8).
وجاء في رسالته إلى ادلفوس :
" لأنه إن كان الجسد في حد ذاته هو جزء من عالم المخلوقات لكنه صار جسد الله "(9) .
و " لذلك فانه عند اكتمال الدهور أيضا فقد لبس هو نفسه ما هو مخلوق ( أي الجسد ) لكي يجدده مره أخري بنفسه كخالق ، ولكي يستطيع أن يقيمه "(10).
وجاء في رسالته ابكتيتوس :
" العذراء هي التي ولدته . وجبرائيل حمل إليها البشارة بيقين كامل ولم يقل مجرد " المولود فيك " حتى لا يظن أن الجسد غريب عنها ومجلوب إليها من الخارج ، بل قال " المولود منك " لكي يعتقد الجميع أن المولود خارج منها . إذ أن الطبيعة تبين هذا بوضوح ، فمن المستحيل على عذراء أن تدر لبنا أن لم تكن قد ولدت . ومن المستحيل أن الجسد يتغذى باللبن ويقمط أن لم يكن قد ولد بصورة طبيعية قبل ذلك "(11).
" وهكذا فان المولود من مريم هو بشري بالطبيعة ، بحسب الكتب الإلهية ، وأن
جسده جسد حقيقي ، وهو حقيقي لأنه نفس جسدنا ، حيث أن مريم هي أمنا ، لأننا نحن جميعا ( هي ونحن ) أيضا من آدم "(12).
" أن الجسد الذي كان فيه الكلمة لم يكن من نفس جوهر اللاهوت ، بل هو حقا مولود من مريم ، والكلمة نفسه لم يتحول إلى عظام ولحم ، بل قد صار في الجسد 000 أنه صار جسدا لا بتحوله إلى جسد بل باتخاذه جسدا حيا من أجلنا ، وصار إنسانا 000 وبما أن هذا هو معنى النص المشار إليه ، فانهم يدينون أنفسهم أولئك الذين يظنون أن الجسد المولود من (مريم) كان موجودا قبل مريم ، وأن الكلمة كان له نفس بشرية قبلها (قبل مريم) "(13) .
وجاء في كتاب تجسد ربنا يسوع المسيح والمنسوب إلى القديس اثناسيوس : " لقد تم اتحاد لاهوت كلمه الله بالناسوت في أحشاء القديسة مريم ، عندما نزل الكلمة من السماء ، أي أن الناسوت لم يكن له وجود قبل نزول الكلمة وتجسده ، بل لم يكن للناسوت أي وجود حتى قبل وجود مريم والده الإله التي ولدت من آدم "(14).
" أما هؤلاء الذين نفند آراءهم ( الهراطقة ، المبتدعون ) فهم يتوهمون أن الكلمة متغير أو يفترضون أن تدبير الآلام هو غير حقيقي ولم يحدث ، لأنهم يطلقون علي جسد المسيح أوصافا مثل " غير مخلوق " و " سمائي " و أحيانا يقولون أن الجسد " من ذات جوهر اللاهوت "(15) .
وقال القديس كيرلس عمود الدين في شرح تجسد الابن الوحيد :
" وإذا كان هناك أحد ما يتجرأ أو يعلم بأن الجسد الترابي (أي مريم العذراء) هو الذي ولد الطبيعة الإلهية غير الجسدانية ، أو أن العذراء حبلت بالطبيعة التي هي فوق كل الخليقة ، فان هذا هو الجنون بعينه ، لان الطبيعة الإلهية ليست من تراب الأرض حتى تولد منه (من التراب ولا تلك الخاضعة للفساد تصبح أما لعدم الموت ولا تلك الخاضعة للموت تلد الذي هو حياه الكل ، ولا غير المادي يصبح ثمره للجسد الذي بطبيعته خاضع للميلاد وله ابتداء في الزمان ، الجسد لا يمكنه أن يلد الذي لا بداية له 000 هكذا الكلمة هو الله لكنه تجسد أيضا وولد حسب الجسد وبطريقه بشرية ، لذلك تدعي التي ولدته والدة الإله "(16) .
وأيضا " لأنه عندما تجسد أخذ جسدا ارضيا من تراب الأرض ، ولذلك قيل انه مات به (الجسد) مثلنا ، رغم انه بطبيعته هو الحياة "(17) .
وقال في تفسير يوحنا ؛ " لم يكن (جسد المسيح) خيالا أو شبحا استتر في شكل بشري ، أو كما يدعي البعض جسدا روحيا من مادة خاصة أثيرية مختلفة تماما عن الجسد الذي علق علي الصليب ، وهذا ما يفهمه البعض من تعبير " الجسد الروحي(18) "(19) ، " لأنه كيف ، وبأي وسيلة يمكن لأثار المسامير والجروح وتناول الطعام المادي أن تنسب لروح عارية من الجسد ؟ كل هذه الأمور تناسب الجسد وأحواله وحده . وما فعله المسيح لا يعطي الفرصة لأحد لكي يعتقد أن المسيح قام (من الأموات روحا فقط) ، أو أن جسده كان خيالا أو جسدا أثيريا ، وهو ما يطلق عليه البعض اسم الجسد الروحي "(20) .
وقال في تفسير أمثال 23:8 ؛ " لبس جسدنا كما لو كان من الأرض "(21) .
وقال تعليقا علي أمثال 1:9 ؛ " لقد صار بيتا للحكمة ، مبنيا بها ، هذا الجسد العادي المولود من القديسة العذراء "(22) .
وهاجم القديس اعناطيوس في أواخر القرن الأول الذين أنكروا بشرية جسد المسيح وقالوا انه كان شبه أو خيال وانه لم يتألم بالحقيقة كبشر ولكن شبه لهم :
" إذا كان يسوع المسيح ـ كما زعم الذين بلا اله ، أي الملحدين ـ لم يتألم إلا في الظاهر 000 فلماذا أنا مكبل بالحديد لماذا أتوق إلى مجابهة الوحوش ؟ "(23) .
وقال اغريغوريوس النيزنزي في رسالة إلى كليدونيوس ضد ابوليناريوس : " وإذ قال أحد أن جسده جاء من السماء وليس من هنا أو منا (نحن) علي الرغم من انه فوقنا فليكن محروما ، لان الكلمات : " الإنسان الثاني الرب من السماء " (1كو47:15) وكما هو السماوي هكذا السماويون أيضا (1كو48:15) " ليس أحد صعد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء ابن الإنسان الذي هو في السماء " (يو13:3) وما شابه ذلك تفهم باعتبار الاتحاد مع السماوي حتى أن كل الأشياء خلقت بالمسيح والمسيح يحل في قلوبكم "(24) .
قال البابا تاودوسيوس البطريرك الـ 23(528 ـ 559م) :
" وإذا المسيح خرج من زرع داود وأخذ شبهنا في كل شئ ما خلا الخطية فنحن اخوته بحق كما نص الرسول "(25) .
وقال البابا بنيامين البطريرك الـ 38 (617 ـ 656م) :
" الذي هو الله الكلمة صار جسدا بأقنومه وحده بدون افتراق ولا اختلاط من جسد ودم والده الإله مريم المقدسة التي هي عذراء في كل زمان . جسدا مساويا لنا متألما له نفس عاقلة ناطقة "(26) .
وقال يوحنا الدمشقي :
" تم التجسد الإلهي علي أثر التبشير 000 إذ بعد إن قبلت العذراء القديسة (بشارة الملاك لها) حل الروح القدس عليها 000 فطهرها ومنحها أيضا قوة استيعاب لاهوت الكلمة مع ولادته . وللحال ظللتها حكمه الله العلي وقوته 000 فاستخلص لذاته من دمائها النقية الجزيلة الطهارة جسدا حيا ، نفساً ناطقة عاقلة 000 لم يتحد بجسم له أقنومه قائم في ذاته بل أنه لما حل في أحشاء العذراء القديسة وهو غير محصور في أقنومه ـ قد أقام له جسدا حيا ذا نفس ناطقة وعاقلة ، وذلك من انقي دماء الدائمة البتولية "(27) .
وقال البابا مقار الـ 59 (923ـ 943م) :
" بمشيئة الآب وفعل الروح القدس ومن مريم الطاهرة حين ناداها رئيس الملائكة جبرائيل فحبلت من ثم بالكلمة المتأنس تسعه شهور تامة وولدت بأمر عجيب 000 وهكذا ولد من العذراء "(28) .
وقال البابا مينا الثاني الـ 61 (948 ـ 966م) :
" نزل إلينا بدون مفارقة حصن أبيه وانفصاله عن جوهره وحل في بطن العذراء البتول : وإنما صنع له جسما بشريا من الروح القدس ومن دمائها الطاهرة بنفس ناطقة عاقلة من نسل إبراهيم ولذلك صار الكلمة لحما 00 "(29) .
وقال ساويرس ابن المقفع أسقف الاشمونين :
" انه تراءى وظهر لنا في آخر الزمان في جسد خلقه من جسم العذراء مريم "(30).
قال الأنبا بولس البوشي في ميمر له علي الميلاد :
" المولود من الآب قبل الدهور ميلادا أزليا بلا ابتداء لا يدرك ولا يحد له زمان ولد اليوم للخلاص " .
وجاء في مذكرة طبيعة المسيح لقداسه البابا شنوده الثالث :
" الطبيعة اللاهوتية (الله الكلمة) اتحدت بالطبيعة الناسوتية التي أخذها الكلمة (اللوجوس) من العذراء مريم بعمل الروح القدس . الروح القدس طهر وقدس مستودع العذراء طهارة كاملة حتى لا يرث المولود منها شيئا من الخطية الأصلية ، وكون من دمائها جسدا اتحد به ابن الله الوحيد وقد تم هذا الاتحاد منذ اللحظة الأولى للحبل المقدس في رحم السيدة العذراء "(31) .
وجاء في كتاب أنت المسيح ابن الله الحي للأنبا أغريغوريوس ردا علي سؤال " هل جسد المسيح مخلوق ؟ " . " أقول نعم أن الجسد من حيث هو جسد ، مخلوق ، وقد تكون بالروح القدس من مريم العذراء ، من دمها ولحمها 00 فلذلك يقول عند دخوله إلى العالم : ذبيحة وتقدمه لم تشأ ولكن هيأت لي جسدا "(32) .
" ومع ذلك بعد التجسد لا نجرؤ علي أن نفصل بين ناسوت المسيح ولاهوته لأنهما منذ التجسد قد اتحدا بغير افتراق ولا انفصال ولا يجوز بتاتا أن نميز أو نفصل بين اللاهوت والناسوت أو نفرق بينهما وإذا فصلنا بين خصائص الناسوت وخصائص اللاهوت نفصل بين الخصائص فصلا ذهنيا بينهما بعد الاتحاد ، لأنه اتحاد كامل لا يقبل الانفصال أو الافتراق "(33).
ثانيا : مولود غير مخلوق :
س 2 : إذا ما معني عبارة " مولود غير مخلوق ؟ "
عبارة " مولود غير مخلوق " تخص اللاهوت ، الطبيعة الإلهية فالمسيح من حيث هو اله ، من حيث لاهوته ، فهو مولود من الآب قبل الأزمان ولادة لا مادية ولا حسية ، فهو نطق الله الذاتي وعقله الناطق يصدر من ذات الآب بالولادة بلا انفصال ، بولادة روحيه فوق الجنس والحس والعقل والإدراك في كامل التنزيه والتجريد والتوحيد ، يصدر من ذاته وفي ذاته ، فهو عقل الله ناطق ، الله ناطقا ، كلمه الله وقوة الله وحكمة الله ورسم جوهره .
انه مولود غير مخلوق " من حيث هو كلمة الله ، وكلمة الله مولود من الآب " ، " أنت ابني أنا اليوم ولدتك " (مز7:2) ، فهو كلمة الله الذي هو الله نفسه : " في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة (هو) الله " (يو1:1) .
وعبارة " مولود غير مخلوق " وردت في قانون الإيمان الذي صدر عن مجمع نيقية سنه 325م ، والذي رد بها علي بدعة اريوس الذي أنكر أزلية المسيح وولادته من ذات الآب كابن الله وكلمة الله ونطقه الذاتي العاقل وقال انه مخلوق وموجود قبل الزمان وقبل العالم ومتميز عن الآب وهو حسب اعتقاد اريوس كائن متوسط بين الآب والعالم ، ورفض فكرة ولادة الابن والكلمة من ذات الله واعتبر أن الولادة لا تتفق مع روحانية الله لان الولادة تقتضي المادية كما تقتضي الشهوة الجنسية والتغير ، ورفض أن يكون الابن من جوهر الآب أو أن يكون صادرا منه وإنما قال أن الابن وجد بعملية خارجية محدودة أو بفعل صادر عن أراده الآب .
وهو بهذا يتجاهل أقوال وإعلانات الكتاب المقدس عن أزلية المسيح وكونه الله ذاته ، الله الكلمة ، عقل الله ونطقه العاقل وكلمة الله المولود منه ولادة روحية لا حسية ولا مادية وانه " مساو للآب في الجوهر " لأنه صورة الله غير المنظور المساوي الله لأنه هو الله . انه ابن الله ، كلمته المولود منه بلا بداية ولا انفصال .
" في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله " (يو1:1) .
" أنا هو الألف والياء البداية والنهاية يقول الرب الإله الكائن والذي كان والذي يأتي " (رؤ8:1) .
" أنا هو الألف والياء . الأول والأخر " (رؤ11:1) .
" أنا الألف والياء الأول والأخر . البداية والنهاية " (رؤ13:22) .
" ومخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل " (مي5:2) .
" الكل به وله قد خلق وهو قبل كل شئ وفيه يقوم الكل " (كو17:1) .
انه البدء ومبدىء الحياة ، الله ، الأزلي الأبدي ، الذي بلا بداية وبلا نهاية ، الدائم الوجود ، غير الزمني ، الذي لا يحد . ولم يكن هناك وقت لم يكن ، فهو كلمة الله
- 92 -
الذاتي الذي لا يحد . ولم يكن هناك وقت لم يكن فيه ، فهو كلمة الله الذاتي الأزلي ولم يكن هناك وقت كان الله فيه بدون عقله وكلمته " منذ وجوده أنا هناك " (اش16:48) .
قال القديس امبروسيوس :
" الابن هو قبل الزمن وخالقه ولا يمكن أن يكون قد بدأ في الوجود بعد خليقته "(34).
وقال القديس اثناسيوس الرسولي :
" كلمته أزلي وهو ابن الله الوحيد المولود من الآب قبل كل الدهور ، نور من نور اله حق من اله حق ، مساو للآب في الجوهر الذي به كان كل شئ ولم يكن قبل وجوده زمان ولا بدء له 000 قبل كل الدهور كلها وليس بمكون ولا كان من بعد أن لم يكن "(35) .
وقد جاء نص قانون الإيمان النيقاوي الذي رد فيه علي إنكار اريوس لأزلية المسيح هكذا :
" نؤمن برب واحد يسوع المسيح ابن الله الوحيد ، المولود من الآب قبل كل الدهور ، نور من نور اله حق من اله حق ، مولود غير مخلوق مساو للآب في الجوهر ، الذي به كان كل شئ الذي من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا نزل من السماء وتجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء تأنس " .
واضح هنا انه مولود من الآب قبل كل الدهور كإله ، كالله الكلمة ، بلاهوته وان ولادته من الآب هي المقصود بها انه مولود غير مخلوق ، مولود من ذات جوهر الآب بلا انفصال وليس مخلوق كما قال أريوس ، وانه مساو للآب في الجوهر أو واحد مع الآب في الجوهر كما قال " أنا والآب واحد " (يو30:10) " كل ما للآب هو لي " (يو15:16) و " من رآني فقد رأي الآب أنا في الآب والآب فيّ " (يو9:14،10) .
والملاحظ في تسلسل قانون الإيمان انه يتكلم عنه كإله أولا ، مولود من الآب قبل كل الأزمان وليس مخلوق وانه خالق كل شئ ثم يحدث عن تجسده أو ميلاده من العذراء في " ملء الزمان " تجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء تأنس " .
فالمسيح له ميلادان ، ميلاد أزلي من ذات الله الآب وفي ذاته بلا انفصال " الابن الوحيد الذي في حضن الآب (يو18:1) ، فهو كلمة الله ونطقه العاقل ، الله الكلمة ، الله ناطقا ، وميلاد زمني من مريم العذراء في ملء الزمان الذي هو تجسده ، ميلاد أزلي دائم وغير منفصل وهو الذي يعبر عنه قانون الإيمان بقوله : " مولود غير مخلوق " ، وميلاد زمني له بداية ، حادث ويعبر عنه قانون الإيمان بالقول : " نزل من السماء وتجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء تأنس " ، فهو أزلي زمني في آن واحد ، أزلي كإله ، باعتبار لاهوته وزمني كإنسان باعتبار ناسوته .
قال القديس كيرلس الإسكندري :
" أن المسيح الواحد هو عينه الابن الوحيد المولود من الآب . وهو ذاته البكر بين أخوه كثيرين . هو عينه أزلي كإله ، وهو ذاته مولود في الزمان جسديا . هو ذاته قدوس حسبما هو اله ، وهو ذاته تقدس معنا لما طهر أنسانا "(36) .
والمجد لله دائما