هل هناك اختلاف في الصوت الذي صدر من السماء في وقت معمودية المسيح ؟ متي 3: 17 و مرقس 1: 11 و لوقا 3: 22



Holy_bible_1



الشبهة



لقد اتفق كتبة الأناجيل الأربعة على حدوث قصة التعميد وحدوث قصة نزول الروح القدس على يسوع إلا أن المدقق يرى اختلافا في أمر مهم ألا وهو الصوت الذي صدر من السماء ويعتقدون بذلك أن هذا صوت الآب.
واختلف البشيرون الثلاثه في رواية خبر الصوت الذي سُمع من السماء وقت نزول الروح القدس على المسيح، فقال متى 3: 17 »هذا هو ابني الحبيب الذي به سُررت«. وقال مرقس 1: 11 »أنت ابني الحبيب الذي به سُررت« وقال لوقا 3: 22 »أنت ابني الحبيب الذي بك سُررت«.

وخالفهم كاتب إنجيل يوحنا في هذه القضية فلم يذكر أن هناك صوتا قد صدر وأتى من السماء بل ووثق روايته بشاهد وهو يوحنا المعمدان حيث يقول .. (وشهد يوحنا قائلا: إني قد رأيت الروح نازلا مثل حمامة من السماء فاستقر عليه )



الرد



لا اقصد ان اهاجم المشككين ولكن بعضهم خلفيته إسلامية حرفيه بمعني انه يؤمن بالوحي الاملائي اي من إله الاسلام الي ام الكتاب الي اللوح الحجري المحفوظ الي مواقع النجوم (فهي نسخه من احجار الي احجار) واخيرا جبريل من مواقع النجوم الي محمد رسول الاسلام الذي يمليها حرفيا. فهو وحي املائي فلهذا أي اختلاف (وهذا يملاء القران في سوره المختلفة لنفس القصة والقرائين المختلفة عن بعض) هذا يصنف تحريف لانه وحي املائي.

ولكن الوحي في المسيحيه يختلف عن ذلك تماما فهو وحي تفاعلي أي تفاعل بين روح الله القدوس ورجال الله القديسين الذين يكتبون الوحي مسوقين بالروح القدس لكن لا يلغي شخصيتهم ولا دورهم، فكل منهم يعبر بأسلوبه ولكن الروح القدس يجعل تعبيراتهم صحيحه لاهوتيا ودقيقه في المعني ومناسب لمن سيصل له الوحي فالوحي تفاعل روحين وليس الحرف لان الحرف يقتل ولكن الروح يحيي

فالاربعه اناجيل هي كتابات موحي بها من الله لم يلغي فيها الله شخصيتهم ولكن قادهم ولا يوجد عندنا فكرة الاملاء الحرفي التي تلغي فيها شخصية الكاتبه وتجعله مثل الأحجار او الة كاتبة. فهم كتبوا مساقين بالروح القدس ولكن بأسلوبهم ولهذا تعبيراتهم تختلف باختلاف اسلوب كل كاتب ولكن تتفق في المعني والمضمون والروح الذي يسوقهم لكيلا يخطؤا. فلهذا اختلاف تعبير عن نفس الحادثة ولكن نفس المعنى هذا مناسب تماما.

وساعرض الاعداد من الاربع اناجيل لندرسهم ثم اوضح نقتطين اولا هل يوجد اختلاف ام لا وثانيا ما قاله الصوت من السماء

انجيل متي 3

3: 15 فاجاب يسوع و قال له اسمح الان لانه هكذا يليق بنا ان نكمل كل بر حينئذ سمح له

3: 16 فلما اعتمد يسوع صعد للوقت من الماء و اذا السماوات قد انفتحت له فراى روح الله نازلا مثل حمامة و اتيا عليه

3: 17 وصوت من السماوات قائلا هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت

انجيل مرقس 1

1: 9 و في تلك الايام جاء يسوع من ناصرة الجليل و اعتمد من يوحنا في الاردن

1: 10 و للوقت و هو صاعد من الماء راى السماوات قد انشقت و الروح مثل حمامة نازلا عليه

1: 11 و كان صوت من السماوات انت ابني الحبيب الذي به سررت

انجيل لوقا 3

3: 21 و لما اعتمد جميع الشعب اعتمد يسوع ايضا و اذ كان يصلي انفتحت السماء

3: 22 و نزل عليه الروح القدس بهيئة جسمية مثل حمامة و كان صوت من السماء قائلا انت ابني الحبيب بك سررت

انجيل يوحنا 1

1: 29 و في الغد نظر يوحنا يسوع مقبلا اليه فقال هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم

1: 30 هذا هو الذي قلت عنه ياتي بعدي رجل صار قدامي لانه كان قبلي

1: 31 و انا لم اكن اعرفه لكن ليظهر لاسرائيل لذلك جئت اعمد بالماء

1: 32 و شهد يوحنا قائلا اني قد رايت الروح نازلا مثل حمامة من السماء فاستقر عليه

1: 33 و انا لم اكن اعرفه لكن الذي ارسلني لاعمد بالماء ذاك قال لي الذي ترى الروح نازلا و مستقرا عليه فهذا هو الذي يعمد بالروح القدس

1: 34 و انا قد رايت و شهدت ان هذا هو ابن الله

الملاحظة الاولي والهامة ان يوحنا البشير لا يخبر بقصة العماد كقصه فيقدم تفاصيل ولكن هو يقول ما قاله يوحنا المعمدان بعد معمودية الرب يسوع المسيح ويشهد ان يسوع هو المسيح وهو حمل الله الذي يحمل خطية العالم

لهذا فالمضمون يختلف لاختلاف الهدف من الكلام. فالمبشرين الثلاثه يذكرون قصه العماد اما يوحنا الحبيب لا يذكر قصه العماد وهذا لان يوحنا معروف انه كتب انجيله بعد عشرين الى ثلاثين سنه تقريبا من كتابة بقية الاناجيل وانتشارها وهو يعرفها جيدا فهو لا يكرر ما قيل في بقية الاناجيل ولكن يركز على الامور الروحية ويقدم زوايا اخري لم يقدمها بقية المبشرين مثل شهادة يوحنا المعمدان بما حدث.

الامر الاخر وهو ان يوحنا المعمدان يقدم شهادة عينية فتكلم عن المنظور الذي هو لب شهادته وهو ظهور الروح القدس في هيئة جسمية مثل حمامة ولهذا لم يتكلم عن الصوت ولم يتكلم عما قاله المسيح او نقاشه لكي يتعمد بواسطة يوحنا المعمدان

إذا من يقول ان شيئ معين لم يحدث بسبب ان انجيل يوحنا لم يذكره فهو غير فاهم لفكر انجيل يوحنا ومن يدعي انه تناقض فهو ليس الا مشكك بطريقه عمياء لان يوحنا لم يقل لم يكن هناك صوت من السماء ولكن فقط لم يذكر التفاصيل. وبالطبع عدم ذكر شيئ في أحد الاناجيل لا يعني عدم حدوثه فمن الخطأ او مغالطة منطقية الاعتماد على ما لم يذكر فهو لم ينفي ولكن لم يكرر.

اما عن بقية الثلاثة اناجيل

متي

هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت

ουτος εστιν ο υιος μου ο αγαπητος εν ω ευδοκησα

مرقس

انت ابني الحبيب الذي به سررت

συ ει ο υιος μου ο αγαπητος εν ω ευδοκησα

لوقا

انت ابني الحبيب بك سررت

συ ει ο υιος μου ο αγαπητος εν σοι ηυδοκησα

الحقيقه الثلاثه لا يوجد خلاف بينهم انه

اتي صوت من السماء

والصوت يختص بالمسيح وقت صعوده من الماء وانه الابن الوحيد

ويعبر عن سرور الاب

باسلوب مخاطب عن الاب

وهنا هم يقتبسوا ما قاله الصوت من السماء وشرحت بالتفصيل في كتاب اقتباسات العهد الجديد من العهد القديم ان الاقتباس ليس بالشرط ان يكون لفظي

بل يوجد اقتباس نصي واقتباس ضمني واقتباس بسيط ومركب وجزئي وكلي وهكذا. فليس كلهم اقتبسوا قول الروح القدس نصا.

التعبير الذي قيل هو بوضوح الذي ذكر في انجيل مرقس انت ابني الحبيب الذي به سررت

ولكن متي البشير الذي يطابقه في كل لفظ فيما عدا بدل انت استخدم هذا هو رغم انه في اليوناني متشابهين فقط اختلاف تصريف لأنه واضح انه أسلوب متى البشير الذي يكتب بالعبرية أولا وترجم انجيله لليوناني فالعبري استخدم تعبير هذا هو في إشعياء 42: 1 والتي أيضا اقتبسها تفصيلا متى البشير في متى 12 فقد قدمه بأسلوب الإشارة في النصف الاول وهذا امر مناسب لمتي الذي يكلم اليهود عن ان يسوع هو المسيح المنتظر الذين يعرفون نبوة إشعياء الهامة جدا وكما لو كان الاب يكلم اليهود عارفي النبوات وامام المعمدان الذي يرشد اليهود للمسيح فهذا مناسب تماما لغرض الوحي من انجيل متى لليهود

مرقس البشير ذكر النص الذي قيل لفظا وأيضا هو المناسب لهدف الوحي من انجيل مرقس فهو يتكلم بأسلوب المخاطب اولا ثم الغائب في المقطع الثاني وهذا يؤكد قوة المسيح في انه يسمع شيئ بهذه القوة من الاب مباشرة لان مرقس يكتب للرومان عن المسيح القوي

ولوقا ايضا شبه يطابق التعبير اللفظي في مرقس في كل لفظ ولكن فقط بدل به جعله بك وهذا مناسب للوقا البشير الذي يكلم اليونان بأسلوب المخاطب في الجزء الاول والثاني معا ليؤكد ان المسيح هو المختار ليكون ذبيحه من الاب للابن

واكرر التناقض لو قال أحد البشيرين بان هناك صوت من السماء قائلا والثاني يقول لم ياتي صوت من السماء

ولكن كل من المبشرين كتب باسلوبه ما قاله الصوت من السماء مؤكدين كلهم الحادثة والمضمون وهدف الوحي

وملحوظة هامة لو كان المبشرين ينقلون من بعضهم او كما قيل متي ولوقا ينقلون من انجيل مرقس او كما يدعي البعض هم الثلاثه ينقلون من مصدر اسمه كيو لكانت هذه العباره تتطابق بينهم هم الثلاثه ولكن اختلاف اساليبهم الشخصيه في التعبير مع تطابق الفكر تؤكد ان لم ينقل اي منهم من الاخر او عدم وجود المصدر الوهمي الذي يسمي كيو وانما مصدر واحد وهو ارشاد الروح القدس لكتاب الاناجيل بما هو مناسب لكل بشارة وبتعبير كل مبشر حسب أسلوبه.

وبخاصة في التحقيق الجنائي لو تطابقت شهادة شهود عيان بدون حتى تغيير في ضمائر هذا يعني انهم اتفقوا على شهادتهم ولكن وجود نفس مضمون الشهادة مع اختلافات في التعبير الشخصي يوكد انها شهادات حقيقية وليست نقل.

ويؤكد المفهوم المسيحي للوحي (الذي لا يفهمه المشكك فيقول هذه الشبهات) بان الوحي لا يلغي شخصية الكاتب فكل كاتب للوحي يعبر بأسلوبه ويقتبس بأسلوبه ولكن مسوق من الروح القدس فيعبر باسلوبه ولكن تعبيرات لاهوتيه دقيقه بإرشاد الروح القدس مناسبة لما يعلنه

ولهذا الحاضرين واغلبهم بعد هذا اتبعوا المسيح والتلاميذ لم يقول أي منهم ان ما قاله المبشرين هو خطأ.

وايضا اذكر المثال الذي ذكره القس الدكتور منيس عبد النور

قال المعترض: »اختلف البشيرون في رواية خبر الصوت الذي سُمع من السماء وقت نزول الروح القدس على المسيح، فقال متى 3:17 »هذا هو ابني الحبيب الذي به سُررت«. وقال مرقس 1:11 »أنت ابني الحبيب الذي به سُررت« وقال لوقا 3:22 »أنت ابني الحبيب الذي بك سُررت«.

وللرد نقول: لا يجرؤ أحد على القول إن جوهر العبارتين مختلف، لأن المعنى المقصود فيها كلها واحد. ولا ننكر وجود اختلاف في الأسلوب. فبحسب مرقس جاء الكلام موجَّهاً إلى المسيح. ولكن حسب متى جاءت العبارة مقولة عنه. ونرجّح أن مرقس أورد نص كلام الآب كما هو، أما متى فقد جاء بخلاصته. وللإيضاح نضرب مثلاً: فلنتصوَّر أن عدداً من الناخبين أجمعوا على انتخاب ممثل لهم، فدوَّن أحدهم في محضر الجلسة: »أجمع الناخبون على انتخاب فلان، وصاحوا مشيرين إليه: أنت هو الرجل الجدير بالثقة«. وجاء آخر بخلاصة المحضر نفسه فقال: »حاز فلان ثقة جميع الناخبين، وقالوا عنه: هذا هو الرجل الجدير بالثقة« . فهل يمكن في حال كهذه اتّهام التقريرين بالتناقض؟

واكتفي بهذا القدر

واخيرا المعني الروحي

من تفسير ابونا تادرس يعقوب واقوال الاباء

تحتفل الكنيسة بعيد عماد المسيح بكونه عيد الظهور الإلهي، حيث أعلن الثالوث القدّوس ذاته فيه. فإن كان عند نهر الأردن جاء كثيرون معترفين بخطاياهم، فإنه بدخول السيّد إلى المياه انكشفت حقيقته أنه أحد الثالوث القدّوس. دخل بين الخطاة لينكشف، فندرك أسراره، لا لمجرّد المعرفة العقليّة، وإنما لنختبر عمله الفائق فينا.

يتحدّث القدّيس أغسطينوس عن ظهور الثالوث القدّوس في العماد، قائلاً: [بجوار نهر الأردن ننظر ونتأمّل كما في منظر إلهي موضوع أمامنا. لقد أعلن لنا إلهنا نفسه بكونه الثالوث. جاء يسوع اعتمد بواسطة يوحنا، الرب بواسطة العبد، مثالاً للتواضع. أظهر لنا في تواضع أن المحبّة قد كملت. وعندما قال له يوحنا: "أنا محتاج أن اعتمد منك، وأنت تأتي إليّ. أجاب: اسمح الآن، لأنه هكذا يليق بنا أن نكمل كل برّ" [14-15].

عندما انفتحت السماوات ونزل الروح القدس في شكل حمامة، تبعه صوت من السماء، قائلاً: "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت" [17]. إذن هنا أمامنا الثالوث متمايزًا، الواحد عن الآخر: الآب في الصوت، الابن في الإنسان، والروح القدس في شكل حمامة. إنهم الله الواحد، ومع ذلك فإن الابن غير الآب، والآب غير الابن، والروح القدس ليس بالآب ولا بالابن. نحن نعلم أن هذا الثالوث الذي لا يُنطق به، يسكن في ذاته، يجدّد الكل، يخلق، يدعو، يدين ويخلّص، هذا الثالوث هو كما نعلم لا يُنطق به وغير منفصل[122].

نستطيع أن ندرك مدى اهتمام الكنيسة بالمعموديّة من كلمات القدّيس جيروم: [لم يكرز المخلّص نفسه بملكوت السماوات إلاّ بعد تقديسه الأردن بتغطيسه في العماد[123].]



والمجد لله دائما