هل اقر اليهود بخطئهم واستحقاقهم العقاب ام انكروا ذلك ؟ متي 21: 40 و مرقس 12 و لوقا 20: 15



Holy_bible_1



الشبهة



ورد في متى 21:40 و41 بعد رواية مثل غارس الكرم »فمتى جاء صاحب الكرم، ماذا يفعل بأولئك الكرامين؟ قالوا له: أولئك الأردياء يهلكهم هلاكاً ردياً، ويسلّم الكرم إلى كرامين آخرين، يعطونه الأثمار في أوقاتها« وفي لوقا 20:15 و16 بعد رواية المثل قال: »فماذا يفعل بهم صاحب الكرم؟ يأتي ويهلك هؤلاء الكرامين، ويعطي الكرم لآخرين. فلما سمعوا قالوا: »حاشا«. ففي العبارتين اختلاف، لأن الأولى تقول إنهم قالوا إنه يهلكهم، والثانية تقول إنهم أنكروا ذلك.



الرد



الحقيقة لا تعارض بين الاعداد\ علي الاطلاق بل الاثنين يكملان بعضهما بعضا بمعني ان الحوار في البدايه لم يفهم اليهود ان الكلام عنهم فحكموا بوجوب اهلاك الكرامين الاردياء ولكن عندما فهموا ان هذا الكلام عنهم وانهم هم المقصودين بالكرامين الاردياء قتلة الانبياء قالوا حاشوا ورفضوا كلامه بل تفكروا ان يقبضوا عليه لكي يتخلصوا منه ولكن خافوا من الجموع

فما قدمه متي البشير من تعليق في سياقه هو قبل ان يفهموا فحكموا علي انفسهم بدون فهم وما قدمه لوقا البشير من تعليق في سياقه هو بعد ان فهموا فرفضوا كلامه وقالوا حاشا ان يكون وصفهم بالكرامين الاشرار



والاعداد تؤكد ذلك

انجيل متي 21

21: 33 اسمعوا مثلا اخر كان انسان رب بيت غرس كرما و احاطه بسياج و حفر فيه معصرة و بنى برجا و سلمه الى كرامين و سافر

رب البيت هو يرمز لله

والغرس هو ملكوته

والمعصره هو كهنوته

والبرج هو الناموس الذي يكشف الخطايا

والكرامين هم رؤساء الكهنة والمعلمين

21: 34 و لما قرب وقت الاثمار ارسل عبيده الى الكرامين لياخذ اثماره

وعبيده هم انبياء العهد القديم ليجنوا ثمار التوبه والاعمال الصالحه

21: 35 فاخذ الكرامون عبيده و جلدوا بعضا و قتلوا بعضا و رجموا بعضا

21: 36 ثم ارسل ايضا عبيدا اخرين اكثر من الاولين ففعلوا بهم كذلك

21: 37 فاخيرا ارسل اليهم ابنه قائلا يهابون ابني

نلاحظ تعبير اخيرا اذا لن ياتي احد بعد الابن الوحيد , والابن هو الرب يسوع المسيح اقنوم الابن المنتظر وهو هيبة الله ومجده ( بهاء مجده ورسم جوهوره عب 1: 3 )

21: 38 و اما الكرامون فلما راوا الابن قالوا فيما بينهم هذا هو الوارث هلموا نقتله و ناخذ ميراثه

عندما عرفوا ان المسيح الابن لم ياتي ليعطيهم ملك ارضي ولكن ملك سماوي رفضوه وقرروا قتله لياخذوا لانفسهم ملك ارضي بذراعهم

21: 39 فاخذوه و اخرجوه خارج الكرم و قتلوه

وهذا هو حادث الصلب وهو بالفعل صلب خارج اورشليم

21: 40 فمتى جاء صاحب الكرم ماذا يفعل باولئك الكرامين

حتي هذه اللحظه لم يفهم رؤساء الكهنه والشيوخ الذين يتكلمون معه وهم الذين جاؤا ليسالوه عن سلطانه ولهذا تسرعوا واجابوه علي سؤاله وهي الاجابه المنطقيه

21: 41 قالوا له اولئك الاردياء يهلكهم هلاكا رديا و يسلم الكرم الى كرامين اخرين يعطونه الاثمار في اوقاتها

وهنا المسيح سيبدا يكشف لهم معني المثل ويواجههم بشرورهم وهم بدؤا يفهموا تدريجيا

21: 42 قال لهم يسوع اما قراتم قط في الكتب الحجر الذي رفضه البناؤون هو قد صار راس الزاوية من قبل الرب كان هذا و هو عجيب في اعيننا

21: 43 لذلك اقول لكم ان ملكوت الله ينزع منكم و يعطى لامة تعمل اثماره

21: 44 و من سقط على هذا الحجر يترضض و من سقط هو عليه يسحقه

21: 45 و لما سمع رؤساء الكهنة و الفريسيون امثاله عرفوا انه تكلم عليهم

وهنا فهم الرؤساء معني المثال وتضايقوا ولكن لم يقل لنا متي البشير ما قالوه له بعدما فهموا المثل وهذا ما شرحه لوقا البشير

21: 46 و اذ كانوا يطلبون ان يمسكوه خافوا من الجموع لانه كان عندهم مثل نبي



انجيل لوقا 20

20: 9 و ابتدا يقول للشعب هذا المثل انسان غرس كرما و سلمه الى كرامين و سافر زمانا طويلا

20: 10 و في الوقت ارسل الى الكرامين عبدا لكي يعطوه من ثمر الكرم فجلده الكرامون و ارسلوه فارغا

20: 11 فعاد و ارسل عبدا اخر فجلدوا ذلك ايضا و اهانوه و ارسلوه فارغا

20: 12 ثم عاد فارسل ثالثا فجرحوا هذا ايضا و اخرجوه

يحدد لوقا أن صاحب الكرم أرسل ثلاثة رسل قبل إبنه:-

الأول: يمثل الناموس الطبيعي أي الضمير وكان قايين أول من كسره بقتله لأخيه.

الثاني: يمثل ناموس موسى. وموسى نفسه ممثل الناموس هاجوا عليه.

الثالث: هم الأنبياء ونبواتهم وطالما قتل الشعب اليهودي هؤلاء الأنبياء.

والمسيح يتهم اليهود الذين أمامه من القادة والرؤساء بأنهم مازالوا يعملون ضد الناموس الطبيعي، وضد الناموس الموسوي وضد النبوات، في حياتهم وسلوكهم وفي رفضهم له وهو المخلص الذي تكلم عنه الأنبياء.



20: 13 فقال صاحب الكرم ماذا افعل ارسل ابني الحبيب لعلهم اذا راوه يهابون

20: 14 فلما راه الكرامون تامروا فيما بينهم قائلين هذا هو الوارث هلموا نقتله لكي يصير لنا الميراث

دعوة السيد المسيح نفسه بالوارث، فهل مات الآب ليرثه الابن؟ حاشا، إنما تقدم الوارث لا ليسحب من الأب ماله، إذ ما هو للآب فهو للابن، لكنه دعي نفسه وارثًا بكونه قد ترك مجده بإرادته مخليًا ذاته ليكون ممثلاً لنا ونائبًا عنا، حتى متى مات السيد المسيح بالجسد وقام نال باسمنا ماله كميراثٍ لنا بشركتنا معه في المجد. لقد حمل هذا اللقب "وارثًا" كرأس للكنيسة لكي ترث باسم رأسها ومعه وفيه ما هو له.

20: 15 فاخرجوه خارج الكرم و قتلوه فماذا يفعل بهم صاحب الكرم

من الجانب الحرفي أنه صُلب على جبل الجلجثة خارج أورشليم، كما يمكن أيضًا أن يُفهم بأن اليهود - وهو كرم الرب - سلموا الوارث لبيلاطس والجند الرومان ليقتلوه، سلموه خارج الكرم! ويمكننا أيضًا أن نفهم أن إخراجه خارج الكرم لقتله يعني رفضه. أخرجه الجاحدون الأشرار خارج قلوبهم، كرم الرب الداخلي، فقدموا له الآلام عوض الحب! بهذا يمكننا أن نفهم عبارة الرسول بولس: "فلنخرج إذًا إليه خارج المحلة حاملين عاره" (عب 13: 13) بمعنى أننا إذ صرنا أتباع المصلوب، نُرفض نحن أيضًا من العالم، فلا يكون لنا موضع في القلوب. فنُطرد خارج قلوبهم ونُسلم لبغضتهم حاملين كل تعييراتهم ومتاعبهم من نحونا. بمعنى آخر لا ينتظر المؤمن وهو يقدم كل الحب للعالم أن يرد له العالم الحب بالحب، وإنما يرد له محبته بالطرد خارجًا ليحمل مع فاديه صليبه ويقبل عاره.

والمسيح هنا هو الذي يوجه السؤال ( كما شرح ايضا متي البشير ) والمتوقع انهم يجاوبوه

20: 16 ياتي و يهلك هؤلاء الكرامين و يعطي الكرم لاخرين فلما سمعوا قالوا حاشا

وهنا نجد ان لوقا البشير يعبر عن اجابة اليهود ويركز علي بقية كلام المسيح او بمعني اصح تاكيده علي كلامهم

فالفريسيين هم الذين قالوا هذا، والسيد كرر ما قالوه تأميناً على كلامهم أي هو يوافق على ما قالوه ولهذا نجد ان تعبير اليهود اشد الذي نقله متي البشير فهم قالوا اولئك الاردياء يهلكهم هلاكا رديا ولما كرر المسيح كلامهم واكد انه سيعطي الكرم لاخرين فهموا المقصود لانهم يعرفون ان المسيح يختلف معهم وباستمرا يدينهم فتاكيده علي حكمهم اذا هذا الحكم هو عليهم ولما ادركوا هذا قالوا حاشا.

20: 17 فنظر اليهم و قال اذا ما هو هذا المكتوب الحجر الذي رفضه البناؤون هو قد صار راس الزاوية

20: 18 كل من يسقط على ذلك الحجر يترضض و من سقط هو عليه يسحقه

20: 19 فطلب رؤساء الكهنة و الكتبة ان يلقوا الايادي عليه في تلك الساعة و لكنهم خافوا الشعب لانهم عرفوا انه قال هذا المثل عليهم

اذا بهذا تاكدنا ان كلام لوقا البشير لا يتناقض مع كلام متي البشير بل يؤكده ويكمله ويوضح ان المسيح سال واليهود اجابوه وشهدوا علي انفسهم ثم هو كرر كلامهم مؤكدا ان هذا ما سيفعله بهم عقابا لهم فرفضوا كلامه وانكروا وقالوا حاشا



وايضا مرقس البشير يكرر نفس القصه ويؤكد نفس الفكر ولكن باختصار

انجيل مرقس 12

12: 1 و ابتدا يقول لهم بامثال انسان غرس كرما و احاطه بسياج و حفر حوض معصرة و بنى برجا و سلمه الى كرامين و سافر

12: 2 ثم ارسل الى الكرامين في الوقت عبدا لياخذ من الكرامين من ثمر الكرم

12: 3 فاخذوه و جلدوه و ارسلوه فارغا

12: 4 ثم ارسل اليهم ايضا عبدا اخر فرجموه و شجوه و ارسلوه مهانا

12: 5 ثم ارسل ايضا اخر فقتلوه ثم اخرين كثيرين فجلدوا منهم بعضا و قتلوا بعضا

12: 6 فاذ كان له ايضا ابن واحد حبيب اليه ارسله ايضا اليهم اخيرا قائلا انهم يهابون ابني

12: 7 و لكن اولئك الكرامين قالوا فيما بينهم هذا هو الوارث هلموا نقتله فيكون لنا الميراث

12: 8 فاخذوه و قتلوه و اخرجوه خارج الكرم

12: 9 فماذا يفعل صاحب الكرم ياتي و يهلك الكرامين و يعطي الكرم الى اخرين

وكما قلت مرقس البشير يختصر الحوار الذي فيه المسيح سال واجابوه واكد كلامهم وردوا عليه منكرين

12: 10 اما قراتم هذا المكتوب الحجر الذي رفضه البناؤون هو قد صار راس الزاوية

12: 11 من قبل الرب كان هذا و هو عجيب في اعيننا



واخيرا المعني الروحي

من تفسير ابونا تادرس يعقوب واقوال الاباء

يرى القديس أغسطينوس[287] في هذا المثل أنه إذ ثار الأشرار على الابن الوارث، وأرادوا قتله لم يقاوم، بل قال: "أنا اضطجعت" (مز 3: 5). نام مسلمًا جسده في أيدي مضطهديه ليسمروه على الصليب، ويطعنوه بالحربة في جنبه لكي تقوم الكنيسة فيه كما قامت حواء من جنب آدم عندما كان في سُبات.

رابعًا: قدم لنا كثير من الآباء تفسيرًا تفصيليًا لهذا المثل، وقد سبق لي ترجمة تفسير القديس كيرلس الكبير له في دراستنا لإنجيل متى مع بعض آباء آخرين. لذا أكتفي هنا بعرض آراء آباء آخرين. ففي نص منسوب للقديس جيروم [الكرمة هي بيت إسرائيل، والسور هو حراسة الملائكة، والبرج هو الهيكل، والكرامون هم الكهنة[288]]، بينما يرى الآب ثيؤفلاكتيوس أن [السور هو الشريعة التي منعت امتزاجهم بالغرباء.]

ويقدم لنا القديس أمبروسيوس التعليق التالي:

[يذكر إشعياء بوضوح أن كرم رب الجنود هو بيت إسرائيل (إش 5: 7)، موجد هذا الكرم هو الله الذي سلمه وسافر بعيدًا، لا بمعنى أن الرب سافر إلى مكان آخر، إذ هو دائمًا حاّل في كل مكان، لكنه يظهر وجوده واضحًا جدًا في الذين يحبون، ويظل بعيدًا عن الذين يتركونه.

يذكر إنجيل متى أنه أحاطه بسياج (مت 21: 33؛ مر 12: 1)، أي قوّاه بسياج العناية الإلهية ليحفظه من هجوم الوحش الروحي.

حفر معصرة، لأن أسرار آلام المسيح تبدو كالخمر الجديدة... وقد ظن الجمع أن التلاميذ سكارى حين نالوا الروح القدس (أع 2: 13). حفر حوض معصرة لكي يُسكب فيه الثمر الداخلي.

بنى برجًا، إذ وهبهم الناموس.

في زمن الإثمار أرسل عبيده؛ حسنًا فعل إذ أرسلهم في زمن الإثمار لا زمن الحصاد، لأن اليهود لم يقدموا أي ثمر... ولم تمتلئ معاصر اليهود من الخمر، بل سُفك دم نابوت في هذه الكرمة (1 مل 21: 13)، وتنبأ دمه أنه سيكون لهذه الكرمة شهداء كثيرون... أرسل الله كثيرين، فردهم اليهود بلا كرامة ولا منفعة، لا يحملون منهم ثمرًا. أخيرًا أرسل إليهم ابنه الوحيد، فأرادوا التخلص منه بكونه الوارث، فأنكروه وقتلوه صَلْبًا[289].]

انتقل القديس أمبروسيوس من الحديث عن اليهود ككرم الرب الذي أهمله قادته الروحيون إلى الحديث عن النفس أو حياة المؤمن في كنيسة العهد الجديد بكونها كرم الرب الذي قدم له السيد كل إمكانيات للإثمار. وها هو يطلب الثمر! فمن كلماته:

[اعتاد الكرَّام الرحوم أن يهتم بهذا الكرم ويشذّبه وينقيه مما تكدس من كتل الحجارة. تارة يحرق بالشمس خبايا (شهوات) جسدنا، وأخرى يروي الكرم بالمطر، ويسهر عليه حتى لا تنبت الأرض شوكًا ولا يكسوها أوراق كثيرة، فيضغط غرور الكلمات الباطلة على الفضائل وينزع نموها، ويبطل نضوج البساطة وكل سمة صالحة.

ليحفظنا الله من أجل نهاية هذا الكرم الذي يسنده الرب المخلص، حارسًا إياه ضد كل خداع الدهر بسياج الحياة الأبدية...

هوذا حصادنا! ففي غمار السعادة والأمان يملأ البعض أحشاءهم الداخلية من عنب الكرم اللذيذ. وليدقق آخرون في هبات السماء، وليبصر الكثيرون ثمار البركات الإلهية عند أقدام إرادتهم بعد خلع نعالهم فيصبغوا أقدامهم العارية بالخمر الذي ينهمر عليهم، لأن الموضع الذي هم فيه أرض مقدسة (حز 3: 5)...

سلام لك أيها الكرم الثمين من أجل هذا الحارس، فقد تقدست بدم الرب الثمين، وليس بدم نابوت، ولا بدم أنبياء بلا حصر.

مات نابوت ولم يتهاون في ميراث آبائه، أما أنت فلأجلنا غرست استشهاد جموع الشهداء، ولأجلنا ذاق الرسل صليب الرب، لهذا أثمروا إلى أقاصي الأرض[290].]



والمجد لله دائما