هل اخطأ المسيح في تعبير ليس التلميذ افضل من معلمه ؟ لوقا 6: 40 و متي 10: 24 و يوحنا 13: 16 و 15: 20



Holy_bible_1



الشبهة



ورد في إنجيل لوقا 6 :40 »40لَيْسَ التِّلْمِيذُ أَفْضَلَ مِنْ مُعَلِّمِهِ، بَلْ كُلُّ مَنْ صَارَ كَامِلاً يَكُونُ مِثْلَ مُعَلِّمِهِ. «.وهذا خطأ، لأنه صار ألوف من التلاميذ أفضل من معلميهم بعد الكمال«.



الرد



الحقيقه المسيح لم يخطئ في هذا التعبير ولكن المشكك هو الذي اخطا في الفهم لان المسيح لايقول هنا كلام عن المستقبل او فلسفه ولكنه يوجه حوار معين في ظروف معينة

ولهذا ساقسم ردي الي

لغوي

امثله من الحياه

المعني الاصلي المقصود من الاعداد



انجيل لوقا 6

6: 40 ليس التلميذ افضل من معلمه بل كل من صار كاملا يكون مثل معلمه

(G-NT-TR (Steph)+) ουκ not 3756 PRT-N εστιν is 2076 V-PXI-3S μαθητης The disciple 3101 N-NSM υπερ above 5228 PREP τον 3588 T-ASM διδασκαλον master, 1320 N-ASM αυτου his 846 P-GSM κατηρτισμενος that is perfect 2675 V-RPP-NSM δε but 1161 CONJ πας every one 3956 A-NSM εσται shall be 2071 V-FXI-3S ως as 5613 ADV ο 3588 T-NSM διδασκαλος master 1320 N-NSM αυτου , 846 P-GSM

اولا لقب المعلم يحمل عدة معاني

G1320

διδάσκαλος

didaskalos

did-as'-kal-os

From G1321; an instructor (generally or specifically): - doctor, master, teacher.

الموجه ( الذي يعطي التعليمات عامة او خاصة ) دكتور استاذ معلم



تعبير افضل

G5228

ὑπέρ

huper

hoop-er'

A primary preposition; “over”, that is, (with the genitive case) of place, above, beyond, across, or causal, for the sake of, instead, regarding; with the accusative case superior to, more than. In compounds it retains many of the listed applications: - (+ exceeding abundantly) above, in (on) behalf of, beyond, by, + very chiefest, concerning, exceeding (above, -ly), for, + very highly, more (than), of, over, on the part of, for sake of, in stead, than, to (-ward), very. In compounds it retains many of the above applications.

اعلي فيوق ابعد مكان بدلا من اعظم ارقي .....



معني كاملا

G2675

καταρτίζω

katartizō

kat-ar-tid'-zo

From G2596 and a derivative of G739; to complete thoroughly, that is, repair (literally or figuratively) or adjust: - fit, frame, mend, (make) perfect (-ly join together), prepare, restore.

اكمال المرحلة , تصليح, تظبيط, اطار, تكميل , اعداد, اعادة,

فالمقصود منها انتهاء التدريب

الشيئ الاخر المهم هو تصريف الفعل

V-PXI-3S

Part of Speech: Verb

Tense: Present

Voice: no voice stated

Mood: Indicative

Person: third [he/she/it]

Number: Singular

فهو يتكلم عن الحاضر فقط وفي الوقت الحالي ولا يتكلم عن المستقبل



وهذا العدد تكرر عدة مرات

انجيل متي 10

24 «لَيْسَ التِّلْمِيذُ أَفْضَلَ مِنَ الْمُعَلِّمِ، وَلاَ الْعَبْدُ أَفْضَلَ مِنْ سَيِّدِهِ.
25
يَكْفِي التِّلْمِيذَ أَنْ يَكُونَ كَمُعَلِّمِهِ، وَالْعَبْدَ كَسَيِّدِهِ
. إِنْ كَانُوا قَدْ لَقَّبُوا رَبَّ الْبَيْتِ بَعْلَزَبُولَ، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ أَهْلَ بَيْتِهِ!



إنجيل يوحنا 13: 16

اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ لَيْسَ عَبْدٌ أَعْظَمَ مِنْ سَيِّدِهِ، وَلاَ رَسُولٌ أَعْظَمَ مِنْ مُرْسِلِهِ.



إنجيل يوحنا 15: 20

اُذْكُرُوا الْكَلاَمَ الَّذِي قُلْتُهُ لَكُمْ: لَيْسَ عَبْدٌ أَعْظَمَ مِنْ سَيِّدِهِ. إِنْ كَانُوا قَدِ اضْطَهَدُونِي فَسَيَضْطَهِدُونَكُمْ، وَإِنْ كَانُوا قَدْ حَفِظُوا كَلاَمِي فَسَيَحْفَظُونَ كَلاَمَكُمْ.



وكلهم جاؤا بتصرف المضارع

اذا فهمنا ان الرب يسوع المسيح يتكلم عن الوضع الحالي ولا يتكلم عن لا مستقبل ولا توقعات في هذا المثال ومن هذا ابدا في الجزء الثاني



امثلة من الحياه

بعد ان فهمنا ان كلام المسيح عن الوضع الحالي ولا يتكلم عن مستقبل التلاميذ فهل رائ اي احد تلاميذ في مدرسه او في كلية افضل من معلمه وهو في بداية مراحل التعليم ؟

وبخاصه عندما اكمل المسيح جملته قال ومن صار كاملا اي انهي فترة التدريب عند هذه النقطه اقصي حد يكون مثل معلمه قبل ان ينطلق الي افاق المستقبل وهذا امر اخر ولكن فقط في نهاية دورة التدريب يكون اقل او مثل معلمه علي اقصي حد اما عن ما يفعله بعد ذلك فهذا امر اخر

اذا كان التلميذ لم يحصل علي المعلومات الاساسية بعد فكيف يكون افضل من المعلم الذي يعلمه هذه المعلومات ؟

وكيف يكون افضل منه والمعلم هو الذي سيضع الامتحانات التي تقيم التلاميذ ؟

وكيف يكون التلميذ افضل وهو لم يحصل علي شهادة بعد ولم يتدرب مثل معلمه بعد ؟

وحتي لو افترضنا خطأ تماشيا مع المشككانه يتكلم عن المستقبل فايهما الافضل الاساس ام البناء الذي يقوم علي الاساس ؟

بمعني لو في المستقبل التلميذ اصبح افضل من معلمه ولكن من وضع اساسات هذا المستقبل اليس هو المعلم اذا فحتي لو بني التلميذ علي الاساس وتفوق جدا فهو يعتمد علي الاساسه الذي بناه المعلم فلا يستطيع ان يفتخر علي الاصل بل الاصل اياه يحمل فيظل المعلم افضل من التلميذ حتي لو وصل التلميذ في المستقبل الي مرحله لم يصل اليها المعلم

مع ملاحظة اننا نتكلم عن زمن لم يكن فيه وسائل التعليم متاحه مثل الوسائل الالكترونية ولكن التعليم كان بالتلقين والتحفيظ والشرح بالاساليب البدائية



المعني المقصود من سياق الكلام

انجيل لوقا 6

6: 37 و لا تدينوا فلا تدانوا لا تقضوا على احد فلا يقضى عليكم اغفروا يغفر لكم

6: 38 اعطوا تعطوا كيلا جيدا ملبدا مهزوزا فائضا يعطون في احضانكم لانه بنفس الكيل الذي به تكيلون يكال لكم

هنا نري ان الكلام عن الرحمة ورفض ادانة الاخر بل مسامحة الاخر والعطاء للاخر بمعني ان لو احد اعطانا قليلا فلا نعطيه قليل بل نعطيه الكثير كيلاً ملبداً مهزوزاً فائضاً= هنا البائع يريد إكرام المشترى، فبعد أن يملأ الكيل يضع فوقه بعض القمح بزيادة.... ملبدة = كمية زائدة. ثم يهز الكيل فينكبس القمح = مهزوزاً فتنقص الكيلة....، فيملأها ثانية. فيعود ويضيف قمحاً آخر حتى يفيض القمح من الكيلة =فائضاً فيفتح الشارى حجره ويستقبل الكيلة الفائضة في حضنه فرحاً.ومن يزرع بالبركات فبالبركات يحصد (2كو 6:9-9). وإرتباط هذه الآية بالسابقة هي أنه لو غفرنا وما عدنا نهتم بإدانة الناس ونرحمهم، يرحمنا الله ويغفر لنا.

6: 39 و ضرب لهم مثلا هل يقدر اعمى ان يقود اعمى اما يسقط الاثنان في حفرة

6: 40 ليس التلميذ افضل من معلمه بل كل من صار كاملا يكون مثل معلمه

المثل يدور حول القادة العميان المضلون فهو همهم ادانة الاخرين ويعلمون تلاميذهم الادانة وهذا الكلام عن الكتبة والفريسيين وبهذا نفهم ان المقصود بانه ليس تلميذ افضل من معلمه أن هذا المعلم الأعمى بسبب الخشبة التي في عينه وجهله بطرق الرب، وجهله بطرق التوبة وجهله الإنتصار على الخطية لن يستطيع أن يقود الآخر الذي هو أعمى بدوره ولا يعرف هو الآخر، إلاّ على السقوط في حفرة. فمن أين سيأتى التلميذ بمعرفة من معلم جاهل يعلم خطأ فسينشأ تلميذ تربي علي الخطأ ولو تفوق سيتفوق في الخطا وسيكون اسواء من معلمه في الخطأ وفي ادان الاخرين

ولهذا يكمل قائلا

6: 41 لماذا تنظر القذى الذي في عين اخيك و اما الخشبة التي في عينك فلا تفطن لها

فهذا محور الكلام هو عدم الادانة والمعلم الذي يعلم تلميذه ان يدين يصبح تلميذه عندما يتدرب مثل معلمه في ادانة الاخرين



ومحور كلام المسيح في

انجيل متي 10

22 وَتَكُونُونَ مُبْغَضِينَ مِنَ الْجَمِيعِ مِنْ أَجْلِ اسْمِي. وَلكِنِ الَّذِي يَصْبِرُ إِلَى الْمُنْتَهَى فَهذَا يَخْلُصُ.
23
وَمَتَى طَرَدُوكُمْ فِي هذِهِ الْمَدِينَةِ فَاهْرُبُوا إِلَى الأُخْرَى
. فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ تُكَمِّلُونَ مُدُنَ إِسْرَائِيلَ حَتَّى يَأْتِيَ ابْنُ الإِنْسَانِ.
24 «
لَيْسَ التِّلْمِيذُ أَفْضَلَ مِنَ الْمُعَلِّمِ، وَلاَ الْعَبْدُ أَفْضَلَ مِنْ سَيِّدِهِ
.
25
يَكْفِي التِّلْمِيذَ أَنْ يَكُونَ كَمُعَلِّمِهِ، وَالْعَبْدَ كَسَيِّدِهِ
. إِنْ كَانُوا قَدْ لَقَّبُوا رَبَّ الْبَيْتِ بَعْلَزَبُولَ، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ أَهْلَ بَيْتِهِ!

وهنا كلام المسيح عن الصعوبات التي سيواجهها تلاميذه من بغضة واضطهاد وطرد من المدن ولكن يطلب منهم ان يحتملوا وهو سيكون معهم ويعزيهم بانهم اضطهدوه اولا ولهذا فهم سيكونوا مثله في الاضطهادهنا المسيح يقدم نفسه كقدوة في إحتمال الألم. وبهذا تصير أسلحة المؤمن التى يقدمها له الله لإحتمال الألم.

1- الروح القدس الذي يتكلم فيه ويمنحه القوة.

2- الصبر والرجاء إلى المنتهى وهذا يعطيه لنا الروح فالله لم يعطنا روح الفشل.

3- المسيح كقدوة في إحتماله الألم. (راجع 1بط1:4)

4- المسالمة بقدر إمكاننا مع من يضطهدوننا حتى لا نثيرهم.

ولاحظ أن السيد المسيح لم يَعِدْ أن يمنع الألم عمن يتبعه، ولكن وَعْدْ المسيح كان بأن يملأ القلب سلاماً من الداخل، فالألم الخارجى ينتصر عليه السلام الداخلى والعزاء الداخلى والفرح الداخلى. وهذه هي النصرة على الألم في المسيحية. والمسيح هنا يضع نفسه كمثال، فإن كان قد تألَّم وهو رب المجد أفلا نقبل الألم، بل قيل عنه أنه تَكَمَّلَ بالألم (عب 10:2). أفلا نقبل الألم لنكون كاملين. فما يسمح به الله هو لأجل أن نتكمل. هو تكمل بالالم ليشابهنا في كل شئ، ونحن نتكمل بالالم لنكمل ونشبهه.

وهذا الذي كرره المسيح في يوحنا 15: 20



والموقف الثالث

انجيل يوحنا 13

13: 12 فلما كان قد غسل ارجلهم و اخذ ثيابه و اتكا ايضا قال لهم اتفهمون ما قد صنعت بكم

13: 13 انتم تدعونني معلما و سيدا و حسنا تقولون لاني انا كذلك

13: 14 فان كنت و انا السيد و المعلم قد غسلت ارجلكم فانتم يجب عليكم ان يغسل بعضكم ارجل بعض

13: 15 لاني اعطيتكم مثالا حتى كما صنعت انا بكم تصنعون انتم ايضا

13: 16 الحق الحق اقول لكم انه ليس عبد اعظم من سيده و لا رسول اعظم من مرسله

13: 17 ان علمتم هذا فطوباكم ان عملتموه

وهنا المقصود به التواضع فهو المعلم والسيد والرب غسل ارجل التلاميذ فهم كتلاميذ يجب ان يتواضعوا ويغسلوا ارجل بعضهم بعض ولا يكونوا اسياد علي بعض بل خادمين لبعضهم وخادمين للكل ولهذا التليمذ الذي يقول انه افضل من معلمه فهو في الحقيقه اقل من معلمه في التواضع فلهذا لا يكون افضل ولا اعظم

ولهذا تصلي الكنيسة طقس اللقان يوم خميس العهد (يوم صنعه المسيح) ويوم عيد الرسل فهذا عمل الرسل أن يكملوا ما عمله المسيح. وفي (17) حسنٌ أن نعلم والأفضل أن ننفذ (ويوجد طقس اللقان أيضاً يوم عيد الغطاس ولكن هذا إشارة للمعمودية ولا علاقة له بغسل الأرجل). والسيد يطوبهم هنا لو عملوا نفس الشئ ليشجعهم في طريق خدمتهم. أي من يفعل سيكافأ في السماء. إن عملتم= هو إحساس داخلي بالحقيقة وإستيعاب داخلي للدرس (البذل والإتضاع) ومن يتضع كالسيد يكون تلميذاً حقيقياً له ورسولاً حقيقياً له ومن يعتقد انه اعظم من معلمه فهو ليس معلمه بل هو اقل لانه لم يتضع

 

واخيرا المعني الروحي

من تفسير ابونا تادرس يعقوب واقوال الاباء

اهتم الآباء - خاصة آباء البريّة - بالتدقيق في عدم الإدانة، فحسبوا أنه ليس شيء يغضب الله مثلها، إذ تنزع نعمته عمَّن يرتكبها ويرفع رحمته عنه حتى إذا ما ترفَّق بأخيه ينال هو النعمة الإلهيّة ومراحم الله. يرى الأب بومين والأب موسى[248] أن من يدين أخاه ينشغل بخطايا الغير لا بخطاياه، فيكون كمن يبكي على ميِّت الآخرين ويترك ميِّته. يقول الأب دوروثيؤس: [إننا نفقد القوَّة على إصلاح أنفسنا متطلِّعين على الدوام نحو أخينا]، [ليس شيء يُغضب الله أو يعرِّي الإنسان أو يدفعه لهلاكه مثل اغتيابه أخيه أو إدانته أو احتقاره... أنه لأمر خطير أن تحكم على إنسان من أجل خطيّة واحدة ارتكبها، لذلك يقول المسيح: "يا مرائي أخرج أولاً الخشبة من عينك، وحينئذ تُبصر جيِّدًا أن تُخرج القذَى الذي في عين أخيك" [42]. أنظر فإنَّه يشبِّه خطيَّة الأخ بالقذَى أما حُكمك المتهوِّر فيحسبه خشبَة. تقريبًا أصعب خطيَّة يمكن معالجتها هي إدانة أخينا!... لماذا بالحري لا ندين أنفسنا ونحكم على شرِّنا الذي نعرفه تمامًا وبدقة والذي نعطي عنه حسابًا أمام الله! لماذا نغتصب حق الله في الإدانة؟! الله وحده يدين، له أن يبرِّر وله أن يدين. هو يعرف حال كل واحد منَّا وإمكانيَّاتنا وانحرافاتنا ومواهبنا وأحوالنا واستعداداتنا. فله وحده أن يدين حسب معرفته الفريدة. أنه يدين أعمال الأسقف بطريقة، وأعمال الرئيس بطريقة أخرى. يحكم على أب دير، أو تلميذ له بطريقة مغايرة، الشخص القديم (له خبراته ومعرفته) غير طالب الرهبنة، المريض غير ذي الصحَّة السليمة. ومن يقدر أن يفهم كل هذه الأحكام سوى خالق كل شيء ومكوِّن الكل والعارف بكل الأمور؟[249]] يكمل الأب دوروثيوس حديثه عن عدم الإدانة بعرض قصَّة يتذكَّرها عن سفينة كانت تحمل عبيدًا، إذ تقدَّمت عذراء قدِّيسة إلى صاحب السفينة واِشترت فتاة صغيرة حملتها معها إلى حجرتها لتدرِّبها على الحياة التقويّة كابنة صغيرة لها، ولم يمضِ إلا قليلاً حتى جاءت فرقة للرقص، اشترت أخت هذه الفتاة الصغيرة لتدرِّبها على أعمال اللهْو والمُجون والحياة الفاسدة... هنا يقف الأب دوروثيؤس مندهشًا، أن الفتاتين قد اُغْتصِبتا من والديهما، إحداهما تتمتَّع بمخافة الله تحت قيادة قدِّيسة محبَّة وأخرى بغير إرادتها اُغْتُصبت لممارسة الحياة الفاسدة. لهذا يتساءل: أليس لله وحده أن يدين الفتاتين بطريقة يصعب علينا إدراكها؟! فنحن نتسرَّع في الحكم، أما الله فعالم بالأسرار طويل الأناة، وحده قادر أن يبرِّر أو يدين.

يعلّق القدِّيس كيرلس الكبير على كلمات السيِّد عن عدم الإدانة، قائلاً:

[بينما يطلب منَّا التعمق في فحص أنفسنا حتى ينطبق سلوكنا على أوامر الله وتعاليمه نجد البعض يشغلون أنفسهم بالتدخُّل في شئون الآخرين وأعمالهم، فإذا وقفوا على خطأ في أخلاق الغير عمدوا إلى نهش أعراضهم بألسنة حدَّاد، ولم يدروا أنهم بذم الآخرين يذمون أنفسهم، لأن بهم مساوئ ليست دون مساوئ الغير في المذلَّة والمهانة. لذلك يقول الحكيم بولس: "لذلك أنت بلا عذر أيها الإنسان كل من يدين، لأنك فيما تدين غيرك تحكم على نفسك، لأنك أنت الذي تدين تفعل تلك الأمور بعينها" (رو 2: 1). فمن الواجب علينا والحالة هذه أن نشفق على الضعيف، ذاك الذي وقع أسيرًا لشهواته الباطلة وضاقت به السُبل، فلا يمكنه التخلُّص من حبائل الشرّ والخطيّة. فلنصلِ عن مثل هؤلاء البائسين القانطين، ولنَمِدْ لهم يدْ العون والمساعدة، ولنَسعَ في ألاَّ نسقط كما سقطوا. فإنَّ "الذي يذم أخاه، ويدين أخاه، يذم الناموس ويدين الناموس" (يع 4: 11). وما ذلك إلا لأن واضع الناموس والقاضي بالناموس هو واحد، ولما كان المفروض أن قاضي النفس الشريرة يكون أرفع من هذه النفس بكثير، ولما كنا لا نستطيع أن ننتحل لأنفسنا صفة القضاة بسبب خطايانا وجب علينا أن نتنحَّى عن القيام بهذه الوظيفة، لأنه كيف ونحن خطاة نحكم على الآخرين وندينهم؟! إذن يجب ألا يدين أحد أخاه، فإن حدَّثتْك نفسك بمحاكمة الآخرين، فأعلم أن الناموس لم يُقِمك قاضيًا ومُحاكمًا، ولذلك فانتحالك هذه الوظيفة يوقِعك تحت طائلة الناموس، لأنك تنتهك حُرمته.

فكل من طاب ذهنه لا يتصيَّد معاصي الغير، ولا يشغل ذهنه بزلاَّتهم وعثراتهم، بل عليه فقط أن يتعمَّق في الوقوف على نقائصه وعيوبه. هذا كان حال المرنِّم المغبوط وهو يصف نفسه بالقول الحكيم: "إن كنت تُراقب الآثام يارب يا سيِّد، فمن يقف" (مز 130: 3)، وفي موضع آخر يكشف المرنِّم عن ضعف الإنسان ويتلمَّس له الصفح والمغفرة إذ ورد قوله: "أذكر أننا تراب نحن" (مز 103: 14).]



والمجد لله دائما