كيف يقول يوحنا الرسول ان المحبة تطرح الخوف خارجا رغم ان الكتاب وصي ان نخاف الله ؟ 1يوحنا 4: 18 و امثال 1: 7 و مزمور 2: 11 و 2كو 5: 11 و فيلبي 2: 12

 

Holy_bible_1

 

الشبهة 

 

يقول الكتاب في امثال 1: 7 " مخافة الرب رأس المعرفة ، أما الجاهلون فيحتقرون الحكمة والأدب "  

وايضا مزمور 2: 11" اعبدوا الرب بخوف ، واهتفوا برعدة " و في 2 كورنثوس 5: 11 " فَإِذْ نَحْنُ عَالِمُونَ مَخَافَةَ الرَّبِّ نُقْنِعُ النَّاسَ. "

ولكن يوحنا يناقض ذلك في 1يوحنا 4: 18 " لا خوف في المحبة ، بل المحبة الكاملة تطرح الخوف إلى خارج لأن الخوف له عذاب . وأما من خاف فلم يتكمل في المحبة "  

 

الرد

 

يوحنا الحبيب لم يناقض اي عدد ولكنه يوضح المقصود من المخافة وانواعها. لان يوجد انواع من الخوف بعضها مرفوض ولكن هناك نوع واحد من الخوف وهو الخوف الاحترامي اي تتعامل مع شخص بمخافة لانك تحترمه وليس لانه مخيف مثل الاب فالابن يحب ابيه ويعرف ان ابيه هو احن عليه من اي غريب ولكن الابن يتعامل مع الاب بمحبة وبمخافة احترامية وهو الذي يسمى تجاه الله الخوف المقدس 

ولكن ايضا بدراسة العدد نجد انه يتكلم عن يوم الدين وهذا ما ساشرحه اكثر في سياق الكلام  

وابدا بشرح انواع الخوف  

يوجد نوعان من الخوف 

النوع الاول وهو الخوف المقدس وهو نوع جيد 

ومنه مخافة الله كاحترام وتدخل فيه عبارة" رأس الحكمة مخافة الله" (مز111: 10، أم9: 10). وعبارة" سيروا زمان غربتكم بخوف" ( 1بط1: 17).

وقد قال السيد المسيح: "لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد. ولكن النفس لا يقدرون أن يقتلوها. بل خافوا بالحري من الذي يقدر أن يهلك النفس والجسد كليهما في جهنم" (مت10: 28) "نعم أقول لكم من هذا خافوا" (لو12: 5).

وهنا يقدم لنا السيد المسيح نوعين من الخوف: أحدهما مطلوب، والآخر خوف خاطئ.

ومخافة الله تدعو إلى مهابته وطاعته وحفظ وصاياه، وتقود إلى محبته وإلى حياة التوبة وحياة الخشوع.

وهذا النوع هو في طبيعة الانسان حتي قبل الخطية وايضا في طبيعة الملائكة فالمكلائكة تخاف الله ايضا احتراما له 

 

النوع الثاني وهو الخوف الطبيعي وهو لم يكن في طبيعة الإنسان عند خلقه، قبل خطيئته أبوينا الأولين...

فلما خلق الله آدم، كان يعيش مع الوحوش ولا يخاف. وكانت علاقته مع الله أيضًا خالية من الخوف.

ولكنه بعد الخطيئة بدأ يخاف. ومن فرط خوفه أختبأ وراء الأشجار. وقال لله: "سمعت صوتك في الجنة فخشيت" ( تك3: 10).

وزاد مرض الخوف بعد قتل قايين لأخيه: وتحول إلى رعب.

وهكذا قال قايين لله: "إنك قد طردتني اليوم من وجه الأرض، ومن وجهك أختفي، وأكون تائهًا وهاربًا في الأرض فيكون كل من وجدني يقتلني" (تك4: 14). ومن ذلك الحين، أصبح الخوف أحد الأمراض النفسية، ودخل في طبيعة الإنسان.

وتعددت أسباب الخوف، وتعددت نتائجه. وصار إحدى الحروب الروحية التي يحارب بها الشيطان الإنسان.

وأصبحت هناك درجات من الخوف، الخشية والجُبن والفزع، والهلع، والرعب بل يمكن أن يموت الإنسان من شدة الخوف، ويمكن أيضًا أن يفقد عقله، أو تنهار أعصابه ويرتعش جسمه خوفًا. 

وهو قسمه البابا شنوده الي ثلاث انواع خوف المجهول وخوف الموت وخوف الشيطان 

وكما قال لنا 

علاج الخوف:

يحتاج الإنسان أن يتذكر وعود الله الكثيرة التي تقول له لا تخف.. لا يقع بك أحد ليؤذيك (أع18: 10). ويتذكر باستمرار حفظ الله ومعونته.

والإيمان يمنع الخوف، ويذكر الخائف بالقوة الإلهية الحافظة له..

وما أجمل قول داود النبي: "إن سرت في وادي ظل الموت، فلا أخاف شرًا لأنك أنت معي" (مز23).

 

فالطفل لا يخاف من شيئ طالما يسير مع ابيه ولكنه في نفس الوقت يخاف من ابيه احتراما لمكانته ليس لان ابيه يخيف ولكن لان مهابته كاب واجبه والا اصبح عدم احترام لمكانته كاب

فالمقصود بخوف الله ليس الرعب، إنما المهابة والخشية، انه خوف مقدس

فالخوف الطبيعي يضعف الايمان فالقديس بطرس، الرسول العظيم، لما خاف أنكر المسيح، وسب ولعن وحلف أنه لا يعرف الرجل (متى 26: 74). وهكذا ضعف إيمانه. بل قال له المسيح قبلها "طلبت من أجلك لئلا يفنى إيمانك" (لو 22: 32).

كثيرون فقدوا إيمانهم بسبب خوفهم. ولهذا فإن سفر الرؤيا وضع الخائفين في مقدمة الهالك فقال "وأما الخائفون وغير المؤمنين والرجسون.. فنصيبهم في البحيرة المتقدة بالنار والكبريت" (رؤ21: 8).

ووضعه الخائفين قبل غير المؤمنين، ربما المقصود بها الخائفين الذين الذين بسبب خوفهم يصيرون غير مؤمنين 

ولكن الخوف المقدس يقوي الايمان لاني بمخافت الله وتنفيز وصاياه اثق في محبته واثق في رعايته وبهذا لا اخاف من شيئ لان الله معي 

إذن الخوف ليس خطأ روحيًا، ولكنه مرحلة روحية والذي لا يخاف قد يصل إلى حياة الاستهتار واللامبالاة كما قيل عن قاضي الظلم إنه كان " لا يخاف الله ولا يهاب إنسانًا" (لو18: 2).

وفي التربية قد يلزم الخوف مع بعض الأشخاص وفي بعض مراحل السن وبغيره قد تفسد التربية.

فالابن الذي لا يخاف والديه، قد يسلك باستهتار دون رادع. وربما يصير مرارة نفس لوالديه.

ومع ذلك نقول إن الخوف ومهابة مرحلة ينمو فيتحول إلى حب اقوي. فلا استطيع ان اصل الي اكتساب حب والدي ان كنت لا اخافه واكنت اخافه فقط بدون حب فهو ليسة علاقة ابوية وان احببته اكثر احترمه اكثر واخافه خوف احترامي وليس خوف مرعب 

 

ورغم ما قدمت وهو يصلح لتفسير ما يقوله معلمنا يوحنا الحبيب الا انه يتكلم عن مرحلة اخري وهي يوم الدين 

رسالة يوحنا الرسول الاولي 4

16 ونحن قد عرفنا وصدقنا المحبة التي لله فينا . الله محبة ، ومن يثبت في المحبة ، يثبت في الله والله فيه 

اثاث علاقتنا مع الله هي تقوم علي المحبة لان الله محبة ومن ينموا في علاقته مع الله ينموا في المحبة لان المحبه ليست كلمة بل علاقة واختبار وحياه مع الله 

17 بهذا تكملت المحبة فينا : أن يكون لنا ثقة في يوم الدين ، لأنه كما هو في هذا العالم ، هكذا نحن أيضا 

العدد هنا يتكلم عن الثقة اثناء الوقوف امام الله في يوم الدين أي يكون لنا ثقة ورجاء في الأمجاد الأبدية المعدة لنا، ثقة في الله الذي يحبنا وليست ثقة في أنفسنا. وكلما تذوقنا محبة الله ، نشعر بمحبته ونحبه ، ومن تبادل هذه المحبة مع الله يزداد رجاءه ، وهذا ما قاله بولس الرسول ان " الرجاء لا يخزى لأن محبة الله قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس" (رو5:5). فعلينا أن نكمل أيام غربتنا طالبين رحمة الله، ولكن في رجاء وثقة في محبة الله ورحمته. ومن يبدأ بالمخافة والرهبة من يوم الرب والدينونة فيترك خطيته ويدخل في عشرة مع الله ، ومع الوقت يستعذب محبة الله ، فلا يعود يخاف من الدينونة بل يخاف أن يغضب الله الذي أحبه ، ويخشى أن يخسر المكان المعد له، وان يخسر حلاوة المحبة لله التي تذوقها . فيتمم خلاصه بخوف ورعدة. وكلما تقدم الإنسان في علاقته مع الله يشتهى لقاءه.

فالحديث عن الثقه في يوم الدين وعدم الخوف من المصير بل الثقة في الله الحنون.

18 لا خوف في المحبة ، بل المحبة الكاملة تطرح الخوف إلى خارج لأن الخوف له عذاب . وأما من خاف فلم يتكمل في المحبة 

 ونلاحظ أن الكلام هنا في أية 18 مرتبط بأية 17 التي تكلمت عن يوم الدين فالكلام هنا هو عن عن ان محبة الله تطرح الخوف من يوم الدينونة. فلم يطلب منا معلمنا يوحنا ان لا نخاف الله كمهابة ولكن هو يطلب منا ان لا نخاف من يوم الدينونة بسبب المحبة المشتركة بيننا وبين الله ولثقتنا في الله

وحتي علي الله تصلح هذه الاية كما فهمها القديس اغسطينوس فنحن نخاف الله ولا نخاف الله بمعني نخاف الله خوف مقدس احترامي ولا نخاف الله خوف الرعب لاننا نحبه ونثق به والمحبة تطرح الخوف خارجا.

ونلاحظ أن الإنسان الطبيعي لا يوجد عنده لا خوف من الله ولا محبة لله. الإنسان الطبيعي هو البعيد تمامًا عن الله، أي الذي لم تتعامل معه النعمة. وحينما يستيقظ هذا الإنسان على حالته القاسية يبدأ بأن يكون عنده خوف بلا محبة، ثم ينضج فتختلط مشاعر الخوف والمحبة. وكلما تكمل المحبة يخرج الخوف. الخوف الذي يقصده الرسول هنا هو الخوف من العقاب في جهنم، وهذا هو خوف المبتدئين، أما الأبرار فهم يخافون الله إذ يهابونه، بل الملائكة تهاب الله. الخوف المقدس هو أننا نخاف أن نسىء لله المحب. ومن يحب الله حقيقة لن يعود يخاف ممن يحبه وقد شعر بمحبته ولن يخاف حتى من الأعداء في هذا العالم ولا من مصادمات الحياة واحتمالات المجهول، لأنه سيترك كل هذا للمسيح ويسلك في سلام وشركة مع المسيح. 

لأن الخوف له عذاب يقصد الخوف من عقاب جهنم والدينونة، وهذا لا يتفق مع أفراح المحبة، فمحبة الله تملأ القلب فرحًا وسلامًا اما من يعيش خائفا من العذاب فهو يتعذب في الارض بسبب الخوف. 

وحقًا من يحب الله لن يشعر بهذا الخوف الذي له عذاب، بل سيكون عنده خوف مقدس، يجعله يخاف أن يعمل الخطأ لئلا يحزن قلب الله فينفصل عنه فالنفس الخالية تمامًا من الخوف هى نفس مستهترة، لم تنفتح أعينها على الله، لذلك يقول بولس الرسول "تمموا خلاصكم بخوف ورعدة" (فى 12:2) ويقول داود النبي "خوف الرب نقى ثابت إلى الأبد" (مز9:19). وهذا النوع من الخوف ليس له عذاب.

 

واخيرا المعني الروحي 

من تفسير ابونا تادرس يعقوب واقوال الاباء

يقول القديس أغسطينوس: [كلما تزايدت المحبة تناقص الخوف. وكلما قلت المحبة تزايد الخوف لكن إن لم يكن خوف فليس هناك حب. وكما نرى في الحياكة أن الخيط يطرز بمخراز، فإن لم يخرج المخراز لا يدخل الخيط ليحتل مكانه، هكذا يشغل الخوف النفس، لكنه لا يظل فيها بل يترك مكانه للحب.]

يقول القديس مرقس الناسك: [الخوف من جهنم يشجع المبتدئين حتى يتركوا شرهم. أما المتقدمون فإن رغبتهم في المكافأة تحفزهم على تنفيذ الصلاح. وأما سرّ الحب فهو أنه يسمو بالعقل ليرتفع فوق كل المخلوقات خافيًا عن عينيه كل شيء غير اللَّه.]

"لأن الخوف له عذاب".

يقول القديس أغسطينوس:

[عندما يعرف الإنسان خطيته يتألم... وإذ تدخل المحبة إلى النفس تبرئ كل جراحات الخوف. فخوف اللَّه يسبب جراحات كما من مشرط الطبيب الذي ينزع الجرح، ولو أدى ذلك إلى اتساعه... 

إذن ليشغل الخوف نفوسنا حتى يحل الحب محله، ويلتئم الجرح!... 

الخوف الأول، فيه يخاف الإنسان لئلا يُطرح في الجحيم ويحترق بالنار الأبدية مع إبليس وجنوده. أما الخوف الثاني، ففيه يخاف لئلا يفقد الصلاح ويتركه اللَّه، إذ هو مشتاق إلى التمتع باللَّه ذاته.

ويمكننا إدراك الفرق بين الخوف الذي تطرحه المحبة إلى خارج، والخوف النقي الثابت إلى الأبد إذا ما قارناهما بنوعين من النساء:

1. سيدة تشتهي ارتكاب الزنا وتتلذذ بالشر، لكنها تخاف نقمة زوجها. تخافه لكنها لا تزال تحب الإثم، ووجود زوجها يسبب لها ضيقًا وحزنًا. وإن حدث أن سلكت في الشر تخشى مجيئه... هكذا يخشى البعض مجيء الرب.

2. والثانية تحب زوجها وتشعر أنها مدينة له بقبلاتها الطاهرة، فتحفظ نفسها من الزنا مشتهية مجيئه والوجود معه.

هكذا كل من الاثنتين تخاف رجلها... الأولى تخشى مجيئه، والثانية تخشى لئلا يرحل عنها. الأولى تخاف عقابه، والثانية تخاف تركه لها.

فالنفس التي لها الخوف النقي تئن متألمة "رحمة وحكمة أغني لك يا رب أرنم. أتعقل في طريق كامل متى تأتي إليّ" (مز 101: 1). في طريق كامل تتعقل فلا تخاف، لأن المحبة تطرح الخوف إلى خارج، وعندما يأتي العريس إلى ذراعيها تخاف لكن كمن هي في أمان... تخاف لا من أن تطرح في جهنم، وإنما لئلا يكون فيها إثم أو خطية فيتركها عريسها.]

يؤكد الأب شيريمون نفس المعنى معلمًا إيانا عن قيمة مخافة الرب موضحًا الفرق بين خوف العبيد الذي هو بداية الطريق والمخافة الكاملة النابعة عن الحب العظيم. هذه المخافة التي وصفها النبي على أنها غنى خلاصنا (إش 3٣: ٦)، وهي من صفات ربنا يسوع نفسه، إذ يقول النبي: "يحل عليه روح الرب... روح المعرفة ومخافة الرب... لذته تكون في مخافة الرب" (إش ١١: 1).

ويقول مار فليكسينوس: [يوجد من يخاف لئلا يجلد، وهذا خوف العبيد، ويوجد من يخاف لئلا يخسر وهذا خوف الأجير. ويوجد من يخاف لئلا يغيظ وهذا خوف الصديقين.]

يقول القديس مقاريوس الكبير: [الرسل أنفسهم مع أنه كان فيهم المعزي إلاَ أنهم لم يكونوا خالين من الخوف مطلقًا (١ كو 9: 27)، لأنه مع الفرح والبهجة كان فيهم أيضًا الخوف والرعدة (في 2: 12-13) الناشئين عن النعمة ذاتها، وليس عن الطبيعة الفاسدة. ولكن تلك النعمة عينها كانت حارسة لهم لئلا يزيغوا ولو قليلًا.]

هكذا حتى الشاروبيم وكل طغمات السمائيين يحبون اللَّه لكنهم يقفون أمامه بخوف ورعدة، ليس خوفًا من نار جهنم، لكن مهابةً واحترمًا.

تفسير آخر

يقول العلامة ترتليان في حديثه عن الاضطهاد عن الخوف المطروح خارجًا، انه الخوف بالمعنى العام، أي خوف الإنسان على حياته الزمنية. فإذ يعلمنا الرسول يوحنا أن نضع أنفسنا لأجل الإخوة (١ يو 3: 16)، فبالأولى جدًا يليق بنا أن نصنعه من أجل الرب. أما الذي يخاف من أن يتألم، فهذا لا يستطيع أن ينتسب للذي تألم. أما الذي لا يخاف من أن يتألم فإنه يكتمل في الحب، أي في حب اللَّه.

 

والمجد لله دائما