الرد علي شبهة هل علم يوناثان بنية ابيه لقتل داود ام لم يعلم ؟ 1 صموئيل 19 و 20

 

Holy_bible_1

 

الشبهة 

 

 

الرد

 

الحقيقه ايضا هذا تعليق غير صحيح ومن يقراء الاعداد يعرف ان فعلا في الاصحاح 19 شاول قال ليوناثان وعبيده ان يقتلوا داود ولكن يوناثان تكلم حسنا عن داود مع ابيه شاول فسمع له شاول وحلف ان لا يقتل داود وهذا هو ما يتكلم عنه يوناثان في الاصحاح 20 ولكن شاول كان اخفي نيته الحقيقية بقتل داود رغم حلفه وهذا ما يتكلم عنه بقية الاصحاح 19 وهذا ما قاله داود في الاصحاح 20 وهو بالفعل ما لم يكن يعرفه يوناثان 

ولهذا هذه الشبهة كالعادلة ليس لها اصل 

وكما ذكرت في موضوعات سابقة التعليقات النقدية الهامشية الموجوده في الترجمه اليسوعية هي لم يقم بها الاباء اليسوعيين الذين قاموا بالترجمة في 1897 م فترجمتهم الاصلية بدون شواهد ولكن هذه الشواهد اضيفت لاحقا تقريبا سنة 1989 م . وايضا كما وضحت هي تعليقات نقدية راديكالية مرفوض قدر كبير منها لانها تقدم فكر لايسنده الكثير من المخطوطات ولا اقوال الاباء بل عادة تبحث عن الرائي الشاذ الفردي المرفوض وتقدمه علي انه الاصل او تقدم معلومه صحيه ولكن تضعها في صورة مرفوضه ولهذا الاضافات النقديه لا يعتد بها ولا تمثل رائي الاباء اليسوعيين بل هذه التعليقات هي فقط نقديه راديكاليه مخالفه دائما للرائ التقليدي. واشعر ان كتابها هم ضد الوحي الالهي في اغلب التعليقات. 

ولهذا لانها تناسب هواهم وفكرهم الغير حيادي المرفوض فتعليق اليسوعية هو المصدر الذي يستعين به المشككين دائما.

 

وندرس الاعداد معا وهي كافيه للرد بوضوح 

سفر صموئيل الاول 18

18: 29 و عاد شاول يخاف داود بعد و صار شاول عدوا لداود كل الايام 

18: 30 و خرج اقطاب الفلسطينيين و من حين خروجهم كان داود يفلح اكثر من جميع عبيد شاول فتوقر اسمه جدا 

فهذا يوضح نية شاول التي لم يعلن عنها بعد

سفر صموئيل الاول 19

19: 1 و كلم شاول يوناثان ابنه و جميع عبيده ان يقتلوا داود

وبالفعل شاول اعلن لابنه يوناثان ولكن يوناثان لم يقبل ويحذر داود صديقه

 فيكمل الاصحاح قائلا  

19: 2 و اما يوناثان بن شاول فسر بداود جدا فاخبر يوناثان داود قائلا شاول ابي ملتمس قتلك و الان فاحتفظ على نفسك الى الصباح و اقم في خفية و اختبئ 

19: 3 و انا اخرج و اقف بجانب ابي في الحقل الذي انت فيه و اكلم ابي عنك و ارى ماذا يصير و اخبرك 

19: 4 و تكلم يوناثان عن داود حسنا مع شاول ابيه و قال له لا يخطئ الملك الى عبده داود لانه لم يخطئ اليك و لان اعماله حسنة لك جدا 

19: 5 فانه وضع نفسه بيده و قتل الفلسطيني فصنع الرب خلاصا عظيما لجميع اسرائيل انت رايت و فرحت فلماذا تخطئ الى دم بريء بقتل داود بلا سبب 

19: 6 فسمع شاول لصوت يوناثان و حلف شاول حي هو الرب لا يقتل 

19: 7 فدعا يوناثان داود و اخبره يوناثان بجميع هذا الكلام ثم جاء يوناثان بداود الى شاول فكان امامه كامس و ما قبله

ونجد هنا الله يحرك يوناثان ليقنع أبيه بعدم قتل داود. فدائمًا كان الله يرسل منقذًا. وهنا يوناثان ينبه على داود أن يختبئ حتى الصباح فاحتفظ على نفسك حتى الصباح: فهو يعرف أن هناك أمرًا بقتله. وهو طلب المهلة حتى الصباح ليقوم بمحاولة مع أبيه ليعفو عن داود ويصالحه عليه. هي صداقة عجيبة بين بطلين كليهما يعرف إن لديه فرصة ليملك يوناثان. وُلِدَ ليملك، وداود دُعِىَ ليملك. ومع ذلك كانت نظرة كل منهما للآخر نظرة إعجاب وتقدير. وكان محور كلام يوناثان أن المملكة تحتاج لرجل ناجح مثل داود فلماذا أقتله. ويوناثان كان يمكنه أن يطلب من داود أن يهرب تمامًا من وجه أبيه لكنه حسب ذلك خسارة على المملكة وأيضًا لأنه أحبه. ونجحت مساعى يوناثان هذه المرة ولكن إلى حين فشاول كان رجلًا متقلبًا. ويوناثان صدق ابيه لانه وعده بحلف وهذا هو الموقف الذي استمر عليه يوناثان وهو تصديق ان شاول لن يقتل داود لانه حلف. 

19: 8 و عادت الحرب تحدث فخرج داود و حارب الفلسطينيين و ضربهم ضربة عظيمة فهربوا من امامه 

19: 9 و كان الروح الردي من قبل الرب على شاول و هو جالس في بيته و رمحه بيده و كان داود يضرب باليد 

19: 10 فالتمس شاول ان يطعن داود بالرمح حتى الى الحائط ففر من امام شاول فضرب الرمح الى الحائط فهرب داود و نجا تلك الليلة

حينما عادت الحرب وانتصر داود ثانية رجع الحسد والغيرة لشاول وأراد قتله برمح ولكن يوناثان لم يعلم هذا وداود لم تتاح له الفرصه لااخباره فهو هرب من امام شاول الي بيته 

19: 11 فارسل شاول رسلا الى بيت داود ليراقبوه و يقتلوه في الصباح فاخبرت داود ميكال امراته قائلة ان كنت لا تنجو بنفسك هذه الليلة فانك تقتل غدا 

19: 12 فانزلت ميكال داود من الكوة فذهب هاربا و نجا 

19: 13 فاخذت ميكال الترافيم و وضعته في الفراش و وضعت لبدة المعزى تحت راسه و غطته بثوب 

19: 14 و ارسل شاول رسلا لاخذ داود فقالت هو مريض 

19: 15 ثم ارسل شاول الرسل ليروا داود قائلا اصعدوا به الي على الفراش لكي اقتله 

19: 16 فجاء الرسل و اذا في الفراش الترافيم و لبدة المعزى تحت راسه 

19: 17 فقال شاول لميكال لماذا خدعتني فاطلقت عدوي حتى نجا فقالت ميكال لشاول هو قال لي اطلقيني لماذا اقتلك

محاولة جديدة لقتل داود ويستخدم الله هذه المرة ميكال زوجة داود لتنقذه فالله لهُ وسائل متعددة ينقذ بها أولاده ويعلن بها رعايته لهم. الترافيم: تمثال منزلى في حجم الإنسان يعلق عليه الملابس غالبا فوضعته في فراش داود تحت الغطاء وأوهمت الجند أنه نائم. فهي كانت تحب زوجها. وأنزلت داود من الكوة: وربما كان بيتهم بجانب السور أو في حائط السور وهرب داود لخارج المدينة. ليبدأ حلقة جديدة من خبراته ليحيا كهارب متألم ليس له موضع يستقر فيه ليشعر وهو ملك بألام المطرودين (هكذا عاش المسيح). أطلقينى لماذا أقتلك: ميكال دافعت عن نفسها بالكذب بأن داود هددها بالقتل إن لم يهرب.

وحتي هذه اللحظه داود لم يتكلم مع يوناثان ويوناثان يظن ان والده ملتزم بحلفه 

19: 18 فهرب داود و نجا و جاء الى صموئيل في الرامة و اخبره بكل ما عمل به شاول و ذهب هو و صموئيل و اقاما في نايوت 

19: 19 فاخبر شاول و قيل له هوذا داود في نايوت في الرامة 

19: 20 فارسل شاول رسلا لاخذ داود و لما راوا جماعة الانبياء يتنباون و صموئيل واقفا رئيسا عليهم كان روح الله على رسل شاول فتنباوا هم ايضا 

19: 21 و اخبروا شاول فارسل رسلا اخرين فتنباوا هم ايضا ثم عاد شاول فارسل رسلا ثالثة فتنباوا هم ايضا 

19: 22 فذهب هو ايضا الى الرامة و جاء الى البئر العظيمة التي عند سيخو و سال و قال اين صموئيل و داود فقيل ها هما في نايوت في الرامة 

19: 23 فذهب الى هناك الى نايوت في الرامة فكان عليه ايضا روح الله فكان يذهب و يتنبا حتى جاء الى نايوت في الرامة 

19: 24 فخلع هو ايضا ثيابه و تنبا هو ايضا امام صموئيل و انطرح عريانا ذلك النهار كله و كل الليل لذلك يقولون اشاول ايضا بين الانبياء 

هروب داود إلى صموئيل هو هروب إلى الله ليسمع صوت الله ونصيحة صموئيل لهُ. وهو ذهب لصموئيل في نايوت: مسكن مدرسة الأنبياء. هناك سكن صموئيل مع داود ليحميه بسلطانه الروحي. ولعّل شاول يهاب هذا المكان المقدس لكن هذا لم يحدث بل أرسل شاول إرسالية إلى هناك للقبض على داود. وعندما وصلت الإرسالية إلى هناك نسيت هدفها إذ تأثرت بالجو الروحي التعبدى وحلّ روح الرب عليهم فصاروا يتنبأون أي إشتركوا مع الأنبياء في العبادة والتسبيح وهكذا كان صموئيل يحمى شاول. وهكذا بالسلطان الروحي لم يستطع الرجال أن يلقوا القبض على المسيح أول مرّة (يو6:18) ثم سمح لهم أن يقبضوا عليه وراجع أيضًا (يو7: 45،46). وتكرر هذا الأمر مرتين بعد ذلك وشاول لا يرجع إلى نفسه ولا يتعظ، بل قرر أن يذهب بنفسه. وإذا أراد الله أن يتمجد حلّ عليه هو أيضًا روح الله وكانت هذه فرصة جديدة للتوبة فهو تأثر بشدة بالمسبحين والموسيقى والصلاة فخلع رداءه وجبته الملكية وعدته الحربية وبقى بلباسه الأبيض الداخلي منطرحًا النهار والليل يسبح ويرنم. ودهش كل من رآه. لقد حاول الله مع شاول كل المحاولات (يوناثان - ميكال - رسله الذين تنبأوا - بل هو تنبأ) لكنه رفض كل شيء. ولنرى كيف خلّص الله داود: ليس بسيف ولا برمح بل بروحه. هم أتوا ليقتنصوا داود فإقتنصهم الروح القدس بل تنبأوا. وهناك من قال أنهم تنبأوا بملك داود. فصاروا كبلعام الذي طلبوه ليلعن إسرائيل فبارك إسرائيل.

 

سفر صموئيل الاول 20

20: 1 فهرب داود من نايوت في الرامة و جاء و قال قدام يوناثان ماذا عملت و ما هو اثمي و ما هي خطيتي امام ابيك حتى يطلب نفسي

وهنا داود يتقابل لاول مره مع يوناثان الذي لم يعلم كل ما فعله والده من شرور ومحاولاته لقتل داود . بعد أحداث الإصحاح السابق ومحاولات شاول المتعددة لقتل داود والثلاث إرساليات لقتله أدرك أن شاول مصمم على قتله فجاء ليوناثان ليتشاور معهُ فهو الصديق الذي يثق فيه وهو غالبا يعرف ان يوناثان لم يعرف ماذا فعل ابيه. 

20: 2 فقال له حاشا لا تموت هوذا ابي لا يعمل امرا كبيرا و لا امرا صغيرا الا و يخبرني به و لماذا يخفي عني ابي هذا الامر ليس كذا

هنا يتعجب يوناثان فهو كان يثق في حلف ابيه ويوضح ايضا سبب ثقته بان ابيه يخبره بكل شيئ وهو اخبره سابقا حينما تفكر في قتل داود . ولكن ادرك الان ان والده اخفي عنه هذا الامر فيتعجب ان والده فعل هذا ثم يستنكر هذه الفعلة 

فيشرح له داود  

20: 3 فحلف ايضا داود و قال ان اباك قد علم اني قد وجدت نعمة في عينيك فقال لا يعلم يوناثان هذا لئلا يغتم و لكن حي هو الرب و حية هي نفسك انه كخطوة بيني و بين الموت

والحقيقه هذا العدد لو كان اظهره المشكك ولم يخفيه لكان رد علي شبهته بنفسه لان فيه يقول داود بوضوح ان شاول بعد ان حلف ليوناثان انه لا يقتل داود  اخفي عن ابنه يوناثان ان رجع عن حلفه وقرر يقتل داود ومحاولاته الخمس السابقه فعلها ولم يخبر يوناثان 

20: 4 فقال يوناثان لداود مهما تقل نفسك افعله لك

 فصدق يوناثان داود لانه يعرف انه صادق في ما يقول  

20: 5 فقال داود ليوناثان هوذا الشهر غدا حينما اجلس مع الملك للاكل و لكن ارسلني فاختبئ في الحقل الى مساء اليوم الثالث 

اذا تاكدنا ان يوناثان فعلا في اول الاصحاح 19 اخبره والده عن نيته في قتل داود ولما تكلم معه رجع عن هذا وحلف ولكنه لم يعرف ان والده رجع عن حلفه بعدم قتل داود وبدا يحاول قتله فهذا هو ما لم يعلمه يوناثان فهو صادق فيما قال ولم يخطئ صموئيل النبي فيما كتب في سفر صموئيل.

 

واخيرا المعني الروحي 

من تفسير ابونا تادرس يعقوب واقوال الاباء

أدرك داود أن شاول يصر على قتله فقد بعث ثلاث إرساليات، وأخيرًا جاء بنفسه إلى الرامة لا لهدف آخر غير الخلاص منه، لكن الرب أنقذه. هرب داود من نايوت في الرامة وجاء إلى صديقه الحميم يوناثان للتشاور معه في أمر أبيه. وقد جاءت أحداث هذا الأصحاح تكشف لنا عن شخصية يوناثان الفريدة في الإخلاص والحب. لقد أدرك أن داود يستلم عرش أبيه لا محالة [14-17]، فأظهر قبوله إرادة الله بفرح دون أي امتعاض من جهة داود بل صار يحبه كنفسه [17]. كان يسنده للخلاص من يد أبيه، باذلًا كل الجهاد لحساب صديقه الذي يرث أبيه. تكشف الأحداث بالأكثر عن شخصية شاول المتهورة إذ دفعه الحقد على داود أن يحاول قتل يوناثان لأنه يسنده. 

جاء داود إلى يوناثان ليجد فيه الصدر الرحب فيعاتبه على تصرفات أبيه ويطلب مشورته ومساندته. حقًا لقد أراد الجالس على العرش أن يقتل داود لكن الله فتح قلب أقرب مَن لشاول – يوناثان - ليحب داود ويخطط له من خلال البلاط الملكي... هكذا كلما حاول الشر أن يغلق الأبواب ويحكمها يُفتح لنا بابًا من حيث لا ندري.

في صراحة قال داود: "ماذا عملتُ؟ وما هو إثمي؟ وما هي خطيتي أمام أبيكِ حتى يطلب نفسي؟!" [1]. هكذا استطاع داود أن يتكلم بصراحة مبررًا نفسه، طالبًا من يوناثان أن يقتله بنفسه إن كان قد وجد فيه ظلمًا أو خيانة، إذ يفضل أن يموت بيد صديقه يوناثان عن عدل عن أن يموت بيد شاول أو أحد عبيده عن ظلم [8-10].

اتسم داود بالأمانة مع الكل ومع هذا تعرض لمتاعب كثيرة ومطاردات عبّر عنها في المزمور السابع: "خلصني من كل الذين يطردونني ونجني؛ لئلا يفترس كأسد نفسي هاشمًا إياها ولا منقذ".

يا رب إلهي إن كنت قد فعلت هذا، إذ وُجد ظلم في يدي، إن كافأت مسالمي شرًا وسلبت مضايقي بلا سبب، فليطارد عدو نفسي وليدركها وليدس إلى الأرض حياتي وليحط إلى التراب مجدي. سلاه" (مز 7: 1-5).

يتكلم داود النبي بصيغة الجمع "خلصني من كل..." ثم يكمل بصيغة المفرد "لئلا يفترس كأسد..."، ذلك لأنه وإن كثر المضايقون والمطاردون له، لكن واحدًا هو الذي يحركهم هو إبليس كما يقول القديس باسيليوس[151].

يرى بعض الآباء في كلمات داود النبي مع يوناثان وأيضًا ما ورد في المزمور السابع حيث يبرر داود نفسه قائلًا: "ماذا عملت؟ وما هو إثمي؟"، "إن وُجد ظلم في يدي" يرمز للسيد المسيح الذي وحده بلا خطية وقد ثار العدو - إبليس - كأسد ليفترسه على الصليب، لكن تحطم العدو وقام المسيح ليقيم مؤمنيه معه.

"يا رب إلهي إن كنت قد أخطأت في هذا (فعلت هذا)" (مز 7: 3). "لأن رئيس هذا العالم يأتي وليس له فيّ شيء" (يو 14: 30).

"إن وُجد ظلم في يدّي": "الذي لم يفعل خطية ولا وُجد في فمه مكر" (1 بط 2: 22).

"إن كافأت مسالمي شرًا": قالوا "اصلب اصلب رجل كهذا" (راجع يو 19: 6).

"فليطارد عدو نفسي وليدركها""آخر عدو يبطل هو الموت" (1 كو 15: 26).

"ليدس إلى الأرض حياتي": لا يمكن للحياة أن تُدرس إلى الأرض؟ "وليحطّ إلى التراب مجدي"... يتوسل المرتل من أجل أعدائه لكي يتمجد الله في أرضهم، عندما يكفون عن العداوة فيتمجد الله فيهم.

القديس جيروم[152]

على أي الأحوال إذ تسلك النفس في طريق الكمال خلال تمتعها بالحياة الجديدة في المسيح الكامل وحده تتعرض للحروب من كل جانب، يثيرها عدو الخير ضدها، لكنها تنال الغلبة والنصرة. وكما يقول القديس أغسطينوس: [تنهزم كل حرب وكل عداوة بالنسبة لمن صار كاملًا، فلا يكون له عدو سوى إبليس الحاسد... يقول الرسول: "إبليس خصمكم كأسد زائر يجول ملتمسًا من يبتلعه هو" (1 بط 5: 8). لذلك بعدما تحدث المرتل بصيغة الجمع "خلصني من كل الذين يضطهدوني" يتكلم بصيغة المفرد: "لئلا يفترس كأسد نفسي". لم يقل "لئلا يفترسوا"، إذ عرف أي عدو وخصم عنيف ضد النفس الكاملة[153]].

تحدث داود بصراحة معلنًا شدة تخوفه من شاول، إذ يقول: "ولكني حي هو الرب وحية هي نفسك إنه كخطوة بيني وبين الموت"، أي أن الموت قد صار قريبًا جدًا منه يحل في أية ساعة. وكانت إجابة يوناثان: "مهما تقل نفسك أفعله لك" [4]، بمعنى أنه سيقدم له كل ما يريده داود، ما يشير به عليه يفعله. هكذا يفعل الحب، لأن "المحبة لا تطلب ما لنفسها بل ما هو الآخرين".

قدم داود مشورة ليوناثان للكشف عما في قلب أبيه، قدمها بروح الوداعة والاتضاع في غير استغلال لحب يوناثان له، إذ يقول له "إرسِلني" [5]، فإنه في غياب شاول يأتمر داود بأمر يوناثان ويخضع له. وقبل مفارقته سجد له ثلاث مرات [41] علامة الاحترام اللائق به كابن ملك وعلامة الشكر والامتنان.

أما المشورة فباختصار أنه يتغيب لمدة ثلاثة أيام عن حضور الوليمة مع الملك في أول الشهر بحجة أن أخاه اليآب سأله أن يحضر إلى بيت لحم يشترك في الذبيحة السنوية التي لعشيرته، وأن يوناثان أعطاه إذنًا بالذهاب، ليرى ماذا تكون إجابة شاول؛ فإن استحسن الأمر يكون ذلك إشارة إلى ارتياح قلب الملك من نحوه، أما إذا اغتاظ فيكون قد أعد له الشر.

 

والمجد لله دائما