هل تعبير ان الاب اعظم من الكل لا يفيد تساوي الثالوث ؟ يوحنا 10: 29

 

Holy_bible_1

 

الشبهة 

 

جاء في يوحنا [ 10 : 29 ] قول المسيح : (( أن الأب أعظم من الكل )) . فإذا كان الأب أعظم من الكل فكيف يكون الابن والروح القدس مساوي للأب ؟!

 

الرد

 

الحقيقه المشككين كالعادة لا يفهمون الفكر المسيحي 

فقد شرحت سابقا مساوات ووحدانية الابن مع الاب في ملف 

انا والاب واحد 

وايضا شرحة ازلية الروح القدس ووحدانيته مع الاب والابن في ملف

هل تعبير الروح القدس ينبثق يدل انه ليس ازلي مع الابن والابن

فلا اريد التكرار لهذا ساركز علي العدد مع امثلة قليلة لتاكيد المعني 

وفي البداية معني اعظم من الكل لا ينطبق علي الله ذاته ولكن اعظم من كل الاشياء الارضية ومن كل الكائنات الارضيه 

انجيل يوحنا 10

10: 22 و كان عيد التجديد في اورشليم و كان شتاء

10: 23 و كان يسوع يتمشى في الهيكل في رواق سليمان

هذا اليوم له مناسبة خاصه جدا فهو عيد التجديد الذي وضعه يهوذا المكابي بمناسبة تطهير الهيكل الذي افسده انطيوخس ابيفانيوس. وهذا العيد دائما ما يثير في اليهود الحنين الي الاستقلال وان المسيح في يوم سيقودهم للتخلص من الرومان ولهذا هم يتمنوا ان يسوع الناصري هذا بمعجزاته القوية يكون هو المسيح السماوي المحرر ومن هذه الخلفيه نفهم لماذا تقدموا في هذا اليوم ليسالوا المسيح هذا السؤال  

10: 24 فاحتاط به اليهود و قالوا له الى متى تعلق انفسنا ان كنت انت المسيح فقل لنا جهرا

هم اتوا للمسيح متمنيين ان يجيبهم بنعم انا هو ويبدا ثورته التي انتظروها سنين طويلة ولذلك ألحوا عليه أن يكشف عن شخصه ويمسك راية القائد المحرر. فهم كانوا على استعداد أن يثوروا ضد الرومان وراءه حتى إلى الموت ولكنهم لم يكونوا على استعداد للتوبة وتجديد حياتهم. ولو المسيح أجاب على سؤالهم بأنه هو المسيح لقالوا حررنا من الرومان ولو قال لا أنا لست المسيح لكان كاذب لذلك فبينما أجاب بوضوح للسامرية وللمولود أعمى أنه ابن الله، لم يجب هنا بوضوح وإلاّ حدثت ثورة ضد الرومان.

ونلاحظ انه يسالون يسوع ان كان هو المسيح وكما شرحت سابقا في ملف 

المسيا في الفكر اليهودي 

فالمسيا ليس ملك ارضي فقط ولكن هو عند الكثير من اليهود هو قديم الايام سماوي من عند رب الارواح فهو الميمرا اي كلمة الله وهو الشكينا اي مجد وحضور يهوه علي الارض  

10: 25 اجابهم يسوع اني قلت لكم و لستم تؤمنون الاعمال التي انا اعملها باسم ابي هي تشهد لي

المسيح هنا لم يجيب مباشره بل قال لهم اني قلت لكم سابقا  وهذا نجده عدة مرات ومنها يوحنا 8 ويضيف ايضا ان شهادة الاعمال هي شهادة قوية تثبت انه من عند الاب خرج فكلامه كان مسنودًا بأعماله، وكلها تشهد بأنه من عند الآب فلا داعي أن يتكلم الآن جهرًا. ومن يرفضه سيدان، لكنهم يريدون مسيحًا بحسب فكرهم (لو21:24). السيد وضع يده على المشكلة فهم لا تنقصهم المعرفة بل الإرادة أن يؤمنوا. 

10: 26 و لكنكم لستم تؤمنون لانكم لستم من خرافي كما قلت لكم 

10: 27 خرافي تسمع صوتي و انا اعرفها فتتبعني 

10: 28 و انا اعطيها حياة ابدية و لن تهلك الى الابد و لا يخطفها احد من يدي

حين ظهر المسيح لم يتعرفوا عليه ولم يفهموه لذلك صاروا ليسوا من خرافه. أما الخراف فتعرف راعيها الذي يرعاها ويقودها لمراعٍ خضر فهي قد إختبرته لذلك تتبعه فالخراف تميز صوت راعيها فتتبعه، والشرط لهذا أن تكون منشغلة بالله وبخلاص نفسها وليس بملذات وخطايا العالم، أما الشهوات فتغلق الأذان الروحية، وحتى لو سمع الإنسان ذو الأذن المغلقة فإنه لن يطيع.

ونلاحظ ان المسيح اعلن بوضوح انه هو واهب الحياة وهذا تعبير اعلان لاهوته ووحدته مع الاب لان واهب الحياه واحد وهو الله الخالق 

والامر الثاني ان المسيح يقول لا يقدر احد ان يخطف من يدي اذا هو مالك كل شيئ وفي يده السلطان علي كل شيئ ويجب ان نتذكر هذا التعبير اثناء دراسة العدد التالي 

ولكن المهم حتي الان هو ان الكلام عن الفرق بين المسيح والبشر فالمجموعه او الكل هم البشر  

10: 29 ابي الذي اعطاني اياها هو اعظم من الكل و لا يقدر احد ان يخطف من يد ابي

ومن هنا نفهم ان المجموعة التي يقصدها بان الاب اعظم منهم هم كل البشر لان المسيح ليس منفصل عن الله . فالاب فعلا اعظم من الالهة الوثنية واعلي من الوصايا البشرية واعظم من البشر والملائكة واعظم من كل شيئ في الخليقة 

ولكن الذي يشرح الامر بوضوح في تعبير لا يقدر احد ان يخطف من يد ابي . ففي العدد السابق لايقدر احد ان يخطف من يدي وهنا يكرر نفس الامر عن يدي ابي لان الاب والابن واحد 

اذا تعبير ابي اعظم من الكل لايشمل المسيح الذي هو واحد مع الاب فالمسيح أمامهم إنسان عادي، ولم يتصوروا أنه ابن لله. لذلك يربط المسيح أمامهم بينه وبين الآب. فالآب أعطاه النفوس ليحفظها ويخلصها. فالآب يحفظ الخراف والمسيح يحفظها إذًا هم واحد. (قارن آيات 28مع29) فكلاهما لا يقدر أحد أن يخطف منهما لانهما كيان واحد 

ولهذا في العدد التالي يؤكد وحدانية الابن مع الاب  

10: 30 انا و الاب واحد

والعدد اليوناني يقول 

εγω  انا και و  ο πατηρ الاب  εν واحد  εσμεν كينونة 

اي ان العدد لفظيا يقول 

انا والاب كيان واحد . او انا والاب واحد كينونة

فهذا يؤكد ان ابي اعظم من الكل لا يشمل المسيح الذي هو واحد مع الاب وهذا 

وقد فهم اليهود هذا جيدا فتصرفوا كالاتي  

10: 31 فتناول اليهود ايضا حجارة ليرجموه 

10: 32 اجابهم يسوع اعمالا كثيرة حسنة اريتكم من عند ابي بسبب اي عمل منها ترجمونني 

10: 33 اجابه اليهود قائلين لسنا نرجمك لاجل عمل حسن بل لاجل تجديف فانك و انت انسان تجعل نفسك الها 

فهم فهموا من هذا الحوار انه اعلان لاهوت واضح ولكنهم لانهم يروه انسان امامهم فبدل من ان يقبلوه ارادوا رجمه لانه في رايهم ادعي الالوهية 

 

واخيرا المعني الروحي 

من تفسير ابونا تادرس يعقوب واقوال الاباء

يرى القديس أمبروسيوس أن الروح القدس الذي هو روح الآب أيضًا روح الابن، هو يد الله الآب والابن. فالخراف التي تسمع صوت المسيح لن يقدر أحد أن يخطفها من الآب أو من الابن أو من الروح القدس[1142].

 قول السيد المسيح: "ولا يقدر أحد أن يخطف من يد أبي"،يُظهر أن يده ويد أبيه واحدة في القدرة، ومن جوهر واحد بعينه.

وقوله "ولا يخطفها أحد من يدي، أبى الذي أعطاني إياها" قيل لأجل أولئك اليهود لكي لا يدعونه مخالفًا لله.

القديس يوحنا الذهبي الفم

 هل للآب والابن يد واحدة، أم نقول إن الابن نفسه هو يد الآب؟ إن كنا نفهم باليد القوة، فإن قوة الآب والابن واحدة. ولكن إن كنا نعني باليد بالطريقة التي تكلم بها النبي: "ولمن استُعلنت ذراع الرب؟" (إش ٥٣: ١) فإن ذراع الآب هو الابن نفسه، ليس بالمعنى الذي به نفهم أن لله شكل بشري، أو له أعضاء جسمية، وإنما به كل شيء كان[1143].

القديس أغسطينوس

"أنا والآب واحد". [30]

لم يقل "أنا والآب متطابقان"، بل "أنا والآب واحد"، إنها وحدة حب وعمل كما هي وحدة جوهر، لهذا فهي وحدة فريدة لا يمكن لخليقة ما أن تبلغها، وإنما هي المثل الأعلى للوحدة التي يشتهيها من يلتصق بالله، ويتحد معه.

جاء الحديث عن هذه الوحدة مرتبط بالحديث عن رعاية الابن والآب للمؤمن حيث لا يقدر أحد أن يخطفه من يد الابن أو الآب. كأن أساس الرعاية الإلهية هي وحدة الحب الفريد بين أقنومي الآب والابن، وغاية هذه الرعاية أن يحمل المؤمنين أيقونة الوحدة.

 يقول المسيح نفسه: "أنا والآب واحد[30]. يقول "واحد" حيث لا يوجد انفصال في السلطان وفي الطبيعة. لكن مرة ثانية يقول: "نحن" لكي ندرك الآب والابن، إذ نؤمن أن الآب الكامل يلد الابن الكامل؛ والآب والابن هما واحد دون خلط في الأقانيم بل في وحدة الطبيعة[1144].

القديس أمبروسيوس

 يلزم أن يتقدم الإيمان الفهم، فيكون الفهم مكافأة على الإيمان...[1145] 

 إنه قال، وقال بالحق: "أنا وأبي واحد". ماذا يعني "واحد"؟ نحن طبيعة واحدة، جوهر واحد[1146].

القديس أغسطينوس

 "أنا والآب واحد" [30]، وبعد ذلك يضيف: "أنا في الآب، والآب فيَّ" (يو 14: 30)، لكي يوضح وحده الألوهية من ناحية، ووحدة الجوهر من الناحية الأخرى. إذن هما واحد، ولكن ليس مثل الشيء الواحد الذي ينقسم إلى جزئين، كما أنهما ليسامثل الواحد الذي يسمى باسمين، فمرة يُدعى الآب، ومرة أخرى يُدعى هو نفسه ابنه الذاتي... لكن هما اثنان، لأن الآب هو الآب، ولا يكون ابنًا، والابن هو ابن ولا يكون أبًا.

لكن الطبيعة هي واحدة، لأن المولود لا يكون غير متشابه لوالده، لأنه صورته، وكل ما هو للآب هو للابن (يو16: 15). ولهذا فالابن ليس إلهًا آخر، لأنه لم ينشأ من خارج، وإلا فسيكون هناك آلهة كثيرون...

كلاهما واحد في الذات، وواحد في خصوصية الطبيعة، وفي وحدة الألوهية كما سبق أن قلنا حيث أن الشعاع هو النور وليس ثانيًا بعد الشمس ولا نور آخر، ولا هو ناتج من المشاركة مع النور، بل هو مولود كلي وذاتي من النور، ومثل هذا المولود هو بالضرورة نور واحد، ولا يستطيع أحد أن يقول أنه يوجد نوران. فبالرغم من أن الشمس والشعاع هما اثنان ألا أن نور الشمس الذي ينير بشعاعه كل الأشياء، هو واحد[1147].

القديس أثناسيوس الرسولي

 إلى هنا كان يمكن لليهود أن يحتملوه، وأما وقد سمعوا: "أنا والآب واحد" فلم يستطيعوا بعد أن يحتملوا... ها أنتم ترون أن اليهود فهموا ما لا يفهمه الأريوسيون. فقد غضبوا على هذا، وشعروا ما كان يمكن القول: "أنا وأبي واحد" إلاَّ إذا وجدت مساواة بين الآب والابن[1148].

 إذ جاءت كلمة الله إلى البشر لكي يصيروا آلهة، فماذا يكون كلمة الله نفسه الذي عند الله إلاَّ أن يكون هو الله؟

إن كان بكلمة الله يصير البشر آلهة، إن كان بالشركة معه يصيرون آلهة، فهل يمكن لذاك الذي به ينالون الشركة ألا يكون هو الله؟

إن كانت الأنوار التي تُضاء هي آلهة، فهل النور الذي يضيء لا يكون هو الله؟

أنتم اقتربتم من النور فاستنرتم وحسبتم أبناء الله، فإن انسحبتم من النور تسقطون في غموض وتُحسبون أنكم في ظلمة، أما ذاك النور فلا يقترب (ليستنير) لأنه لا ينسحب من ذاته[1149].

 يمكننا أحيانًا أن نقول: نحن في الله والله فينا، لكن هل يمكننا القول: "نحن والآب واحد"؟ أنتم في الله، لأن الله يحتويكم، والله فيكم لأنكم صرتم هيكل الله... لكنكم هل تقدرون أن تقولوا: "من يراني يرى الله" كما قال الابن الوحيد (يو ١٤: ٩)... "أنا والآب واحد"؟ تعرفوا على امتياز الرب الفائق، وعلى المنحة التي للخادم. امتياز الرب هو مساواة للآب، ومنحة الخادم هي الشركة مع المخلص[1150].

القديس أغسطينوس

 

والمجد لله دائما