الرجوع إلى لائحة المقالات الرجوع إلى مقدمة انجيل متي وكيف يفهم

مت 1

مقدمة انجيل متي وكيف يفهم

 

Holy_bible_1

 

لنفهم انجيل متي يجب ان نعرف شخص كاتبه لنفهم اسلوبه 

1  كاتبه هو شخص يهودي الاصل فنتوقع اننا نقراء فكر يهودي وليس اممي فاذا اختلف علينا معني او امر لم نفهمه يجب ان نرجع للثقافة اليهودية وعاداتهم وتقاليدهم عن هذا الامر ونفهم فكر متي البشير بناء عليه. واضرب مثال علي هذا فهو تفرد بذكر مقولة رب المجد 

إنجيل متى 5: 13

 

«أَنْتُمْ مِلْحُ الأَرْضِ، وَلكِنْ إِنْ فَسَدَ الْمِلْحُ فَبِمَاذَا يُمَلَّحُ؟ لاَ يَصْلُحُ بَعْدُ لِشَيْءٍ، إِلاَّ لأَنْ يُطْرَحَ خَارِجًا وَيُدَاسَ مِنَ النَّاسِ.

بالطبع نستفاد من هذا العدد روحيا ولكن ماذا يقصد بيئيا فساد الملح ؟ الملح في فكرنا لا يفسد ولكن في البيئة اليهودية هو لا يتكلم عن ملح كلوريد الصوديم ولكن هو يتكلم عن ملح يستخرج من البحر الميت هو يملح الطعام ولكنه قابل للاكسدة لما به من يود بعد فتره لو لم يحفظ فيفقد ملوحته ويفسد وكان اليهود في هذا الزمن عندما يفسد ملح وهو عبارة عن حبيبات خشنه فكانوا في ايام المطر او لو نزل صقيع واصبحت بعض الماكن التي مداخلها رخامية مثل الهيكل وغيره سطح زلق ممكن يسبب تزحلق البعض فكانوا يرشون هذا الملح الذي تاكسد وفقد ملوحته علي الارض لكي يمنع التزحلق ومن هذا جاء تعبير رب المجد يداس من الناس. بمعني لكي نفهم كلام متي ولكي نتمتع اكثر بالمعني الروحي يفضل ان نفهم فكر متي اليهودي.  

2 ثانيا هو كتبه لليهود فايضا هو يكلمهم بفكرهم وبتعبيراتهم اللغوية فيقول لهم كما هو مكتوب لانهم يعرفون ما هو المكتوب جيدا وايضا لفهم بعض الالفاظ اليوناني في السفر يجب ان نري المرادف اليها في العبري او مفهومها في العبري لنعرف ماذا يقصد. علي سبيل المثال لاهوت المسيح في الانجيل هو يكتفي فقط بالاشارة بان يسوع هو المسيح فلفهم هذا يجب ان نعرف مفهوم المسيا عند اليهود وبهذا سنتاكد انه اعلن لاهوت المسيح بوضوح. مع ملاحظة ان اليهود ايضا كان هناك بعض المفاهيم الغير دقيقة عن المسيح فهو يصحح لهم هذه المفاهيم ولا يشرح لهم معني المسيا فقط يريد ان يوضح ان المسيا هو الملك السماوي اكثر من مفهومهم عن المسيا الملك الارضي ولهذا نفهم لماذا كرر كلمة الملكوت وبخاصة ملكوت السموات 55 مره اكثر من بقية التلاميذ ولمذا ذكر ان المسيح ابن داود 8 مرات مع ملاحظة انه يفسر العهد القديم ويوضح ان المسيح ابن الانسان هو مركز ملكوت السموات موضّحًا أنه فيه تمّ المكتوب، وتحقّقت المواعيد الإلهيّة، وتمتّعت الشعوب بمشتهى الأمم! إنه موسى الجديد على مستوى فريد وفائق، يصوم أربعين يومًا، ويجرّب على الجبل ليغلب باسم شعبه وتخدمه الملائكة، يكمّل الشريعة الموسويّة لا بتسلّم وصايا على حجر منقوش بل يتكلّم بسلطان من عنده، يُشبع الجموع التي في القفر، ويتجلّى أمام تلاميذه مستدعيًا موسى وإيليّا ومتحدّثًا معهما إنه ابن الله، لكنّه هو أيضًا ابن الإنسان، إذ حلّ في وسطنا ليدخل بنا إلى أمجادهويشرح المفاهيم اليهودية بطريقة مسيحية. فأسس الأعمال الصالحة عند اليهود هي الصدقة والصلاة والصوم ويقدم هذه بمفهوم مسيحي. لقد أوضح متى أن المسيح لم يأتي ليحتقر العهد القديم بل ليدخل به إلى كمال غايته. لذلك فمتي يقدم المسيح الملك الالهى الذى له الحق ان يشرع  

3 هو عمل في جمع الضرائب. اذا فهو شخص له في الارقام والحسابات جيدا وبخاصة العملات مثل درهم واستار ووزنة وغيره وهذه ستكون ميزه بمعني لو هناك امر في الاربع اناجيل عن عملات او ثمن او شيئ من هذا الامر نرجع لمتي البشير المدقق في هذه الناحية لانها وظيفته القديمة. بل نفهم منه جيدا عندما يتكلم عن الصك ومعني الدين والربا وبفهمها سنفهم اكثر ونتعمق اكثر في امثلة المسيح عن الوزنات وغيرها. وايضا جمعة صفة جابي الضرائب مع كونه يهودي يكتب لليهود يتكلم بلغة ارقام مهم لليهود اي الارقام المحبوبة لليهود خاصة أرقام 3، 5، 7. فمن جهة رقم 3 نجده يقسّم نسب السيّد المسيح إلى ثلاثة مراحل (1: 17)، والتجارب التي واجهها السيّد ثلاثة (4: 1-11)، وأركان العبادة ثلاثة (6: 1-18)، ويقدّم ثلاث تشبيهات للصلاة: السؤال والطلب والقرع (7: 7-8)، وفي التجلّي أخذ السيّد معه ثلاث تلاميذ (17: 1)، وأيضًا في بستان جثّسيماني (26: 37)، وهناك صلي ثلاث مرّات (26: 39-44) وبطرس الرسول أنكر السيّد ثلاث مرّات (26: 75). 

4 هو احد التلاميذ الاثني عشر اي ان شهادته في انجيله هي شهادة شاهد عيان عاصر كل ما حدث من اختيار المسيح له وما تبعه من افراح رؤية قوة المسيح في اعماله ومعجزاته ووعظاته ثم هو يشار احزان الصلب والالام ثم افراح القيامة 

5 يجب ان نضع في الاعتبار انه ايضا شاهد من اثني عشر تلميذ وايضا من سبعين رسول اخرين وغيرهم ممن تابعوا الامر من الاول فهو يشرح ما رأي من زاوية واحدة فهو ياخذ بطريقة تكميلية لبقية المبشرين 

6 هو لا يغالي في وصف معجزات المسيح لان هذا هو المتوقع من المسيا في الفكر اليهودي فلو وعظ واعظ حاليا عن معجزة من معجزات المسيح سيتامل في قوتها ساعات ولكن متي البشير لانه يهودي ينتظر هذا فلا يفعل هذا الامر 

7 ايضا لفهم ما يقصد متي البشير يجب ان نعرف زمن الكتابة وهي عليها خلاف قليل ولكن اقربهم الي الصحة في رائي هو 40 م كما ذكر الكثير من الاباء ( ارجوا الرجوع الي ملف قانونية انجيل متي البشير وكاتب الانجيل وزمن الكتابة ) لان الاحداث التي جرت بعد المسيح كان لها تاثيرها عليها ونقدر ان ندركها من قراءة الانجيل

8 كما قلت هو يكتب لليهود العارفين الكتب فهو يقتبس 88 مره من العهد القديم ويذكر نبوات وهذه يجب ربطها بنبوات العهد القديم لنتاكد من تحقيقها وستعيننا في فهم العهد القديم اكثر واسلوب رموزه ونبواته. بل سيشرح لنا الفاظ ومعاني مفضلة لليهود كدعوة أورشليم بالمدينة المقدّسة (4: 5؛ 27: 52-53)، والهيكل بالمكان المقدّس (24: 15). يتحدّث عن أسس الأعمال الصالحة الثلاثة عند اليهود، أي الصدقة والصلاة والصوم (6: 1-8، 16-18)، وعن واجبات الكهنة في الهيكل (12: 5) وضريبة الهيكل (17: 24-27)، والعشور (23: 23) وغسل الأيدي علامة التطهير من الدم (27: 24) وهو ايضا يوضح لليهود ولنا ايضا ان السيّد لم يأتِ ليحتقر العهد القديم، بل ليدخل به إلى كمال غايته، من جهة الناموس والوصيّة وتحقيق ما جاء به من وعود خاصة بالخلاص. هذا التحقيق لم يتمّ فقط خلال تعاليم السيّد المسيح، وإنما أيضًا خلال شخصه كمخلّصٍ وفادٍ.

هذا ما دفع بعض الدارسين إلى التطلّع إلى هذا الإنجيل كدراسة حاخاميّة مسيحيّة تكشف عن إعلان السيّد المسيح المخفي في العهد القديم.

 9 ايضا لانه يهودي واليهود يهتمون بحفظ اقوال معلميهم فهو اكثر انجيل ركز علي وعظات المسيح فهو ذكر خمس مواعظ  

1) الموعظة على الجبل (ص5-ص7) وهى شريعة العهد الجديد 

2) العمل الرسولي (ص10)

3) أمثال الملكوت (ص13)

4) تعاليم متنوعة للتلمذة (ص18)

5) أحاديث اسخاتولوجية (ص23-ص25)

10 ايضا بالفكر اليهودي الذي يعرف سفر دانيال جيدا ويعرف اهتمام اليهود بنبواته فيركز علي لقب ابن الانسان فتكرر هذا اللقب 30 مره في انجيله وهو المقابل (لدانيال13:7). وهو يعني:

1) المسيح ابن الله صار ابنًا للإنسان، تجسد وتأنس وأخذ جسدًا شابهنا به في كل شيء ما عدا الخطية.

2) كل المجد الذي يقال أن المسيح ورثه إذ جلس عن يمين الآب صار حقًا للبشر الذين يؤمنون به (عب2:1+ يو22:17)

3) لم يقال ابن آدم فهو لم يأتي مولودًا بحسب النظام الطبيعي للتناسل بل وُلِدَ من الروح القدس ومن العذراء القديسة مريم، فهو ابن إنسان وليس ابنًا لآدم بحسب الطبيعة.

4) هي تأتي معرفة بمعنى الابن الذي للإنسان، فهو ابن بطريقة فريدة.

5) نفهم من اللقب أن المسيح سيحتفظ بناسوته في السماء متحدًا بلاهوته "سوف تبصرون ابن الإنسان جالسًا عن يمين القوة" (مر61:14-62)

11 ايضا مكان كتابة الانجيل يؤثر عليه فهو يكتبه في اليهودية محاط بكل ما يمثل الفكر والثقافة والبيئة اليهودية. فنحن نقراء انجيل كتب في نفس المنطقة التي عاش فيها المسيح 

12 حمل هذا الإنجيل أيضًا جانبًا دفاعيًا عن السيّد المسيح، فلم تقف رسالته عند تأكيد أن فيه تحقّقت نبوّات العهد القديم، وإنما دافع ضدّ المثيرات اليهوديّة، لهذا تحدّث بوضوح عن ميلاده من عذراء، ودافع الملاك عنها أمام خطيبها، وروى تفاصيل قصّة القيامة والرشوة التي دفعها اليهود للجند. لهذا دعي هذا الإنجيل بالدفاع المسيحي المبكر. 

13 إذ يكتب متّى الإنجيلي لليهود لم يغفل عن مصارحتهم بأخطائهم، فيقول عن قائد المائة الروماني: "لم أجد ولا في إسرائيل إيمانا بمقدار هذا، وأقول لكم إن كثيرين سيأتون من المشارق والمغارب ويتّكئون مع إبراهيم وإسحق ويعقوب في ملكوت السماوات، وأما بنو الملكوت فيُطرحون إلى الظلمة الخارجيّة" (8: 10، 12). وقوله: "ابن الإنسان يُسلّم إلى رؤساء الكهنة والكتبة، فيحكمون عليه بالموت" (20: 18)، وأيضًا: "ملكوت الله ينزع منكم ويعطي لأمّة تعمل أثماره" (21: 43). منتقدًا تفسيرهم الحرفي لحفظ السبت (12: 1-13)، واهتمامهم بالمظهر الخارجي للعبادة (6: 2، 5، 16)، وانحرافهم وراء بعض التقاليد المناقضة للوصيّة (15: 3-9)، مؤكدًا لالتزامهم بالوصايا الشريعيّة حتى تلك التي ينطق بها الكتبة والفرّيسيّون مع نقده الشديد لريائهم (ص23) 

14 نلاحظ ايضا في الانجيل بعض الاشعار وبخاصة في الوعظات مثل الموعظة علي الجبل حتي مع ترجمته للعربية ولهذا كما ذكر التقليد وكثير من الباحثين من اهداف هذا الانجيل هو كتب بهدف ليتورجي ( ولكن هذا ليس الهدف الوحيد )، لتُقرأ فصوله أثناء العبادة المسيحيّة. وقد اعتمد في ذلك على ما اتسم به الإنجيل من وضوح واختصار ومطابقات وتوازن في اللغة. لهذا نعرف اننا نقراء ما كانت يعتبرونه المسيحيين الاوائل لتورجيات ايضا. 

15 أن كان هذا الإنجيل قد حمل جوًا يهوديًا أكثر من غيره من الأناجيل لكنّه لم يغفل القارئ الأممي ويهودي الشتات، فيشرح له بعض الألفاظ المعروفة لدي اليهود كقوله: "عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا" (1: 23)، "موضع يقال له جلجثّة، وهو المُسمّى موضع الجمجمة" (27: 33). وشرح بعض النواحي الجغرافيّة، كقوله: "وأتى وسكن في كفرناحوم التي عند البحر في تخوم زبولون ونفتاليم" (4: 13). وشرح المعتقدات التي يعرفها اليهودي مثل: "جاء إليه صدّيقيّون، الذين يقولون ليس قيامة" (22: 23)، وأيضًا عادات يهوديّة مثل "كان الوالي معتادًا في العيد أن يطلق لهم أسيرًا واحدًا من أرادوه" (27: 15). 

16 بفهم خلفيته نفهم امور كثيرة مثل اكتفاؤه بنسب المسيح الي ابراهيم فقط لانه اب اليهود وايضا نفهم لمذا قسم نسب المسيح ثلاث اقسام تتكون من 14 جيلًا عن كل قسم بطريقة حاخاميّة، وأنه ابن داود المنتظر الذي يدخل المدينة المقدّسة كغالبٍ. هذه جميعها تُشير إلى تحقيقات أمنيات اليهود لكن الإنجيلي لم يقف عند هذا الحد؛ أيضًا عند الخصوصيات اليهوديّة بل انطلق بفكرهم إلى الرسالة الإنجيليّة الجامعيّة، معلنًا ظهور إسرائيل الجديد الذي لا يقف عند الحدود الضيقة. فقد ورد في نسب السيّد أمميّات غريبات الجنس، وفي طفولته هرب إلى مصر كملجأ له، معلنًا احتضان الأمم لملكوته (2: 13)، وفي لقاءاته مع بعض الأمميّين والأمميّات كان يمدحهم معلنًا قوّة إيمانهم، وفي نفس الوقت هاجم الكتبة والفرّيسيّين في ريائهم وضيق أفقهم (23)، وفي مثل الكرم تحدّث عن تسليم الكرم إلى كرّامين آخرين (21: 33)، وكأنه انطلق بهم من الفهم الضيّق المتعصّب إلى الفهم الروحي الجديد وإعلان الرسالة العظيمة الممتدة إلى جميع الأمم، حيث ختم السفر بكلمات السيّد الوداعيّة: "اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم" (28: 19). 

17 ورغم انه يكلم اليهود ولكن هو يريد ان ينقلهم من مفهوم الهيكل الحجري الي الهيكل السماوي في الرب يسوع ولهذا شرح مفهوم الكنيسة إنه الوحيد بين الإنجيليّين يسجّل لنا تعاليم خاصة بالكنيسة بطريقة صريحة وواضحة على لسان السيّد المسيح، الذي نُسب إليه استخدام كلمة "إككليسيّا" مرّتين في عبارتين غاية في الأهمّية: فتحدّث عن أساس الكنيسة: صخرة الإيمان، قائلًا لبطرس الرسول حين أعلن إيمانه به، "على هذه الصخرة ابني كنيستي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها" (مت16: 18). كما تحدّث عن سلطان الكنيسة. "وإن لم يسمع منهم فقُل للكنيسة، وإن لم يسمع من الكنيسة فليكن عندك كالوثني والعشّار. الحق أقول لكم كل ما تربطونه على الأرض يكون مربوطًا في السماء، وكل ما تحلّونه على الأرض يكون محلولًا في السماء" (18: 17-18). بل ويشرح ابسط مفهوم للكنيسة ايضا وهي "لأنه حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فهناك أكون في وسطهم" (18: 20). كما أوضح السيّد الكنيسة الخفيّة في قلب الشاهد للحق، خاصة خلال عمله الرسولي بقوله: "من يقبلكم يقبلني" (10: 40)، "من قبِل ولدًا واحدًا مثل هذا باسمي فقد قبلني" (18: 5)

وايضا من يريد ان يفهم تكميل العهد القديم وتربيط العهد القديم بالجديد يجب ان يدرس انجيل متي لانه يمثل مع رسالة عبرانيين انتقال رائع من العهد القديم للجديد وبدونه سيكون هناك في الظاهر تعارض كثير بين العهد القديم والجديد. فمن مفاتيح السفر هولا تظنوا إني جئت لانقض الناموس أو الأنبياء ما جئت لأنقض بل لأكمل" (5: 17). 

18 ايضا لفهم بقية العهد الجيد وبخاصة سفر الرؤيا انجيل متي يقدم مفتاح مثله مثل بقية الاناجيل وبخاصة متي 24 و 25 في كلامه عن الابدية والاسخاتولوجي ففي الأول تحدّث عن علامات انقضاء الدهر، لا لمجرد المعرفة، وإنما بقصد الاستعداد بالسهر الدائم لمجيئه الأخيروفي الأصحاح التالي قدّم لنا أمثلة رائعة عن الملكوت السماوي وملاقاتنا مع السيّد على السحاب. فلفهم الاسخاتولوجي يجب ان ندرس هذا الجزء في متي البشير ايضا 

 19 ايضا جاء انجيل متي كما تنبأ عنه العهد القديم وهو بقية الثلاثة اناجيل فنفهم دورهم من هذه النبوات وايضا نفهم تحقيق النبوات فيه فيقول مثلا حزقيال متنبأ عن الاناجيل الاربعة 

سفر حزقيال 1

1: 1 كان في سنة الثلاثين في الشهر الرابع في الخامس من الشهر و انا بين المسبيين عند نهر خابور ان السماوات انفتحت فرايت رؤى الله

ويبدا حزقيال النبي بتوضيح انه راي رؤيه من الله,فهي بالطبع غير ملموسه ولكن امور راويه وليست مادية فما سيتكلم عنه في بقية الاعداد من الكائنات الحيه الاربعه او البكرات والنحاس اللامع وغيره هي كلها امور ليست ماديه 

1: 2 في الخامس من الشهر و هي السنة الخامسة من سبي يوياكين الملك 

1: 3 صار كلام الرب الى حزقيال الكاهن ابن بوزي في ارض الكلدانيين عند نهر خابور و كانت عليه هناك يد الرب

وهنا يؤكد ان ما سيقوله هي رؤيه روحيه اعطاها له الرب فراي في هذه الرؤيا الاتي 

1: 4 فنظرت و اذا بريح عاصفة جاءت من الشمال سحابة عظيمة و نار متواصلة و حولها لمعان و من وسطها كمنظر النحاس اللامع من وسط النار

وماديا لم يكن هناك لا نار ولا رياح عاصفه ولا سحابه عظيمه بالمفهوم الحسي فلم يري احد هذه المناظر غيره مثلما لم يري احد رواي دنيال غيره من الاسد الذي له جناح ورجلي انسان ولا الدب الذي بثلاث اضلع في اسنانه ولا النمر المجنح وذو اربع رؤوس ولا الحيوان الرابع ذو الاسنان الحديديه الكثيره 

فهذه رواي رمزيه وليست امور ماديه ولهذا لم يري احد مع حزقيال لا السحابه العظيمه ولا النار المتواصله ولا غيره رغم انه في منطقة مزدحمه بجوار نهر خابور

والمقصود بهذه الرموز الثلاث هو حضور الرب ريح عاصفه ونار متواصله وسحابه هو حدث في ظهور الرب علي جبل سيناء وحدث في يوم الخمسين

فالمقصود هو حضور الرب واعلان ان الرب سيحضر علي شعبه في العهد الجديد كما ظهر لشعبه في العهد القديم 

1: 5 و من وسطها شبه اربعة حيوانات و هذا منظرها لها شبه انسان

ونلاحظ ايضا لغويا ان حزقيال النبي يظل يؤكد انها رؤيا وليست امور ماديه باستخدام ادوات تعبير للشبه علي سبيل المثال كمنظر وشبه

لانه يعبر عن امور سماويه رمزيه عجيبه 

وهذا الكلام في الحقيقه نبوة عن الاناجيل الاربع تفصيلا 

ونقراء معا

1: 6 و لكل واحد اربعة اوجه و لكل واحد اربعة اجنحة

والسؤال إذا كان للكاروبيم ستة أجنحة فلماذا رأى حزقيال لهم أربعة أجنحة فقط؟ الإجابة تتضح بمقارنة مكانهم الذي رآهم فيه أشعياء(6: 2) حيث قيل أن أشعياء رأى السارافيم فوق العرش أما حزقيال فلقد رأى الكاروبيم تحت العرش، فإذا كانوا فوقه يحتاجون لجناحين يغطون بهما وجوههما، أما لو كانوا تحت العرش فهم لا يستعملون هذين الجناحين.

وهذا يؤكد انه وصف روحي مناسب للموقف

ولو كان وصف لكائنات فضائيه لما تغير 

1: 7 و ارجلها ارجل قائمة و اقدام ارجلها كقدم رجل العجل و بارقة كمنظر النحاس المصقول

1: 8 و ايدي انسان تحت اجنحتها على جوانبها الاربعة و وجوهها و اجنحتها لجوانبها الاربعة

وبالطبع هذا وصف لا يصلح الا عمل يد الرب ابن الانسان في كلمته 

1: 9 و اجنحتها متصلة الواحد باخيه لم تدر عند سيرها كل واحد يسير الى جهة وجهه

مكملين لبعض رغم ان يعملون في اتجاهات مختلفه فهم غير متطابقين ولا متناقضين ولكن مكملين لعمل بعضهم 

ولكن لو كان الكلام عن كائنات فضائيه فكيف تسير في الاربع جهات في نفس الوقت بدون ان تتمزق ؟ هذا ماديا مستحيل لانها بسيرها باتجاهات مختلفه تتباعد ولا تظل اجنحتها متصله 

1: 10 اما شبه وجوهها فوجه انسان و وجه اسد لليمين لاربعتها و وجه ثور من الشمال لاربعتها و وجه نسر لاربعتها

إنجيل متى بالإنسان، أي يُرمز لإنجيل متى بوجه الإنسان للكاروبيم (فإنجيل متى أكثر من تكلم عن المسيح كإبن للإنسان)ويرمز لإنجيل مرقس بوجه الأسد (فإنجيل مرقس مهتم بإبراز قوة المسيح للرومان)ويرمز لإنجيل لوقا بوجه الثور (فهو يبدأ بالكهنوت، كهنوت زكريا الذي يشير لشفاعة المسيح لذلك ظهر الملاك لزكريا عند مذبح البخور بعد ان قدم ذبيحته علي مذبح المحرقة رمزا للصليب ،وهذا هو الطقس اليهودي ‘ رمزا لعمل المسيح الذي صار يشفع فينا بعد صليبه)وإنجيل يوحنا يرمز له بوجه النسر (إذ يحدثنا عن لاهوت المسيح).

وعن طريق الأربعة الأناجيل نعرف المسيح، وبهذا نتحول لمركبة كاروبية ويرتاح الله فينا.ومن يرتاح الله فيه يحيا إلى الأبد، لذلك فمعرفة الله ومعرفة يسوع المسيح هي حياة أبدية.والمعنى أنه من خلال المعرفة التي نحصل عليها من الأناجيل تصير حياتنا مركبةتحمل فيها الله.

ويكمل في الوصف الرمزي 

1: 11 فهذه اوجهها اما اجنحتها فمبسوطة من فوق لكل واحد اثنان متصلان احدهما باخيه و اثنان يغطيان اجسامها 

وهذا وصف للاناجيل المشتعله باللاهوت وتنقي الانسان وتنير كالمصابيح 

ووصف الاجنحه مبسوطه اي تعمل باستمرار ولا تنطوي

متصلان اي متفقه في الروح وتكمل عمل بعضهم بعض 

يغطي اجسامهم لان فيها امور مخفيه 

1: 12 و كل واحد كان يسير الى جهة وجهه الى حيث تكون الروح لتسير تسير لم تدر عند سيرها

فهو يتكلم عن الرؤي الروحيه وكل كلمه هنا لها معني رمزي ولكن لن يسع هذا الملف لشرحها بالتفصيل 

1: 13 اما شبه الحيوانات فمنظرها كجمر نار متقدة كمنظر مصابيح هي سالكة بين الحيوانات و للنار لمعان و من النار كان يخرج برق

هذا عن عمل الاناجيل وكلمة الرب وهذا الشرح جاء مطابقا لما وصفه ايضا سفر الرؤيا 4 عن الاناجيل . 

 ايضا نبوة عن الاناجيل وبخاصه انجيل متي واستخدمة كلمة انجيل في السبعينية بانها ستحمل الاخبار السارة عن المسيح وتتميمه للخلاص

 "على جبل عال اصعدي يا مبشرّة (مقدّمة الإنجيل) لصهيون" (إش 40: 9)؛ 

"ما أجمل على الجبال قدميّ المبشّر المخبر بالسلام (المخبر بإنجيل السلام)، المبشّر بالخير، المخبر بالخلاص، القائل لصهيون قد ملك إلهك" (إش52: 7). 

وكما قلت هذا يوضح لنا ان الاناجيل ومنهم انجيل متي يفهم علي انه بشري مفرحة لصهيون اي اليهود عن تتميم الخلاص وان المسيا المنتظر قد ملك بالفعل وهذا هو الغرض منه . فاهميتها ليس لمقارنة كل انجيل بالاخر ولكن هي قدّمت لنا حياة السيّد المسيح على الأرض، هذا الذي هو مشتهى الأمم، مخلّص الكنيسة وعريسها، وموضوع لهجها ليلاً ونهارًا. لكن ما نوَد تأكيده أن الأناجيل ليست سجّلاً تاريخيًا يعرض حياة السيّد المسيح، إنّما قدّم ما هو أعمق من التاريخ، قدّم لنا "شخص المسيح" لنقبله فينا ونحيا به ومعه، نشاركه آلامه وأمجاده؛ لهذا ركزت الأناجيل على فترة وجيزة من حياته واحتلت أحداث الأسبوع الأخير من دخوله إلى أورشليم حتى قيامته ما يوازي ثلث الانجيل او اقل بقليل  

20 ايضا اثناء قراءة انجيل متي ومقارنته ببقية الاناجيل يجب ان نضع في الاعتبار انه ليسوا نسخ متطابقة ولا لما كان لنا حاجة لاربع اناجيل ولكن لنا حاجة لتكون اربعه لان العالم اربع اتجاهات كما وضحت النبوات واربع رياح اي لتواجه كل افكار العالم وفلسفاته 

وايضا تشبيه جميل ذكره العلامة اوريجانوس عن الاربع اناجيل وتشابهها واختلافها وهو تشبيه بالقيثارة الواحدة ذات الأوتار المتنوّعة لتقديم سيمفونيّة جميلة ومتناسقة، إذ يقول: [كما أن كل وتر من أوتار القيثارة يعطي صوتًا معينًا خاصًا به يبدو مختلفًا عن الآخر، فيظن الإنسان غير الموسيقي والجاهل لأصول الانسجام الموسيقي أن الأوتار غير منسجمة معًا لأنها تعطي أصوات مختلفة، هكذا الذين ليس لهم دراية في سماع انسجام الله في الكتب المقدّسة يظنون أن الأناجيل غير متفقة مع بعضها البعضأما المتعلّم موسيقى الله كرجل حكيم في القول والفعل يُحسب داود الآخر، إذ بمهارة تفسيره يجلب أنغام موسيقى الله متعلمًا من هذا في الوقت المناسب أن يضرب على الأوتار، تارة على أوتار الناموس وأخرى على أوتار الأناجيل منسجمة مع الأولى، فأوتار الأنبياءوعندما تتطلّب الحكمة يضرب على الأوتار الرسوليّة المنسجمة مع النبويّة كما في الأناجيلفالكتاب المقدّس هو آلة الله الواحدة الكاملة والمنسجمة معًا، تعطي خلال الأصوات المتباينة صوت الخلاص الواحد للراغبين في التعليم، هذه القيثارة التي تبطل عمل كل روح شرّير وتقاومه كما حدث مع داود الموسيقار في تهدئة الروح الشرّير الذي كان يتعب شاول (1 صم 16: 14) 

وايضا تشبيه اخر باربع انهار من نبع واحد لا تتطابق الانهار معا ولكن تحتوي علي نفس نوعية المياه الحية لمن يريد وايضا تروي ارض مختلفة كفكر مختلف وفلسفة مختلفة وهذا هو عمل كلمة الله فمن يقف لا يريد ان يشرب ويكتفي بالاعتراض ان كل نهر يختلف مع الاخر في اتجاهه او عمقه في مناطق معينة او سرعته فهو لا يربح شيئ اما من يقف ويشرب من هذا الماء الحي هو الذي يفوز بالحياة الابدية. 

21 متي به تقريبا 1070 عبارة منهم 330 عبارة منفرده لا توجد في بقية الاناجيل و تقريبا 170 عبارة مشتركة في انجيل متي ومرقس  و 230 عبارة توجد في متي ولوقا و 340 عبارة مشتركة في الثلاثة اناجيل. وفي الاشياء المشتركة يقدم كل كاتب اسلوبه ولكن نفس الاطار العام بمعني يشبه كتبة الوحي بقيادة الروح القدس اقلام في يد الله فيمسك الروح القدس مثلا قلم ازرق وخطوه سميك ولكن ما يكتبه الروح القدس لا يكون فيه خطأ لان اليد الذي يكتب هو يد الله بمعني متي البشير يقوده الروح القدس فيعبر باسلوبه وبيئته وثقافته وما رائي من وجهة نظره وما سمعه ولكن كل تعبيراته مساقة بالروح القدس فلا يخطئ في اي تعبير حتي لو كان كتبه باسلوبه. 

22 اخيرا انجيل متى ليس مرتب تاريخيا لان الترتيب الزمني للأحداث ليس هو الطريقة الوحيدة الواجب على المؤرِخ إتباعها.  فهناك الترتيب المنطقي، الذي يربط الأحداث بمسبباتها.  وهناك الترتيب النفسي الذي يخضع لتأثير الكاتِب، وتتمشى مع الغرض الذي لأجله كُتِبَوا لكن هو يعتمد علي التجميعات اكثر فهو يجمع وعظات ويجمع معجزات اكثر من الترتيب التاريخي فانجيل متي يسمي انجيل تدبيري اي انه عندما كان يريد أن ينقل إلينا فكرة معينة كان يميل إلى تجميع ما يتعلق بهذه الفكرة في مكان واحد. فمثلاً:

1) العظة على الجبل في إنجيل متى (الإصحاحات 5، 6، 7):

إنجيل متى نقل لنا تعاليم السيد المسيح بصورة كاملة في الموعظة على الجبل في ثلاثة إصحاحات متتالية وهي "الإصحاحات 5، 6، 7" وهو بذلك أراد أن يجمع لنا دستور الملك.  بالرغم من أن السيد المسيح لم يقل كل هذه التعاليم دفعة واحدة. فمعظم الآباء اتفقوا على أن السيد المسيح على الجبل ذكر "التطويبات" فقط.  ولكن القديس متى أراد أن يجمع دستور الملك.

2) معجزات السيد المسيح في إنجيل متى (إصحاح 8):

 عندما أراد القديس متى أن يكلمنا عن قيام السيد المسيح بعمل العديد من المعجزات، ذكر لنا 8 معجزات في إنجيله الإصحاح الثامن.  هذه المعجزات لم تحدث متتالية كما ذكرها البشير متى ولكنه قام بتجميعها..

3) أمثال الملكوت:

 القديس متى جمّع أمثالاً كثيرة عن الملكوت في إصحاح واحد هو (مت 13). وبالرغم من ذلك نلاحظ أن القديس متى لم يسجل كل أمثال الملكوت في (مت 13) فقد ذكر بعض الأمثلة عن الملكوت في إصحاحات أخرى مثل: مثل فعلة الكرم في (مت 20: 1- 16) - مثل الابنين ومثل الكرامين الأردياء في (مت 21: 28 – 44) - مثل عرس ابن الملك في (مت 22: 1- 14) - مثل العذارى (مت 25: 1- 13) - مثل الوزنات (مت 25: 14- 30).

4- تعاليم الرب يسوع لتلاميذه وُرِدَت مجمعة في (مت 10).

فلهذا يجب ان ندرك اننا لا نقراء سيره تاريخية ولكن معاني روحية لبعض وعظات ومعجزات واحداث حياة الرب يسوع المسيح. فإنه ليس غاية الإنجيل جمع وترتيب مادة عن حياة السيّد المسيح على الأرض، لكن غايته الشهادة بطرق مختلفة ومتكاملة عن حقيقة واحدة، يقدّمها الروح القدس نفسه كأسفار قانونيّة، أي بكونها كلمة الله المعصومة من الخطأفالكنيسة تعتزّ بالأناجيل معًا ككلمة الله الحيّة والفعّالة، التي وضعها الروح القدس لتعليمنا وتهذيبنا بطريقة فائقةلهذا لم يهتمّ الآباء بتجميع ما ورد في الأناجيل وترتيبها تاريخيًا، بقدر ما اهتموا بالكشف عن أعماق ما حمله كل إنجيل من سرّ حياة خفي وراء كلماته،  

 

محتويات السفر

إذ يتحدّث السفر عن المسيح الملك، جاءت محتوياته هكذا:

1. نسب الملك وميلاده ص 1-2

لقد أكّد متّى البشير خلال نسب السيّد المسيح حسب الشريعة اليهوديّة، أنه ابن داود من سبط يهوذا آخِر ملك من السبط الملوكي، بمجيئه انتهت سجلاّت الأنساب، إذ تحقّق هدفها ولا يمكن حاليًا أن يعرف يهودي أنسابه حتى آدم كما كان في أيام السيّد المسيح.

2. السابق للملك ص 3

كانت العادة الشرقية أن يوجد للملك سابق يهيئ له الطريق. هكذا جاء يوحنا المعمدان الملاك الذي يهيئ الطريق للملك السماوي.

3. اختبار الملك ص 4: 1-11

دخول السيّد مع الشيطان في معركة على الجبل ليغلب، فيهب كل شعبه روح الغلبة والنصرة.

4. إعلان الملك ص 4: 12-25

أعلن ملكه السماوي مُقامًا على الأرض.

5. دستور الملك ص 5-7 

"الموعظة على الجبل"، الدستور الذي يعيش على أساسه الشعب ليتهيّأوا للحياة السماويّة، ويتمتّعوا بالملكوت.

6. خدمة الملك ص 8-11: 9

إذ أعلن دستوره لشعبه مارس خدمته مع كل المحتاجين، مبتدئًا هنا بتطهيره الأبرص ولمسه ليؤكّد أنه جاء من أجل المرذولين والمنبوذين، وأن الأبرص لن ينجس السيد. ثم شفي خادم قائد المائة ليُعلن أنه جاء بالأكثر من أجل الخدم والعبيد لا يحتقّر إنسانًا لسبب أو آخر.

7. رفض الملك ص 11: 10 – ص 20

خاب أمل اليهود فيه إذ كانوا ينتظرون فيه ملكًا بمفهوم زمني يسيّطر ويملك ويُقيم دولة صهيونيّة تحكم العالم. اختلفت خدمته عمّا في أذهانهم ليفتح الباب للأمم. 

8. دخول الملك ص 21-25

دخوله الرسمي إلى العاصمة ليملك على الصليب بعد كشفه عن المفهوم الإنجيلي للملكوت. 

9. موت الملك وقيامته ص 26-28

ملك الرب على خشبة، وقام لكي يُقيم المؤمنين أعضاء في مملكته السماويّة.

 

والمجد لله دائما