لماذا تفل السيد المسيح ولم يكتفي باللمس؟ مرقس 7: 33 ومرقس 8: 23 ويوحنا 9: 6



Holy_bible_1



الشبهة



يتسائل البعض لماذا لجأ السيد المسيح لاسلوب ان يتفل في صنع بعض المعجزات بدل من ان يكتفي بكلمة او وضع اليد فقط كما فعل في غيرها من المعجزات



الرد



الحقيقه ما فعله المسيح قد يبدوا لبعضنا في هذا الزمن الحديث امر غريب الي حد ما ولكن في هذا الزمان منذ الفين سنه هو امر معتاد الي حد ما بل بالفعل له فائدة طبية قليلة ولكن معروفة

وساقسم الرد تاريخيا

وسياق المعجزات

والمعني الروحي



اولا تاريخيا

كان يستخدم اللعاب في الماضي في علاج بعض الامراض وبخاصه اللعاب في الصباح الباكر قبل شرب المياه لأنه يكون مركز الذي كان يستخدم في علاج القرح والدمامل والالتهابات الجلدية لما فيه من انزيمات قاتلة للبكتيريا.

بل وكان ولا يزال في بعض المناطق يستخدم لعاب البقر في علاج امراض في فروة الرأس

وقد كتب بعض الاطباء الاغريق مثل سيلسوس وجاليان عن دور اللعاب في علاج الدمامل والام المفاصل والقرح واثار عضة الثعبان بعد انتزاع السم وبعض انواع الصرع وايضا انواع من امراض العيون

وهذا جاء في كتاب

Its use in the treatment of boils, pains, sores, snake bites, epilepsy and eye diseases.

Celsus, De Medicina V, 28, 18B; Galen, On the Natural Faculties, III, VII, 163; Pliny, Nat. Hist. 28. 7. See also 28. 4, 22.



فاللعاب به مواد مطهره تصلح في الماضي في علاج هذه الانواع من الامراض لما فيه من مضادات للبكتيريا وغيرها.

واستخدام اللعاب في امراض العيون كان مشهور عند اليهود واليونان والرومان وايضا عند المصريين القدماء

وكتب هذا في كتب بعض الربوات اليهود القدامي مثل

BB 126b;

Shab. 14.14d; 18;

Sotah. 16d,37.



بل في زمن الامبراطور الروماني فيسباسيان سنة69 م كان يعالج بعض انواع العمي المؤقت (بسبب التهاب) باللعاب عن طريق ان يتفل شخص في عين المريض فيشفي وقيل عن شخص اتي للامبراطور وطلب منه ان يتفل في عينه ولما فعل شفي من عماه المؤقت

وهذا مسجل في كتابات قديمة مثل

Tacitus, Historia 4. 8; Suetonius, Vespasian, 7.



وايضا الطبيب الروماني القديم سيرينيوس سامونيكوس

Serenus Sammonicus

تكلم عن دور اللعاب في علاج امراض العين

De medicina praecepta: ‘Si tumor insolitus typho se tollat inani, Turgentes oculos uili circumline caeno’ (Serenus Sammonicus, De Med. Praec. 225, 226).



بل البعض لانهم لم يفهموا تركيب اللعاب ودوره اعتقدوا ان له مفعول سحري

مثلما كتب بليني

The best of all safeguards against serpents is the saliva of a fasting human being. But our daily experience may teach us yet other values of its use. We spit on epileptics (comitiales morbos) in a fit, that is, we throw back the infection. In a similar way we ward off witchcraft (fascinationes) and the bad luck that follows meeting a person lame in the right leg.'

وهذا في

Pliny, Nat. Hist. 28.7.35

وقال بليني ايضا انه كانت العادة ان يتم البصق ثلاث مرات علي الارض ويكون عجينة طينية ويعالج بها القرح والالتهابات بشرط ان يكون لعاب انسان صائم

Pliny, Nat. Hist. 28. 7

ولكن هذا كان جهل منهم لمفعوله الطبي الحقيقي وليس السحري. فهو بالفعل يصلح في الماضي في علاج أصابات بسيطة وبالفعل كان يشفي هذه الأشياء البسيطة فكانوا يظنوا انها سحر رغم انه مفعول طبي.

هذا بالاضافة الي استخدام اللعاب في علاج بعض انواع الالتهاب وهم كانوا يخلطوا بينها وبين اللبس الشيطاني والعين الشريرة

( نفس الكتاب السابق صفحة 120 )

وايضا تكلم بليني عن استخدام اللعاب في علاج بعض امراض الازن وبخاصه التي تكون جافة بسبب وجود جسم غريب فيها وملتهبة

Nat. Hist., 28. 7

ولكن للأسف كان يخلطوا بين الصحيح للخطأ

فكان الذي يصاب بالصرع كان من اساليب العلاج ان يبصق على صدره ثلاث مرات

Theocritus, Idyll, VI, 39



وكان يعتبر اللعاب هو امتداد للشخص وقوته extended personality في هذا الوقت

ولهذا كان يبحث الشخص المصاب عن اناس قوي او ذو سلطان ومهابة او له اعمال مشهوره مثلما حدث مع فسباسيان

بل حتى هذه الايام لا يزال في الطب الأيرلندي الشعبي يستخدمون اللعاب في الصباح لشخص صائم بمزجه ببعض الطمي لالتهاب العيون عن طريق طلي العيون بها خارج الجفن بالطبع ويقولون

Nothing beats the fasting spittle for blindness”.



وايضا في كردوفان يخلطون اللعاب بالرمل الناعم ويوضع علي مقدمة الراس او علي جانبي الانف من الخارج لعلاج صداع والتهاب الجيوب الانفية

وهذا مكتوب في

R. Selare, ‘A Collection of Saliva Superstitions’ Folklore 50. 4 (1939) p. 350



وليس الطب الشعبي فقط بل ايضا الطب الحديث فمثلا في هولندا نشر بحث بعنوان الخواص الطبية العلاجية للعلاب بما فيه من مادة الهستاتين histatin

بالإضافة الي بروتينات تحتوي على مضادات حيوية تقتل البكتيريا مثل lysozyme

وايضا وجود مواد مخدرة طبيعية تقلل من الالم مثل opiorphin

فهو خليط يحتوي على مضادات للبكتيريا ومضادات للفطريات وضد الالتهاب

antibacterial, antiviral, anti-fungal, and anti-inflammatory agent

وهذا في

2001 American Dental Association

ولكن بالطبع نتكلم عن تركيزات قليلة جدا فمفعولها محدود ولكن في عدم وجود ادوية يكون هذا له مفعول بسيط ولكن أفضل من لا شيء. فما فعله المسيح ليس يشبه السحر ولكن لما له فاعلية وأيضا لأنه مقبول بيئيا في هذا الزمان.

واخيرا لا اقصد ان اطيل في هذا الجزء ولكن فقط اريد ان اشير الي ان ما فعله المسيح حتى لو بدى لنا هذه الأيام غريب وغير متعود عليه ولكن في هذا الزمان الذي لم يكن فيه قطرة عين او مراهم للالتهابات الجلدية استخدام اللعاب لما له من تاثير لم يكن بأمر غريب بيئيا في هذا الزمان وايضا من الناحية الطبية ليس خطأ لان له تأثير ضعيف ولكن بالطبع لا يكفي لشفاء اعمى منذ ولادته

ولكن ما يهم هو ما قصده الرب يسوع وهذا في الجزء الثاني



سياق المعجزات

لاحظت ان في الثلاث معجزات التي استخدم في السيد المسيح اسلوب ان يتفل كان لمعاقين منذ ولادتهم

انجيل مرقس 7

7: 31 ثم خرج ايضا من تخوم صور و صيدا و جاء الى بحر الجليل في وسط حدود المدن العشر

7: 32 و جاءوا اليه باصم اعقد و طلبوا اليه ان يضع يده عليه

7: 33 فاخذه من بين الجمع على ناحية و وضع اصابعه في اذنيه و تفل و لمس لسانه

7: 34 و رفع نظره نحو السماء و ان و قال له افثا اي انفتح

7: 35 و للوقت انفتحت اذناه و انحل رباط لسانه و تكلم مستقيما

تفل اي اخرج مادة من المسيح تمثل قوة الي هذا الشخص لتشفيه

هذا الانسان اعقد اي هو يقدر ان يتكلم بصعوبه ولكن ثقيل اللسان جدا بسبب انه اصم منذ ولادته فهو لم يسمع الكلمات لكي ينطقها جيدا فلسانه اعقد

فالملاحظة الاولي انه به العيب منذ ولادته

والمسيح استخدم معه طرقًا ملموسة، لأنه وهو أصم لا يستطيع أن يسمع كلام الرب. فالسيد وضع إصبعه في أذنيه ليشعر المريض بإصبعه أي قوته الشافية وتفل ولمس لسانه ليؤمن أن هناك قوة حسب المفهوم في هذا الزمان ستاتي اليه لتفك لسانه.

وهذه المعجزة مركبة فهو لانه اصم لا يفهم معني الكلام وليس عنده الخبرة الكلامية التي تتكون منذ الطفولة وبسبب الصمم هو اعقد فلا يعرف كيف ينطق ايضا الكلمات ومخارج الالفاظ

فالرب يسوع شفا الصمم

شفا ربط لسانه

اعطاه خبرة السمع التي لم يكونها منذ الطفولة

اعطاه تدريب الكلام التي لم يتمكن ان يفعله منذ الطفولة (تكلم مستقيما)

فهو لم يشفي مرض فقط بل عيب خلقي مضي وقت شفاؤه فهو حتي لو كان له رجاء ان يشفي بوسائل طبيعية لما كان له انت يتكلم مستقيما بهذه السرعه فهو سيحتاج وقت طويل جدا ليكتسب هذه الخبرة

فهو ايضا لهذا الاعقد الاصم لانه لم يسمع من قبل لايعرف النطق ولا الكلام والمسيح لم يشفي اذنه فقط بل اعطاه خبرة الكلام التي لم ينشاها من الطفولة فهو تكلم مستقيما رغم انه لم يعرف ما هو الكلام اصلا فكل هذا من عمل الخالق .

فالمسيح استخدم معه وسيلة مادية هو لا يتعجب منها ولكن ليؤكد بالحواس انه شفي بمعجزة خارقة وبقوة الهية.



المعجزة الثانية

انجيل مرقس 8

8: 22 و جاء الى بيت صيدا فقدموا اليه اعمى و طلبوا اليه ان يلمسه

8: 23 فاخذ بيد الاعمى و اخرجه الى خارج القرية و تفل في عينيه و وضع يديه عليه و ساله هل ابصر شيئا

تفل في عينه اي مادة تخرج من المسيح الي عيني الاعمي تعطي اعضاء بصرية جديدة فلهذا قال الكثير من الاباء والمفسرين انه اعمي منذ ولادته

ووضع يديه علي عينيه بمعني انه وضع يد علي كل عين بلمسة شافية وخالقة فالمسيح بهذا خلق له اعين أو خلق له بصر. فواضح من هذا التعبير انه العيب الذي في عينية متساوي فهو لم يصاب في عين واحده او المشكله في الراس مثلا نتيجة صدمه او غيره ولكن واضح ان العيب في العينين بطريقة متساوية مما يرجح أكثر ان العيب خلقي في الاثنين

والملاحظة الثانية ان في هذه المعجزة ايضا هو به العيب منذ ولادته

ثم ساله المسيح رغم انه يعرف جيدا الاجابه ولكن هدف السؤال شيئين

اولا ان يبذل الرجل مجهود ليفعل شيء لم يتعود علي فعله من قبل وهو ان يرفع جفونه ويتطلع بعينيه وفي هذا توضيح اكثر انه اعمي منذ الولاده بل قد يوضح ان العيب الخلقي كان ممتد الي التطلع فهو لم يكن متعود علي التطلع من قبل

ثانيا ليعلن انه لايعرف ماذا يري اي انه ليس له خبره بصرية علي الاطلاق وهذا ندرسه في العدد التالي
24
فَتَطَلَّعَ وَقَالَ: «أُبْصِرُ النَّاسَ كَأَشْجَارٍ يَمْشُونَ».

فهو بذل مجهود لكي يبصر وعندما أبصر لم يعرف يفرق بين منظر الناس والشجر لأنه اصلا لا يعرف الفرق بين الناس والشجر

البعض قال طبيا ان هذا استجماتزم فيري الاشياء طويله ولكني غير مقتنع لانه لانه لم يقل الناس طويلة كالاشجار ولكن كاشجار يموشون

فهو لم يعرف صورة الاشجار بمعني ان الطفل يكون الخبرة البصرية منذ الولاده فعندما يقال له برتقاله هو يتعرف عليها بحواسه فاول حاسه هو ينظرها فيراها كروية ولونها برتقالي ثم يلمسها ويتعرف عليها باللمس ويشمها ويتذوقها ويسمع من والديه ان اسمها البرتقاله فهو يكون خبرته بحواسه ولكن لو كان اعمي منذ ولادته فهو سيتعرف عليها بالسمع واللمس والتذوق والشم ولكنه لو أبصر فجأه وشهاد برتقالة من مسافة لن يمكنه ان يتعرف هل هذه برتقاله ام شيئ اخر لانه ليس لديه خبرة بصرية ولا يعرف الالوان

فنحن عند ولادتنا، تنفتح عيوننا وتسجل كل الصور التي نراها في ذاكرة المخ، وحين نرى شخص أو أي صورة ترسل العين هذه الصورة إلى المخ ليبحث في ذاكرته عن ماذا تعني هذه الصورة؟ ولمن هذه الصورة. وهذا يفسر لنا قول الأعمى حين إنفتحت عيناه أنه يرى الناس كأشجار يمشون. هو في الواقع بدأ يرى أشياء، ولكن ذاكرته ليس بها شيء، فهو لا يعرف الفرق بين شكل الرجل وشكل الشجرة إذ لم يراهما من قبل ولم تسجل ذاكرته أي صورة من قبل.

فلهذا هذا البصير عندما تطلع لم يعرف الفرق بين مشي الناس واهتزاز الشجر من بعيد . فهذا يؤكد هذه النقطه انه ليس عنده خبرة بصرية . والمسيح ساله رغم ان المسيح يعلم ذلك جيدا ليجعله يعلن انه لايعرف الفرق بين صورة الانسان وصورة الشجرة

قيل انه من أصعب الاشياء ان تصف الالوان لاعمي منذ ولادته فهو شبه مستحيل فان اردت ان تقول له هذا لونه ابيض فماذا هو الابيض؟

وان ارد ان تقول له ان الشجرة خضراء فماذا هو اللون الاخضر فهو لايعرفه لانه لم يبصره من قبل ليعرف ما هو كينونة اللون الاخضر ويتكون عنده هذا في الذاكره البصرية

فعندما اعلن ذلك بوضوح صنع المسيح الجزء الاكبر من المعجزة وهو ليس ان يشفي اعمي فقط بل ان يعطيه خبرة بصرية لم توجد عنده من قبل

فيقول
25
ثُمَّ وَضَعَ يَدَيْهِ أَيْضًا عَلَى عَيْنَيْهِ، وَجَعَلَهُ يَتَطَلَّعُ. فَعَادَ صَحِيحًا وَأَبْصَرَ كُلَّ إِنْسَانٍ جَلِيًّا.

وهنا اتسائل من في التاريخ كله اعطي الخبرات البصرية لأعمى منذ ولادته؟

هذه الامر حدث مره واحده وهي عندما خلق الله ادم لان ادم عندما خلق لم تكن لديه بالفعل خبره مسبقة بالاشياء ولم يتعلمها من والديه ولكن ولد بها فقد اعطاها له الله في خلقه ولهذا يقول لنا سفر التكوين انه ليري

سفر التكوين 2

2: 19 و جبل الرب الاله من الارض كل حيوانات البرية و كل طيور السماء فاحضرها الى ادم ليرى ماذا يدعوها و كل ما دعا به ادم ذات نفس حية فهو اسمها

2: 20 فدعا ادم باسماء جميع البهائم و طيور السماء و جميع حيوانات البرية و اما لنفسه فلم يجد معينا نظيره

فمن اعلمه بهذا غير الرب الخالق؟ وهو الرب ايضا الذي يخلق عينين للاعمي وايضا يعطيه هذه البصيره اي خبرة البصر التي لم تتكون عنده لانه لم يري من قبل

واعطاؤه هذه البصيرة تمت عن طريق اللمس ايضا فنقل له هذه الخبرة والذاكره

ام مهم العارفين بالتركيب النفسي والعصبي للاطفال ومراحل الكبر يعرفون ان يوجد امور في الذاكرة ووظائف المخ تتوقف عن سن الثانية عشر ولكن هذه الحدود لم تمنع المسيح ولا يقف امامه اي حائل لأنه هو الخالق.

ويقول جعله يتطلع = اي حتي القدره علي حركة العينين والتطلع لم يكن يعرفها من قبل فالمسيح حتي هذه اعطاها له

ولهذا فهو عندما جلعه يتطلع أبصر كل انسان جليا فهو حتى الناس بدا يتعرف عليهم رغم انه لم يكن يعرف صورتهم من قبل

وأيضا هو منذ ولادته وأيضا استخدم الرب يسوع المسيح وسيلة مادية هو لا يتعجب منها ولكن ليؤكد بالحواس انه شفي بمعجزة خارقة غير مرئية ولكن نتائجها مرئية.



المعجزة الثالثة التي استخدم فيها اسلوب التفل

انجيل يوحنا 9

9: 1 و فيما هو مجتاز راى انسانا اعمى منذ ولادته

9: 2 فساله تلاميذه قائلين يا معلم من اخطا هذا ام ابواه حتى ولد اعمى

9: 3 اجاب يسوع لا هذا اخطا و لا ابواه لكن لتظهر اعمال الله فيه

9: 4 ينبغي ان اعمل اعمال الذي ارسلني ما دام نهار ياتي ليل حين لا يستطيع احد ان يعمل

9: 5 ما دمت في العالم فانا نور العالم

9: 6 قال هذا و تفل على الارض و صنع من التفل طينا و طلى بالطين عيني الاعمى

9: 7 و قال له اذهب اغتسل في بركة سلوام الذي تفسيره مرسل فمضى و اغتسل و اتى بصيرا

وايضا هو اعمي منذ ولادته والمسيح امده بلعاب يخرج من فم المسيح ليخلق له اعضاء جديدة ويعطيه البصر والبصيرة أيضا. هذا يشبه شفاء الالتهاب ولكن المسيح استخدم وسيلة معروفة في وقتهم لكن ليقوم بمعجزة خلق بصر

هذه عملية خلق أو هي خلقة تصحيحية. فالمسيح هنا يخلق عينين (تك7:2+ أش8:64) كأن عجنة الطين التي خُلِقَ منها الأعمى عادت ليد خالقها الأول يشكل لها من ذات الطين عينين (أر18). ولعاب المسيح يصنع شفاء فهو ينقل من المسيح سر الحياة الجسدية والسليمة والكاملة فهو حي ومحيي وكل جزء من جسده فيه حياة وشفاء فجسده متحد بلاهوته المحيى. إذهب إغتسل في بركة سلوام= وكان على الأعمى أن يؤمن ويطيع ويغتسل ولو فكر لإمتنع فلو إغتسل لسقط الطين. وبركة سلوام هي بركة تستمد مياهها من نبع عالٍ اسمه حاليًا "نبع مريم" وقد حُفِرتْ البركة بقصد توصيل المياه داخل أسوار أورشليم خلال قناة تحت الأرض ليكون هناك مياه في أورشليم أثناء حصارها. وربما حفرت من أيام سليمان. ومعنى كلمة سلوام= المرسل لأن مياهها مرسلة من مكان آخر، وليست نابعة من مكانها، بل منحدرة ومرسلة إليها من نبع آخر أعلى كأن المسيح يقول أن من يشفي الأعمى أي المسيح نفسه هو مرسل من الله.



فنجد ان المسيح في الثلاث معجزات التي كان بها الاشخاص عيب منذ ولادتهم يوضح فيهم انه هو الخالق الذي جاء ليصحح ما أفسدته الخطية وليظهر أن هذه هي رغبة الآب. فهو يقدر ان يشفي بكلمة ولكن استخدم اللعاب اثباتا لأنه الخالق وهو الذي بالمادة خلق الانسان.

فهو الخالق الذي لا يمد بالبصر والسمع والنطق بشفاء العين والاذن واللسان بل الخبرة البصرية والسمعية والنطقية

فهذا يشهد له ان الذي خلق ادم من تراب ونفخ فيه نفس حياة

سفر التكوين 2: 7


وَجَبَلَ الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ تُرَابًا مِنَ الأَرْضِ، وَنَفَخَ فِي أَنْفِهِ نَسَمَةَ حَيَاةٍ. فَصَارَ آدَمُ نَفْسًا حَيَّةً.

هو الذي يصحح مرة ثانية ثمن الخطية ولهذا كان يجب ان يستخدم المسيح اللعاب ليخرج من فمه ويكون مناسب للشفاء والخلق وايضا لتشكيل التراب لاعضاء جدية يخلقها سليمة

وفيه ملائمة لأنها وسيلة بيئية معروفة ومقبولة في هذا الزمان ولكن يضيف عليها من قوته تأثير اعجازي.

هل فيها تشابه مع سحر؟ الإجابة لا فهي وسيلة بيئية فعالة الى حد ما في حالات بسيطة وهم فقط لم يكونوا يعرفوا التأثير الطبي للعاب ولكن أيضا لم نسمع عن شخص شفى اعمى منذ ولادته باللعاب

انجيل يوحنا 9

32 مُنْذُ الدَّهْرِ لَمْ يُسْمَعْ أَنَّ أَحَدًا فَتَحَ عَيْنَيْ مَوْلُودٍ أَعْمَى.
33
لَوْ لَمْ يَكُنْ هذَا مِنَ اللهِ لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَفْعَلَ شَيْئًا».



المعني الروحي

بسبب الخطية دخل الموت ودخل المرض والألم إلى العالم بعد أن فقد وضعه الطبيعي مع الله، فصارت أي جرثومة قادرة أن تهلك الإنسان. وربما يكون هذا عن إهمال من الإنسان أو لشئ خارج عن إرادته مثل هذا الأعمى فهو قد ولد هكذا. ولكن نلاحظ أن الله في محبته يعوض الذي ينقصه حاسة بقدرات زائدة في باقي حواسه، بل يحنو الله نفسه عليه. ويكون السؤال أيهما الأفضل أن يولد الإنسان بكامل قدرات جسمه أو بنقص معين في جسمه وحنو زائد من الله. ولقد قال الأنبا أنطونيوس للقديس ديديموس الضرير (طوباك يا ديديموس إذ خسرت عينين ترى بهما التراب ولكن لك عينين ترى بهما السماء) فالمسيح لا يعطي عطاء ناقصًا، بل كل ما يسمح به لي هو لخلاص نفسي (1كو22:3)

وايضا الاعقد الاصم المسيح يضع إصبعه في أذنيه، أي يرسل روحه القدوس الذي يُسمى إصبع الله (خر 8: 19)، ليفتح الأذن الداخلية، فتسمع الصوت الإلهي عاملًا فيها.

أما كونه قد تفل ولمس لسانه، إنما ليشير إلى عطية الحكمة الإلهية التي وهبها السيد للبشرية لكي تنطق بأعمال الله وحكمته. أما تطلع السيد إلى السماء بأناتٍ، فلكي يعلن أن ما يقدمه هو عطايا سماوية يرفضها الجسدانيون.

والاعمي الذي اخرجه خارج القرية ولان هذه القرية رمز للشر فالمسيح لا يريده ان يعود اليها كما يطلب باستمرار من ابناؤه علي ترك اماكن الشر وايضا طلب منه ان لا يخبر احد معلنًا له أن ما فعله كان من أجل المحبة، وليس عن حب للمديح أو طلب مجد من الناس.

عند شفاء الأعمى استخدم السيد التفل في عينه، ووضع يديه عليه، بالعمل الأول أشار إلى الحكمة الخارجة من فيه، وبالثاني أشار إلى حاجته لليد الإلهية أو الإمكانيات الربانية للعمل، وكأن استنارة البصيرة الداخلية لا تقوم على الحكمة مجردة عن العمل، ولا على العمل المجرد عن المعرفة أو الحكمة الإلهية. استنارتنا الداخلية تقوم على التمتع بالشركة العملية مع الله في المسيح يسوع، فننعم بمعرفته ونسلك بروحه. بمعنى آخر إيماننا ليس فكرًا عقلانيًا نعتنقه، ولا سلوكًا أخلاقيًا نمارسه، إنما هو حياة متكاملة تنبعث عن الإيمان الحيّ العامل بالمحبة،



والمجد لله دائما