ما أهمية ذكر حادثة دخول المسيح اورشليم على اتان في الأربع اناجيل

 

Holy_bible_1

 

الشبهة 

 

يتكرر كثيرا من المشككين مثل رحمة الله الهندي وديدات ولا زال يكررها المشككين المسلمين هذه الأيام وهو شبهة 

 ذهول بعض الإنجيليين عن ذكر أحداث هامة رغم اجتماعهم على ذكر أحداث لا قيمة لها.
ومن ذلك أن الإنجيليين أجمعوا على ذكر حادثة ركوب المسيح على الجحش وهو يدخل أورشليم، لكن الإنجيليين ذهلوا عن تسجيل أحداث مهمة، فلم يسجل أول معجزات المسيح - وهو معجزة تحويل الماء إلى خمر - على أهميتها إلا واحد منهم (انظر يوحنا 2/ 1 - 11)، فهل كان ركوب المسيح الجحش أهم من هذه المعجزة الباهرة؟!

وهل هو أيضاً أهم من معجزة إحياء لعاذر أمام الجموع الكثيرة التي آمنت به بعد ذلك، فقد ذهل عن تسجيله الإنجيليون فيما عدا يوحنا (انظر يوحنا 11/ 1 - 46).

 

الرد

 

الحقيقة المشككين الذين فقط يألفون شبهات لا أصل لها لو حادث ذكره انجيل واحد يقولون لماذا أهمله الثلاثة رغم انه لا يوجد اهمال بل تكميل ولو حادث ذكره انجيلين يقولوا لماذا اغفله انجيلين اخرين ولو ذكر حادث ثلاثة اناجيل يقولوا لماذا أهمله انجيل ولو حادث ذكره أربع اناجيل يقولوا لماذا التكرار وما اهميته.

فلو حادثة دخول المسيح اورشليم واستقبال الجماهير اليهودية له كان لم يذكر في انجيل او اثنين من الاربعة لتساءلوا لماذا حادث مهم مثل هذا اغفله انجيل او اثنين. 

فهذا هو مستوى المشككين الذين نتعامل معهم. 

الأناجيل لا تحكي لنا قصة كسرد تاريخي. بل الإنجيليين ليسوا مؤرخين، بل هم يقدمون فكرة معينة عن السيد المسيح فالاناجيل تكمل بعضها بعض وليست نسخ طبق الاصل وكل الاحداث مهمة ولكن لو حادث يحتاج عرضه من زاوية واحدة يكتفي الروح القدس بعرضها في انجيل واحد ولو يحتاج بعرضها من زاويتين او أكثر يعرضها انجيلين او أكثر بطريقة تكميلية 

لان الاناجيل كل منهم يقدم المسيح بطريقة هامة لزاوية معينة 

فإنجيل متى الذي يمثل المسيح الانسان ابن الانسان هو كتب لليهود ليوضح لهم ان يسوع هو المسيا المنتظر بحسب النبوات. هو ابن داود الملك، أتى ليؤسس مملكته وليخلص الناس. هو صار من نسل داود ليتمم الخلاص للناس. ويعرض سواء احداث من معجزات وامثال ووعظات ونبوات توضح هذا الجانب

وانجيل مرقس الذي يمثل المسيح القوي وهو كتب للرومان الذين يعشقون القوة، فنجده يبدأ إنجيله بكلمة بدء إنجيل يسوع المسيح ابن الله= كلمة إنجيل هي بشارة مفرحة. والملك الذي يبشر به هو ابن الله وليس ملكًا عاديًا. وكما يحدث مع ملوك الرومان، فحين يذهب ملك روماني إلى مكان ما يكون له رسول يمهد الطريق أمامه ليعلن مجيء هذا الملك فيستعد الناس للقائه. هكذا المسيح الملك كان له رسول ليوضح لهم قوة المسيح وانتصاره ويعرض سواء احداث من معجزات وامثال ووعظات ونبوات توضح هذا الجانب

وانجيل لوقا الذي يمثل المسيح الحمل المذبوح الشفيع وهو كتب لليونان ليوضح لهم الكهنوت والخلاص الحقيقي والعطاء والبذل ويعرض سواء احداث من معجزات وامثال ووعظات ونبوات توضح هذا الجانب

وانجيل يوحنا الذي يمثل الجانب اللاهوتي بعمق للمسيح ويكتب عن ابن الله للخليقة كلها فبينما تتكلم بقية الأناجيل الثلاثة عن ناسوته وميلاده مع توضيح انه المسيح ابن الله، يتكلم يوحنا عن لاهوته ومع أن بقية الأناجيل (متى/ مرقس/ لوقا) لم يخفوا هذه الحقيقة بل أعلنوها، لكن كانت حقيقة لاهوته هي هدف يوحنا الأساسي. فالمسيح ابن الله كما خلق الخليقة الأولى أتى ليجدد الخليقة. ويعرض سواء احداث من معجزات وامثال ووعظات ونبوات توضح هذا الجانب

 

المهم موقف دخول المسيح الى اورشليم قبل الصلب على اتان وهتاف الشعب له هذا هام جدا لان فيه عدة اعلانات 

اولا هو تأكيد لتحقيق النبوات عن المسيا ملك اليهود القوي العادل الوديع الفادي وهو الله المخلص

سفر زكريا 9

9 :9 ابتهجي جدا يا ابنة صهيون اهتفي يا بنت اورشليم هوذا ملكك ياتي اليك هو عادل ومنصور وديع وراكب على حمار وعلى جحش ابن اتان 

9 :10 واقطع المركبة من افرايم والفرس من اورشليم وتقطع قوس الحرب ويتكلم بالسلام للأمم وسلطانه من البحر الى البحر ومن النهر الى اقاصي الارض 

9 :11 وانت ايضا فاني بدم عهدك قد أطلقت اسراك من الجب الذي ليس فيه ماء 

9 :12 ارجعوا الى الحصن يا أسرى الرجاء 

ولهذا احتاج متى ان يوضح هذا الجانب لليهود

وبخاصة أن هذه النبوة بها عدة نقاط هامة 

1 تعرفنا بوضوح أن النبوة التي قاله زكريا النبي قبل المسيح بخمس قرون لم تنطبق على أي ملك الا الرب يسوع المسيح 

2 وتعرفنا ان اليهود أنفسهم أقروا انها نبوة عن المسيا 

3 تعرفنا ان النبوة توضح انه سيدخل متجه الى الهيكل وهذا حدث مع المسيح 

4 وتوضح انها ستحدث في توقيت مزدحم للهيكل أي في توقيت عيد الفصح 

5 وتوضح انه سيكون اتي لتحقيق العدل الإلهي وهذا حدث مع المسيح 

6 وتوضح انه سياتي للخلاص وهذا بالطبع عن المسيح 

7 وتوضح انه سيكون وديع وليس محارب وهذا بالطبع ينطبق على المسيح فقط 

8 وتوضح ان سيكون راكبا على جحش وهذا ما حدث مع المسيح فقط 

9 وتوضح انه سيكون معه الجحش حيوان اخر كبير من جنس الحمير وهذا ما حدث أيضا مع المسيح 

10 وتوضح ان الشعب سيهتفون له وهذا أيضا ما حدث مع المسيح 

فهي لوحدها كافية لتلخيص من هو المسيح وهدفه لليهود. ولهذا كان يحتاج متى البشير بقيادة الروح القدس ان يكتب هذه الحادثة الهامة

 

ثانيا اعلان قوة المسيح الملك القوي الذي يدخل في سلام لان الملوك الذين يأتون في حرب يركبون على حصان ولكن لو قادمين في سلام يركبون على اتان وهو ملك الملوك الذي خرج غالبا ولكي يغلب. 

ولهذا احتاج مرقس الرسول الذي يعلن عن المسيح القوي الملك ان يوضح هذا الجانب 

 

ثالثا لإعلان ان المسيح المخلص والفادي جاء ليخلص ما قد هلك وهو يقبل ان يكون الفداء بدم عهده وبدخوله اورشليم وقبولهم له يعلن هذا 

ولهذا احتاج لوقا البشير ان يوضح هذا الجانب 

 

رابعا لإعلان لاهوت المسيح انه الله المتواضع الظاهر في الجسد الذي اخلى نفسه وانه ليس الملك الأرضي فقط بل الملك السماوي العادل الذي يحرر أسرى الرجاء بنفسه

ولهذا يوحنا الحبيب احتاج ان يوضح هذا الجانب المهم.

ولكن لان المشككين الغير مسيحيين لا يدركون كل هذه المعاني وليس ورائهم الا تأليف شبهات لا أصل لها فصعب ان تصلهم هذه المعاني الروحية 

 

والامر الاخر ان هذه الحادثة هي مهمة في ترتيب احداث أسبوع الالام التي ذكرتها كل الاناجيل وبدون ذكر هذه الحادثة لن نعرف كيف أتى المسيح الى اورشليم وسيكون أسبوع الالام من بدايته مقتطع. بل لن نعرف بدقة لماذا كان رؤساء الكهنة يخافون ان يقبضوا عليه في العلن لان هذا الموقوف يوضح مساندة الشعب له. فهذا الموقف تاريخيا يوضح لماذا تسلسلت احداث القبض على المسيح بهذه الطريقة.

 

اما تحويل الماء الى خمر الهام جدا هو هام من جانب لاهوتي لإظهار لاهوت المسيح وبقوة لتحويل الماء لخمر أكثر من الجانب الناسوتي وأكثر من اظهار الملك القوي وأكثر من اظهار الذبيح ولهذا احتاج يوحنا اللاهوتي فقط ان يذكره. 

 

ونفس الامر عن إقامة لعازر فالمبشرين الثلاثة ذكروا معجزات إقامة موتي لإظهار ان يسوع هو المسيح وهو القوي وهو المخلص ولكن يوحنا ركز أكثر على هذه المعجزة لإظهار لاهوت المسيح للعالم كله ولهذا ذكر تفاصيل تفيد هذا الجانب 

فمعجزات التي ذكرها انجيل يوحنا وهم اقل بكثير من بقية الاناجيل فهم ذكروا معجزات

متى 18

مرقس 20

لوقا 19 

يوحنا 7 

وستجدهم في ملف

معجزات الرب يسوع المسيح من الاربع الاناجيل بطريقة متوازية

فهو لا يحتاج ان يذكر امثلة كثيرة كإثبات قدرة لأنهم ذكروا سابقا ولكن ركز على معجزات تثبت لاهوت المسيح بطريقة واضحة وإعلان سلطانه انه هو الله. 

 

فلهذا عندما ذكر الأربع اناجيل حادثة دخول المسيح اورشليم يوم أحد الشعانين غطوا كل الزوايا لان كلها مهمة كما وضحت. ولهذا كان مهم ان تذكرها الأربع بشائر رغم انهم لم يكتبوا كل معجزات المسيح. 

 

وقد شرحت أمور كثيرة هامة تاريخية ولاهوتية في هذه الحادثة في ملف 

هل المسيح دخل اورشليم على جحش واتان ولا جحش فقط؟

هل صراخ اليهود للمسيح اوصنا يثبت لاهوته؟ متي 21: 9 مرقس 11: 9-10 ويوحنا 12: 13

فلهذا لن احتاج ان اكررها هنا

ولكن نحتاج ان نعرف ان كل انسان لكي ينال الخلاص بدم المسيح محتاج ان يقول اوصنا أي هو شعنا أي يا يهوه خلصنا أي يهوه شوع أي يسوع المسيح خلصنا 

ولهذا نقول 

الجالس فوق الشاروبيم            اليوم ظهر في أورشليم

راكبا على جحش بمجد عظيم     وحوله طقوس ني أنجيلوس

فالمسيح اظهر في هذه الحادثة أيضا مثالاً حكيماً لحياتنا اليومية، فبالإضافة إلى الأمثلة العديدة لفقره وعوزه، يُظهِر لنا أنه لا داعي لأن يمتطي جواداً، بل يكفيه حمارٌ. فنحن في أي مكان ينبغي أن نقنع بما يكفي لاحتياجنا.

لم يستقل الرب مركبة كالملوك الآخرين، ولا طلب تعظيماً من الناس، ولا أن يلتفَّ حوله الضباط والحرَّاس، وفي هذا أيضاً يُظهِر الوداعة. وهنا في تاريخ اليهود: أيُّ ملكٍ حدث قط أن دخل أورشليم راكباً على أتان؟ لا أحدٍ فعل ذلك سوى الرب

وتوضح أيضا بعد ان الاتان والجحش رمز لليهود والأمم تغطوا بثياب الرسل وبعد هذا جلس عليهم المسيح التي تشير إلى تعاليم الرسل عن الفضائل الإنجيلية التي إن لم ترتديها النفس وتتزيَّن بها لا يمكنها أن تؤهَّل لأن يجلس الرب يسوع فيها.

ولكن ضع في ذهنك عزيزي فبعد ان درسنا كل هذا لن تستفاد شيء من سمعت هذا ان لم تقبل المسيح ربا ومخلصا وتؤمن بهذا ويكون ايمانك عامل بالمحبة شريعة ملك السلام 

 

والمجد لله دائما