الرد على كيف يتشاجر الرسل وأين عمل الروح القدس؟ اعمال 15: 39



Holy_bible_1



الشبهة



نقرأ في اعمال 15\39 فحصل بينهما مشاجرة حتى فارق أحدهما الاخر وبرنابا اخذ مرقس وسافر في البحر الى قبرس" فكيف هؤلاء الرسل الموحى إليهم يتشاجروا؟ وأين هو عمل الروح القدس فيهم ولماذا الروح القدس تركهم يتشاجروا؟



الرد



شرحت شبهات مشابهة سابقا في ملف

هل اختلاف الرسل هذا يثبت انهم ليسوا اصحاب وحي

وأيضا ملف

هل لم يؤمن المسيحيين الاوائل بعصمة الرسل

وباختصار سبب شبهة المشكك هو عدم فهمه لمفهوم عمل الروح القدس في المسيحية لأنه يؤمن من خلفيته بالوحي الاملائي الحرفي وأن النبي الذي يوحى اليه يكون معصم من الخطأ (مثل الاله لا يخطئ) ولكن هذا المفهوم خطأ تماما فالكتاب المقدس لم يقل ولا مرة ان هناك بشر معصومين سواء انبياء او رسل او تلاميذ (فيما عدا الرب يسوع فقط لأنه الله الظاهر في الجسد)

فالكل لهم أخطاء وضعفات وزلات والكل أخطأ واعوزه مجد الله

رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 3: 23

إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ،

مع ملاحظة ما أتكلم عنه هنا لا علاقة لها بالوحي المكتوب فانا أتكلم عن ارشاد روح الله القدوس للمؤمنين في حياتهم اليومية وليس كتابة الوحي.

ولو كان الوحي كتابات بشريه لما ذكر كل كاتب خطؤه وتوبته ولما ذكر اخطاء موسى وداود وإنكار بطرس لسيده، ولا غيره، فإن الحكمة البشرية تتستّر على هذه الأمور. غير أن الله هو إله الحق فيخبر بالحق لأنه هو مصدره ويوضح ان حتى اقوياء الايمان والانبياء والرسل لهم ضعفات فهم ليسوا الهة معصومين ولكن حتى لو اخطؤا يسرعوا بالتوبة وهذا يعطي تعزية لأي انسان مسيحي انه لو أخطأ لا يفقد الرجاء بل يتعلم من هؤلاء التوبة.

سفر ميخا 7: 8

لاَ تَشْمَتِي بِي يَا عَدُوَّتِي، إِذَا سَقَطْتُ أَقُومُ. إِذَا جَلَسْتُ فِي الظُّلْمَةِ فَالرَّبُّ نُورٌ لِي.

ولو كان بين الرسل تواطؤ على غش العالم، لانكشف في هذه الحالة التي حصل فيها هذا الاختلاف الفكري وكان كل واحد اتهم الاخر بالكفر وانه غير موحي له وغيرها من الامور التي نراها في الديانات الأخرى ولكن هذا لم يحدث فكان انتقاد على تصرف شخصي مع تأكيد وحي الله له انه امر يختلف عن تصرفاته الشخصية وضعفاته

والامتلاء من الروح القدس لا يعطل حرية الإرادة فالروح القدس بارشاده لا يلغي شخصية الانسان ولا يقوم بغسيل مخ وشخصية له ولكن يتفاعل مع الانسان ويرشده والانسان يقبل او يرفض. ولكن هذا الامر نسبي بمعنى ان الانسان الذي ليس له حساسية لسماع صوت الروح القدس لانه غير مؤمن هذا لا يسمع شيء وكل تصرفاته تكون بشرية بحته اما الانسان الذي بدأ طريق الايمان يبدأ يسمع لصوت الروح القدس باذنه الروحية ولكن لانه في اول الطريق يكون سمعه ضعيف ويخطئ اكثر وعندما يتوقى ويسلك في طريق القداسة ويتدرب ويكتسب الخبرة الروحية يتقوى عنه اذنه الروحية وحساسية السماع الروح القدس فيسمع اكثر وتكون اغلب تصرفاته لو سمع لارشاد الروح صائبة ولكن لا يوجد بشر يستطيل ان يصل الى 100% في تنفيذ ارشاد الروح القدس لأننا في نطاق الجسد الذي يشتهي ضد الروح

رسالة بولس الرسول إلى أهل غلاطية 5: 17

لأَنَّ الْجَسَدَ يَشْتَهِي ضِدَّ الرُّوحِ وَالرُّوحُ ضِدَّ الْجَسَدِ، وَهذَانِ يُقَاوِمُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ، حَتَّى تَفْعَلُونَ مَا لاَ تُرِيدُونَ.

وطالما نحن في الجسد، سيكون لنا إرادة قد تختلف مع إرادة الله وقد تتفق معه، وعندما يكون المؤمن قاوم جسده بشده واستمع لإرشاد الروح القدس وبخبرته الروحية يتأكد من هذا بالفعل يكون تصرفه بإرشاد الروح القدس وهذا تفسير قول الرسل:

سفر أعمال الرسل 15: 28

لأَنَّهُ قَدْ رَأَى الرُّوحُ الْقُدُسُ وَنَحْنُ، أَنْ لاَ نَضَعَ عَلَيْكُمْ ثِقْلاً أَكْثَرَ، غَيْرَ هذِهِ الأَشْيَاءِ الْوَاجِبَةِ:

وتفسير هذا أن الرسل اجتمعوا وتباحثوا في الأمر وتوصلوا لقرار بإرادة شخصية وبحرية، ثم صلوا بحرارة لفترة فأعلن الروح القدس لهم نفس ما توصلوا إليه.

فأكرر الروح القدس لا يلغي شخصية الانسان ولكن يرشده في اغلب المواقف لو كان الانسان له خبرة روحية يستمع في اغلب المواقف لإرشاد الروح ولكن البشر مهما وصلوا من قداسة والانبياء والرسل لا يستطيعوا ان يصلوا لمستوى سماع الروح القدس في امور حياتهم بنسبة 100%

الامر الثاني المهم وهو ان الروحي القدس يرشد في مواقف كثيرة ولكن ليس في كل صغيرة وكبيرة في حياة الانسان لان هذا ينتج شخص مدلل يعتمد على لبن الاطفال فقط ولكن الرب يريدنا ان نكون بالغين في الروح ونميز بين الخير والشر

رسالة بولس الرسول إلى العبرانيين 5:

12 لأَنَّكُمْ ­إِذْ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونُوا مُعَلِّمِينَ لِسَبَبِ طُولِ الزَّمَانِ­ تَحْتَاجُونَ أَنْ يُعَلِّمَكُمْ أَحَدٌ مَا هِيَ أَرْكَانُ بَدَاءَةِ أَقْوَالِ اللهِ، وَصِرْتُمْ مُحْتَاجِينَ إِلَى اللَّبَنِ، لاَ إِلَى طَعَامٍ قَوِيٍّ.
13
لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَتَنَاوَلُ اللَّبَنَ هُوَ عَدِيمُ الْخِبْرَةِ فِي كَلاَمِ الْبِرِّ لأَنَّهُ طِفْلٌ،
14
وَأَمَّا الطَّعَامُ الْقَوِيُّ فَلِلْبَالِغِينَ، الَّذِينَ بِسَبَبِ التَّمَرُّنِ قَدْ صَارَتْ لَهُمُ الْحَوَاسُّ مُدَرَّبَةً عَلَى التَّمْيِيزِ بَيْنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ.

مثل اي اب يريد ان يدرب ابنه ليصبح بالغ يعتمد على نفسه ويكتسب حكمة فلا يرشده في كل صغيرة وكبيرة بل يتركه يتعلم من بعض اخطاؤه

فبالرغم من ان بعض مواقف الحياة يتركنا الرب نتصرف لوحدنا بدون ارشاد الروح حتى نتقوى في التمييز وفي هذه المواقف حتى لو صلينا لا نسمع ارشاد الروح القدس لانه يكون تدريب واختبار ولكن مع هذا حتى لو تصرفنا لم يكن صحيح الرب قادر ان يحوله للخير لانه وعد وقال

رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 8: 28

وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ، الَّذِينَ هُمْ مَدْعُوُّونَ حَسَبَ قَصْدِهِ.

فالروح القدس يرشدنا في كثير من المواقف وبخاصة عندما يكون لنا خبرة روحية وحساسية لسماع صوته ونصلي وننتظر اعلان الرب ولكن في مواقف اخرى يتركنا بدون ارشاد ويراقب من بعد بما نصفه ان الرب اختفي

سفر المزامير 10

1 يَا رَبُّ، لِمَاذَا تَقِفُ بَعِيدًا؟ لِمَاذَا تَخْتَفِي فِي أَزْمِنَةِ الضِّيقِ؟

ولكن الرب يسمح بهذا ليكون هذا الموقف تدريب لابنه ليتقوى

رسالة يعقوب 1

1 :2 احسبوه كل فرح يا اخوتي حينما تقعون في تجارب متنوعة

1 :3 عالمين ان امتحان ايمانكم ينشئ صبرا

1 :4 واما الصبر فليكن له عمل تام لكي تكونوا تامين وكاملين غير ناقصين في شيء

ولكن الرب حتى لو أخطأ ابنه في هذا التدريب يعلمه الرب خطأه ولو تقبل يحول الرب هذا الموقف للخير في النهاية



في موقف معلمنا بولس الرسول ومعلنا برنابا الرسول

سفر اعمال الرسل 15

15 :36 ثم بعد ايام قال بولس لبرنابا لنرجع و نفتقد اخوتنا في كل مدينة نادينا فيها بكلمة الرب كيف هم

15 :37 فاشار برنابا ان ياخذا معهما ايضا يوحنا الذي يدعى مرقس

15 :38 و اما بولس فكان يستحسن ان الذي فارقهما من بمفيلية و لم يذهب معهما للعمل لا ياخذانه معهما

بولس الرسول رفض اصطحاب مرقس لأنه رجع في الرحلة الأولى لاي سبب لم يذكر فقد يكون لأنه كان لا يزال شاب صغير لم يتعود على رحلة شاقة كهذه فهي كانت اول رحلة له في اعمال 13: 23 او قد يكون امر طارئ غيره. وعاد من منتصف الطريق وهذا جعلهم ينقصون واحد مهم في التبشير من رسل المسيح. فبرنابا الرسول يرى في القديس مرقس وهو ابن اخته ان تدرب أفضل من المرة السابقة ويستطيع ان يحتمل مشقة السفر اما بولس الرسول لا يريد ان يترك أي احتمالية لحدوث معطل للتبشير.

تعبير لم يستحسن ηξιου اكسيوي هو معناه تبادل رأي وكل منهما يقدم اقتراح افضل

15 :39 فحصل بينهما مشاجرة حتى فارق أحدهما الاخر و برنابا اخذ مرقس و سافر في البحر الى قبرس

تعبير مشاجرة هو في اليوناني παροξυσμος باروكسيسموس تعني خلاف في الرأي سواء بمحبة او باحتدام ولا تعني صراع على الاطلاق فهي أتت في عبرانيين 10: 24 بمعنى تحريض على المحبة. أي انهم تناقشا في هذا الامر وبمحبة اختلفوا في الرأي فقرروا ان ينقسموا مجموعتين

15 :40 و اما بولس فاختار سيلا و خرج مستودعا من الاخوة الى نعمة الله

15 :41 فاجتاز في سورية و كيليكية يشدد الكنائس

فهم انقسموا مجموعتين بسبب خلاف الرأي. ولكن لم نجد أي منهما هاجم الاخر او قال أي شيء ضد الاخر بل نجد معلمنا بولس الرسول لاحقا صديق القديس مرقس ومعينين لبعضهم في الخدمة ونجد هذا في

رسالة بولس الرسول إلى أهل كولوسي 4: 10

يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ أَرِسْتَرْخُسُ الْمَأْسُورُ مَعِي، وَمَرْقُسُ ابْنُ أُخْتِ بَرْنَابَا، الَّذِي أَخَذْتُمْ لأَجْلِهِ وَصَايَا. إِنْ أَتَى إِلَيْكُمْ فَاقْبَلُوهُ.

رسالة بولس الرسول الثانية إلى تيموثاوس 4: 11

لُوقَا وَحْدَهُ مَعِي. خُذْ مَرْقُسَ وَأَحْضِرْهُ مَعَكَ لأَنَّهُ نَافِعٌ لِي لِلْخِدْمَةِ.

رسالة بولس الرسول إلى فليمون 1: 24

وَمَرْقُسُ، وَأَرِسْتَرْخُسُ، وَدِيمَاسُ، وَلُوقَا الْعَامِلُونَ مَعِي.

رسالة بطرس الرسول الأولى 5: 13

تُسَلِّمُ عَلَيْكُمُ الَّتِي فِي بَابِلَ الْمُخْتَارَةُ مَعَكُمْ، وَمَرْقُسُ ابْنِي.

وكما قال يوحنا ذهبي الفم

 ما نأخذه في الاعتبار ليس أنهما اختلفا في الرأي، وإنما تكيف الواحد مع الآخر متطلعين إلى أن صلاحًا أعظم يتحقق بمفارقتهما بعضهما البعض... ماذا إذن؟ هل افترقا في عداوة؟ حاشا! ففي الواقع نرى بعد ذلك مديح كثير لبرنابا في رسائل بولس. إنه نضال حاد ليس عداوة ولا خصام، أدى النضال إلى المفارقة بينهما. "وبرنابا أخذ مرقس..." بتعقل كل منهما رأى أن ذلك أنفع فلم يمتنع أحدهما عن الخدمة إذ وجدت شركة مع الآخر. إنني أحسب أن المفارقة قد تمت بروية، وكل منهما قال للآخر: "إذ أنا لا أرغب في هذا وأنت ترغب، لهذا لا نتخاصم، وإنما نوزع مناطق العمل". لقد فعلا هذا وخضع كل منهما للآخر. فقد أراد برنابا أن تنجح خطة بولس لهذا انسحب، ومن الجانب الآخر أراد بولس أن تثبت خطة برنابا فانسحب



اتي لنقطة اين ارشاد الروح القدس لهم. (ولا أتكلم عن الوحي ولكن إرشاد الروح القدس لهم في حياتهم اليومية وتصرفاتهم الشخصية)

سواء كان هذا قرارهم دون أن يستشيروا الروح القدس فهؤلاء مهما كانت مكانتهم هم بشر غير معصومين رغم انى لا اميل الى هذا. ولكن لو كانوا صلوا ولم يكن هناك اعلان واضح من الروح القدس فكل منهم احترم رأي الاخر وانسحب بهدوء عن الاخر لتكميل الخدمة أيضا الروح القدس حول قرارهم لخير الخدمة

وسبب بركة أكثر للتبشير حيث انطلق القديسان بولس وسيلا إلى رحلة كرازية ثانية، بينما انطلق القديسان برنابا ومرقس إلى رحلة كرازية أخرى، فتحول الخلاف لا إلى هجوم طرف على آخر، بل انطلاق الكل للعمل، كل فريق إلى مكان ليعمل الكل بروح الحب تحت قيادة روح الله القدوس الصالح، الذي يحول حتى الاختلاف في الرأي إلى نمو الكنيسة وبنيانها فكل الأشياء تعمل معاً للخير.

فكما وضحت ارشاد الروح القدس لا يلغي شخصية الانسان المؤمن بل يعمل معه ويقوده وقد يخطئ الانسان فيقومه الروح القدس ولو كان امين بمحبة يحول اي تصرف للخير

 

والمجد لله دائما