الرجوع إلى لائحة المقالات الرجوع إلى هل أخطأ الكتاب المقدس في اسم نوح وصححه القرآن
هل أخطأ الكتاب المقدس في اسم نوح وصححه القرآن؟ تكوين 5: 29
د. غالي
25 سبتمبر 2025
الشبهة
في أحد الفيديوهات ادعى أحدهم أن اسم نوح في التوراة العبري أي العهد القديم في تكوين خطأ، ولكن القران صحح هذا الخطأ. وحجته هي أن اسم نوح العبري נח نوح تعزية مفترض إنه مشتق من نفس الفعل في العدد يعزينا ינחמנו ينحامانو من مصدر ناخام. ولكن يقول إنه لا يوجد أي علاقة لغوية بينهم. فيقول إن اسم نوح يعني الاستقرار والمكوث والإقامة. وإن استخدام كلمة نوح ومشتقاتها في الكتاب المقدس تعني الاستقرار وليس يعزي. ويدعي أن القرآن شرح معنى نوح أنه استقرار من ذكر القرآن عن طول مدة اقامته في قومه في العنكبوت (14) لبس 1000 -50 فيدعي أن القرآن يعني أن نوح هو إقامة واستقرار فهو صحح الخطأ في التوراة.
الرد
ملخص
المشكك بدأ بكذبة كالعادة وبنى عليها كل كذبه وادعاءاته في باقي الفيديو. فهو بدأ بادعاء أن مصدر اسم نوح يجب أن يكون من نفس مصدر الفعل المستخدم في العدد أي من ناخام يعزينا، ولأن هذا غير صحيح إذا الكتاب أخطأ. فمن أين أتى بهذه القاعدة أن اسم نوح لابد أن يكون مشتق من فعل العدد؟ هذه كذبة المشكك الذي بنى عليها شبهته لأن الجملة التالية هي شرح لمعنى الاسم وليس مصدر لغوي للاسم كما ادعى. فكلمة نحم شرح وتوضيح وليست مصدر اسم نوح. والكذبة الثانية الكبرى وهي أن اسم نوح في القران لا يعني استقرار بل سنكتشف كوارث واساطير من أمهات الكتب الإسلامية.
بعض التفصيلات
ندرس معًا النقاطة التالية:
معنى اسم نوح في اللغة العبرية والكتاب المقدس ومصدره لغويًا وسياق الأعداد الكتابية.
معنى اسم نوح في اللعة العربية والقرآن والمفسرين ومصدرها لغويًا وسياق النصوص القرآنية.
أولًا ما معنى اسم نوح لغويًا؟
لغويا يؤكد ما سأقول ولكن الإجابة هي أوضح في سياق الكلام وهو الجزء التالي ولكن ندرس أولا معناه لغويًا. نذهب للعدد "وَدَعَا اسْمَهُ نُوحًا، قَائِلًا: «هذَا يُعَزِّينَا عَنْ عَمَلِنَا وَتَعَبِ أَيْدِينَا مِنْ قِبَلِ الأَرْضِ الَّتِي لَعَنَهَا الرَّبُّ»." (سفر التكوين 5: 29). أسم نوح في العبري وهو من حرفين نون خيت נֹ֖חַ نواح
قاموس سترونج تحت رقم H5146 يقول معنى الاسم هو "The same as H5118; rest; Noach, the patriarch of the flood: - Noah." نفس كلمة 5118 وتعني استرح، أب الطوفان، نوح.1 قاموس برون درايفر براجيتس يقول “rest” استرح. وأيضًا يكرر انه نفس الكلمة 5118.2 قاموس New American Standard يقول " from 5117; “rest,”" أن الكلمة أتت من مصدر 5117 ويعني استرح.3 قاموس جيسينيوس يقول " rest" استراح ويشير لنفس المصدر.4 قاموس DDD يقول
It is usually connected with the verb root NWḤ ‘rest, settle down’ (of the ark Gen 8:4), ‘repose, be quiet’ (after labour Exod 20:11) and so Noah may mean ‘rest’ possibly in association with the resting of the ark on the mountains of Ararat after the flood. The root appears in Akk nâḫu to rest
عادةً ما يرتبط هذا الفعل بجذر الفعل NWḤ "استرح، استقر" (في السفينة تكوين 8: 4)، و"اهدأ، اهدأ" (بعد العمل في خروج 20: 11)، وبالتالي تعني كلمة نوح "استرح"، ربما بالارتباط باستراحة السفينة على جبال أراراط بعد الطوفان. يظهر الجذر في الأكادية nâḫuبمعنى "استرح".5
وغيرها الكثير من القواميس العبرية المتخصصة التي كلها تؤكد أن معنى اسم نوح العبري يعني استرح. ولم يقل أي قاموس منهم أن اسمه من الفعل المستخدم في العدد. بل وضحوا أن اللفظ في العبري يشبه لفظ 5118 والكلمة من مصدر 5117. فلنعود للكلمتين لنتأكد من المعنى.
أولا كلمة 5118 נוֹחַ تعني rest (-ed, -ing place). راحة مثل مكان راحة.6 وبالفعل استخدمت 4 مرات في سفر استير ثلاث مرات 9: 16 و17 و18. وفي 2 أخبار 6: 41 وكلهم ترجمت استراحوا وراحة، "وَالآنَ قُمْ أَيُّهَا الرَّبُّ الإِلهُ إِلَى رَاحَتِكَ أَنْتَ وَتَابُوتُ عِزِّكَ. كَهَنَتُكَ أَيُّهَا الرَّبُّ الإِلهُ يَلْبِسُونَ الْخَلاَصَ، وَأَتْقِيَاؤُكَ يَبْتَهِجُونَ بِالْخَيْرِ." (سفر أخبار الأيام الثاني 6: 41).
الكلمة الثانية وهي 5117 وحسب ما ذكرت القواميس السابقة هي الجذر الذي هو مصدر اسم نوح:
A primitive root; to rest, that is, settle down; used in a great variety of applications, literally and figuratively, intransitively, transitively and causatively (to dwell, stay, let fall, place, let alone, withdraw, give comfort, etc.): - cease, be confederate, lay, let down, (be) quiet, remain, (cause to, be at, give, have, make to) rest, set down.
جذر بدائي؛ للراحة، أي الاستقرار؛ يستخدم في مجموعة كبيرة ومتنوعة من التطبيقات، حرفيًا ومجازيًا، غير متعدٍ، متعدٍ وسببي (للسكن، والبقاء، والسقوط، والوضع، يتركه لحاله، الانسحاب، وإعطاء الراحة (تعزية)، وما إلى ذلك): -التوقف، والتحالف، والاستلقاء، والتهدئة، والبقاء، (التسبب في، والتواجد، وإعطاء، والحصول على، وجعل) الراحة، البقاء.7
فاسم نوح لا تقول القواميس أن معنى اسمه هو فقط الاستقرار والمكوث والإقامة
كما ضرب المشكك مثل الجمل، بل هي في أصلها راحة ومعناها المباشر هو راحة وتطبيقها الاستقرار الذي يقود للراحة والتوقف عن شيء للراحة.
أما عن كلمة ינחמנו ينحامانو وهي من كلمة ناخام נָחַם وهو جذر يشرح معناه قاموس سترونج
A primitive root; properly to sigh, that is, breathe strongly; by implication to be sorry, that is, (in a favorable sense) to pity, console or (reflexively) rue; or (unfavorably) to avenge (oneself): - comfort (self), ease [one’s self], repent (-er, -ing, self).
جذر بدائي؛ معناها الصحيح التنهد، أي التنفس بقوة؛ سواء الشعور بالأسف، أي (بالمعنى الإيجابي) الشفقة، أو المواساة أو (انعكاسيًا) الندم؛ أو (بشكل غير إيجابي): -راحة (الذات)، تخفيف [الذات]، التوبة (-er، -ing، الذات).8
قاموس برون يذكر نفس الأمر " to be sorry, console oneself, repent, regret, comfort, be comforted" يتأسف، يعزّي نفس، يتوب، يندم، يريح، يُعزى.9 وقواميس كثيرة تؤكد نفس المعنى.
فهي مثلما نقول في تعبير دارج أخذ نفسه أي استراح. فالكلمة في العبري تعني يريحنا، ولكن كتبت في العربي يعزينا لان كلمة يعزينا هي كلمة عربي تعني يريحنا لأن ناخام في العبري يعني يريحنا ويخفف عنا هذا معنى يعزينا التي جاءت في الترجمة العربية. فلهذا تترجم في الإنجليزي comfort أي يريح وهذا ما ذكرته أغلب التراجم الإنجليزية كتبت comfort وتعني يريحنا. وحتى كلمة تعزية في العربي هي من معنى يريحه ويخفف عنه ليستريح. فالكلمة في العبري واضحة انها يريحنا. ولكن كتبت في العربي يعزينا لأن لها عدة معاني ومن معانيها هو يعزي أو يريح شخص من خلال تعزيته، فتعني يعزينا أو يريحنا. وهي هنا شرح وليست مصدر لأسم نوح لأنه لو يقول إن مصدر الاسم هو كلمة يعزي لكان أتت الكلمة في تصريف مختلف. فهي تشرح لأنها نفس المعنى وليس مصدر أو جذر الكلمة.
فلهذا التدليس الذي قيل في مثال "سأسمي ابني أحمد لأني عندي أحلام كبيرة." ففي هذا المثل لا يوجد علاقة بين "أحمد" و"أحلام كبيرة" لا في النطق ولا جذر الكلمة ولا في المعنى ولا غيره. بينما اسم نوح استرح لأنه ينحامانو أي يريحنا يوجد علاقة لغوية أنها نفس المعنى، فهي تشرح ما المقصود من أن اسم نوح بمعنى راحة وهذا يتضح من الجزء التالي أكثر. فلو أراد ان يذكر مثال صحيح لقال "سأسمي ابني أحمد لأني أريد أشكر الله." فتعبير اشكر الله هذا معنى الحمد. وهكذا اسم نوح شرح في الجملة التالية له إنه سيسبب راحة.
سياق العدد
"وَدَعَا اسْمَهُ نُوحًا، قَائِلًا: «هذَا يُعَزِّينَا عَنْ عَمَلِنَا وَتَعَبِ أَيْدِينَا مِنْ قِبَلِ الأَرْضِ الَّتِي لَعَنَهَا الرَّبُّ»." (سفر التكوين 5: 29). العدد لا يقول وَدَعَا اسْمَهُ نُوحًا الذي يعني تعزية، أو معناه تعزيه أو الذي تفسيره تعزية ولا غيرها من تعبيرات أن مصدر اسم نوح هو تعزية. العدد لا يقول هذا. بل هو يشرح معنى الاسم بجملة شرحيه مرادفة أي معنى موازي. فالعدد في اسم نوح لا يقول مصدر اسمه تعزية لغويًا، بل يشرح لماذا هو راحة لأنه؛ ويشرح الجزء التالي «هذَا يُعَزِّينَا عَنْ عَمَلِنَا وَتَعَبِ أَيْدِينَا مِنْ قِبَلِ الأَرْضِ الَّتِي لَعَنَهَا الرَّبُّ» فسياق الكلام يظهر هذا لماذا لقبه راحة لأنه يريحنا عن تعب الأرض. يريحنا من الأرض الملعونة. فيذكر كلمة موازية تشرح المعنى المقصود.
مثلمًا في مواقف أخرى فعل نفس الأمر فمثلا في تسميت رأوبين "فَحَبِلَتْ لَيْئَةُ وَوَلَدَتِ ابْنًا وَدَعَتِ اسْمَهُ «رَأُوبَيْنَ»، لأَنَّهَا قَالَتْ: «إِنَّ الرَّبَّ قَدْ نَظَرَ إِلَى مَذَلَّتِي. إِنَّهُ الآنَ يُحِبُّنِي رَجُلِي»." (سفر التكوين 29: 32)، ورأوبين تعني ابن يرى ويشرح لماذا ابن يرى لأنه الرب نظر مذلتها رغم تعبير نظر هو لا يوجد فيه اسم ابن ولكن فقط مقطع. ومثال أخر في موت راحيل سمت بنيامين بن أوني "وَكَانَ عِنْدَ خُرُوجِ نَفْسِهَا، لأَنَّهَا مَاتَتْ، أَنَّهَا دَعَتِ اسْمَهُ «بَنْ أُونِي». وَأَمَّا أَبُوهُ فَدَعَاهُ «بَنْيَامِينَ»." (سفر التكوين 35: 18)، أي ابن حزني لأنها تحتضر. ولكن لم تقول ان معنى اسمه احتضار أو موت بل ابن أوني لا يوجد فيه أي مقطع من كلمة تحتضر. ففي العدد يشرح معنى الاسم وليس مصدر الاسم.
المراجع المستشهد بها
استشهد المشكك بأربع مراجع انتقاهم بل واقتطع أجزاء منهم وهم: تفسير فيكتور هاملتون واقتطع فقرة بخبث كالعادة:
وكالعادة لا تذكر رقم الصفحات. ولكن كما تعودنا على المشككين الغير أمناء فهو اقتطع السؤال الذي سيجيب عليه هاملتون. كما لو كان هذا رأي هاملتون. أي اخذ صيغة السؤال واقتطع الإجابة. وها هي اجابته في الفقرة التالية مباشرة التي أخفاها المشكك. ما بين صفحتي 98-99.
فبعد او وضع سؤال الذي اصطاده المشكك، يبدأ هاملتون الإجابة ويقول: إن اقتراح تعديل الماسوريتك وجعلها متوافقة مع الترجمة السبعينية مرفوض، إذ لا نجد في أي مكان آخر من العهد القديم مفعولًا به بعد صيغة السببية لكلمة "نوح". بل نحتاج إلى حرف جر بعد الفعل. كما أنه ليس من المفيد تجنب التفسير تمامًا، واعتبار كلمة "نوح" ببساطة "شخصًا سارًا".
لعلّ ما يُوجد هنا من راحة، إن وُجد، هو تجديد عطية الكرمة (9: 20) وبدء زراعة الكروم، مما يُشير إلى رفع لعنة الله عن الأرض. هل يرى لامك مُسبقًا احتمال أن يكون ابنه آدمًا ثانيًا؟ أم ينبغي لنا أن نفهم كلمات لامك ليس على أنها استبصار بالمستقبل، بل كدعوة يائسة وأمل في نوع من الخلاص من حياة البؤس والعبودية؟ بعبارة أخرى، هل يتحدث بدلالات أم بصيغة الشرط؟
يُفسّر كاسوتو كلمات لامك على أنها أمنية لا نبوءة. لكن هناك مفارقة مريرة هنا أيضًا، وفقًا لكاسوتو. فالتعزية (نح) تأتي مع نوح، لكنها نوع مختلف من التعزية. ما يأتي هو رغبة الرب التوبة (نح) في تدمير البشرية. وهكذا، تتحول أمنية لامك إلى كابوس.
يمكن إيجاد تلميح إلى تقارب معنى كلمتي نوح ونحّام في التوازي بينهما في حزقيال 5: 13: "سيُنفَذ غضبي. سأُسكّن [waḥaniḥôṯî] غيظي عليهم، وأُرضي [wehinneḥāmeṯî]". هذا التوازي يُقدّم بعض الدعم للافتراض القائل بأن تكوين 5: 29 ليس بالضرورة أصلًا عجيبًا.10
فهاميلتون قدم سؤال ثم أجاب عنه أن الكلمة تعزية ليست مصدر نوح ولكن شرح وتقريب ومعنى موازي مثلما تكرر في أماكن أخرى وقدم حزقيال 5 كمثال. فكالعادة المشكك تصيد السؤال واقتطعه من نص كلامه ولم يشير إلى إنه قدم الشرح. فكيف نصدق هؤلاء المشككين إن كان هذا اسلوبهم الدائم؟
ونفس الأمر في المرجع التالي لشرح سارينا:
ولا يقدم صفحات. وأيضًا كما تعودنا على المشككين الغير أمناء فهو اقتطع السؤال الذي سيجيب عليه وهذا في الصفحة 44. وها هي امامكم
ويجيب قائلًا:
تم دمج الجذرين، ن-و-ح و ن-ح-م، بمهارة في لغة السرد. يظهر الجذر الأول في 8: 4، 9، 21؛ أما الثانية فتُضفي لمسةً ساخرة، إذ استُخدم هذا الجذر نفسه في الآيتين ٦: ٦، ٧. وكما يُلاحظ رشبام، بما أن نوحًا كان أول من وُلد بعد وفاة آدم، فقد دلّ وصوله على تخفيفٍ ما للعنة التي حلّت على الأرض بسبب خطيئة آدم. تطلع الأب إلى "الراحة" (يناحامينو) من "التعب" (إيتسافون)، ولكن بدلًا من ذلك جاء قرار الله بإبادة الحضارة. "ندم" الله (فايننام-نيهامتي) و"حزن" (فايتعتسيف).11
فيشرح أن الكلمة بمهارة لغوية دمجت الجذرين. وكيف أن بقية الاعداد تشرح هذا بان الجملة التالية شرح لمعنى الاسم. فكالعادة المشكك تصيد المعضلة واقتطعها من نص كلامه ولم يشير إلى انه قدم حل. فمرة أخرى كيف نصدق هؤلاء المشككين إن كان هذا اسلوبهم الدائم؟
ومرجع ثالث
وهنا تلاعب المشكك بالترجمة فهو لا يقول شعبي puplic بل يقوم شائع وعام Popular. فرغم ان المرجع يجيب ولكن التلاعب من المشكك بالترجمة هو خادع. وبالطبع لا يقدم رقم الصفحة فها هو المرجع وهذا في ص 82.
ويقول:
نوح... راحة" هذا أصل شائع، وليس لغويًا، لمصطلح "راحة" (BDB 629). يبدو أن هذا يُعبّر عن إيمان لامك بأنه من خلال نوح، سيحدث انقلابٌ كبيرٌ للعنة تكوين 3: 17. هذا هو بيان إيمان لامك.12
فهو يشرح أن اسم نوح ليس مشتق بل هو شرح من لفظ شائع وبه شرح لإيمان لامك. فأيضًا المشكك اقتطع هذا.
والمرجع الرابع
ونفس الأمر. وها هو المقطع بالكامل:
ويقول:
لم يُفسَّر اسم نوح. والتفسير باستخدام ינחמנו بعيدٌ كل البعد عن الاسم الحقيقي لدرجة أن قراءة اليونانية διαναπαύσει، التي تفترض יניחנו من نوح ("سيريحنا")، لا يمكن أن تكون إلا تحسينًا لأنها أقرب إلى الاسم نفسه. إذا كان المؤلف يفكر في أهمية الخمر، فإن "الراحة" أفضل بكثير. عادةً ما يُعطى تفسير الاسم في جملة واحدة بسيطة. يمكن للمرء أن يفترض إذن شكلًا أقدم يكمن وراء 5:29*: "الذي سيجلب لنا الراحة في (من) عملنا". وقد تم تفصيل هذا التفسير البسيط والكافي تمامًا للاسم من خلال تذكر تكوين 3: 17*، "ومن تعب أيدينا من الأرض التي لعنها الرب".13
فما رأيكم في هذا الأسلوب؟ المشكك لم يجد مرجع واحد مسيحي أو يهودي معتمد يقول إن الكتاب المقدس أخطأ في اسم نوح فلجأ لمراجع يستطيع إن يسرق منها جمل عندما تقدم أسئلة وستجيب عنها، فيقتطع السؤال ويخفي الإجابة ويقولها ما لا تقول. فهذه المراجع وضعت ما يبدوا سؤال ثم قدمت له شرح فأخذ نص السؤال على انه كلامهم وأخفى الشرح والرد.
أما المفسرين المسيحيين الكثيرين جدًا أكدوا انه الجملة المستخدمة التالية وبما فيها لفظ ينحامانو هو يشرح فقط معنى اسم نوح. مثلًا NET الشهيرة والتي استشهد بها المشكك كثيرا سابقا ولكن بالطبع هذه المرة لم تفييده لأنها تقول:
٢١ sn يبدو أن اسم نوح مرتبط بالكلمة العبرية "نوح" (נוּחַ)، التي تعني "يرتاح". هناك العديد من التركيبات اللفظية على اسم "نوح" في قصة الطوفان.
٢٢ tn الفعل العبري "יְנַחֲמֵנוּ" (yenaḥămēnû) مشتق من الجذر "נחם" (nāḥām)، والذي يعني "يريح" في الجذر اللفظي "Piel". الحرفان "نون" و"هيث" يلتقطان الأصوات في اسم "نوح"، مما يُشكل تشابهًا لفظيًا. وهما ليسا من نفس الجذر اللفظي، وبالتالي فإن الارتباط بينهما يكون بالصوت. يعكس شعور لامك ظلم العيش تحت اللعنة على الأرض، ولكنه يُعبر أيضًا عن أمله في الفرج بطريقة ما من خلال ولادة نوح. وقد ثبت أن كلماته ناقدة ولكنها نبوية. سيأتي الفرج مع بداية جديدة بعد الطوفان. انظر إي. جي. كريلينج، "تفسيرات اسم نوح في تكوين ٥: ٢٩"، JBL ٤٨ (١٩٢٩): ١٣٨-٤٣.14
أقوال الآباء الأوائل:
Overview: Lamech prophesies that Noah, whose name means “relief,” will bring relief to humankind (Ephrem). Lamech’s prophecy prefigures Christ (Origen).
نظرة عامة: تنبأ لامك بأن نوحًا، الذي يعني اسمه "الراحة"، سيجلب الراحة للبشرية (أفرام). تُنبئ نبوءة لامك بالمسيح (أوريجانوس).
فالآباء نظروا لأسم نوح الذي شرح معناه في الجملة التالية بمعنى موازي على أنه نبوة يقولها لامك عن نوح الذي سيسبب راحة من أتعاب الأرض التي لعنت وأن بالطوفان ستعود الخليقة مرضية لله. كما قال مار افرام السرياني. وأيضًا في هذا نبوة بمستوى أعلى عن المسيح الذي هو فعلًا الراحة الحقيقية وحرر الخليقة القديمة من لعنة الخطية كما قال العلامة أوريجانوس. فلهذا اسم نوح هام في الكتاب المقدس ولهذا شرح الكتاب من خلال مقولة لامك معنى اسمه النبوي الهام.
ألبرت بارنز
In the biography of Lamek the name of his son is not only given, but the reason of it is assigned.
في سيرة لامك، لم يُذكر اسم ابنه فحسب، بل عُرض سبب تسميته.15
فألبرت بارنز يشرح لماذا لم يذكر مصدر اسم نوح بل تم شرحه بمعنى موازي لكي يتم عرض سبب هذه التسمية وليس مصدرها.
جون جيل يقول
And he called his name Noah,.... Which signifies rest and comfort; for rest gives comfort, and comfort flows from rest, see 2Sa_14:17, where a word from the same root is rendered "comfortable", and agrees with the reason of the name,16
ودعا اسمه نوحًا.... الذي يعني الراحة والتعزية؛ لأن الراحة تُعطي تعزية، والتعزية تنبع من الراحة، انظر 2صم 14: 17، حيث تُرجمت كلمة من نفس الجذر إلى "مُريح"، وتتفق مع سبب التسمية،
وغيرهم الكثيرين يؤكدون إن الجملة التالية هي تفسير معنى اسمه بلفظ مرادف أي معنى موازي وليس مصدر لغوي لأسمه.
فبهذا عرفنا لغويًا ومن سياق الكلام ومن المفسرين إن اسم نوح يعني راحة وتعزية والمقطع التالي هو تفسيري بكلمة موازية إنه يعزينا أي سيريحنا.
أما عن الادعاء الكاذب الأخر الذي ذكره المشكك بسرعة وخبث أن العربية هي أصل العبرية فهذا كذب كالعادة منه. العربية هي تطور حديث من النبطية بعد الميلاد والنبطية تطور من السريانية.17 ولهذا اللغة العربية حتى زمن الرسول لم يكن اكتمل تطورها لا بتنقيط الإعجام ولا تنقيط الأشكال ولا بحروف مثل الألف عليها همزة وغيرها من الأمور اللغوية. ولهذا تم تحريف كثير جدا في القران بسبب محاولات التنقيط لهذه اللغة الغير مكتملة وهذا شرحته في التفصيل في سلسلة "كارثة مخطوطات القرآن" وتكلمت عن اللغات الأصلية في "ما هي اللغة قبل بلبلة الالسن".
معنى اسم نوح القرآني
ننتقل للجزء الثاني وهو القرآن. القرآن لم يشرح اسم نوح على أنه إقامة واستقرار. هذا كذب من المشكك كعادته. والكارثة الأولى التي ارتكبها المشكك في الجزء الإسلامي هو أنه ادعى ان العنكبوت تشرح معنى اسم نوح وهذا كذب ولكن هو ما أنكره على الكتاب المقدس في انه يشرح معنى الاسم هو الذي استشهد به على القرآن. وهذا الكيل بمكيالين فكيف ينكر على الكتاب المقدس أن يشرح معنى الاسم ولا يذكر مصدر جذر الاسم ولكنه يدعي أن القرآن يشرح معنى الاسم؟
ولكن الكارثة الثانية والأكبر في الجزء الإسلامي هو أنه تطرق لمعنى اسم نوح في الإسلام، هذا خطا أتوقع أنه سيندم عليه الأن، لأن معنى اسم النبي نوح في اللغة العربية هو من مصدر ناح.
لسان العرب:
نوح: النوح: مصدر ناح ينوح نوحا. ويقال: نائحة ذات نياحة. ونواحة ذات مناحة. والمناحة: الاسم ويجمع على المناحات والمناوح. والنوائح: اسم يقع على النساء يجتمعن في مناحة ويجمع على الأنواح.18
ويشرح اسلام ويب التالي:
فالنوح: هو البكاء بشدة وحزن، وقد ذكر أهل التفسير أن نوحاً عليه السلام سمي بهذا الاسم لكثرة نوحه وبكائه من خشية الله تعالى، أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وأبو نعيم وابن عساكر عن يزيد الرقاشي قال: إنما سمي نوح عليه السلام نوحاً لطول ما ناح على نفسه. انظر تفسير القرطبي وفتح القدير وغيرهما.19
قاموس معاني الأسماء:
اسم علم مذكر سامي قديم، معناه الراحة. وقالوا: نوح عربي على اسم النبي نوح، واسمه الأصلي يَشكر أو عبد الغفار. ولكثرة بكائه ونواحه على خطيئته وتقصيره في طاعة ربه أوحى الله إليه: "يا نوحُ، كم تنوحُ؟" فسُمِّي نوحاً. أما خطيئته فهي في تقزُّز نفسه من منظر كلب قبيح الشكل.20
ما رأيكم القواميس تشرح إن اسم نوح يعني نواح لأنه كان كثير البكاء والنوح على خطيته. نذهب لابن عباس حبر الأمة ماذا يقول؟
لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴾سورة: الأعراف، مكية: (59) وقال ابن عباس: سمي نوحًا لكثرة ما ناح على نفسه.21
فهل المشكك الغير أمين أفضل من ابن عباس حبر الأمة الإسلامية؟ وهذا ليس عن ابن عباس فقط حبر الأمة بل الكثير من أئمة المسلمين "أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وأبو نعيم وابن عساكر عن يزيد الرقاشي قال: إنما سمي نوح عليه السلام نوحاً لطول ما ناح على نفسه."22
ولكن كعادة أرباب الإسلام الذين لم يتفقوا على شيء. فأخرين قالوا إن اسمه نوحًا لكثرة نوحه على قومه. أخرج إسحاق بن بشر وابن عساكر عن مقاتل وجويبر. وإنما سمي نوحاً لأنه ناح على قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعوهم إلى الله، فإذا كفروا بكى وناح عليهم.23
أما التفسير الكبير للرازي فأورد الاختلافات وقال:
قال قوم: إن نوحا كان اسمه يشكر، ثم سمي نوحا لوجوه:
أحدها: لكثرة ما ناح على نفسه حين دعا على قومه بالهلاك، فأهلكهم بالطوفان فندم على ذلك.
وثانيها: لمراجعة ربه في شأن ابنه. (ابنه القرآني "يام" الكافر الرابع الذي لم يدخل الفلك وكان يناديه والسفينة تجري وهلك في الطوفان في سورة هود 42 وهناك كم من الأساطير في قصة ابن نوح الكافر وقدمتها في موضوع " اختلاف قصة الطوفان بين الانجيل والقران")
وثالثها: أنه مر بكلب مجذوم، فقال له: اخسأ يا قبيح، فعوتب على ذلك، فقال الله له: أعبتني إذ خلقته، أم عبت الكلب؟24
والكثير جدًا من المراجع الإسلامية تقول نفس الأمر ولا أريد ان اطيل أكثر هذا في الفكر الإسلامي بذكر الاساطير التي قيلت في الفكر الإسلامي عن نوح. ولكن المهم شوه القران معنى اسم نوح. فما رأيكم في القرأن؟ اسم نوح القرآني الأصلي مختلف عليه إما يشكر أو شاكر أو عبد الغفار أو غيره ولكن تغير اسمه لنوح الذي يعني النوح والبكاء من كثرة النوح والبكاء. وينوح على ماذا؟ اختلفوا في هذا فبعضهم قال ينوح على خطيته لأنه يتقزز كلما رأي كلب قبيح أو بسبب أسطورة ابنه الكافر الذي هلك في الطوفان أو في احتمال آخر لأنه دعا على قومه فهلكوا فناح عليهم. هذا هو القرآن الذي يدعي المشكك أنه اتى ليصحح. فبدل من أن يصحح؛ أفسد معنى اسم نوح كعادة القرآن. وذكر لنا كم من الأساطير.
الخاتمة
لماذا أفسد القرآن معنى اسم نوح؟ لأن اسمه كما شرح الآباء إن اسمه نبوة عما سيحدث وأنه سيسبب راحة من لعنة الأرض واتعاب ما قبل الطوفان كنص العدد. وأيضًا لأنه يرمز للرب يسوع المسيح له كل المجد. بل الكتاب المقدس لم يعطي فقط نبوة رائعة في اسم نوح بل كثير من الأسماء وذكرت هذا في ملف "الرد على اختلاف اعمار ادم ومن بعده في النسخ العبرية والسامرية والسبعينية" وأيضًا في"اكواد رقمية في اعمار أبناء ادم في تكوين تؤكد وحيه المقدس تكوين 5 و10 و11". فلهذا شوه القرآن معنى اسم نوح.
المهم في النهاية أمامك كتابين الأول الكتاب المقدس الذي ذكر نبوة في شرح اسم نوح ووضحها بشرع موازي لمعنى الاسم، وأتباع الكتاب المقدس فقط يشرحوا ببساطة ما ذكره الكتاب المقدس وفي المقابل الثاني القرآن أفسد معن اسم نوح، ولهذا احتاج أتباع القرآن أن يكذبوا ليجملوا القرآن. ولك أن تختار ما شئت. ولكن ارجوا ألا يتجرأ المسلمين مرة أخرى في مقارنة الكتاب المقدس الرائع بالقرآن المليء بالأخطاء.
والمجد لله دائمًا
1. James Strong, Strong's Greek and Hebrew Dictionary of the Bible (Nashville, Tenn: Thomas Nelson, 2010 (, s.v. “H5146,” E-Sword.
2. Francis Brown, S. Driver, and C. Briggs, Brown-Driver-Briggs Hebrew and English Lexicon, (Peabody: Hendrickson Publishers Inc, 2010), s.v. “H5146”, E-Sword.
3. Robert L. Thomas, New American Standard Hebrew-Aramaic and Greek Dictionaries: Updated Edition (Anaheim: Foundation Publications, Inc., 1998), H5146, Logos.
4. Wilhelm Gesenius and Samuel Prideaux Tregelles, Gesenius’ Hebrew and Chaldee Lexicon to the Old Testament Scriptures (Bellingham, WA: Logos Bible Software, 2003), 539.
5. P. W. Coxon, “Noah,” in Dictionary of Deities and Demons in the Bible, ed. Karel van der Toorn, Bob Becking, and Pieter W. van der Horst (Leiden; Boston; Kِln; Grand Rapids, MI; Cambridge: Brill; Eerdmans, 1999), 632.
6. Strong, s.v. “H5118”.
7. Strong, s.v. “H5117”.
8. Strong, s.v. “H5162”.
9. Brown, Driver, and Briggs, s.v. “H5162”.
10. Victor P. Hamilton, The Book of Genesis, Chapters 1–17, (Grand Rapids, Michigan: William B. Eerdmans Publishing, 1990), 98-99.
11. Nahum M. Sarna, Genesis, The JPS Torah Commentary (Philadelphia: Jewish Publication Society, 1989), 44, Logos.
12 Robert James Utley, How It All Began: Genesis 1–11, vol.1A, Study Guide Commentary Series (Marshall, Texas: Bible Lessons International, 2001), 82, Logos.
13. Claus Westermann, A Continental Commentary: Genesis 1–11 (Minneapolis, MN: Fortress Press, 1994), 359–360, Logos.
14. Thomas Nelson, New English Translation Bible, Full-notes Edition, (Thomas Nelson Publish, 2005), s.v. “Gen 5:29”, Logos.
15. Albert Barnes, Barnes’ notes on the Old Testament, Genesis, 1853 (London: Baker Book House Company, 1983), Gen 5, Logos.
16. John Gill, Gill's Exposition of the Whole Bible, Commentary on Genesis 5 (Hilch: Cele Hamikdash, 1999), Gen 5:29, E-Sword.
17. Andrew Dempsy, A brief history of the Arabic language, The Arabic Learner, April 26, 2023, https://thearabiclearner.com
18 . لسان العرب، إسلاميات ويب: تاريخ الاقتباس 25 سبتمبر 2025، https://www.islamweb.net/ar/library/content/122/8444/%D9%86%D9%88%D8%AD
19 . الفتوى "سبب تسمية نوح عليه السلام باسمه" إسلاميات ويب: تاريخ الاقتباس 25 سبتمبر 2025، https://www.islamweb.net/ar/fatwa/95321 سبب-تسمية-نوح-عليه-السلام-باسمه
20 . معنى إسم نوح في قاموس معاني الأسماء، المعاني، تاريخ الاقتباس 25 سبتمبر 2025، https://www.almaany.com/ar/name/%D9%86%D9%88%D8%AD/
21 . موقع القرآن الكريم، " معنى اسم نوح في القرآن الكريم" اريخ الاقتباس 25 سبتمبر 2025، https://surahquran.com/name/%D9%86%D9%88%D8%AD
22 . السيوطي، الدرر المنثور في التفسير بالمأثور، الأعراف 59، تاريخ الاقتباس 25 سبتمبر 2025، https://quran-tafsir.net/seoty/sura7-aya59.html
23 . السيوطي، الأعراف 59.
24 . فخر الدين أبو عبد الله محمد بن عمر بن حسين الرازي، التفسير الكبير، موقع إسلام ويب، تاريخ الاقتباس 25 سبتمبر 2025، https://www.islamweb.net/ar/library/content/132/3751