الاصحاح الحادي عشر
1
كَانَ فِي السَّنَةِ الرَّابِعَةِ مِنْ مُلْكِ تَلْمَايَ وَكَلُوبَطْرَا، أَنَّ دُوسِيتَاوُسَ الَّذِي كَانَ يَقُولُ عَنْ نَفْسِهِ إِنَّهُ كَاهِنٌ وَمِنْ نَسْلِ لاَوِيَ وَابْنَهُ تَلْمَايَ أَتَيَا بِرِسَالَةِ فُورِيمَ هذِهِ قَائِلَيْنِ: «إِنَّهَا قَدْ تُرْجِمَتْ فِي أُورُشَلِيمَ بِيَدِ لُوسِيمَاكُوسَ بْنِ تَلْمَايَ».
2
وَكَانَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ مُلْكِ أَرْتَحْشَشْتَا الأَكْبَرِ، فِي الْيَوْمِ الأَوَّلِ مِنْ شَهْرِ نِيسَانَ، أَنْ مُرْدَخَايَ بْنَ يَائِيرَ بْنِ شَمْعِي بْنِ قِيشٍ مِنْ سِبْطِ بَنْيَامِينَ رَأَى حُلْماً،
3
وَهُوَ رَجُلٌ يَهُودِيٌّ مُقِيمٌ بِمَدِينَةِ شُوشَنَ، رَجُلٌ عَظِيمٌ مِنْ عُظَمَاءِ بَلاَطِ الْمَلِكِ،
4
وَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ أَهْلِ الْجَلاَءِ الَّذِينَ أَخَذَهُمْ نَبُوكَدْنَصَّرُ، مَلِكُ بَابِلَ، مِنْ أُورُشَلِيمَ مَعَ يَكُنْيَا مَلِكِ يَهُوذَا،
5
وَهذَا حُلْمُهُ: رَأَى كَأَنَّ أَصْوَاتاً وَضَوْضَاءَ وَرُعُوداً وَزَلاَزِلَ، وَاضْطِرَاباً فِي الأَرْضِ.
6
ثُمَّ إِذَا بِتِنِّينَيْنِ عَظِيمَيْنِ مُتَهَيِّأَنِ لِلاقْتِتَالِ،
7
وَقَدْ تَهَيَّجَتْ كُلُّ الأُمَمِ بَأَصْوَاتِهِمَا لِتُقَاتِلَ شَعْبَ الأَبْرَارِ.
8
وَكَانَ ذلِكَ الْيَوْمُ يَوْمَ ظُلْمَةٍ وَهَوْلٍ وَشِدَّةٍ وَضَنْكٍ، وَرُعْبٍ عَظِيمٍ عَلَى الأَرْضِ.
9
فَاضْطَرَبَ شَعْبُ الأَبْرَارِ خَوْفاً مِنْ شُرُورِهِمْ مُتَوَقِّعِينَ الْمَوْتَ.
10
وَصَرَخُوا إِلَى اللهِ، وَفِيمَا هُمْ يَصْرُخُونَ إِذَا بِيَنْبُوعٍ صَغِيرٍ، قَدْ تَكَاثَرَ حَتَّى صَارَ نَهْراً عَظِيماً وَفَاضَ بِمِيَاهٍ كَثِيرَةٍ.
11
ثُمَّ أَشْرَقَ النُّورُ وَالشَّمْسُ فَارْتَفَعَ الْمُتَوَاضِعُونَ وَافْتَرَسُوا الْمُتَجَبِّرِينَ.
12
فَلَمَّا رَأَى مُرْدَخَايُ ذلِكَ وَنَهَضَ مِنْ مَضْجَعِهِ كَانَ يُفَكِّرُ فِي مَاذَا يُرِيدُ اللهُ أَنْ يَفْعَلَ؟ وَكَانَ ذلِكَ لاَ يَبْرَحُ مِنْ نَفْسِهِ وَهُوَ يَرْغَبُ أَنْ يَعْرِفَ مَا مَعْنَى الْحُلْمِ.
الاصحاح الثاني عشر
1
وَكَانَ حِينَئِذٍ يَقِفُ بِبَابِ الْمَلِكِ مَعَ بَغْتَانِ وَتَرَشَ، خَصِيَّيِ الْمَلِكِ وَهُمَا حَاجِبَا الْبَلاَطِ.
2
فَبَعْدَ أَنْ وَقَفَ عَلَى نَوَايَاهُمَا، وَتَقَصَّى مُدَقِّقاً، عَلِمَ أَنَّهُمَا يُحَاوِلاَنِ أَنْ يُلْقِيَا أَيْدِيَهُمَا عَلَى الْمَلِكِ أَرْتَحْشَشْتَا، فَأَطْلَعَ الْمَلِكَ عَلَى ذلِكَ.
3
فَأَلْقَاهُمَا تَحْتَ الْعَذَابِ فَأَقَرَّا فَأَمَرَ بِأَنْ يُسَاقَا إِلَى الْمَوْتِ،
4
وَكَتَبَ الْمَلِكُ مَا وَقَعَ فِي سِفْرِ أَخْبَارِ الأَيَّامِ وَكَذلِكَ مُرْدَخَايُ كَتَبَ ذِكْرَ الأَمْرِ.
5
ثُمَّ أَمَرَهُ الْمَلِكُ أَنْ يُقِيمَ بِبَيْتِ الْمَلِكِ وَأَمَرَ لَهُ بِهِبَاتٍ لأَنَّهُ أَطْلَعَهُ عَلَى ذلِكَ.
6
وَكَانَ هَامَانُ بْنُ هَمْدَاثَا الأَجَاجِيُّ لَهُ عِنْدَ الْمَلِكِ كَرَامَةٌ عَظِيمَةٌ فَأَرَادَ أَنْ يُؤْذِيَ مُرْدَخَايَ وَشَعْبَهُ بِسَبَبِ خَصِيَّيِ الْمَلِكِ الْمَقْتُولَيْنِ.
الاصحاح الثالث عشر
1
«مِنْ أَرْتَحْشَشْتَا الأَكْبَرِ الْمَالِكِ مِنَ الْهِنْدِ إِلَى الْحَبَشَةِ، عَلَى الْمِئَةِ وَالسَّبْعَةِ وَالْعِشْرِينَ إِقْلِيماً، إِلَى الرُّؤَسَاءِ وَالْقُوَّادِ الَّذِينَ فِي طَاعَتِهِ. سَلاَمٌ.
2
إِنِّي مَعَ كَوْنِي مُتَسَلِّطاً عَلَى شُعُوبٍ كَثِيرِينَ وَقَدِ أَخْضَعْتُ الْمَسْكُونَةَ بِأَسْرِهَا تَحْتَ يَدِي، لَمْ أُحِبَّ أَنْ أُسِيءَ إِنْفَاذَ مَقْدِرَتِي الْعَظِيمَةِ، وَلكِنِّي حَكَمْتُ بِالرَّحْمَةِ وَالْحِلْمِ حَتَّى يَقْضُوا حَيَاتَهُمْ بِلاَ خَوْفٍ وَبِسَكِينَةٍ وَيَتَمَتَّعُوا بِالسَّلاَمِ الَّذِي يَصْبُو إِلَيْهِ كُلُّ بَشَرٍ.
3
فَسَأَلْتُ أَصْحَابَ مَشُورَتِي كَيْفَ يَتِمُّ ذلِكَ، فَكَانَ أَنَّ وَاحِداً مِنْهُمْ يَفُوقُ مَنْ سِوَاهُ فِي الْحِكْمَةِ وَالأَمَانَةِ وَهُوَ ثُنْيَانُ الْمَلِكِ اسْمُهُ هَامَانُ.
4
قَالَ لِي: إِنَّ فِي الْمَسْكُونَةِ شَعْباً مُتَشَتِّتاً لَهُ شَرَائِعُ جَدِيدَةٌ يَتَصَرَّفُ بِخِلاَفِ عَادَةِ جَمِيعِ الأُمَمِ وَيَحْتَقِرُ أَوَامِرَ الْمُلُوكِ وَيُفْسِدُ نِظَامَ جَمِيعِ الأُمَمِ بِفِتْنَتِهِ،
5
فَلَمَّا وَقَفْنَا عَلَى هذَا وَرَأَيْنَا أَنَّ شَعْباً وَاحِداً مُتَمَرِّدٌ عَلَى جَمِيعِ النَّاسِ، طَائِفَةً تَتَّبِعُ شَرَائِعَ فَاسِدَةً وَتُخَالِفُ أَوَامِرَنَا وَتُقْلِقُ سَلاَمَ وَاتِّفَاقَ جَمِيعِ الأَقَالِيمِ الْخَاضِعَةِ
6
أَمَرْنَا أَنَّ كُلَّ مَنْ يُشِيرُ إِلَيْهِمْ هَامَانُ الْمُوَلَّى عَلَى جَمِيعِ الأَقَالِيمِ وَثُنْيَانُ الْمَلِكِ الَّذِي نُكْرِمُهُ بِمَنْزِلَةِ أَبٍ، يُبَادُونَ بِأَيْدِي أَعْدَائِهِمْ هُمْ وَنِسَاؤُهُمْ وَأَوْلاَدُهُمْ وَلاَ يَرْحَمُهُمْ أَحَدٌ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعَ عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ الثَّانِي عَشَرَ شَهْرِ آذَارَ مِنْ هذِهِ السَّنَةِ.
7
حَتَّى إِذَا هَبَطَ أُولئِكَ النَّاسُ الْخُبَثَاءُ إِلَى الْجَحِيمِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ يُرَدُّ إِلَى مَمْلَكَتِنَا السَّلاَمُ الَّذِي أَقْلَقُوهُ».
8
فَأَمَّا مَرْدَخَايُ فَتَضَرَّعَ إِلَى الرَّبِّ، مُتَذَكِّراً جَمِيعَ أَعْمَالِهِ
9
وَقَالَ: «اللَّهُمَّ أَيُّهَا الرَّبُّ الْمَلِكُ الْقَادِرُ عَلَى الْكُلِّ، إِذْ كُلُّ شَيْءٍ فِي طَاعَتِكَ وَلَيْسَ مَنْ يُقَاوِمُ مَشِيئَتَكَ إِذَا هَمَمْتَ بِنَجَاةِ إِسْرَائِيلَ.
10
أَنْتَ صَنَعْتَ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَكُلَّ مَا تَحْتَ السَّمَوَاتِ،
11
أَنْتَ رَبُّ الْجَمِيعِ وَلَيْسَ مَنْ يُقَاوِمُ عِزَّتَكَ.
12
إِنَّكَ تَعْرِفُ كُلَّ شَيْءٍ، وَتَعْلَمُ أَنِّي لاَ تَكَبُّراً وَلاَ احْتِقَاراً وَلاَ رَغْبَةً فِي شَيْءٍ مِنَ الْكَرَامَةِ فَعَلْتُ هذَا: أَنِّي لَمْ أَسْجُدْ لِهَامَانَ الْعَاتِي،
13
فَإِنِّي مُسْتَعِدٌّ أَنْ أُقَبِّلَ حَتَّى آثَارَ قَدَمَيْهِ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ لأَجْلِ نَجَاةِ إِسْرَائِيلَ،
14
وَلكِنْ خِفْتُ أَنْ أُحَوِّلَ كَرَامَةَ إِلهِي إِلَى إِنْسَانٍ، وَأَعْبُدَ أَحَداً سِوَى إِلهِي.
15
فَالآنَ أَيُّهَا الرَّبُّ الْمَلِكُ، إِلهُ إِبْرَاهِيمَ، ارْحَمْ شَعْبَكَ، لأَنَّ أَعْدَاءَنَا يَطْلُبُونَ أَنْ يُهْلِكُونَا، وَيَسْتَأْصِلُوا مِيرَاثَكَ،
16
لاَ تُهْمِلْ نَصِيبَكَ الَّذِي افْتَدَيْتَهُ لَكَ مِنْ مِصْرَ.
17
وَاسْتَجِبْ لِتَضَرُّعِي وَاعْطِفْ عَلَى نَصِيبِكَ وَمِيرَاثِكَ وَحَوِّلْ حُزْنَنَا فَرَحاً لِنَحْيَا وَنُسَبِّحَ اسْمَكَ أَيُّهَا الرَّبُّ، وَلاَ تَسْدُدْ أَفْوَاهَ الْمُرَنِّمِينَ لَكَ».
18
وَكَذلِكَ جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ بِرُوحٍ وَاحِدٍ وَتَضَرُّعٍ وَاحِدٍ صَرَخُوا إِلَى الرَّبِّ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الْمَوْتَ أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ يَقِيناً.
الاصحاح الرابع عشر
1
وَإِنَّ أَسْتِيرَ الْمَلِكَةَ أَيْضاً الْتَجَأَتْ إِلَى الرَّبِّ خَوْفاً مِنَ الْخَطِرِ الْمُشْرِفِ.
2
فَخَلَعَتْ ثِيَابَ الْمُلْكِ وَلَبِسَتْ ثِيَاباً لِلْحُزَنِ وَالْبُكَاءِ، وَعِوَضَ الأَطْيَابِ الْمُخْتَلِفَةِ أَلْقَتْ عَلَى رَأْسِهَا رَمَاداً وَزِبْلاً وَذَلَّلَتْ جَسَدَهَا بِالصَّوْمِ وَجَمِيعَ الْمَوَاضِعِ الَّتِي كَانَتْ تَفْرَحُ فِيهَا مِنْ قَبْلُ مَلأَتْهَا مِنْ نُتَافِ شَعْرِ رَأْسِهَا.
3
وَكَانَتْ تَتَضَرَّعُ إِلَى الرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ قَائِلَةً: «أَيُّهَا الرَّبُّ، الَّذِي هُوَ وَحْدَهُ مَلِكُنَا، أَعِنِّي أَنَا الْمُنْقَطِعَةَ الَّتِي لَيْسَ لَهَا مُعِينٌ سِوَاكَ.
4
فَإِنَّ خَطَرِي بَيْنَ يَدَيَّ.
5
لَقَدْ سَمِعْتُ مِنْ أَبِي أَنَّكَ أَيُّهَا الرَّبُّ اتَّخَذْتَ إِسْرَائِيلَ مِنْ جَمِيعِ الأُمَمِ وَآبَاءَنَا مِنْ جَمِيعِ أَسْلاَفِهِمِ الأَقْدَمِينَ لِتَحُوزَهُمْ مِيرَاثاً أَبَدِيًّا، وَصَنَعْتَ مَعَهُمْ كَمَا قُلْتَ،
6
إِنَّا قَدْ خَطِئْنَا أَمَامَكَ وَلِذلِكَ أَسْلَمْتَنَا إِلَى أَيْدِي أَعْدَائِنَا.
7
لأَنَّا عَبَدْنَا آلِهَتَهُمْ، وَأَنْتَ عَادِلٌ أَيُّهَا الرَّبُّ.
8
وَالآنَ لَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّهُمُ اسْتَعْبَدُونَا عُبُودِيَّةً شَاقَّةً جِدًّا، بَلْ بِمَا أَنَّهُمْ يَعْزُونَ قُوَّةَ أيْدِيهِمْ إِلَى أَوْثَانِهِمْ.
9
يُحَاوِلُونَ أَنْ يَنْقُضُوا مَوَاعِيدَكَ وَيَمْحُوا مِيرَاثَكَ، وَيَسُدُّوا أَفْوَاهَ الْمُسَبِّحِينَ لَكَ، وَيُطْفِئُوا مَجْدَ هَيْكَلِكَ وَمَذْبَحِكَ.
10
لِيَفْتَحُوا أَفْوَاهَ الأُمَمِ فَيُسَبِّحُوا لِقُوَّةِ الأَوْثَانِ وَيُمَجِّدُوا مَلِكاً بَشَرِيًّا إِلَى الأَبَدِ.
11
لاَ تُسَلِّمْ أَيُّهَا الرَّبُّ صَوْلَجَانَكَ إِلَى مَنْ لَيْسُوا بِشَيْءٍ، لِئَلاَّ يَضْحَكُوا مِنْ هَلاَكِنَا، وَلكِنِ ارْدُدْ مَشُورَتَهُمْ عَلَيْهِمْ وَأَهْلِكِ الَّذِي ابْتَدَأَ يُشَدِّدُ عَلَيْنَا.
12
اُذْكُرْنَا يَا رَبِّ. وَاسْتَعْلِنْ لَنَا فِي وَقْتِ ضَنْكِنَا، وَهَبْنِي ثِقَةً، أَيُّهَا الرَّبُّ مَلِكُ الآلِهَةِ، وَمَلِكُ كُلِّ قُدْرَةٍ،
13
أَلْقِ فِي فَمِي كَلاَماً مُرَصَّفاً بِحَضْرَةِ ذَاكَ الأَسَدِ وَحَوِّلْ قَلْبَهُ إِلَى بُغْضِ عَدُوِّنَا لِكَيْ يَهْلِكَ هُوَ وَسَائِرُ الْمُتَوَاطِئِينَ مَعَهُ.
14
وَإِيَّانَا فَأَنْقِذْنَا بِيَدِكَ وَأَعِنِّي أَنَا الَّتِي لاَ مَعُونَةَ لَهَا سِوَاكَ أَيُّهَا الرَّبُّ الْعَالِمُ بِكُلِّ شَيْءٍ.
15
إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي أُبْغِضُ مَجْدَ الظَّالِمِينَ وَأَكْرَهُ مَضْجَعَ الْقُلْفِ وَجَمِيعِ الْغُرَبَاءِ.
16
وَأَنْتَ عَالِمٌ بِضَرُورَتِي، وَأَنِّي أَكْرَهُ سِمَةَ أُبَّهَتِي وَمَجْدِي الَّتِي أَحْمِلُهَا عَلَى رَأْسِي أَيَّامَ بُرُوزِي، وَأَمْقُتُهَا كَفِرْصَةِ الطَّامِثِ وَلاَ أَحْمِلُهَا فِي أَيَّامِ قَرَارِي،
17
وَأَنِّي لَمْ آكُلْ عَلَى مَائِدَةِ هَامَانَ وَلاَ لَذِذْتُ بِوَلِيمَةِ الْمَلِكِ وَلَمْ أَشْرَبْ خَمْرَ السُّكُبِ،
18
وَلَمْ أَفْرَحْ أَنَا أَمَتَكَ، مُنْذُ نُقِلْتُ إِلَى ههُنَا إِلَى الْيَوْمِ إِلاَّ بِكَ أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهُ إِبْرَاهِيمَ.
19
الإِلهُ الْقَدِيرُ عَلَى الْجَمِيعِ فَاسْتَجِبْ لأَصْوَاتِ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ رَجَاءٌ غَيْرَكَ، وَنَجِّنَا مِنْ أَيْدِي الأُثَمَاءِ، وَأَنْقِذْنِي مِنْ مَخَافَتِي».
الاصحاح الخامس عشر
1
وَأَمَرَهَا أَنْ تَدْخُلَ عَلَى الْمَلِكِ وَتَتَوَسَّلَ إِلَيْهِ لأَجْلِ شَعْبِهَا وَأَرْضِهَا،
2
وَقَالَ: «اذْكُرِي أَيَّامَ مَذَلَّتِكِ حَيْثُ نَشَأْتِ عَلَى يَدِي. فَإِنَّ هَامَانَ ثُنْيَانَ الْمَلِكِ قَدْ تَكَلَّمَ فِي إِهْلاَكِنَا،
3
فَادْعِي الرَّبَّ، وَكَلِّمِي الْمَلِكَ فِي أَمْرِنَا. وَخَلِّصِينَا مِنَ الْمَوْتِ».
4
ثُمَّ إِنَّهَا فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ نَزَعَتْ ثِيَابَ حِدَادِهَا، وَلَبِسَتْ مَلاَبِسَ مَجْدِهَا.
5
وَلَمَّا تَبَرَّجَتْ بِبِزَّةِ الْمُلْكِ وَدَعَتْ مُدَبِّرَ وَمُخَلِّصَ الْجَمِيعِ اللهَ اتَّخَذَتْ لَهَا جَارِيَتَيْنِ،
6
فَكَانَتْ تَسْتَنِدُ إِلَى إِحْدَاهُمَا كَأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَسْتَقِلَّ لِكَثْرَةِ تَرَفِهَا وَرُخُوصَتِهَا،
7
وَالْجَارِيَةُ الأُخْرَى كَانَتْ تَتْبَعُ مَوْلاَتَهَا رَافِعَةً أَذْيَالَهَا الْمُنْسَحِبَةَ عَلَى الأَرْضِ.
8
وَكَانَ احْمِرَارُ وَجْهِهَا وَجَمَالُ عَيْنَيْهَا وَلَمَعَانُهُمَا يُخْفِي كَآبَةَ نَفْسِهَا الْمُنْقَبِضَةِ بِشِدَّةِ خَوْفِهَا.
9
فَدَخَلَتْ كُلَّ الأَبْوَابِ بَاباً بَاباً ثُمَّ وَقَفَتْ قُبَالَةَ الْمَلِكِ، حَيْثُ كَانَ جَالِساً عَلَى عَرْشِ مُلْكِهِ بِلِبَاسِ الْمُلْكِ مُزَيَّناً بِالذَّهَبِ وَالْجَوَاهِرِ، وَمَنْظَرُهُ رَهِيبٌ.
10
فَلَمَّا رَفَعَ وَجْهَهُ وَلاَحَ مِنِ اتِّقَادِ عَيْنَيْهِ غَضَبُ صَدْرِهِ، سَقَطَتِ الْمَلِكَةُ، وَاسْتَحَالَ لَوْنُ وَجْهِهَا إِلَى صُفْرَةٍ، وَأَتْكَأَتْ رَأْسَهَا عَلَى الْجَارِيَةِ اسْتِرْخَاءً.
11
فَحَوَّلَ اللهُ رُوحَ الْمَلِكِ إِلَى الْحِلْمِ، فَأَسْرَعَ وَنَهَضَ عَنِ الْعَرْشِ مُشْفِقاً وَضَمَّهَا بِذِرَاعَيْهِ حَتَّى ثَابَتْ إِلَى نَفْسِهَا وَكَانَ يُلاَطِفُهَا بِهذَا الْكَلاَمِ:
12
مَا لَكِ يَا أَسْتِيرُ، أَنَا أَخُوكِ، لاَ تَخَافِي،
13
إِنَّكِ لاَ تَمُوتِينَ، إِنَّمَا الشَّرِيعَةُ لَيْسَتْ عَلَيْكِ وَلكِنْ عَلَى الْعَامَّةِ.
14
هَلُمِّي وَالْمُسِي الصَّوْلَجَانَ.
15
وَإِذْ لَمْ تَزَلْ سَاكِتَةً، أَخَذَ صَوْلَجَانَ الذَّهَبِ وَجَعَلَهُ عَلَى عُنُقِهَا وَقَبَّلَهَا وَقَالَ: لِمَاذَا لاَ تُكَلِّمِينَنِي؟
16
فَأَجَابَتْ وَقَالَتْ: إِنِّي رَأَيْتُكَ يَا سَيِّدِي كَأَنَّكَ مَلاَكُ اللهِ فَاضْطَرَبَ قَلْبِي هَيْبَةً مِنْ مَجْدِكَ.
17
لأَنَّكَ عَجِيبٌ جِدًّا يَا سَيِّدِي، وَوَجْهُكَ مَمْلُوءٌ نِعْمَةً.
18
وَفِيمَا هِيَ تَتَكَلَّمُ سَقَطَتْ ثَانِيَةً وَكَادَ يُغْشَى عَلَيْهَا،
19
فَاضْطَرَبَ الْمَلِكُ وَكَانَ جَمِيعُ أَعْوَانِهِ يُلاَطِفُونَهَا.
الاصحاح السادس عشر
1
«مِنْ أَرْتَحْشَشْتَا الْعَظِيمِ الْمَالِكِ مِنَ الْهِنْدِ إِلَى الْحَبَشَةِ إِلَى الْقُوَّادِ وَالرُّؤَسَاءِ فِي الْمِئَةِ وَالسَّبْعَةِ وَالْعِشْرِينَ إِقْلِيماً الَّتِي فِي طَاعَتِنَا، سَلاَمٌ.
2
إِنَّ كَثِيرِينَ يُسِيئُونَ اتِّخَاذَ الْمَجْدِ الْمَمْنُوحِ لَهُمْ فَيَتَكَبَّرُونَ،
3
وَيَجْتَهِدُونَ لاَ أَنْ يَظْلِمُوا رَعِيَّةَ الْمُلُوكِ فَقَطْ وَلكِنْ إِذْ لاَ يُحْسِنُونَ تَحَمُّلَ الْمَجْدِ الْمَمْنُوحِ لَهُمْ، يَتَآمَرُونَ عَلَى الَّذِينَ مَنَحُوهُ لَهُمْ.
4
وَلاَ يَكْتَفُونَ بِأَنْ لاَ يَشْكُرُوا عَلَى الإِنْعَامِ وَأَنْ يُنَابِذُوا الْحُقُوقَ الإِنْسَانِيَّةَ، بَلْ يَتَوَهَّمُونَ أَنَّهُمْ يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَفِرُّوا مِنْ قَضَاءِ اللهِ الْمُطَّلِعِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ،
5
وَقَدْ بَلَغَ مِنْ حَمَاقَتِهِمْ أَنَّهُمْ يُحَاوِلُونَ بِمَكَايِدِ أَكَاذِيبِهِمْ أَنْ يُسْقِطُوا الَّذِينَ سُلِّمَتْ إِلَيْهِمِ الْمَنَاصِبُ، وَهُمْ يُجْرُونَهَا بِالتَّحَرِّي وَيَفْعَلُونَ كُلَّ مَا يَسْتَأْهِلُونَ بِهِ شُكْرَ
6
وَيَخَدَعُوا بِاحْتِيَالِ مَكْرِهِمْ مَسَامِعَ الرُّؤَسَاءِ السَّلِيمَةَ الَّذِينَ يَقِيسُونَ طِبَاعَ غَيْرِهِمْ عَلَى طِبَاعِهِمْ.
7
وَهذَا أَمَرٌ مُخْتَبَرٌ مِنَ التَّوَارِيخِ الْقَدِيمَةِ، وَمِمَّا يَحْدُثُ كُلَّ يَوْمٍ أَنَّ دَسَائِسَ الْبَعْضِ تُفْسِدُ خَوَاطِرَ الْمُلُوكِ الصَّالِحَةَ.
8
فَلِذلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يُنْظَرَ فِي سِلْمِ جَمِيعِ الأَقَالِيمِ.
9
فَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يُظَنَّ أَنَّنَا نَأْمُرُ بِأَشْيَاءَ مُتَبَايِنَةٍ عَنْ خِفَّةِ عَقْلٍ بَلْ ذلِكَ نَاشِئٌ عَنِ اخْتِلاَفِ الأَزْمِنَةِ وَضَرُورَاتِهَا الَّتِي حَمَلَتْنَا عَلَى إِبْرَازِ الْحُكْمِ بِحَسَبِ مُقْتَضَى نَفَعِ الْجَمِيعِ.
10
وَلِكَيْ تَفْهَمُوا كَلاَمَنَا بِأَوْضَحَ بَيَاناً فَإِنَّ هَامَانَ بْنَ هَمْدَاثَا الَّذِي هُوَ مَكْدُونِيٌّ جِنْساً وَمَشْرَباً وَهُوَ غَرِيبٌ عَنْ دَمِ الْفُرْسِ وَقَدْ فَضَحَ رَحْمَتَنَا بِقَسَاوَتِهِ بَعْدَ أَنْ آوَيْنَاهُ غَرِيباً،
11
وَبَعْدَمَا أَحْسَنَّا إِلَيْهِ حَتَّى كَانَ يُدْعَى أَباً لَنَا وَكَانَ الْجَمِيعُ يَسْجُدُونَ لَهُ سُجُودَهُمْ لِثُنْيَانِ الْمَلِكِ،
12
قَدْ بَلَغَ مِنْ شِدَّةِ عُتُوِّهِ أَنَّهُ اجْتَهَدَ أَنْ يَسْلُبَنَا الْمُلْكَ وَالْحَيَاةَ.
13
لأَنَّهُ سَعَى بِدَسَائِسَ جَدِيدَةٍ لَمْ تُسْمَعْ بِإِهْلاَكِ مَرْدَخَايَ الَّذِي إِنَّمَا نَحْنُ فِي الْحَيَاةِ مِنْ أَمَانَتِهِ وَإِحْسَانِهِ، وَبِإِهْلاَكِ قَرِينَةِ مُلْكِنَا أَسْتِيرَ وَسَائِرِ شَعْبِهَا.
14
وَكَانَ فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ بَعْدَ قَتْلِهِمْ يَتَرَصَّدُ لَنَا فِي خَلْوَتِنَا وَيُحَوِّلُ مَمْلَكَةَ الْفُرْسِ إِلَى الْمَكْدُونِيِّينَ.
15
وَنَحْنُ لَمْ نَجِدْ قَطُّ ذَنْباً فِي الْيَهُودِ الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِمْ بِالْمَوْتِ بِقَضَاءِ أَخْبَثِ الْبَشَرِ، بَلْ بِعَكْسِ ذلِكَ، وَجَدْنَا أَنَّ لَهُمْ سُنَناً عَادِلَةً.
16
وَهُمْ بَنُو اللهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ الْحَيِّ إِلَى الأَبَدِ الَّذِي بِإِحْسَانِهِ سُلِّمَ الْمُلْكُ إِلَى آبَائِنَا وَإِلَيْنَا وَمَا بَرِحَ مَحْفُوظاً إِلَى الْيَوْمِ.
17
وَحَيْثُ ذلِكَ فَاعْلَمُوا أَنَّ الرَّسَائِلَ الَّتِي وَجَّهَهَا بِاسْمِنَا هِيَ بَاطِلَةٌ.
18
وَبِسَبَبِ تِلْكَ الْجَرِيمَةِ، قَدْ عُلِّقَ أَمَامَ أَبْوَابِ هذِهِ الْمَدِينَةِ شُوشَنَ، هُوَ صَاحِبُ تِلْكَ الْمُؤَامَرَةِ وَجَمِيعُ أَنْسِبَائِهِ عَلَى خَشَبَاتٍ، فَنَالَ بِذلِكَ جَزَاءَ مَا اسْتَحَقَّ مِنْ قِبَلِ اللهِ لاَ مِنْ قِبَلِنَا.
19
فَلْيُعْلَنْ هذَا الأَمْرُ الَّذِي نَحْنُ مُنَفِذُوهُ الآنَ فِي جَمِيعِ الْمُدُنِ لِيُبَاحَ لِلْيَهُودِ أَنْ يَعْمَلُوا بِسُنَنِهِمْ.
20
وَيَنْبَغِي لَكُمْ أَنْ تَعْضُدُوهُمْ حَتَّى يَسْتَمْكِنُوا مِنْ قَتْلِ الَّذِينَ كَانُوا مُتَأَهِّبِينَ لِقَتْلِهِمْ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثَ عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ الثَّانِي عَشَرَ الَّذِي يُدْعَى آذَارَ،
21
فَإِن ذلِكَ الْيَوْمَ الَّذِي كَانَ لَهُمْ يَوْمَ حُزْنٍ وَنَحِيبٍ قَدْ حَوَّلَهُ لَهُمُ اللهُ الْقَدِيرُ إِلَى فَرَحٍ.
22
وَأَنْتُمْ أَيْضاً فَانْظِمُوا هذَا الْيَوْمَ بَيْنَ سَائِرِ أَيَّامِ الأَعْيَادِ الأُخْرَى وَعَيِّدُوهُ بِكُلِّ فَرَحٍ حَتَّى يُعْلَمَ فِيمَا بَعْدُ.
23
أَنَّ كُلَّ مَنْ يُطِيعُ الْفُرْسَ بِأَمَانَةٍ يُثَابُ عَلَى أَمَانَتِهِ ثَوَاباً وَافِياً، وَمَنْ يَرْصُدُ لِمَلِكِهِمْ يَهْلِكُ بِجِنَايَتِهِ.
24
وَكُلُّ إِقْلِيمٍ أَوْ مَدِينَةٍ يَأْبَى أَنْ يَشْتَرِكَ فِي هذَا الْعِيدِ فَلْيَهْلِكْ بِالسَّيْفِ وَالنَّارِ، لاَ النَّاسُ فَقَطْ بَلِ الْبَهَائِمُ أَيْضاً، لِيَكُونَ إِلَى الأَبَدِ عِبْرَةً لِلاِسْتِخْفَافِ وَالْعِصْيَانِ».